قصة الصلح بين أمير المؤمنين عليه السلام وبين أسد الدين صاحب براش
قال الراوي: قد ذكرنا السبب الداعي للقوم إلى الصلح للإمام عليه السلام، فلما وصل الورد بن محمد لم يلبث أن طلع إلى صاحب براش وأظهر التوسط في الصلح وهو كما قيل: يسر ............... ودام الكلام في ذلك وتوسط المتوسط في ذلك منهم الأمير فخر الدين عبد الله بن سليمان بن موسى الحمزي، وانصرم الأمر بين أمير المؤمنين عليه السلام وبين صاحب براش والمواثيق والأيمان العظيمة على شروط هذا موضع نسختها، ولعله يستفتح به إن شاء الله تعالى.
قال الراوي : فلما انصرم الصلح على الشروط المذكورة وأخذ الأيمان والرهائن نزل أسد الدين صاحب براش إلى بين يدي أمير المؤمنين إلى خارج المدينة غربي صنعاء وذلك لست وعشرين ليلة خلت من شهر رمضان سنة ثمان وأربعين وستمائة سنة، فخرج أمير المؤمنين في لقائه في عسكر كثيف وعدة قوية فلما التقى أسد الدين بأمير المؤمنين سار إليه سير الخاضع الذليل فأنصفه أمير المؤمنين وأحسن مقابلته وتكلم معه في ضروب في الكلام وأظهر التوبة والرجوع إلى الله تعالى والامتثال لمراسيم أمير المؤمنين وبايع أمير المؤمنين على أعيان الناس واستر الناس بذلك، فلما كان يوم العيد خرج أمير المؤمنين إلى الجبانة المعروفة بصنعاء فصلى بالناس، وخطب خطبتين يتضمنان من عجائب الوعظ، والتذكير بالله تعالى والحث على طاعة الله والجهاد في سبيل الله، ولم يلبث أسد الدين أن برز وتجهز لنزول اليمن وحرب المظفر، وجهز أمير المؤمنين معه الخيل التي عقد بها له ووفا بما وقعت العقود عليه وأمر لأسد الدين بحصانين من جياد الخيل.

قصة انصراع الحصان بأمير المؤمنين عليه السلام في يوم الجمعة
قال الراوي: ولما عزم أسد الدين على التوجه وحضر يوم الجمعة في تلك الأيام تأهب أمير المؤمنين للصلاة وسار به المسلمون كما جرت به العادة [63أ-أ] وقدم له حصانه المعروف بالمحيا وهو من أجود فرس في زمانه وكان لأمير المؤمنين فيه فضيلة وهو أنه إذا ركبه لم يترك أحداً يكاد يقرب الإمام عليه السلام، فإذا ركبه غير الإمام همد ولم يفعل شيئاً من ذلك، فلما قدم لأمير المرؤمنين ليركبه وكاد أن يستوي على ظهره وفيه شكالة تقوم بأمير المؤمنين وسقط على مؤخره، ثم على صافحته فصدم أمير المؤمنين صدمة عظيمة في أنفه ووجهه ورض رجله ولا يتصور من رآه أنه يسلم فمن الله على المسلمين بعافيته وسلامته ودخل إلى منزل من منازل الدار غشي عليه وغلقت الأبواب ساعة وأفاق بعد روعة عظيمة وقعت في أهل الدار، ثم أمر القاضي الأجل مجد الدين يحيى بن عطية أن يصلي بالناس فلما قضى الناس الصلاة على شغل خاطر قصدوا بأجمعهم إلى الدار وكاد الناس أن يأخذ بعضهم فأمر أمير المؤمنين بفتح الأبواب لينظره الناس فلما رآه المسلمون سالماً حمدوا الله تعالى وقرت خواطرههم وقال في ذلك اليوم الشيخ مفضل بن يحيى إليهم شعراً:
هو الشط من صنعاء التي كنت تعهد
وباب دمشق والعراص التي زهت
وذا المنظر النضر الذي في رياضه
أفانين شتى فكنت فكأنها
إذا أضحكت زاد الضحى خلت أنها
يروقك منه أصفر ومعصفر
وأزرق محجوب وأشهب مذهب
رياض يروح الروح منها ويغتدي
تبارى به الأنهار جرياً كأنها
وكم بين عضدان وغضران والحما
إلى الفرع من سعوان لا ريع سرحه
فقد بين من تلقا سناع وحدة
ميادين خيل كالسرا حين ضمر
هنالك أرخى الجود صوب عناده
نعم هذه الدنيا وهذا نعيمها
وذا ابن الحسين القاسمي الذي له
إمام ملوك الأرض حول رواقه
أنابوا إلى الرحمن خوف انتقامه
أقول وقد قابلت غرة وجهه
أدام لك الله البقاء مخلدا
وظلك ممدود و سعدك طالع
فكم راتع في روض جودك آمن
فللضيف من أرائك الفضل والحياء

