ألستم ترون الفضل للفعل لاحقاً ... جزاء لأهل الفضل كالبيع والشرا
ونحن نرى التفضيل للفضل سابقاً ... فقيسوا بمن شئتم عليّاً وجعفرا
قلت: وشريح بن سعد هذا قد مضى له ذكر عند ترجمة القاضي العلاَّمة شريح بن المؤيد - رحمه الله - وله شعر إلى التوسط، أقرب منها قصيدته الطويلة يذكر إخوانه:
تستاع وجهته ... [الماتيك للدار الجلية
ومنها في صفتهم]: (1):
أناس خير من ضمت يمان ... وأطهره وأظهره نقيَّة
وأفضل بعد أهل البيت حالاً ... وأنزهه عن الدنيا الدنيَّة
ومنها:
ديارٌ كنَّ من ورع وعلمٍ ... وبذل ندى بواديها نديَّة
ومن تنفيس مكظوم ونهض ... لمهضوم(2) وصقل نهىً عمية
ومنها في تحذير الشهابين(3) من الصليحيين، فلم يعملوا بها، فأصابهم ما حذرهم:
وليس بقادر أبداً عليكم ... سوى خدع يحاولها خفية
فإن مكنت خدائعه طلاكم ... تمكنها حداد المشرفية
وصارت أرضكم نهباً وسيقت ... عقائلكم مذللة سبية
أباحت دولة الأصلوح قهراً ... حمى ما بين صعدة والطرية
وله من أخرى في ذكر إخوانه - أيضاً -:
ألا ليت شعري هل أرى بين أحبابي ... أولي المجد والإحسان والحسب الرابي
ألا ليت شعري هل أرى بين عصبة ... يُجلون همَّ المرهق الأورق الكابي
__________
(1) ما بين القوسين ليس في (ب).
(2) في (ب): لمظلوم.
(3) في (ب): الشهاديين.

إلى آخرها، وهي طويلة، وقد ذكرنا في هذه الترجمة محمد بن رفاد، وكان على طريقة شريح في التطريف، وأصله من أهل (صنعاء)، ثم انتقل إلى (شبام)، ثُمَّ إلى (وقش)، وبها مات في صفر سنة أربع عشرة وخمس مائة،وكان من أجلائهم، ونسبه في بني مشير(1) بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وأول من وفد اليمن من أهله وفد إلى (صنعاء) من (اليمامة)، أو من (الفلح)، فلما رأى الصومعتين بجامع صنعاء قال: أيش هاتان المطوللتان؟، فكان أهل (صنعاء) يمزحون(2) به، ومما يستحسن من روايته قال: كان بـ(صنعاء) في زمن(3) قريب من زمانه أدركه أو كاد غلام عابد من أحداث الزيدية، قوي الإخلاص لله، صادق السر فيما بينه وبين ربه، وكان إسكافاً، يعمل لبعض كبار الأساكفة(4) في دكان بأجرة ويأخذها(5) منه، قال: فكان لا يزال يتعاهده النعاس في نهاره حتى يخفق برأسه من شدة ذلك، ولا يزال صاحب الدكان يصيح به، ويرفع صوته عليه، ويشتد غيظه لذلك، ويسأله عن شأنه، وعن(6) سبب ما هو فيه، فيرفق به، ويداريه في الجواب، ويعتذر إليه، وقد كان /51/(7) بقي للغلام أم، فأتاها الإسكاف صاحب الدكان؛ فكلمها، وشكى عليها ما يراه من ابنها، وأنه قد شق عليه ذلك منه، ولا يحب مفارقته، وسألها هل ينام أم لا؟ فقالت: لاأدري إلا أنه لا يزال صائماً، فإذا كان الليل أفطر على بعض قوته، وأخذ بعضه، وخرج عني ولا أراه حتَّى الصبح، قال: فوقع في نفس الإسكاف من الغلام شيء، فرصده في ليلة من لياليه، فلما دخل الغلام إلى أمه، أمهله، حتَّى إذا خرج سار خلفه حيث يسير، واحترز من أن يراه جهده قال: فسلك الغلام شارعاً من شوارع صنعاء حتَّى انتهى إلى عجائز، وأرامل، من فقراء الناس، فتصدق عليهن بما حضره، وقسم بينهن باقي طعامه، ثُمَّ سار والإسكاف
__________
(1) في (ب): قسير.
(2) في (ب): يعجبون لذلك و.
(3) في (ب): زمان.
(4) في (ب): الاسكافة.
(5) في (ب): يأخذها.
(6) في (ب): وما.
(7) في (ب): قد بقي.

