علي بن إبراهيم المحربي
القاضي العلامة المجاهد علي بن إبراهيم المحربي - رحمه الله -(1)، هو القاضي الفاضل العابد الناسك، صاحب الاحتياط والعزيمة، ولي القضاء زماناً بمدينة (ساقين)، وحمد المسلمون أثره، وانتفعوا بحميد مقصده، وكان من أهل الزهد، ومن أصحاب الشهيد علي بن أمير المؤمنين المنصور بالله القاسم بن محمد - عليهم السلام - وأصحابه جميعهم يضرب بهم المثل في العبادة، ولهم - أيضاً - كرامات - رضي الله عنهم - من جملتهم ابن محمود العابد، ومنهم الحاج عبد الله المحمدي الذي سُمع الأذان والإقامة من قبره، وكان سيدهم علي بن أمير المؤمنين صاحب المقام العظيم والعبادة والصلاح، كان عين أعضاد والده، نكى الأعداء نكاية عظيمة، وكان يباشر الحرب بنفسه الكريمة، وقعت وقائع هو صاحبها من قبل أبيه، وله الكرامة في جبل (شظب)، وذلك أن الأعداء دخلوا عليهم بغتة، فرأى التحيز إلى فئة من المسلمين، فطلع من جبل هنالك وعر، ودعا بذلك الجبل دعوة ظهر أثرها، لم يزل ينصب وتتهادى أحجاره وترابه إلى يوم(2) الناس هذا، وقتل - عليه السلام - في (الشفات)(3) من أعمال بلاد (خولان والربيعة) مشرفاً على (الصحن)، ونواحي الصعيد، ودفن (بعلاف) وقبره مشهور، واحتز /81/ رأسه الكريم، وذهب به الأروام إلى كبرائهم، فلقيهم شيخان من ذوي عكام من حاشية بلاد (سفيان)، فأخذوا الرأس بعد قتل الحامل له، وكانت قضية من العجائب؛ لأنه جالد مجالدة مثله، وعرف مكانه، ولم يخف على الأعداء، وطلبوا منه أن يستأسر لهم، فقال في وقت الحرب: ((القتل أشرف)). وإلى هذه لمح العلامة الفقيه مطهر الضمدي في مرثيته حيث يقول:
................... ... مالوا إليك فلم تجزع ولم تمل
وحين أبصرك الأعداء منفرداً ... راموا الإسار فقلت ((القتل أشرف لي))
__________
(1) زيادة في (ب): تعالى.
(2) في (ب): يومنا.
(3) في (ب): الشقات.
علي بن إبراهيم بن علي الصعدي
الفقيه(1) العلامة علي بن إبراهيم بن علي بن شيان الصعدي - رحمه الله -
كان عالماً محققاً، محلقاً، مرجوعاً إليه، من تلامذة السيد الكبير المهدي بن صلاح بن محمد بن الحسن - رحمهم الله -.
علي بن إبراهيم بن ماطر
العلامة الفقيه الفاضل علي بن إبراهيم بن ماطر - رحمه الله - ذكره السيد أحمد بن عبد الله - رحمه الله - وأثنى عليه بالعلم، وهو أحد شيوخ السيد الهادي بن إبراهيم الصغير، - رحمهم الله - (2).
علي بن أحمد بن عبد الله طميس
السيد العلامة علي بن أحمد بن عبد الله طميس - رحمه الله - هو إمام الحديث، قرأ عليه الإمام المطهر بن يحيى، وهو من تلامذة علي بن أسعد المنعم.
علي بن أحمد بن الحسن بن الهادي المؤيدي [ - 903 ه ]
السيد العالم الشهير، جمال الإسلام علي بن أحمد بن الحسن بن الإمام الهادي علي بن المؤيد بن جبريل - رحمه الله - ذكره في (اللآلي)، وأثنى عليه، وقال: قبره في (الرجاء) من بلاد (الشرف) في القبة التي فيها السيد إدريس صنو الوشلي، توفي في شهر ربيع سنة ثلاث وتسعمائة.
