ثم نهضوا إلى طلع غفر من بلاد بني صريم.
(قصة نهوض الإمام من حرب صنعاء)
قال الراوي: لما علم أمير المؤمنين بما كان من أهل يناعة من الفساد والميل إلى الغز ومن يقول بقولهم من الأمراء الحمزيين ودخول عسكرهم وادي الصيد وما أحدثوا من قتل وخراب غضب أمير المؤمنين عليه السلام لذلك، ونهض من صنعاء لما علم أن أسد الدين قد أقبل إلى جهات صنعاء لما استغاثوا به وخافوا على صنعاء من الإمام، فلما أقبل أسد الدين جرى بينه وبين الإمام هدنة فنهض أمير المؤمنين في شهر [.....بياض في المخطوط.......] سنة إحدى [100ب-أ]وخمسين وستمائة سنة في عساكره، وقد اجتمع معه بنو شهاب وبنو الراعي وغيرهم من قبائل تلك النواحي ومن خدام الحصون، فحط في أعلى البون، ثم نهض فحط في موضع يسمى ريدة، ثم أقبل إليهم المخاطبون من المشائخ أهل يناعة يبذلون من نفوسهم الرجوع والرهائن والدخول فيما يرضيه، فلم ير عليه السلام إلا خراب يناعة لما جرى من أهلها من الفساد، فأمر أمير المؤمنين بخراب درب المشائخ عيال سعيد بن سبر في مقابلة خراب درب أصحابهم عيال عبدالله لكونهم أنصاراً له، ثم خرب أكثر قرية يناعة إلا دوراً رأى تركها، ثم إن الشيخ موسى بن علي وبني عمه رأوا أن لا طاقة لهم بحرب الإمام فرهن ولده وولد ابن أخيه إلى حصن الإمام بذروة، وأمر الإمام بقطع سوق يناعة ورحل المشائخ أهل يناعة فحلوا في ذيبين وصارت يناعة خلا من أهلها، ونهض أمير المؤمنين في عساكر وقد اجتمعت معه هنالك قبائل الظاهر فكانت طريقه على نقيل محاصر فحط في دماج ثافت، ثم نهض إلى حوث وقد كان الأمير شمس الدين وبنو عمه لما علموا بإقبال الإمام في الجهات الصنعانية وكانت محطتهم في طلع غفر بظاهر بني صريم نهضوا الجوف، فلما استقر أمير المؤمنين بحوث لم يلبث أن نهض لطرد القوم من الجوف، وكان ذلك من عشر ذي الحجة الحرام سنة إحدى وخمسين وستمائة سنة فاتفقت أيام العيد وهو حاط في المراشي فأقبلت إليه
قبائل دهمة بالطعام والحنطة والغنم الكثيرة والدارهم ما أعم به العسكر لما يحتاجون إليه للعيد، ثم نهض عليه السلام إلى الزاهر فاجتمعت إليه قبائل الجوف إلا من كان من القوم واجتمع مخلف الإمام من آل عزان وأهل السوق وغيرهم والشرفاء والأمراء آل أحمد بن جعفر ببراقش، وأقبل راشد بن أحمد بن راشد الجبني، ومنصور بن ضيغم فيمن قال بقولهما من آل جحاف ومعهم الأمير شمس الدين ومن يقول بقوله، وحطوا في أسفل الجوف في موضع يسمى سراقة، وأقبل أمير المؤمنين عليه السلام وقد اجتمع معه ثلاثمائة فارس، فأما الرجل فألوف، واجتمع من فرسان بني حمزة والغز وجنب وآل جحاف إلى قريب من ثلاثمائة فارس أيضاً ومن الرجل ما لا يكاد ينحصر، وتقالبت العسكران ونصبت العتاب والهوادج علامات للبدو عند الحرب ولم يبق إلا المناجزة، فلما علم القوم أنه لا طاقة لهم بمقاتلة الإمام توسط قوم من الأمراء الحمزيين الذين كانوا في جهة الإمام خوفاً على أصحابهم، ووصل الأمير عز الدين محمد بن أحمد بن أمير المؤمنين من جهة أبيه الأمير الكبير شمس الدين ولم يبرح كبار الناس بأمير المؤمنين يستعطفونه ويتوسلون إليه باللتيا والتي حتى وهب لهم ذمة على أنهم يرتحلون، ثم أقبلت عند ذلك الشاوق الذين كانوا معهم إلى الإمام، فلما دخل الليل ارتحل الأمراء الحمزيون وجميع من في محطتهم من جنب وآل جحاف وطعنوا [101أ-أ] في الخبت وركبوا متن القفر، فلما علم أمير المؤمنين بهروبهم لم ير إلا الرجوع إلى الجوف فاستقرت محطته بالزاهر.
