يا ليالينا التي قد سلفت ... وقضينا منه فيها عجبا
يا رعا كُنَّ إلهي كلَّما ... فرخُ قُمَريٍّ تغنَّى طرَبا
هل أراكنَّ لعهدي حُفَّظاً ... أم تناسيتنَّ ما قد ذهبا
واجتماعاً بالأحيباب معاً ... بُرهَة لم نلق فيها نصبا
ثم حال الحال منَّا بعدها ... بافتراقٍ مثلما أيدي سبا
/84/
لا يَرى الظاعن من بَلدته ... منه إن أُزعج عنها كوكباً
قد رضينا ما قضا الله لنا ... وبما قدَّر أو ما كتبا
ولعلَّ الله أن يُعطيَنا ... ما سألناهُ ويَقضِي الأرَبا
ويُديلُ البعد بالقرب لنا ... ويُهيِّيي منه سَهلاً طلبا
برسَولٍ صادِقٍ أرسلَه ... وبنيه الأكرمين النُّجبا
نحن منه بضعَةٌ صالحةٌ ... وهو لا ينجب إلاَّ طيِّبا
وكفانا شرفاً في قومنا ... أنَّنا نَدعُوه جداً وأبا
من دعى منَّا إليه يستجب ... وإذا يُدْعا إلى الغيرِ أبى
يعرف العاقل منَّا رُشْدَه ... ويُطيعَ الحقَّ فيما وجَبا
وله إليه قصائدٌ كثيرة(1) وأظنه سمع بتعزّ على علمائها شيئاً من كتب السنَّة، فقد وقفت على إجازات له منهم؛ وكانت وفاته - رضوان الله عليه - في اللَّيلة التي أسفر صباحها عن اليوم الخامس والعشرين من شهر ربيع الأوّل أحد شهور سنة ستّ عشرة وتسعمائة، وقبر (بالأُجَيْنَاد)(2) مع من هنالك من الأشراف، - قدَّس الله أرواحهم -.
أحمد بن إبراهيم العراري [ - ]
الفقيه الفاضل أحمد بن إبراهيم العراري(3) - رحمه الله - ذكره السيِّد العلامة عبد الله بن الهادي بن يحيى بن حمزة(4)، وهو الرَّاوي للكرامة العظمى للإمام يحيى بن حمزة - عليه السلام - بسندها إلى الفقيه العلامة يحيى بن سعيد الشظبي أنَّه رأى في ورق الذرة مكتوباً ما لفظه: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، يحيى بن حمزة إمام حقٍّ، أو قال: إمام عدل، شكَّ أحمد بن إبراهيم المذكور في اللَّفظ.
أحمد بن إبراهيم الميتكي
الفقيه الفاضل العارف أحمد بن إبراهيم الميتكي، كان عالماً، عابداً، - رحمه الله تعالى -.
__________
(1) مجموع من أشعاره مخطوط بمكتبة السيد المرتضى عبد الله الوزير هجرة السد بني حشيش.
(2) الأُجَيْنَاد: هي مقبرة تعز (معجم المقحفي ص15).
(3) في (ب): الغزاري.
(4) لعله في كتابه المفقود سيرة الإمام يحيى بن حمزة وأولاده.
أحمد بن إبراهيم بن أحمد
الشيخ العالم، محيي المآثر والمعالم، غصن الفضل الباسق، وواسطة العقد المتناسق، أحمد بن إبرهيم بن أحمد بن عطية بن أخي الشيخ إسماعيل، كان شيخاً جليلاً وعالماً نبيلاً، وله تلامذة وشيوخ، ومن تلامذته السيِّد صارم الدين وغيره.
