[ذكر قصة طلوع سلطان اليمن وغدر أسد الدين ونكثه]
قصة طلوع سلطان اليمن يوسف بن عمر وما كان بعد طلوعه من غدر أسد الدين ونكثه بأمير المؤمنين وتعين المفسدين من بني حمزة وبني القاسم وغيرهم وهمدان وساير القبائل وما حدث من البلوى والتمحيصات التي يمحص اللَّه بها أولياءه من الأنبياء والأئمة رضي الله عنهم.
قال السيد شرف الدين رضي الله عنه:[97أ-أ] قد اختلفت الروايات في سبب طلوع السلطان بنفسه فأخبرني بعض الناس أن عمه الحسن بن علي أشار عليه بذلك أو أمر عليه وعنفه بالكلام وكان في حسه غيره على ملكهم أن يسلب. والله أعلم.
وأخبرني من أثق به أن الأمير المتوكل على اللَّه لما استقرت المحطة بمنكث جرت المكاتبات سراً بينه وبين السلطان المظفر على أيدي الأمير علي بن وهاس على حرب الإمام عليه السلام وعلى تسليم أموال جليلة للأمير شمس الدين فانصرم الكلام بينهم على ذلك وأن الأمير شمس الدين أمر إلى السلطان بخاتمه ذمه على إتمام ما جرى به الحديث من الشروط والمواثيق وأرسل إليه السلطان بشيء من المال على وجه خفي. والله أعلم.
وقد ذكر ذلك الإمام عليه السلام ذلك في رسالته الموسومة ( بحليفة القرآن) فقال: هذا أميرهم جعلناه زعيم جيوش المسلمين وقلدناه سيد الثغر المنفتح علينا من اليمن فباع ذلك بعرض من الدنيا يسير وقدم إليهم خاتمه ذمة في كونه منهم وذلك أمر ظاهر قد أقر به عند من يثق به.

وأخبرني بعض الناس أن هذا السلطان لما استولى على حصن الدملوة في ذلك الأوان وجد فيه أموالاً جليلة فدعاه ذلك إلى حرب الإمام وعلم الإمام أن أهل الزمان عبيد الدينار والدرهم وإن أكثر الناس ممن يريد الفساد في اليمن الأعلى من مخلاف صنعاء كالأمراء الحمزيين والسلاطين آل حاتم أهل ذمرمر وسنحان وغيرهم من القبائل وأنهم قد صاروا يداً واحدة، فنهض لأجل ذلك على حين غفلة، فلما استقل في الحقل في موضع يسمى الضنمية نهض عسكر الإمام من خاو إلى قصر المياتم ثم إلى مثواه وأقاموا من هنالك وكان طلوع السلطان من اليمن ثامن شهر ربيع الآخر سنة إحدى وخمسين وستمائة فحط في الضنمية وأقام فيها أياماً وانتقل إلى موضع يسمى خاو لتثبيت أمور القبائل من مذحج وغيرهم، وانتقل فحط الخشب ثم انتقل إلى ريدان قبلي مثواه وأمر خادمه الخصي المسمى بالمختص أن يحط في يماني مثوه ليفرق الحرب على المجاهدين ثم انتقل إلى موضع يسمى البيضاء، ثم إلى أسفل عناصر، وأقام أياماً، ثم نهض إلى مصنعة الدمتة، وكانت الوقعات بينه وبين الأمير الكبير شمس الدين أحمد بن الإمام المنصور بالله وصنو الإمام المهدي الأمير الكبير علم الدين سليمان بن يحيى بن علي ومن معهما من المقدمين والمجاهدين الأولى في موضع يسمى المراكب قريباً من مثوه لليال خلت من شهر ربيع الأول سنة إحدى وخمسين وستمائة قتل فيها من أعداء اللَّه قريباً من عشرين رجلاً والوقعة الأخرى في جمادى الآخرة من السنة المذكورة وهي وقعة الخادم الخصي المسمى بالمختص وكانت في موضع يسمى المطاجرة قتل فيها رئيس من رؤساء الباطنية الملاحدة يسمى منصور بن الحداد صاحب كحلان في عدة من الأعاجم وغيرهم.