ومما قيل في ذلك في تلك الأيام من الشعر ما قاله الفقيه العلامة اللسان القاسم بن أحمد الشاكري الهمداني:
حبابنا إن الهوى لجديد
وأين ربا صنعاء وهي محلتي
وكم رمت لقياكم وقد حال بيننا
ورورا تعواها القطاليل ورده
ولم ينسني شخطى ورامي نارحاً
ولم أنسها يوم النوى ودموعها
وعيصت من عيني أكفكف دموعها
وقد جعلت بسر أيديها على يدي
وأدنيتها شماً وضماً فضاعفت
لها عقدات الرمل ردف وملدها
وقافية غرا ما حاك نسجها
سهرت لها ليل التمام فلم أنم
يبيت فؤادي يجمع الفكر شملها
قريضاً أعارته المحاسن حسنها
وألحمته في الليل نسجاً ونشرت
ملابس أبلغن العناية حقها
عقائل أبكار المعاني كأنها
وكم طلبت أكفاها قبل وقته
فحلت على كف كريم فخيمت
بأفصح من يرقى المنابر خاطباً
فتى لا يهاب الجيش يطفو حبابه
وقد جمع الله المحامد كلها
وملكه الدنيا مع الدين فاغتدى
وأضحى له في المجد والفضل والندى
أقام على صنعاء يوم قيامه
وزلزلها بالحرب من كل جانب
وأنزل أرباب الحصون أذلة
وما كان غير ابن الحسين بعزمه
ولم يشعروا حتى بدت جنباتها
ولولا نجوا صبت عليهم سيوفه
وقاد إلى الأعداء جيشاً كأنه
ولاذوا بعفو الله ليلاً وأصبحوا
وكانو بها في الناس ذكرى وعترة
فأدركهم عن سبع عشرة ليلة
بدت والمعادي يقرع السن نافعاً
?
?
وإن مكاني منكم لبعيد
وداركم وهي اللوى وزرود
أساود تلقاها دونكم وأسود
ويعنى بها الخريت وهي جليد
ولا نبذت منها لدي عهود
عقيق على لباتها وفريد
ومن لي بكف السحب وهي تجود
دلالا وغياها عليّ برود
وحالت برود بيننا ونهود
قوام ونوار الشقيق خدود
عبيد ولا ألقى عليه هنيد
غرار وأصحابي لديّ هجود
ويضحى بنظم الشعر وهي عقود
وقامت بإحساني عليه شهود
صباحاً على المهدي منه برود
قشائب لا يبلى لهن جديد
من الحور لم تنهض لهن قدود
فأكدت واض الزبد وهو صلود
وحان لها بعد الهيام ورود
وأهيب من رفت عليه بنود
حديداً ولا يثني خطاه وعيد
له وله كل الأنام عبيد
يحكم فيما يشتهي ويريد
مكارم لا يحصى لهن عديد
بجيش تكاد الأرض منه تميد
وفيها جيوش جمة وجنود
أسير ومعفور له وطريد
يسير ولا تلك الجياد تقود
ونازلها نقع ولاح حديد
ونال شفاها سيد ومسود
خضم له من حافتيه مدود
تخب بهم خب الأباطل نود
كما ذكرت في العالمين ثمود
ضوامر لم ينقص لهن لبود
وقد جاءه ما كان منه يحيد[101بأ]
تمـ
( قصة نهوضه عليه السلام إلى صعدة)
ثم إن أمير المؤمنين عليه السلام نهض فيمن معه من العساكر إلى صعدة بعد أن كان قد أذن للبعض في الرجوع إلى الجهات الصنعانية، فلما قرب من صعدة ………. كان خرج أهلها في لقائه عليه السلام مجتمعين فنزل عليه السلام في منزل [.....بياض في المخطوط.......] فتلقوه بالإعزاز والإكرام، والإجلال والإعظام، فلم يلبث أن دخل بالشريفة الفاضلة الطاهرة الحسينة دنيا بنت الأمير الناصر لدين الله عز الدين محمد بن الإمام المنصور بالله عليه السلام، وقد كان عقد بنكاحها من يد عمها الأمير المتوكل في مدة متقدمه، وكانت هذه الشريفة ممن جمع مع النسب والحسب الشريف شرف النفس والسماحة التي لم يسمع في نساء زمانها، فبعد أن دخل بها أقام في صعدة شهراً يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويمضي الأحكام، وأقبل إليه قبائل القبلة وغيرها.