وكم منة طوقتها وصنيعة
ولما توسمت النهوض لطيه
دنوت وفي قلب المحيا استطارة
وخالطه زهو وكبر وهيبة
وأقبلت فأغربت فوق سماته
ولم يستقم جأش المحيا وطال ما
ولكن دنى منه ثبير وراعه
ومن فوقه بدر وبحر عطامط
وأبلج من عدنان ماضي جنانه
تززلت الأرضون منك مهابة
فإن شئت ترتاع الجبال جلالة
فقل أمي الزهراء ووالدي الرضى
فما بعد هذا الفخر والفضل والبقا ... وغمدان والقصر المنيف المشيد
بزهر الروابي لا زود وثهمد
أفانين من وشي السحاب ينضد
خدود العذارى أو نيار توقد
من الرقم موشى البرود معمد
وأحمر رفاف القميص مورد
وأبيض فضي يلوح وأسود
بروح وريحان يصوب ويصعد
ثعابين قيض شملها متبدد
وروعة عيش بارد الطل أرغد
وثعبان حيث العين بالعين ترصد
إلى العشة القصوى وحسبك معهد
وساحات خير ذكره ليس ينفد
وغر الأماني والفخار المشيد
وذا القايم المهدي ذو الهدي أحمد
عزائم منها الأسد في الروع ترعد
عكوف ومنهم راكعون وسجد
ومعروفه فيهم يحل ويعقد
وقبلت كفاً سعده يتجدد
وملكك موصول وعمرك سرمد
وبأسك مرهوب وأنت مؤيد[63ب-أ]
وآخر من خوف يقوم ويقعد
وللصد مطروز الغرار المهند
سمحت بها والخير عندك يعهد
وثغرك بسام وسيفك مغمد
وقد راعه بالأمس منك التهدد
وعين كمال دائماً متردد
فخر ولم يحمله رجل ولا يد
له الصافنات الجرد بالفضل تشهد
جلال تكاد الشم منه تأود
وأغلب من آساد خفان أصيد
له من بني الزهراء أنجاد محتد
فكيف المحيا أيها المتفرد
وتذعر أصياد ويبكت حسد
علي وجدي الأبطحي محمد
لمفتخر فخر مدى الدهر يوجد
رجع الحديث إلى تقدم أسد الدين اليمن

فلما تقدم وكان المتقدم من جهة أمير المؤمنين عليه السلام الأمير فخر الدين عبدالله بن سليمان بن موسى في قريب من المائة الفارس فتقدم أسد الدين فيمن معه ومن يقول بقوله حتى بلغ بلاد بني ناجي ومن هنالك تتابع الرسل والمكاتبات فيما بينه وبين ابن عمه الملك المظفر فلم يبرح المختلف بينهما حتى انصرم الأمر بينهما على اجتماع الكلمة وحرب الإمام فالتقيا ساعة من نهار وافترقا على أمر قد أتقناه ووعده السلطان المظفر إخراج أخيه من السجن وقد قيل إن كلاً منهما له شأن في صاحبه. والله أعلم.

