قال الراوي: قد ذكرنا محطة الفقيه في سيان في عسكر عظيم وما كان من مشاورتهم لأسد الدين ثم أن شيوخ سنحان سألوا الفقيه أن يبرز لهم المشورة بزعمهم فخرج إلى سفح الجبل شامي قرية سيان قبره معروف هنالك غير بعيد من القوم فلما برزوا للمشورة برز عدو الله جعدان بن وهب وولدا أسعد بن سعيد وغيرهما من سنحان، فقتلوا الفقيه غدراً، ومكراً وظلماً، وعدواناً، والفقيه في خلال ذلك يكبر ويذكر الله سبحانه، لما قتلوه قبضوا غلاماً كان معه وكان ذلك بكرة يوم الخميس لست ليالٍ خلون من شهر جمادى الأولى سنة تسع وأربعين وستمائة سنة وانتهبوا أصحابه وقبضوا على يعقوب بن سنقر والي الكميم واجتمعت سنحان ونهضوا من حينهم قاصدين الكميم فلما وصلوا إلى تحت الحصن وعلم أهل الحصن بالقصة جمعهم رجل استخلفه الوالي فاستحلفهم للإمام وشددهم وثبت أمورهم وأجمعوا أنهم لا يسلمون الحصن لأحد إلا بأمر الإمام عليه السلام ولو قتل الوالي أو فعل ما فعل، فلما رأت سنحان أنه لا طاقة لهم بأخذ الحصن ولو قتل الوالي عمدوا إلى رجل من أهل الكميم يقال له: أسعد بن قطران النقيب من زبيد فأبرزوه في حلقتهم ورجموه بالأحجار حتى قتلوه وكان لهم رهائن عدة في الكميم فجرى الخطاب على إخراج الرهائن واستخراج الوالي يعقوب بن سنقر منهم فكان الأمر كذلك ولم يلبث الأمير المقدم المقدام زعيم الجيوش المهدية أبو عبد الله محمد بن سليمان بن موسى أن غار من جهة بلاد عنس وقد كان تقدم إليها في سرية من أهل البأس والشدة منهم الأمير المجاهد حمزة بن علي بن حمزة من آل يحيى بن حمزة فلما وصل إلى غربي الحصن انهزم سنحان من محطتهم ووقع القتال فقتل من سنحان رجلان وعادوا خائبين والحمد لله رب العالمين، فلما طلع الأمير محمد بن سليمان تقررت [72أ-أ] قلوب أهل الحصن وثبتت أمورهم.
(قصة نهوض أسد الدين من شعب الجن في سفح براش)

قال الراوي: ولما كان من سنحان ما ذكرنا من الغدر بالفقيه أحمد بن يحيى وبلغ العلم إلى أسد الدين نهض من ساعته معداً لعله يظفر بالكميم فأمسى في سيان ثم نهض فحط في العمري على شاطئ النهر المشهور غربي الكميم وأخلف الله تعالى ظنه وأجزع حده وكان معه داود بن الإمام المنصور بالله عليه السلام متمادياً في الضلال ولم يلبث أن نهض وخذل سنحان وغيرهم وقد كان مناهم أن يقف في بلادهم ويحارب الإمام من هنالك فعمل معهم شثنته المشهورة في المكر، والغدر والدعمة، ونهض متوجهاً إلى جهران وذمار فلما علم به الكرد الذين كانوا بذمار خالفوا ونكثوا بيعة أمير المؤمنين بعد أن كانوا قد وصلوا إلى أمير المؤمنين إلى محطة بيت بوس وبايعوه وتقدموا إلى ذمار بأمره فلم يلبثو أن نكثوا بيعتهم ونكصوا على أعقابهم.
رجع الحديث إلى ذكر محطة أمير المؤمنين في بيت بوس .
