قال الراوي: وأقام أمير المؤمنين عليه السلام بحصن حلب المحروس إلى غرة شهر المحرم سنة أربع وخمسين وستمائة، ونهض إلى حصن مدع فأقام فيه [125ب-أ] أياماً ريثما يصلح أموراً في مسور، وقد كان وصل إليه الأمير الكبير علم الدين أحمد بن القاسم بن جعفر إلى حصن حلب في أمر ذلك فرسم عليه أمير المؤمنين النهوض بنفسه إلى جبل مسور فنهض وأمر القبائل من جهات بلاد حمير وأهل حجة وغيرهم بالنهوض معه إلى هنالك، فأقام أياماً حتى بلغه أن أمور السلاطين أولاد سليمان بن محمد بن الحسين قد انتظمت، ونهض عليه السلام إلى الجهات الظاهرية، وبلغه قبل النهوص العلم بوصول الأمير الكبير حسام الدين محمد بن فليتة في خيل وركب وجنب يستنهضون أمير المؤمنين إلى مأرب فنهض أمير المؤمنين من مدع فأمسى في موضع على بني شاور، ونهض ثاني يومه فلقيه الأمير محمد بن فليتة فيمن كان معه فسلموا على الإمام وسلم عليهم ورحب بهم وأنصفهم، و أمر بإكرامهم في تلك الناحية، ونهض فحط أهل اللومي وقد كان الشريف الأمير سيف الدين قاسم بن يحيى بن القاسم أراد نكاحاً من المشائخ الجبلين وأحب أن يكون بين يدي أمير المؤمنين ففعل وأمر بالضيافة والكرامة لجميع العسكر فلما مضى ذلك نهض أمير المؤمنين عليه السلام إلى الظاهر ولم يلبث إلا نهض إلى حوث من بلاد وادعة وعزم على الإقامة هنالك لصلاح أمور البلاد فوصل إليه أهل الأهنوم وغيرهم بالنذر والبر والحقوق، ووصل إليه أهل البلاد أرسالاً وأمر بالتهيؤ لغزو مأرب.
(قصة غزو مأرب الأخيرة)

قال الراوي: ثم إن أمير المؤمنين عليه السلام لما وصل إليه الأمير حسام الدين محمد بن فليتة ومن معه من ركب حيث أقام أياماً حتى جمع لهم ما لا بد منه من المال والكسوة وأمر الأمير حسام الدين محمد بن فليتة بالنزول والأهبة من جهة صعدة والجوف، وأمر الأمير الكبير المقدم أبي المظفر سليمان بن يحيى بن علي على أن يتأهب للحركة إلى مأرب وأظهر للناس ما في نفسه من غزو مأرب، و كان ذلك الأوان أيام حزة وأشغال الناس فصعب الأمر على الناس فتأخر من تأخر وتقدم الأمير الكبير أبو المظفر إلى بين يدي أمير المؤمنين إلى حوث فيمن قد اجتمع معه من العسكر من الخيل والرجال، وكان من تقدم مع الأمير المذكور من وجوه الناس جماعة من الأمراء الأجلاء آل يحيى بن حمزة بن أبي هاشم وبعض منهم تأخر لمنافرة جرت بينهم، وممن تقدم الأمير الكبير الحسيب أسد الدين قاسم بن محمد بن إبراهيم الحمزي والأمير الكبير عيسى بن الحسن بن محمد بن إبراهيم القاسمي واجتمع في الجوف عسكر معقود من الخيل والرجال.

