ساقوا الحديث وهو ما معهم من الخطوط منا في أمر صعدة وما يتعلق بها وأن كتبنا في هذه المدة وصلتهم مخالفة لما في أيديهم وتعريضهم بوقوع الخلل فيما كتبت وإخلاف الوعد فيما سطر، قال عليه السلام: فنحن نبين لهم أعزهم الله جلية الأمر، ونعلمهم أنا ما أخطأنا في الأول ولا في الثاني ومن برئ من الخطأ برئى مما يتبعه من العتب، فأما كتابنا الأول لهم بصعدة وأعمالها فإنا فعلنا ذلك لهم نريد منهم مزاحمة العدو عليها وإزاحته عن ملكها فيفوزوا بشرف فتحها وعاجل نفعها، فلما لم يتمكنوا من ذلك وغلبهم القوم عليها وجيشنا عليها الجيوش وعسكرنا العساكر وفتحناها عرضنا على المجالس حفظها وتحمل خطرها لكونها في أيديهم وبقاهم على ما في أيديهم من الخطوط فلم يساعدوا إلى ذلك وعجزوا عن القيام به فأفضت الحال بالجميع إلى صلح يضمن أن نصف البلاد للقوم وأن تسليم حصن تلمص كان مشروطاً بأن لا يدخله منهم أحد بل لا يدخله شريف فأتى ذلك على نفي ما كنا أردناه من كونها في أيديهم ولاية، ثم لم نفرغ من نوبة بني حمزة وتوقي شرهم حتى نجم علينا من الأمراء شكاوي وعتوب تؤذن بكراهة ما نحن عليه والميل إلى محبة من هو عدو للجميع وأطللنا على كتب صادرة من بعض الأمراء إلى الغز فيها الاستنصار علينا والإستدعاء لحربنا فانتقض العمل من أصله؛ إذ الخطوط مبنية على كوننا يداً واحدة متمسكين بطريقه واحدة حينئذٍ عرفنا أن الخلل وقع من غيرنا وأنا باقون على الوفاء للصاحب وإن كان إذا استعملتم النظر والمعرفة غير واجب؛ إذ هذه الكتب ليست في تمليك؛ إذ ليس لنا ذلك وإنما هي ولاية ولولي الأمر أن يعزل من ولاه وأقطعه ما قبل استقرار الولاية أو بعدها، ومثلهم أيدهم الله من لا يجهل ذلك، فلما حدثت هذه الحوادث بيننا وبين بني حمزة أردنا أن نجعل أيديهم مستقرة على ما كانت عليه أيديهم من النصف من طريق الإحسان والتفضل لا من طريق الوجوب فكرهتم ذلك وغيرتم في وجهه وما كان هذا ظننا
وإنما أخلفنا الظن، فالله المستعان، وكنا نتصور أن دعوى الأملاك [66أ-أ] في هذا الباب لا يقع حتى وصلتنا مطالعتكم بكتب المحاكمة في تلمص المحروس ونحن نجيبكم إلى ما سألتم ونلبي دعاكم في طلب الحكومة فبادروا رحمكم الله إلى ذلك ولا تتأخروا ليهلك من هلك عن بينه ويحيي من حي عن بينه ولتعلموا أنا ما نلقى الله تعالى بظلم أحد من خلقه قرب أم بعد عظم أم لم يعظم وكيف نمتنع عن الشرع ونحن الذين عطفنا الناس عليه بالسيف، وبذلنا في نصرته المهج، وأنفقنا النفوس والأموال يعلم من عاشرنا وعرف أحوالنا، ولله القائل:
تعرفني ما كنت قبل أوانه
... أسرح فيه دائماً وأسيم
فهذا لعمر الله كمهدي التمر إلى هجر وداعي مدده إلى النضال فهلم أيدكم الله إلى ما طلبتم نخرج عليكم كما خرجتم ونستدعيكم إلى طلبه كما استدعيتم وليس لكم أن تقولوا هلم إلينا؛ لأنا في ثغور المسلمين مقابلين لعدوهم لا يسعنا عند الله سبحانه أن نتزحزح عن ذلك؛ لأن بتخليته تنتقض أمور المسلمين عامة، وتعلوا كلمة المبطلين، ويهن أمر المتقين، وهذا وإن كان واجباً على الجميع منا مضيقاً فليس إخلال البعض به يسع تركه للكل والذي طلبتم من الحكومة في أمرهم يجب لكم بزعمكم يمكن تأخيره؛ لأنه ليس بمتضيق لاتساع وقته وهذا الذي يجب من حفظ بيضة الإسلام، وسد الثغور، وإصلاح أمور الجمهور مضيق لا اتساع في وقته ولا يمكن تأخيره مع الاستقامة على الحق.
