فأين حماة الدين من آل أحمد ... وشيعتهم أهل الفضائل والذكر
وأين ليوث الحرب من آل حيدر ... وأبناء قحطان الجحاجحة الغر/172
وأين رجال الصبر من كل عابد ... ومن بطل شهم(1) ومن عالم حبر
وأين ذووا الإفضال والجود والسخا ... طلاباً لوجه الله في السر والجهر
وأين الكرام المنفقون تطوعاً ... لكسب المعالي والمحامد والذكر
ألا بايع في طاعة الله نفسه ... فيذهب بالسبق المكرر والفخر
ألا آخذ من ماله سهم نفسه ... فيحرزه من قبل حادثة الدهر
ألا خائف من نفخة الله راهب ... لنار تلظى بالشرور(2) وبالجمر
ألا راغب في طاعة الله طالب ... جناناً من الياقوت والقصب الدر
ألا بائعاً دار الغرور بجنة ... روائحها تسري وأنهارها تجري
ألا شارياً(3) ملكاً كبيراً ونعمة ... بعيش حقير لا يسوغ ولا يمري
قصوراً وولداناً وحوراً نواعما ... معرضة للبيع بالثمن النزر
فيا معشر الإسلام مالي أراكم ... غفولاً عن الفضل المضاعف والأجر
ألم يأن أن تستيقضوا عن منامكم ... فقد بان جنح الليل عن شفق الفجر
وأن تستجيبوا داعي الله إذ دعا ... فاسمع ذا سمع ومن كان ذا وفر(4)
ألم تسمعوا ما جاء في الكتب وارداً ... عن المصطفى المختار من ولد النظر
كأنكم لم تخبروا عن نبيئكم ... ولم تقرأوا ما جاء في محكم الذكر(5)
ألم تسمعوا ما جاء في الكنز والذي ... تولى فراراً عن وعيد وعن زجر
أمنتم عقاب المذنبين جهالة ... إلى أن حسبتم مثل راعيه(6) البكر
أفي فضله شك أفيه تردد ... فمن شك فيه شك في الشمس والبدر
أليس إمام الحق بين ظهوركم ... ينادي ويدعو بالجهاد وبالنفر(7)
أفي عصرنا قد كان أو هو كائن ... نظير له في العلم والحلم والصبر
__________
(1) في (أ): منهم.
(2) في (ب): بالشرار.
(3) في (ب): ألا شارباً.
(4) في (ب): ذا وقر.
(5) هذا البيت في (ب): متأخر عن الذي يليه.
(6) في (ب): راهبه.
(7) هذا البيت في (ب) تقدم عن الذي قبله.
عكفتم على دنياكم وإمامكم ... يجاهد أرباب الضلالة والكفر
حراصاً على أرواحكم وحطامكم ... شحاحاً وشح النفس من أعظم الوزر
خلى عصبه من آل صعدة صابروا ... على البؤس والضراء في العسر واليسر
لبوث(1) تبارى بالصوارم والقنا ... بحور تطامى باللجين وبالتبر
تواصوا على نصر الإمام وجاهدوا ... على الدين واختاروا الوفاء على الغدر
173/فيهنيهم(2) ما أحرزوا من فضيلة ... ومن شرف يعلو على قمة النسر
فهلا سعيتم سعيهم ونفرتم ... إلى نصره بالمرهفات وبالسمر
أفي الشرع أن يدعوكم وتثاقلوا ... وتستأخروا من غير شغل ولا عذر
أفي الدين أن يصلى الأمور بنفسه ... وحيداً وما منكم معين على أمر
وأن تبخلوا بالمال عنه وقد سخا ... بمهجته والروح أعلى من الوفر
أنيبوا أنيبوا قبل أن تمطر السماء ... عليكم بأنواع المصائب والفقر
وتنتزع الأرواح والمال عنكم ... علانية من غير شكر ولا أجر
بخلتم على الله الكريم بفضله ... عليكم ولم تجزوا بحمد ولا شكر
وآثرتم الدنيا وعاجل نفعها ... على جنة المأوى فيا بيعة الحسر(3)
وأحببتم دنياكم ونساءكم ... على مولاكم فيالك من وزر
كأنكم أرواحكم في حياتكم ... وأرزاقكم من عند أنفسكم تجري
ألا لا ولكن شح نفس نهاكم ... وقد جفت الأقلام بالرزق والعمر
ألم تعلموا كم من صحيح منعم ... أتته المنايا بغتة وهو لا يدري
وكم كادح في ليله ونهاره ... يريد الغنى والفقر في سيره يجري
فهل تائب من ذنبه أو فراجع ... إلى ربه قبل المصير إلى القبر
ومدكر يوم الحساب وهو له ... وموقف عدل في القيامة والحشر
فذو العرش أما تخذلوه يمده ... على عجل بالفتح منه وبالنصر
ولو كان سيف ينصر الدين واحد ... لقمت بسيفي لابساً حلة الصبر
ولو كنت ذا مال لأنفقت فضله ... وصدق فعلي ما تضمنه شعري
فجردت من غمد القوافي صوارماً ... أحد من البيض المهندة البتري
__________
(1) في (أ): ليوث.