حدثني من أثق به أن الخيل اجتمعت في الجوف [.....بياض في المخطوط.......] والرجل قريباً من ألف فأرسلوا إلى أحلافهم من جنب وآل عزان أن يكونو على الأهبة، وقد كان الأمير تاج الدين سليمان بن محمد بن فليتة تقدم إلى الحرمة وهي درب مذحج [126أ-أ]، وكان معه ستون فارساً فأقام محارباً لأهل الدرب مدة، ولما علم بهم الأمير شمس الدين ومن معه أنهم زمعوا على غزو مأرب بلغ عنده كل مبلغ فأرسل إلى أسد الدين محمد بن الحسن يستنهضه فلم يساعده بل اعتذر بأعذار وأمر إليه من أطراف جنده جماعة قليل وخرج الأمير شمس الدين إلى موضع يسمى المحجل واستنجد همدان وغيرهم فلم يحتمل معه أحد وصعب الأمر على الأمر على أصحابه فما برح بهم بعد اللتيا والتي حتى خرج منهم جماعة من الحمزيين وأخدامهم فيهم الأمير حمزة بن الحسن بن سليمان، والأمير حمزة بن سليمان بن إبراهيم بن حمزة بن سليمان، والأمير علي بن عبدالله وانضاف إليهم ممن يقول بقولهم نفر قليل.
قال الراوي: حدثني من لا أتهم أنهم اجتمعوا نيفاً وعشرين فارساً وثلاثين راجلاً، وتصوروا أنهم إذا وصلوا أحلافهم من أهل الدربين فإن الخيل يجتمع قريباً من مائة فارس، وخيل آل حجاف ومن ويقول بقولهم ورجلهم نيفاً على ألف راجل والدروب المنيعة، وإن أحداً لا يقوم في وجوههم.
قال الراوي: فلما علم بقدومهم قالا: حسبنا الله ونعم الوكيل نحن نتقدم على اسم الله، ونرجوا النصر ببركة إمامنا، ونحن على كل حال غالبون، فتقدم العسكر المنصور إلى أن شاهدوا درب مأرب ووصل القوم من صنعاء في ذلك اليوم المعين، وهو يوم [.....بياض في المخطوط.......] من شهر ربيع سنة أربع وخمسين وستمائة.

قال الراوي: واجتمع العسكر المنصور، وخافوا أن يضر بهم الظمأ عند القتال، فأتاهم من الله تعالى سيل أتى ليس بالكبير القدر الذين يشربون منه، و نهضوا فحطوا قريباً من الدربين في ناحية [.....بياض في المخطوط.......] وأمر الجنبيون، وأسد بن أحمد، وابن عمه [.....بياض في المخطوط.......] فأقبلوا في طعنهم، وحطوا بما غطى الفضاء من الإبل فرعوا زراعة كانت هنالك وضربوا البيوت، وعند ذلك أيقن أهل الدرب بالمناجزة فدعوا إلى السلم والخطاب ، فساعد الأميران إلى ذلك، وخرج من شيوخ الدربين من خرج، فلما رأو رغبة الأميرين في تعطيتهم حدثتهم نفوسهم وصور لهم المرجفون أن مساعدة الأميرين إلى الصلح إنما هو عجز عن حربكم فأمروا إليها أنا لا نساعدكم فافعلوا فيمن معكم منا ما بدا لكم وعند ذلك أجمع رأي القوم على الحرب، فلما كان من الغد و هو يوم [.....بياض في المخطوط.......] تشرع الناس للقتال فخرج الأمير حسام الدين محمد بن فليتة من ناحية، وخرج ولده سليمان من ناحية، وخرج الأمير الكبير أبو المظفر سليمان بن يحيى فيمن معه من العسكر ناحية وهي معظم القتال، وكان جل من معه من الرجالة الأجواد الصيد، وسار كل من ناحيته، وقد شرع القوم في دربيهم، وبرز الحمزيون بين الدربين ليكونوا مادة إلى الجهتين وكان يوماً شديداً، ثم سار الأمير أبو المظفر قدما قدما وجعل الرجل في الأول ثم الخيل بعدهم ثم هو [126ب-أ] فيمن معه من الأجواد، وقال لأصحابه إياكم والكر والفر وإنما تسيروا مجتمعين حتى لا يرى فيكم العدو خللاً فيطمع فيكم فامتثلوا أمره، فحمل الحمزيون فيمن معهم على الناس فلم يتزحزح الناس عنهم فلما رأوا أمراً لم يكن لهم في حساب عنوا بأمرهم و علموا أنهم يغلبون، وقد كان الشريف الفاضل المجاهد منيع بن محمد الحراني حمل في شارع من شوارع الدرب في نهج الأمير حسام الدين فصرع، وجاوزه القوم فقتلوه فلما رأى العدو شدة المسلمين في القتال لم يبق فيهم بقية

