فهنَّيت نفسي وصله مُتَمثلاً ... ببيتٍ جرى قبلي كأني به المعني
إذا ازددت معنَى دونه كل شاعرٍ ... فإني نزيل لابن زائدة معن
ومن باد في الأعراب يطلب علمهم ... ويكتسب الإعراب في شاسع المدن
ومن تك(1) من مقصوده فهو ضائع ... وأسْرع ما ينحط لحناً إلى اللحن
/63/
ثنيت عناني نحوه فوجدته ... هو النحو لكني بأوصافه أثني
به أجتني الغصن الطري وأجتلي ... معارف عرفاني وأجلو به ذهني
كأَنَّ جميع الكتب في النحو قبله ... تراب على الصفوان(2) في وابل المزن
كَأَنّ الذي رام البلاغ بغيره ... إلى مشكلِ المعنى سراجٌ بلا دُهنِ
كأنَّ وجوه الكتب مالم يكن بها ... مجرَّدة عن مِلحها وعن الحسن
تغَرَّب إليه تعرب القول أينما ... أتاك وتنقاد المعاني بلا وهن
وتبني على التحقيق فيما تُبِيْنُه ... إذا سألوا عن معرب القول والمبني
على ابن هشامٍ رحمة الله حيثما ... ثوَى وسقَاه وابل المنِّ والأمن
ودام به(3) (المغني) عن الكتب مغنياً ... يعين على المعْنَى الدقيق ولا يُعني
__________
(1) في (ب): ولم يَكُ.
(2) الصفوان: الحجر الأصلي، والوابل: المطر الشديد.
(3) في (ب): ودام لنا.

انتهى كلامه، وهو سكر نباتي، لا يعرف لطائفه إلا من أدرَّ الله على قلبه سحائب الألطاف، وهذا الكتاب المسمّى بالمغني كتاب حَريٌ بالمقال، وقد قرّض له الفضلاء في كل عصر كالقيراطي والدّماميني، قال مصنف الكتاب - رضوان الله عليه - ما لفظه: وكاتب هذه العبد الحقير في أيام كلفه بالعربيَّة وحبِّه لها جرى مع أولئك قبل أن يعرف من سبقه بالتقريض، وممَّن قرَّضه أيضاً السيد العلامة صارم الدين إبراهيم بن محمد بن الوزير السَّابق ذكره في أيام كتابة السيِّد إبراهيم بن يحيى بن القاسم السابق ذكره كتبا التقريض في وقتٍ واحدٍ، فقال: لمَّا وصل الفقيه الأديب العارف النجيب شهاب الدين أحمد بن محمد اليريمي إلى صنعاء المحميَّة - حرسها الله بالإيمان- شرح وروده الصدور، وما أهداه من غرائب الأمور، وكان من جملتها هذا الكتاب البديع، وكان من تفضُّله أن آثرني به مدَّة على غيري من الأصحاب فقلت ذاكراً لتفضله مادحاً للكتاب:
سلام على المغني سلام مودع ... وإن كان تسليم المحبين لا يغني
تأمَّلته إحدى وعشرين ليلة ... أرُوضُ به فهَمي وأجلو به ذهني
وكنت إليه قبل ذلك صادياً(1) ... صدا الأرض إذ لم يأتها وابل المزن
فلمَّا حباني أحمد منه نظرة ... رأى منه طرفي فوق ما سمعت أذني
وما أحمدُ إلا لبيبُ مهذَّبٌ ... عليه لساني كل آونَةٍ يثني
حبا من بصَنعَاء اليمان بتحفةٍ ... وجاء بها يمشي إليهم على اليمن
كأن معانيه شموس طوالع ... تزيدُ على الشمس المنيرة في الحسن
تفجَّر بحر النحو منه فكله ... عيُون من الإعراب يذهَب باللَّحن
وحبّره لفظاً ومعنى مصنِّف ... بما صيغ من مدحٍ لمغن هو المغني
وسماه بالمغني وتلك إشارة ... فخذها إذا ما كنت حبراً من المعني
ونَصَّ عروساً فيه يُعرب إنه ... مبين خفايا معرب النحو والمبني
يقرّب للأفكار ما كان شاسعاً ... وليس عليها بعده عالم يبني
/64/ انتهى كلامه - رحمه الله -.
