علي بن حميد بن أحمد
العلامة المحدث الشيخ الأجل علي بن حميد بن أحمد بن علي بن أحمد بن جعفر بن الحسن بن يحيى بن إبراهيم وإبراهيم هذا هو المعروف بالأنف بن أحمد بن الوليد بن أحمد بن محمد بن عاصم بن الوليد بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي العبشمي - رضي الله عنه - هو علامة وقته وخالص المودة لأهل بيت نبيئه على(1) منهاج محمد بن أحمد بن الوليد شيخ الإسلام وحافظ الزيدية في كل طرائقه وطرائق محمد بن الوليد هي المثلا وخصاله بلا ريب هي الفضلاء، وقد سبقت ترجمة حميد والد علي هذا وحكينا الخلاف، هل هو أخ لمحمد بن أحمد أو حميد اسم آخر، وهو الأظهر، وكان علي هذا فاضلاً كاملاً مشرفاً على علوم آل محمد، والعجب من أهل هذا البيت المبارك كيف صدقوا في ولاية آل محمد صلوات الله عليه وعليهم وبلغوا في الشفقة عليهم والرأفة بهم مبلغاً ما بلغه غيرهم مع كون سلفهم في الطرف الاخر، فلسان حالهم(2) كما قال بعض الموالين للعترة من بني أميَّه:
يا بني هاشم بن عبد مناف ... إنني منكم بكل مكان
ولئن كنت من أمية إني ... لبريء منها إلى الرحمن
__________
(1) زيادة في (ب): كان.
(2) زيادة في (ب): يقول.
ومن مصنفات علي بن حميد (شمس الأخبار)، وهو كتاب كاسمه، وهو خميص بطين ينتفع به الفقيه والزاهد وطبقات الراغبين في الخير مع جودة اختصار ونجابة في الأمهات، ولما فرغ من أربعة كراريس منه حملها إلى الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة - عليه السلام - فسر بها سروراً عظيماً وتهلل وجهه فرحاً، ثم تبسَّم ورفع رأسه إلى والد علي الشيخ محي الدين، ثم قال: هذا مصنف (منفرد)(1)، ثم التفت إلى علي وقال: له: اجعل نوبك(2) من معاونتنا أن تطلب لنا من ينسخ لنا هذا الكتاب، ثم أمر لي بالورق والأجرة، ثم قال: تؤثر نساخته على سائر النساخات، فأجبته إلى ما سأل وكانت نسخته - عليه السلام - أول نسخة لهذا الكتاب، ثم قال لي - عليه السلام - بعد ذلك: قد صار معك (ما يكفي من الأخبار)(3)، وفوق الكفاية، فازدد من علم أصول الدين واقرأ في كتب أصول الفقه من غير شيخ تقرأ عليه، فإن أصول الفقه معان قريبة المتناول، هذا كلامه بلفظه، واتفق في أثناء هذا التأليف انكسار خاطر هذا الفاضل واشتغال باله بالحادث الذي عم غمّة المسلمين وهو قتل الغز أخزاهم الله للأمير مجد الدين، قال الشيخ علي ما لفظه: هذا آخر شمس الأخبار، قضيت فيه جميع الأوطار، بأحاديث نبوية أنوار، في الترغيب والإنذار لمن يصدق ويخاف عذاب النار، ويلتمس رضاء الله العزيز الغفار، والحمد لله على ما أعان في /102/ الابتداء والتمام وصلى الله على سيدنا ونبيئه محمد خير الأنام(4) وعلى المطهرين من آله الكرام وعلى الصحابة والتابعين مدى الأيام، صلاة لمحمد خاصة ولأولياء الله بالإعمام، ?إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاَغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ?[الأنبياء:106] ?إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ?[ق:37]، ولا حول ولا قوة إلا
__________
(1) في (ب): متقن.
(2) في (ب): نوبتك.
(3) في (ب): من الأخبار ما يكفي.
(4) في (ب): وصلى الله على نبيه خير الأنام.