(قصة نهوض أسد الدين ومن معه من الغز قاصدين صعدة)
........ للأمير شمس الدين أحمد بن الإمام المنصور بالله عليه السلام.
لما رجع أسد الدين إلى صنعاء وجرى بينه وبين الإمام الهدنة في الجهات الصنعانية، وطرد الإمام الأمراء الحمزيين إلى مأرب وتلك النواحي كاتبوا سلطان اليمن المظفر وشكوا ما كان من الأمير أسد الدين، فكتب السلطان إلى ابن عمه أسد الدين يستنهضه ويحضه على الخروج إلى براقش والجوف والمسير إلى صعدة، فلما علم الأمراء الحمزيون بما وصل من السلطان إلى أسد الدين وأن أسد الدين عازم على النهوض، نهضوا من جهة المشرق حتى حطوا قريباً من براقش، ثم أقبل الأمير أسد الدين بعسكره على طريق بلادهم حتى اتفقوا عند براقش ووقع الحرب على براقش وهموا بالمحطة عليها فلم يروا لهم طاقة بذلك، وقد كان الأمير الكبير محمد بن فليتة بن سبأ أمر ولده الشريف الأمير سليمان بن محمد بالوقوف في درب الزاهر، والتأهب للحرب منه، فقصده القوم بأجمعهم الأمراء الحمزيون، وأسد الدين والغز وقبائل جنب آل ضغم، وآل راشد، وآل جحاف، وحطوا على الدرب وتابعوا الزحف ونصبوا المنجنيق، والدرب في نفسه درب صغير ودخله خلق من الناس فضاق بأهله وأضر بهم الحصر والمنجنيق، ومات عندهم البهائم من الإبل والبقر حتى أضر بهم نتن الجيف وكثرة الجراحات، فعند ذلك دعوا إلى الخروج والتسليم فأجابهم الأمير أسد الدين إلى ذلك على كره من الأمراء الحمزيين باطناً فخرج الأمير ومن معه في أمان من القوم وأقام هذا الحصار على درب الزاهر وقتل من أهل الدرب [.....بياض في المخطوط.......] فلما أخذوا درب الزاهر سولت لهم أنفسهم دخول صعدة وبلغت إليهم الأخبار من جواسيس لهم هنالك من بعض أهل صعدة أن البلاد ما دون أخذها إلا وصولهم وأن أهل المدينة[102أ-أ] قد فسد أكثرهم على الإمام فعند ذلمك عزمو على دخول صعدة.