__________
(1) أي عاطشاً من الصدى، وهو العطش.

وممن كتب في التأريخ المذكور السيد السمتي ذو المقام الرَّفيع القدسي أحمد بن عبد الله بن علي بن محمَّد بن أبي القاسم الهادوي فقال ما صُورته: طالع في هذا الكتاب العبد الفقير إلى رب الأرباب، السَّائل من الله توفيقه بخير الأعمال والخواتم، أحمد بن عبد الله بن علي بن محمد بن أبي القاسم، الهَادَوي نسباً ومذهباً، فوجَده اسماً على مسمًّى، وكاشفاً فنّه لكلِّ معنى، فللَّهِ درُّ مصنِّفه الحبر العلام، المعروف بابن هشام، لقد نسجه على أبدع منوال، وحبَّره بأبلغ مقال، فما أحقّه بقول من قال:
وفي كتابك فاعذُر من يهيم به ... من المحاسن ما في أجمَلِ الصُّور
كأنما صنعت يمناك منه لنا ... ثوباً من الوشي أو عقداً من الدُّرر
والله يحسن إلى مهديه، ويعطيه من فضله أفضل ما يعطيه، آمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم. من خط قائلها. انتهى كلامه.
ولعلها تأتي لهذا الشمسي ترجمة - إن شاء الله تعالى -.
ومن شعر السيد الفصيح المقول صارم الدين إبراهيم بن يحيى قوله يمدح [ابن] الناصر، وكان من فصحاء صنعاء:
أيدري ما الشجي به الخليُّ ... أجدك يستوي ظمأٌ(1) وريُّ(2)
يقول العاذلون هواهُ غيٌّ ... وقول العاذلين هو الغويُّ
وأولَى من يُرَقُّ له ويُرْثَى ... إذا اعتلق الغرامُ به البريُّ
وأرعى النجمَ من كلفٍ بسعدى ... لأرقب طيفَها وهو البطيُّ
وأنَّى زار طيفٌ ذا سهادٍ ... له قلبٌ بحرقته صليُّ
يُقلِّبه الهوى ظهراً لبطنٍ ... ويَخلقُ صدرَه(3) نشرٌ وطيُّ
لَجَاجُ اللاَّئمين عليَّ جهلٌ ... وداءُ الحب لو علموا دويُّ
بسمعي عن سماع اللوّم وَقرٌ ... وقَلبي لاتباعهُمُ عَصِيُّ
دعاني العاذلُون لترك وجدي ... لأحبابي فقلت: الرشد غيُّ
__________
(1) انظر القاموس هل هي (ضمأ) أم (ظمأ).
(2) وانظر قصيدة السيد إبراهيم بن يحيى التي أوردها المؤلف هنا في مآثر الأبرار للزحيف 3/1179 - 1192.
(3) في (ب): صبره.