(قصة نهوضه عليه السلام بعد نهوض أسد الدين وما كان من سنحان)

لم يلبث أمير المؤمنين بعد ذلك إلا ريثما وصل إليه ابن عمه الأمير المقدم الزعيم علم الدين أحمد بن القاسم لما علم أن الإمام في ساعة متعسرة ومحاط متقابلة ونفقات كثيرة وانقطاع من الناس وكان إليه أمر أهل الجهات المغربية من الشرفين إلى حجة والمخلافة ولاعة وجبل تيس وغيرها وحشد عسكراً كثيفاً وسار بين أظهرهم وكان وصوله يوم الجمعة سابع جمادى الأخرى سنة تسع وأربعين وستمائة سنة ولقيه أمير المؤمنين إلى الهضب غربي جبل حدين في عسكر وصلى أمير المؤمنين الجمعة هنالك واجتمع ذلك اليوم من العساكر ما لايصدق به إلا من رآه، فلما وصل الناس المحطة أقبلت القبائل قبيلة قبيلة بالبر والنذر إلى أمير المؤمنين بمال وافر حتى اجتمع مال كثير، ووصل الأمير المذكور إلى أمير المؤمنين بمال وافر واشتدت قلوب المسلمين وسقط ما في يد أعداء الله تعالى وأقام أمير المؤمنين إلى بكرة ثاني ذلك اليوم وهو يوم السبت الثامن من جمادى الأخرى المذكورة أمر بالنهوض إلى حافد فلما استقرت المحطة لم يلبث عليه السلام أن أمر بسرية لقوم من آل عابس من حلفاء جعدان وقدم منهم ابن عمه الأمير علم الدين أحمد بن القاسم بن جعفر وهو ذو بأس وشدة وكانت الخيل التي في السرية قريباً من خمسين فارساً والرجل قريب من ألف مقاتل وهذه الخيل من الشرف وأجواد العرب.
قال السيد الأمير شرف الدين رضي الله عنه: وكنت في هذه السرية فخرج الأمير مقدم الذكر عند منتصف الليل فيمن معه فوافوا القوم بعد طلوع الفجر في موضع يسمى ثوالب فقصدوهم المجاهدون وقد كان تقدم إليهم نذير فطاروا إلى قمم الجبال وبقى منهم جماعة فأحاط الأمير والمجاهدون بهم في دروبهم فقتل منهم جماعة دون العشرة فاحتزت رؤوسهم وغنم المجاهدون منهم غنيمة كبيرة [72ب-أ] من الخيل والغنم والبقر والثياب والآلة وغير ذلك.

أخبرني بعض من له خبرة بالقوم أن الذي أخذ عليهم مقدار عشرة آلاف دينار من الدنانير الملكية وعاد الأمير علم الدين ومن معه سالمين غانمين ظافرين واستقبلهم أمير المؤمنين شاكراً ومثنياً عليهم فالحمد لله رب العالمين.
قال السيد شرف الدين رضي الله عنه: سألت أمير المؤمنين عليه السلام عن حكم القوم قبل أن يغزوهم فقال: هم كفار بلا خلاف لموالاتهم الغز الباطنية ويجوز قتلهم؛ لأنهم بغاة على إمام الحق ومحارببين له.
قال عليه السلام: ويجوز قتلهم لكونهم مجتمعين على قتل الفقيه الفاضل أحمد بن يحيى ظلماً وعدواناً وأقام أمير المؤمنين عليه السلام ليالي ونهض إلى دلاج من بلاد سنحان بلاد بشير بن صبرة وهي بلد جليلة القدر مشهورة لذلك فرعى الناس زرائعها وأخربوا منازلها وكان الناس في رخاء واتساع فأقام أمير المؤمنين إلى هنالك أياماً قرائب وأقبل إليه المشرق والنواحي تلك بالبر والنذر والتبرك به ومقابلته ثم نهض عليه السلام فحط في موضع يسمى العمري على شاطئ النهر المعروف بسد الكميم وهو موضع يطلع فيه الماء في وقت فصل الشتاء فيطمي على ضيعة واسعة في تلك الأرض مقدار نصف ميل أو يزيد قليلاً أو ينقص قليلاً. والله أعلم.
