أما الفراسات فاعلم أن كثير من أهل التجارب ممن اختلفت عليه تصاريف الدهور، وحنكته التجارب في الأمور ممن شاهد أولي الهمم والشرف من صغر إلى كبر إذا رآه تصفح أحواله وعرفه بصفاته وسماته عرف أنه فسيح مجال الفضل، رفيع مناط الهمة وأنه لا بد أن يكون ذا سلطان وشأن حتى لقد كان يدعى باسم الإمامة قبل أن يقوم بسنتين وتنظم فيه الأشعار، ولقد كنا ممن ينظم فيه وينثر وقد أودعنا ذلك في رسالة مفردة غاب عنا ذكرها عند التعليق.
وأما التفاؤلات فهي كثيرة ومن أعجبها ما رأيته يوماً وذلك أنه كان في يوم قايض في حمارة القيض وشدة الحر أنا ورجل يقدح من سويق عليه شيء من السكر فصب عليه ماءً بارداً وأعطى من حضر شيئاً منه فتعجبوا من طعمه ولذاذته، وهم في خلوة، فقال بعضهم على وجه المزح: اللهم ائتنا بأحب خلقك إليك يأكل معنا من هذا السويق فما كاد أن ينقطع الكلام حتى أشرف عليهم الإمام بغرته الميمونة في ساعة لم تجر عادة أنه يأتي إلى ذلك إلى ذلك الموضع في ذلك الوقت، فأكل من ذلك السويق وعجب الحاضرون من ذلك الفال، ولقد كانت العلامة التي بين كتفيه إذا نظرها الناظر وهي كلون حبة الأجاص يذكر الشامة التي كانت في جده صلى الله عليه وآله وسلم ويقول في نفسه: ما خص هذا الشخص بهذه العلامة التي لم يخص بها إلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسخره الله تعالى ويحيي به دينه.

(فصل)
وأما قسم الملاحم والحسابات وما يجري مجراها فهي كثيرة منها: ما روي عن الشيخ الطاهر العالم أحمد بن أبي السعد العصيفري، أنه رأى ملحمة تاريخها من مائتين سنة للهجرة النبوية أو نحو ذلك منسوبة إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام منها ما تقول فيه علامات المهدي عليه السلام أنه يقوم ابن ثلاث وثلاثين سنة وذلك موافق لمولده عليه السلام، ويقول فيها من أماراته أن أحد عينيه أطول من الأخرى، وقد كان فيه عليه السلام شيء من ذلك إذا تشاوس الفكر أو نظر، ولا يعرف ذلك إلا الخاصة من أوليائه وأصحابه، ولم يكن تشينه في خلقه يعلم من شاهده.
قال: ومن علاماته أنه يقوم بعد طاعون يصيب الناس وخصوصاً في المغارب ورمة في الحلق أو في العينين أو نحو من ذلك فمنهم من يموت ليومه، ومنهم من يلبث اليومين أو الثلاث حتى اجتاح كثيراً من قرى المغارب.
قال: ومن علاماته أنه في أسنانه تفاصل، وذلك قد كان يعرف فيه ما لا يشينه.
قال: ومن علاماته أنه يخرج من بيته خائفاً مترقباً كما خرج موسى عليه السلام وقد كان ذلك حين خرج إلى ثلاء.
قال: ومنها أنه يضرب الأحياء بالأموات ولعله يريد الأحياء بالذكر [.1ب-أ]و الأموات أهل الخمول وقد كان ذلك كذلك.
قال: ومنها ومن أماراته أن يكون بين جمادي ورجب العجب العجب حصد نبات ونشر أموات، وجمع أشتات، وهذا المعنى يحتمل تأويلات مختلفات، وقد كان بعض أصحابنا تأوله على معنى ولم أرض تعليقه ولعل الله يهدي إلى شرحه بمنّه وكرمه.