(2) في (ب): فهنيهم.
(3) في (أ): الخسر.
ودونكم من فضل قولي مواعظاً ... ومن لم يجد ماء تيمم بالعفر
انتهت هذه الكلمة البليغة لله دره والله يحسن جزاءه عن الإسلام(1).
علي بن محمد بن إبراهيم
الفقيه العارف المجاهد القاضي جمال الدين علي بن محمد بن إبراهيم /174/ الجملولي الهنومي، نسبه إلى هنوم - بكسر الهاء وسكون النون - أحد جبال الأهنوم الثلاثة، ثم السيراني، كان عالماً كبيراً حافظاً لكل طريقة يجري مع الناس على طبقاتهم بما تتحيز به قلوبهم من غير أن يكون عليه وصمة وذلك من عجائبه - رحمه الله - وله تجربة في الأمور كاملة وآراء ثاقبة تجري كلامه مجرى الأمثال، وهو من بيت شهير بالفضل اصلهم من الجملول بهنوم، ثم سكنوا الجهوة (بسيران)، وله تلامذة كثيرون كالقاضي العلامة صفي الإسلام أحمد بن سعد الدين، والقاضي العلامة جمال الدين حفظ الله بن أحمد سهيل وهو كثير الرواية عنه توفي - رحمه الله - ليلة الأربعاء ثالث رجب من عام ثلاث وأربعين وألف بحصن كوكبان شبام كان مقيماً هنالك للقضاء والتدريس بأمر الإمام المؤيد بالله - سلام الله عليه -.
علي بن المحسن بن يحيى(2)
السيد الأمير الكبير المجاهد منصور الألوية مرغم الأعداء جمال الإسلام علي بن المحسن بن يحيى بن يحيى - عليهم السلام - كان طوداً من أطواد العترة الكرام سيداً سرياً علماً جهبذياً، كان يلي ممايليه الأئمة وولي أمر صعده للإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة - عليهم السلام - واستشهد بنجران عند كوكبان أجفل عليه العسكر وتعقب في اخرهم للذب عنهم ثم لم يأت عنه نبأ إنما قال المحقق لقضيته من العسكر رأيته بعد الهرب يقاتل فانتقم بثأره الأمراء رضي الله عليهم وحزن الناس لمقتله وعمت غمته وضبط من كلامه في المعركة رجزاً لم يحضرني عند الرقم وولي بعده صعده الأمير أمير الدين ثم الأمير تاج الدين.
__________
(1) زيادة في (ب): آمين.
(2) هذه الترجمة في (ب) متأخرة بعد ترجمة الدثاني.
علي بن محمد الدثاني
القاضي العلامة(1) الكبير جمال الدين علي بن محمد الدثاني العارف الكبير - رحمه الله - قرأ على والده وأخذ عنه القاضي محمد النهدي الزيدي، وعن النهدي منصور بن محمد الزيدي وتخرج بإسنادهم حديث في فضل صلاة الجماعة رواه في (حدائق الياسمين) واستحسن الإمام صلاح ابن على ذلك الحديث.