بالله العلي العظيم، وأستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه وهو التواب الرحيم، كان الابتداء من(1) تأليف هذا الكتاب في شهر الحجة أُخر شهور سنة ست وستمائة سنة ووافق الفراغ من مسودته غير مرتبة وقصاصة تلك المسودة وتبويب أحاديثها في مسودات آخر - أيضاً - وإلحاق كل حديث ببابه وبموضعه، إما في أول الباب أو وسطه آو آخره حسبما اقتضاه النظر والتمكن، ثم نساختها على ذلك ثابتاً إلى النسخ المرتبة، كان ذلك ليلة الجمعة المسفر عنها اليوم الرابع عشر (والثالث) (2) عشر من شهر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - شعبان من شهور سنة ثمان وستمائة، وفي هذا اليوم المذكور خرج مولانا أمير المؤمنين إلى شظب وبلاد قحطان وحجور فما رجع حتى فتح الله على يديه والحمد لله رب العالمين، ولعل قائلاً يقول: ما هذه المدة الطويلة في ذلك، ويجاب بأنه كان يتخلل في هذه المدة (سفر وتبطيل)(3) للعناية في ذلك بسبب التحيّر والتنقل من شر الغز أعداء الله وأعداء أمير المؤمنين عبد الله بن حمزة - عليه السلام - زاده الله نصراً وتمكيناً، وهو - عليه السلام - أقام قواعد الدين وأحيى مآثر الأنبياء والمرسلين، وكان مما أنعم الله به وعلى يديه - عليه السلام - إن من أسباب حصول هذا التصنيف سعايته وعنايته بإقامة المدرسة المنصورية بحوث، جزاه الله عن الإسلام خيراً، وصل الله على محمد وآله (وسلم)(4)، و- أيضاً - كان طول المدة في هذا التصنيف لأني انفردت بالعناية(5) في ذلك وحدي بغير معين من المخلوقين و- أيضاً - فلو تدبر من يقف على هذا المجموع من له بصيرة وتجربة في أمثال ذلك لعرف أن هذه(6) قليلة في جنب ما يحاول من العناية في هذا الكتاب حالاً بعد حال حتى أن بعض الأخوان
__________
(1) في (ب): بتأليف.
(2) في (ب): أو الثالث.
(3) في (ب): سفير وتبطل.
(4) في (ب): وصلى الله على نبيه خير الأنام.
(5) زيادة في (ب): فيه.
(6) زيادة في (ب): المدة.
أيدهم(1) لما نظر إلى مسودة هذا الكتاب قبل ترتيب أحاديثها قال لي: إنك تحتاج في ترتيبها لبث سنين، وإنما قال ذلك لما رأى تلك الأحاديث متداخلة مشتبكة غير متميز فن منها عن فن، فمن الله عز وجل وأعانني وحصل نقلها مرتبة في شهرين عوضاً عن السنتين فالحمد لله رب العالمين، و- أيضاً - فكان مما أبطاني عن تمام هذا الكتاب أن فقدت كمال عقلي مدة أيام في وقت معظم الحاجة إلى إنشراح الخاطر وذلك في حالة الترتيب، فأمسكت في ذلك وكيف لا أمسك وقد استرخت مفاصلي وحصل معي الوهى واقتباس(2) الأبناء فلا أهتدي للوجه المقتضي للنظم والاتصال، وكان ذلك عند وصول العلم (بنقل)(3) الأمير مجد الدين سيف أمير المؤمنين ليث المجاهدين حليف اليقين العلامة مرتضى الخلافة البائع نفسه من الله المشهد على نفسه بذلك يحيى بن محمد بن أحمد بن يحيى /103/ بن يحيى بن الناصر بن الهادي إلى الحق - عليه السلام - جعلنا الله عنده من خواص أتباعهم وحشرنا في زمرتهم مع الذين أنعم الله علهيم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً، ?ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنْ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا?[النساء:70]، والحمد لله رب العالمين، وصلواته(4) على محمد الأمين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين الأخيار، وسلام عليهم أجمعين، وصنف الشيخ علي بن حميد كتاباً في سيرة والده - رحمه الله تعالى -.
قلت: ومصنفات والده سبعة وعشرون مصنفاً.
__________
(1) في (ب): أيدهم الله.
(2) في (ب): والتباس.
(3) في (ب): بقتل.
(4) في (ب): بقتل.
علي بن داود بن أحمد الحسيني
العلامة الفقيه المتكلم المحقق جمال الدين علي بن داود بن أحمد الحسيني - رحمه الله - كان من كبار العلماء وخيارهم صدراً في أهل وقته صحب الإمام المطهر بن محمد بن سليمان ولقي الإمام شرف الدين بآخرة من أمره، وكتب له، وله شرح على مقدمة البحر الكلامية المسماة (بالقلائد)، اختصر فيه شرح الإمام المسمى بالغايات، وكان الإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم - عليهما السلام - يثني على هذا الكتاب ويشيد ذكره، ومن عقبة - رحمه الله - القاضي العارف الفاضل صلاح(1) بن عبد الله بن إبراهيم الحيي قاضي بلاد (المحويت)، كان من فضلاء الوقت وأهل الخشية لله والخشوع، وله عبادة ووظائف حسنة وتواضع كلي، وكان رحب الفناء للضيف، يخدمهم بنفسه ويبسط أخلاقه للمتحاكمين ويتوسع لهم وينفقهم، وكان مسكنه مسكن سلفه (عرثومان) ويقضي بمسجده هنالك وينزل بعض السنة إلى المحويت - رضي الله عنه - توفي في ………، ولعله صاحب (المصحف الشهير الجامع للصنع العلمية المتعلقة بالقرآن)، فيه تفسير من جمعه ونحا نحوه عبد الرحمن الحيمي الكبير - رضي الله عنهما -. وقبره في عرثومان مشهور وعليه قبة.
