وقال الفقيه الجليل علي بن زيد بن علي بن قرَّة:
أحسِن بمعهد (رامَةٍ) من منزلٍِ ... وبعيشنا الماضي القديم الأوَّلِ
ومعاهد الغِيدِ الأوانسِ والدُّمَى ... يمشين بين (مُدَملجٍ) ومَخلخَلِ
ومن(1) سقاهن (العهادُ) بصوبه ... من كل عاد في السحابِ مجلجل
يا راكباً إمَّا عرضت فبلغاً ... منّي السَّلام على الجواد المفضل
وانزل بإبراهيمَ فخرِ زمانِه ... الماجد ابن الماجد ِ المتطوّلِ
غصنٌ نما في دوحَةٍٍ قضويَّةٍ ... أغصانُها فوقَ السّماكِ الأعزَل
ومفاخرٍٍ ومكارمٍٍ شرفُوا بها ... إرثاً من النجم الكبير الأوَّلِ
فرووا شريعة أحمدٍٍ وعلومِه ... بعليّ اسنَادٍٍ نَمَوْهُ إلَى عَلي
ولاهمُ عمر القضا فكساهُم ... ثوباً قشيباً في القضاءِ فما بَلي
فهمُ نجوم الأرضِ في غسقِ الدجَا ... يحمونها من ملحدٍٍ ومُعطِّل
__________
(1) لعلها: وبمن ليستقيم الوزن.

وسماحةٍ ورجاحَةٍٍ وعدالةٍٍ ... طَالت على فلك العلومِ الأطولِ
وليُهنهم عرسٌ لهم في ضمنهِ ... شرفٌ أبرَّ على المعادي والولي
عُرسٌ ملائكةُ السماءِ شهوده ... والناسُ بين مكبِّرٍ ومهَلِّلِ
ومسرّة علمَ الزمانُ بأنَّها ... زارت على شرطِ السرور الأكملِ
فلأنتم ساداتُ أهل زماننا ... المنعمُون على الزّمان (الْمُمحل)
وبدُورُ علمٍ لا تغيبُ ومعشرٌٍ ... غيثٌ لسائلِ نائلٍٍ ومؤمِّلِ
ما زارهم للجود يوماً قاصدٌ ... إلاَّ وقُوبِلَ بالنوَالِِ الأجزَلِ
أيدٍٍ تفيضُ ببرها لوُفودها ... والكاشفون لكلِ خطبٍٍ معضَل
ومهابةٍٍ وسماحةٍٍ وعزَائمٍٍ ... يغنيك عن حد الحرار المنصل
/81/

ما زلتم في حفظ عيشٍ دائمٍٍ ... في نعمةٍٍ تترى وعمرٍٍ مقبلِ
وقال القاضي محمد بن يوسف:
مرحباً بالوصالِ بعدَ الصدودِ ... واتفاق بمرهفاتِ القدودِِ
فاترات العيونِ بيض التَّراقي ... باسمات الثغور زهر الخدودِ
إلى أن قال:
وأهنِّي فخر الهدى القاضيَ الندبَ حليفَ النَدَى (بخودٍٍ خرودِ)
غادَةٍ تنتهي إلى شرف الأصل ... وتزهُو على الغزال بجيدِ
ومنها:
هم نجوم القضاة قدماً لعمري ... (عُمَرٌ) قد أقامهم بشهودِ
والحر يريُّ في (المقامات) أثنى ... فيهم في كتابه المشهودِ
يا بني النجم أنتم أنجم الأرض ... وأهل السِّباق في كل جود
ولنقتصر على هذا القدر من ترجمته.