أبي الحبِّ(1) ميلاً عن هواهم ... وهل يسلوا الهوى إلاَّ دعِيُّ؟
(فلمَّا استيأسوا خلصوا نجيّاً) ... وقلبي للغرام بهم نجيُّ
وما ذاك الغرام أردت لكن ... جرَى في كتبه القلم الوحيُّ
عزَلت (الاعتزال) إلى ذويه ... فهَل شعرُوا بأنِّي (أشعَريُّ)
أما لَو أبصروا قسمات حُبِّي ... لضلوا رشدهم وعمُوا وغيُّوا
وقالوا عند ذاك بلا مراءٍٍ ... وقد وضحَ الجمال اليُوسفيُّ
أصاب الشيخ إلاَّ فعل إلا ... بتقدير وأخطا (الجُبَّائيُّ) (2)
لعل الله يدركني بلطفٍٍ ... فمن عاداته اللطفُ الخفيُّ
أجب داعي الصبابة غير وانٍٍ ... فذا (الوسميّ) يعقبه الوليُّ
وذر ثوب الحيا خلقاً سليماً(3) ... وذا ثوب الربيع العبقريُّ
ربابُ المزن هاميةٌ حمانا ... وخدُّ الأرضِ عن طربٍ نديُّ
تضاحكت الرياضُ فثغر هذا ... لجينيٌّ وهذا عسجديُّ
وشقَّ شقيقُها الأكمامَ تيهاً ... وماد الغصنُ واهتزَّ النديُّ
وغُرَّد طيرِها شربوا كؤساً ... فخير العيش صرف (صرخديُّ) (4)
إذا ما سفَّها هَرِِمٌ أعادت ... له ما يفعل الناشي الصَّبيُّ
لعمرك ما ارتوَى منها بلالاً ... فَلِمْ يرجع لها خلقٌ وزيُّ
وكم (مُحدَودَبٍٍ) كِبَراً حساها ... فجاءك وهو معتدلٌ سويُّ
وكم من مصمتٍٍ شربٍ الحميّا ... فأصبح وهو منطيقٌ (بديُّ)
أدرها عانساً بكراً عجوزاً ... حَصاناً لا يقاربها الفتِيُّ
تَمشَّى في المفاصِلِ مشيَ بُرءٍ ... إلى سَقَمٍٍ فتاركها غَبيُّ
إذا حُسِِيَتْ من الإبريقِ ليلاً ... أتى الإصباحُ وانجابَ العشيُّ
لها روحٌ سماويٌّ بسيطٌ ... له جسمٌ زجاجيٌّ (كَرِيُّ)
وريحٌ لوْ أتَى الموتَى وحيُّوا ... بنهكته ولونٌ (عندميُّ)
عقيقٌ ذائبٌ تطفو عليهِ ... جُمَانٌ لؤلؤيٌّ جوهَريُّ
__________
(1) لعلها: الحبِّ.
(2) في (ب): الجَبيُّ، وفي مآثر الأبرار: وأخطأه الجنّي.
(3) في (أ): خلفاً سليماً.
(4) صرخدي: صَرْخَد: بلد بالشام ينسب إليه الخمر. (القاموس المحيط ص279).

فلو نظر (ابن سيَّارٍ) إليها ... لصحَّ الجوهرُ الفردُ الخفيُّ
تعرَّت عن شوائبِ كلِّ ذاتٍ ... فشاربُها عن البأسا عَريُّ
أماهي تكسب البخلاء جوداً؟ ... أما الغدَّار يشربها وقيُّ(1)؟
أما الهياب يأخذها فيسطو؟ ... أما الجافي بصنعتها(2) حفيُّ
محرَّمةٌ ولكن عن أُناسٍٍ ... وما يصفونه شيءٌ فريُّ
فلم يسعد بها إلا سعيدٌ ... ولم يشقى بها إلاَّ شقيُّ
فخذها من يدي رشإٍ أغنٍّ ... كأن جبينه قمرٌ مُضِيُّ
وطلعَةُ وجهه صُبحٌ ولكن ... أَثيثَ جعيدِه ليلٌ دجَيُّ
تبارك من برى هذا وهذا ... يَقلِّهما القوامُ السَّمهَرِيُّ
تناوَل خمرةً من وجنتيه ... ومن فيه فطعمُهما شهيُّ
ثلاثٌ كلها نشواتُ خمرٍٍ ... هنيُّ شربُها أبداً مَرِيُّ
وأفضلُ شِربِها مِنْ فيه يُسبي ... وأفضل ما اغتبطت به السبيُّ(3)
لقد بتنا وقصَّرَ طُولَ ليلي ... مُنادٍمتي الغزالُ (العوهجيُّ) (4)
له طرفٌ يُميت به ويُحيي ... وعتقٌ في الرشاقة (عيطليُّ)(5)
أُعاتبُه على مطلي فَيُغضي ... حياءً وهو عن ديني مَليُّ
ويعلم كنهَ فقري واحتياجي ... لِما يحويه وهو به غبيُّ
فقال: دع العتاب وغنِّ صوتاً ... أَعَارضكَ (العريفُ الجعفريُّ)
وجس العود رفقاً بعد سبر
ٍ ... وأنطقهُ فناطقُه الرويُّ
تعالى الله ذا عربيُّ لفظٍ ... يخاطب ذا وهذا أعجميُّ
وحرَّك رأسَهُ طرباً وغنَّى ... ألا يا دارَ ميَّةَ، أين ميُّ؟
وقلَّب طرفَه بفُتورِ لحظٍٍ ... له فتكٌ بعاشقه أريُّ(6)
كأنَّ على نواظره السَّواجي ... حساماً سلَّهُ البطلُ الكميُّ
__________
(1) في (ب) ومآثر الأبرار: وَفِيُّ.
(2) في (ب) ومآثر الأبرار: بصبغتها.
(3) في (ب): السني.
(4) العوهجي: الطويل العنق.. وفي حقوية خُطَّتان سوداوان. (المرجع السابق ص196).
(5) عيطليٌّ: العيطل: الطويلة العنق في حُسْن جسم. (القاموس المحيط ص951).
(6) أري: الأرُّ: السَّوْق. المرجع السابق ص 322.

أميرَ المؤمنين وخيرَ ملكٍ ... له في الدَّولَةِ الحظُّ السنيُّ
مليكٌ هاشميٌّ طالبيٌّ ... إمامٌ فاطميٌّ حيدَريُّ
هِزَبْرٌ (هيزريٌّ)(1) أصيَديٌّ ... خِضَمٌّ أوحديٌّ أمجديُّ
لبيبٌ نابِهٌ يقظٌ أريبٌ ... أديبٌ سيّدٌ مَلِكٌ (سريُّ)
وقورٌ ناهظٌ يَمٌّ لِهامٌ(2) ... زكيٌّ ماجدٌ (ندسٌ(3)) ذكيُّ
بليغٌ مصقعٌ حرقٌ هضُومٌ ... أبيٌّ طائعٌ عفٌّ جريُّ
له خَلْقٌ وخُلْقٌ ذا وضيٌّ ... يلين له الجمادُ وذا رضيُّ
له أيدٌ(4) وأيدٌ في المعالي ... وناهيك الحليمُ الأجوديُّ
تقيٌّ لا يُعابُ ولا يَعيبُ الأنَامَ سميدُعٌ شهمٌ نقيُّ
يَطُولُ وجدُّه المختارُ فخراً ... ولا يُعلَى ووَالدُهُ عليُّ
حكى جَدَّيه مذ كنَّى وسمَّى ... وبيَّنَ مُلْكَه ريٌّ وزيُّ
فذا المنصورُ بالمنصورِ سُمِّي ... لوالدِهِ بكنيته سَميُّ
همُ الشمُّ الأولى سادوا وشَادوا ... فنشرُ فخارِهم عبقٌ ذكيُّ
تليدُهمُ لعافيهم (ثواءٌ) ... وطارفُهم لمن ينتاب فيُّ
همُ خيرُ الأنام بلا مراءٍٍ ... وأفضلُ من بهم تُحدى المطيُّ
تعنعن ملكه (شأوًا) بشأوٍٍ ... وليٌّ أو وَصيٌّ أو نبيُّ
فسلني عن مناقبه بياناً ... فعند (جُهينة) الخبرُ الجليُّ
لهُ فضلٌ تَقَرُّ به الأعادي ... وكفّ بالنَّدى سمحٌ سَخِيُّ
وعلمٌ لو تقسمه البرايا ... لأصبح كلُّ ميت وهو حيُّ
وبأسٌ ضمه كرمٌ تليدٌ ... تُقِرُّ بِهِ [له](5) (عبسٌ) و(طيُّ)
وحِلمٌ لو تعلّمه (ابن قيس) ... لما قاسته (تيمٌ) أو (عديُّ)
وفَهمٌ لو تأمَّله (إياسٌ) (6) ... لآيس أن يقال له: ذكيُّ
وحزمٌ خصَّه (العباسُ) منه ... بأوفَره وعزم (مُوسَويُّ)
وتدبيرٌ أنافَ على (ابن حَربٍ) ... حنيفيٌّ حفيٌّ أحنَفيُّ
__________
(1) هيزري: لم أجدها في القاموس.