رواية أخرى رويت عن جماعة من الإخوان أنهم عثروا على ملحمة في الجهات الحرازية قد درست أوراقها وبليت من تقادم الدهر وطول العصر في صفة المهدي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ((أنه يقوم من جبال الشث والعوعر وينصره أشيب الساعدين المنتمي إلى حمير وأن اسمه كاسمي واسم أبيه كاسم سبطي الحسين)) وقد كنا سمعنا من غير ذلك اسمه كاسمي، واسم أبيه كاسم أبي، وهذه صفة ثلاء وصفة الشيخ منصور بن محمد، ولو حمل على غير ذلك جاز، وقال في الملحمة: وعلى مقدمته رجل يسمى حارث؛ ولعل ذلك ولد الشيخ منصور فإنه كان من خواص الإمام وأنصاره.
رواية أخرى من طريق الملاحم رواها الشريف الطاهر الحسن بن علي بن يحيى بن محمد الأشل، وهو من عيون أهل البيت وأطهارهم من آل الهادي عليه السلام قال إنا عثرنا على ملحمة عندنا في كتاب باق معنا قد تقادمت عليه الأمصار، قلت: وقد رأيت الكتاب إلا أني لم أتحقق الرواية لما طرأ من النسيان لا لطعن الراوي؛ لأنه من الأطهار أهل العلم والدين، والورع، يذكر منه صفة القايم أنه يقوم من الجبل الأحمر الموزر بالشث والعرعر، ويذكر في الملحمة من جودة القائم وكرمه وعظم شأنه ما علم ضرورة بعد قيامه، ورواية تمام لهذه الرواية أو لغيرها وأن عسكره تمر شبام حمير فتخربها وتسافر إلى بوس فتحط فيها وتظاهر إليها وقد كان ذلك من خراب شبام، ومن الحطاط في جبال بيت بوس أيام دخول صنعاء الكرة الأخرى.

رواية أخرى أسندت إلى الشيخ التقي تقي الدين عبد الله بن يحيى بن علي الصعدي، وكان ذا ثقة وديانة، ومحبة، وهو من أهل البحث عن العجائب، والأسفار إلى البلدان القاصية من مكة إلى عدن وما بينهما، قال: إنه أخبره الثقة عن خليفة بغداد في ذلك الأوان وهو المستعصم بن المستنصر بن جعفر بن الناصر أحمد بن المستضيء العباسي أنه وجه بحاثة إلى مكة حرسها الله تعالى يتجسسون له ويسألون هل قام قائم في هذه السنة سنة ست وأربعين وستمائة، فلما علموا بذلك سألهم رجل عن سبب البحث فقالوا: إن الخليفة عثر على ملحمة عنده أنه يقوم المهدي من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم في هذه السنة المذكورة.
رواية أخرى من الملاحم: روي عن بعض العلماء الثقات غبي اسمه في هذه الحال، فأما الرواية فإني أحفظها أنه رأى هو وغيره ملحمة قويمة الخط والورق في جهة المغرب يذكر فيها أنه يقوم المهدي في سنة ست وأربعين. هكذا اللفظ.
رواية أخرى إسنادها إلى شريف من أولاد[11أ-أ] الأمير محمد بن جعفر ذو الشرفين أنه أطل على ملحمة أنه يقوم قائم الحق من الحرازي ذكره بصفته ونعته.
رواية أخرى مسندة إلى حي الفقيه أبي المحاسن بن إبراهيم، أنه حكى له أنه يقوم من ذيبين إمامان قال: فأما أحدهما فقد أدركناه، وهو المنصور بالله عليه السلام؛ لأن هذا الفقيه توفي في رجب سنة اثنين وثلاثين وستمائة بذيبين.
قال: وأما الثاني فإنه من الدرب المعروف وهو الموضع الذي أقام فيه الإمام المهدي وحل وتزوج وأولد قريباً من إحدى عشرة سنة ونهض منه إلى ثلاء قبل دعوته بليلتين، وفي ذلك دليل واضح بحمد الله تعالى.
رواية أخرى إسنادها إلى السلطان الفاضل الطاهر حجاب بن أبي الحسن الهاشمي، ثم الهمداني قال: إنه أخبره رجل من أهل ذيبين قد أبا عليه قريباً من ثمانين سنة بهذه الأبيات عن رجل يقال له الخطاب بن الحسين بن أبي الحفاظ الهمداني منها:
ولعمري لقد دنا الفرح المرجو
وأما غير أنه طال لا شك