علي بن القاضي بن علي المحسن
القاضي العالم المعمر أبو القاسم علي بن القاضي بن(2) علي المحسن بن التنوخي البصري ثم البغداذي صاحب كتاب (الطوالات)، وولده صاحب كتاب (الفرج بعد الشدة)، وغير ذلك، ولد في شعبان سنة خمس وستين وثلاثمائة (بالبصرة)، وسمع لما كمل له خمسة أعوام (من) (3) علي بن محمد بن سعيد الدارر(4) وغيره.
قال الخطيب: كان متحفظاً في الشهادة عند الحكام صدوقاً في الحديث /175/ تقلد قضاء (المدائن) وقرى (ميسين) و(البردان)، قال أبو الفضل بن خيرون: قيل كان رأيه الرفض والاعتزال ، قال شجاع الهذلي: كان يتشيع ويذهب إلى الاعتزال. قال شيخنا شمس الدين - رحمه الله -: كان زيدياً في الإسناد عن المرشد بالله في أوساط رجال الزيدية وكان التشيع دينه ودين أبيه وجده وجده علي بن محمد الأكبر هو صاحب القصيدة المشهورة في الذب عن أهل البيت علهيم السلام مجيباً على ابن المعتز في قصيدته التي أولها:
أبى الله إلاَّ ما ترون فمالكم ... غضاباً على الأقدار يا آل طالب
(فقال القاضي - رحمه الله تعالى -) (5):
من ابن رسول الله وابن وصيه ... إلى مدغل في عقدة الدين ناصبي
نشأ بين طنبور ونرد ومزهر ... وفي حجر شاد أو على صدر ضارب
ومن ظهر سكران إلى بطن قينة ... على شبه في ملكها وشوائب
تعيب علياً خير من وطئ الثرى ... وأكرم سار في الأنام وسارب
وتزري على السبطين سبطي محمد ... فقل في حضيضٍ رام نيل الكواكب
__________
(1) في (ب): العالم.
(2) في (ب): أبي.
(3) سقط من (أ).
(4) في (ب): الراراري.
(5) سقط من (ب).
وتنسب أفعال القرامط كاذباً ... إلى عترة الهادي الكرام الأطائب
إلى معشر لا يسرح الذم بينهم ... ولا تزدري أعراضهم بالمعاتب
إذا ما انتدوا كانوا شموس نديهم ... وإن ركبوا كانوا شموس الركائب
وإن عبسوا يوم الوغاء ضحك الرداء ... وإن ضحكوا أبكو عيون النوائب
وإن يسالوا سحباً(1) بماء أكفهم ... فأحيوا بميت المال ميت المطالب(2)
نشوا بين جبريل وبين محمد ... وبين علي خير ماش وراكب
وصي النبي المصطفى ووصيِّه(3) ... ومشبهه في شيمة وضرائب
ومن قال في يوم الغدير محمد ... وقد خاف من غدر العدا والنواصب
أما أنا أولى منكم بنفوسكم ... فقالوا بلى قول المريب الموارب
فقال لهم من كنت مولاه منكم ... فهذا أخي مولاه بعدي وصاحبي
تطيعوه طراً فهو عندي بمنزل ... كهارون من موسى الكليم(4) المخاطب
وقولا له إن كنت من آل هاشم ... فما كل نجم في السماء بثاقب/176
وإنك إن خوفتنا منك كالذي ... يخوف اسداً بالضباء الربارب
وقلت بنو حرب كسوكم عمايماً ... من الضرب في الهامات حمر الذوائب
صدقت منايانا السيوف وإنما ... تموتون فوق الفرش مثل الكواعب
أبونا القنا والمشرفية أمناً ... وإخواننا جرد المذاكي الشوازب
وما للغواني في الوغاء فتعودوا ... بقرع المثاني عن قراع الكتائب
وقلتم قتلنا عبد شمس فملككم(5) ... لنا سلب هل قاتل غير سالب
فيا عجباً من حارب ضل يدعي ... مواريث خير الناس ملكاً لحارب
هو السلب المغصوب لا تملكونه ... وهل سالب للغصب إلا كغاصب
أأثقال جدينا تحوزون دوننا ... بزعمكم الأنفال يا للعجائب
وهل لطليق شركة مع مهاجر ... فلا تثبوا في الدين وثب المواثب
أخو المرء دون العم يحوي تراثه ... إذا قسم الميراث بين الأقارب
وأولاده في محكم الذكر فاقرأوا(6) ... أحق وأولى من أخيه المناسب
__________
(1) في (أ): سحب.