__________
(1) زيادة في (ب): أحمد.
علي بن زيد الشظبي
العلامة الفقيه المذاكر المحقق المجتهد علي بن زيد(1) الشطبي - رحمه الله تعالى - هو شيخ الزيدية في وقته، كان عالماً بالفروع وغيرها، وله ترجمة ذكر فيها صاحبها أنه أحاط فيها بعلوم الاجتهاد، ولم تحضرني عند الرقم وهو صاحب (التذكرة) التي ينسب الناس إليها الفوائد، يقولون: تذكرة علي بن زيد، وله مشائخ في العلم فضلاء، ومن عجيب أمره وإسناده أنه يروي شرح الفقيه علي بن محمد النجري عن والده الفقيه علي وهو محمد النجري، وكان قد أراد الرحلة عن صنعاء إلى مصر، قال السيد أحمد بن عبد الله (الوزير)(2) - رحمه الله -: خرج الفقيه العلامة علي بن زيد من صنعاء قاصداً إلى مصر قاصداً لطلب العلم، وفيها السيد أبو العطايا عبد الله بن يحيى بن المهدي الزيدي نسباً ومذهباً، فرأى في النوم قائلاً يقول له: خرجت من صنعاء لطلب العلم وفيها أبو العطايا، فرجع من فوره إلى السيد، وقرأ عليه واستفاد وأفاد، وكان علامة عصره في علم الفقه واستوطن صنعاء إلى أن مات - رحمه الله - وكف بصره في آخر عمره، وعنه أخذ الفقيه العلامة المحقق علي بن مكاثر الشيخ(3) شيخ الإمام شرف الدين - عليه السلام - في البحر، وأخبرني القاضي الفاضل إبراهيم بن محمد بن سلامة أنه لما كف بصر الفقيه علي بن زيد، كان الفقيه علي بن مكابر يدرس الشروح للفقيه علي بن زيد لأجل الإقراء فكان ذلك سبباً لتجويد(4) ابن مكابر وتحقيقه - رحمهما الله جميعاً -، انتهى كلام السيد الشمسي - رحمه الله تعالى - قال بعض من ترجم /104/ لعلي بن زيد أخذ عن علي بن زيد جماعة من الأكابر، منهم السيد العلامة الناصر بن يحيى بن محمد بن المهدي بن علي بن المرتضى، وكان سيداً عالماً ورعاً زاهداً، وكان الإمام الوشلي يشبهه بأصحاب الإمام المطهر بن محمد؛ لأنهم كانوا أهل فضل كامل، وكان السيد الناصر من أعيان أصحاب
__________
(1) زيادة في (ب): بن حسن.
(2) في (ب): الوزيري.
(3) في (ب): الشظبي.
(4) في (ب): لتحوير.
الإمام شرف الدين، وحضر دعوته وولي له شظب وهنوم وحجور وغيرها، توفي ليلة الاثنين في العشر الأخرى من جمادي الأولى سنة أربع وعشرين وتسع مائة بصنعاء اليمن، وأما الفقيه علي بن زيد فكانت وفاته في العشر الأولى من ربيع الآخر سنة اثنين وثمانين وثماني مائة، وقبره وقبر تلميذه علي بن أحمد بن مكابر بجربة الروض بصنعاء، وقال بعض من ترجم لابن زيد: هو علي بن زيد بن حسن الصريمي أحد علماء وقته، بايع الإمام الهادي لدين الله عز الدين بن الحسن وشايعه وناصره وأخذ على القاضي العلامة يحيى بن أحمد بن مظفر في التذكرة، وعلى السيد أبي العطايا، وكان توجه لطلب الحديث، فلما وصل إلى مكة رأى في النوم وهو في المسجد الحرام أن السيد عبد الله بن يحيى هو الذي ينبغي الرحلة إليه، فعاد وقرأ عليه في النحو والتفسير والفقه والحديث، وقال فيه أبياتاً، منها:
بشراي هذا أوان الفوز بالظفر ... ما كنت أبغي كموسى فاز بالخضر
ظفرت بالغاية القصوى لطالبها ... فمن ينلها يكن من أسعد البشر
وقرا عليه ابن مكاثر وزوَّجه بن زيد بنته، وله شرح على (التكملة)، وله تعاليق وأمالي وفوائد، - رحمه الله - وقبره عند العلامة النحوي، انتهى.