وعند ذلك أظهر ما أبطن وبان للحاضر من غدره، وصار سبه للحاضر والباد، ثم أعطاه المظفر شيئاً من المال وزاده عسكراً مع عسكره ولم يلبث أن نهض قافلاً إلى صنعاء لحرب أمير المؤمنين وخالف معه جميع الغز الذين كانوا جنداً للإمام وأعطوه مواثيقهم وتركوا أولادهم وحريمهم بصنعاء ينفق عليهم أمير المؤمنين وجعل عذره في الغدر أن أمير المؤمنين عقد له بأمور لم يفي له بها وأمر بطلب المحاكمة فإن حاكمه الإمام عليه السلام ولا يحاكمه بالسيف وقد كان الناس تفرقوا عن الإمام من صنعاء أما الأمير شمس الدين أحمد بن الإمام المنصور بالله عليه السلام فنهض إلى ظفار مظهراً أنه يريد تهامة ومن يقول بقوله وفي الباطن ينتظرون ما يأتي به أسد الدين من اليمن فتجمع أمرهم، فلما علم أمير المؤمنين بما كان من الأسد من الدعمة الشنيعة فرق الكتب إلى المقدمين في جهاته فتأملو عليه فلما علم [64أ-أ] المفسدون من سنحان بقفول أسد الدين وصلوا إليه واستنهضوه لقصد صنعاء وأعلموه بتفرق العسكر عن الإمام عليه السلام فأعد في السير فأمر الإمام عليه السلام السيد الطاهر العالم الزاهد شرف الدين الحسن بن وهاس بن أبي هاشم بن محمد بن الحسين بن حمزة بن أبي هاشم الحمزي وصنوه الأمير فخر الدين إبراهيم بن يحيى بن علي بن يحيى، والأميرين الطاهرين السيدين محمد بن وهاس بن أبي هاشم، وعلي بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن الحسين بن حمزة في خيل ورجل وأمرهم أن يلزموا موضعاً يسمى الغامرة قريباً من الحصن المعروف بالكميم فلم يلبث أسد الدين أن طلع البلاد وخالف معه كثيراً من أهل تلك النواحي وخصوصاً سنحان، فلما تناقل الناس عن الإمام في تلك الحال واضطربت خواطر الناس وخالف بعض منهم ومالوا إلى أسد الدين تميلت الرتبة التي في الغائرة إلى موضع في قبلى الكميم يقال له: [.....بياض في المخطوط.......]، ولما بلغ العلم إلى أمير المؤمنين أن أسد الدين قد دخل بلاد سنحان وأنهم قد أجمعوا

معه ومن ينضاف إليهم وهو إذ ذاك في قلة من العساكر.
أخبرني من أثق به أن الخيل التي خرجت مع الإمام عليه السلام من صنعاء دون الأربعين فارساً وكانت خيل أسد الدين قريباً من أربعمائة فارس.
قصة خروج أمير المؤمنين عليه السلام من صنعاء اليمن
قال الراوي :ولما انتهى الأمر إلى ما ذكرناه من تناقل الناس عند الغارة وزاحم العدو من كثب، فأمر أمير المؤمنين عليه السلام بتحريق القصر المعروف لأسد الدين وقصر أخيه إشعاراً بالغدر والفضيحة فانتهب الناس من أبوابه وأخشابه وضربت غرفاته ورواشنه المذهبة وكان دخانها في أعيان السماء والناس ينادون من قلل الجبال وبطون الأودية بغدر أسد الدين وفضائحه وكتب أمير المؤمنين عليه السلام كتاباً أشهد عليه كبار الناس ورؤساء العرب وهذه نسخته:
بسم الله الرحمن الرحيم

