تعرض لي بما لا يليق لمثله مع وده وعلمه وفضله حتى نسبني إلى مخالفة أهل البيت الكرام عليهم أفضل الصلاة والسلام في الأصول والفروع والمعقول والمسموع بغير حياء من الله ولا مراقبة ولا مبالاة، عظم موقع هذا في صدري وكبر محله على صبري حتى تجاسر وهو الأفضل الأعلم على الرجم بما لا يدري، والهجوم بمالا يعلم، وعهدي به متورع(1) غير حشاف ولا متهور:
ولم أعهده إمَّعه غويا ... بظن الحج يلزم من جمادي
ويحسب أنه يحسو سويقاً ... إذا ما مات بالماء الرماد
ويجني كفه عنباً وتمراً ... إذا غرس الشكاعا والعراد
فحسبت أنه قد صار ممن لا ينتفع في دوائه(2) بشيء، وقلت: آخر الدواء الكي.
ولا خير في حلم إذا لم يكن له ... بوادر تحمي صفوه أن يكدرا
/157/ فكتبت كتابي الصادر إلى سيدي أيده الله على حين امتلأ من الغيظ والحنق وانزعاج من البهتان وقلق، ثم بعد ذلك راجعني ذكر الموت الذي تموت بذكره الأحقاد وتبرد بالتفكر فيه لواهب الأكباد، فعن قريب وقد أنسانا هول المطلع عن هذه الترهات وألهانا عظيم الفزع عن هذه المقالات وبليت الأجساد بالقبور وانسلت الأحقاد من الصدور وتذكرت أبياتاً لي كنت قلتها في مثل ذلك وهي:
أعاذل دعني أرى مهجتي ... أذوق الممات وكيس الكفن
وأدفن نفسي قبل الممات ... في البيت أو في كهوف (القنن)
فإن كنت مقتدياً بالحسين ... فلي قدوة بأخيه الحسن
ثم انقطع الكتاب المذكور، وقد طال الكلام بذكره غير أنه لم يخل من علم وينسب إلى السيد علي بن محمد بن ابي القاسم شيء من الشعر، من ذلك القصيدة التي طالعها:
عذيري من دهر تخلق بالنكث ... وهي دائرة سائرة في الناس
فأجابه الفقيه العالم الحسن بن علي بن صالح العِدوي - بكسر العين - وقد مرت ترجمته:
صدقت بما تشكو من الحزن والبث ... كما طبت في أصل وفرع وفي بعث
وفي الحرب أمر جاء عن جدك الرضى ... ولولاه لم يسأل سؤالاً أخو بحث
__________
(1) في (ب): متورع متوقرٌ.
(2) في (أ): ممن لا ينتفع دواء له.
(1)وإن ضاقت الدنيا عليكم فجدكم ... مطلق دنيا مدانية على الحنث
فكم أسد طاو صبور على الطوى ... وكلب بطين لا يزال أخا لهث
وهي كثيرة، ورثاه العلامة الشامي بقصيدة طالعها:
خطب تكاد له الأفلاك تنفطر ... والشمس تنقض والأملاك تنتثر
والأرض ترجف لما مات عالمها ... يكاد يسطو عليها بعده القدر
(2)ولَّى عليٌّ وخلا في العلا خلفاً ... مثل النجوم هوى من بينها القمر
(3)مثل السحاب يخاف الخلق صعقته ... ويرتجي غيثه الأشجار والثمر
ومنها:
يروي (جميع)(4) أحاديث النبي ولم ... يروي الجميع أبو بكر ولا عمر
ويكشف اللبس عن معنى الكتاب ولم ... يقدر على فهمه الألباب والفكر
/158/من للكتاب محل بعد غيبته ... وللأحاديث في الدنيا فينتظر
وللأصولين من ينهى أدلتها ... عند الضرورة حتى يصدق النظر
ومن لعلم المعاني والبيان ومن ... على معاني لطيف النحو يقتدر