ثم يأخذ في النقصان قليلاً قليلاً حتى لا يبقى منه إلا القليل قريباً من حصن الكميم فيزرع تلك الأرض وهو على هذا المثال ولهم فيه دلائل على جودة السنة وضعفها.
رجع الحديث
ولم يلبث أمير المؤمنين عليه السلام أن طاف الحصن حصن الكميم.
قال السيد شرف الدين رضي الله عنه: كنت فيمن طلع مع أمير المؤمنين لطيافة الحصن فرأيت جبلاً عادياً مثلثاً من الجبال متسع القلة لعل قلتة تزيد على علوتين للرامي. والله أعلم.

وفيه عمارة أكيدة وخصوصاً في دوايره مناهله وعمارته هذه من عمارة المتأخرين وهو على الجملة عجيب في تلك الناحية فأقام أمير المؤمنين عليه السلام في الحصن ليلة واحدة يتفقد أموره وإصلاح شأنه وقد كان قبل ذلك ركب في الغارة إلى قاع جهران ثم أخذ دون سفل آل عابس عاد من طريق أخرى فاشتدت قلوب الناس عند ذلك وضاقت على أسد الدين مذاهبه وعلم أنه لا طاقة له بحرب أمير المؤمنين الإمام عليه السلام.
(قصة الآية المشهورة في صخرة العمري)
قال السيد شرف الدين يحيى بن القاسم رضي الله عنه: إن الناس قد أكثروا في ذلك وتكلموا بضروب من الكلام، وليس كلهم صدق فيما تكلم به والذي أعرفه أني سألت أمير المؤمنين عليه السلام عن ذلك فأخبرني بما أذكره أخرى والقصة في ذلك أنه كان بعض الليالي وسمعنا هدة عظيمة في الليل ونحن في محطة العمري فمن الناس من ظنها رجفة؛ إذ لم يكن في ذلك الوقت فيه مطر ولا شيء مما يدل على ذلك فلما كان من الغد تحدث الناس بأن الصخرة المعروفة وهي الصخرة التي كان [73أ-أ] حي الفقيه الشهيد أحمد بن يحيى الزيدي ثم الصعدي يجمع سنحان عندها لكونها ذات كهوف، وظلال، وراحة في أيام الصيف.
وقد أخبرني غير واحد ممن أثق به أنه كان إذا جمعهم أكد عليهم المواثيق والأيمان لأمير المؤمنين فلما كان في تلك الأيام بعد قتله بمدة وهي دون الشهر لا أحفظ عدة أيامها تحدث الناس بذلك وأكثروا سار الإمام في تلك الأيام لينظر إلى هذه العجيبة وسار معلق خلق كثير من الناس.
قال السيد شرف الدين رضي الله عنه: وكان بينها وبين المحطة مقدار ميل أو يزيد عليه. والله أعلم.
فلما وصلنا إليها رأينا عجيبة لا يبلغها الوصف وهو أن هذه الحجر تفلقت شعوباً كأنما هي حجر النورة إذا رشت بالماء ولعل مساحة هذه الحجر مائة ذراع. والله أعلم.

قال السيد شرف الدين رضي الله عنه : سألت الإمام عليه السلام ما الذي يروى عنه في ذلك؟ فقال: إني لا أتحقق إلا أن رجلاً من العسكر لما أشرفنا على وادي على وادي العمري وقابلنا تلك الحجر، قال: يا أمير المؤمنين هذه الحجر التي كان الفقيه: أحمد بن يحيى يجمع إليها سنحان ويحلفهم تحتها فقلت له كلاماً فيه معنى الدعاء وقد أنسيته، ثم روى الناس عن الإمام عليه السلام أنه دعا على سنحان وعلى الحجر فكان ما كان من أمر الله تعالى.