فحمل كل من عسكر الحق في جهته، وصار الحمزيون في أنفسهم لا يدرون أين يتوجهون فرموا بأنفسهم نهج حلة المشائخ الجنبيين فلحقهم من لحق من الجنبيين فحصروهم وأجاروهم على أرواحهم وأخذ أفراسهم وأدراعهم، وصاح أهل الدربين بالذمة فلم ير الأميران إلا الذمة لأجل محبة الجنبيين لذلك ورغبتهم فيما يأخذون فأذموا عليهم على مال حملوه وهو مائة فرس ونيف وأشياء أخر، وأقام الأميران ومن معهما هنالك أياماً قرائب حتى استوفوا من القوم ما شروطوه، وسلموا للجنبين أكثره ورأوا تألفهم به أولى، فشكر أمير المؤمنين فعلهم وأثنى عليهم، وبلغت البشارة إلى أمير المؤمنين واستر المسلمون بذلك سروراً عظيماً، وأقام أمير المؤمنين في حوث لا يترك الخروج إلى المسجد الجامع ليقضي الحوائج، ومن بعد العصر يحضر العلماء والأفاضل فيباحثون في مشكلات المسائل، وسمع شيئاً في الآثار النبوية، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويقيم الحدود، ويقمع الظالم وينصف المظلوم، وكانت أيامه عليه السلام في تلك الناحية عيداً في الأيام، فلما علم بقفول الأميرين الكبيرين من مأرب ومن معهما خرج عليه السلام إلى خيوان في لقاء أخيه، وصلاح أمور الناحية، ولزيارة جده القاسم بن علي عليه السلام في عيان، وليقض مأرب هنالك، ومن جملة الأسباب الداعية أن قوماً من حنين أهل العفوة عدوا على القافلة في موضع يسمى نجد الشيخين ما بين خيوان وعيان فأراد الشدة عليهم وعلى أهل الناحية لأجل ذلك فأخذ عدة من أهل البلاد رهائن ورجع أكثر ما أخذه القوم، وقد كان شردوا إلى برط فلما علم أهل برط من دهمة بقضيتهم طردوهم عن بلادهم فأقام أمير المؤمنين في خيوان إلى أن وصل أخوه أبو المظفر إلى خيوان فيمن معه فلقيه أمير المؤمنين فأنصفه، وشكر سعيه، ودعا لمن معه وشكرهم، ونهض إلى عيان فأقام ليالي وعاد قافلاً قاصداً حوث وقد كان طلب من السلطان الأجل دهمان بن مبارك بن عران بن فليتة بن العطاف النهمي ابنته

فاستر السلطان بذلك ورآه شرفاً يصيبه، وقد كانت زوجته هذه وصل بها أهلها إلى حوث فنزلت دار أمير المؤمنين هنالك فلما أزمع أمير المؤمنين على تمام النكاح أمر خاصته الشيخ الكبير المخلص المجاهد مجد الدين أحمد بن محمد المتميز، وقد كان من أكبر خواصه مبالغة [127أ-أ] في خدمته، ومباشرة أموره، وله إحسان ومعرفة فتقدم إلى حوث لشأن أمور النكاح الميمون، وأعد الضيافة للناس على العموم من عسكر أمير المؤمنين ومن كان في مدينة حوث فتقدم الشيخ المذكور ولم يدع وجهاً حتى أثبته على أحسن ما يكون، وأمر إلى أمير المؤمنين بذلك، ونهض أمير المؤمنين قاصداً حوث، ولقيه الناس عصباً حتى إذا وصل إلى الجامع المنصوري لقيه العلماء والأفاضل من أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم، وعظموا حاله وساروا بين يديه إلى أن دخل داره وقد مد السماط والألوان اللذيذة فأكل الناس ولم يمنع عن ذلك أحد من خاص وعام وأكرم الضعفاء والمساكين، فلما تم الضيفة حضر والد السطان دهمان بن مبارك لشهود عدول على وكالة والده له أمره أن يعقد النكاح لأمير المؤمنين ففعل ذلك، وعقد أمير المؤمنين النكاح على اسم الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وعلى صداق وهو على مهر مثلها.
أخبرني به الفقيه محيي الدين بن محمد الصريمي وأقام أمير المؤمنين في حوث إلى نصف جمادى الآخرة وهو يوم الأحد سنة أربع وخمسين وستمائة.
قال الراوي: ثم حدث في ذلك اليوم المعين دخان غشي الأرض فاستوحش الناس من ذلك وتغير النيران الشمس والقمر، فكانت الشمس عند طلوعها والقمر عند طلوعه لا يظهر لهما ضوء، وكأنهما قطعتا دم، ثم استمر ذلك ثم وقع من البرق والصواعق في البلاد ما لم يسمع بمثله حتى خلت الديار وهرب الناس من شماريخ الجبال وقللها.