يتلوه حتَّى خرج من عمران القرية، إلى أن أتى الغيل البرمكي، فتوضأ، ثُمَّ سار إلى أن دخل المسجد المعروف هناك بمسجد الحرة أسماء بنت شهاب الصليحية، وهي زوج علي بن محمد الصليحي، وأم المكرَّم، فقام يصلي فلم يزل مصلياً ليلته والإسكاف ينظر، إلى أن طلع الفجر، فصلى صلاة الصبح، وانصرف الإسكاف، ورجع الغلام إلى (صنعاء)، والتقى هو والإسكاف على دكانه(1) فأخذا في العمل الذي كانا يعملانه إلى أن أتى الغلام النعاس الذي يعتاده، فجعل يخفق رأسه(2) تارة بعد أخرى، ويدافع ذلك بما أمكنه، فلما رأى ذلك منه الإسكاف، قال له: يا حبيبي، إن أحببت أن تنام فنم بارك الله لك في ذلك، قال: فامتنع الغلام من النوم، واستنكر ذلك منه، ولم يدر ما سببه، فأحسبه قال فلبث الغلام يسيراً من الوقت، ثم عاد إلى ما كان عليه من النعاس ومطالبة النوم له، فأعاد عليه الإسكاف مثل قوله(3)، فسأله الغلام عن سبب ذلك منه، وما الذي دعاه إلى أن يسمح له ما كان يمنعه منه من النوم، فأخبره الإسكاف الخبر في رصده له واتباعه إلى بيوت الأرامل(4) ثم(5) إلىمسجد الحرة، وما رآه من صلاته، وما أخبرته أمه من صومه، فلما علم الغلام أن ما بينه وبين ربه قد ظهر للمخلوقين ساءه ذلك، فلما أعاد عليه الإسكاف الأمر له بالنوم قام فاضطجع كأنه يريد النوم، ثم قال: إلهي وسيدي إن كنت رضيت عني بما كان من عملي، وتقبلته مني، وغفرت لي، فاقبضني إليك الساعة، قال: فما قام من مضجعه ذلك، ولما طال علىصاحب الدكان نومه وأنكره، (نظر)(6) فإذا هو ميت، فقام في جهازه حتى واراه في قبره - رحمة الله عليه - انتهى.
__________
(1) زيادة في (ب): فإذا في العمل.
(2) في (ب): برأسه.
(3) في (ب): مثل قوله الأول.
(4) ليس في (ب): إلى بيوت الأرامل.
(5) في (ب): ثُمَّ إتيانه.
(6) في (ب): حركة.

قلت(1): ومسجد الحرة، قال بعض السادة العلماء آل الوزير - رحمهم الله - ما لفظه : هو المسجد الذي فوق كظائم(2) البرمكي بطريق(3) (حدة) القريب من محاريق الآجر، وقد بقي إلى زماننا منه جدار وآثار أخربها(4) عامر بن عبد الوهاب، أيام محطته على (صنعاء) سنة تسع أو عشر وتسع مائة(5).
عبد الله بن محمد بن يحيى بن حمزة
الشيخ(6) الكبير، مفخر آل محمد - صلوات الله عليه وعليهم - عبد الله بن محمد بن أمير المؤمنين المؤيد بالله يحيى بن حمزة بن رسول الله - صلى الله عليه وعليهم - قال السيد الحافظ عبد الله بن الهادي: اشتغل بالعلم من صباه إلى كبره، حتى تبصر في العلوم، وتضلع منها، وبلغ مرتبة الاجتهاد، وكان ممن يشار إليه بالتأهل للإمامة، والقيام بأمر الأمة، ولما توفي الإمام(7) علي بن محمد بن علي - عليه السلام - واضطرب أمر الناس بعده، وسار ولده الناصر إلى (ظفار) للاجتماع(8) والنظر فيمن يصلح للقيام، /52/ وكان علماء الظاهر لا يعدلون عن السيد صلاح الدين المذكور، ويتفوهون بأنه لا يصلح لهذا الأمر سواه، فلما فهم ذلك منهم، اعتذر من المسير إلى (ظفار) مع والده وأعمامه والذين ساروا من هجرة (حوث) من الفضلاء، فلم يعذروه، فسار معهم وسمعوه في أثناء المسير وهو يتضرع إلى الله سبحانه ويقول: اللهم أمتني في هذه السيرة، فامسوا في تلك الليلة في الكساد من بلاد (مرهبة)، وكان في آخر الليل، وحدث مع السيد المذكور وجع في بطنه، لم يستطع منه قياماً ولا قعوداً، فحملوه في شقدف، وردوه إلى (حوث)، ووقف إلى بعد صلاة العشاء الآخرة(9)، وتوفي وله في العمر دون ثلاثين سنة، وقبره بمسجد المدرسة بحوث مشهور مزور، بحذاء قبر والده.
__________
(1) في (ب): فراغ.
(2) زيادة في (ب): عبل.
(3) في (ب): بريق.
(4) في (ب): أخربها الشيخ عامر.
(5) في (ب) زيادة: سنة.
(6) في (ب): السيد.
(7) في (ب): الإمام المهدي.
(8) في (ب): للاجماع.
(9) في (ب): الأخيرة.