فأما قولكم أنا لا نقبل لا مهلة ولا مغالطة، فكذلك لا نقبل مهلة ولا مغالطة، فمن تأخر من ذلك بعد هذا أكان هو الذي ركب متن الغلاط وعدل عن الحق إلى الباطل.
وأما ما ذكروه من وقوع الشك عند المؤمن في أشياء وأن الغرض المراجعة فيها بعد الفراغ من الحكومة فهذا كلام في نهاية الخلل؛ لأن الشك إن اعترض به على اليقين وهو ما دلت عليه البصائر وثبوت الإمامة وسلامة أحوال صاحبها في الظاهر فلا إشكال أنه لا حكم له؛ لأن الشك لا يعترض به على اليقين بل لا يعترض به على الظن؛ لأنه ريب، وقد ورد الشرع بتركه قال النبي الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) (1)، فالمعترض بالشك على اليقين مخالف لظاهر هذا الخبر، وإن أرادوا بالشك ما يعترض في الخواطر مما يتجلى بالمراجعة فهذا داخل تحت قوله تعالى: {فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}(2) فكيف يتوجه علينا الملاحقة في الريب عند غيرنا والسؤال عليه والفائدة من قبلنا؛ إذ هذا من باب الإفادات والمراجعات لا من باب المحكمات، على أنا نقول: كيف يسوغ لمؤمن أن يتخلف عنا في الشدائد ويخلو بنفسه ويحكم على اليقين قوادح الريب ويعترض أصول الواجبات بعوارض التوهمات، وها نحن قد دعوناكم إلى نزال وعرضنا أنفسنا في مواطن الجدال، وقد أنصف القارة من رامها وقد ألزمنا من كان في نفسه شك قد جعله ذريعة في إبطال فرض الجهاد الذي هو سنام الدين أن يصل إلينا لإزالة الشك والقيام بالفرض لأنه لا بتخلفه [66ب-أ] وإظهاره بذلك قد أخل بالفرض المتوجه عليه وليس على غيره مما يتصوره به ويدعوه إليه فيحمل وزره ووزر غيره كما قال الله تعالى: {ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامه ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون}(3)، ونحن نريد الدعاء تأكيداً والإلزام بجد بدى في وصولهم إلينا للمحاكمة فيما طلبوه وكذلك وصول من اعترض في نفسه ريب في شيء مما ذكروه ومن الله سبحانه نستمد الإعانة وإياه نسأل التوفيق وهو المحمود على نعمه وجزيل قسمه فإنه الناصر حيث تخلف المتخلفون، وخذل الخاذل، وحسبنا الله ونعم الوكيل، نقول كما قال تعالى في
كتابه المبين: {ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين}(1) ولم يتأخر الجواب أياماً بعد وصوله إلا لما نحن عليه من كثرة الأشغال ومكافحة فرق الضلال عن دين ذي العزة والجلال، في مقامات لم تعبر فيها الأقوال عن الأفعال والحمد لله الكبير المتعال، وصلواته على محمد وآله خير آل، والحمد لله رب العالمين.