علي بن أبي طالب المستعين بالله
السيد الكبير المسند، شيخ الخلفاء، أبو الحسن علي بن أبي طالب أحمد بن القاسم بن أحمد بن جعفر بن أحمد بن عبيد الله بن محمد الشجري الحسني، الملقب بالمستعين بالله، أحد رجال الزيدية وأعلامهم، قرأ على الشريف أبي الحسين زيد بن إسماعيل الحسني، وزيد قرأ على أبي العباس أحمد بن إبراهيم، ومن تلامذة المستعين أبي الحسن صاحب كتاب (المحيط).
علي بن أحمد الفتحي
السيد العلامة الفاضل علي بن أحمد الفتحي من أولاد الإمام الناصر الديلمي، قال السيد ابن الجلال هو أحد أشراف الروضة (بالسر)(3)، وكان مشهوراً بالفضل غير منكور.
__________
(1) في (ب): العلامة الفقيه.
(2) سقط من (ب): رحمهم الله.
(3) كذا
علي بن أحمد الشاوري
العلامة الفقيه الفاضل اللسان، علي بن أحمد الشاوري(1) - رحمه الله - كان من العلماء الكبار من أهل الستمائة، وكان هو(2) وأهل بيته(3) من بيت الرئاسة يتسمون بالمشائخ، ومن شعر علي بن أحمد المذكور في المنصور بالله عبد الله بن حمزة - عليه السلام -:
خليلي هل في الدار عيب لعايبِ ... وهل تنجح الآمال مطلب طالبِ(4)
وهل عائد غض الشباب الذي مضى ... وهيهات بل هيهات عودة ذاهبِ
تمنيني الأحلام من آل زينب ... مطامع تحدي بالظنون الكواذبِ
وآمل وصل العامرية والنوى ... تقاذف بي والبين من كل جانبِ
فيا صاحبي من آل فهر بن عامر ... أَعنِّي بفيض الدمع إن كنت صاحبي
وقف نسأل الأطلال أين تحملت ... بأحبابنا الغادين حوض الركائبِ
سرت عيسهم تحت الدجا بأهلَّة ... غوارب في أكبادها والغواربِ
وعقل(5) طياً من عقيل بن عامر ... رقاق الثنايا واضحات الترائبِ
/82وفيهن ميلات القناع بزينها ... بياض التراقي في سواد الذوائبِ
تبدلت من تلك الديار وأهلها ... حنيناً وتهياماً إلى كل غائبِ
ومما سرى عن(6) آل زينب عارض ... ولكنها الأيام ذات عجائبِ
وليل كليل العاشقين قصرته ... ببيض المهادي(7) واعتساف السَباسِبِ(8)
أصوغ القوافي في الإمام وأمتلى ... مناقبه لا زال جم المناقبِ
وادعو أمير المؤمنين ولم يزل ... غياثاً لملهوف وحصناً لهاربِ
ومن ذاك أولى منه بالمدح هل ترى ... ضياء لغير الزاهرات الثواقبِ
أشم طويل الساعدين إذا اجتثى ... رأيت علياً في لوي ابن غالبِ
كريم من القوم الكرام وطيب ... نمته منيفات الفروع الأطائبِ
__________
(1) في (ب): الشاوي.
(2) سقط وكان من (أ).
(3) في (ب): من أهل الرئاسة.
(4) في (أ): لطالب.
(5) في (ب): وعفر طيبناً.
(6) في (ب): من.
(7) في (ب): المهاري.
(8) في (ب): الشنائب.