(2) هذا البيت في (ب): متقدم عن الذي قبله.
(3) في (ب): وصفيه.
(4) في (ب): وصفيه.
(5) في (ب): فملكهم.
(6) في (ب): فارفقوا.
وجئتم مع الأولاد تبغون إرثه ... وأبعد بمحجوب لحاجب حاجب
ويوم حنين قال حزناً فخاره ... ولو كان يدري عدها في المثالب(1)
وما واقف في حومه الحرب حائراً ... وإن كان وسط الصف إلا كهارب
وما شهد الهيجاء من كان حاضراً ... إذا لم يطاعن قرنه ويضارب
فهلا كما لاقى الوصي مصمماً ... تعصب بالهندي كبش العصائب
وقلت أبونا والد لمحمد ... وأنتم بنوه دوننا في المراتب(2)
وأدناهما من كان بالسيف دونه ... يفل شبا سيف العدو المناصب
وشتان من أوى وواسى بنفسه ... ومزدلف يغزوه بين المقانب
أبونا يقيه جاهداً وأبوكم ... يجاهده بالمرهفات القواضب
فنحن بنو عم لنا فوق مالكم ... ونحن بنوه فوقكم في المناسب
وعبت علياً في الحكومة بينه ... وبين بني حرب الطغاة الأسائب
فقد حكم المبعوث يوم قريضة ... ولا عيب في فعل الرسول لعائب
/177/وعبت بعمينا أبانا سفاهة ... وكم لك من عم عن الدين ناكب
وميل عقيل عن(3) علي وطالب ... أبو لهب من جدكم في التقارب
ونحن أسرنا عمنا وأبوكم(4) ... فباتا بليل مكفهر الجوانب
ونحن حقنا بالفداء دماءكم ... فلا تجحدونا حق تلك المواهب
وقلتم أضعتم ثار زيد وكنتم ... كسالي كذبتم لا هدي كل كاذب
أما ثار فيه الطالبي ابن جعفر ... فذكرك ركن الملك من كل جانب
وأمطر في حي(5) وفي أرض فارس ... سحائب موت ما طرات السحائب
إلى ان رمته غازيات دعاتكم ... بسهم اغتيال نافذ النصل صائب
وقلت نهضنا ثائرين شعارنا ... بثارات زيد الحبر عند التجارب
وما ذاك من حب لزيد وآله ... ولكنها تشغيبة من مشاغب
دعوتم(6) إلينا عالمين بأنكم ... مكان الدنايا من ذراً ومناكب
__________
(1) في حاشية (أ) لو قال هنا:
فهلا تقدرتم أحد وخندق
فخرتم بها إذ كنتم في الأحازب
(2) في حاشية (أ): لو قال هنا:
أبو طالب أولى به إن أمهم
لأم أبيه دونكم في التناسب
(3) في (ب): من.
(4) في (ب): وأباكم.
(5) في حاشية (ب): فخ.
(6) في (ب): دعوتكم.
