والله أعلم بصحته.
رجع الحديث
وأقام أمير المؤمنين إلى أيام خلون من شهر شعبان سنة أربع وخمسين وستمائة، وأمر أسد الدين محمد بن الحسن إلى الإمام عليه السلام رسلاً يطلب الرجوع إلى الإمام والجهاد معه فقال أمير المؤمنين: إن هذا الرجل قد غدرنا مرتين فكيف الطريق إلى الثقة به، فقال المتوسط: إنه قد يئس من ابنه، وأخيه، وأنه قد ألجئ إلى ذلك، فلم يبرحوا بأمير المؤمنين يفتلونه على الذروة والغارب حتى أسعف، وكان المتوسط في ذلك الأمير الكبير علم الدين علي بن وهاس، والسلطان الأجل سعد بن سالم بن علي بن حاتم بن أحمد العمراني اليامي.
(قصة الصلح وما وقع فيه من الشروط)

منها: الدخول في الإمامة، والالتزام بأحكامها والخطبة، والسكة للإمام، والبلاد من نقيل صيد إلى عجيب نصفان، وإقامة الجمعة، والقاضي المحتسب من تحت يد الإمام عليه السلام، والصوافي على الخطوط المتقدمة، وأملاك الأسداد له، والدار السلطانية وسيناها للإمام وأحلاف الأسد دخلون معه في صلحه، وهمدان، ومن كان معهم على مذهب الزيدية فهو منه، ومن كان باطنياً فليس إلا بالسيف، والمستفتح من المدن، والحصون على هذه الشروط، وأن[128ب-أ] أسد الدين يبقى على مذهبه مذهب الشافعي، والبحث عليه، وله الإجلال، والإعظام، والشفاعة، والمنزلة، وعليه النصيحة في السر والعلانية، وعلى أشياء تخص مماليكه، وأخلافه قد ذكروها، وصنعاء نصفين، وذمار للإمام عليه السلام، ومحمد بن سليمان بن موسى، وهبة بن الفضل، وأهل القصر، وأسعد بن سعيد لا يقلبون، وعلى أسد الدين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما جرى من جهته أمر يسوؤه فإن فيه من المخارجة شهر كامل، ولأسد الدين الفسح في المخاطبة، والسعاية في أهله، وعليه الحرب والجهاد في سبيل الله، والضمنا في الوفاء في ذلك على أسد الدين الأمير علم الدين علي بن وهاس، وجمال الدين عبد الله بن وهاس، والسلطان سعد بن سالم، وعلي بن حاتم، والشيخ علي بن الرياحي، ومماليك الأسد المذكورة أسماؤهم أقوش الألفي، ويكتمر العلاد، والمشطوب، ويوسف بن علي، وسنقر شاه، وشرطوا أنه إن جرى منه خلل على الإمام أنهم يسمعونه صوت الذم، وأنهم محاربون له مع الإمام، ووقع الصلح على هذا وكتبت الكتب، وأخذت الذمم، رأيت أمير المؤمنين، ورأيت الأسد، وأشهد أمير المؤمنين الناس على ذلك، وأشهد الأسد أيضاً، واختلط الناس، ودخل الأمير السيد العالم شرف الدين الحسن بن وهاس فيمن معه إلى صنعاء، وأقيمت الجمعة في صنعاء ثلاثاً.