عبد الله بن محمد
السيد العلامة عبد الله بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن الحسن بن الحسن - عليهم السلام - ذكره المنصور بالله، وقتل أيام المقتدر.
عبد الله بن محمد بن يحيى القاسمي
السيد العلامة(1) فخر الإسلام عبد الله بن محمد بن يحيى القاسمي العياني - رحمه الله - قال بعض من ترجم له كان من أكابر أهل البيت وأعيانهم، أحيا معالم آبائه الطاهرين، وسلك مسلك الأئمة الهادين، وتخلق بأخلاق المقربين، وحذا حذو العلماء الزاهدين، بعد أن بلغ رتبة المجتهدين، ولله دره من مبلغ مكين، وله قراءة جيدة، ومعرفة طائلة في كتب الأصول، والفروع، واللغة، والنحو، هكذا ترجم له بعضهم، وانقطعت(2) الترجمة، قال: وتولى الخطابة والإمامة بجامع (صعدة) المشرفة، ودفن عند الصومعة الصغيرة، جنب قبر العلامة أحمد بن عبد الله بن الوزير، وأحمد بن صلاح الدواري، وأنشد له شعراً وهو:
ألا يا نفسي المرجوُّ آتٍ ... من الوعد المقدر والوعيدِ
فإيماناً بربك كل حينٍ ... على الوجه الذي هو لم تريدي
ومنهاج الأئمة فاسلكيه ... ولا تنأي عن النهج الرشيدِ
فهم سفن النجاة لراكبيها ... بإجماع الموافق والعنيدِ
قلت: وهو ابن السيد الإمام العلامة الفقيه محمد بن يحيى، مصنف (الأنوار)، ولعله يذكر في بابه.
عبد الله بن محمد بن عمر ، وعبيد الله بن محمد بن علي
السيد الإمام عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، وصنوه العلامة السيد الإمام عبيد الله بن محمد بن علي - رضوان الله عليهما - كانا سيدين إمامين في الفضائل، شهدا مع زيد بن علي الإمام الأعظم مشهده المشهور، وكانا أحد الوجوه فيهم، وهما أحد تلامذته، ذكرهما في رجال الزيدية الشيخ الإمام(3) العالم ولي آل محمد القاسم بن عبد العزيز بن إسحاق بن جعفر البغدادي - رحمه الله - في كتابه وقال: كانا آية زمانهما.
__________
(1) سقط من (أ): السيد العلامة.
(2) في (ب): وانقضت.
(3) ليس في (ب): الإمام.

عبد الله بن محمد بن عبد الله الأشتر
السيد الإمام الحجة، علم آل محمد، حافظ علومهم، عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب - عليهم السلام - الملقب بالأشتر، كان إماماً جليلاً فاضلاً نبيلاً يصلح للسبق، وكان قد هرب بعد قتل أبيه إلى (السند)، وحكى أبو الفرج الأصفهاني، وأبو عبد الله الصفواني الأصم، أن عبد الله الأشتر قتل (بكابل)، وحمل رأسه إلى المنصور، فأخذه الحسن بن زيد بن الحسن /53/ فصعد به المنبر، وجعل يشهره للناس، وقيل: إن لعبد الله الأشتر دعوة، وأنه ظهر بعد قتل أبيه بخمس سنين، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة.
عبد الله بن محمد السعدي
الفقيه العلامة شيخ شيوخ آل محمد عبد الله بن محمد السعدي - رحمه الله - قال عبد الله بن عمر الهمداني الزيدي: كان عبد الله السعدي من أفاضل أصحاب الهادي - عليهم السلام - وأخيارهم، وأهل البصائر منهم، وذوي السابقة في الهجرة إليه(1)، والمشاهد(2) الشريفة معه، وهو من بني سعد بن بكر بن(3) هوازن، وكانت له المنزلة الرفيعة عند الإمام المرتضى لدين الله محمد بن يحيى.
قلت: وهو أحد رؤساء العساكر الناصرية يوم (نغاش)، وأبلى بلاء حسناً، وجرح، وثبت بعد الجراحة في المعترك(4)، وثبت جنوده حين سقط، وانصبت القرامطة عليه رشقاً بالسهام، ورمياً بالحجارة، وهو يقول لأصحابه: اثبتوا، وإذا مت فهذا محل قبري، فكان فوقه عراك كثير، وكان من أهل السن العالية حينئذ(5) - رحمه الله تعالى -.
__________
(1) ليس في (ب): إليه.
(2) في (ب): والمشاهدة.
(3) في (ب): من.
(4) في (ب): المعتكر.
(5) في (ب): يومئذٍ.

