إبراهيم بن محمد الديلمي [ - ]
السيد البليغ المقول إبراهيم بن محمد بن الحسين الديلمي، أظنه المشهور بابن مدافع، سيد كامل الصنعة في النظم مجيد، وله المراثي والممادح الغر في القضاة آل أبي النجم، ومن جملة مرثيته للقاضي فخر الدين جعفر بن عبد الله:
إذا ما رأت عيناي حيّاً بغبطةٍ ... أتيح لهم خطب من الدَّهر فاجع
وإن عاش قوم في المسرَّة برهة ... أديلوا بغمِّ نازلٍ لا يدافع
أمن كلِّ وجْهٍ زائر الموت طالع ... وفي كلِّ دارٍ طائر الفوت واقع
وفي كل يوم للمنيَّة عسْكر ... له ذابلات في النحور شوارع
طمعنا ضلالاً في البقاء وإنما ... رأت أكذب الآراء تلك المطامع
ورُمنا انصراف الحتف عنَّا وقد رأى ... وأسمع منه الصدق راءٍ وسامع
مضت قبلنا قوم تحدث عنهم ... بأخبارهم صدق الحديث المواضع
وباد الورَى قرناً فقرناً فلَم يصن ... عزيز ولم تدفع يد الحتف شافع
وَلم يُنج ملكاً خيله ورجالُه ... ولا دافعت عنه القرَى والمصانع
ولكنَّها الآجال تمضي بأوِّلٍ ... وآخِرنَا لا شك والله تابع(1)
إبراهيم بن محمد بن الجَدُوبَة [260 - 330 ه تقريباً] (2)
إبراهيم بن محمد بن الجدوبة الصنعاني الشاعر، وجدوبة بيت من الفرس، الذين يقال لهم: فرس العدن، والمراد بالعدن ثانية، وكان إبراهيم أشعر أهل عصره، وسلك في شعره مسلك الكميت، ومن ترثيته في الهادي - عليه السلام -.
وغالت بنيه في الزمان غوائله ... وهَت عضد الإسلام واندق كاهله
ذكر ذلك السيد صارم الدين - رحمه الله تعالى -.
قلت: وفي هذه الطبقة، وفي هذا القرن /47/ إبراهيم بن الجدّ شاعر مفلق، رثى الهادي - عليه السلام - بالقصيدة الرَّائيَّة التي أوَّلها:
دموع مرتها واستهل غزيرها ... حرارات ثكل ليس يخبو سعيرُها
هو الثكل الأثكل البنين وإنمَّا ... يعفى على ثكل البنين شهورُها
وثكل أمير المؤمنين مجدد ... على الأرض ما هبَّت عليها دبورُها
ألا خابت الأيام ماذا تعاقبت ... علينا به آصالها وبكورُها
برتنا كما تبرى القداح بدوها ... وكرَّ لنا بالمصمئل(3) كرُورُها
لقد ضُمِّن الهادي إلى الحق حفرة ... مطهرة طابت وطاب نشورها
فصارت بُطون الأرض تزهو وطالما ... زهت بأمير المؤمنين ظهُورُها
وكانت قلوب المؤمنين بعدله ... مطهرة طول الحياة ودورُها
__________
(1) في (ب): وآخرنا والله لا شك تابع.
(2) أعلام المؤلفين الزيدية ترجمة (27) ومنه مصادر الحبشي 313، صفة جزيرة العرب 87، مصادر الفكر اليمني في العصر العباسي 1/ 297، قصة الأدب في اليمن 157، الإكليل 1/441، شعراء اليمن في الجاهلية والإسلام من اسمه إبراهيم.
(3) المصمئل: المشتد. (القاموس المحيط ص 941).