قال الراوي: ثم لم يلبث أن وصل هبة بن الفضل لما علم أنه قد استثنى من الصلح، وأظهر التوبة، وكتب وصية يتضرع فيها إلى الله بالتوبة، وإلى الإمام بالقبول، ويتمثل بقول القائل:
ا إمام الهدى إليك اعتذاري
?
?
وإلى الله توبتي من ذنوبي
وأرسل بكتاب إلى بعض خواص أمير المؤمنين، فلما رأى الإمام كتابه قال: إنا لا نحتل فيما عقدناه للأمير أسد الدين، وأما التوبة فمن تاب تاب الله عليه، ويقبل عذره، وأما المخالطة فما يخالطه حراسة منه عليه السلام، وكتب في خلال ذلك كتاباً إلى بعض أصحاب أمير المؤمنين، وعذره وأراه النصح للإمام وأنه يحمل الصلح بين الإمام وبين السلطان فاختدع ذلك الصاحب ووثق بكلامه فكتب إليه كتاباً جميلاً، وكان ذلك قبل أن يتم الإصلاح بين الإمام وبين أسد الدين كل التمام أو رآه إنا لا نكره المنفعة، فلما وصل إليه الكتاب نزل من ساعته إلى أسد الدين فسأله عن الصلح بينه وبين الإمام فقال له: تم على ما نريد أو معنى ذلك ثم حلف له الأيمان إني ناصح لك، وإنك مقتول، وأنا رسول من بعض أصحاب الإمام إلى السلطان بتسليم ثلاثين ألفاً قبلك، وهذا خط وزير الإمام جواباً لي في طلب الصلح من السلطان، وتكلم معه بما طير عقله، ولم يرد النظر معه إلى عقد فعند ذلك نكص أسد الدين على عقبيه، ونكث العهود والعقود، وخرج من صنعاء من قد كان فيها من جهة الإمام عليه السلام من المهاجرين وفي خلال ما جرى من الصلح بين أسد الدين وبين الإمام طلع السلطان إلى حقل ذمار ووصل إلى سفل آل عانس واجتهد في فساد أسد الدين بكل ممكن [129أ-أ]، وحمل لأسد الدين أموالاً، وبذل له خروج والده إلى علي بن يحيى، وخروج أخيه فخر الدين إلى دار عين الحبس، ورفع حالهما وأنفق في تلك الحركه نيفاً على ثلاثمائة ألف دينار من الدنانير الملكية فيما بلغني غير الخلع والكساء. والله أعلم.

ولما نكث أسد الدين ورجع إلى ولاية السلطان واستحقه السلطان إلى ذلك رجع اليمن في أسرع ما يكون، وأمر أسد الدين وشمس الدين بحرب الإمام عليه السلام، والمحطة على براقش فعند ذلك أمر شمس الدين وأسد الدين بالبرا والنقض ونبذا كل ما عقد وادعيا أن الإمام مكر بهما في الصلح الأول فيما بينه وبين شمس الدين، وفي هذا الصلح فيما بينه وبين أسد الدين، فلما قرأ الإمام كتابهما وقد أمر به إلى الأمير علي بن وهاس قال: حسبنا الله ونعم الوكيل، وأزمع على حرب القوم.
(قصة حصر براقش، وخراب الجنات، وخراب بلاد الباطنية، والمحطة على صنعاء، وما جرى خلال ذلك من النصر للإسلام)
قال الراوي: لما جرى الكلام بين السلطان الملك المظفر، وبين ابن عمه وأمر إليه نقيباً من نقبائه يقال له: علي بن يحيى فتم الصلح بينهما على الشروط المذكورة، وأنه قرن إخراج ابنه بالمحطة على براقش، وأن يكون يحارب مع الحمزيين في كل سنة ستة أشهر، فإذا أخذ براقش استوطنها بنو حمزة وحينئذٍ يستولون عليها، ثم يسيرون إلى صعدة، وينالون من الإسلام فتعاقدوا على ذلك ثم استدعوا حكماء بينهما، وبين الإمام في الخروج من الذم.
قال السيد شرف الدين يحيى بن القاسم: فأمرني أمير المؤمنين إلى القوم وهم حينئذٍ في السر قد خرجوا لقطائع الوادي ثم ينزلون براقش بعد ذلك فلما وصلت إلى القوم رأيت كلامهم جميعاً كلام من لا يريد ذلك على الحقيقة فجرى الحديث بيننا على ذمة ستة أشهر وترك النزول إلى براقش، وكان الغز كارهين نزولها، فلما علم ذلك الحمزيون والحصن بن محمد بن حجاف، وعبد الله بن منصور بن ضيغم الحبشي، أجمعوا على أنهم يعقرون راحلة على باب خيمة أسد الدين كما جرت سالفة العرب، ويكبرون عليه ففعلوا ذلك فعند ذلك رجع أسد الدين من الذمة، ونزلوا إلى مطرة قاصدون براقش.
رجع الحديث

فلما علم أمير المؤمنين بنزول القوم وأنهم غير راجعين من حصر براقش جمع خاصيته واستشارهم في أمره فأجمع الرأي أن الصواب ما رأيته يا أمير المؤمنين فقال عليه السلام: نقصد صنعاء فإن أخذناها بفتح على الإسلام وإن لم نأخذها كنا ننقم بثأر من أعداء الله ونعلم السلطان أهل الجوف أنا حاضرون صنعاء وفي ذلك ما لا يخفى من قوة الإسلام، فكتب عليه السلام إلى أمرائه في صعدة ونواحيها وكتب إلى الجوف وإلى البلاد وكتب إلى الأمير الكبير المقدم زعيم جيوش المسلمين أحمد بن القاسم، وكتب إلى الأمير المخلص أحمد بن محمد بن فليتة بن حاتم، وإلى السلاطين الأجلاء الشهابيين، وإلى ولاته [129ب-أ] في هداد والكميم ورسم عليهم الأهبة والإقبال إلى البون، وأمر أخاه الأمير المعظم أبا مظفر سليمان بن يحيى بالأهبة، وكتب إلى المسلمين وأقام في مسلت وكان مشغولاً بحادثة وقعت في جهة الشرق، وقد كان بلغه أن الأمير علم الدين أحمد بن القاسم بن جعفر قتل قوماً من المفسدين وأخرب بيوتهم، وأصلح أحوال البلاد، وأخذ أمير المؤمنين في الأهبة، وحشد القبائل، وضرب بين الناس ميعاداً إلى ريدة.
قال الراوي: وقد كان في تلك الأيام وصل الشريف الأمير المهدي أحمد بن محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى بن الهادي عليه السلام من جهة الغز يطلب الصدور إلى أهله إلى هجرة رغافة فلما وصل إلى أمير المؤمنين وهو مستوحش من أجل الشعر الذي كان هجا فيه أمير المؤمنين، فلما وصل تلقاه الإمام بالإنصاف والصفح فعند ذلك ندم على ما فرط منه، وحضر إلى بين يدي الإمام وتاب، واعتذر وأبلغ، وكتب أبياتاً في معنى ذلك فقال:
ساءت بنو الدنيا فأغضيت عنهم
وما عظمت إلا لديك مساءتي
فعفواً أمير المؤمنين فإنما
وجرب فتى تشكوه في حومة الوغى
وتعرف عقر الكوم عند فنائه
وما الناس إلا كالدنانير صورة
?
?
وفي الناس أشباه لنا ومقايس
فقد سمحت فيها علي المعاطس
يهان لإدراك النفيس النفائس

رقاب المذاكي والكلا والقوانس
كما عرفت فيهم الروح منه الفرائس
وفيها إذا حكت ثمين وباخس
رجع الحديث
ثم نهض عليه السلام من قرية مسلت لعشرين بقين من شهر شوال سنة أربع وخمسين وستمائة فحط في سر بكيل فاجتمع إليه أهل البلاد القريبة وقد كان وصل الأميران الكبيران شهاب الدين وجمال الدين محمد والحسن ابنا علي بن يحيى بن محمد بن يوسف بن القاسم بن يوسف الإمام بن يحيى بن أحمد بن الناصر بن يحيى الهادي عليه السلام، والشيخ المجاهد العالم عضد الدين محمد بن يحيى بن حجلان في عصابة من المجاهدين من أهل صعدة ونواحي أملح، وأقام أمير المؤمنين إلى يوم الخميس ثم نهض سادس وصوله سر بكيل فحط في غربي بركة ريدة ووصلت إليه القبائل أولاً فأولاً فوصل إليه قبائل بني صاع، ووصل إليه قبائل الصيد، ووصل إلى هنالك الأمير شجاع الدين أحمد بن محمد بن حاتم، والسلاطين الشهابيون في كتيبة كثيفة إلى نحو من مائة فارس وإلى قريب من ألف راجل، وأقبل الأمير المعظم علم الدين زعيم جيوش المسلمين أحمد بن القاسم بن جعفر في قبائل المغرب.
(قصة نهوض أمير المؤمنين لحرب صنعاء وحصرها)
وكان ذلك في شوال سنة أربع وخمسين وستمائة سنة.