عبد الله بن محمد النجري [825هـ - 877 ه‍ ]
الفقيه الرحال المتكلم عبد الله بن محمد النجري، كان من حسنات الأيام، ومفاخر الزيدية، بل مفاخر الإسلام، رحل إلى البلاد، ولقي الشيوخ، وحقق وكان ثبتاً في جميع أموره، ترجم له جماعة منهم السيد الكبير صلاح الدين عبد الله المفضل بن أمير(1) الدين المطهر بن محمد بن سليمان الحمزي - رحمه الله -.
قال: كانت وفاة الفقيه الحبر المدرة الصدر، فخر الدين عبد الله بن محمد النجري - رحمه الله - سنة سبع وسبعين وثمانمائة في قرية (القابل) من وادي ظهر، وهو عبد الله بن محمد بن أبي القاسم بن علي بن ثامر بن فضل بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الزيدي العبسي من (عبس حجة). قيل: إنهم انتقلوا من (وادي مر) إلى (الفجار) تحت (حجة)، ثم تفرعوا إلى حجة وحبع (لاعه)، قرأ الفقيه على الإمام المطهر بن محمد بن سليمان، وعلى أخيه علي بن محمد في الأصولين والفقه، وعلى الدواري، ويحيى بن مظفر، ونقد على الدواري في عدم تثبته في القراءة، انتهى.
قلت: وكان(2) العلامة محمد بن صلاح الفلكي الفرائضي يروي(3) عن مشائخه في ترجمة للنجري والبكري - رحمهما الله -. قال: كان البكري أعلم من العلامة النجري في أصول الدين، والنجري أعلم منه في أصول الفقه، وصنفا جميعاً شرحاً لمقدمة (البيان)، والبكري شرح أصول الدين، والنجري شرح أصول الفقه، وكانا جميعاً من(4) شيعة الإمام المطهر بن محمد بن سليمان، وكانا مع الخالدي - رحمه الله - قطبي الدولة.
__________
(1) في (ب): أمير المؤمنين.
(2) في (ب): وقال.
(3) ليس في (ب): يروي.
(4) في (ب): في.

قلت: وترجم له جماعة من أهل الآفاق، فمن ترجمةٍ له لبعض المصريين(1) ما نصه: وُلِد في أحد الربيعين سنة خمس وعشرين وثمانمائة في قرية (حوث) بقرى (اليمن)، وبحث على والده في النحو، والفقه، والأصولين وعلى أخيه علي بن محمد، ثم حج سنة ثمان وأربعين، ثم دخل البحر ثم (القاهرة)(2)، فوصل في ربيع الأول(3) فبحث بها(4) في النحو والصرف على ابن فديد وأبي القاسم النويري(5)، وفي المعاني والبيان على الشمسي(6)، وفي المنطق على التقي الحصني، (وفي علم الوقت على العز عبد الإسلام الميقاتي)(7)، وحضر في الهندسة عند أبي الفضل المغربي، وكان يطالع بذلك، وما أشكل راجع به فطالع(8) شرح الشريف على(9) الجرجاني(10)، و(التبصرة) لابن(11) أفلح، (وفي الفقه على الأمير الأقصراني)(12) وفي(13) (العضد) على الصَّيرَفي، وتقدَّم في هذه العلوم، حسب ما قاله النفاعي(14)، واشتهر فضله، وامتد صيته لا سيما في العربيَّة، وكتب عنه في سنة ثلاث وخمسين قوله/54/:
بشاطئ حوث من ديار بني حرب ... لقلبي أشجان معذبة قلبي
فهل لي إلى تلك المنازل عودة ... ليفرج عن همي ويفرج عن كربي
انتهى.
__________
(1) في (ب): وممن ترجم له بعض المصريين.
(2) في (ب): في البحر ثُمَّ دخل إلى القاهرة.
(3) في (ب): التي يليها.
(4) ليس في (ب): بها.
(5) سقط: وأبي القاسم النويري من (أ).
(6) في (ب): الشمني.
(7) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(8) في (أ): واطالع.
(9) ليس في (ب): على.
(10) في (ب): على الحقيني.
(11) في (ب): كابر بن أفلح.
(12) سقط من (أ) ما بين القوسين.
(13) ليس في (ب): في.
(14) سقط: حسب ما قاله النفاعي من (أ).