رجع الحديث
ولم يلبث أمير المؤمنين أن قدم الأمير الكبير العالم شرف الدين الحسن بن وهاس في جماعة من الأمراء إخوته وأقاربه من شيوخ العرب أحمد بن الرياحي بن راشد بن مظفر السنحاني في عشرين فارساً إلى موضع يسمى ضبوة على فرسخ من صنعاء أو يزيد قليلاً إلى ناحية المشرق من بلاد سنحان وقد كان صور لأمير المؤمنين من طريق من لا خبرة له ولا نصيحة أن الموضع مرصد للمحاربين بصنعاء وأنه يقطع مادتهم فكان الأمر بخلاف ذلك، ومما قيل من الأشعار بعد خروج أمير المؤمنين من صنعاء قول الشيخ الأجل اللسان قاسم بن هتيمل التهامي شعراً:
شمس من العالم العلوي قد صفرت
بانت تروعني بالبين هازية
فهل عذير فيسعدني علانية
يحن قلبي لقلبي في تقلبه
عطفاً بروحي يا روحي على جسدي
حرمت وصلك واستحللت سفك دمي
انطوالي ابن أمير المؤمنين أمير
لأشكرن من المهدي عارفة
فكم لأحمد عندي من يد ملكت
حرف إذا وصفت بالألف خنصره
وجه يعوذ في سر وفي علن
لا تعذل الناس إن رأيت محبته
هين ولين فإن تلق الكماة به
قلب إذا نازل الأقران تحسبه
تهمي أنامله تبراً ويمطرها
إن قالت الزور أو ماتت مشبهه
الوافر القسم من مجد ومن شرف
يا ابن الحسين ويا سبط الرسول ويا
لم تخل صنعاء إلا وهي فج ردى
ليست كأم القرى في الفضل ثم طرا
وفي العروسين حلوا ثم أخرجهم
إن يستعض منك مغرور بطاعته
فليس غير حنين ماض راجله
عزماً فإن هانت الدنيا عليك وما
برد العفاف وبرد المدح طب بهما
أكرمتني طول أيامي وما علمت
فالبس وإن لم يكن كفو البرك لي
مما تجلت بفكر العقل لؤلؤها ... من شعرها ألفي وصل ولا مين
يا عالم البين جاز البين بالبين
وشكا يفرق ما بيني وما بيني
منها وتبكين يا عين على عيني
زميته يا وحي الحين بالحين
ظلماً فكنت تقاضي الدين بالدين
المؤمنين علي بين صفين
كانت لوجهي زيناً أيما زين
وفى بصفين من عرض ومن عين
من سادة رجحت منهم بألفين
من رؤية العين إشفاقاً من العين
على قلوبهم زيناً على زين
تلق الكماة بلا هين ولا لين
من صخرة الهضب أو من زبرة القين ودق النضار بلا برق ولا عين[67أ-أ]
فإذا المنون لأهل الزور والمين
والطاهر العرض من نقص ومن شين
فرع البتول ويا غصن الشهيدين
كالغل في الجيد أو كالقيد في الفين
خروج جدك منها ثاني اثنين
علوان بالسيف عن ملك العروسين
خب وهل أثر يعتاض من عين
ورجلها ثلة منه بخفين
فيها فعزمك فيها ليس بالهين
نفساً فإنك كاس بين بردين
كرامة غير يوم أو فيومين
مرصوعة النسج بكراً ذات تربين
في نظمها فأتت سمطين سمطين
(قصة ضبوة وما كان فيها من البلوى علىالمسلمين)
قال السيد شرف الدين رضي الله عنه: فتقدم الأمير المذكور فيمن معه من الخيل ورجل لا أعلم عدتهم وكان فيهم من سنحان قوم، فلما استقرت الرتبة في ضبوة ذلك اليوم نهض أسد الدين بجزيل عسكره فحط على المجاهدين بضبوة وأحاطت بهم الناس من كل ناحية ورتب في صنعاء خيلاً من الغز والباطنية، فلما علم أمير المؤمنين خرج إلى قريب من بيت بوس لفك المحطة من أهل ضبوة فتعذر ذلك عليه لقلة من معه، فلما كان يوم الخميس السابع من الشهر المذكور خرجت الرتبة من صنعاء حتى وقفوا في موضع قريباً من الكظائم المعروفة مما يلي جبل نقم فأمر عليه السلام خيلاً للقاء أعداء الله وقسمها قسمين:
فقسم: قدم عليهم الأمير الكبير أسد الدين ناصر أمير المؤمنين أبا عبدالله بن محمد بن سليمان بن موسى بن داود بن علي بن حمزة بن أبي هاشم الحمزي وهي الخيل المعاري.
