قال السيد جمال الدين - رحمه الله -: كانت قراءتي عليه لكتاب(1) (الخلاصة) سنة ثماني وسبعمائة بمسجد الهادي - عليه السلام - بـ(صعدة) حرسها الله بالأئمة الهادين، قال: وكنا بين يديه - رحمه الله - جماعة من طلبة العلم، يملي علينا من بحر علمه الفرائدَ المنتقاة، ويمطر علينا من شآبيب فهمه المستقاة، وكان العلم في زمانه(2) كالحديقة المزهرة، ووجوه العلوم(3) الدينية بنور وجهه ضاحكة مستبشرة، وكانت ركائب الطلبة تحدى إلى سوحه من أداني الأرض وأقاصيها، وبلغ في العلم والتعليم وحياطة الدين مالم يبلغه أحد، جمع بين محاسِن العلم والعمل، ونال من الله سبحانه في المآثر الصَّالحة نهاية السؤل والأمل.
__________
(1) في (ب): الكتاب.
(2) في (ب): زمنه.
(3) ليس في (ب): العلوم.

قلت: كان هذا القاضي - رحمه الله - مرجعاً للعلماء، ومثابة لهم عند المهمَّات، وحسبك برجُل يرسل إليه علامة (اليمن) الحسن بن محمد النحوي (من يسأله، فإنه لمَّا دخل (صنعاء)، أرسل الفقيه حسن بعض الطلبة)(1) من يسأله عن إجازة الإجازة، فوقف في الطريق، ووضع دقنه على عصاةٍ يتوكأ بها(2)، وسكت ساعة، فلما وصل الرسول إلى الفقيه حسن، ووصف له سكتته وتأمله، فأقسم الفقيه(3) أنه تلك الحال كالناظر في بحرٍ من علمٍ، وقد كان أهل وقته يحتجون بأفعاله، وفي تثنيه لإمامة الإمام المنصور بالله(4)، ووقوف العلماء منتظرين له ما يدلك على ذلك، وقد يعدُّها بعض الناس ثلباً في حقه، وليس كذلك، فمثل هذا الجليل يصان عن الثلب، وما أتى في هذا ببدع من القول، بل القائل بذلك جمّ غفير. وقد روي أنه لمَّا دنت وفاته ذكر له بعض أولاده هذه القصَّة ليذكره لعله يستغفر في حق الإمام المهدي - عليه السلام - فحلف القاضي أنها أرجى شيء أرجوه عند لقاء الله تعالى؛ لأني ما أردت إلا حفظ الإسلام، وما أقدمت بغير بصيرة.
__________
(1) ما بين القوسين ليس في (ب).
(2) في (ب): عليها.
(3) في (ب): الفقيه حسن.
(4) سقط من (ب): بالله.

قلت: ومصنفاته في الأصول والفروع تدل(1) على فضل كبير، فإن (شرح الجوهرة) غطَّى على شروحها، وما تعلق الناس بعده بغيره، ولشيخه قاسم المحلي على (الجوهرة) تعليق، ومنها تعليق للعلامة محمد بن حليفة، ومنها تعليق أحمد بن حميد الحارثي، ومنها ما وضعه العلامة ابن أبي الخير، وفي ظني أنها ثلاثة شروح، ومنها للقاضي جار الله بن عيسى، ومنها للقاضي محمد الثاي /29/ شيخ الإمام المهدي أحمد بن يحيى، وشيخ عمه القاضي جار الله بن عيسى، وللمصنف (للجوهرة) الشيخ الحفيد كتابان جعلهما كالشرح للجوهرة، وهما (الوسيط) و(غرة الحقائق)، ومنها تعليق لبعض الفقهاء من الجهة الأنسيَّة - لعلّي أذكره في ترجمته إن شاء الله(2) - فإنه غاب عني عند الرقم، ومنها تعليق لرجل يسمى ابن أبي ليلى، وهو خفي كان فيما عندنا من الكتب، ثم لم نجده بعد، فكل هذه التعاليق تركت بعد ما ألفه القاضي، وله - رحمه الله - (شرح الأصول الخمسة) في الأصول و(شريدة القناص)، فيها(3) التحقيق والتدقيق، وفي الفروع (الديباج النضير)، ولعمري أنه مفقود النظير، جمعه وقت قراءته (لِلُمَعِ) الأمير علي بن الحسين - عليهما السلام - وكان سمَّاه (الطراز)، ثم سمَّاه (الديباج)، من أجل الكتب، كان الإمام المؤيَّد بالله محمد بن القاسم لا يفارقه، ثم تلاه صنوه المتوكل على الله، أثنى عليه كثيراً، (وللُّمع) شروح وتعاليق، منها (اليواقيت) للعلامة محمد بن يحيى بن حنش، وتعليقان آخران.
__________
(1) في (ب): تدلك.
(2) في (ب) زيادة: تعالى.
(3) في (ب): فيهما.