فقد أصبحت من بعده اليوم إذ ثوى ... مطهرة أمواتها وقبورُها
وكان لأهل الأرض في الأرض رحمة ... فلما تولَّى فاجأتهم شرورُها
أتخلو قلوب المؤمنين من الأسى ... وقد مات يحيى بن الحسين أميرُها
وأصبحت الدنيا وأمَّة أحمدٍ ... مُعطَّلة أمصَارُها وثغورُها
ألا أبلغا خولان في مُستقرِّها ... وهمدان ما أهدَى إليها مسيرُها
أناشدُكم بالله في منع دينكم ... وفي حرَم غال عليكم مهورُها
وفي بلدة كانت لكم قبل تبع ... بكم منعت آطامها وقصورُها
متى وَلَّى ابن رسول الله بين ظهوركم ... وسيرة عدل كان فيكم يسيرُها
دعوا عنكم الشحناء في ذات بينكم ... وكونوا له عوناً على من يثيرُها
فقد طال ما ذدتم عن الدين بالقنا ... وبالخيل تغدو بالأعنَّة فورُها
فعودوا لها لله درٌّ أبيكم ... ودرُّ نساءٍ ربَّأتكم حجورُها
فما هذه الكفار إلا عصابة ... مجمَّعة من كل فج نفيرُها
كلابٌ تعاوت فاستجاشت جموعها ... على غير دينٍ وابن فضل عقورُها
أما فيكم يا قوم طرّاً قبيلة ... يغار لبيع المحصنات غيورُها
ألم يأتكم ما نال صنعاء إذ طغت ... وكيف على الطغيان كان نكيرُها
ألم تخربُ البنيان منها فأصبحت ... تعفى على تلك المحاريب مورُها(1)
ألم تحرق الدُّور المشيدة عنوة ... ويُهدم(2) من بعد المساجد سُورُها
/48/
ألم تذبح الأطفال ذبحاً كأنها ... عقائر تجري بالدماء نحورُها
ألم تنهب الأموال نهباً فأصبحت ... وأعداؤها منها غنيّاً فقيرُها
ألم تقتل الأبطال صبراً وذلة ... ويصلى بأصناف العذاب أسيرُها
ألم يغبنوا عن دينهم ونبيئهم ... وتحبط من بعد الشقاء أجورُها
ألم يطحن الشيخ الكبير برغمه ... تدير الرحى أرَابُه(3) ويديرُها
وإني لأخشى مثلها بعد برهةٍ ... عليهم وأياماً يطول قصيرُها
__________
(1) مورها بالضم: الغبار المتردد، والتراب تثيره الرياح. (المرجع السابق ص 444).
(2) في (ب): وتهدم.
(3) لعلها: أرْآبُهُ أو آرَابه ليستقيم الوزن.
يطوف عليهم فتنة مُرحجنَّة(1) ... تثير بقايا القوم فيها مثيرُها
ولو نصحوا لله في ابن رسوله ... كما نصحت قلف(2) العبيد حميرُها
لما زالت النعماء فيهم مقيمة ... طوال اللَّيالي ما أقام ثبيرُها(3)
ولكنَّها خانته واستنصرت بهم ... عليه فقد ذلَّت وذلَّ نصيرُها
وما غضبت صنعاء يوماً لربِّها ... فقد رضيت حولين عنها نشُورُها
فعوذا من البلوَى التي نزلت بهم ... فإني لكم يا قوم منها نذيرُها
وأنتم إذا ما الحرب شدت لدى الوغى ... وقامت على رجلٍ وفارَ قُدورُها
تخطفتم الأقران خطفاً كأنها ... محاسير عريان وأنتم صُقورُها
وقد كرهت عدل الإمام قبيلة ... ومالت بها لذَّاتها وخمورُها
وكانوا ذوي ملكٍ وعزٍّ ومنعَةٍ ... فأمسى أجيراً لابن فضل كبيرُها
وما غيَّر الله المهيمن نِعمَةً ... بقَومٍ ولم يبد الغيَار كفورُها
فائدة
وقد كان إبراهيم هذا يلتبس علي بابن أبي البلس الخيواني الزيدي الشاعر المجيد لجامعَة مدحهما ليحيى - عليه السلام - وكان بليغاً، والقصيدة السينيَّة التي منها:
لو كان سيفك قبل سجدة آدمٍ ... قد كان جرَّد ما عصا إبليس
من شعره - رحمه الله - وقد اكتفينا بذكره هنا.
إبراهيم بن محمد البوسي [ - ق8 ه ](4)
__________
(1) مرجحنَّة: رحى مُرْجَحِنَّةٌ: ثقيلة. (القاموس المحيط. ص 1105).
(2) قلف: الأقلف: من لم يُخْتن. (المرجع السابق ص 781).