أمَّن يرد الفروع الغامضات إلى ... علم الأصول ويحصيها فتنحصر
قد حازها منه صدر كالخضم له ... موج على شبه الفجار ينفجر
والعلم كالروح للأحياء فإن عدمت ... لم يبق إلا شخوص الناس والصور
لئن بكوه بأكباد مقطعة ... وأعين دمعها ما زال ينحدر
وأنزفوا الدمع واستكت مسامعهم ... حتى يكاد يزول السمع والبصر
فليستعيروا دموعاً للنواظر من ... سحابة من لدنها الماء ينهمر
وليجعلن بكاهم والدموع على ... دين الإله إلى ان ينقضي العمر
فقد تضعضع دين الله وانهدمت ... أركانه وعفى من رسمه الأثر
وليس في الناس من يحيى معالمه ... إلا رجال بني الزهراء وإن قهروا
فهم أجل بني الدنيا وأفضلهم ... بذاك قد نطق القرآن والخبر
بنوا على العدل والتوحيد مذهبهم ... ونزهوا الله عما يفعل البشر
والأرض أكثر من فيها مقالتهم ... أن القبيح قضاء الله والقدر
وكل فعل فإن الله خالقه ... في العالمين ومنه النفع والضرر
__________
(1) في (ب): ومنها.
(2) في (ب): ومنها.
(3) في (ب): ومنها.
(4) سقط من (ب).
أما الأصول فأهل الحشو ما فهموا ... معناه لكنها ما تفهم البقر
لولاه ما عرف الباري (ولا)(1) عرفت ... آياته أنها منه ولا السور
وفرقة نفت الباري وبعضهم ... نفاه(2) جهلاً فلم يبقوا ولم يذروا
لولا أئمة أهل البيت تدفعهم ... لكان أكثر هذا الخلق قد كفروا
كمثل زيد ويحيى بن الحسين ومن ... آل النبي مصابيح قد اشتهروا
ولم يزل قائم منهم (على)(3) خطر ... بالحق ملتزم بالله منتصر
يحيى الجهاد ويستدعي العباد إلى ... فعل الرشاد كما جاءت به النذر
/159/ ودين جدهم المختار دينهم ... بذا تواترت الأخبار والسير
وأكثر الناس إيماناً لهم سلف ... فكيف يخفى عليهم وهو منتشر
خلائف الله من بعد النبي كما ... كان الخليفة موسى قبل والخضر
فالحق أولئك إن الدين دينهم ... لا دين من هو بالتقليد يعتذر
فهذه نفثه من صدر محترق ... تكاد تصعد من أحشائه الشرر
كيف المنام وأرض الله مظلمة ... من بعد أبلج يستسقى به المطر
بحر جواهره تبدو ولجته ... فيها لسائله الياقوت والدرر
لولا له فتية من نفس جوهره ... ما أورقت بعده من فقده الشجر
زاكي الطريقة في قول وفي عمل ... عذب الخليقة ما في صفوه كدر
وكم له من تصانيف محكمة ... تكل عن مثلها الأفكار والفكر
أفي المحرم أمر الله صادفه ... ليت المحرم يمحو رسمه صفر
لا أشرقت شمس مجد بعد غرته ... ولا استدل بها قلب ولا نظر
ورثاه السيد العلامة أحمد الأزرقي بمرثاة سبقت في ترجمة الأزرقي وصنوه السيد العلامة الرئيس يحيى بن محمد بن أبي القاسم، قال ابن فند: كان رئيساً ذا همة ولاه الإمام علي بن محمد ظفار وذكره غير ابن فند، والله أعلم، توفي بظفار سنة أربع وستين وسبعمائة، وقبره في (الطقة رأس العقبة) (- رحمه الله تعالى -) (4).
__________
(1) في (ب): وما.
(2) في (ب): ثناه، وفي (أ): فراغ.
(3) في (ب): له.