أحمد بن أبي الفضائل
الشيخ جمال الدين، أحمد بن أبي الفضائل بن أبي عبد الله السقرطي - رحمه الله تعالى - من زيديَّة الكوفة وعيُونهم، أخذ عن السيِّد تقي الدِّين أبي الغنائم ابن [……](1) بن أحمد بن أبي الفتوح الحسني، وأخذ عنه عدَّة منهم الشيخ محي الدين صالح بن منصور بن أبي الطاهر الخطيب بالكوفة وغيره. انتهى
أحمد بن الكني(2) [ - ق6 ه ]
الإمام الرحال الفقيه الكبير المقدم الشهير تاج الدين أحمد بن أحمد بن الحسن، وربمَّا قيل: أحمد بن الحسن البيهقي البروقني القادم من العراق /85/ إلى حوث سنة عشر وستمائة في زمن الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة - عليه السلام - وسمع عليه المشيخة هنالك، وله سماعات منها على عالم الزيدية شعيب بن بيسنون(3)، وذكره أيضاً شعلة، وقال: يقال له: أحمد بن أحمد، وقد يقال له: زيد بن أحمد، فله اسمان حينئذٍ، وهو غير البيهقي الراوي لحديث صلاة التسبيح، وهو شيخ الإمام أحمد بن سليمان قدم اليمن سنة أربعين وخمسمائة، وستأتي ترجمته، وبيهق: قرى مجتمعة بنواحي نيسابور، خرج منها عدَّه علماء من أصحابنا - رحمهم الله تعالى - وغيرهم، وستأتي ترجمتهم.
__________
(1) بياض في النسخ.
(2) طبقات الزيدية الكبرى (القسم الثالث) 1/103 ترجمة رقم (34).
(3) كذا في النسخ، ولعله شعيب بن داستون.
أحمد بن أبي الحسن الكني [ - ]
الشيخ الإمام، الأستاذ الهمام، أبو العبَّاس، ويقال: أبو الحسن أحمد بن أبي الحسن بن علي القاضي الكني(1) - رحمه الله -. هكذا ذكر نسبه الشيخ عطيَّة وغيره، وذكر في نسبه غير هذا، وهو أنه قطب الدين أحمد بن الحسن بن أحمد بن أبي الفتح بن عبد الوهاب الكني الأردستاني(2) - بفتح الهمزة وسكون الرَّاء والدال والسين المهملات ثُمَّ مثناة من فوق ثُمَّ ألف ونون، نسبة إلى أردستان، بلد على ثمانية عشر فرسخاً من أصفهان.
كان من أساطين الملَّة وسلاطين الأدلة، وهو الغاية في حفظ المذهب، لقيَه بعض شيوخ اليمن بمكة، وأجاز لجميع من في اليمن شبيه ما فعل ابن مندة وغيره، ومن شيوخ الكني - رحمه الله تعالى - الشيخ أبو منصور عبد الرحيم بن المظفر بن عبد الرحيم بن علي الحمدوني الزيدي - رحمه الله - قراءته عليه في ذي الحجَّة سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة، (وكنَّ) قرية من قرى (الري).
__________
(1) طبقات الزيدية القسم الثالث تحت الطبع، أعلام المؤلفين الزيدية ترجمه (54)، رجال الأزهار الجواهر المضيئة تحت الطبع، لوامع الأنوار 1/295، إجازات المسوري خ، وفي أعلام المؤلفين. له كتاب: المناظرة بين المشرقي الاثني عشر مع المغربي الشيعي والرد عليهما جميعاً خ، 772ه في 30 صفحة ضمن مجموع مكتبة السيد المرتضى الوزير، وكتاب كشف الغلطات، ذكره بعض مترجميه.
(2) كنّ بالتشديد اسم جبل، وكنَّ أيضاً من قرى قطران، كما في معجم البلدان 4/484، وأردستان: مدينة بين قاشان وأصبهان أهلها كلهم أصحاب الرأي ولهم رساثيق كثيرة، وينسب إليها طائفة من أهل العلم في كل فن انظر معجم البلدان 1/146.