قلت: أحسب أحدهما المسمَّى (بالكواكب)، وليحيى بن حسن البحيبح(1) تعليقة، و(الزهرة) للوشلي، وتسمَّى (اللمعة)، فليحفظ هذا، و(الزهور) للفقيه يوسف، و(الديباج) للقاضي، وشرح السيد الهادي بن يحيى، وتعليق الفقيه حسن النحوي، وتعليق الصعيتري - أيضاً - فليحفظ، و(اللمعة المضيَّة) للسيد صلاح الجلال، وهي غير لمعة الفقيه علي الوشلي، وللعلامة ناجي بن مسعود (الجمع على مشكلات اللُّمع)، وللفقيه معيض تعليق، وللعلامة علي بن سليمان الدواري مذاكرة على (اللمع)، وتعليقه لولده موسى بن علي، قال سيدنا العلامة أحمد بن يحيى بن حنش: إن للفقيه حسن النحوي تعليقة تسمَّى (الروضة) على (اللمع) غير تعليقه الذي سبق ذكره المسمى (منتهى الغايات)، وتعليقة لابن السقيف، والتعليقة المعروفة (بالشرقية) للسيد الهادي بن يحيى - عليهما السلام - وللقاضي - رحمه الله - مسائل، وللإمام صلاح الدين إليه رسائل غرر(2)، كلماتها جواهر ودرر(3)، كأنه أبوه الذي رباه، ومن أفاد إنساناً صار أباه.
من علم الناس فهو خير أب ... ذاك أبو الرّوح لا أبو البدن
قلت: وكان علماء وقته يطالبونه بتأليف تفسير على القرآن؛ لما رأوه من تمكنه، من جملة من ذكر ذلك(4) السيد الهادي بن إبراهيم، فأشار - رحمه الله - إلى الاكتفاء بما صنَّفه علماء الإسلام، توفي رضوان الله عليه بـ(صعدة)، بكرة نهار الأحد، سادس شهر صفر، سنة ثمانمائة، ومولده سنة خمس عشرة وسبعمائة، فكان عمره خمساً وثمانين سنة، ورأيت في تاريخ وفاته أبياتاً وهي:
ألا إن فخر الدين حاكم صعدة ... تقضَّت لياليه عقيب المحرم
لسبع مئين قد تقضت عديدها ... إلى مائةٍ وفَّى بها العمر فاعلم
وعاش من الدنيا ثمانين حجَّة ... وخمساً وفت والمرء غير مسلم
انتهى، ونسبه إلى دوار بن أحمد أحد جدوده - رحمهم الله جميعاً -.
__________
(1) في (ب): البحيح.
(2) في (ب): غر.
(3) في (ب): ودر.
(4) في (ب): ذلك له السيد.

