قلت: هو الإمام المهدي لدين الله - عليه السلام - والسيد المهدي بن قاسم من هجرة (صوف) (1) (بحضور) (2)، والقاضي أحمد بن عيسى من (ثاه) (3)، والقاضي علي بن قاسم من (الحناق)(4) من بلاد (عنس)، والفقيه محمد بن أحمد بن حنش من (ظفار)، والسيد سليمان بن محمد بن المطهَّر بن أبي الفتح - عليهم السلام -.
عبد الله بن علي بن أبي النجم
العلامة ركن(5) الدين، ويقال: تقي الدين - أيضاً - عبد الله بن علي بن أبي النجم، قاضي قضاة المسلمين، وواحد أركان الإيمان والمؤمنين، كان عالماً عاملاً، ممدوحاً بالشعر، وصولاً، ولذلك ناح عليه الفضلاء ونظمت فيه قلائد المراثي، من ذلك ما قاله محمد بن إسماعيل بن أبي النجم:
لعمري لفي المختار أحسن أسوةٌ ... لمن ضامه الدَّهر المسيء(6) وروعا
وفي آله الغرِّ الكرام فإنهم ... طريق لمن يبغي إلى الحق متبعا
لئن نابنا ريب الزمان وصرفهُ ... بموت تقي الدين فذّاً سميدعا/39/
أتاهُ الردى كالبدر ليلة تمّهِ ... وكالغصن الميال حين تزعزعا
وفارق آباء كراماً وإخوة ... وما فيهمُ قالٍ(7) له حين ودَّعا
وهي طويلة، وفيه يقول الشريف الكبير محمد بن جعفر بن أبي وهَّاس - رحمه الله تعالى -:
تأسَّوا فأنتم بدُور(8) السماء ... وأنتم لعمري ضياء الضياء
__________
(1) صَوْف: قرية خاربة في منطقة بني سُوَار، من مديرية بني مطر في غربي صنعاء. ومكانها تحت جسر (عُصْفُرَة). في الجنوب الغربي من قرية (يازل). معجم المقحفي. ص924، 925.
(2) حَضُور: جبل شامخ في بني مطر، غربي صنعاء. المرجع السابق ص479.
(3) ثَاهُ: وادي ثاة: قرية تقع في الشمال الغربي من مدينة رداع. معجم المقحفي 250.
(4) في (ب): الحناف. والحنَاك: موضع جوار قرية (دار الحنش) من قرى (جبل الدار) في عنس. معجم المقحفي 518.
(5) في (ب): زكي الدين. ظ.
(6) في (أ): المسمى.
(7) أي مفارق أو تارك.
(8) في (ب): نجوم.
ومِِنْ عندكم تستفاد العلوم ... ويُشفى بها كل غلٍ وداء
تأسَّوا بأحمد ثمَّ الوصي ... وأسباطه السَّادة الأصفياء
فأنتم لهم شيعة خيرة ... مدى الدهر في شدة أو رخاء
ولما سمعت بأن الزكي ... رمته المنون بسهم الرداء
جفاني المنام وعادى الجفون ... وأذريتُ منها نجيع الدّماء
وقلتُ لناعيه تنعي الهدى ... وتنعي الندِيَّ فَزِدْ في النعاء
فقد شيَّد الدين في عصره ... وأرسى قواعده في السماء
وخلف من بعده معشراً ... مصاليب يوم النَدى والنِّداء
قضاة هداةٌ لمسترشدٍ ... وللطَّالبين كصوب الحياء
وإن دُعيوا عند ضيق المجال ... أجابوا بجردٍ وسُمْر القناء
بَنُو النَّجم أكرَم كل الورى ... وأهل القراءة أهل القِرَا
فلا غالهم بعدهم غائل ... من الدّهر يوماً بسوء القضاء
فما القلب يا أيها الأكرمون ... على البعد والله منكم بناء(1)
وقال في بعض آل أبي النجم، وأجاد - رحمه الله -:
صفو المعيشة ممزوج به الكَدِرُ ... والموت غاية ما الأحياء تنتظرُ
ومن تفكَّر في الدنيا غدا وله ... فيها وفيمن مضى من أهلها عِبَرُ
كم أخلقت من جَديد في تقلُّبِها ... وهدَّمَت طود جودٍ(2) وهو مُعتَمرُ
لو أنَّ مَيتاً يفَادَى بالعُلا سمحت ... بكُلِّ ما عَزَّ فيها(3) أنفس صبرُ
ومن عزيز عزيز الجار ذي حذرٍ ... لم يرفعِ الموتَ عنه العزُّ والْحَذَرُ
ومن مُلوكٍ عنت غلب الرقاب لهم ... أضحوا وليس لهم عَين ولا أثرُ
ومن نبيئين لم تَرْثِ الخطوب لهم ... وهُم منَ النَّاس صفو الله والخيرُ
وإلفةٍ من جميع الشمل فرَّقها ... ريبُ الزمَان وأوهى سلكها القدرُ
وكُل حيٍّ وإن طالَت سلامتُه ... لا بُدَّ يَوماً يواري شخصَهُ الحفرُ
وإنما الموت أفنى الناس عن كملٍ ... فما عَنِ الموت لا كفل ولا /40/ وزرُ
فإن تولَّى أمير المؤمنين فقد ... أورى حميد المساعي ذكره عطرُ
__________
(1) بناءٍ: بمبتعد.