قال الراوي: والسبب في ذلك أن السلطان صاحب اليمن الملك المظفر وعد ابن عمه أسد الدين محمد بن الحسن بإطلاق ولده بدر الدين [130أ-أ] الحسن بن علي بن رسول من الحبس وأنه يريح عليه، وشرط عليه النصيحة فيما أمره به من القيام مع الأمير شمس الدين أحمد بن الإمام المنصور بالله في مجاورة الإمام، والخروج إلى الجوف، وحرب براقش، وكان وقت هيئة بين الجميع فتعلل أسد الدين بذلك تعلل في نقض الصلح فراسله الإمام بالمخارجة فيما يدعيه فأسر إلى الإمام أني أخرج لأجل ما وعدني ابن عمي ولا تأتي مني مضرة واختار ذلك، فلما نهض القوم بعسكرهم إلى براقش أمدهم الإمام بما أمكنه من الأهبة للحرب، والعدة وخرج لحرب صنعاء، فنهض عليه السلام بعد أن اجتمعت إليه عسكر كثيف من الشرق والغرب وأشعر العلماء والمسلمين الجهاد في سبيل الله، وخرج بنفسه حتى حط في البون الأسفل في ريدة، واستقر الناس من جميع بلاده من صعدة ونواحيها، وكتب إلى أهل المغرب إلى ابن عمه الأمير الكبير علم الدين أحمد بن القاسم، ونهض هو ومن اجتمع حتى وصل البون الأعلى فلقيه الأمير الكبير المعظم ابن عمه أحمد بن القاسم في عسكر كثير، ووصل إليه عسكر اليمن من الكميم وهداد، ووصل إليه الأمير الكبير المخلص شجاع الدين أحمد بن محمد بن حاتم، ووصل إليه الأمراء الكبراء آل يحيى بن حمزة وسار معه من العلماء الأمير السيد شرف الدين الحسن بن وهاس بن أبي هاشم الحمزي، ووصل إليه الأمير المعظم شمس الدين أحمد بن يحيى بن حمزة بن سليمان فيمن معه فحط العسكر على بركة صليت، وأغارت خيل من قوم بني صاع من جهة ذيفان على حين غفلة فلحقهم جماعة من خدم الإمام فيهم مملوك له حبشي، وضرب رجل منهم فكاد أن يصرعه فطعن حصانه آخر في خيزومه فعقره وعاد الناس وأمسوا ليلتهم تلك، فلما كان من الغد نهض أمير المؤمنين في العساكر فأخرب درب الغز في الجنات، وبيوت المحاربين، فلما اجتمعت إليه العساكر من الأقطار من صعدة

واليمن، فنهض عليه السلام في جيش وافر فأخذ طريق النقيل المشرف على جبل ظين فلما استقر رأس النقيل ركز أهل زيلة محل عيال ..... المحاربين فنفر إليهم من قادمة العسكر جماعة فأمر أمير المؤمنين أخاه الأمير سليمان بن يحيى، وابن عمه الأمير أحمد بن القاسم أن يرد الناس فيتدبرا هذه القلعة فوقع القتال بين الناس فقتل من بني صاع من آل زيد رجل، وخرج صاحب زيلة بعد ذلك ونزل على حكم الإمام ورهن ولده بعد أن ذبح ثوراً على باب خيمة الإمام في الصفح والعفو فلم ير الإمام إلا القبول، والمبادرة لحرب صنعاء قبل وصول مادة إليها، ثم نهض اليوم الثاني فحط رحابة وأمر بخراب ضروان محل الباطنية، واستئصال شأفته، وأغارت خيل من عسكر براش فأخذت غنماً كثيرة وأخذت ولداً لرجل من الباطنية، ونهض أمير المؤمنين في اليوم الثالث الطريق السلطانية حتى أتى بلاد بني الحارث، ولقيه أهل [130ب-أ] حصن قبة وقوم من بني الحارث حتى انتهى العسكر إلى قصر منير المعروف، وحط الناس هنالك رفض أمير المؤمنين ما فيه من الطعام وغيره ففرقه على العسكر، فلما كان اليوم الثاني أمر الناس بالأهبة لحرب أهل صنعاء وكان فيها إلى زهاء مائتي فارس وألف رجل من المنشبة وأهل السلاح غير أهل البلد فهم خلق كثير من أهل البأس والنجدة أميرهم الأمير الكبير أحمد بن الإمام المنصور بالله في جماعة من خدمه ومملوكان تركيان للأمير أسد الدين يسمى أحدهما: أقوش الألفي، والثاني: يكتمر العلات في عدة من المماليك الترك أولي بأس وشدة، ومن الكرد موسى بن رسول في عدة وقوم من الهدانيين الباطنية وغيرهم، والورد بن محمد أبو ناجي في عدة من المنشبة وغير من ذكرنا، فشرعوا إلى المدينة، وكان الأمير شمس الدين يومئذٍ المتولي لتدبير أمرهم فاشتدوا به وسمعوا أمره، وقدم أمير المؤمنين مقدمة عسكر فيهم أخوه الأمير سليمان بن يحيى والأمير السيد الحسن بن وهاس في عسكر كثيف وسار الثقل الطريق اليسرى وأمرهم أمير