فهلا بإبراهيم كان شعاركم ... فيرجع(1) داعيكم بحلة خانب
بنا نلتم ما نلتم من إمارة ... فلا تظلموا فالظلم مرَّ العواقب
وكم مثل زيد قد أبادت سيوفكم ... بلا سبب غير الظنون الكواذب
اما حمل المنصور من أرض يثرب ... نجوم هدى تجلوا ظلام الغياهب
وقطعتم بالبغي يوم محمد ... قرائن أرحام لنا وأقارب
وجرعتم تحت التراب نبيئكم ... بكاسات ثكل لا تطيب لشارب
وفي أرض باحمراء مصابيح قد ثوت ... منزبة الهامات حمر الترائب
فيا لسيوف فللت بمعامد ... ويا لأسود صدعت بثعالب
وهارونكم أردأ بغير جريرة ... نجوم تقى مثل النجوم الثواقب
ومأمونكم سم الرضى بعد بيعة ... بأوددري شُم الجبال الرواسب(2)
فهل بعد هذا في البقية بيننا ... بني عمنا والصلح رغب لراغب
كذبتم وبيت الله أو تصدر الضبا ... شوارب من إمائكم والشوارب
ولينا فولينا أباكم فخاننا ... وكان بمال الله أول ذاهب/178
وكنا لكم في كل حال مناهلا ... عذاباً إذا يوردن خضر الجوانب
فلما ملكتم كنتم بعد ذلة ... أسود علينا داميات المخالب
فقل لبني العباس عم محمد ... وعم علي صنوه في المناسب
عزيز عليَّ أن تدب عقاربي ... إلى معشر الأدبا(3) دبيب العقارب
ولكن بدأتم فانتصرت فاقصروا ... فليس جناء الذنب مثل المعاقب
وليس سواء سب سيدة النساء ... وسب رماد بالصفا والأخاشب
وقد قال أصحاب النبي محمد ... له قد هجانا مشركو آل غالب
فقال لهم قولوا لهم مثل قولهم ... فما مبتد في الهجو مثل المحارب
فهذا جواب للذي قال مالكم ... غضاباً على الأقدار يا آل طالب
__________
(1) في (ب): يرجع.
(2) في (ب): الرواتب.
(3) في (أ): الأدنا.
انتهت هذه الكلمة وقد طال بها المجرى لأني لم أرها مستكملة إلا في قليل من الكتب مع أن علمائنا لا يتركون الإيماء إليها والذكر لها في مصنفاتهم وتواريخهم وفهمت ان سبب ذلك ما وقع من القاضي من التعرض(1) للعباس وابنه عالم الأمة - رضي الله عنهما - فمقامهما جليل غير أن البداية فيما أحسب اشتملت على شتمه للزهراء، فالجأت القاضي إلى ما قال ولم يقل إلاحقاً، غير أن هذين الرجلين من أعظم الأمة بعد آل محمد صلوات الله عليهم، وقد تعرض لهذا(2) المؤيد بالله في جواب القاضي عامر بن محمد الصباحي - رحمه الله - عن ابن عباس، فإنه ذهب عنه (بصره)(3) وذكر أنه عمي بالبكاء على علي بن بي طالب - رضي الله عنهما - فأعرف هذا، وفي قوله: إن الأخ في الميراث قبل العم، لعله يوافق أصول الحنفية إن المؤاخاة سبب للميراث، وقد صرح الذهبي في حق القاضي علي بن محمد هذا انه حنفي وأن كثيراً من الأصحاب يتستر بالتحنف في بلاد الأعداء وغشمة السلاطين، إلا أن المطلوب هنا ذكر علي بن المحسن حفيده - رحمه الله -.
__________
(1) في (ب): التعريض.
(2) زيادة في (ب): الإمام.
(3) سقط من (ب).