أحمد بن تُبَّع [ - ] (1)
العلامة الفقيه الكبير، أحمد بن تُبَّع، عالم كبير، مسكنه الهجرة من ظاهر (بلد بني شاور)(1)، وهو من طبقة العلامة الحسن الظهري الآتي ذكره - إن شاء الله تعالى - قال ما معناه: هذا أحمد، وله أخ غاب عني اسمه، اشتهرا بابني تُبَّع، تنعت الزيدية بذكرهما فتحسن، وبصفتهما فتجيد، وروى بإسناده عن مطرف ابن شهاب شيخ المطرفية، قال: كان بهجرة بني شاور (أخوان) من المسلمين يقال لهما: ابنا تبع، وكان أحدها يقال له: أحمد فأتاه بعض فقراء المسلمين فأعطاه شيئاً وهو ساهٍ، ثم ذكر أنه أعطاه من غير نيّة، فقال: تفضَّل يا أخي واردد عليَّ ما أعطيتك، فردَّه عليه والناس ينظرون إليه، فلمَّا صار في يده دفعه إلى السائل مرَّة ثانية، فأخذَه وانصرف، فعجب الناس بما صنع، وقيل له في ذلك، فقال: نعم أعطيته أوَّل مرَّة وأنا ساهٍ، فأردت أعطيه عن نية مني، فإنه قد جاء عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: ((الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى))، وكذلك في الحديث عنه - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: ((يا أبا ذر، وليكن لك في كلِّ شيء نيّة حتى في الأكل)).
__________
(1) لعل مصدر الترجمة طبقات مسلم اللحجي.
(2) بني شاور قرية وحصن في عزلة بني القدمي من ناحية لاعة، تقع شمال بني العوام من أعمال حجة، وبني شاور عزلة تابعة لناحية كحلان عفار، تتكون من حصن عزان وبيت قدم وبيت الظربي، هجر الأكوع 1/148.
أحمد بن أسعد اليمني [ - ]
الفقيه المنطيق، العارف العلامة، أحمد بن أسعد اليمني الزيدي(1) - رحمه الله تعالى - /86/ كان ذكاؤه شعلة قبس من تراجمة الحكمة، وله مقامات، وممَّا استحسنه من قوله، ما كتبه بعد أن فعل الأمير شمس الدين أحمد بن المنصور بالله القصيدة المشهورة إلى سلطان اليمن، فعارضه المذكور وبلغني عن بعض شيوخي أن هاتين القَصيدتين أرسل بهما إلى العراق؛ لأنه بلغ العلماء باليمن أن الأمير شمس الدين راسل أهل العراق وتجرَّم(2) من حجّة الله عليه الإمام المهدي، فخشي العلماء أن تقدح الشبهة في قلوبهم على بعد الشقة فأرسلوا بقصيدة الأمير وعراضها، ليعلموا أن الأمير قد انحط عن ذروته، وتهافت بالوفادة إلى سلطان اليمن التركماني المعروف بالغسَّاني، وقضية نزول الأمير إلى اليمن: أنه بعد أن كان ما كان من تلك الأمور الموجعة والنكوص على الأعقاب - نسأل الله السَّلامة - نهض الأمير شمس الدين فيمن معه قاصداً(3) إلى مدينة (زبيد)، وهنالك السلطان، فلما هبطوا (نقيل صيد) علم السلطان بإقبالهم إليه، فأمر بإنصافهم في الطرقات، وساروا حتى بلغوا زبيد لأيام دون نصف شهر، فلمَّا علم بهم السلطان خرج من مدينة زبيد في لقائهم، وقد كان أمر جنده وأهل تلك النواحي بلقائهم إلى جانب الطريق، وعظَّم شأنهم، ورفع في أعيان الناس مكانهم، فلمَّا التقى الأمير شمس الدين رحَّب به، وعظَّمه، وأمر له بالمضارب والخيام، وأمر بالسماطات والألوان الأنيقة إلى محطتهم وهي خارج الباب المسمَّى بباب الشبارق، وأقام
__________
(1) حاشية في (ب): لعل محل هذه الترجمة بعد ترجمة أحمد بن أسعد المفسر، وهي الثالثة منها، قلت: وأحمد بن سعد وردت بعض قصائد في سيرة الإمام المهدي أحمد بن الحسين خ، وفي اللآلئ المضيئة للشرفي، وكلاهما تحت الطبع والتحقيق، وفيهما وفي غيرهما من كتب التأريخ الفترة قصة نزول أحمد بن عبد الله بن حمزة إلى سلطان بني رسول.
(2) وتجرَّم: تبرَّم واشتكى.
(3) في (ب): قاصدين.