المؤمنين بالمحطة في سفح جبل نقم لما علم بأمور أهل صنعاء وكثرتهم، وسار أمير المؤمنين في القلب، وبين يديه شجعان الشرق والغرب، وعن يمينه ويساره من الشرفاء والعلماء حتى وصل إلى قريب من باب شعوب فحكم أهل صنعاء ولزم الدوائر وحفظوا الأبواب فأصيب الناس بالنشاب وغيرها جماعة، وعقر فرس لرجل من السلاطين بني شهاب، وسار أمير المؤمنين حتى وصل المحطة واجتمع فيها من الخلق ما لم يحصرهم العدد ولقد قدر على التعليل قريباً من خمسة عشر ألفاً، والله أعلم، ثم أقبل في اليوم الثاني قبائل خولان، وقبائل سنحان، و بني شهاب، وبني بهلول.
قال الراوي: وانقطعت المناهل، وضاقت تلك الشعاب بالناس، وأيقن أهل صنعاء بالهلاك، وحينئذ اختلف العدو .............. أمير المؤمنين ممن ظاهره معهم، ووصل الأمراء الكبراء آل وهاس فأمسوا قريباً من باب صنعاء، ووصل إليهم من وصل من صنعاء سراً فيما قيل، وكان ظاهرهم مع أمير المؤمنين وباطنهم مع القوم فيما بلغ، والله أعلم.

وكان القتال على صنعاء وليس بإجماع من العسكر متصلاً الليل والنهار، وتأهب الناس للحرب ودخول المدينة فتوسط الأمير علي بن وهاس في صلح بين الناس، وضمن على الأمير شمس الدين ومن في جنبته وعلى أسد الدين، وشرط نقل محطة الإمام إلى شعب ملاصق لبراش فساعد أمير المؤمنين لما علم في ذلك من الصلاح ولما تحققه من فساد قلوب كثير ممن معه من الأمراء الحمزيين إذ كانوا عدداً كثير واضعاً إليهم غيرهم من الناس، وعلى الجملة فكان من معه من الأمراء الحمزيين أكثر ضرراً عليه ممن كان مجاهراً له، فنهض أمير المؤمنين إلى شعب الجن ثم طلع حصن براش وطلع معه كبار الشرف[131أ-أ] من العلماء وغيرهم ورأى أمراً عجيباً، وحصناً حصيناً، وقوة عظيمة، وعدة وثيقة، ورأى من عزمة ذلك الأمير ومن معه الذي ولاه ما زاده ثقة وبصيرة في ولايته؛ إذ لم يسمح بولايته لأحد من أهله بل اختار الأمير الكبير أحمد بن محمد بن حاتم فكان فوق ظنه، وأقام أمير المؤمنين أياماً ومن معه على أحسن حال وأتم كرامة، ثم نهض إلى حدة في عسكره بعد أن تفرق أهل البلاد من مخاليف براش ووقع في أنفسهم ضيق وتصوروا صوراً ولم يطلعهم أمير المؤمنين على ما قد ظهر له من فساد عسكره.
( فصل)

40 / 56
ع
En
A+
A-