أخبرني من أثق به من بني العم أنه شاهد فوق الثلاثين القتيل من أعداء اللَّه وغنم المجاهدون [97ب-أ] منهم غنائم كثيرة من الدروع والبيض والمغافر والسيوف والخيل والبغال وآلة الطيلخانة ولم يقتل من المجاهدين إلا رجل واحد وأبلى في ذلك اليوم الأمراء الحمزيون خاصة؛ لأن سائر المقدمين كانوا في جهة أخرى؛ لأن السلطان الملك المظفر قد كان دبر وطمع في الفتك من المجاهدين فرده اللَّه بغيظه خائباً حسيراً، فالحمد لله رب العالمين.
ولما غنم المسلمون هذه الغنيمة من أعداء اللَّه طلبهم الأمير شمس الدين بردها لأجل ما تقدم بينه وبين السلطان من المواثيق بكونه منه وكتب القاضي الأجل الأوحد ركن الدين مسعود بن عمرو أبياتاً إلى الإمام يقول فيها:
مير المؤمنين فدتك نفسي
فلا طويت نواحي الطل مما
ولا برحت بشائر كل نصر
أتت أنباء قومي فاستقرت
شفاني ما سمعت وكان أشفى
قبائل معشري بيديك أنخث
أناخو حول رايتك المطايا
يخفون الأكارم من علي
أمدك ذو الجلال بخير نصر
فلا يطمع ملوك الأرض فيها
ولا تمسكوا بعهود ملك
وأجساد تبددها المواضي
إذا ما دمت للإسلام حيا
?
?
وما ثمرت من مال وآل
مددت علي من جاه ومال
إليك طلائعاً طول الليالي
بديهة عترتي وتروع مالي
إلى نفسي مباشرة القتال
على الملك المظفر بالوبال
فآبت غير خائنة الرجال
عصائب إذا دعي الداعي تزال
وأيمن طاير وأجل فال
بطيب العيش فاخر المقال
لهم طارات بأجنحة الزوال
وأثقال تقسمها العوالي
وقال اللَّه من غير الكمال

[قصة قفول الأميرين الكبيرين شمس الدين أحمد وسليمان بن يحيى]
قصة قفول الأميرين الكبيرين شمس الدين أحمد بن الإمام المنصور بالله عليه السلام وصنو أمير المؤمنين عليه السلام سليمان بن يحيى ومن معهما من المقدمين والمجاهدين إلى أمير المؤمنين عليه السلام.
لما علموا أن الناس قد طمعوا في حطام الدنيا وأخلدوا إلى الدينار والدرهم وتقاصرت عليهم الأسعار وامتنع الناس من البيع والشراء منهم في الأغلب وأوعب أهل الجهات على مخالفة الحق رغبة في حطام الدنيا وطمعاً في سلامة بلادهم لم ير الأمير شمس الدين إلا أنه أحسن في النهوض على وجه من الحزم واجتمعت قبائل زبيد على الخلاف منهم بنو قيس وأهل سليم وجبر بن صبرة وأصحابه وزيد بن جبير ومن قال بقوله، وكذلك قبائل مذحج …… إلا أهل عمر بن مفضل وأصحابه، وعلوان بن عبد الله الجحدري فإنهم أمسكو في الظاهر على اختلاف الروايات. والله أعلم.
رجع الحديث
ونهض السلطان لما حمله الناس على الجهات الصنعانية واختلف المختلف بينه وبين ابن عمه [98أ-أ] أسد الدين ووثق بما عنده في الخلاف على الإمام فنهض فحط في موضع يسمى سفل آل عابس فأقام أياماً ونهض إلى عديقة وأمر بخراب مواضع معروفة في وادي صميم واستئصالها لكون أهلها أهل محبة لأمير المؤمنين، وعشيرة الفقيه الطاهر التقي المجاهد السابق المعلى بن عبد الله القيسي البهلولي فلم يبق في أملاكهم وأعنابهم بقية، ورأى أنه قد شفا غيظاً ونقم بذلك ثأرا، ثم نهض بعد ذلك إلى بلاد سنحان فأقام فيها أياماً ونهض فحط في الصافية ما بين سناع وصنعاء.