قال السيد شرف الدين أيده الله: حدثني من أثق به أنه قال: ما كدنا نمر بلد في الجهات المغربية إلا والناس في عزاء وعويل من البرق، وأخذ الناس في الأهبة وأيقنوا بالهلاك، وإنها من الآيات الأخروية، وهذا مع ما تقدم من سنة ثلاث وثلاثين وستة وأربعين من الأمراض التي لم تبق من الناس إلا قليلاً وعمت ما خصت، ثم كانت هذه الصواعق تأتي من السماء إلى الأرض كالنجم الذي ينقض.
قال السيد شرف الدين رضي الله عنه: ولقد شاهدت بالعيان أمراً لم أر مثله في عمري، وهو أني امتحنت النظر إلى عارض في جانب من الأرض فرأيت عموداً من نار ينفذ من السماء إلى الأرض يكاد يخطف الأبصار فإذا بلغ الأرض ارتكن على استقامة ثم وقعت تلك الصاعقة والصوت العظيم فأيقنت أنه أمراً أراد الله أن يري عباده من عظيم سلطانه ولقد كانت تخطف روح الواحد من بين جماعة من غير أثر في بدنه، وأخبرني من شاهدها تأخذ السيف في غمده فتذيب الحديد ويسلم الغمد، وتقع في الامرأة ويذوب الحلي فيها وتسلم، وتأخذ من في قعر البيوت، ويسلم من في أعلاه فسبحان المقدر الحكيم.
ولما حدثت هذه الصواعق وعمت المشرق والمغرب وقلل الجبال والتلاع، ولم أسمع أحداً إلا يخبر من بلده [127ب-أ]بما عاين من ذلك.

حدثني الشريف الأمير الحسيب عضد الدين جعفر بن أحمد بن جعفر بن الحسين بن القاسم بن علي بن عبد الله بن محمد بن القاسم أنه وجد في كتاب بخط الشريف الأمير فليتة بن جعفر بن عبد الله القاسمي يقول فيه: إنه حدث في شهر المحرم سنة ست وتسعين وخمسمائة سنة على وفا ثلاثة وعشرين شهراً من قيام الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة بن سليمان بن حمزة بن علي بن حمزة بن أبي هاشم الحسن بن عبد الرحمن بن يحيى بن عبدالله بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن ابرهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة والتسليم ....... الدخان ما غطى الأرض حتى أن الإنسان لا يكاد أن يرى صاحبه إذا بعد عنه قليلاً وأقام ذلك إلى شهر رجب من سنة سبع وتسعين وخمسائة، وكثرت في ذلك الأقاويل وتحدث الناس بضروب من الكلام والظنون، قال: ثم حدث في تلك السنة من الصواعق سيما في بلاد المغارب ومخلاف صنعاء.
قال الراوي: وكان في تلك السنة حدث في جهات الشام من راحة ونواحيها وجع في الأريبة وأظنه من الطاعون، ودم يصيب الإنسان في مراقه فربما مات في يومه أو في الثاني أو الثالث، ومنهم من يتفجر بماء فربما يسلم صاحبه فروي أن البلاد أخلت من سكانها وأهلها وصارت ماشيتهم سائمة لا مالك لها، ثم تناقص ذلك بعد سنة.