علي بن المرتضى بن المفضل
السيد الإمام العالم الكبير الرباني الفاضل المعروف بمؤمن الهادي - عليه السلام - جمال الدين علي بن المرتضى بن المفضل - رحمهم الله - (تعالى)(1)، قال السيد جمال الدين الهادي بن إبراهيم - رحمه الله - في حقه وأوصافه الجميلة كثيرة، ومحاسنه النبيلة شهيرة، ومحامده الجليلة منيرة، وجلالته(2) الرائقة ظهيرة /178/ ومناقبه الشاهرة السائرة أثيرة، وأنا أذكر جملاً من فضله وورعه وعبادته ومعرفته وزهادته وظرائف أخباره وشرائف آثاره، أما فضله فالمقصود بالفضل على إحدى تفسيريه المحافظة على الواجبات والرغبة في اكتساب الصالحات والمنافسة في الأمور الزاكيات، وقد كان - رحمه الله - بالغاً في هذه الأمور إلى أقصى نهاياتها وأبعد مساعيها وغاياتها وهذه جملة يأتي تفصيلها إن شاء الله، كان - رحمه الله - بصيرته(3) وسطاً لم يكن له ما كان لأخيه محمد المرتضى من العلم، وذلك بسبب أن حي والده المرتضى بن المفضل (- رحمه الله -)(4) تألم وطال ألمه قدر سبع سنين فاحتاج إلى الوقف مع والده لافتقاده (وصلاح)(5) شانه وكان أكثر أولاده براً به وملازمة له ثم لما توفي والده أراد الارتحال لطلب العلم كما كان سلفه، وقد ترك والده أخوات له مساكين لا إحسان لهن في شيء، فأمسكن بأهدابه وجذبن بثيابه وقلن لا سبيل إلى ذلك فرق لهن وعطفته عواطف الرحم فقرأ مع الاشتغال بهن قراءة متوسطة قرأ في العربية على حي الفقيه العالم العلامة جمال الإسلام علي بن أحمد سلامة(6) ولازمه واستفاد منه، وقال رحمة الله عليه: قرات على الفقيه الفاضل العالم شرف الدين حسن بن علي الآنسي في الفقه، وكان فقيهاً حافظاً متقناً ثم أنه - رحمه الله - أقبل على (العبادة)(7) ومطالعه الكتب المفيدة وتلاوة كتاب الله ليلاً ونهاراً،
__________
(1) سقط من (ب).
(2) زيادة في (ب): الفائقة.
(3) كذا في (أ) و (ب).
(4) سقط من (ب).
(5) في (ب): ولإصلاح.
(6) في (ب): بن سلامة.
(7) في (ب): القراءة.
وكان جامعاً بين أنواع العبادة والصلاة والصيام وسائر أنواع الخير، وكان كثير المطالعة والرغبة في العلم والتقاط (الفوائد)(1) حافظاً لما ينقله ويطالعه مبرزاً في أحوال أهل البيت - عليهم السلام - المتقدمين والمتؤخرين يحكي سيرتهم على ظهر الغيب ويحفظها، وكذلك كانت له مهارة في معرفة المخالفين والفرق الضالة واستظهار كلي على أخبار الصحابة وقصص أحوالهم ومقالات الأئمة فيهم، ومن رأيه التوقف ومَن رأيه غير ذلك، وكان نقالا لأخبار صفين ومن خرج على أمير المؤمنين كطلحة والزبير والخوارج باستيفاء واطلاع كأنما (كان)(2) يشاهد(3)، شديد الغضب في حق علي - عليه السلام - قد نقل الدلالات على إمامته وجوابات المخالفين فيها وله يد حسنة في علم الكلام وتحقيق لأصوله، وشيخه فيه السيد /180/ العلامة محمد بن يحيى القاسمي، وسمع جملاً من كتب أهل البيت - عليهم السلام - وكان له في تفسير القرآن وفي أسباب النزول يد قوية، جيدة واطلاع كلي، وكان تفسير الناصر الديلمي لا يفارقه وأسباب النزول للواحدي (وكثير)(4) من كتب المتقدمين والمتأخرين، وكان في حكم الناقل لكتاب السيد العلامة حميدان بن يحيى القاسمي، من ولد جعفر بن القاسم بن علي العياني، ممن عاصر(5) الإمام المهدي لدين الله أحمد بن الحسين - عليه السلام - وكان علامة في الكلام مطلعاً على أقوال(6) الناس وحكاية مذهبهم.
__________
(1) في (ب): الفرائد.
(2) سقطت من (ب).
(3) في (ب): شاهد.
(4) سقط من (ب).
(5) زيادة في (ب): حي.
(6) في (ب): أهله ومتبحراً في ذلك ومتقناً غاية الإتقان، وكتابه هذا المجموع المشتمل على أقوال الناس، وحكاية مذاهبهم تدل على ذلك. قلت: