راوية أخرى من منام آخر مسند إلى الفقيه العالم سعيد بن محمد الحارثي، قال: كنا في جهة المغرب فرأينا آية عظيمة، وذلك أن أهل المغرب رأوا نوراً عظيماً قبل وقت العشاء الآخرة يشبه اصفرار الشمس عند غروبها ما لم تجر العادة بمثله فجزع الناس من ذلك فظنوا أنها آية آخرته، ثم تخلت تلك الصفرة وعادت ظلمة الليل قال: فلما نمت تلك الليلة رأيت في المنام أن شخصاً يقول: دريت ما سبب ذلك النور؟ قلت: لا، قال: ذلك باب مغلق منذ خلق الله الدنيا وما فتحه حتى الليلة، وهو باب رحمة قد فتحه للناس قال: فوقفت بعد المنام أيام قلائل، وبلغت دعوة الإمام المهدي عليه السلام.
رواية أخرى من منام آخر إسنادها إلى الفقيه الطاهر التقي يحيى بن قاسم الصريمي، وهو رجل معروف بالصلاح والورع أنه رأى في المنام أن الإمام المهدي قبل قيامه يمر على القبور وهو يبعثهم أحياء.
قال الراوي: وكنت في الليلة التي رأيت فيها المنام في موضع مع الإمام ومعنا الشريف الطاهر عامر بن زيد الشماخ، قال: فأخبرت الإمام بالرؤيا وكان معه الشريف عامر حاضراً، ولم أخبر باسم الذي رأيت قال: فعبرها الشريف عامر فقال: إن كان هذا الشريف فهو إمام حق؛ لأن الناس قد ماتوا في أديانهم، وذلك قبل قيام المهدي بنحو من خمس سنين. والله أعلم.
رواية أخرى من منام آخر مسندة إلى الشريف الفاضل قاسم بن محمد من أهل عيان ونواحيه قال: رأيت كأن الإمام المهدي على ربوة عالية وعنده جماعة من أهل العلم يعولون عليه في البيعة وهو يكاد أن يمتنع قال: وجبريل عليه السلام قائم على رأسه وهو يقول: بايع، فما يقول من كلمة ولا يقولون من كلمة إلا وأنا شاهد عليها وراض بها، وذلك قبل قيامه بمدة طويلة.
رواية أخرى من منام آخر مسندة إلى رجل من المسلمين من قرابة بني العصيفري، أن الناس في واد يرمون ناراً فاستوحشوا منها لتأججها وإذا بهاتف يهتف أنها نار كنار موسى نور وليست بنار، وقرأ: {وقل جاء الحق وزهق الباطل}(1) قال: وكان ذلك قبل قيام المهدي بأيام قرائب.
رواية أخرى من منام آخر إسنادها إلى سليمان بن حنظلة الصنعاني رأى كأن الناس يحجون إلى ثلاء.
رواية أخرى من منام آخر مسندة إلى الشيخ الطاهر المجاهد حاتم بن سليمان الضريوة، وكان من الصالحين رأى أن شخصاً يقول: {ياقومنا أجيبوا داعي اللَّه}(2) قال : وكان ذلك في أول الحول قال: وكان في آخر الحول، وقد قام الإمام المهدي فرأى الشخص الذي كان رآه قبل يقول له في المنام: الذي رأيته في أول
الحول{ياقومنا أجيبوا داعي اللَّه} هو هذا الإمام القائم الذي قد ادعى.
رواية أخرى ومنام آخر إسنادها إلى الشيخ الطاهر الحسام بن منصور بن محمد الضريوة رأى كأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي في مسجد الإمام المنصور بالله في ثلاء وأنه صلى خلفه وبايعه بعد خروجه من المسجد، وقريباً منه فلم يلبث أن وصل الإمام المهدي عليه السلام وصلى في المسجد بعينه، وخرج وبايعه الشيخ المذكور كما رأى.
رواية أخرى من منام آخر عن الشيخ الطاهر حاتم بن هلال قبل قيام الإمام المهدي بنحو من سبع سنين، وهو في الدرس بعد أن قد عظم ذكره في الأقطار رأى أن الإمام المهدي في مسجد جامع وعليه شملة سوداء ملتحف بها، وعن يمينه نيام، فقال له الإمام: يا حاتم أنبه أولئك النيام فصل بهم قال: فأنبهتهم، قال: فصليت بهم، قال: ثم عبرت الرؤيا على رجل من أهل المعرفة ولم أخبره لمن المنام، فقال: ذلك رجل يملك الأرض، والجامع دنيا على قدر سعته، والشملة السؤدد، والنيام قوم خاملون في الذكر يعلي شيئاً من أمرهم.