(4) سقط من (ب).
علي بن محمد الصوفي
السيد السند الشريف الطاهر الزكي جمال الإسلام علي بن محمد الصوفي - رحمه الله تعالى - كان مجتهداً ديِّناً أديباً وكان أخاً ليحيى بن عمر الشهيد الحسيني - رحمه الله تعالى - من أمه ولما قتل يحيى أنفذه المستعين إلى أهل الكوفة يخبرهم بقتل أخيه المذكور فصدقوه بعد أن كانوا يقولون في يحيى ما قتل ولا فر ولكنه دخل البر وأضر علي بن محمد في آخر عمره ويحيى بن عمر المذكور هو الداعي في الكوفة الخارج فيها في شهر (فراغ) من عام (فراغ) في أيام (فراغ) العباسي، ووجهه لقتاله /160/ محمد بن طاهر فقتله وقصته مشهورة، وهذا السيد الإمام يحيى بن عمر ما ناح الخاصة والعامة على أحد مثله وجاهرت الموالي بمدحه وترثيته ولم يبالوا بساداتهم بني العباس وكان خروجه والهادي إلى الحق يحيى بن الحسين - عليه السلام - في الحجاز إلا أنهم ذكروا أنه انتقل علم يحيى بن عمر(1) إليه، قال التنوخي في نشوات المحاضرة قال الصولي: حدثني عبد الله بن عبد الله بن طاهر قال: لما عاد محمد أخي من مقتل يحيى بن عمر العلوي بعد مديدة دخلت عليه يوماً سحراً وهو كئيب مطاطئ لرأسه في أمر عظيم كأنه قد عرض على السيف وبعض إخوته (حوليه) (2) قيام ما يتجاسرون على مسألته، وأخته واقفة فلم أتجاسر على خطابه وأومأت إليها(3) فقالت رأى رؤياً هالته فتقدمت إليه وقلت أيها الأمير روي عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - انه قال: (إذا رأى أحدكم في منامه ما يكره فليتحول على جانبه الآخر وليستغفر الله عز وجل ويلعن إبليس ويستعيذ بالله منه ولينم)، قال: فرفع راسه إلي وقال: كيف إذا كانت الطامة من جهة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقلت: أعوذ بالله. فقال: ألست ذاكر رؤيا طاهر بن الحسين. قلت: بلى، قال عبد الله: وكان طاهر ضعيف(4) الحال قد رأى النبي - صلى الله
__________
(1) زيادة في (ب): - عليه السلام -.
(2) في (ب): حوله.
(3) في (ب): إليها ماله. فقالت.
(4) في (ب): وهو.
عليه وآله وسلم - في منامه فقال: يا طاهر إنك ستبلغ من الدنيا أمراً عظيماً فاتق الله واحفظني في ولدي فإنك لا تزال محفوظاً ما حفظتني، فما تعرض طاهر قط لقتال علوي وندب إلى ذلك غير (وقعه)(1) فامتنع منه، (ثم قال) (2) لي أخي محمد بن عبد الله إني رايت البارحة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في منامي كأنه يقول لي: يا محمد نكثتم فانتبهت فزعاً وتحولت واستغفرت الله عز وجل واستعذت من إبليس ولعنته ونمت فرايته - صلى الله عليه وآله وسلم - الثانية وهو يقول: يا محمد نكثتم، ففعلت كما فعلت ونمت، فرأيته - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو يقول لي: (3) نكثتم وقتلتم أولادي والله لا تفلحون بعدها أبداً، وانتبهت وأنا على هذه الصورة من نصف الليل ما نمت واندفع يبكي فما مضت على ذلك مديدة حتى مات محمد ونكبنا بأسرنا أقبح نكبة وصرفنا عن ولايتنا ولم /161/ يزل أمرنا يحمل حتى لم يبق لنا اسم على منبر ولا علم ولا في جيش ولا إمارةوحصلنا تحت المحن إلى الآن، انتهى.