الأمراء عنده تنقل الكرامات المختلفة، ولم تمض إلا الليالي القلائل حتى عرضت لهم الحمَّى الوبائية فلم يبق منهم إلا القليل، فتوفى منهم الأميران جعفر بن عبد الله بن الحسن بن حمزة، وأحمد بن جعفر بن الحسين، وجماعة من أجنادهم وأخدامهم، ثم إن السلطان لمَّا رأى ما نزل بهم خلا بالأمير شمس الدين، وراجعه فيما لا بدَّ لهم منه، ثم أمر للأمير شمس الدين بنيف وأربعين ألف دينار من الدَّنانير الملكية، كل دينار أربعة دراهم، كل درهم ثلثا قفلة، وأمر لهم جميعاً بالكساء النفيسة، وخصَّ البعض بشيء وحده، وأمر معهم بعصابة من جنده، فصدروا عنه شاكرين لإحسانه، وكان السلطان يأمر له بالافتقاد والملابس حالاً بعد حالٍ، وكتب الأمير شمس الدِّين هذه القصيدة إلى السلطان يستنجده، وإليها يسَاق الحديث هذا بطوله، فقال:
لعلَّ الليالي الماضيات تعودُ ... فتبدُو نجوم الدَّهر وهيَ سُعُود
عفى منزل ما بين نعمان واللّوى ... وجرت به للرامسات برود
وكانت به العين الغواني أوانساً ... فأضحت به العين الوحوش ترود
مجرُّ أنابيب الرماح ومبتنى ... قباب ظبا ريقهنَّ برود(1)
/86/
__________
(1) العجز غير موزون.
فيا دارنا بين العيينة والحما ... هل الرَّوض روضٌ والزرود زرودُ
وكيف بمن أضحى ظفار محلَّه ... ومن بات قد حالت عليه زبيدُ
هوايَ بنجدٍِ والْمُنَى بتهامةٍ ... متى يلتقي بالمتهمين نجودُ
وإن امرءً تبقي مواثيق عهدِه ... على مثل ما لاقيتهُ لجليدُ
فهل لجنوب الريح أن تلثم الثرى ... بنشر تحيَّاتٍ لهنَّ صعود
على أربعٍ بين الصعيد وصعدة ... وبين (براشٍ) لي بهنّ عهود
مشاعر حج الطالبين فلا إذاً ... قريبٌ ولا نجح الرجاء بعيد
كَرُمْنَ فلا يخشى الغوائل عندها ... مبيتٌ ولا يخشى الهَوانَ طريد
ملاعب أمهَار الجياد ومنتهى ... مجامع لا تشقى بهنَّ وفود
وأبراج أشباه المها في كناسها ... عليهنَّ من نسج العفاف برود
نعمنا بها أيام لا البغي نافث ... بنار، ولا بين الرجال حَقُود
ظلاليَ فيها للورى غير (قالصٍ) ... وبرِّي حوضٌ لستُ عنه أذود
وقَوميَ يوم الرَّوع جنْ(1) وفي الندى ... بحورٌ وحلمٌ كالجبال ركودُ
فنحن نطولُ الشهبَ عزّاً وتنتهي ... إلى الأفق أيدينا ونحنُ قعودُ
إلى أن دعا داعٍ إلى البغي في الورى ... وأعلن منهم كاشحٌ وحسود
ودلَّ عليَّ الحلمُ قومي وانتشت ... ممالك لم تنظم لهنَّ عقود
وأنكر إحساني الذين جلودهم ... عليهم إذا استشهدتهنَّ شهود
لقد كفرتنا الناس كلَّ صنيعة ... كأنَّا نصارى مِلَّةٍ ويهودُ
وكم مات من قومٍ فحيوا بحلمنا ... وكم أخلفت سحبٌ وَنحنُ نَجُودُ
بسطنا على العربِ المكارمِ بسطةً ... لنا أبطرَتْهم والضَّلولُ جحودُ
ولمَّا صبرنا ظنَّت الناسُ أننَّا ... على كل خسفٍٍ سادرون هجودُ
ولما قصدت الملك ذا التاج يوسفاً ... علمت بأن الهم ليس يعودُ
دعوت فلبَّاني فتى لا مزيد ... ملولٌ ولا واهي اليدين بليدُ
ومالي لا أزجي الركاب إلى ذرى ... به الشهب شهبٌ والصعيد صعيدُ
أعان وأعداني على الدَّهر من له ... مكارمُ لا يُحصى لهنَّ عديدُ
وألقَيت كفِّي في أناملَ لم تخن ... عهوداً ولم تُخلف لهنَّ وعودُ
وما ابن أبي حفصٍ بدون الذي دعا ... به الحميري الملك وهوَ فريدُ
/88/
أعاد إليه ملك غمدان وابتنى ... مفاخرَ في الدنيا لهنَّ خلودُ
مكارم سنَّتها الملوك ويوسفٌ ... لآثار ما سنَّ الملوك يشيدُ
صبرت على حمل العظائم فانتهت ... إليك العُلا إن الصبُورَ سعيدُ
فسوحُك مقصودٌ وكفُّكَ قاهرٌ ... وجندُكَ منصورٌ وأنت حميد
وفي كلِّ يومٍ أنت تبدُو على العدا ... بخطبٍ وتُبدي بالندى(2) وتعيدُ
سبيل فتىً لا العيش يطرق همّه ... ولا الموت مما يتقيه يحيدُ
ويعلم أن الدهرَ ليس بدائمٍٍ ... وأن خلودَ المكرماتِ مفيدُ
أنخنا بك(3) الآمال وهي ركائبٌ ... لأرسانها لطف الإله يقودُ
__________
(1) لعلها: جنٌّ
(2) في (ب): في الندى.