إبراهيم اليوناني ومحمد اليوناني [ - ]
[العلامة الفقيه إبراهيم اليوناني، وكذلك محمد اليوناني، كانا عالمين من عيون وقتهما، شهدا بيعة المتوكل على الله المطهر بن محمد] (1).
قال المصنف - رحمه الله تعالى -:
من اسمه أحمد
أحمد بن إبراهيم أبو العباس الحسني(2) [ - 353 ه‍ ]
تاج الأمّة وسراج الأئمَّة، حافظ الشرائع ومفتيها، خافض البدائع ومفنيها، مطلع أشعَّة (المصابيح) ومظهر موازين التراجيح، ترجمان السنَّة، المعمل في الخصوم مواضي السيوف والأسنَّة، السيد الشريف، الإمام أبو العبَّاس، أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن إبراهيم بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الحسني - رضي الله عنهم - هو حجَّة لله باهرة، ومحجَّةٌ إليه ظاهرة،
__________
(1) هذه الترجمة موجودة في حاشية (ب).
(2) طبقات الزيدية خ الجداول خ، الفلك الدوار ص 103، اللآلئ المضيئة خ، ج 2/42، المستطاب خ، رجال الأزهار، أعيان الشيعة 2/465، التحف شرح الزلف 74 ، فهرس أسماء علماء الشيعة ومصنفيهم 21/34، معجم المؤلفين 1/136، طبقات أعلام الشيعة، نوابع الرواة 17، أعلام المؤلفين الزيدية ترجمة (42) وانظر فيه بقية المصادر هناك.

له العلوم الواسعة، والمؤلَّفات الجامعَة كـ(المصابيح) (1) و(النصوص) (2) وغيرهما، والذي ألَّف من (المصابيح) هو إلى خروج يحيى بن زيد - عليهما السلام - والتتمَّة لأبي الحسن علي بن بلال الآتي ذكره - إن شاء الله تعالى -.
قال علي بن بلال: كان الشريف أبو العبَّاس الحسني - رضي الله عنه - ابتدأ هذا الكتاب فذكر جملة أسامي الأئمَّة في أوَّل ما يريد (ذكر) خروجهم، فلمَّا بلغ إلى (ذكر) (3) خروج يحيَي بن زيد إلى (خراسان) حالت المنيَّة بينه وبين إتمامه، فسألني بعض الأصحاب إتمامه، فأجبت إلى ملتمسهم محتسباً للأجر، وأتيت بأسمائهم على حسب ما رتّب هو، ولم أقدِّم أحدهم على الآخر.
__________
(1) كتاب المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت، منه نسخة خطية بالجامع الكبير المكتبة الغربية رقم (79) تاريخ، وأخرى بمكتبة السيد محمد بن عبد العظيم الهادي، ونسختان بمكتبة السيد محمد بن حسن العجري، ونسخ كثيرة مصورة خطية، وهو تحت الطبع، بتحقيق الأخ/ عبد الله بن عبد الله الحوثي، تحت إشراف مؤسسة الإمام زيد.
(2) النصوص لم أجد له نسخة خطية، وقد ذكره المؤلف، والسيد يحيى بن الحسين في المستطاب، وسماه (شرح النصوص) وهو في مجلد.
(3) زيادة في (أ).

قال الحاكم - رحمه الله - في حقّه: هو فاضل عالم، يجمع بين الكلام وفقه الزيدية، وكان السيد أبو عبد الله بن الداعي في أول أمره اختلف إليه يتلقن منه مسائل الفقه، ثم خرج إلى فارس فأكرمه عماد الدَّولة علي بن بويه، ثم خرج إلى (بغداد) واختلف إليه السيدان أبو طالب وأبو الحسين، وبلغ أبو العباس في فقه الزيدية مبلغاً عظيماً، وله كتب في ذلك، وشرح كتب الهادي كـ(الأحكام) (1) و(المنتخب)، وله (كتاب في النصوص) وغير ذلك، انتهى كلام الحاكم.
قلت: شرحه (للأحكام) موجود، وأمَّا شرحه (المنتخب) فغير موجود، ولم أعرف (النصوص) له /82/، إلا أني رأيت له كتاباً في غاية الحسن مبوَّبٌ على أبواب الفقه يذكر فيه الخلاف بين القاسم والهادي وبين أبي حنيفة والشافعي ويورد الحجَّة، وإذا روى الحديث ساقه بإسناده، ويعبِّر فيه عن أبي حنيفة بالكوفي(2).
__________
(1) شرح أحكام الهادي، وقف عليه المؤلف، وقال يحيى بن الحسين في مجلدين: الأحاديث التي أوردها فيه مسندة كما روي.
(2) هو كتاب ما تفرد به القاسم والهادي - صلوات الله عليهما - دون الفريقين من مسائل الحلال والحرام وغيرها من الأحكام مخطوط، ضمن مجموع بمكتبة السيد المرتضى بن عبد الله بن علي بن عثمان الوزير، هجرة بيت السيد، وادي السر بني حشيش، في مجلد منزوع الغلاف.