(قصة دخول الأميرين شمس الدين وأسد الدين ومن معهما من العساكر من الغز وغيرهم مدينة صعدة وما جرى من البلوى والحوادث هنالك)
قال الراوي: ثم بلغ إلى أمير المؤمنين عليه السلام أن القوم عازمون على دخول صعدة وأن بعض أهل صعدة قد أسر النفاق فلم ير عليه السلام إلا الرجوع الى الصبر والتوكل على اللَّه تعالى والاعتصام به عز وجل وأن لا يكاشف إلا على يقين، ثم أن أهل صعدة افترقت آراؤهم فبعضهم رأى الإجلاء عنها صواباً ويقول إن دخلها القوم خرجوا عنها وبعضهم يقول نحن بحمد اللَّه في عزة و أمير المؤمنين بين أظهرنا وفئة لنا ودروبنا حصينة وعدتنا قوية فنحن لا نبالي بالقوم، فلما اختلفت آراء القوم رأى أمير المؤمنين الصلاح في مساعدتهم وخرج عليه السلام من صعدة ليمنع القوم ويسد عليهم المذاهب من طرق مذاب والعمشية، فركز عليه السلام بعسكره على رأس عقبة يقال لها العجلة، فلما علم القوم أن الإمام عليه السلام قد سد عليهم تلك الطرقات وقد كان عليه السلام رتب في صعدة الأمير الحسن بن وهاس بن أبي هامش في جماعة من أهله منهم الأمير علي بن محمد صفي الدين، ومنهم الأمير الطاهر أحمد بن قاسم بن الحسين الحمزي، ومنهم الأمير جعفر بن يحيى بن قاسم بن أحمد بن عم الإمام عليه السلام، ومنهم الأمير أحمد بن قاسم بن الحسن الحمزي من عيال يحيى بن حمزة، ومنهم جماعة من فرسان العرب والكرد منهم القاضي المجاهد أحمد بن مقبل بن زيدان، ومنهم القاضي العالم المجاهد يحيى بن عطية بن أبي النجم، ومنهم الأمير صالح بن عمر الكردي وأخوه وجماعة غاب عني ذكرهم، وجماعة من أهل صعدة فرسان إلا أن الفرسان الذين كانوا في المدينة قريباً من خمسين فارساً أو فوق ذلك والله أعلم بصحة عددهم، وفي المدينة من المقاتلة ما يقارب ألف مقاتل ومعهم أيضاً من خدم الفضل عصابة.
رجع الحديث
ثم إن القوم لم يستطيعوا الطلوع من الطرقات التي هي معروفة طلبوا طريقاً آخر غير تلك الطرقات فدلهم بعض الناس طريقاً مجهولاً تأتي شرقي حصن براش صعدة وهو يومئذ في أيديهم ولم يخطر للإمام ببال أنهم يستطيعون المضي هنالك فما شعر عليه السلام حتى ساروا تلك الطريق وجعلوا حصن براش عن شمائلهم ثم من شعب الغيل الذي يفضي إلى الحجر، ثم صعدوا الى وادي دماج وحطوا هنالك وتقدم الأمير داود بن الإمام المنصور بالله عليه السلام في عصابة من أهله على الفور حتى دخلوا وعمدوا درب الإمام المنصور بالله وكان لهم هنالك أهل وحريم ووقع الحرب بينهم وبين أهل المدينة وصرع رجل من جند الأمراء الحمزيين عند باب صعدة قريباً من مسجد الهادي عليه الصلاة والسلام وفقئت عين الأمير [102ب-أ] الكبير علي بن عبد اللَّه بن الحسن بن حمزة بن سليمان الجواد بسهم وقتل معه [.....بياض في المخطوط.......] وكاد أهل المدينة أن يستظهروا عليهم، ثم أن الأمير شمس الدين أمدهم في الليل بعسكرمن الرجل فلما أصبح نهض الأمير شمس الدين وأسد الدين بمن معهما من العساكر فحطوا عند درب الناصر بن الهادي عليهما السلام غربي مدينة صنعاء وتقدم الأمير شمس الدين إلى أهله إلى درب الإمام ثم عاود المحطة ووقع الحرب بينهم وبين أهل المدينه فقتل [.....بياض في المخطوط.......] وأقاموا على ذلك يدورون بالمدينة ليطلعون على عورة أهلها فينتهزون الفرصة وكان بين أهل الدربين من الحدادين وبين أهل المعلاة وسمارة وسائر مدينة صعدة دخول وحروب قديمة وعداوة عظيمة وقد كانوا تهادنوا وتصالحوا وحذف كل منهم لصاحبه على النصيحة فعامل بعض الحدادين ودخل إلى الأميرين في الليل وتشارطوا على أشياء كبيرة فيما بلغ وقيل إن بعض الأمراء الحمزيين ممن كان بصعدة دبر لهم الأمر والمكيدة والله أعلم أي ذلك كان، فقد اختلفت الروايات واجتمعت في سمنان الجداد جل آخر معه أنهما رأس أهل المكيدة. والله أعلم.