أما بعد: حمداً لله على ما أولانا من النعم، وصلواته على رسوله سيدنا محمد سراج البهم وعلى آله ينابيع الحكم وأرباب الفضل والكرم، فإن الله تعالى جعل العهود والذمم أصلا في الوثائق والعصم، ومعتمداً للأمم من العرب والعجم، وهي أماناته التي جعلها على عباده عبئاً ثقيلاً وحملاً محمولاً حيث يقول الله تبارك وتعالى: { إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً}(1) وعلى إثر ذلك فإن أمير المؤمنين المهدي لدين اللَّه أحمد بن الحسين بن القاسم بن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما افتتح مدينة صنعاء وحصر أميرها أسد الدين محمد بن الحسن بن علي بن رسول في حصنها المعروف ببراش وقابله عليه السلام مدة شهر ثم جنح الأسد للصلح والتمسه من أمير المؤمنين حتى ضاقت مذاهبه وأعيت مطالبه وكان ذلك على أيدي جماعة من وجوه الناس وكبارهم وكان قدح العناية في ذلك المعلى ونصيبها الأتم الأعلى للشيخ الرئيس جمال الدين الورد بن محمد بن أسعد [64ب-أ] بن ناجي أسعف أمير المؤمنين عند ذلك سؤال السائلين وجوب اعتماداً على قول العزيز الحكيم: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم}(2) فانبرم الصلح بين أمير المؤمنين وبين الأسد على عقود أكيدة وشروط شديدة علمها من ضمته الأقطار الصنعانية من وجوه العرب والعجم، وغيرهم من سائر الناس وكان من الوثائق بين أمير المؤمنين وبين الأمير الأسد الأيمان المؤكدة، وتسليم الذمم المشهورة من العلمين والسيفين، وتسليم الأمير أسد الدين لولده رهينة في الوفاء لأمير المؤمنين إلى جهة السلاطين الأجلاء الرؤساء السلميين إلى بيت ردم وسلم له أمير المؤمنين في مقابله رهينتين من أولاد السلاطين المذكورين إلى جهة الشيخ جمال الدين الورد بن محمد على أن أسد الدين إن تبين منه غدر أو مكر في أمير المؤمنين كان على الشيخ الورد

تسليم الرهينين إلى أهلهما وهو غير ملوم في ذلك من أسد الدين ولا من أحد من المخلوقين وكان ولد الأسد باقياً عند أمير المؤمنين وإن كان الوفاء من الجنسين جميعاً كانت الرهائن بعد وفاته أشهر من عقد الصلح ولد أسد الدين وولدا السلاطين مسلمة إلى أهلها وانبرم الصلح كذلك ونهض أسد الدين في عسكره وعسكر أمير المؤمنين لحرب ابن عمه الملك المظفر واستنقاذ أخيه فخر الدين من اعتقال المظفر وكان مما انطوى عليه الصلح وسطرت عليه الكتب وهو باق فيها وشهد به الشهود وقبضت الأيمان والوثائق أن ابن عمه الملك المظفر إن جنح إلى السلم أو طلب الفداء لفخر الدين بشيء من الحصون والبلاد لم يفعل أسد الدين شيئاً من ذلك إلا برأي أمير المؤمنين ومشاورته وكان من الأمر المشهور أن الأسد لما انحدر عن نقيل صيد كاتب ابن عمه ودار بينهما المصلحون ولقيه بعد ذلك وصالحه وصاحت بذلك بينهما الصوائح وقبضت الذمم وجرت الأيمان وانفصل الأمر بينهما كذلك من غير مراجعة لأمير المؤمنين وضم الملك المظفر إلى ابن عمه هذا عسكر من عسكره وأمره بالإنقلاب بعد أن قواه بالعساكر والأموال لحرب أمير المؤمنين وكان هذا كله شاهراً ظاهراً يعلم من علم ذلك الصلح الأول من العرب والعجم، ومن جملة ما فعله أسد الدين وتظاهر به في تلك الأحوال ما رجع إليه من شرب الخمور التي حلف لأمير المؤمنين على هجرها وطمس رسومها، وظاهر ما فعله في هذا وحده فضلاً عن غيره يكفي في الإعلان بنقض الصلح ويقضي ببطلان قول الأسد أنه باق على صلح ابن عمه على ما كان بينه وبين أمير المؤمنين في ظاهر ما ذكرناه في هذا الكتاب يوضح بأن الأسد قد غدر بأمير المؤمنين في الوجوه كلها وأنه ليس للشيخ جمال الدين الورد بن محمد أن يمسك الرهينتين ولدي [65أ-أ] السلاطين بل إرسالهما هو الواجب عليه وإمساكهما من الغدر الذي لا يليق بمثله وولد الأسد باقٍ عند أمير المؤمنين قد وفى وطاب وأن أسد الدين قد غدر وخاب يشهد بذلك