(2) في (ب): مجد.
(3) في (ب): فيه.
وإن(1) رمَى الحادث المكروه أوحدنا ... واغتيل بالكره منا الكوكب الزهرُ
وقارعت حاكم الإسلام قارعة ... قد غصَّ كل البرايا طعمها المقرُ(2)
وغيبت في ثرى المنهال أعظمه ... وغرةً طاب منها الْخُبر والخَبَرُ
فيا له طود حلمٍ لا كفاء لهُ ... لا الطيش من خُلقه يوماً ولا الضجَرُ
وبحر علم إذا ما عز مشتبهٌ ... وغيث جود إذا ما أمحَل المطَرُ
عالي المنار شريف القدر منتجب ... ما زال يأمر بالتقوى ويأتمرُ
ونعم ما يأمن الخلان جانبه ... وليس في قلبه حقد ولا وغرُ
حلاَّل معظلةٍ فكَّاك مشكلة ... وفي التشاجر يرضى حكمَهُ البشرُ
ومَفْزَع إن عرَا خَطْبٌ ومعتصَم ... للناس يقصده البادون والحضرُ
فيا زكي الهدى يا مَن مناقبُه ... يحدو(3) بها العِيْسَ نجديٌّ ومغتورُ
كم منَّة لك حُسْنَى(4) يا أبا حسنٍ ... ومحفل لك ما أزرى به الحَصَرُ
وليلة لك قد أحييت ميتها ... وقمت منها وجُنح اللَّيل معتكرُ
فالله يسقي ضريحاً أنت ساكنه ... من صَادق الغيث جون صَونُه مَطرُ
إنَّا وإن زَارنا دهر بنائبةٍ ... يبقى لها الصَّبر ثوباً ما بقي العُمرُ
ٍولا نخالف نهجاً كنت سالكه ... بل نقتفي(5) سيرة الأستاذ نقتفرُ(6)
وقد بقت سادَة منا غطارفة ... شمٌّ إذا يسأل المعروف ينتدرُ(7)
طابوا فعالاً كما طابت عناصرهم ... شوس العزائم ما في عودهم خورُ
وسيِّدُ الكلِّ مَن سادتْ مكارمهُ ... ومَن بهِ العصر أضحى وهوَ يفتخرُ
زاكي النجار(8) طويل الباع ساحته ... للوَافدين بها حج ومعتمرُ
محيي العماد الذي عمَّت نوافله ... وراح بالجود بين الخلق يشتهرُ
__________
(1) في (ب): فإن.
(2) الْمَقِرُ: الحامض أو المرّ. القاموس المحيط 444.
(3) يَحْدُو: يحدو الإبل: يزجرها ويسوقها. القاموس المحيط 1171.
(4) في (ب): عظمى.
(5) في (ب): نكتفي.
(6) نَقْتَفِرُ: نتبع. القاموس المحيط 433.
(7) في (ب): تبتدر.
(8) النِجار: الأصل.
واري الزناد وكافي كل معضلةٍ ... عطاؤه الجزل - أيضاً - وهو يعتَذرُ
وما سليمان إلاَّ سيد عَلَمٌ ... ما دام فينا فكسر الدَّهر ينجبر
فيا لقومي الأباة الغرِّ من لهم ... ذكر غدا بالثنا في الأفق مشتَهرُ
لا راعكم بعدها خطب ولا برحت ... ساحاتكم من رخام الوفد تنغمرُ
ودمتم الدَّهر في عزٍّ وفي نعمٍ ... ما أشرق النَّيِّران الشمس والقمرُ
عبد الله بن عمر الهمداني
رئيس العصابة، وسهم الإصابة، ليث العرين، وحتف /41/ القرين، عبد الله بن عمر الهمداني - رحمه الله - هو صاحب المناقب والمقانب، الأسد(1) الباسل، مُؤلِّف (سيرة الناصر للحق) أحمد بن الهادي إلى الحق - عليهم السلام - كان عالماً عاملاً، مقدماً(2) في كل فضيلة، مدرباً مجرباً، يقود العساكر، له الوقائع الغر، وحسبه قضية (نغاش) (3) - بالنون بعدها غين معجمة بعدها ألف ثُمَّ شين معجمة - فإنه أبو عذرها، وهي قضية قلَّما(4) يوجد لها نظير، علت بها كلمة الحق، وقتل فيها من الباطنية نحو سبعة آلاف رجل، ولم يقتل من جماعة الزيدية إلا رجل واحد، بعد أن اجتمعت الباطنية قضها بقضيضها مع رؤساء (مسور) آل المنتاب وغيرهم، وجاؤوا بجموع هائلة، وشارة(5) تروع الألباب، وقال قائلهم في بعض الأوقات وقد ضربت خيام الفريقين: اللهم انتقم لدينك، وانصر(6) من كان على الحق، فأمَّنت الزيدية من مضاربها، وكان ما كان، ولولا خوف الإطالة؛ لشرَّفت هذا المسطور بشيء من ذكرها، وكان محشر(7)
__________
(1) في (أ): الأسل.
(2) في (ب): مقداماً.
(3) في معجم المقحفي: نُفَاش: بلدة في جبل عيال يزيد، من بلاد الأشمور، وأعمال محافظة عمران. اشتهرت بالحرب الفاصلة التي قامت فيها عام 307هـ بين جيش عبدالحميد المنتاب، وجيش الإمام الناصر أحمد بن الهادي، وقد أسفرت عن قتل أكثر جيش المنتاب.
(4) في (ب): قلَّ أن.
(5) الشَّارَة: الهيئة، واللِّباس، والزينة. القاموس المحيط 392.
(6) في (أ): وانصر مِنَّا.
(7) فراغ في (ب).
هذا الحرب، المسعر لناره، هذا الرجل الجليل، فإنه ذكر أنه مرَّ بباله فكرٌ في أمر القرامطة ونكايتهم، (1)في باله أن يأخذ (حصن مدح)، ويسكن فيه، فهاجت القرامطة لذلك، ولم يفعله إلا لذلك، فلقوا إلى (نغاش) بجموعهم الكثيفة كما وصفناه، ولقي من أمراء الناصر للحق - عليه السلام -(2) هذا الرئيس الجليل، والسيد الكبير إبراهيم بن المحسن العبَّاسي، من ولد العباس بن علي - عليهما السلام - الماضي ذكره، وعبد الله بن محمد السَّعدي - رحمه الله - الآتي ذكره، فاجتمعوا في (نغاش)، وكان ما كان، وكان هؤلاء الرؤساء الثلاثة ممن يتزين بهم الإسلام؛ لمكانهم في العلم والعمل، وكانت(3) القرامطة تتجرَّم من عبد الله بن عمر هذا، ففيه يقول زاجرهم لما تضايفت الخيام، وكادت القيام أن يحطم القيام في رجز طويل حفظ منه:
اسمعوا قولي وقولوا ما الخبر ... قد هيج الحربَ عليك(4) ابن عمر
ازداد في ذاك علواً فانحدر ... وطال ما راحلنا على دبر
لا بدنا [من] مركزٍ رأس مدر ... والمركز الثاني بتوعيد البقر
حتى يعد أحوساً من الخبر ... وننصب الرايات في أرض عذر
فأجابه زاجر الزيدية الغطريف الصَّايدي - رحمه الله تعالى - فقال:
يا أيها القائل صدقاً لم تجر ... قد هيَّج الحرب علينا ابن عمر
فليس من أفعاله فعل نكر ... فاسأل به إن كنت ترتاد الخبر
أيام (ذي الطوق) بحجر وشعر ... ويوم (حيسان) فأدهى وأمر
وفي (السحول) و(غلاس) كالصبرِ ... و(بالظفارية) يوم مشتهر
و(بالشوافي) كان يوم مستمر ... من كفِّه كان لكم فيها العبر
كم يوم فخرٍ كان لليث الأغر ... ويوم معموم(5) له يوم بكر
حين تلاقى الجيش يوماً(6) يبتدر ... وكانت الكثرة(7) فيها كالشرر
وأقبل الأعور يعدو ويكر ... فردَّه بطعنه على قفر
__________
(1) في (ب): فمر في باله.