رواية أخرى من منام آخر عن حاتم بن هلال هذا وهو رجل من الصلحاء أن شخصاً يهرب وهو ويقول له: السيد أحمد بن الحسين إمام مفترض من الطاعة، قال: فقلت له: ما دليلك؟ قال: من شك فيه فقد شك في النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال هذا الرجل: رأيت المنام قبل أن أعرف الإمام ولا أتصل به، وكان داعياً له إلى الاتصال به.
رواية أخرى من منام آخر إسنادها إلى حي الأمير الطاهر السيد فخر الدين إبراهيم بن الإمام المنصور بالله عليه السلام رواها عن رجل من المسلمين أنه رأى أن الناس يصلون إلى الإمام المهدي عليهم السلام وذلك قبل قيامه بمدة وهو كالقبلة التي يستقبلها المصلون من الجهات الأربع اليمن، والشام، والمشرق، والمغرب.
رواية أخرى من منام آخر إسنادها إلى رجل من المسلمين أنه رأى في المنام علياً عليه السلام نزل من السماء، ومعه صفوف الملائكة عليهم السلام فسأل عنهم فقال علي عليه السلام: نزلنا في نصرة هذا الإمام، وذلك في الليلة التي كانت صبيحتها وقعة حضور.
قال الراوي: قال الفقيه أحمد بن حنش: رأى السلطان الليث بن حنش قبل قيام المهدي بمقدار سنة ونصف أن شخصاً يقول له في المنام:
يا فروخ الجوالب عودي
غردي ثم زوكي وادعيني
ما بقيت غربة بل مهدية ... بشري الناس بالحق المبين
جبر شامل مع العالم سنين
بسعادة أمير المؤمنين
رواية أخرى من منام آخر إسنادها إلى الشريف علي بن مدافع أنه رأى شخصاً ومعه مفاتيح قال: لمن هذه المفاتيح؟ فقال له: هذه مفاتيح السماوات والأرض، وقد أمرت بتسليمها إلى السيد أحمد بن الحسين.
قال الراوي: وذلك قبل قيام الإمام بشهرين.
رواية أخرى من منام آخر إسنادها إلى الفقيه حنظلة بن أسعد، وكان كثير الروايات والغلو قال: رأيت مناماً والإمام المهدي في ثغر سناع، وقد تفرق عنه الناس كأنه عليه السلام في مكان عال على باب خيمة مضروبة منفردة، وعن يمينه رجل يسمى ظفر بن زريق قال فقلت: يا مولانا قال لي ظفر بن راشد، وهو كالمستوحش من الإمام: قل له يحزم من قوم من سنحان مع الأسد، وهو قريب من المحطة لا تكموا عليها، قال: ثم قلت عقيب هذا في النوم: بت يا أمير المؤمنين، أتفكر في هذه الآية: {إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون، قل لن يصيبنا إلاما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون، قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم}(1) قال: فقال لي شخص وقد قبض على يمينى: أنت ترى هذا النور على أربعة آلاف من الملائكة، وقد نزلوا في نصرة هذا الإمام وهم الذين أمدوه يوم حضور.
قال الفقيه حنظلة: رأيت هذا المنام ليلة الجمعة لخمس بقين من شهر شعبان سنة سبع وأربعين وستمائة قال: ونهض الإمام من سناع إلى ثلاء لعشر بقين من رمضان فكان ما كان من الفتوح في آخر تلك السنة.
قال السيد شرف الدين رضي الله عنه: وهذا المنام شهد على حنظلة في حضرة أولئك الملائكة عليهم السلام بما فعله آخراً مع صاحب هذا المنام فالله المستعان وعليه التكلان.
رواية أخرى من منام آخر إسناده إلى الشيخ الطاهر عبد الله بن يحيى وفيما أحسب أني سمعته من الإمام بالزيادة في آخره.
قال الراوي: قال الإمام المهدي: إنه رأى في المنام كأنه يرمل برجز وهو فيما أحسب مروي عن علي عليه السلام أوله:
قد علمت ميالة الذوائب
أني غداة الروع والتغالب ... واضحة الخدين والترائب
أشجع من ذي لبدة مواثب
قال: ثم صاح الناس مجيبين له، وفيما يغلب على الظن أن الإمام قال: ثم صرخ بأعلى صوته كما يفعل المرمل، وأجابه الناس من كل ناحية أو كما كان في اللفظ.