القسم الثاني: وقدم على الخيل وهي اللوابس الأمير الكبير عز الدين محمد بن أحمد بن الإمام المنصور بالله عليه السلام فقصد الأمير أسد الدين بمن معه من الخيل فوقع الطراد بين الخيلين واشتد الجلاد وقد كان أمير المؤمنين أمر السلطان الأجل المخلص ناصر الحق عضد الخلافة حسام الدين الوشاح بن عمران ليطلع على المحطة التي على ضبوة في خيل وافرة فعاد من قصده وقد تلازم القتال فلما رآهم عسكر الإمام ظنوا أنهم مادة للغز فاضطربوا قليلاً حتى عرفوا أنهم أصحابهم فتموا حينئذٍ على الغز وحقت الهزيمة وحفت الخيل فحملت على رجالتهم فقتل منهم قريباً من ثلاثين قتيلاً أكثرهم من الباطنية الملاحدة وأبلى في ذلك اليوم الأمير المقدم المقدام أسد الدين[67ب-أ] بن محمد بن سليمان، والأمير الكبير فخر الدين صنو أمير المؤمنين إبراهيم بن يحيى ولم يقصر من حضر من المجاهدين، وبلغ العلم إلى أسد الدين فأغارت خيله فوصلت وقد قضي الأمر وفاز المجاهدون بالظفر فعادوا خاسرين، فلما كان يوم الجمعة خرج أمير المؤمنين بمن معه وعزم على التقدم ليفك على المحطة على أهل ضبوة، فلما بلغ بعض الطريق بلغه العلم أن أسد الدين قد استولى على أهل ضبوة فساءه ذلك واغتم المسلمون لذلك غماً عظيماً.
قصة استيلاء أسد الدين على أهل ضبوة
لما اشتد بهم الأمر وانقطعت عنهم الغارة وهم في غير موضع يمتنعون فيه ولا فئة يرجعون إليها دارت بهم المحاط بعد قتال عظيم قبل ذلك قتل منهم أي من المجاهدين خمسة نفر منهم أربعة من سنحان الذين هم أهل ضبوة وأذم أسد الدين على الأمراء الكافة وأعطاهم سيفه وأنهم لا يعترضون، فلما خرجوا إليه قبض عليهم ولم يراقب إلاً ولا ذمة وتلك شنشنته التي عرف بها، فأسر الأمراء المذكورين وأسر الشيخ أحمد الرياحي وأسر عدة من المجاهدين وفلت البعض وأمر بالأمراء إلى براش وفرق كثير من المجاهدين في الحبوس وتعمدهم أعداء الله بالعذاب والنكال وأمر أسد الدين أن يقيد الأمراء الفضلاء فقيدوا، فلما علم أمير المؤمنين بذلك ساءه وأمر إلى أسد الدين وأقسم لئن لا يفك القيود عنهم ليأمرن بقيد ولده المرهون في بيت ردم وليشددن عليه العقوبة فندم أسد الدين وأمر بفك القيود عنهم وكان بعض الأمراء الحمزيين يأمر بالتشديد على أصحابه ويحصن الغز عليه لينال بذلك عندهم منزلة وجاهاً حتى انتهى الأمر إلى أن جعل عليهم حراساً كيلا يستعميلون خدم براش.
(قصة مخلاف الأمراء بني حمزة على أمير المؤمنين عليه السلام)
قال الراوي: ولما رأى أمير المؤمنين ما كان منهم بصنعاء من المماكرة والمخادعة ولم يبق عنده شك فيما يحاولونه من كيده ودس الأسرار إلى أسد الدين وإلى كل عدد لأمير المؤمنين فأمرهم بالنهوض قبل خروجه من صنعاء فنهض الأمير شمس الدين إلى ظفار وبعضهم صدر إلى الغز ثم وصلت إليهم المكاتبات من أسد الدين يستدعيهم، فلما استقر الإمام في سناع واشتد الحرب على صنعاء نهض الأمير شمس الدين من ظفار مظهراً للوصول إلى الإمام، فلما وصل إلى البون كتب إلى أهله الذين هم في جنبة الغز فالتقوا إلى جوف من البون الأعلى واشتوروا وصوبوا للأمير التقدم إلى ثلاء إلى المشائخ الأجلاء بني الضريوة ظناً منهم أن الإمام ينكر عليهم عند ذلك وهذا من الإعراض والوجه الثاني ليحفظ الأمير نفسه عندهم، فلما وصل الأمير شمس الدين إلى المشائخ الأجلاء إلى حصن ثلاء تلقوه بالقبول والإنصاف والإكرام ثم لم يلبث من معه حتى صدر بعضهم إلى صنعاء لحرب الإمام [68أ-أ] عليه السلام ثم صدر البعض الثاني.