(2) زيادة في (ب): عليه السلام.
(3) في (ب): فكانت.
(4) في (أ): علينا.
(5) في (ب): يعموم.
(6) في (ب): سعياً.
(7) في (ب): الكرة.
ففرج الكربة في وقت السعر(1) ... يشهد هذاك جميعاً من حضر/42
فاعمل بما شئت وما شئت فذر ... ولا تقل قول جهول ذي أشر
ازداد في ذاك علواً فانحدر ... لكن سما ثم علاكم وقهر(2)
قد بذل المهجة في وقت الذَّعر ... ولو نظرت في صحيحات الأثر
وجدته آلَ النَّبي قد نصر ... وقام لله بما فيهم أمَر
ذلك عبد الله ينميه النفر ... قائدنا المهيوب معروف الخطر
نحو بنو همدان سادات صُبر ... الناصرون الحق من كل بشر
والضاربون من على الكفر أصر ... ولا نوالي من بها ديناً غدر
فالغدر ملعون ومأواه سَقر ... يا قرمطي أثبت فمامنَّا وزر
بنو رسول الله أولى بالظفر ... فالبيع (تأتيك)(3) فلا تشك الضجر
لا بدنا من مركزٍ ومستقرّ ... في (بيت علمان) فدع عنك (مدر(
(ومسور) لا بد من (رأس الحجر) ... والعير في ملكي فخذ منا الحذر
وفي (طمام) سوف يأتيك الخبر ... إنَّا كما قال حكيم ذو بصر
إذا التقينا فالجبان من نفر
انتهى. وعبد الله(4) المذكور صحب الهادي - عليه السلام - وابنيه، وهو صاحب السؤال لأحمد بن يحيى - عليهما السلام - وله الجواب(5) عن كلام عبد الله بن يزيد البغدادي في الجبر والعدل، وهو الجواب المعروف بكتاب (الدَّامغ)، وهو كتاب (النجاة) من جلائل كتب آل محمد - عليهم السلام - ولعبد الله النهمي العلامة مديح في عبد الله بن عمر - رضي الله عنهم - أجمعين.
عبد الله بن عواض الزيدي
القاضي العلاَّمة العارف عبد الله بن عواض الزيدي - رحمه الله - ذكره السيد صلاح بن الجلال - رحمه الله - فقال: وكان عالماً فاضلاً.
عبد الله بن غانم الخولاني الزيدي
العلامة عبد الله بن غانم الخولاني الزيدي، كان أديباً شاعراً من أهل ستمائة. من شعره - رحمه الله -:
ما صيَّر الحبَّ سلطاناً على جلدي ... حتَّى غسلت من الصبر الجميل يدي
__________
(1) في (ب): العسر.
(2) في (ب): فقهر.
(3) زيادة في (ب).
(4) في (ب): عبد الله بن عمر.
(5) سقط وله من (أ).