عبد الله بن الحسن الرصاص
العلامة عبد الله بن الحسن(1) الرصَّاص، كان عالماً فاضلاً، ذكره غير واحدٍ من أصحابنا - رحمه الله -.
عبد الله بن الحسين بن القاسم الرسي
السيد الإمام الحجَّة عبد الله بن الحسين العالم، بن القاسم ترجمان آل الرسول، بن إبراهيم بن إسماعيل، صنو الهادي إلى الحق - عليه السلام - والوارد معه إلى (اليمن) المسمَّى بصاحب الزعفرانة؛ لرؤيا رآها بعض الصَّالحين، أنه عاتبه في ترك زيارته، مع أنه لم ينبت الزعفران في قبر أحد غيره، كان عالماً مستجمعاً لخصال الفضل، وجعله العلماء أحد فضائل يحيى بن الحسين، وقالوا: حسبُه مطاوعة عبد الله له على جلالة قدره، فإنه(2) أعلم أهل زمانه، وأفضلهم، وله كتاب (الناسخ والمنسوخ).
وتوفي بـ(اليمن) في تاريخ (.........)، وقبره بـ(صعدة)، وعُمر عليه قبة الأمير الأعظم ياسين بن الحسن الحمزي، وهو من عقبه؛ لأن جميع (الحمزات) من نسله - عليه السلام -.
عبد الله بن حمزة بن أبي النجم
الفقيه العلامة رئيس (صعدة) في وقته، عين علماء الزيدية عبد الله بن حمزة بن أبي النجم - رحمه الله - كان عالماً، فاضلاً، مرجوعاً إليه، وكان قد غرق في بحار التطريف، ثم استنقذه الإمام الفقيه زيد بن الحسن البيهقي، فرجع إلى مذهب العترة الطاهرة، كما رجع حسين بن حسن بن شبيب التهامي - رحمه الله -.
عبد الله بن الزبير
العلامة عبد الله بن الزبير، عمَّ أبي أحمد الزبير(3)، ذكره البغدادي - رضي الله عنه - من الزيدية في موضعين من كتابه - رحمه الله -.
عبد الله بن زيد العنسي
الفقيه العلاَّمة، ركن الإسلام، عبد الله بن زيد العنسي - رحمه الله - هو حافظ علوم العترة، وحامِي حمى الأسرة، علاَّمة خطير، وإمام في الشريعة كبير، قدم من (العراق) بـ(علوم آل محمّد) - عليهم السلام - سنة إحدى وخمسمائة - أعاد الله من بركته - وقد علمت أنه غير مؤلف (الإرشاد).
__________
(1) في (ب): حسن.
(2) في (ب): فإنه من أعلم.
(3) في (ب): عمر بن أحمد الزبيدي.

عبد الله بن زيد بن أحمد العنسي [593هـ - 659 ه‍ ]
القاضي العلامة، إمام الزهاد، ورئيس العُبَّاد، ولسان المتكلمين، وشحاك الملحدين، عبد الله بن زيد بن أحمد(1) بن أبي الخير العنسي - رحمه الله - هو مفخر الزيديَّة، بل مفخر الإسلام، جمع ما لم يجمعه غيره من العلوم النافعة الواسعة، والأعمال الصَّالحة، وصنف في الإسلام كتباً عظيمة النفع، رأيت بخط بعض العلماء أن كتبه مائة كتاب، وخمسة كتب، ما بين صغير وكبير، وفيها من النفع العظيم، وكان جيد العبارة، حسن السَّبك، كلامه كأنما ينحط عن صبب، وكان هو والعلامة الشهيد كالنظيرين، إلا أنَّ تصرفات ابن زيد في المعقولات أكثر من الشهيد، وتصرّفات الشهيد في المنقولات أكثر من ابن زيد، هكذا كان يقول شيخنا شمس الدين - رحمه الله -.
__________
(1) سقط من (أ): بن أحمد.

قلت: وقد ترجم له غير واحدٍ، وهذا ما كتبه شيخنا من ترجمته، ولفظه: كان القاضي(1) عبد الله بن زيد العنسي مؤلف (الإرشاد) - رحمة الله عليه - من أوعيَة العلم، وأجل علماء الزيدية - كثرهم الله -. وله المؤلفات الجليلة ككتاب (المحجَّة البيضاء) في علم الكلام، كتاب حافل بسيط، أربعة مجلدة، وغيره، وله كتاب (التحرير) في أصول الفقه، كتاب نفيس، والرَّجل حافل الرواية، متين الدراية، رائق المباحث، دقيق النظر، أحد الزهاد المشهورين بالورع، وله في نصرة الإمام الأعظم المهدي لدين الله أحمد بن الحسين - سلام الله عليه - اليد الطولى، والسَّهم المعَلى، حتى إنه - عليه السلام - كان لا يعدل به أحداً، ويسميه داعي أمير المؤمنين، ويصفه بالدين الرصين، والورع المتين، وبعثه إلى (صعدة) - حرسها الله - في سنة أربع وخمسين وستمائة، وكتب إلى عمَّاله أن يقفوا على رأيه، فظهر سعيُه في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وراسل بذلك عمال (نجران)، وكتب رسالة جيدة إلى قاضيه الجليل محمد بن المؤيَّد الدواري، /31/ ولمَّا كان من السيد الحسن بن وهاس، والشيخ أحمد بن محمد الرصاص، والفقيه أحمد بن حنش، والفقيه أحمد بن علي الضميمي، والفقيه حنظلة بن أسعد الحارثي، والقاضي إبراهيم بن فليح وغيرهم، ما كان في حق الإمام المهدي - سلام الله عليه - من الاعتراض عليه، والمخالفة له، خرج من صعدة إلى الإمام - عليه السلام - إلى (مدع) ساعياً في إصلاح أمرهم، وكتب إليهم رسالة بليغة، ولمَّا كان ما كان من قتل الإمام المهدي - عليه السلام - لم يزل الفقيه يراجع الحسن بن وهاس، ويستظهر عليه بالحجج في حق الإمام - سلام الله عليه - حتى فلجه، قيل: إنه أورد عليه خمسمائة إشكال، فأمر شمس الدين أحمد بن الإمام من يتهدده مراراً ولم يجد سبيلاً إلى قتله لعلمه (......) ظاهره مع إرادته ذلك، فخرج الفقيه - رحمه الله - إلى بلاد (خولان) سنة ست
__________
(1) في (ب): القاضي العلامة.