ومما قيل في ذلك من الأشعار ما قاله الأمير السيد العلامة شرف الدين يحيى بن القاسم رضي الله عنه ذكر فيها براش وذكر طرفاً من فضائل أمير المؤمنين منها قوله:
أومى إلى هضب الكميم بطرفه
وجرت على التنيين منه أنامل ... فتبددت أحجاره تبديدا
فمضى يحاكي ذابلاً أملودا
وهي تأتي مستوفاة في موضوعها من السيرة النبوية المهدية إن شاء الله تعالى ومن ذلك قول القاضي اللسان ركن الدين: مسعود بن عمرو العنسي رحمه الله في قصيدة ميمية يذكر هذه الفضيلة وغيرها، وقد تقدم ذكر بعضها في أول السيرة المهدية سلام الله على صاحبها ورحمته وبركاته ومن ذلك ما قاله الفقيه العلامة الأوحد حسام الدين عيسى بن جابر على لسان ولد له صغير أصابه مرض وأقعده وطالت مدته فوصل إلى أمير المؤمنين يستشفي له فكان مما ذكره في القصيدة قوله:
ألمي لا يطاق مالي سوى الله
فادع لي الله دعوة تبلغ العـ
كم سقيم ومقعد عاد هذا
وعدو لما دعوت عليه
وإلى الآن قرب يكلا بسنحان
جبل بايعوا عليه وخانوا
معجزات كالشمس لم يعرها
آية بعد آية بعد آي
أنت يا ابن الحسين في الخطب
فعليك الصلاة كل أوان ... إذا ما دعوته يشفيني
ـرش سريعاً كدعوة التنيين
ذا شفاء وذا كبعض الغصون
قصدته الأحباب بالسكين
على مهيع بها مستبين
فتدا عى وانقض رأي العيون[73ب-أ]
اللبس ولم تفتقر إلى تبيين
لإمام بكل فضل قمين
والجدب طلق اليمين طلق الجبين
وسلام الإله في كل حين

وأقام أمير المؤمنين في تلك المحطة وأقبلت اليه القبائل من المشرق وتلك النواحي وأقبل إليه أهل صميم ومن ينضاف اليهم من مشارق بلادهم يقدمهم الفقيه الطاهر محيي الدين داعي أمير المؤمنين المعلا بن عبد الله وقد كان أذن له أمير المؤمنين في التقدم إلى قومه والتفقد لأمورهم فلما وصل اليهم استروا بوصوله وأصلح شأنهم وتقدم فيهم إلى أمير المؤمنين فسلموا عليه وأعطوه شيئاً من البر والنذور وفي خلال ذلك توسط المتوسطون فيما بين الإمام وبين سنحان .
(قصة صلح سنحان وتوسط المتوسطون بين الإمام وبين سنحان في أن يصفح عنهم ويعفو عن مسيئهم)
إلا من قتل الفقيه بيده فإنهم يبرؤون منه و ويجعلونه لهم عدواً ويرمونه عن قوس واحدة فتباعد الإمام عن ذلك فلم يزل به كبار العرب والشرف يلوذون به ويلحون، فساعدهم على شروط:
منها: تسليم ثمانين ألف درهم، وفي بعض النسخ ألف دينار وهو الصحيح ونيفاً على ذلك ومحاربة جعدان بن وهب وأسعد بن سعيد ونفيهم من البلاد وكذلك جميع القتالة.
ومنها: تسليم رهائن معينة منها ولد نشير بن صبرة وهو من كبار سنحان وولده وهذا أخ لعلي بن راشد بن الهرش، وضمن للإمام بذلك وتولى قبض المال المعين من قومه، وأقام أمير المؤمنين هنالك وجهز الأمير المقدم أسد الدين محمد بن سليمان بن موسى إلى الجهات الذمارية في خيل وافرة قريباً من ثمانين فارساً، وكان أخوه الأمير المعظم فخر الدين عبد الله بن سليمان في تلك الحهات الذمارية، فلما وصل اليه أخوه الأمير المعظم فخر الدين عبد الله بن سليمان تقدم إلى أمير المؤمنين بنفسه للسلام عليه ولاسترسامه في البلاد، فلما وصل لقيه أمير المؤمنين وأنصفه وأحسن اليه وأمره بالعود إلى مثاغرة القوم.