رواية أخرى ومنام آخر بإسناده إلى الفقيه حنظلة بن أسعد عن الإمام المهدي في مدة الدرس قال: رأيت كأني أسابق الأمير عز الدين محمد بن الأمير شمس الدين بن الإمام المنصور بالله عليه السلام حتى أشرفت أنا وإياه على صحراء من الأرض في أسفلها قصر للمنصور عليه السلام قال: فسابقت حتى دخلت القصر قبل صاحبي، وصعدت أعلاه، ثم أشرفت من أعلاه وصاحبي لم يدخل بعد.
وهذا ما اتفق من المنامات عند التعليق، وفيما أحسب أن ما لم يعلق أكثر مما علقناه، والله الموفق والمعين.
(فصل)
وأما القسم الرابع فيما ذكرنا من فضائله وبركاته في النذور وما يجري مجراها من الدعوات، والكتب والمسح بيده المباركة على ذوي العاهات والعلل وذوي الأعراض للاختبار والاستظهار، والترجيح للبراهين على صحة إمامته وفضله فاعلم أن هذا القسم مما لا يتسع له كتاب منفرد ولأن ذلك كان أمراً مستمراً من قبل قيامه ثم بعد قيامه، ما كان كالمعجز من قصة التنين اسم رجل بصعدة وحجر سنحان بالعمري من أسفل وادي يكلا وقيام المقعد في ثلاء، وقيام المقعد من أولاد الغز، وغير ذلك، ثم بعد استشهاده وقبره وما شهد به الجم الغفير، والعدد الكثير من الأطهار والمسلمين مما رأوا في جسده الشريف من الآيات، والرائحة التي كأنها العنبر الخام، وروائح المسك عند قبره والآيات والعجائب ما نذكر ذلك في موضعه، ونحن الآن ذاكرون جملاً مما كان من بركاته قبل قيامه، ونردفها بما حفظناه عند التعليق بعد قيامه في حياته ليكون الأمر على نسق ونظام.
(فصل)
قال السيد شرف الدين رضي الله عنه: أصابني مرض في شهر ربيع الأول سنة خمس وأربعين وستمائة، وهو حمى حادة حتى انتهى الحال إلى زوال العقل والاختلاط، ووقع الإياس من الأهل، وأشفق عليَّ من رأني مقدار أسبوع، ثم من الله بالعافية والعرف فرجع عليَّ عقلي، وعقلت بالناس نهاراً أوبعض نهار، ثم حدث عليَّ فهاق عقيب الاستفراغ وحينئذٍ وقع الإياس والإشفاق من أهل المعرفة بالطب، فكنت أفهق الليل والنهار على الاتصال، فإن سكن قليلاً فهو كرب وضعف وسقوط قوة، وصفرة في العينين واليدين وخروج الدم من الصدر حتى أيس الطبيب، وبكى الحبيب، وما نجع دواء ولا حصل شفاء، وأقمت كذلك ثلاث عشرة ليلة بأيامها، ولم يبق إلا الجلد والعظم والنفس الضعيف، والأهل متوقعون الموت ليلاً أو نهاراً، فلما طال الألم خطر ببالي في ليلة من الليالي أن أنذر للإمام المهدي شيئاً فحدثت نفسي بالنذر له وعقدته على قلبي فلا والذي نفسي بيده ما مرت ساعة بل تحققت أني فهقت إلا مرة واحدة، وانقطع ضربة واحدة، ثم نمت ليلتي تلك، وهذا أمر لم يعلمه إلا الله مني في تلك الساعة وهو أمر كالمعجز.
رواية أخرى إسنادها إلى السلطان الفاضل عفيف الدين الحسن بن إسماعيل الشهابي قال: إنه عرض عارض لبقرة له فأمر للجزار ليذبحها فلما دخل الجزار قال: ذكرت أني أن أنذر للسيد أحمد بن الحسين قال: فنذرت نصف عشر قيمتها قال: فقامت من حينها، وزال ما كان أصابها، وعاد الجزار.
رواية أخرى إسنادها إلى الفقيه حنظلة بن أسعد أن الإمام عليه السلام قبل قيامه مر بأهل الفصيرة في وقت جراد خرجت على أهل البلاد فأكلت زرايعهم فسألوه أن يكتب كتاباً ليصرف الله عنهم الجراد فكتب لهم، ونذروا له نذراً فأكلت البلاد إلا بلدهم فسلمها الله ببركته.
رواية أخرى عن رجل من الأشراف غاب عني اسمه أنه كتب إلى الإمام من جهة الشرف أن رجلاً نذر له نذراً في عنز حامل فولدت تلك العنز جدية وأن الجدية حلبت لبناً وهي لأقل من أربعين يوماً من مولدها.