علي بن محمد بن علي بن سليمان
السيد العلامة ترجمان علوم العترة وإنسان عيون أشرف أسرة أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن سليمان بن القاسم بن إبراهيم الرسي - عليهم السلام - هكذا ذكر نسبه الشيخ المحقق أحمد بن محمد بن الحسن الرصاص المعروف بالحفيد في كتابه (مقدمة المنهاج)، وله كتاب (الكافي) ينقل عنه الأمير الحسين في (التقرير) قال الفقيه محمد بن أحمد بن مظفر هو على فقه القاسم والهادي - عليهما السلام - جميعاً، وله كتاب (التفسير) كتاب عظيم المقدار وهذا السيد قد يعرف بالمفسر - رحمه الله تعالى -.
__________
(1) في (ب): دفعه.
(2) في (ب): قال ثم قال.
(3) في (ب) زيادة: يا محمد.
علي بن محمد بن علي بن المؤيد
السيد العلامة الكبير الفاضل جمال الإسلام علي بن محمد بن علي بن المؤيد بن جبريل - عليهم السلام - أحد علماء العترة وعين من أعيان تلك الأسرة - رضي الله عنه - وله المقالة في الوقف عندما أطلقه يحيى - عليه السلام - أن الوقف يعود للواقف وقفاً أو وارثه بزوال مصرفه او وارثه او شرطه أو وقته، فاتفق المتأخرون على أن مراد يحيى - عليه السلام - فيما ينتقل بالإرث(1) لا فيما ينتقل بالوقف فلا يعتبر في عودة لمن ذكر إلا بزوال المصرف دون وارثه واستمر على هذا الحكام، وقال الإمام شرف الدين: لا فرق وهو إطلاق المتقدمين من أهل المذهب قال بعض شيوخنا وهو ظاهر الأزهار؛ لأن عبارته تشتمل النوعين، وأيد هذا القول السيد علي بن محمد هذا والقاضي يحيى بن محمد بن موسى الدواري، وهو مقتضى كلام القاضي عبد الله الدواري (- رحمه الله -)(2).
__________
(1) زيادة في (ب): فقط.
(2) سقط من (ب).
قلت: والعراقيون قد رووا ليحيى - عليه السلام - وقرروه لأنفسهم أنه يكون للمصالح، ذكره ابو الرضى، والفقيه أبو منصور، وجمال الدين، وذكره الأستاذ أبو يوسف، والشيخ أبو ثابت، والفقيه شهراشويه، والشيخ الحافظ، والناصر للحق، والشيخ أبو جعفر، والمؤيد بالله، وأبو طالب، وابو الفضل الناصر، والناصر الرضى، وأبو طالب /162/ الصغير، وشهردوير بن علي، والصيرفي ونور الدين بن مهدي بن طالب، وعلي بن أموج، والفخي صاحب التعليق، ورووه عن القاسم والهادي قالوا: وهو إجماع سائر العترة وهكذا(1) مذهب الفقهاء - أيضاً - واختلف أصحابنا هل يكون رجوعه إلى المصالح (وقفاً أو ملكاً وهل يختلف حكم العلة والأصل فالأستاذ قال: يرجع إلىالمصالح)(2) ملكاً على معنى انه يجوز تسليمها إلى الفقير(3) ويملك الفقراء عينها ويبيعونها وأفتى (بذلك أكثرهم مثل شهراشويه) (4) والفقيه أبو علي والفقيه كوركة وبهاء الدين يوسف وقال الشيخ نعمة في (شرح الإبانة) يكون للمصالح وقفاً قال أحمد الكوكبي: ما ذكره الشيخ نعمه هو الفتوى عندي دون ما ذكره الأستاذ وروي عن الفقيه أبي علي أنه قال: (لا)(5) يكون الغلة ملكاً والأصل وقفاً وقرر الشيخ أبو ثابت وأولاده كلام الأستاذ.