بعد خمس وأربعين إلى الست
يظهر الله أمره ويعز الدين
ويقوم الداعي إلى الله بالسيف
من نواحي مدائن اليمن الأيمن
وإذا ما بدا فويل لخولان
ثم ويل للشرق منه والغرب
يملك الأرض من عمان إلى مكة
فتهيأوا للنصر يا شيعة الحق ... من بعد نيئة وشطون
على الراصدين طول السنين
وما بعدها إلى الخمسين
من بعدها وأهل الدين
قياماً يزيل حزن الحرين
جاد لغثها والسمين
من عمرو من سيفه المسنون
وويل لأهل الحصون
ملكاً ليس يدون
مع الصادق القوي الأمين
وهذه الأبيات كما ترى العجايب قد تضمنت جملاً مما كان في دولته عليه السلام؛ لأن أمره انتشر إلى الحرمين وأتته الأموال الجزيلة من الحجاز، وولي هنالك الولاة ونصب القضاة، وكذلك فإن الظالمين من أهل المشرق والمغرب والحصون نالوا منه برحاً بارحاً وحرباً شديداً.
(فصل)
وأما الحسابات، وما يجري مجراها فقد ذكر أهل الزيجات، والإسطرلابات، والرمل، والمتعاطين ضروباً مختلفة، ونحن لا نرى بذلك وإنما نذكر طرفاً منه فربما وافق ووقع كما ذكره والله الموفق للصواب.
رواية عن بعض أهله عليه السلام: كان ممن يتعلق بالحساب قال: إنه يقوم من ولد ولده رجل أبيض اللون بين كتفيه علامة، في إحدى عينيه كرة يتحروع في مشيته، أو سيرته إمام هدى.
رواية أخرى عن شريف فاضل من بني عمه عليه السلام يروي ذلك قبل مولده عليه السلام أنه يولد قائم الحق في هجرة كومة.
رواية أخرى إسنادها إلى الفقيه العالم الفاضل الورع الطاهر التقي تقي الدين علي[11ب-أ] بن سلامة الصريمي، عن السيد الفاضل الشريف الكامل سليمان بن أحمد عم الإمام عليه السلام عن أخيه إبراهيم بن أحمد، وكان عارفاً بالحساب أنه قال قبل عمارة هجرة كومة: يعمر هذا المكان -يعني موضع الهجرة- ويولد فيه إمام في عينيه كرة وفي جنبه علامة.

رواية أخرى إسنادها إلىالشريف القاسم بن حمزة بن يحيى الحمزي عن رجل من أهل صنعاء قال: وفيما أحسب أنه من الباطنية بل قد أعرب عن ذلك بنفسه، وذلك أنه سأله قبل قيام الإمام بسنتين هل يعرف جبل شاكر؟ قال الشريف المذكور: قلت: نعم، فذكر قصة في الجبل وقال: إنه يقدم منه قائم لا من بني الهادي ولا من بني حمزة، وذكرالإمام بصفته وعلامته، وذكر أنه على دمار الباطنية، ثم قال له: يا شريف لا تظن أني أفرح بذلك فأنا من الباطنية، وذلك من طريق الحسابات عندهم، وقد كان ذلك منه صلوات الله عليه فإنه بلغ في الباطنية ما لم يبلغه أحد من سلفه.
رواية أخرى إلى القاضي يحيى بن الغوري أن القمر إذا كسف بعد غد قام قائم جق بين الدولتين وينخلان كما ينخل الطحين، فكسف القمر قبل دعوته بليلة ثم كان الأمر كما ذكر.
رواية أخرى سندها إلى رجل من أهل صنعاء أنه اتفق برجل يقال له: ابن النويرة، قبل قيام المهدي عليه السلام بثلاث عشر سنة فقال له: يقوم قائم الحق في سنة ست وأربعين وستمائة، وينصره رجل كث اللحية من صفته ونعته يكون زوال الدولتين على يديه.
رواية أخرى عن الصنعاني وعن الفقيه ابن الرواحي أنهما اتفقا برجل في مكة حرسها الله تعالى من أهل الحساب من بلاد الغرب يضرب في الرمل فسألاه عن كثير من أمورهما فأجابهما بما يوافق سؤالهما قالا: ثم التفت إليهما، وقال: من أنتما؟ فقالا: من اليمن فيما أحسب فقال: ابشروا يا أهل اليمن برخص الأسعار، وقائم الحق في هذه السنة وهي سنة ست وأربعين وستمائة، قالا: فأرتحلنا عن مكة حرسها الله تعالى فلقينا الخبر في ناحية تهامة، وهذه الروايات من الكهنة كما تروى، وقد كانت الكهنة قبل مبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخبرون بنبوته كما ذلك مذكور في المغازي، والتواريخ، ولعل عندهم بقية في ذلك. والله أعلم.
فأما الملاحم فالأمر في صدقها ظاهر إذا صحت أصولها؛ لأنها تستند إلى الوحي.