(3) ثبيرها: ثبير الخضراء. (المرجع السابق ص336).
(4) أعلام المؤلفين الزيدية ص: 86 - 69 ترجمة (29) وانظر بقية المصادر فيه.
الفقيه العالم الفاضل زين الدين أبو القاسم إبراهيم بن محمد بن سليمان بن علي بن محمد بن عبد الأعلى بن محمد البوسي - رضي الله عنه - قال بعض علماء (أهل)(1) المذهب فيه ما لفظه: القاضي الأجلُّ العلامة، الصَّدر الحبر المدرة(2) الأفضل النبيه البارع شرف الحفَّاظ، إمام الشريعة المحمّديّة، شيخ العصابة الزيديَّة صارم الدين، عمدة العلماء الراشدين، إبراهيم بن محمد بن سليمان، أعلى الله قدره ويسر بخير الدنيا والآخرة أمره، وساق استملاءه من شيخه إلى آخر كلامه.
قلت: هو مفخر للإسلام، ولهذه العصابة، له براعة وإتقان، وهو المتلقى لإملاء (الحفيظ)(3) من أستاذه لسان الشرع يوسف بن محمد الأكوع، وهذا (الحفيظ) من أجلّ كتب المذهب وأحواها للشوارد، بحيث لا ينبغي /49/ تركه لطالب تحقيق، وهو مخدوم بالشروح، وفيه يقول القاضي زين الدين المذكور:
حفظ (الحفيظ) مقال كل موافق ... وغدا يفيض بزاخرٍ متدافقِ
متوشحاً بمسائلٍ منثورةٍ ... متطوِّقاً بمسلسلٍ متعانقِ
مترادف متكانف متضمن ... لدقائق مشروحة وحقائقِ
جمعت علوم الفقه في أثنائه ... فتكللت بمحاسن وحدائقِ
لمهذَّبٍ حبرٍ نبيهٍ قد جلى ... جيد المسائل بالبيان الرَّائقِ
ونشا على عشق العلوم فلم يكن ... أبد الزمان لغيرها بالعاشقِ
فتطلّعت أنفاسه لسوابقٍ ... مأثورة وتفرَّدت بلواحقِِ
يا سالكاً في الفقه منهج مهتدٍ ... لا تقصدن سوَى (الحفيظ) الفائقِ
جمع (الكفاية) و(الزيادة) و(المنَى) ... حصر المسائل كلها باللاَّئقِ
سبعون ألفاً جرّدت في متنه ... من بعد ألفٍ بالمقال الصَّادقِ
__________
(1) زيادة في (أ).
(2) المدرة: تُراجع من الأصل.
(3) الحفيظ في الفقه منه نسخة بخط المؤلف في مكتبة السيد محمد بن محمد زبارة وأخرى خطت سنة 779 رقم (27) وثالثة خطت سنة 806ه برقم 134 فقه، ورابعة رقم 142 وخامسة خطت سنة 771، رقم 151 G، الأمبروزيانا.
أنشد هذا الشعر له الشيخ عبد الجليل بن حسين بن مشرع - قدَّس سرُّه - ولهذا الشيخ نسخة (الحفيظ لنسخة)(1) مخدومة أحسن الله جزاءه، وكان زين الدين ممن يسر له الشعر، وله (نظم التذكرة) على رويّ واحدٍ المسمَّى (بالزهرة الزاهرة) (2)، وإليها (الفرائض) (3)، وفي الأصول لكني لم أره، بل أخبرني بعض الشافعيَّة أنه في كتبه(4)، وكل ذلك على رويّ واحدٍ، ومن العجيب أنه الذي جمع (الحفيظ) والفقيه حسن بن محمد النحوي شرحه، والفقيه الحسن ألَّفَ (التذكرة) وزين الدين نظمها، ومن شعره - رحمه الله تعالى - تقريراً لقول الشيباني:
إن الثمانين وبُلِّغْتَها ... قد أحوجت سمعي إلى ترجمان
فقال:
وأحوجت عينَي بعد الضيا ... إلى سؤال الناس من بالمكان
وأحوجت رجلي بعد القوَى ... إلى التعصِّي وركوب الأتان
ولم يحضرني عند كتابة هذا تأريخ موته(5)، ولعلي أثبتها - إن شاء الله تعالى - وقد يوجد في تراجم الأصحاب الموثوق بهم أن البوسي ناظم التذكرة هذا اسمه محمد وتكرر هذا، ولكني وجدت هذا أثبت والله أعلم.