ومن شيوخه عبد الرحمن بن أبي حاتم، والقاسم بن عبد العزيز بن إسحاق بن جعفر البغدادي وغيره، وله تلامذة أجلاَّء - رضي الله عنه - واشتهر عند الناس أنه خال السيِّدين، وممن ذكر ذلك السيد(1) الإمام المهدي في ديباجَة (الغايات) في شرح قوله: أكابر الأئمَّة، والمشهور عند النسابين غير هذا، قالوا: أمَّ السيدين حُسَينيَّة وأبو العباس حسني، وهي أم الحسن بنت(2) علي بن عبد الله الحسني العقيقي، قال بعضهم: يحتمل أن يكون أخاً لأمهما من أمَّها، وفي (تعليق الفقيه يوسف) - رحمه الله - بعد أن ذكر أن أبا طالب صنَّف (التحرير): وقد أقام في الدرس والتدريس ثمانين سنة، وأنه دعا إلى الإمامة وهو شيخ كبير، وأنَّه كُنِّي أبا طالب بولد صغير أو كنية لا غير، وأنه قد روي أنه أكبر من المؤيَّد بالله، وأن علم أبي طالب كان عقداً وحصراً، وعلم المؤيَّد بالله كان نثراً، ما لفظه: وكان درسهما على أبي العباس وهو خالهما، وقيل: عمهما، ودرسا على قاضي القضاة عبد الجبار.
أحمد بن إبراهيم تاج الدين [ - ]
السيد العلامة، أحمد بن أمير المؤمنين إبراهيم بن تاج الدين - عليهم السلام - كان فاضلاً، عالماً، مبرزاً، - رضي الله عنه -.
__________
(1) سقط من (ب).
(2) في النسخ: ابن.

أحمد بن إبراهيم الوزير(1) [862 - 916 ه‍ ]
السيِّد العلامة(2)، أحمد إبراهيم بن محمد بن عبدالله الوزير - رحمه الله -. ترجم له صنوه السيد الجليل الهادي بن إبراهيم - رحمه الله تعالى - فقال: له معرفة تامَّة، وفصاحة، ورجاله، وكفاية لأهله ووجاهة (ورجاحة)(3) ونزاهة، وعلوّ منزلة، وشعر ومكاتبات حسنة، ومعرفة بالأساليب، وله عند الناس معرفة وحظ لا يكاد يتعسَّر عليه مطلب، وله همَّة عليَّة، ونفس أبيَّة، وعزيمة هاشميَّة علويَّة هادويَّة، وله حسب على جميع أهله ومن يتعلق به، وله نفع كنفع الملوك، ويُخاف ويُرجى، وسمع على أبيه في الفنون جميعها، ولكنَّه لم ينقطع إلى ذلك مع فراغه(4) والعلوم بالتكرار، وتكرر الأنظار، انتهى ما ذكره السيد جمال الدين.
__________
(1) تأريخ آل الوزير، طبقات الزيدية الكبرى، تحت الطبع، الجواهر المضيئة خ، تحت الطبع، أئمة اليمن 1/378، أعلام المؤلفين الزيدية ترجمة (43).
(2) في (ب): السيد الجليل أحمد.
(3) زيادة في (أ).
(4) في (ب): بعد فراغه.