علي بن فند الصعدي
الأديب اللسان الفقيه علي بن زيد بن علي بن فند الصعدي - رحمه الله - كان عارفاً لبيباً من بيت علم، وله شعر، من ذلك ما وجهه إلى العلامة يحيى بن أبي النجم قصيدة طالعها:
أغواك من أغراك يوم البين ... إذ حال بينك يا رباب وبيني
فصلي كئيباً مغرماً بودادكم ... بحياتكم وبحرمة الثقلين
أخلفت وعدك يوم جد رحيلنا ... وتباعد الأحباب قلع العين
وقبلت قول الكاشحين ولم أكن ... أهوى الفراق وأنت قرة عيني
أو ما علمت بأن حبك سالب ... ثوب السلو وطالب للحين
أسفرت عن مثل الصباح وفوقه ... ليل(1) دجوجي على المتنين
وحواجب مثل القسي وأسهم ... من مقلة ترمي على الجفنين
__________
(1) في (ب): ليله.
وفي(1) المدح:
شهدت سراويل المليحة أنها ... لتقية ونقية البُر دَين
لكنها لما رأت كلفي بها ... تاهت علي وأمضت الحكمين
وخشيت منها فالتزمت بسيد ... من آل نجم أبيض العرضين
يحيى الذي شاد العلاء وأهله ... رب المكارم فايض الكفين
علي بن زيدان الطائي
/105/ العلامة المجاهد الرئيس المسمى نظام الدين علي بن زيدان الطائي الصعدي، قال بعض علمائنا في ترجمة له - رحمه الله -: هو القاضي الكامل الرئيس الجلاجل ذو الجد والاجتهاد في مشاعر الإسلام ورفع مناره وفي هدم الباطل ومحو آثاره، شعر:
فتارة بعلوم بحرها لجب ... وتارة بجيوش كلهم نجب
وتارة برجاح راية فلق ... فقام لله مولاه بما يجب
تولى القضاء وشارك في الأمور مع الإمام المنصور بالله (- عليه السلام -)(2) وجرت على يده المباركة ومساعيه الحميدة إصلاح ومصالح أعاد الله من بركته انتهى.
واعلم أن القاضي نظام الدين الطائي قل ما اشتملت التراجم على مثله، ولو استوعبت كثيراً من أخباره لكانت سيرة حافلة؛ لأنه طال عمره وما ضيع منه ساعة، بل كان همه العلم(3) والإعلام، فما كان حرب في أيام المنصور بالله في الغالب إلا وهو قطب رحائها(4) ومسعر ذكاها، ثُمَّ كانت أيام الأمير الناصر بن المنصور وهو قائد الكتائب إذا كان وقت التعبية(5) فهو القائم بأحد الجانبين، إما الميمنة أو الميسرة، كان فارساً مقداماً عالماً مبرزاً نحريراً، ذكره المنصور بالله - عليه السلام - في جواب القاضي الأسعد بما يدل على فضل كبير ومقام خطير، ?ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ?[المائدة:54].
__________
(1) في (ب): ومنها في المدح.
(2) سقط من (ب).
(3) في (ب): العلوم.
(4) في (ب): رحاها.
(5) في (ب): النعمة.