__________
(1) سقط من (أ).
(2) الزهرة الزاهرة في فقه العترة الطاهرة نظمها في أربعة آلاف وخمسمائة وثمانين بيتاً على روي واحد، وعليها شرحٌ من نسخة في الامبروزيانا برقم 76 c وأخرى بالمتحف البريطاني برقم 429 ذكرها بروكلمان، وقد شرحها العلامة الحسين بن الناصر المهلا في أربعة مجلدات باسم المواهب القدسية شرح المنظومة البوسية.
(3) لم أجد له نسخة خطية، وفي طبقات الزيدية: وسماه بالزهرة الزاهرة في فقه العترة الطاهرة، وفيها الفرائض والأصولين.
(4) أي في الزهرة الزاهرة وليس كتاب ......... .
(5) بعد سنة 779 ه التي كتب فيها نسخة من كتاب (الحفيظ).
إبراهيم بن محمد بن إبراهيم [ - ]
الفقيه العلامة إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن محمد - كذا ذكره بعض النسَّابين مكرراً - ابن يوسف بن محمد بن يزيد بن مزهر بن كريب بن الوضاح بن إبراهيم بن ماتع بن عوار بن مانع الفياض بن عامر بن بطرس بن ذي حوال بن عوسجة، كان عالماً، وأهل هذا البيت سابقون في الفضائل، وسنكرر أخبارهم - إن شاء الله تعالى - ونسب هذا العلامة يلتقي بنسب أسعد بن أبي يعفر الذي عمر مجنب (جامع صنعاء الشرقي) في سنة نيف وستين ومائتين في كريب ابن الوضاح؛ لأنه أسعد ابن أبي يعفر إبراهيم بن محمد بن يعفر عبد الرحمن بن كريب بن الوضاح.
إبراهيم بن محمد الكرري [ - ](1)
الفقيه الإمام العلاَّمة إبراهيم بن محمد بن الكرري، شيخ العلامة علي بن إبراهيم بن عطيَّة - رحمه الله تعالى - في كتب المذهب وغيرها، وهو من تلامذة الحسين بن محمد بن علي بن يعيش النحوي.
__________
(1) طبقات الزيدية الكبرى (القسم الثالث) 1/ 76 ترجمة (18).
إبراهيم بن محمد بن مسعود الحوالي [ - 1008] (2)
الفقيه المذاكر صارم الدين إبراهيم بن محمد بن مسعود الحوَالي - رضوان الله عليه - قال الفقيه اللغوي الأديب عبد الله بن المهدي - رحمه الله تعالى - في ترجَمته ما لفظه: كان من حفّاظ مذهب أهل البيت الطاهرين، بل إمام حفّاظ المذاهب الأربعة - نفع الله بهم - وكان أوحد أهل زمانه حفظاً للأدلَّة ولأقاويل السَّلف - نفع الله بهم - إذا تكلم على المسألة من الفقه احتجّ لها بما عليها من الحديث النبوي، وبما تفرع عليها من أقاويل الصَّحابة والتابعين والفقهاء وأقوال أهل البيت حتى كأنَّما يغترف من بحر، ويحتج لكل صاحب مذهب من الكتاب والسنة في قوله، وينصف كل عالم من علماء الأمَّة، بريئاً من التعصّب لمذهبه أو مذهب غيره، قد ملئ يقيناً من فضل علماء المذاهب الأربعة مع قيامه بمذهب أهل البيت - عليهم السلام - الذي هو مذهبُه، وكان طول زمانه مشتغلاً بالتدريس والإفادة، يحكى أنه أقرأ (التذكرة) خمسة وخمسين مرَّة، مع إجماع فقهاء أهل البيت على فضله وإتقانه وتحقيقه، وكانوا يرجعون إليه في كل أمرٍ ينوبهم، لا يدفعون مسألة يمليها، أو يفتي بها مع بحثهم عنها أشدَّ البحث، يوردون الشُبَه فيحلُّها، ولا يستدركون عليه شيئاً في فتيا أو تدريس، وكان من تواضعه إذا وجد الفتوى من فقيه غلطاً لم يكتب جوابه عنده الذي هو الصَّواب، ويكتب الفتوى في ورقة أخرى ويقول: ربَّما وهم بعض الأصحاب بكذا.