(فصل)
وأما المنامات الصادقة فقد ذكر من ذلك ما تضيق به الأوراق إلا أنا اخترنا من ذلك ما رواه أهل البيانات المشهور منهم ليستظهر به في فضائله، وكراماته، وإن كان ما شاهده الناس في اليقظة كاف، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعتبرالمنامات، وكذلك الصحابة رضي الله عنهم، وقد كان الأكثر من أئمة أهل البيت عليهم السلام يذكرون في المنامات الصادقة في فضائلهم، ويعلقونها في سيرهم، ونحن نذكر مقدمة في تقسيم المنامات فنقول: قد ذكر أهل المعرفة في المنامات[12أ-أ] أقساماً، وشرطوا شروطاً تعتبر في صدقها قالو: إن من كان معتدل المزاج غير مشغول الفكر مما رآه كمن يموت له ولد وليس سواه فإن فكره متعلق به في النوم واليقظة، وكذلك من كان مزاجه متغيراً وقد غلب عليه أحد الأخلاط كصاحب السوداء يرى الظلم، والأشياء الفاجعة، والصور الوحشية، والروائح المنتنة، ومن غلب عليه البلغم يرى الثلوج، والأمطار، والأندية، وحمل الثقيل، والبرد وما يجري مجرى ذلك، ومن يغلب عليه أمره يرى الصواعق، والبروق، والطيران، والخفة، والطيش، والنيران، وتناول الأشياء المرة، ومن غلب عليه الدم كثيراً ما يرى المناكح، والملاهي، واللعب، والأشياء الناضرة، والخلوق الحسنة، والفرح، والسرور، ونحو ذلك ويعتبرون ذلك بما يظهر في الشجر، والألوان من السواد، والبياض، والصفرة، والحمرة، والوردية، ويعتبرون بالإنسان أول الشبيبة للدم، وأخرى للصفراء والكهولة للسواد، أو آخرالعمر للبلغم، ويقولون: إن من رأى مناماً يخالف مزاجه فإنه يعبر ويصدق. واللَّه أعلم.

هذا هو قول الحكماء، والاعتبار الصحيح، والمعول عليه ما ورد به القرآن الكريم في قصة يوسف عليه السلام، وغير ذلك مما روي به عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعن الصحابة والتابعين، وقد ذكر المتكلمون في المنامات كلاماً لا يتسع له هذا الموضع، والمنام جنس الكلام الخفي، ويلقى في روع بعض الأشخاص، وقد يكون من عند الله سبحانه، وقد يكون أضغاثاً من جهة الشيطان، فأما الصورة التي ترى والشخوص فهي خيالات تخطر في قلب الرائي في النوم، وقد قال صالح فيه بمقالة هتكت ستره أن من رأى في المنام شيئاً فهو حقيقة كذلك كمن يرى أنه في السماء وأنه مقطوع نصفين، أو غير ذلك، وهذه عثرة من عثرات السوفسطائية والحلولية ومن يجري مجراهم، وما أغنانا عن مقالتهم الفاسدة، ولم أذكر هذه المقدمة إلا أن كثيراً من المتعنتين، ربما يقول: إنا اعتمدنا في ثبوت إمامته عليه السلام على أضغاث الأحلام وليس كذلك، فإنا لم نعتبر في إمامته عليه السلام إلا بكامل الخصال وبلوغ درجة الاجتهاد، وكونه أفضل عصره والخصال قد ذكرناها، وأنها قد تكاملت فيه وهي ما أجمع عليه أئمة المسلمين والعلماء الراشدين، فإذا ثبت ذلك فلنذكر جملاً كافية من المنامات الصادقة العجيبة.
رواية منام إسناده إلى السيد الشريف العالم الطاهر حميد بن يحيى من أولاد الإمام القاسم بن علي عليه السلام، قال: أخبرني والد الإمام المهدي لدين اللَّه: الحسين بن أحمد رضي الله عنه أنه رأى نوراً يخرج من فرج زوجته أم الإمام المهدي عليه السلام ساطعاً يسحب في الأرض حتى غشيها أو غطاها أو كما روى.
قال: ثم انتشر إلى السماء.
رواية منام أخرى إسناده إلى عم الإمام المهدي عليه السلام سليمان بن أحمد رضي الله عنه، وكان من عيون الزهاد أنه رأى في المنام كأن قائلاً يقول له: أحمد بن الحسين إمام حق وعلامة ذلك أن زرعاً للأمير الحسن بن حمزة يصبح مغيراً في عصمان، فلما أصبح [12ب-أ]وإذا بالزرع مغيراً كما ذكر.