علي بن سعيد بن صلاح الهبل(1)
القاضي الفاضل المخلص الكامل علي بن سعيد بن صلاح الهبل - رحمه الله تعالى - هو قاضي أمير المؤمنين وزير حضرته العبد الصالح الطاهر باطناً وظاهراً، قليل النظير - رضي الله عنه - ولي قضاء الحضرة المؤيدية فحمد العالم أثره، وكان من الزهد والورع بمحل عظيم، لم يزل كذلك قرين إمامه في مجالسه وأعماله حتى نقل الله الإمام - عليه السلام - (إلى جواره)(2) فانتقل القاضي بعد أن خرج مع مولانا صفي الدين أحمد بن القاسم إلى ثلا، وحضر حضرة المولى أمير المؤمنين المتوكل على الله - سلام الله عليه - ثم ولاه جهة خولان، فاستقر بها، ثم كف بصره فانتقل إلى الروضة ولازم الجامع المقدس يتلو القرآن ليلاً ونهاراً حتى نقله الله إلى جواره إلى دار الكرامة في …………، وقبر في المقبرة التي شرقي الروضة الجامعة للفضلاء كالحاج أحمد بن عواض وغيره، وله كرامات - رحمه الله - منها ما ذكر عنه (أنه)(3) كان إذا عرض له ألم يتخوف(4) الموت منه فسأل عن ذلك قال: قد رأيت رؤيا أني لا أموت حتى أسمع ألفاظ الأذان من أعضائي، فلما مرض هذه المرضة التي فارق فيها قطع بالموت وصرح (به) (5)، فقال: قد سمعت تلك العلامة - رحمه الله - ورثاه الفقيه الفاضل بديع الزمان الحسن بن علي بن جابر الهبل - رحمه الله تعالى - بترثية فاضلة، وهي:
أتدري من تخرمت المنون ... ومن أرقت لمصرعه العيون
ومن ذا أثقل الأعباء حملاً ... وخف لحزنه العقل الرصين
ومن ملأ القلوب أساً وحزناً ... فكل فتىً لمصرعه حزين
ومن في جنة الفردوس أضحى ... لديه الظل والماء المعين
/106/ وأي هلال أفق غاب عنه ... وكان لأُفُقِه أبداً يزين
وإنك بالذي أحدثت فينا ... جدير أن تُسَاء بك الظنون
أتدري يا زمان بمن دهتنا(6) ... صروفك أنك الزمن الخؤون(7)
__________
(1) هذه الترجمة في (ب): متأخرة، حيث جاءت بعد ترجمة العلامة علي بن سليمان صاحب المنحول الآتي ذكره.
(2) سقط من (ب).
(3) سقط من (ب).
(4) في (ب): ألمٌ لم يتخوف.
(5) سقط من (ب).
(6) في (أ): ذهبتا.
(7) في (ب): هذا البيت متقدم على سابقه.
لئن كدرت من عيش البرايا ... فمبدأ خلقهم ماء وطين
هو البدر الذي قد كان حقاً ... به نهج الهداية مستبين
هو الجبل الذي قد كان يأوي ... إليه الملتجي والمستكين
هو (القرم) الذي قد كان ذخراً ... يناط به الحوائج والشؤون
فأي سحاب دمع ليس تهمي ... وأي حصاة قلب لا تلين
وليس يرد سهم الموت درع ... مزردة ولا حصن حصين
سقيت الغيث قبراً حل فيه ... تقاً وعلاً وإيمان ودين
…………………(1)
(توي) فيك الذي ما كان فيه ... لطالب فضله شكر يزين
رجعنا عن ثراه بجيش حزن ... له في كل جانحة كمون
وأجرينا حياد الصبر عنه ... ولكن شوط مرزئة(2) بطين
فيالك ميتاً قد بان عنا ... تكاد لموته الأحشاء تبين
وآه لطول بعدك من حبيب ... وهل يجدي التأوه والحنين
ووا لهفي عليك وقد تدانا ... خروج النفس وانقطع الأنين
وأُسكنت التراب برغم قوم ... محلك في قلوبهم مكين
يكاد النوم أن يغشى الأماقي ... فتلفظه لذكراك الجفون
اهنأ إذ دفنت عقود دمع ... مخبَّأة لغيرك لا تهون
وكلفنا الجوانح عنك صبراً ... فقالت لا قرار ولا سكون
وخانتنا بك الأيام لكن ... بحسن الصبر بعدك نستعين
وكيف الصبر عنك أو التسلي ... جميل الصبر بعدك لا يكون
فهل يدري سريرك من علاه ... علاه العلم أجمع واليقين
وهل يدري ضريحك من يغشى ... ومن هو تحت تربته رهين
قرنت بصالح الأعمال فيه ... وحسبك أنه نعم القرين
يعز على العلوم نواك عنها ... فأنت لبحرها الطامي سفين
(3)هلال كنت غالته الليالي ... ولنا كنت أسمه العرين
جعلت وداد أهل البيت ديناً ... لعلمك إنه الحبل المتين
وكنت من التشيع في محل ... تسافر دون غايته العيون
__________
(1) هذا البياض غير موجود في (ب) وغير موجود في (أ).
(2) في (ب): مرزايه.
(3) في (أ): (هلال كنت غالته الليالي لعلمك أنه الجبل المتين) وجاء في الحاشية ما لفظه: لعل هنا ربش وتقديم وتأخير لعله من الناسخ أو من النسخة الأم والله أعلم.