__________
(2) طبقات الزيدية الكبرى (القسم الثالث) 1/ 77 - 78 ترجمة (19) وانظر بقية مصادر ترجمته فيه.
وكان كثيراً ما يهمّ بالعزلة فيقف على شيء من أغاليط الفقهاء في فتاويهم وأقضيتهم فيقول: وجب عليَّ شرعاً ترك العزلة، ويجتهد في إفادة الطلبة، وكان أحسن الناس خلُقاً، وأسهلهم جانباً، وأكرمهم نفساً، صدقاته وأياديه تفيض فيض الوبل، وكان عذب الفكاهة كريم السجية، يتعهَّد أصحابه، ويزورهم، وكانت قلوب الخلق مجمعَة على محبته، وتعظمُه الملوك والرؤساء لدينه وعلمه وورعه، ولا يردُّون شفاعته، ويسترّون برؤيته، وكان محبوباً عند كل أحد، وإ ن لم يخل فاضل من حسدٍ.
قال السيد الأكرم فخر الدين كاتب ترجمته، وقرأت عليه (الأزهار) وشرحه (والتذكرة) وبعض (البحر) و (صحيح البخاري) جميعه، وكان يتكلم بما تفرع من فوائد الحديث، ويذكر احتجاج العلماء به من أهل المذاهب ومن السلف الماضين، يغرف من بحرٍ لا تكدِّره الدلاء، ويملي من سيب /51/ تتقاصر عنه الأنواء، وبالجملة ففي وصفه يحتار لُبُّ الواصف، وقد أردت أتبرك بقطرة من محاسن ذكره، فكتبت هذه الأحرف والله ينفعني به ويعيد من بركته، وكانت وفاته - رحمه الله - في شهر ربيع الأول من سنة ثماني وألف وقبره (بهجرة الظهرين)، - حرسها الله بصالحي عباده - إلى جنب قبر السيد الفاضل الجليل علي بن فاضل الحمزي - نفع الله به - في القبَّة المعروفة، كتب ذلك حفيده، وولده عبد الله بن المهدي بن إبراهيم عفا الله عنه، انتهى بحروفه، وفي أثناء الترجمة ما يدُل على أنه نقلها عبد الله المذكور: من ترجمة كتبها السيد فخر الدين، ويظهر أنه أراد منها شيئاً، قال حفيده المذكور وقد رثاه مولانا السيد المقام المنطيق المفوَّه علم الآل ومدرهم، عزَّ الدين محمد بن عبد الله بن الإمام شرف الدين - عليه السلام - بقصيدة مطلعها.
نبئت أنَّ الحبر إبراهيما ... ازْكَى الورَى سمتاً وأكرم سيما
علم الشريعة خير أرباب الحجى ... خُلقاً وخَلْقا كالربيع وسيما
بحر فرات بالعلوم تلاطمت ... أمواجُه لمَّا زخَرن علوما
قالوا: ثوَى فانحلّ سلك مدامعي ... وغدا فؤادي بالأسى مكلوما
أسفاً على علمٍ عَفَى لمَّا ثَوَى ... فمريع مرعَاهُ استحال هشيما
ومنها:
يا وجه آل حوال أرباب النُّهى ... وأَولى المعالي والفخار قديماً
إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى [100 تقريباً - 184 ه ]
الشيخ المحدث، إمام العدليَّة، وحجَّة أهل الحديث، إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى المدني، شيخ الإمام الشافعي - رحمه الله - كان من علماء الزيدية ورؤساء أهل العَدل، أمَّا كونه عدليّاً فأشهر من الشمس على رؤس الرّبا، كما ستعرفه من سياق ترجمته الآتية، وأمَّا كونه زيدياً فنقله الشيخ العالم الزَّاهد السَّعيْد وليُّ آل محمد القاسم بن عبدالعزيز بن إسحاق بن جعفر البغدادي - قدّس الله روحه في الجنة-. وهو من الحفاظ الأثبات، وممَّن لا يمترَى فيما نقله.