علي بن أحمد بن الحسين بن مبارك الأكوع
العلامة المجاهد، إمام الناسكين، وسيد السالكين، صاحب الجهاد والاجتهاد، والسبق لأهل الفضل والاقتصاد، علي بن أحمد بن الحسين بن المبارك بن إبراهيم الأكوع - رحمه الله - ورضي عنه، هو سيد الشيعة، وإمامهم، وحجتهم، كان عمار زمانه، وسلمان أوانه، بطانة خالصة لآل محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - بقول وفعل، ناصر الإمام المنصور بالله، وشاركه في فعله المشكور، وكان اجتماعه به بـ(شوابه) بعد الرؤيا الصالحة التي رآها، وهي ما حكاه العلامة علي بن نشوان، قال: روى لي الفقيه الفاضل الصادق علي بن أحمد بن الحسين بن المبارك بن إبراهيم الأكوع، وهو فقيه عابد عالم فاضل ممن يوثق به، ويعمل على قوله، ويصدق في كلامه، قال: لما كان قبل موت سيف الإسلام بأيام قلائل، رأيت في المنام كأني في سفح جبل، وإذا بناس أقبلوا من جهة الشام عليهم نورٌ، وهم يمشون في نورهم، وهم طوال، على كل رجل منهم إزارٌ ورداء، ومعهم غنيمة يسوقونها، فمروا بي وهم يسلمون عليَّ مصافحة، حتى كأني حاذيت أوساطهم، وإذا برجل معتدل القامة، صبيح الوجه، حسن الْخَلق، رقيق الخلق، جاء فسلم علي، وسلمت عليه سلام المحب على حبيبه الذي طالت غيبته عنه، وقلت في سلامي: سلام على من يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، وسر كل(1) منا بصاحبه سروراً عظيماً، وفرح فرحاً شديداً، ولم يكد يفارقني، فلما انتبهت، علمت أنه لا بد من إمام يقوم مقام علي بن أبي طالب؛ لأن الخبر ورد فيه عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: سلام على من يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، فانتظرت بعد ذلك قائم الحق، واستبشرت به، فلم يكن بعد ذلك إلا يسيراً، وقد ظهرت دعوة المنصور بالله - عليه السلام - فاجتمعت به في (شوابة)، هذا معنى الرواية، ولم يزل مصاحباً للإمام في المنشط(2) والمكره، وباشر معه الحروب، وتجلت به الكروب، ومع خوضه هذه الغمرات(3)
__________
(1) في (ب): كل واحدٍ منا.
(2) في (أ): البسط.
(3) في (ب): الغمارات.
، وتوليه لعالي المقامات، قد حكي أنه صرف الإمام - عليه السلام - فيه كفارة(1) في محطة النطية(2) لفقره، وكان الإمام يوافق رأيه رأي الحنفية في صرف الكفارة في فقير واحد، وفي بعض كتب المذهب أن (3) الإمام أمره بصرفها ولم يصرفها فيه، وقرأ على الإمام كثيراً من العلم، وقرر(4) مذهب الإمام، وجمع كتاب (الاختيارات المنصورية) /83/ عن أمر الإمام حتى بلغ في تحريرها إلى كتاب الكفاءة(5)، وكان ذلك بعد قراءة على الإمام عظيمة في (شمس الشريعة) تأليف شيخ الإسلام ركن الدين سليمان بن ناصر الدين - رحمه الله - ابتدأ ذلك في غرة شهر ربيع الآخر من شهور سنة إحدى وستمائة بحصن ذي مرمر، ولما بلغ(6) كتاب الكفاءة نجم ناجم العجم، فحطوا على (ظفار)، فخرج الفقيه جمال الدين لمظاهرة الوالي في (ظفار) من قبل الإمام، وهو مولاه الشيخ دحروج بن مقبل - رحمه الله - وقد كانت الأبصار زاغت، والأنصار ارتاعت، فخرج في نحو أربعين من الشيعة، وهو رئيسهم، فخذل الله العجم، وفي ذلك يقول الإمام - عليه السلام -:
ظفرت بمدح المادحين ظفارُ ... لما حمى عرصاتها الأخيارُ
جاءت جنود الظالمين كأنها ... ليل وأنوار الحديد نهارُ
جيش يظل(7) التلو(8) في حجراته ... حال المذاهب أرعن جدارُ(9)
فيه الأعارب والأعاجم عن يد ... والأعوجية والقنا الخطارُ
وبه الجماعة من ذؤابة هاشم ... والمسلمون الغر والأنصارُ
ولى الإمام وأرعبوا إلاَّ هُمُ ... والناس(10) عبدان وهم أحرارُ
صبروا على الأرجاف وهي كثيرة ... فيما حكاه الواحد القهارُ
لله در عصابة زيدية ... نزل العلى فيها وزل العارُ
__________
(1) سقط من (ب): فيه كفاره.