قد جلَّ ما بي فخلِ العذل عن أذني ... ورقَّ صبري فراق الحزن في جلدي
وأعين البيض بيض غير مغمدة ... سود منَ السحر نفَّاثات في العُقدِ
ألقت على القلب ثقل الهجر تاركةً ... ضعف الحتوف وضعف الخصر في جسدي
إن بت في غمر من بعدها خلق ... فالقلب في حرق من بعدها جُدَدِ
لا ترثَ للعين إن جادَت بعبرتها ... فالعين لولا أليم البين لم تجدِ
عبد الله بن القاسم بن محمد بن الهادي
السيد العالم الوحيد عبد الله بن القاسم بن محمد بن الهادي بن الأمير المؤيَّد - عليهم السلام - قال بعض علماء آل يحيى بن يحيى: هو من وجوه السَّادة وأعيانهم، وله قراءة /43/ وألمعيَّة، وهو الذي يلي أمر السياسة، والنظر في أحوال مدينة (المحط)، وسائر الجهة (اليسنميَّة)، وإقامة (الجماعات)(1) فيها(2)، والحدود فيها، وتنفيذ أحكام الشريعة المطهرة، وأخذ الحقوق من أهلها عن أمر قائم عصره، أمير المؤمنين الهادي إلى الحق المبين عزِّ الدين بن الحسن بن أمير المؤمنين علي بن المؤيَّد - سلام الله عليهم -.
عبد الله بن القاسم السليماني
السيد العلامة عبد الله بن القاسم السليماني - رحمه الله - كان من أعلام العترة الكرام، فاضلاً، من ولد عبد الله بن الحسن - لعله من المخلاف السليماني - ذكره بعض علمائنا وأنشد له:
بحقك يا من تعالى وعزَّا ... فكل مقاليدنا في يديك
أقل عثرتي واغتفر زلَّتي ... فما مهربي منك إلا إليك
ولا تأخذَنِّي بما قد جنيت ... فليس اتكاليَ إلا عليك
فلا الذنب مستنكر من لدي ... ولا العفو مستنكر من لديك
__________
(1) في (أ): الجهات.
(2) سقط من (ب): فيها.
عبد الله بن القاسم
السيد الأمير البليغ الهمام، لسان العترة عبد الله بن القاسم بن محمد بن جعفر بن القاسم بن علي - رحمه الله - كان عالماً فاضلاً بليغاً، وهو الذي كان يهاجي نشوان بن سعيد الحميري، وله الشعر الذي أوله: (أمَّا الصحيح فإن أصلك فاسد) وغير هذه القصيدة، ثم آل أمرهما إلى المحاسنة، وقال الأمير عبد الله بن القاسم قصيدة منها:
فليهن ندباً سيداً شرفت به ... من حمير الأحياء والأموات
وأجابه نشوان بأبيات تأتي - إن شاء الله - في ترجمته.
عبد الله بن المختار
الشريف الكبير، الإمام الحافظ لعلوم آل محمد، عبد الله بن المختار، وهو القاسم بن الناصر للحق أحمد بن الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين، العالم بن القاسم نجم آل الرسول - سلام الله عليهم - كان أوسط أهل زمانه، وخيار أهل أوانه، في بحبوحة الشرف الوسيعة، وعلى ذروة المجد المنيعة، كان غير مجهول المحل عند جلة العلماء، مثابة لهم، مرجوعاً إليه، تشد إليه الركاب، وما علق بغير العلم، فَسادَ أقرانه الذين اشتغلوا بالرتب، وكان أخوه محمد بن المختار، الملقب بالمستنصر بالله من أهل الكمال، إلا أنه خالط الناس، وولده عبد الله بن محمد المختار الملقب بالمعتضد كبير المحل، إلا أنه كوالده نشر ألوية الرياسَة، وتصدَّر في دست الإمارة، ولم أتيقن له ولوالده دعوة، وأمَّا عبد الله هذا، فكان للعلم لم يتعلق بغيره، ولمحمد وعبد الله بنونٌ هم زينة الأيام في كل زمان، أوجههم للصباحة، وألسنتهم للفصاحة، وأكفهم للسماحة - أعاد الله من بركاتهم -.