ومما قيل في ذلك من الأشعار ما قاله الشريف يعقوب بن محمد بن جعفر من آل القاسم بن علي عليه السلام قصيدة يذكر فيها غدر جعدان بن وهب وسنحان ويمدح أمير المؤمنين، ويثني على الأمير علم الدين أحمد بن القاسم بن جعفر بعد غزاة توالب وهي هذه:
هكذا المجد واكتساب المعالي
وسعود غنتك في جملة الأرض
أي ثغر لم توطه الجرد والجند
منها:
غلبت شقوة الشقي ابن وهب
واعتراه الشيطان أرصد جهلاً
فبعثت الجيوش كالفرع المنسهل
ورجالاً من صيد قحطان كالأسد
فيهم المانع الحمي علم الدين حسام
سيفك القاطع الخطوب بحد
سار والنصر لم يزل في سرايا
وغدا ناكصاً على العقب جعدان
نال ما لم ينله بالغدر حتى
أترى يا جعدان مهدي عيسى
لا ومن شيد السماء وأعلى
أحمد بن الحسين مهدي عيسى
رب رام رماه عن قوس غدر
أيها الماجد الذي في محياه
قد رأوا من سطاك ما عرفوه
إن يعودوا فعد وإن يعرفو ا
فلكم غر حلمك الجم قوماً
أنت كالنار يا إمام لقوم
أنت كالشمس والملوك نجوم
أنت كالبحر إن تغطمط أفنى
ليس إلاك في الأقاليم ملك ... لا كما يدعيه بعض الرجال
عن الغزو والسرى والقتال
وترمي رعاله بالرعال[74أ-أ]
إن يكن منك في محل الجلال والتزاماً منه بحبل ا لضلال
بالجرد شزباً كالسعال
تسامى إلى هلاك الرجال
الجهاد سهم النضال
يه وفتاح منهم الإشكال
أحمد عن يمينه والشمال
وأهلوه في الثرى المنهال
آل في الأخسرين خسر مآل
يرتضى بالشهيد وزن القفال
رتب الحق بالفتى المفضال
ذي الأيادي الجسام جم النوال
رجعت في حشاه زرق النصال
غياث الورى وضوء الهلال
فارفع السيف إن كعبك عالي
الحق يكونوا الغداة فيمن يوالي
أو أبادتهم صروف الليالي
ولقوم كالبارد السلسال
يطمس الشهب ضوؤها المتلالي
أو سحى فالتقط نفيس اللؤالي
وبقايا الملوك ضرب مثال
ومن ذلك قول الأمير الفاضل المجاٍهد الحسيب قاسم بن جعفر من آل ذي الشريفين محمد بن جعفر القاسم بن علي عليهم السلام من قصيدة قالها وهي:
ستعلم قوم خالفوك وجانبوا

فما كلما جاءوا بذنب غفرته
لقد شقيت طراً بجعدان قومه
سطا سطوة عما قليل يروعه
تدرع فيها حلة العار واعتدى
فيا ويحه من ضارب سل سيفه
فلم يخش عاراً في الأنام وسطوة
فإن بعض سنحان الجميع عيونها
فجدد على الثارات منهم عزائماً
وقدها عتاقاً شزباً أعوجية
توا فيك بالمطلوب مهما بعثتها
عليهن من أبناء معد ويعرب
مساعير أبطال إذا ما دعوتهم
وشن على سنحان في بلدة
فما أنت إلا الليث دون فريسة
فلست ملوماً بعدها يابن أحمد
عليك سلام الله ما ذر شارق
... سبيل الهدى أن قد ظفرت وخابوا
ولا كلما خاضوا الجهالة تابوا
وحق عليها أن يحل عذاب
عليها لمولانا الإمام عقاب
على ليث غاب عز منه جناب
لترويع ضيف من قراه أصابوا
يكون لها مما جناه عتاب
وترضيه جاراً وهو فيك غراب
يسد بها باب ويفتح باب
وأخرى نماها لاحق وعراب[74ب-أ]
وقد جد في المحبوب منك طلاب