(2) في (ب): اللطية.
(3) سقط من (ب): أن.
(4) في (أ): وأقرر.
(5) في (ب): الكفارة.ظ
(6) في (ب): ولما بلغ الكفارة.
(7) في (ب): تظل.
(8) كذا في (أ) وفي (ب).
(9) في (ب): جزار.
(10) في (ب): فالناس.
وهي طويلة في ديوان الإمام - عليه السلام - وكان القاضي أحد حفاظ المذهب المنصوري، وهو واسع الفقه، قد صنف فيه المعتصم بالله الأمير محمد بن إدريس كتاباً سماه (النور المنظور في فقه المنصور)، وفيما حكى الفقيه علي بن أحمد من قواعد المنصور بالله - عليه السلام - أنه قال: ما وجد لي منصوصاً، وإلا فرأيي فيه كرأي المؤيد بالله - عليه السلام - قال: وسمعته يقول: إن الظاهر(1) أن مذهب أهل البلاد هذه مذهب الهادي - عليه السلام - فالمرجع بأحكامهم إلى ذلك إلاَّ مَنْ ألزمناه، أو التزم العمل بمذهبنا، عمل بما نختاره وعمل(2) به، قال العلامة علي بن أحمد المذكور، وروى الشيخ الأجل السيد العالم الفاضل محيي الدين محمد بن أحمد بن الوليد - أدام الله عزه - أنه قال - عليه السلام -: إذا كانت المسألة تخريجاً للمؤيد بالله، وللسيد أبي طالب على مذهب يحيى - عليه السلام - فاختياره - عليه السلام - تخريج المؤيد بالله، وكذلك روى عنه - عليه السلام - الفقيه الأجل العالم عمران بن الحسن بن ناصر العذري الزيدي - رحمه الله -.
قلت: وكتابهُ (الاختيارات) كتاب جليل، وللإمام فتاوى عدة غيره، ومما قاله العلامة أحمد بن علي الدواري - رحمه الله - في كتاب (الاختيارات) شعراً:
ليت المرادات جاءت باختياراتي ... إذاً لَتَمَّ كتاب (الاختيارات)
أكرم بخير كتاب فيه ما ذهبوا ... إليه عن خير محكي(3) وآيات
لله در إمام كان صنفه ... ودر تلميذه في جمع أشتات
/84/ ورحمة الله زارته بمشهده ... لدى (ظفار) على مر العشيات
وقبر تلميذه في حيثما دفنوا ... والمسلمين من الماضين والآتي
__________
(1) في (أ): في (ب): إن الظاهر من أهل البلاد هذه مذهب الهادي.
(2) كذا، وفي (ب): وعلم به.
(3) في (ب): عن خبر يحكى.
وقبره - رحمه الله - في الملاحة عند مسجده بجبل (مرهبة)، وهو مسجد عظيم على قدر الكعبة المشرفة، وهو والضياع(1) النبوي أحد عجائب (الهجرة) كما حكاه العالم الدريقي(2)، وكان له تلامذة كثيرون، منهم ولده محمد، ومن قرابته يحيى بن محمد بن مسعود بن الحسين، ومسعود بن علي بن مسعود بن الحسين، والشيخ المحقق الأجل عبد الله بن الدعيدع الحرازي، والقاضي العلامة علي بن حاتم بن عامر بن أحمد بن أبي يحيى، وغيرهم، ودخل - رحمه الله - حراز، وتلقف الإسناد، وهو أحد أساطينه، كانت وفاته……
علي بن أحمد بن الشظبي
شيخ الأئمة، وقطب الإسناد، علي بن أحمد بن مكاثر الشظبي - رحمه الله - شيخ الإمام شرف الدين، وتلميذ علي بن زيد، - رحمهم الله تعالى - كان عالماً كبيراً، وله شهرة، وعنه الروايات، وقد ذكرنا شيئاً من أحواله في ترجمة شيخه - رحمه الله تعالى -.