فلما كان بعض الأيام وقع الزحف ولزم كل مركز واشتد القتال وكانت الخيل في المطراق عند مسجد الهادي عليه السلام بحال الخيل ولم يشعروا حتى راعهم صوت الصارخ من تلقاء موضع يسمى بلجا شامي مدينة صعدة، فدخل أسد الدين ومن معه من العساكر من هنالك وعند ذلك أغلق الحدادون دربهم ونصبوا راية أخذوها شعاراً لعسكر الحمزيين والغز كيلا يغلط أحد بهم، ولما كان الأمر كذلك انكشف الناس من مراكزهم وذكر كل أهله وحريمه فوقعت في المدينة كشفة وروعة لم يسمع بمثلها ولم يرد أحد من أهل المدينة ومن كان معهم من جهة الإمام ينتظر ولم يجد فئة يتحيز إليها فتحيز الأشراف الأمراء الحمزيون إلى مسجد الهادي عليه السلام إلا حسن بن وهاس، ودخل بعض أهل صعدة مسجد الهادي ظناً منهم أن ترعى حرمة الهادي عليه السلام.
قال السيد شرف الدين رضي الله عنه: فبلغني أن بعض الغز قتل رجلاً من المسلمين وهو ملاصق لقبر الهادي عليه السلام وأسر كثير من المجاهدين والأمراء من مسجد الهادي عليه السلام، وأصيب الحسن بن وهاس بطعنة في فخذه من عبد لعمه جعفر بن أبي هاشم مع الأمراء الحمزيين فيما بلغني، وعاث العسكر في المدينة فهتكت الحرايم وفعلت العظايم، واستشهد القاضي المجاهد نجم الدين يحيى بن عطية بن أبي النجم أصيب بسهم في رأسه أو عنقه ثم أجهز عليه رجل من المتهتكين من خدم الأمراء الحمزيين فذبحه ذبحاً، وقتل القاضي الطاهر زيدان بن مقبل بن زيدان وفي يده راية الأمير شمس الدين ذمة وثب عليه رجل من آل الشمري فقتله، وقتل [103أ-أ] الشيخ يحيى بن محمد بن خالد وقد كان كبير السن.
قال السيد شرف الدين أيده اللَّه تعالى: وبلغني أن بعض نساء المدينة المخدرات أخرجن بين العسكر مكشفات الرؤوس مجردات الأبدان حتى لقد كان الأمير أسد الدين يأمر بجمع الحرايم ويدخلن بيوتاً يستترن بالجدرات، ولقد كان أحسن حالاً من الأمراء الحمزيين ولم يسمع بكشيفة كانت أعظم منها خصوصاً في الحرايم، فرويت روايات كثيرة رأينا أن نعرض عنها ونطرحها لما في سماعها من الإقذاع واختلاف الروايات فالله المستعان، وهرب قوم وحرايم إلى درب الحدادين وعلى الجملة فما بقي مانع ولا دافع فقتل من الناس خلق كثير منهم من ضربت رقبته صبراً، ومنهم من قتل في القتال، ومنهم من أثخنته الجراحة حتى مات، وعلى الجملة فإن الروايات في هذه الوقعة العظيمة كثير ولم أرو إلا ما تطابقت فيه الرواية. والله أعلم بالصحيح.