__________
(1) في (ب): وكذا.
(2) سقط من (ب).
(3) في (ب): الفقراء.
(4) في (ب): بذلك اشهراشو.
(5) سقط من (ب).
علي بن محمد:
الشريف العالم الرئيس جمال الإسلام علي بن محمد بن عبيد الله بن عبد الله بن(1) الحسن بن عبد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب - عليهم السلام - قال السيد العلامة محمد بن عبد الله بن الوزير هو مصنف سيرة الهادي - عليه السلام -(2). قال بعض المؤرخين: كان الهادي(3) - عليه السلام - استخلفه على القضاء بنجران، واستخلفه الناصر للحق على عر(و وهي) (4) مدينة الدعام وبنيه، وبها مملكته ومملكة أولاده(5) قريبة من جوف أرحب وتسمى اليوم سوق دعام، وعلى هذا هو أخو القاسم وأبوهما أحد ثقات الهادي - عليه السلام - قتل بنجران في قضية (متنحية)(6) شبيهة بيوم الطف، وثاربه الهادي - عليه السلام - فأوقع ببني الحارث ومن ظاهرهم قضية هائلة. ومن عقب السيد علي: هذا السادة الذين ينزلون بنواحي صنعاء وشبام والبون والرحبة، قال السيد محمد بن عبد الله: وفي ذمار ونواحيها.
قلت: هكذا ذكروا بنواحي صنعاء وشبام إلى آخره، والمشهور بجهة صنعاء آل المطاع، ومنهم الشريف زيد بن المطاع قاضي المنظر وهو الروضة من أعمال صنعاء والعلويون بالمأخذ والضلع وبني عفيف وحيفة ثلا هؤلاء منسوبون إلى علي ولعلهم من ولد هذا، وكنت ظفرت بنسبهم الشريف وهو مكتوب ولم يحضرني عند الرقم ويقال: إن من(7) حيفه /163/ ثلا (و)(8) الشيخ أحمد بن علوان المشهور باليمن والسيد علي بن أبي جعفر المدفون (بخيوان) الذي أصيب بنجران وحمل وقد أريث وقال فيه الهادي - عليه السلام -:
قبر بخيوان حوى ماجداً ... منتخب الآباء عباسي
من يطعن الطعنة خوارة ... كأنها طعنة جساس
__________
(1) في (ب) زيادة: عبدالله بن.
(2) وهو معروف من تصريحه في السيرة. وفي سيرة الهادي - عليه السلام - ما يدل على أنه أصحابه ومعه.
(3) في (ب) زيادة: إلى الحق.
(4) فراغ في (ب).
(5) وسيأتي ترجمته إن شاء الله في المحمدتين.
(6) فراغ في (ب).
(7) في (ب): أهل.
(8) سقط من (ب).
(1) قبر علي بن أبي جعفر ... من هاشم كالجبل الراسي
لعله غير هذا لأن هذا ذكر في ترجمته أنه تولى للناصر للحق - عليه السلام -.
علي بن محمد بن العفيف
السيد العلامة علي بن محمد بن العفيف - رحمه الله تعالى - كان عالماً فاضلاً ديناً ورعاً، سكن شعبان من بلاد الحدب(2) من حضور لمأرب وأموال جليل قدرها ومكاسب.