قال السيد شرف الدين رضي الله عنه: وقد حدثني والدي عن الدين شيخ العترة الطاهر بن القاسم بن يحيى بن القاسم بن يحيى بن حمزة بن أبي هاشم رحمه الله تعالى، وكان من صلحاء أهل البيت عليهم السلام وأخيارهم، وممن صحب الإمام المنصور بالله عليه السلام في وقت الدرس إلى أن توفي صلوات الله عليه في أول سنة أربع عشرة وستمائة، وعاش بعده إلى شهر جمادى من سنة أربع وثلاثين وستمائة ومات وهو في سن كبير ابن تسع وثمانين سنة إلا أشهر، وتوفي والده يحيى بن القاسم بن يحيى بن حمزة بن أبي هاشم مجاهداً مرابطاً صابراً مع الإمام المتوكل على الله في دخلة صنعاء سنة خمس وثلاثين وخمسمائة وأن أبيه هو الشريف العالم الإمام القاسم بن يحيى بن حمزة، وكان من أشراف أهل زمانه، ومن علماء أهل البيت والمشار إليه، وهو أول من أجاب الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان بن مطهر في عدة من أهله، وقعد بعد ذلك لعلة عرضت له، وقد ذكره الإمام المتوكل على الله في أول سيرته.
رجع الحديث

وأخبرني أنه كان في سنة حدث في المغرب صواعق لم ير الناس مثلها وأخبرني أنه سمع يوماً خريراً في السماء فرفع بصره فرأى مثل الجبل الأسود منقضاً في نهج حجة في نهج لاعة فلما صار إلى هنالك وقعت هذه الصواعق فلما كان في شهر شعبان اتصلت الكتب من مكة من زعيمها وهو الشريف الأمير أبو نمي بن سعيد [128أ-أ]بن علي بن قتادة بن إدريس بن مطاعن الحسني الموسوسي، واتصلت الأخبار من عترة من العلماء من هنالك، وكثر الكلام بحدوث حادثة قال في كتابه وقال غيره ما هذا معناه: إنه لما مضت ليلتان من شهر جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة وقعت زلزلة عظيمه في مدينة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ثم سكنت وذلك يوم الثلوث، ثم كان بعد ذلك ووقعت زلزلة عظيمة حتى سقط بعض القناديل الحرم المحمدي صلوات الله على صاحبه، واضطربت الجدران وتمايل بعضها، وظن أهل المدينة أنها القيامة فلاذوا بالقبر الشريف، ثم استمرت الزلزلة إلى يوم الجمعة، ثم حدث حادث دخان عظيم إلى الحمزة في شرق قباء عند مآثر بني قريظة على أميال من المدينة، ثم طلعت منارات لها أعمدة صاعدة في الهواء وكان لها قصيف ولجب فأمر صاحب المدينة من يأتيهم منها بخبر فما استطاع أحد أن يقربها فرقاً من قصيفها، وعند ذلك شاع ذكرها في البلاد، وأخذ الناس في الأهبة للمعاد، وروى أهل تلك الناحية أن ضوءها رؤي على مسيرة أربعة عشر مرحلة وأكثر أصنافاً من الأحاديث، فكتب أمير المؤمنين كتاباً عاماً إلى بلاد المسلمين يذكرهم بالله، ويحثهم على التوبة والإخلاص، ثم إن أمير المؤمنين نظر في كتب الأخبار ودلائل القيامة في تجريد صحاح الأخبار التي يروونها الفقهاء، ويشهد بصحتها رواية العلماء من أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم في رواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من الحجاز )) قال: ((تضيئ أعناق الإبل ببصرى ))، وفي رواية أخرى مع أمارة أخر ذكر الدخان فهذا بلغنا.

39 / 56
ع
En
A+
A-