وخمسين وستمائة، وهي السنة التي استشهد فيها الإمام المهدي لدين الله، فأقام (بفللة)، ونشر العلم هنالك، وكانت لزمته ديون في نصرة الإمام المهدي تقارب عشرة آلاف درهم، وتخوَّف مع ذلك الغيلة، فاضطَرَّته الحال إلى أن قصد سلطان اليمن المظفر، فتوجَّه لذلك يوم عاشوراء من عام تسع وخمسين وستمائة، وكانت طريقه من (حرض)، فتلقاه عاملها الأمير فيروز بالقبول والإكرام، فلم يأكل الفقيه من ذبائحهم، وتقدم إلى زبيد، فكانت بينه وبين علمائها كابن حنكاش مراجعة، كان الفلج عليهم فيها.
وابن حنكاش هو أبو العتيق أبو بكر بن عيسى بن عثمان اليقرمي - بياء مثناه من أسفل بعدها قاف ثم راء مهلمة بعدها ميم ثم ياء النسبة - نسبة إلى اليقارم بطن من الأشاعرة، مولده سنة تسعين(1) وخمسمائة.
وتوفي في(2) يوم الاثنين سابع عشر شهر ربيع الآخر سنة أربع وستين وستمائة، وكان يدرَّس مذهب الشافعي(3) - أيضاً - وهو من مشاهير الحنفية بـ(زبيد)، له أتباع وأصحاب.
ثم تقدم القاضي إلى (تعز)، وقد وصل إلى السلطان قبله كتاب من بعض أعاديه ينفره عنه، فأمر بإكرامه، ولم يتصل به، ولا قضى له حاجة، وأقام على ذلك مدَّة، فكاتب السلطان بالنصائح الدينية، ونبَّهه على العقائد الصحيحة، فأجابه بجواب حسن، فعاد الفقيه وقد ضاقت به الحال؛ لدَينه وكثرة عائلته، فإنهم بلغوا نحو خمسة وعشرين، وكانت له دار بـ(صعدة)، خاف عليها ولده أن يأخذها الأشراف، فهدمها من غير إذن أبيه، وفارقه بسببها.
__________
(1) في (ب): تسع.
(2) ليس في (ب): في.
(3) ليس في (ب): الشافعي.