(قصة غدر أسد الدين وخلافه على الإمام وخروج الإمام من صنعاء)
قد ذكرنا أولاً ما كان من ميله إلى الإمام وانصافه له وتعظيمه وتقديمه في الجيوش وكتب له بالبلاد وبالغ في حقه، وقد اختلفت الرواية فقيل: إنه أرسل إلى السلطان إلى اليمن وأنه أنف على ملكهم لما هزم الخصي من ذمار وظن أن الإمام لا يتأخر عن اليمن وأنه يكون آخر دارهم، وقيل: بل مناه السلطان بخروج ابنه وأخيه ومن معهما وبذل له أموالاً جليلة، وقيل: أنه بذل له من المال ستين ألف دينار في كل سنة مع شيء حاضر، وقيل: غير ذلك، وقيل: لما وصل ذمار اختلفت أكاليمه فتارة يظهر الخروج إلى تهامة، وتارة يقول: أنه لم يوفر عليه قيمة حصنه براش ويتحدث ويراسل، وعلم أن السلطان غير متأخر من صنعاء وأن من مع الإمام من الحمزيين وغيرهم قد صار فاسداً أراد أن يأخذ فخراً عند السلطان بالقرب إلى صنعاء وليصل الكلام أنه حط على صنعاء فنهض فحط في المنظر واضطرب أهل صنعاء خوفاً من قرب السلطان وكثر الفساد على الإمام ممن كان معه من الأمراء الحمزيين وغيرهم فلم ير أمير المؤمنين إلا الخروج إلى سناع لقطع مادة الفساد ويحفظ المسلمين ولتكن له فئة ينصرونه من أهل تلك الناحية، فنهض عليه السلام إلى سناع ثم دخل أسد الدين صنعاء وأقام فيها إلى وصول السلطان إلى بلاد سنحان إلى موضع يسمى الفُقه فلم يرا أمير المؤمنين إلا النهوض من سناع، وكان من خلاف الليث ما كان وحط أمير المؤمنين في بيت رجال، ثم نهض السلطان وقابله أسد الدين من فوق حتى أخرب سناع ورام خراب مسجدها فمنعه الله منه وصرفه، وانتقل أمير المؤمنين إلى موضع يسمى رهقة شرقي بيت ردم فأقام أمير المؤمنين هنالك في قلة من الناصر وعسر في النفاق والمحيص إلا أن الله قيض في تلك الأيام استفتاح حصن بيت برام بخبر ما انثلم في تلك الناحية فأعز الله بأخذه الإسلام وابتهجت بحصوله ثغور الإمام، وقصة أخذه تفصيلها يطول ويخرجنا عن الغرض المقصود.

ومما قيل في تلك الأيام من الشعر قول القاضي الأفضل الحسيب المعظم ركن الدين[98ب-أ] مسعود بن عمرو بن علي العنسي رحمه الله:
سخت قواعد دولة الإسلام
ونقمت ثأرك في سناع يوم ما
وطويت أوتاد المماليك في يد
أو ظن بيت يرام أن تثنى له
وتألبت عرب وعجم أيقنوا
إذ فوقنا موج وإذ من تحتنا
فدعوتنا للحسنيين ولم تكن
هيهات قد يلي الملوك بصخرة
فليقصرن الظالمون فإنها
كم من جموح الرأس دل جماحه
ومقام ملك قد طمست رسومه
قل للذين تنكبوا سبل الهدى
أعن السفينة ترغبون وقد طغت
لا بالقنوط ولا الملول ولا الذي
يعطي ويصدع شمل كل ملمة
ويلوح في سدف الخطوب جبينه
وترى العفاة على سرائع جوده
تصحى الوفود وهم ملوك عنده
لا لابن كبرى ولا[......]
يلقاك إما منجداً أو مرفداً
وتراه لا فرحاً بنيل عظيمة
ويلوذ منه المذنبون بواصل
لمقرب سبب البعيد وحافظ
وتعانف الأظلال رماحه
يا من تعجب من تداول كفه
أتراه يبرح منعلاً لجياده
?
?
وسمت فروع دعائم الأحكام
نلت المرام بفتح بيت يرام
جعلت حصون الأرض سلك نظام
ما كان أذوقه العباب الطام
أن لا تقوم لهم على الأقدام
موج ومن خلف ومن قدام
بمريد وكل ولا نوام
صما قد أعيت على الأقوام
أيام عدل أيما أيام
يابن الحسين وقدته بزمام
فكأنه ضغث من الأحلام
عودوا إلىالمهدي باستسلام
فتن غرازيهن كالأعلام
تثنى عوارفه يد الإعدام
بيد منزهةٍ عن الآثام
كالصبح يهدم جيش كل ظلام
كالهيم يوم الخمس ذات زحام
وترى الملوك لديه كالخدام
عطفاً ولا بمسفه الأحلام
بسنا غرة واضح بسام
أبداً ولا وجلا من الأيام
حبل المعاطف واصل الأرحام
عهد القريب ونازح عن ذام
وظلال خافقة وظل قيام
سجلين من حيف ومن إكرام
أم الورى ومتوجاً للهام
ومما قال القاضي اللسان ركن الدين مسعود بن عمرو العنسي في تلك الأيام وهو في هذا المعنى:
لا هل إلى حجر سبيل
وروض تقطف الأزهار منها
ورمان على المران أما
وقنوان يفوح المسك منها
لئن غلب الحمى ظبي غرير