رواية منام أخرى إسناده إلى الشريف المطهرالورع سليمان بن محمد بن حمزة بن الحسين رضي الله عنه قال: رأيت أني التقيت بالإمام أحمد بن الحسين في مشهد الإمام المنصور بالله عليه السلام ووجهه يضيئ مثل القمر قال: وعبرت المنام على الشريف السيد المرتضى بن سراهنك الحسيني المرعشي فقال لي: هذا مليح بغاية وكان كلامه هكذا يملك اليمن وجزائر في البحر وكان ذلك قبل قيامه عليه السلام بمدة طويلة.
رواية منام أخرى قال السيد الشريف شرف الدين رضي الله عنه: رأيت في سنة تسع وثلاثين أني في موضع وإذا برجل في هيئة البشير يسمى خيران، وهو يبشر بإمام منصور أو بالإمام المنصور فنهضت لأنظر إلى هذا الذي يبشر به فرأيته الإمام المهدي بصفته فقلت له كلاماً فلقد رويت له في المنام ووقع في نفسه أي موقع، وسألني عنه وفيما أحسب أنه كان يحب كتمانه، وروى عني منام آخر عجيب وقد أنسيته، والنسيان عرض يطرأ على كل إنسان وقد اطرحته، وإن كنت لأستبعد صحته، ولقد رأيت منامات كثيرة مما يدل على علو شأنه، وسمعتها من غيري إلا أنها كثيرة، واختلفت وربما تشابهت فاطرحتها، وإنما نروي ما نقل ونضيفه إلى رواية بعد أن عرض ذلك على الإمام المهدي تعليقاً.
رواية أخرى من منام آخر ذكره بعض ما أشرنا إلى انفلاته وتنكبه عن الحق، وهذا المنام حجة عليه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: رأيت هذا المنام قبل قيام الإمام المهدي سلام الله عليه بنحو من خمس عشرة سنة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقبل مؤتزراً بثوب ومرتدياً بآخر، وهو يريد مسجد الإمام المنصور بالله عليه السلام الجامع بحوث.

قال: فقلت للإمام أحمد بن الحسين: هذا جدك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقبل إلى المسجد قال: فأخذ يسعى حتى أدركه قال: فلما أدركه الإمام التفت إليه وقال: مال الله معك ولا مال عليك، قال: قلت في نفسي: أنا أبايع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والإمام في طريقهما، وفي نفسي الهيبة والإجلال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أكون على مذهب الإمام وأتابعه؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد دعا له بهذه الدعوة.
رواية أخرى في منام آخر إسناده إلى الفقيه العالم الطاهرأحمد بن علي الصميمي أنه رأى كأن الكعبة في ذيبين وكان الإمام في أيام المنام حالاً في ذيبين.
رواية أخرى في منام آخر إسناده إلى الفقيه العالم الورع الطاهر يحيى بن علي الفتوحي أنه رأى في المنام أيام نقل السلطان عمر بن علي على محطته من حوشان ورأى من الأمراء من بني حمزة ما أرابه من الميل عن الإمام المهدي عليه السلام والمعاضدة عليه رأى أنه مع جماعة من العلماء والصلحاء منهم الفقيه العلامة وحيد العصر حميد بن أحمد المحلي قال: وإذا بواحد منا يقرأ بصوت حسن قوله تعالى: {كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها اللَّه}(1)، وقوله تعالى: {يريدون أن يطفئوا نورالله [13أ-أ]بأفواههم والله متم نوره ولو كره المشركون}(2).
قال: فانتبهت وقد سكن قلبي، وزال ارتيابي وعلمت أن الله ناصر الإمام وكاف له كل محذور أوكما قال.

4 / 56
ع
En
A+
A-