(2) لهام: كثير الخير. (المرجع السابق ص1070).
(3) ندس: فَهِمٌ. (المرجع السابق ص533).
(4) أيَدٌ: قوة.
(5) سقط من (ب) وفي مآثر الأبرار: تقوُّله.. الخ.
(6) إياس: لم أجدها، ويبدو أنه اسم رجل ذكي.

وخلُقٌ من رسول الله سبطٌ ... وخَلْقٌ منه معروفٌ بهيُّ
أميرَ المؤمنين فدتك نفسي ... لما هذا النّوالُ (البرمكيُّ)
وكم هذي العزائمُ والسيُّوفُ الـ ... صَّوَارمُ والعواسِلُ(1) والقِسِيُّ
وكم هذي الذَّوابلُ والدُّروعُ الـ ... سَّوابلُ والحميصُ(2) (اليحصبيُّ)
وكم هذي الجواشنُ والخيولُ الـ ... صَّوافنُ منتهاها أعوَجيُّ
وكم هذي المغافرُ والمواضي الـ ... بواترُ والحناجرُ والمُدِيُّ
وكم هذي البوارقُ أعقبتها الـ ... صَّواعقُ ما مُقاوِمُها حجيُّ
وكم هذي الترائكُ قد تلتها الـ ... عواتكُ والشواقصُ والنصيُّ(3)
وكم هذى الصواهلُ جللتها الـ ... قساطلُ إن ذا أمرٌ بهيُّ(4)
وذي السيدانُ بالآسادِ تسعى ... وهذي (العيسُ) رَقَّصها الحَديُّ
وكيف ترى يغاث الطير مهما ... دنا منها الغداة (المصرحيُّ)
فإن يك رأي من فيها عناداً ... فذاك الرَّأيُ مسفوهٌ رديُّ
وإن العدلَ مشرَعُهُ زُلالٌ ... وإن البغيَ مرتعُه (وبيُّ)(5)
(وَرُبَّتما) رعيت(6) لذاك لكن ... ليحمدك المقام الهادويُّ
أزرها (مكة) فلقد تسامت ... إلى مرآك واشتاقت (حَلِيُّ(7))
وجَدَّ (بجُدَّةٍ) للقاك وجدٌ ... وهام بك المقام الأبطحيُّ
وطاب (لطيبةٍٍ) منك اقترابٌ ... وأسْعَفك الجنابُ اليحيَويُّ
ولجت في مجيء منك (لنجا(8)) ... ورَجَّى ذاك (آملُ) و(الغَرِيُّ)
__________
(1) العواسل: عَسَل الرمحُ: اشتد اهتزامه. (القاموس المحيط جزء 95).
(2) الحميص: لم أجدها في القاموس.
(3) عواتك: عتكت القوس: احمرّت قِدَما. (المرجع السابق ص873). والشواقص: الشِّقْصُ بالكسر: السهم.. والفرس الجواد (المرجع السابق ص574). النصي: حقاق الإبل (المرجع السابق ص584).
(4) في (ب): بعضها: ولم، وبعض الأبيات: وكم.