ولما رأى أسد الدين ما جرى في المدينة عظم عليه الأمر فأمر مماليكه بمنع الناس من القتل فامتنع الناس وكسا كثيراً من الحرايم وعاث العسكر في دور المدينة فانتهبوا منها أموالاً جليلة وذخائر عظيمة وآلات وفرشاً وإماء وعبيد ومن الخيل والدواب وغير ذلك ما لم يحصره أحد، وأسر من الناس خلق كثير فمنهم من أرسل لضعف حاله، ومنهم من اشترى نفسه، وعظمت هذه المصيبة على المسلمين، وارتفعت بها رؤوس المفسدين.
قال الراوي: ثم أقام القوم في صعدة فجاهروا بشرب الخمور وضرب المعازٍف وارتكاب الفواحش، وأمروا أعداء اللَّه من اليهود بصنعة الخمور، فروي أنهم أخرجوا لهم من الخمور التي قد مضت عليها السنون. والله أعلم.
وظهر من بعض العلماء هنالك ما لا يصلح ذكره من إلقاء المودة للقوم، فأقام القوم في صعدة [.....بياض في المخطوط.......].
ومماقيل في هذه الوقعة من الشعر ما قاله الفقيه العالم اللسان زيد بن جعفر الباقري الصعدي:
فعت لعيني نارهم في باد
والليل قد أكل الركاب وكلنا
فرجعت قلت إذا لأهلي امكثوا
أو جذوة آتي بها فلعلكم
فقصدتها أغشوا فلما جيتها
ردماء مدين لا تذاد ولا ترى
وبنات معشر لا شعيب عنده
فاربع على ماد وقل لأهيله
مازلت أستهدي النسيم فأرضكم
وأجلبت علو الرياح إذا جرى
بشراك أيتها الركاب فهاهنا
من باسمه السبع الشداد تكونت
وجرى به القمران في فلكيهما
وإذا دعاء الصم الصلاة تفجرت
لو قال يوماً للملائكة اسجدوا
فجرت به بطحاء مكة والصفاء
وتنافست فيه الحجون ويثرب
لو أنه يوم السقيفة حاضر
إن كا ن لابن أبي قحافة شاهد
أوكان في الشورى لما أضحت إلى
دحرت الإمام خير إمامه
لا باختيار حازها كلا ولا
فلذا امتطاها قائماً أو قاعدا
وترى الإمامة في فناء مناخه
سيماوها المعروف فوق جبينه
هي في إمامات الأئمة كلهم
ختمت إمامته الإمامة فانتثت
والله أظهره لأمر شاءه
كم من مقامات له علوية
تسموا بها قمم الهدى ووهاده
انظر إلى آياته اللآتي بدت
وسعى وطوف في البلاد وأكثروا
صب الإمام عليهم سوط العذاب
واطفى بطوفان السيوف نياره
كم شب أرباب الضلالة والعمى
وتألبوا من كل أوب نازح
وعثوا وعاثوا لا اقتداراً منهم
خلعو عرى الإسلام عن أعناقهم
كم منكر ركبوا وكم من فعلة
لم يرقبوا في مؤمن إلا ولا
لله درك حيث لم تمهلهم
فحللت عقد نظامهم فتبددو
ولرب ناكث بيعتين تركته
ولرب ممنون عليه جليته
ولرب راكب رأسه في غيه
جلا إلى المهدي فروا بما
جعل الفرار عتاده وملاذه
يا أمة المهدي أموا قصده
فهو الذي بالأمس تنتظرونه
ولسوف يملأ غداً عدلاً كما
ولسوف يصعد بالصعيد جياده
يثأرن بالقتلى سبطي كربلا
وقتيل با حمرى وفخ والذي
ويهيج لي الحزن الطويل دم جرى
وإذا ذكرت البهلوان وحزبه
كيف القرار وعند آل نثيلة
إن الإله من الطغاة أدالكم
?
?
وهنا وما وهنوا من الإخماد
حوض على حوض من الأساد
فلعل من خبر بها أوهاد
أن تسطلوا فالليل ليل سهاد
نوديت أن أنقع صادا يا صاد
من أمضه يردون بالأذواد
ولكم مراد في بنات مراد
سقياً لكم وليأويكم من واد
وأقول هات حديثهم يا حادى
وأهيم بالمبردين في إبراد