قال السيد شمس الدين وهو مصنف (السراج الوقاد في فضائل الجهاد) كتاب جليل في فضائل جهادالنفس وجهاد البغاة فأحسن وحث فيه على الجهاد مع الإمام المنصور بالله الحسن بن محمد، وذكره الإمام بما هو أهله من الثناء الحسن والوصف الجميل، وقد ذكره الإمام - عليه السلام - في قصيدته التي ذكر فيها من أسرع إلى إجابة دعوته والإهراع إلى نصرته فقال:
ومثل(3) العفيف أخي علي ... وحسبك عند معضلة عليٌ
عفيف الدين خيرة آل طه ... وربائبهم والسمهري
وظفرت بمصنفه المذكور ولم يكن أحد من الأهل - رحمهم الله تعالى - وقف عليه فيما يغلب على ظني؛ لأنهم لم يذكروه مع حرصهم على مثل ذلك، وله شعر يدل على تقدمه في البلاغة، ومن شعره ما حكاه - رحمه الله - في كتابه المذكور ولفظه: وقد قلت في بعض المجاهدين بين يدي أمير المؤمنين حامي ثغور المسلمين المهدي لدين الله رب العالمين - عليه السلام - من جملة أبيات:
فكم من شهيد قد تولى كأنما ... خضبن بماء الأرجوان ثيابه
فأودى كريماً ثم أمسى بمنزل ... حجارته در ومسك ترابه
فما ضره إن كان أحمد جاره ... غدا والقصور المشرفات مآبه
كفى شرفاً أن الجنان مقيله ... وأن كؤوس السلسبيل شرابه
/164 وحور كامثال اللآلي مضيئة ... هو ابن كريماً ليس يبلا شبابه
يُنبِّئنا الرحمن في ذاك معلناً ... وينطق بالبشرى إلينا كتابه
فرحمة رب العالمين تزوره ... وروح وريحان عليه حجابه
وجاد ثراه كل يوم وليلة ... من المزن غيداق تدر ربابه
__________
(1) في (ب): ومنها.
(2) فراغ في (ب).
(3) في (ب): ابن (زيادة).
انتهى لفظه، وهو يعني بالمهدي أحمد بن الحسين صلوات الله على روحه المقدسة، وهو يدل على أنه قد كان في زمن الإمام جليلاً قدره ظاهراً فضله وعلمه - رحمه الله - (تعالى)(1) ورضوانه عليه.
قال سيدي جمال الدين الهادي الكبير: وفي آخر الكتاب المذكور بخطه - رحمه الله - ما لفظه وافق الفراغ من تأليفه في شهر جمادي سنة ثمان وخمسين وستمائة بمحروس المصنعة بحجة، انتهت الزيادة.
قلت: وفي الكلام ما يدل على أن سلف السيد شمس الدين لم يذكروا الكتاب وهذا السيد الهادي الكبير ذكره فلعل في الأم المكتوب منها(2) شيء والله أعلم.
السيد عواض الله
السيد العلامة جمال الدين علي بن محمد الملقب بعواض - رحمه الله تعالى - كان سيداً كاملاً نبيلاً عالماً فقيهاً شيخاً في الفروع الفقهية لا يجارى، وأما في الفرائض فكان وحيداً قراءته بصعدة وشيخه احمد بن حابس فيها، وكان النهاية في ذلك، وهو شيخ الشيخ إسماعيل بن أحمد في الفرائض، وكان الشيخ إسماعيل فرداً في زمانه في ذلك، وأما العربية فقرأ فيها أبلغ قراءة وطلب أشد طلب وما فتح عليه بطائل.
قال المتوكل على الله المطهر بن محمد أنه كان يشاهده في مسجد الجاوي ومسجد الأحدم يقطع الليل كله درساً وأعاده أيام قراءته في العربية ولم يحظ فيها بمعرفة جيدة مع هذا الجهد الكلي والعلوم منح إلهية ومواهب اختصاصية، وقد حصل في العربية بعض تحصيل وقرأ(3) في كتبها، ذكر هذا السيد شمس الدين في تاريخ أهله.
علي بن محمد بن باقي
السيد العلامة الكامل علي بن محمد بن باقي - رحمه الله، ضبطه الأهدل بالباء الموحدة والقاف - وتكرر ذكره في (تاريخ السادة)، وذكره الأهدل في علماء صعده المحروسة.
__________
(1) سقط من (ب).
(2) في (ب): عنها.
(3) في (ب): وأقرأ.