ولعبد الله بن المختار فتاوى نقلها العلاَّمة يحيى بن محمد بن جعفر بن أحمد بن محمد بن أبي رزين(1) الصعدي، أرخ كتابتها لسنة ثلاثين وأربعمائة، وفي هذه المسائل(2) ما هو تخريج(3) على أصل يحيى - عليه السلام -. ومنها ما هو استنباط من كلام الأئمة، ومنها ما يدل على رجوعه إلى نفسه لكمال الأهليَّة. من مسائله تلك لمَّا سئل عن الرجل يصوم، وهو لا يصلي، ويكذب، هل يجب عليه إذا تاب أن يقضي صيامه؟
الجواب في ذلك: أنه ليس عليه قضاء، وهو يجزئه، وإن كان لا يقبل منه، إلا أنه(4) لا يسأل عنه، مثل صلاة العاصي والفاسق؛ لأنه ليس عليهم بعد أن يتوبوا قضاء ما كانوا صلوا في معصيتهم وفسقهم.
ومنها: وسألتم عن الجرَّة التي خالطها الشرفين /44/ ثم أوقد عليها، هل يحل فيها شرب أم لا؟
الجواب عن ذلك: أنه ليس على من شرب فيها بأس، ويعمل فيها ما أراد، وليس الشرفين بضاير له؛ لأن النار قد أكلته.
ومنها(5): وسألتم عن مقام علي بن أبي - طالب صلوات الله عليه - والحسن والحسين - رضي الله عنهما - مع ما كان في عصورهم من الظالمين؟
الجواب: أن الذي فعلوا هو الصواب بعينه؛ لأنهم كانوا أعرف بالله، وأورع في دين الله، فكما صحَّت إمامتهم عندكم، وقلتم بذلك، فيهم(6)، يجب عليكم أن تعلموا أن كل ما عملوا فهو جيد، وهذا الجواب فهو لكم، ولمن يقول بقولكم.
فأما جواب الضد والمخالف، فهو غير هذا، ويتسع فيه الكلام والمناظرة، وأرجو أنَّ ذلك غير غائب، ولا خافٍ عنكم.
قلت: وهذا الجواب شبيه بجواب المرتضى بن الهادي، لمَّا سأله عبد الله بن الحسن الطبري، عن فتوح عمر بن الخطاب ما يفعل فيها؟ قال: يفعل فيها ما فعل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - عليهم السلام -؛ لأن ذلك قد جرى على يده.
__________
(1) في (أ): بن رزين.
(2) في (ب): منها.
(3) في (ب): تصريح.
(4) في (أ): أن.
(5) سقط من (أ): وسألتم.
(6) في (أ): فهل.
وسأله الطبري: هل كان أمير المؤمنين والحسنان يأكلون من تلك الغنائم، فما وجه ذلك؟ فقال المرتضى: نعم، قد كانوا يفعلون ذلك، وإذا صحت لك عدالتهم، ووثقت بدينهم، فلا تسأل عن دينهم، فإنهم لا يدخلون إلا فيما يجوز لهم عند الله تعالى.
وسئل عبد الله بن المختار: عن رجل نُبِّه وقد طلعت الشمس، أيصلي ساعة نبه، أم يصبر حتى تبيض الشمس ويرتفع النهار؟ الجواب: أنه يصبر حتى ترتفع الشمس ويبيض النهار، انتهى. وكتبناه هنا لشهرة والده القاسم بالمختار. فاعرف ذلك.
عبد الله بن قاسم [ - 1029 ه ]
السيد العلامة شيخ شيخنا عبد الله بن قاسم صاحب (ربح) - بالراء المهملة بعدها باء بواحدة من أسفل بعدها حاء مهملة - هو عبد الله بن قاسم بن يحيى بن محمد بن يحيى بن محمد بن علي بن نشوان بن علي بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن نشوان بن علي بن الأمير محمد ذي الشرفين،ترجم له تلميذه شيخنا شمس الإسلام - قدس الله سره - قال: كان عالماً، شيخاً للقرآن، تولى القضاء في (الهجرة)، من بلاد (الأهنوم)، بأمر الإمام القاسم بن محمد - عليهما السلام - وأصله من (هنوم)، ثُمَّ انتقل إلى (ربح) بوادي (رجم)(1) من جبل (سيران)، في صفر سنة تسع(2) وتسعمائة، وتوفي يوم السبت رابع ذي الحجة سنة تسع وعشرين وألف، وكان(3) من العبَّاد الفضلاء النسَّاك، انتهى.
__________
(1) بوادي رجم زيادة في (ب).
(2) في (ب): تسع وتسعين وتسعمائة.
(3) في (ب): كان.