(3) في (ب): لك.
وقد كنتُ عرَّيت الرَّكائب برهةً ... وأطرقتُ حتَّى لا يقال: مُريد
وداويت لابن العم داءً وجدته ... على الخطبِ ينمُو خطبُه ويزيد
فأدنيت من أمواج بحرِك لُجَّة ... أصولُ بها فيهم معاً فأبيدُ
وحفَّ بسرحي العرب والعجم واغتدى ... بعزك ركني اليوم وهو شديدُ
كذا يستعين الحُرُّ بالحرِّ واثقاً ... بربٍّ له كل الملوك عبيدُ
بمن بشَّرَ المظلوم في كلماتهِِ ... بنصْرٍ له أهل السماء جنودُ
إذا أمطرت منّا ومنك سحابةٌ ... لها الدَّم قطرٌ والصليل رُعودُ
تولَّت أسودُ الغابِ وهي فرائس ... وظلت جبال الأرض وهي تميدُ
ولما اشتهرت هذه القصيدة وما تضمنته من الرموز والكنايات أجاب عنها الفقيه الأجل العالم أحمد بن أسعد اليمني المذكور، فقال:
منازل فيها(1) قائمٌ وحصيدُ ... قفارٌ بها عوذ الوحوش هجودُ
وآثارهم بين العيينة والحما ... عليهنَّ من نسج العقاب برودُ
ولم يَبق ما بين الصعيد وصعدةً ... أنيسٌ من الحيِّ الذين تريدُ
ينوح عليها المترفون فوُجدهم ... إذا ذكروا تلك العهود جديدُ
ويبغون في الدُّنيا خلوداً وجنَّةً ... وليس لحيٍّ في الحياة خلودُ
يوَدُّون من فرط الصَّبابة والأسى ... لو انَّ الليالي الخالياتِ تعودُ
قضى الله أن تَفْنَى الديارُ وأهلُها ... وردَّ الذي يُفني القضاءُ بعيدُ
تبدَّلَ شمس الدينِ بعد يقينِه ... من الرَّيبِ مالا يرتضيه مجيدُ
ولما دعا داعٍ إلى الحق صادقٌ ... سرت فيه أضغانٌ له وحُقُودُ
ووالَى عليه الكافرين ولم يزل ... لكل إمامٍ كائدٌ وحسُودُ
/89/
وفي صونه(2) ما زال يعمل كيده ... ومن كايدَ الرحمن فهو مكيدُ
فأهلك أخيار الوَرى وهُداتهم ... كما فعلت بالأنبياء يهودُ
وكم نالت الأحياء منهم فبعضهُم ... قتيلٌ وبعضٌ في البلاد طريدُ
وشاد مع الكفار مهدوم دينهم ... وهدم ما كان الهداةُ تشيدُ
__________
(1) في (ب): منها.
(2) في (أ): وفي (صوته)، وفي حاشية على (أ): (منونه)، وفي (ب): في مندنه - بدون نقاط وغير واضح.