قال السيد العلامة، شمس الإسلام، أحمد بن عبد الله بن الوزير - رحمه الله تعالى -: ولا بدَّ من زيادة يُعرف بها تأريخ وفاته وحاله بعد ذلك، مولده - رحمه الله - يوم الجمعة منتصف شهر محرَّم سنة اثنتين وستين وثمانمائة، ولم يزل - رحمه الله - على ما وصفه به صنوه - رحمه الله - من محاسن الخلال وجلالة الأحوال، ولمَّا سطعت أنوار الدعوة المنصوريَّة دعوَة محمد بن علي السِّراجي - صلوات الله وسلامه عليه - كان سيِّدي أحمد أوَّل من لبَّى نداءها، وأعظم الأركان الذي تشيَّد به هداها، ناصر وعاضد، ونابذ وجاهد، وجمع وحشّد، وجدَّ واجتهد، لا سيما أيام المحطتين على صنعاء المحروسة بالله، وقيام الإمام لحرب السلطان فإنه قام أتمَّ القيام، ونفع أتمَّ النفع، في حشد /83/ الجنود، وجمع العروض والنقود، وكان عند الإمام - عليه السلام - وعند العظماء من أهل تلك العصور والأعوام بالمحل المنيف والمنزلة العاليَة، وكان السلطان ينحرف عنه، ويبغضه لما سبق منه من السَّعي في حربه، ويتحامل على أهله بسببه، فلما نقل الأشراف من صنعاء نقله إلى (تعز)، فتعاورته الآلام، وتداولته الأسقام، وهو مع ذلك مقيم على التدريس في جامع تعز، ومنقطع إلى الإقراء وتحصيل الكتب بخطه، وكان والده السيد صارم الدين يَرق له، فأكثر شعره في أيام تلك المحنَة إليه، فمنه:
على أحمدٍ منَّا سلامٌ مضاعفٌ ... سلامُ خَليلٍ غابَ عنه خليلُه
وقفنا على نظمٍ أتى منه رائقٍ ... تضمَّن ما يُشفي القلوبَ فصُولُه
وبالغ في شكوَى تفرُّقِ(1) شملِنا ... وشقَّ به أمرُ البعادِ وهَولُه
__________
(1) في (ب): نفرق.

فاذهب عنه الله ذلك عاجلاً ... فقُوَّتُه تكفيه ذاكَ وحولُه
وما الأمرُ إلاَّ مثلما قال جَدُّه ... وقد راق في أسماعنا ما يقولُه
إذا كنتَ عبداً للإله ولازماً ... لنهج قويم مستبينٍ سبيلُه
ومالي إلاَّ أن يشاء مشيئةٌ ... كذلك قال الله ثم رسولُه
فقد نلت ما تَرجوه(1) منه بفضله ... وذُلِّلَ لي صَعبُ النَّوى وسهُولُه
فبشراي بعد اليَأس وهي خطيئةٌ ... بوجدان ما كان العُدول تحيلُه
وكم سائلٍ مولاه تفريج(2) كربَةٍ ... فأُعْطِي ما يَهوى ووافاه سُؤلُه
وله إليه - رحمه الله - عليهما:
كُلَّما هبَّت جنوبُ وصِبا ... من تعزٍّ زاد قلبي وصَبَا
وتذكرت أحيباباً بها ... لهمُ عامٌ بهاتيك الرُّبا
لم تزل أنفسنا تذكرهم ... مثلما تذكر أيام الصِّبا
ليت من عادت له أيَّامُه ... وحللنا في نواديه (الحبَا)
وشربنا منه كأساً مسكراً ... ولثمنا منه ثغراً أشنبا
__________
(1) في (ب): ما أرجوه.
(2) في (ب): تنفيس.

16 / 182
ع
En
A+
A-