__________
(1) في (ب): والصَّاع.
(2) في (أ): الزريقي.
علي بن أحمد بن محمد عقبة [ - 840 ه ]ت
العلامة الفقيه علي بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن حسن بن عقبة - رحمه الله تعالى - كان - رحمه الله - كما قال بعض العلماء الجلة فيه - إمام العلوم، ترجمان المظنون منها والمعلوم، فنيت كهولته وشيخوخته في طاعة خالقه، ومضى من الشرع الشريف على حقائقه، توفي - رحمه الله - في شهر ذي الحجة سنة أربعين وثمانمائة، وقبر شرقي جامع (ساقين)، وقبره مشهور مزور، وهو أول من نزل بساقين من هذا البيت المبارك، وكان أصل مساكنهم مشارق (صنعاء)، ثم افترقوا صنفين، صنف سكنوا (هجرة بني خالد) من جهة (آنس)، وصنف سكنوا (ساقين). قال العلامة أحمد بن محمد بن الحسن - رحمه الله -: وعقبة أشهر جدودهم، وهو الملك الهمام المتأمِّر على مدينة صنعاء وأعمالها في بعض مدته، وهو الذي(1) بنى المساجد العظيمة، سيما بوطنه، ومسقط رأسه بجهة (قروي) شرقي مدينة (صنعاء)، وداره بها مشهور يسمى دار المناحل - بميم ونون بعدها ألف وبعد الألف حاء مهملة - وسط وادي قروَى قبلى، ولعله قرية (الحميرا)(2)، وغربي مسجده، وانحاز عقبة إلى قرية (الحميرا)؛ لتحصنها عند قبائل من عدوان(3) بني بهلول وبني نصر، بنو بهلول غصبوا غنمه، وبنو نصر غصبوا مواضع دار المناحل وما حولها، وارتحل بعض الفقهاء بلاد (آنس)، والبعض (ساقين) بعد أن سكن المنتقلون إلى ساقين بهجرة (معين) يماني (صعدة) قرب (الحناجر)، وسنذكرها إن شاء الله في ترجمة العلامة معين بن الحكم.
__________
(1) سقط من (أ): الذي.
(2) في (ب): وسط وادي قروي قبلي قرية الحميرا.
(3) سقط من (أ): قبائل من.