قلت: وله جملة تآليف، منها: (مختصر الثمرات على آيات الأحكام)، ومنها (المرقاة) في علم الكلام جعله شرحاً للمقدمة مرقاة إلى الغايات، شرح الإمام المهدي، ومنها كتاب في النحو، وكتاب في المنطق، وشرح مقدمة (التسهيل) لابن مالك، ومنها (المعيار) الكتاب الجليل المنبي على(1) تحقيق وتدقيق وتوفيق، يقل في كتب الإسلام نظيره، ومن أراد انتخاب قواعد للمذهب كقواعد ابن عبد السلام، فهذا نعم المعين على ذلك، ومن أراد كتابه (الأشباه والنظائر) كما فعل السبكي والسيوطي(2) لأصحابهما، وابن نحيم للحنفية(3)، أمكن (4) من هذا الكتاب، فلله دره، (5)وهو أول من قدم (بمغني اللبيب) من (مصر) إلى (اليمن)، ثم وصل به الريمي الشافعي بعده إلى (صنعاء)، وكان تأليفه لشرح المقدمة عند قفوله من (مصر).
قال العلامة الحسن بن علي بن حنش: روى(6) عن شيخنا السيد العلامة فخر الدين المطهر بن محمد بن تاج الدين الحمزي، قال: أروي عن شيخنا العلامة المرتضى بن قاسم أنه قال: أروي عن شيخنا العالم عبد الله بن محمد بن أبي القاسم النجري أنه قال: صنفت شرح مقدمة (البحر) في سفري قافلاً من مصر. قلت: والنجري نسبة إلى (نجره) ببلاد المغرب عند قراضة (لاعه)، سكنوا بها.
قلت: ومما كتبه - رحمه الله - من مصر إلى والده:
فراقك غصّتي ولقاك روحي ... وقربك لي شفاء من قروحي
وما إن أذكر الأوطان إلا ... تَضَيَّق بي من الأحزان سوحي
وما فيها أحسّ سواك شوق ... إليه فأنت يا مولاي روحي
فعفوك والدي عنّي وإلا ... فنوحي يا عيون عليَّ نوحي
__________
(1) في (ب): عن.
(2) في (ب): والبوطي.
(3) في (ب): نجم للحقيقة.
(4) لم أتمكن من قراءتها في (ب).
(5) في (ب): وغير هذا.
(6) في (ب): أروي.

عبدالله بن محمد [ - 647 ه‍ ]
قاضي القضاة العلامة، خلاصة الأئمة، تقي الدين عبد الله، بن ركن الدين محمد بن عبد الله بن حمزة بن إبراهيم بن حمزة بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن حمزة بن علي بن إسحاق بن أبي النجم، من أعقاب الملك وليعة، بن الملك مرثد، بن الملك عبد كلال، قد تكرر ذكر أهل هذا البيت الشريف لكثرة فضلائهم، كان عبد الله عالماً فاضلاً، مرجوعاً إليه، مقدماً في كل شيء، له أخلاق العبَّاد والعلماء في مظهر الملوك وإفاداتهم، وهكذا الغالب على أهل هذا البيت، ولي القضاء بعد أبيه تقي الدين بجهة (صعدة)، وكتب له الإمام المنصور بالله عهداً بليغاً، ثُمَّ استمر على ذلك إلى زمان الإمام المهدي لدين الله أحمد بن الحسين، وكتب له عهداً أبلغ من العهد المنصوري، وكان موئلاً للبلاد والعباد - رضي الله عنه - وتوفي(1) في نصف شهر رجب(2) المعظم سنة سبع وأربعين وستمائة، وولي بعده القضاءَ ولده ركن الدين محمد بن تقي الدين - رضي الله عنهم - ولاه الإمام أحمد بن الحسن - عليهما السلام - القضاء في تاريخ رجب سنة ست وأربعين وستمائة، وفيه وفي حفيده مراثي لعلماء زمانهما، والتبس عليَّ ما الذي قيل في تقي الدين المذكور، وفي حفيده الآتي ذكره.
__________
(1) في (ب): توفي.
(2) في (ب): ربيع.

107 / 182
ع
En
A+
A-