(5) بعده في (ب) ومآثر الأبرار: زيادة البيت الآتي:
أجدك كل ذا من أجل هذا……فلا واهٍ يراك ولا وَنيُّ
(6) في (ب) ومآثر الأبرار: رغبت.

وأذعن ما (وراء النَّهر) طوعاً ... فسرو الحال فيه أسعديُّ
ودونك خذ مفاتيح الدُّنا عن ... تداني ذا وأنت بها حريُّ
وإني قائلٌ بك عن يقينٍ ... وإن ضلَّ الكفورُ الملحديُّ
وإني عارفٌ بصلاح فعلٍ ... وإني عن سواك إذاً بريُّ
وخُذْهَا بنت ليلتها عروساً ... لها من درِّ ألفاظِي حُلِيُّ
لها الأقلامُ أعلامٌ وفكري ... حسامٌ والبُحورُ لها الدويُّ
يُقَصِّرُ عندها الضليل(1) نظماً ... و(همَّام) المجيد (الحنظلي)
وأعيت (جرولاً) وكذا (جريراً) ... ولم ينطق بمشبهها (الرضيُّ)
وأنست بالقريض(2) (أبا نواس) ... ولم يبلغ بلاغتها (الصفيُّ)
فللقلب الترقرقُ والتعفي ... وللبحر التدفقُ والأذيُّ
ودم والوقت زهر فيه زهو ... وعزك أقعَسِيٌّ سَرْمَدِيُّ
ودام لأحمدٍ مني صلاةً ... مدى الأيَّام ما غنَّى الحديُّ
وقد ترجم لهذا السيد صارم الدين أحمد بن عبد الله فقال: هو السيد إبراهيم بن يحيى بن القاسم بن أحمد، كان شاعراً، أديباً، عارفاً، مشاركاً في العلوم، وله أدب وظرف.
قلت: وقفت على إجازة له من الشيخ العلامة نظام الدين إسماعيل بن أحمد بن عطيَّة النجراني في علوم العربيَّة جميعها وغيرها، تدلَّ على جلالة قدره في العلم وسعة مسموعاته، وأمَّا بلاغته فهي شهيرة.
ومن شعره ما نقلته من خطه ولفظه لمَّا وقفت على قصيدة الصنو صارم الدين إبراهيم بن محمد بن الهادي كتبت على ظهر القصيدة(3):
هذا هو السحر الحلال وإنني ... حاوَلت أقرب منه شأواً فابتعد
وأجابني لمَّا دعوتُ شبيهة ... ما الأسدُ يا مسكين أكفأ النقد(4)
فأتيت ساحل بحره مُلتقطاً ... لفاظ(5) ما عنه تعاظم فانتقد
هذا أبوه لسان آل محمدٍ ... لا غرو في صدق المخيلة في الولد
ومن شعره هذه الأبيات:
__________
(1) الظليل: امرؤ القيس الشاعر الجاهلي.
(2) في مآثر الأبرار: في القريض.
(3) في (ب): الكتاب.
(4) غير موزون ولا مفهوم. يراجع.
(5) في (ب): لقاط.