وروعني التذكر كل ليل
فإن عزائم المهدي باتت
تولع بالحروب فما تبالي
وأغري بالكفاف فكل يوم
فليس ظلالنا إلا العوالي
أمير المؤمنين بقيت ظلا
صحبتك فأستفدت يقين علم
وأنك ليست الدنيا بهم
فأنت على العظائم لا عجول
تقلبك الأمور وأنت طود
ويبلوك الأنام وأنت بحر
تجربك الخطوب فلا يمين
وفي يوميك من حرب وسلم
مقامك في جناحهما جليل
تقل على وقائعك الأعادي
وتغفر تحت قدرتك الخطايا
إذا مدحتك آيات المثاني
وأي جدودك الأبرار ينسي
تطاول من يقول أبي علي
ومن في أصل منبته شبير
أعانك بالعلا صدر رحيب
وأصبح في جبين الدهر سطر
تصدع عند دعوتك الصياصي
على فوق السماء لها قباب
فإن حاست ملوك العجم يطفو
وأنكرت الصنائع منك قوم
ببطش يديك دان لهم عزيز
فأنت مليك أهل الأرض لولم
بكم ملك المشاعر والمصلى
وحولك من بني المختار غلب
جحاجح أحمد المهدي فيهم
يقود بني أبيك وهم أسود
يخوض بهم عباب الموت أما
ومحصنا الذي لو شاء أفنى
إذا زفر الضلال وأسعدته
فحول لوائك المنصور بيض
?
?
هو عز وورد سلسبيل
ولكن خدها أرض سليل
ثنا أعطافها الرمل المهيل
إذا التبست بها الرمح القبول
وأغرى بالهدى طرف كحيل
كما ترتاع مطفلة عجول
وضلت دون من يهوى حول
أحال الحي أم بان الخمول
دم يجري ونقع يستطيل
وليس فرارنا إلا الرحيل
لأهل الأرض ما جنح الأصيل
بأنك خير من ولد الرسول
عليك ولا لها عبء ثقيل
ولا واهي اليدين ولا ملول
تزول الراسيات ولا تزو ل
وفيض ولا يضيق له سبيل
مذممة ولا فكر كليل
مكارم ليس تحصرها العقول
ووجهك تحت جنحهما جميل
وتكثر في صوارمها الفلول
ويسخو تحت أنعمك البخيل
من الملك الجليل فما أقول
محمد والذبيح أم الخليل
ومن عماه جعفر أوعقيل
وشبر والمطهرة البتول
وجاز بك المدى باع طويل
لفضلك واضح لا يستحيل
ويشفى عند نفثتك العليل
ومجد في السماء له مقيل
بجانب مجرها العرب القيول
عليهم من شواهدها دليل
وعز على الورى منهم ذليل
يكن لك في بساط الأرض قيل

وملك الناس غيركم وجيل
ومن قحطان حربهم وبيل
يفل بسيفه الخطب المهول
عليها من قنا الخطي عيل
غدا يعلو على الرمح الصليل
ولاة الظلم وهو لنا كفيل
طرائق عزهم برق مخيل
نفوس الظالمين بها تسيل[99ب-أ
قال الراوي: وكان من الأمراء الحمزيين الأمير علي بن وهاس بن أبي هاشم عند السلطان الملك المظفر في ذلك الأوان ذا جاه ومنزلة.
أخبرني هو عن نفسه في محاورة الحديث أن السلطان الملك المظفر أعطاه من محطتة قريباً من نقيل صيد إلى محطة الصافية بصنعاء، قال فيما أحسب ثلاثة وعشرين ألفاً أو يزيد على ذلك وكانت مدة قريبة وهو الذي دس الحديث بين الملك المظفر وبين الأمير شمس الدين أحمد بن الإمام المنصور بالله عليه السلام وقيل: كان خلاف الأمير بعده. والله أعلم.
(قصة خلاف الأمير شمس الدين أحمد بن الإمام المنصور بالله عليه السلام وماكان بعد ذلك من الامتحانات والبلوى في الظاهر وصعدة، وبلاد حمير)