رواية أخرى إسنادها إلى الفقيه الطاهر يحيى بن القاسم الصريمي صاحب عرس أنه أصابه طرش في أحد أذنيه فقال: اللهم إن زال عني هذا الوجع إلى كذا وعينه في اليوم الثاني فإن للسيد أحمد بن الحسين نذراً دراهم فزال الوجع قبل ذلك الوقت المعين.
رواية أخرى إسنادها إلى الفقيه حنظلة بن أسعد عن الشيخ محمد بن علي الحيداني أنه أصابه وجع في كلوة قال: فقال له ابن أخيه علي بن عمرو: أنذر للسيد أحمد بن الحسين قال: فنذر فعوفي من ساعته قال: ولم يكن يجري عادة أنه يعافى في مثل ذلك؛ لأنه كان كثيراً ما يصيبه.
رواية أخرى وروى الفقيه حنظلة فيما أحسب على الشيخ محمد بن علي أن فرساً له من جياد الخيل أصابها وجع في حلقها فنذر للإمام أحمد بن الحسين فزال ذلك.
رواية أخرى رواها الفقيه حنظلة عن الأمير المتوكل شمس الدين أحمد بن الإمام المنصور بالله عليه السلام أن رجلاً من البدو أتى إليه وهو في قرية ورور، ومعه راحلة فمرضت عليه الراحلة وكادت تتلف، فقال له الأمير المذكور: أنذر للسيد الإمام أحمد بن الحسين فنذر له نذراً فبرئت الراحلة، وقامت من ساعتها وحينها.
رواية أخرى رواها الفقيه حنظلة بن أسعد قال: حكي له عن رجل من أهل الخيل أنهم نذروا نذوراً كثيرة في خيولهم للإمام المهدي قبل قيامه فوافق ذلك مرادهم قال: وهي روايات عجيبة، وعجائب متواترة غريبة.
رواية أخرى إسنادها إلى الشيخ الطاهر حاتم بن هلال حكى أن له ولداً مرض حتى يئس منه وغمضوه للموت فنذر في تلك الحال للإمام قبل قيامه فقام الولد من ساعته وعوفي.
رواية أخرى عن حاتم بن هلال هذا أنه كان عند الإمام في ذيبين قبل قيامه فأتى إليه رجل من جهات الصيد برضيع غنم وحكى قصة عجيبة قال: إني كنت أرعى غنيمة لي فعدا الذئب عليّ وحمل هذا الرضيع الذي أتيت به، قال فقلت: يا ذئب: إنه للسيد أحمد بن الحسين، قال: فطرحه ولم يضره بشيء، وهذه عجيبة.
رواية أخرى إسنادها إلى الفقيه العالم الطاهر الورع تقي الدين علي بن سلامة الصريمي قال: إن رجلاً من أهل حجة يقال له علي بن إبراهيم كان زائراً للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فأصابته فطور في رجليه فآلمته حتى لقد تعذر عليه أن يقوم عليها، فقال له الراوي: أنذر للسيد أحمد بن الحسين فنذر له درهماً إن تماثل، ولم يتخلف عن رفقته فأشهد الناذر على نفسه أن فطوره خذّت وسكنت وسار قليلاً، ثم عوض راكب على راحلة في ذلك القفر وهو الخبت الذي دون المدينة فأركبه إلى مسجد قباء على ميل من المدينة أو نحو ذلك.
رواية أخرى رواها الفقيه العالم تقي الدين علي بن سلامة الصريمي عن القاضي حسين بن محمد بن إبراهيم أنه كان حاجاً ثم راح من مكة حرسها الله تعالى، وهو مريض وكان معه ثلثمائة درهم قفلة أو نحو ذلك له ولغيره فخرج على الحاج في عقبة لهده فلم يقدرأن يهرب فنذر للسيد أحمد بن لحسين ثلاثة دراهم قفلة ووقف مكانه فنهب عن يمينه وشماله وسلم.
رواية أخرى إسنادها إلى الفقيه الطاهر تقي الدين علي بن سلامة الصريمي قال: إن والده رحمه الله نذر للسيد أحمد بن الحسين نذراً سماه في زرع له من البلس إن لم تأكله الصيود فأكل ما فوقه وتحته، ولم يجد في زرعه أثر للصيد إلا ظبياً أخذ منه غصناً فأسقطه ولم يأكله.