ضبارمة شدق اللهاء غضاب
لمكروهة يابن الحسين أجابوا
مغار لهم فيه ثوى وتباب
وكل فريق من عداك كلاب
وإن شرفت بالظن منك شعاب
وما شق جلباب الظلام شهاب
وقال القاضي الأجل يوسف بن علي اليامي يمدح بها أمير المؤمنين ويذكر سنحان وعدوها:
لما أجد ولج فيك العذل
لم أشك بعدك بالأحبة إنما
ما أبصرت عيناي بعدك منزلاً
كيف الغوير وكيف شبطا مقعد
وثقوا بدمعي للمنال بعدهم
ما أبصرت عيني المنازل بعدهم
استفرغ العبرات في عرصاتهم
قل للشبيبة إن ليل ظلامها
ورأيت إذ أبصرت قصدي جلبة
جبريل قائدها وسائق خيلها
ما عاينته الناس إلا قلت ذا
يستعظمون إذا رأوه كأنه
عالي المكان كأنما الشعراء له
خطب الخلافة يافعاً وبنى بها
دالت به للقاسمية دولة
لم تغمد الأسياف في أيامه
في كل يوم راية معقودة
ما مر يوم ليس فيه بقائد
وكأنما الرايات فوق مقامه
ما سار إلا سار تحت لوائه
والنقع غيم والسيوف بوارق
والسمر تنقط خط ما كتب الوغى
هذا الذي ملأ القلوب وذا الذي
يستنزل الأملاك من أطماتها
شربت به سنحان كأساً مرة

جرت لأنفسها نكالاً باقياً
جرت جرائر لا يقوم لنقلها
صارت بغدرتها نكالاً للورى
عرت بصهر ابن الرسول وقربه
هيهات قد ضاقت فرائص خيله
حذيت جياد الخيل من هاماتهم
ألفا له صنعاء وهي غريبة
إنا نؤمل نصره من بعدها
قل للملوك لقد رميت بصيلم
منيت بأروع طالبي همه
أفلت بطلعته الملوك كأنه
هذا ابن فاطمة الذي أوفا به
ذا ابن النبي وابن الوصي وذا الذي هذا بن فاطمة البتول وذا الذي
هذا الذي ثبتت له آياته ... قلت الحبيب هو الحبيب الأول
يسل الذي ينساك أو يتبدل
إلا تنكر في عياني المنزل
بعد الذين عهدتهم وترحلوا
فالدمع بعدك وابل متهلل
إلا وزلزل من زفيري زلزل
وجدا ويسجر في فؤادي المرجل
جلاه من فلق الصباح محيعل
غضب الملوك قالها تترجل
وابن الحسين قوادها المتأمل
الركن اليماني فموضع أو مرمل
ملك تحوله الملوك وتحجل
نعل تجل مقامه وتبجل
جدعاً وناء كما ينؤ البزل
غراء حاولها الغلام الحول
أبداً ولا خمد الوقود المشعل
حمراً يقدمها اللواء الأطول
جيشاً إلى جيش يعل وينهل
مثل النسور وجل ذاك الهيكل
جيشان منصرف وجيش مقبل
والبيض أنجم والسماء القصطل
والبيض تعرب ما يخط ويشكل
ملأ الزمان وذا الأحق الأول[57أ-أ]
حتى لقد فلق السماك الأعزل
في الدهر أطيب جرعتيها الحنظل
في الناس ما بقي الصبا والشمأل
ركنا شمام وذا المجاز ويذبل
في الدهر يضرب غدرها ويمثل
وابن الرسول أذلة والمرسل
من زأرة الأسد الذي لا يجهل
وغذا السباع وعاش فيها الأجدل
والأسد تجليها الأسود فترحل
ملك تقاصر شأوه المتطول
من سورة الملك الذي لا يغفل
كسع الملوك مجالد لا ينكل
شمس بطلعتها الكواكب تأفل
في كل ملحمة حديث ينقل
توفي يداه بما يقول ويفعل
من آل حيدرة الرضى المتبتل
والله يثبت ما يشاء ويبطل
رجع الحديث

24 / 56
ع
En
A+
A-