يا من يدوم وتفنى الخلق قاطبة ... وعنده خلقهم والبعث سيان(1)
اغفر ذنوببي وكن عوني وهب أملي ... ورَمَّ(2) حالي وأصلح سيدي شاني
واكتب نجاتي من النيران يوم غدٍ ... واطمس صحيفة إجرامي وعصياني
وكن معيني إذا ما الموت حاضرني ... وابتزَّ ثوب حياتي ثوب أكفاني
وكن أنيسي إذا أودعت مقبرتي ... وصدَّ عني أحبابي وإخواني
وخلَّفوني وحيداً رهن جَندَلَة ... وحشو ثوب ومأكولاً لِدِيدان
وجاءني للسؤال المنكران فما ... عذري وأنت ثبتي ثُمَّ تبياني
وصاح في الصور إسرافيل صيحته ... للبَعث إذ كل قاصٍ عنده داني
فالوَزْن يومئذٍ بالحقِّ تنصُبه ... رجِّح بجودك يا ذا الجود ميزاني
وسيق ناسٌ لجنَّاتٍ مزخرفةٍ ... وسيق ناس لتعذيبٍ بنيران
يا سيدي فاعفُ عني قبل ذاوية(3) ... وقل لرضوان ذا في جمِّ رضواني
وقد تشفع فيه جدُّه ولَهُ ... مقام فضلٍ لدينا عامرُ باني
لا ذخر لي غير ظنِّي فيك تغفر لي ... بجاه خير البرايا سر عدنان
ثم الصلاة عليه والسلام وكل الآ ... ل ما عُدَّ بعد الواحد الثاني(4)
انتهى، وتوفي بصنعاء وقبره على يسار الخارج من باب اليمن، وهو أقرب إلى الباب، وعليه قبَة ولوح، وهو مشهور - رحمه الله تعالى -.
إبراهيم بن يحيى بن صلاح بن أبي الفضائل [ - ]
__________
(1) في (أ): وعنده خلفهم والناس شتان.
(2) معنى قوله: رمّ حالي أي أصله.
(3) في (ب): قبل ذاوية.
(4) بين هذه الأبيات وبين القصيدة الأولى بون شاسع جداً، فلعل هذه من محاولاته الشعرية الأولى.

السيد الأديب، حسنة الأيام، إبراهيم بن يحيى بن صلاح بن محمد بن أبي الفضائل، قال السيد الهادي بن إبراهيم: ولد نجيب، تربَّى في حجر المملكة، ونشأ بها وهو في حكم الملوك، وله نزاهة وشرافة في النفس ونفس توَّاقَّة، متعلق بالعلوم والقراءة والمطالعة والكتب، لا يلوي على غير ذلك، ولم يزل على تلك الصِّفة مع خاله المؤيَّد بالله محمد بن الناصر أيام صنوه المنتصر أحمد بن الناصر، ولمَّا ملك السلطان عامر صنعاء، ونقل الأشراف إلى تعزّ، وكان هذا السيِّد من أعاظم أشرافها بل ملوكها، نقله إلى تعز فتعاورته العلل، وتجرَّع الصّاب)(1) نهلاً بعد عل(2)، فأذن له السلطان عامر بالانتقال إلى (جُبن)(3) فأقام [بها](4) إلى سنة عشرين وتسعمائة، ثم طلع صحبة عامر في تلك السنة إلى صنعاء، فحدث به ألم فاجع أُسْكِتَ به من أول وقوعه، وكان طلع إلى القصر ليتفق بعامر، فعاد إلى بيته عليلاً، ومات عشيَّة يومه ذلك، ودفن بقبَّة خاله السيد المؤيَّد، وقبره مشهور، وعليه لوح فيه شعر حسن، وكلام حسن، ويقال: إن عامر أسقاه السمَّ لما كان يراه من تعظيم أهل صنعاء له، وكان له أبَّهة وجلالة، وسماة ملكية، فلا يمرّ بأحدٍ إلا قبَّل(5) يده، وكبَّره، وعظَّمه، والله أعلم.
__________
(1) الصَّاب بتخفيف الباء: عصارة شجر مُرٍّ (مختار الصحاح ص: 372).
(2) النَّهَلُ: الشرب الأول، والعُلَلُ: الشرب الثاني، يقال: علل بعد نهل (المصدر السابق ص: 683 ، 451).
(3) جُبَن: بضم الجيم وفتح الباء، مدينة من قضاء رداع بالجنوب الغربي منها، سكنها السلاطين بنو طاهر (858 - 933ه = 14454 - 1517م) وبها قبورهم (معجم المقحفي ص: 109).
(4) سقط من (ب).
(5) في (ب): وقَبَّل.

13 / 182
ع
En
A+
A-