قلت: وكان رجوع عبد الله بن زيد - رضي الله عنه - من باب السلطان مثلبة للسلطان، ولمَّا بلغ العلامَّة مسعود بن عمرو - عمَّ القاضي عبد الله - ما كان من رجوع القاضي، كتب إلى الأمير العالم علي بن يحيى العنسي من أهل بيتهما، وكان عظيماً خطيراً، يلي عظائم الأمور، وما يتولاه السلطان بنفسه، وقد كان وليًّا للسلطان من خلصَائه، فكتب إليه مسعود بن عمرو - رحمه الله تعالى -:
بَكَرَتْ(1) تقول أبعد عهد العاهد ... أصبحت تصحب في زمام العابدِ
أم بعد ما اهتدت الكهول بحلمك الـ ... مأثور تعنو للغزال القاردِ
فأجبتها إنَّ الصدور برَى بها(2) الـ ... ـباري قلوباً لم تكن بجلامدِ
منع التحمل سحر طرفٍ فاتر(3) ... قد ظل يغري بي وثدي ناهدِ
وكثيف أردافٍ وخصر مخطف ... يتجاذبان قوام غصن مائدِ
وحديث فاتنة الحديث كأنَّه ... قطر تحدَّر أو عقود فرائدِ
يا صاحبَي رأيت من نحو الحمى ... برقاً رفعت إليه طرف السَّاهدِ
فاستوكفا(4) لي الدَّمع أو فتوقفا ... ما حد أيسر(5) وقفةً للنَّاشدِ
فإذا أنختم بالمكنة فارويا ... عند ابن يحيى من كريم قاصدِ
ملحاً يفوح(6) على عليّ نشرها ... مسكاً وكافوراً بطيب محامدِ
قولا يقول لك الَّذي موَّلته ... بجميع مالك طارفٍ أو تالِدِ
أمقيل عثرة كل حرٍّ ماجدٍ ... ومقيل كل مديح بيت شاردِ
ومنزل الغُرف التي قد عُوليت ... شرفاً بها فوق السحاب الرَّاكدِ
ومدَبّر الملْك العقيم بفكرةٍ ... تجري العيون من الْحَديد الجَامدِ
وبصبر حر لا يقوم بصبره ... ركنا ثبير(7) حول برج عطاردِ
وعزيمة لو زاحَمت أركانها ... جَبلاً لأصْبَح كالصَّعيد الهامدِ
وصفاء سِرٍ للملوك كأنه الـ ... ـسلسال صفَّق بالنسيم الباردِ
__________
(1) بَكَرَتْ: بادرتْ.
(2) سقط من (أ): بها.
(3) طرف فاتر: ليس بحادِّ النظر. القاموس المحيط 423.
(4) استوكفا: اسْتَقْطِرَا. القاموس المحيط 795.
(5) في (ب): يسر.
(6) في (أ): يلوح.
(7) في (أ): يثير.

يا من أجاب من المظفَّر دَعوَة ... بيدي سعيداً في الثغور مساعدِ
حتَّى جَذَبت الشَّامخَات فأصبحت ... من بين أنياب الهزبر الصَّائدِ
بنمير(1) يوسف المليك وماله ... وبسَيفه المطفي لنار الكائدِ
أنشاك سيفاً يا ابن يحيى صارماً ... فكفيته عن كل حِسد الحاسدِ
فغدوت منه كناظرٍ من مقلة ... دون الأنام ومعصم من ساعدِ
ماذا تقول لحبر(2) أسرتك الَّذي ... نزلت ركائبه نزول الوافدِ
خير الأعاظم وارث الحجج التي ... قامت على الدُّنيا مقام الشاهدِ
جاءت به نزل الركاب مشحة ... لمآربٍ ومراتب وفوائدِ
ورمى إلى الملك الأغرِّ بطرفه ... وبنفثه من مستهامٍ رائدِ
فأتى جوابٌ لا سبيل إلى اللِّقا ... فابعث (بحاجك) نحونا في كاغدِ(3)
حاشا لخلق ابن الرسول وجوده ... وحياته وعلائه المتصاعدِ
ولسوحه الرحب الذي من يأته ... لم يرتحل إلا بحظ الحامدِ
وبحرمة الرحم الذي ما سوقها ... في البر والوصل الجميل بكاسدِ
فالحن لسلطان الأنام معرِّضاً ... بأنيق لفظك للحليم الرَّاشدِ
حتَّى ترد على ابن عمَّك جاهه ... غضاً وترغم فيه أنف الحاسدِ/33/
لا غرو أن أضحى ابن زيدٍ قاعداً ... عند المظفر فهو أزكى قاعدِ
بحر المحابر المساير(4) فضله ... ما ليس يذهبه جحود الجاحدِ
ثم ساق مسعود بن عمرو القصيدة.
رجعنا إلى كلام شيخنا - رحمه الله - في ترجمة العلامة ابن(5) زيد - رحمه الله - قال: ولمَّا قام الإمام الأعظم المنصور بالله الحسن بن بدر الدِّين محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى - عليهم السلام - نهض الفقيه بدعوته الشريفة ونصرته، ونزل معه إلى (ضمد)، ولعل عود الفقيه - رحمه الله -(6) إلى (كحلان تاج الدين)، كما يقتضيه تاريخ ما كتبه من خطه، فإنها السنة التي نزل فيها إلى (اليمن).
__________
(1) في (ب): بيمين.
(2) في (ب): الحبر.
(3) كاغَد: قرطاس.
(4) في (ب): عبيد الله بن (ظ).
(5) ليس في (ب): ابن.
(6) في (ب): كان.

103 / 182
ع
En
A+
A-