من يأتي بذكره في هذه الصحيفة من وجوه الناس وسادات القبائل وسائر المسلمين في شهر صفر سنة سبع وأربعين وستمائة سنة، وأشهد أمير المؤمنين على الكتاب، ثم خرج من صنعاء من الدار السلطانية ومنع الناس من خرابها وقال: هي دارنا عن قريب إن شاء الله تعالى فكان كما ظن سلام الله عليه.
فخرج عليه السلام ليلة السبت وهي الليلة الثامنة من ذي الحجة آخر سنة ثمان وأربعين وستمائة وكانت مدة إقامته عليه السلام سبعة أشهر إلا خمسة أيام، ودخل أسد الدين في من معه ضحوة النهار يوم السبت ثاني خروج أمير المؤمنين وقد كان خرج من أهل صنعاء خلق كثير ممن يخاف الله سبحانه ويعلم أن الهجرة واجبة عليه ولم يبق في صنعاء إلا من كان ضعيف لم يمكنه النقلة في الحال أو كان مبطناً للنفاق بعيداً عن الحق.
قال الراوي: ولما استقر أمير المؤمنين عليه السلام بسناع وهي هجرة أسسها الفضلاء من علماء أهل البيت وأشياعهم من عجائب الهجر تنبع من حيطانها الأنهار وتتضاحك من جناباتها الأزهار على ميلين من صنعاء إلى جهة المغرب أو نحو ذلك وهي من بلد السلاطين الأجلاء أنصار أمير المؤمنين وسيوف الحق المبين الوشاح بن عمران بن الذيب الشهابي وكافة بني عمه.

قصة الاعتراضات من الأمراء الأجلاء آل يحيى بن يحيى بن الهادي عليه السلام
قال الراوي: لما استقر أمير المؤمنين بصنعاء وكان ممن وصل معه الأمير الكبير المعظم الخطير الناصر لدين الله شرف الدين الحسين بن محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى بن الهادي إلى الحق عليه السلام، وأنزله الإمام عليه السلام في جانب الدار السلطانية ليقرب منه للمراجعة والمشورة وأنصفه أمير المؤمنين ومن معه مع تراكم الناس وكثرة المطالب وتقاصر الأحوال فصار الأمراء الحمزيون ربما يشكون عليه ويصورون له صوراً داخلة بشيء من الشك في السيرة المهدية أو كانه ظن أن أمير المؤمنين قصر في إنصافهم فاستأذن في العودة إلى بلاده فأذن له الإمام عليه السلام وجهز وأنعم عليه وأحسن وأجمل، فلما وصل صعدة ورأى من أهل صعدة شدة الكراهة للأمراء ابني حمزة والجرأة بالأذية لهم فأجابه أنفة وحمية للرحم الماسة فتقدم إلى رغافة وأخرت صلاة الجمعة في جهاتهم إلا القليل وصارت تأتى منهم شكاوي ورسائل واعتراضات من أجل حصن تلمص وأنه لهم ومن أجل عقود كانت بينهم وبين الإمام عليه السلام وقد أجيبوا عن ذلك أحسن جواب فمن الأجوبة ما تولاه القاضي الشهيد نجم الدين يحيى بن عطية بن أبي النجم رحمه الله، ثم وصل منهم كتاب يعتذرون فيه بموانع صدتهم عن الإتصال بعد أن استدعاهم أمير المؤمنين وسوغت لهم التأخر عن الجهاد [65ب-أ] ويطلبون المحاكمة في تلمص وأنه لهم ملك وأشياء أخر ...................... بهذا الكتاب من عبدالله المهدي لدين الله أمير المؤمنين ثم سلم عليهم وعظم شأنهم ومدحهم بماهم أهله في صدر الكتاب كما جرت عادته في الأدب وحسن الخلق فقال عليه السلام: فأما ما ذكروه في إجابتهم من الأعذار والموانع التي صدتهم عن الجهاد في سبيل الله تعالى وأنهم لا يدعون من ذلك الواجب وذلك هو اللائق بهم وبكل مسلم وهم أبناء القوم الذين ذبوا عن هذا الدين وطمسوا رسوم الجور والجاحدين ولذلك دعوناهم وما ينبغي لمثلهم أن يقتصر في هذا الباب على الأعذار المجملات فأما الذي لأجله

21 / 56
ع
En
A+
A-