رواية أخرى رواها الفقيه العالم التقي تقي الدين علي بن سلامة الصريمي عن رجل من عرضي شاكر غاب عنه اسمه أنذر للسيد أحمد بن الحسين نذراً في بقرة شلت ضروعها أو بعضها فعادت وحلبت.
(فصل)
ومن كراماته وفضائله ما رواه الفقيه العالم فخر الزهاد، وقدوة أهل العصر أحمد بن عريق رحمه الله، وكان شديد الحرص في ملازمة الإمام ليلاً ونهاراً من صغره إلى أن تزوج في ذيبين، وكان له كالوالد الشفيق قال: فقدت السيد أحمد بن الحسين في ليلة فطلبته ودخلت مسجد ابن زربون المشهور فرأيت نوراً ساطعاً فتعجبت من ذلك ولحظت ببصري إلى سدد في المسجد لعل ضوء سراج أو ما يجري مجراه فلم أر شيئاً فنظرت إلى السيد وهو نائم في المسجد عند المحراب وقد سطع نور من جهته في جدر المسجد، قال: وكان ذلك وهو في أوان الإدراك، وهذه الرواية من العجائب ولا سيما من مثل هذا الفقيه الزاهد رحمه الله تعالى.
رواية أخرى من كراماته عليه السلام عن رجل من مراد قال: أخبرني مؤذن المسجد في غيل مراد قال: أتيت المسجد على جاري العادة لأذكر فيه آخر الليل قال: فرأيت نوراً عظيماً، وهو في آخر ليلة من المسجد قال: فتعجبت من ذلك وظننت أنه قد أصبح في المسجد فأتيت المسجد وإذا بالجماعة يصلون فيه فسألت بعضهم فقال: إن هذا السيد أحمد بن الحسين وصل إلى هذه الجهة في الليل وغرضه النهوض بعد الفجر إلى براقش.
رواية أخرى من دعواته المستجابة إسنادها إلى الفقيه حنظلة بن أسعد قال: إن الإمام قبل قيامه مر برجل يضرب امرأة فقال: مهلاً أشل الله يدك قال: فشلت يده من ساعته، ثم إنه أتى إلى الإمام وتاب واستغاث فزال عنه الشلل.
رواية أخرى عجيبة مشهورة أن رجلاً من براقش أتى بغنمه إلى جربة قد كان وهب علفها للإمام قبل قيامه وهو هنالك فتقدمت شاة من الغنم لتأكل من العلف الذي للإمام فقيل له ازجر شاتك أو معنى ذلك من علف السيد فاستهزأ بذكره فلم تلبث الشاة أن ماتت من وقتها.
(فصل)
وقد روي أن أقواماً كانوا قبل قيامه من أقطار الأرض إذا ركبوا في الفلك وعصفت بهم الريح أنهم يفزعون إلى البركة والنذور له سلام الله عليه.
رواية عجيبة من فضائله[16أ-أ] شهد بها من لا ينحصر عددهم وهي الجربة في وادي قعود لمّا مر عليه السلام في اليوم الذي وصل منه إلى ثلاء ولقيه رجل من أهل الوادي بقطعة من التراب من جربة له فنفث في تلك القطعة وأخذها الرجل فذراها في جربته فجاء سيل أتى من بلاد بعيدة لم يقع عليهم مطره فسقط تلك الجربة وهي وسط الوادي ولم يشرب ما فوقها ولا ما تحتها، فكانت آية من مضى من تلك الناحية فعجب منها الناس وازدادوا ذكرى وبصيرة.
(فصل) في ذكر جمل من عيون فضائله بعد قيامه عليه السلام.
أما المشهورات من فضائله صلوات الله على جده وآبائه وعليه وسلامه: فمن ذلك أنه عليه السلام بعد قيامه مسح على صبية كان بها علة عظيمة قد تطاول سقمها فعوفيت، وأنسيت تفصيل قصتها عند التعليق والله المعين.
ومن فضائله المشهورة أنه عليه السلام بعد البيعة لما تهافت الناس عليه فكانوا يأتون من النواحي البعيدة لحضور صلاة الجمعة، وكان في تلك المدة مطر عظيم فلم يكن ينفك المطر متواصلاً كل يوم وخصوصاً آخر النهار إلا يوم الجمعة، فلقد رأينا آية عظيمة باهرة وذلك أن السحاب يتراكم إلى وقت الصلاة ثم يتفرق حتى تنقضي الصلاة، وربما لا يقع في ذلك اليوم مطر على الناحية وربما يقع بعد قضاء الصلاة، ولقد صلينا معه جمعاً متوالية فما أصابنا مطر وكل يوم يأتي المطر دائماً.