والسبب في ذلك أنه لما وصل إلى الإمام المهدي إلى هجرة سناع تلقاه أمير المؤمنين بما هو أهله وشكر سعيه وأغمض عما كان بلغه من المكاتبة للملك المظفر ولم يذكر له شيئاً من ذلك، فلما أقبل السلطان إلى الجهات الصنعانية أمر إلى الأمير أسد الدين أن يطلع بلاد بني شهاب ونواحيها ومقتل من جازه صنعاء حتى تنقطع المادة عن الإمام فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام فنهض حتى حط في بيت رجال في بلد بني شهاب، وأقام هنالك أياماً، ثم إن المتوسطين توسطوا فيما بين الإمام وبين الأمير شمس الدين في تقريبه بالكلية والعطف عليه وإنزله منزلته التي هو أهلها، فأجابهم إلى ذلك وهو كالمستعشر لما فعله الأمير شمس الدين من المكر والخدع والغدر، ولم يدع وجهاً يمكنه في التلطف به والإجابة لما سأله لتكون الحجة عليه، وحضر الأمير شمس الدين في مجمع عظيم من كبار الشرف والعرب من العلماء وغيرهم، وجرى الكلام والمعاتبات والإعتاب، ثم أعطى أمير المؤمنين عهد الله وميثاقه على النصيحة والحرب لأعداء الله فقبل ذلك أمير المؤمنين منه وطابت نفسه بذلك، وتحدث الأمير شمس الدين على أعيان الناس باجتماع الكلمة بينه وبين الإمام وأنه إلى ظفار لزيارة أهله هناك وافتقاد أموره والتشمير للجهاد في سبيل الله، وصدر من حضرة أمير المؤمنين على ذلك حتى وصل وادي ظهر والتقى ببعض أهله، وجرت المراسلات من هنالك بينه وبين السلطان الملك المظفر والسلطان حينئذٍ في محطة الصافية ما بين سناع وصنعاء في عساكر عظيمة، فلما تمت الشروط بينهم تقدم الأمير شمس الدين فالتقى بالسلطان وجرت بينهما الأيمان والموثقات على حرب الإمام عليه السلام واستئصال شأفة أنصاره، وعقد له السلطان بأشياء وأعطاه شيئاً من المال، وأمر الأمير أسد الدين بالقيام مع الأمير شمس الدين في حرب الإمام، ولم يلبث السلطان أن نهض قافلاً إلى جهة اليمن، وقال في ذلك القاضي ركن الدين مسعود بن عمرو العنسي أبياتاً[100أ-أ]:

لله حسيبك يا ابن بنت محمد
إن يطردوك فإن سعدك غالب
ما للعباد على عنادك قدرة
يكفيك لو أصبحت وحدك أوحد
?
?
دون الأنام ونعم نعم الناصر
أو يخذلوك فإن نصرك قاهر
وزعيم نصرتك المليك القادر
فابسط يمينك إن كفك قاهر
( قصة نهوض الأمير شمس الدين ومن معه من الأمراء الحمزيين ونهوض أسد الدين لحرب الإمام )
قال الراوي: ثم إن القوم نهضوا فكانت طريقهم المواريد وبلاد عذر، ثم نهضوا إلى بلاد ذيبان فأخرجوا فيها حيث أمكنهم من أنصار أمير المؤمنين وكان المشائخ أهل يناعة عيال سعد بن سبر قد أسروا إليهم، فلما قرب القوم من البلاد وصلوا إليهم فقادوهم فنهض القوم حتى هبطوا إلى موضع يسمى اللجين مشرف على السواد من بلاد الصيد فحطوا في الموضع الحيس، ثم تقدم عسكرهم حتى بلغوا موضعاً درباً لعيال عبدالله بن هيصم، أهله أهل محبة للإمام والتزام به فأخربوا دربهم وقتلوا رجلاً من شيوخهم يقال له محمد بن نوح من المجاهدين الأخيار ومثلوا به، وكان الأمير الكبير سليمان بن يحيى في مركز هنالك، ثم عاد القوم إلى محطتهم فأقاموا هنالك ليال قرائب، ثم نهضوا حتى حطوا البون الأعلى بالجنات وكان في البلاد ثمرة صالحة وخصب عظيم، وأقام القوم أياماً قرائب ثم إن أمير المؤمنين قرب من صنعاء واجتمعت معه القبائل وحضر من فيها، فلما علم أسد الدين بذلك لم يلبث أن نهض قافلاً إلى صنعاء، ثم إن الأمير شمس الدين ومن معه من أصحابه عظم عليهم الأمر واضطربوا، فلم يروا إلا الطلوع إلى الظاهر واستدراج من أمكن من الناس وقد كان أسد الدين قدم معهم مملوكاً في خيل من خيله يسمى العماد تركياً، فنهض القوم إلى نهج الظاهر فطلعوا موضعاً يسمى موسم شاش، فلما استقلوا في ظاهر آل يزيد شرد عنهم الأكثر من أهل البلاد ولم يخالطوهم فلم يلبثوا أن ساروا حتى حطوا في الظاهر الأعلى ظاهر بني صريم في سبع فوصل اليهم جماعة من أهل البلاد وأظهروا للناس تلطفاً ومنوهم بأشياء على وجه المخادعة،

31 / 56
ع
En
A+
A-