قال الراوي: فلما علم أمير المؤمنين وانكشف له أن كونهم في ثلاء لأغراض ولم يبقى إلا الأمير شمس الدين والقليل من أصحابه غلب على ظنه أن صدورهم لا يكون إلا بأمره، فلما وصلوا إلى صنعاء اشتدت عزيمة الغز واجتمع في صنعاء قريباً من أربعمائة فارس من فرسان الشرق والغرب والأتراك فقصدوا أمير المؤمنين في يوم من الأيام ولما علموا بافتراق الناس عنه والذي دلهم على ذلك رجل يقال له: الفضل بن مفضل من جنب وكان ذلك اليوم من الأيام المشهورة والوقعات المذكورة فقام فيه أمير المؤمنين مقاماً كمقام آبائه الأئمة الكرام عليهم السلام تظله البنود وتثلم السيوف وأبلى ذلك اليوم الأمير الكبير محمد بن سليمان بن موسى وعقر تحته حصان من جياد الخيل وأركبه الإمام حصاناً آخر في القتال ولم يكن في جنبه أمير المؤمنين من الأمراء الحمزيين ممن ينتظم مع الأمير شمس الدين إلا الأمير الكبير السيد أحمد بن يحيى بن حمزة بن سليمان فإنه جاهد في سبيبل الله وأبلى بلاء حسناً وكذلك من كان هنالك من الأمراء السلاطين الأجلاء بنو شهاب، ومن جملة من وقف في ذلك الموقف القاضي المجاهد أحمد بن مقبل بن زيدان، ولما لم يبق ثم وجه يرتجيه أمير المؤمنين في استصلاح الأمراء أمر عند ذلك بخراب أموال المحاربين له منهم في جهة الظاهر وأمر بالحرب على ظفار وكانوا في ذلك الأوان يحاربون ويقيمون الجمعة.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: لقد عجبت من ذلك ثم إن أهل الظاهر وثبوا على قرية الحارة فأخربوها وأخربوا الأموال وعموا بفعلهم المحارب وغير المحارب فاغتم الإمام لذلك.
(قصة نزول الأمير الكبير بدر الدين عبدالله بن الحسن بن حمزة إلى سلطان اليمن الملك المظفر)
لما جرى من خراب أموالهم في جهة الظاهر فإنه بلغ ذلك عند الأمراء كل مبلغ فعند ذلك تجهز الأمير عبدالله بن الحسن في جماعة من أهله وخدامهم إلى اليمن ليستنصرون بالسلطان على الإمام وكان السلطان يومئذ في مشاجرة وحرب بينه وبين إخوته لأبيه على حصن الدملوة وهو في يد السلاطين الملك المفضل والملك الفائز وأمهم الست صاحبة المملكة، فلما وصلوا إليه قابلهم السلطان ووعدهم بالجميل واختلفوا فيما بينه وبين إخوته وأمهما وعلم السلطان الملك المظفر أن إخوته وأمهما قد أرسلوا إلى الإمام المهدي عليه السلام على خفية فخاف عند ذلك أن يستلب ملكه من اليمن إن قصدههم الإمام فأسر حديثاً إلى السلطان أحمد بن علوان بن بسر بن حاتم وكان له خلصاً وكتب إليه كتاباً فلقي كتابه وأتى به إلى الإمام.
قال السيد شرف الدين رضي الله عنه: رجع الحديث إلى ما وقع من الألطاف والفتوح لأمير المؤمنين بسبب دعمه أسد الدين التي لم يسبقه إلى مثلها أحد.