علي بن أحمد بن أبي حريصة
العلامة الفاضل الحافظ، إمام أهل الشريعة، أبو الحسن علي بن أحمد بن أبي حريصة - رحمه الله - قال الشيخ أبو الغمر: قرأت في بعض (كتب اليمانيين)(1) أنه صحب الهادي إلى الحق - عليه السلام - وابنيه - رضي الله عنهم - وظهر فضله في أشكاله وأزمانه، ونطق أثره ببرهانه، وقد روت الزيدية عنه كثيراً من أخبار الهادي إلى الحق - عليه السلام - وقد كانت له، ولابن الفتح(2)، وابن الظهري، وأحمد بن عبيد المعلم، ومحمد بن طالب عناية بالرواية، وقراءة كتب آل محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - وسماع الحديث عنهم، وعن شيعتهم، وقد يوجد ما يدل على ذلك في مواضع إلا أن قلة الرغبة من أهل اليمن في إحياء(3) ما يكون في بلادهم، ومن أهلها من الأخبار والآثار /85/ ولهم من الفضائل والمحاسن، والعجائب والنوادر، ما قد عرفت، فلذلك حي الناس(4) وماتوا، وقد روى كتاب (الأحكام) الذي وضعه الهادي إلى الحق - عليه السلام - أمير المؤمنين يحيى بن الحسين - عليه السلام - في أصول الدين وأصول الفقه خاصة، ورتبه ترتيباً حسناً، ومن كلامه في صدره ما يدل على طبقته في رجال العلم، وأهل النباهة، والنبالة في الدين، وكذلك ما رواه محمد بن فتح بن يوسف عن المرتضى لدين الله محمد بن يحيى - عليهما السلام - ومحمد بن طالب - رحمهم الله - عن محمد بن يحيى، - أيضاً - وابن أبي حريصة، فقد صنف كتباً أُخَرَ(5)، منها كتاب في الزهد والإرشاد، فإنه من الكتب المحيية للقلوب، المذكرة بالله، الداعية إليه ، وكان أديباً فقيهاً شاعراً، سلك في شعره طريق أبي العتاهية في نظم منثور الحكم، والآداب، والحديث عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مثال ذلك من شعره قوله في نظم الحديث: [من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه].
__________
(1) في (أ): الكتب الثمانين.
(2) في (أ): وأبي الفتح.
(3) في (أ): أحنى.
(4) زيادة في (ب): في البلاد.
(5) في (ب): أخرى.
ما ليس يعنيه إذا ما نطق ... من حسن إسلام الفتى تركه
كخائض لجة بحر الغرق ... وخائض في الأمر لم يعنه
وله - أيضاً - في نظم قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: (ما ضاع امرؤٌ عرف قدره)، وقول الأحنف: عجباً لمن جرى في مجرى البول مرتين، ثم هو يتكبر:
قال رسول الله نور الهدى ... وخاتم الأنبيا خير البشر
ما ضاع مرؤ(1) عارف قدره ... فاقنع بما أوتيته واقتصر
لا يلبس الكبرَ كريمٌ ولا ... يطاوع التيه فتى ذو خطر
يجري الفتى في مبول مرة ... من بعد أخرى ثم لا يعتبر
وله في نظم ما روى من بعض الصحابة: (عجباً لمن يضحك بملء فيه، والمنايا ترصده):
يبسم المرء ضاحكاً بملء فيهِ ... والمنايا وراءه تلتقيه(2)
عجباً إننا لنخشى من الموت ... وإنا نلهو ولا نتقيه
وقال في نظم قول كسرى: من لم يكن العقل أكثر ما فيه قتلته أكثر ما فيه:
إذا لم يكن عقل الفتى أكثر الفتى ... فأكثر ما فيه لا شك قاتله
هل العقل إلا حجة مستنيرة ... ونور هدى ما أن تضل دلائله
فأوصيك(3) أن العقل زين لأهله ... وأن ليس في الخيرات شيء يعادله
(4)وفي نظم الحديث عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: (كم(5) أشعث أغبر ذي طمرين لا يوبه له، لو أقسم على الله لأبره):
ألا رُبّ ذي طمرين أشعث أغبراً ... خفي على النظار(6) لم يبغ منظرا
ولو أقسم (الحاني لظل وراءه)(7) ... على الله ذي النعماء أعطى فأكثرا
ولكن زوا الدنيا الدنية دونه ... ليوفيه الحظ الجزيل الموفرا
فلا يغبط الدنيا امرءٌ ذو بصارة(8) ... يصير إلى قعرٍ من النار أحمرا
وكن واثقاً بالله واعمل فإنما ... يفوز غداً من سام هدياً فشمرا
__________
(1) في (أ): امرؤ.
(2) في (أ): تقفيه.
(3) في (ب): بحسبك.
(4) زيادة في (ب): وقال.
(5) في (ب): كم من.
(6) في (ب): الأنظار.
(7) سقط من (أ).
(8) في (ب): نظارة.