قصة نهوض أمير المؤمنين من صعدة
قال الراوي: وكان نهوض أمير المؤمنين من صعدة في أول ربيع الأول سنة ثمان وأربعين وستمائة، فلما نهض رسم على الأمير المتوكل النهوض [59ب-أ] معه بمن معه فخرجوا جميعاً ليس بينهم تباعد وسار أمير المؤمنين في عساكر كثيفة بعد أن قد كان صدر من عسكره إلى ناحية الجوف وغيرها وسار بمن كان معه من الأمراء بني الهادي وساير أهل القبلة وصعدة وغيرهم من سائر النواحي إلى أن قارب الجهات الظاهرية ولقيه أهلها مجمعون، وسار أمير المؤمنين إلى أن وصل إلى ناحية حوث فأقام فيها أياماً قرائب، ونهض الأمير المتوكل رائحاً إلى جهة ظفار، وسار أمير المؤمنين حتى بلغ جهة الكولة وكانت محطة ما بين البركة المشهورة وبين القرية، ثم زلج السلطان عبدالله بن سالم بن علي بن حاتم بعد أن ركبه حصاناً من جياد الخيل وخلع عليه من نفائس الثياب المصرية والحرير واعتذر إليه مع الإنعام العريض فشكر أمير المؤمنين وأثنى عليه.

قال الراوي: وأقبلت إليه قبائل المغرب من شظب ونواحيه، ووصل إليه صاحب ذروة الغز المحروسة فراجعه أمير المؤمنين في الضيافة بذروة فأشار بذلك وكان ذلك الزمان زمان جدب وقلة مطر وانقطاع في المناهل فخاف أمير المؤمنين المشقة على العسكر فأمر الناس بالنهوض إلى ناحية وادي الصيد وكانت طريق الناس النقيل المعروف بمحاضر، وصعد أمير المؤمنين إلى حصن ذروة في يوم شديد الحر فسار بين يديه خلق كثير من الناس راغبين في رؤية حصن ذروة، فلما وصل أمير المؤمنين وتدبر حصنه أعجب وطافها وطاف الحصن الأسفل المسمى بحقيل، ولم يلبث إلى أن عاود هابطاً متجهاً وادي الصيد قاصداً محطته بعد أن أحاط بحصن ظيافة وكانت محطته فوق قرية يناعة فيما بينها وبين الأوساط، ونهض ثاني ذلك اليوم فحط إلى جنب ضحيان في البون الأسفل فلقيه السلاطين بنو ذعفان وسائر القبائل من بني صاع بالإتحاف والإنصاف والإجلال والإكرام، فأقام ليلته تلك ووصل إليه في اليوم الثاني الأمير حمزة بن سليمان بن إبراهيم بن حمزة من جهات الغز، ووصل إليه جماعة من السلاطين أهل ذمرمر وقوم من قرابتهم من همدان في عراضة حسنة وخيل، فلقيهم أمير المؤمنين بما هو أهله من الإنصاف والإكرام الذي هو شيمته وخليقته، وكان فيمن وصل من المدانيين السلطان الأجل علي بن سعد بن علي بن حاتم بن أحمد بن عمران بن الفضل بن علي بن أبي زيد بن المعمر بن الصعب بن الفضل بن عبدالله بن سعد بن غوث بن المعمر بن المذكر بن يام صاحب ذمرمر وكان متمسكاً بديانة ومحبة للإمام، فسلم إلى أمير المؤمنين شيئاً من المال برا منه ومن غيره ممن يقول بقوله، ثم نهض أمير المؤمنين عليه السلام فحط في موضع يسمى نجر بأعلى البون الأعلى فأمر لأهله من حصن ثلاء فحل بهم في القلعة المعروفة لبني وهيب واستقرت محطة الإمام وعساكره في شمال القلعة قريباً من القاع، وأقبل الناس إليه من الجهات المغربية، والحميرية، والبون، والخشب [60أ-أ]، وشظب،

والأقهوم، وغير هذه النواحي بالبر والنذور والحقوق الواجبة وحمدوا الله وشكروا سعي أمير المؤمنين عليه السلام حيث استنقذهم من أيدي أهل الجور والعسوف، وأمر أمير المؤمنين إلى الأمير المتوكل على الله أحمد بن أمير المؤمنين المنصور بالله سلام الله عليه بالنهوض إليه وأهله ورهطه ومن كان في ركابه من الأجناد ليكونوا مقدمة عساكره لفتح صنعاء اليمن فامتثل الأمير الكبير شمس الدين مراسمه ونهض في عصابة من فرسان الخيل من أهله وأولاده وسار في هيئة حسنة وعدة شديدة فنشر أعلامه وأمر بحمل النقارات والطبول والرايات الحربية، وأمره أمير المؤمنين أن يجعل عسكره على رحابة، ثم وادي ظهر ففعل ما أمره أمير المؤمنين، فلما وصلوا إلى موضع يسمى الأبرق من أسفل وادي ظهر وافاهم عسكر أسد الدين محمد بن الحسن بن رسول، ومماليك الترك وهم وجوه عسكر اليمن فكانت بينهم ملحمة حطمت فيها الرماح وثلمت الصفاح، واستظهر الأمراء الحمزيون على القوم، فكتب الأمير المتوكل إلى الإمام كتاباً يعلمه بما كان من الفتح الذي هو باكورة الفتح، وكتب شعراً وهذا موضع نسخته يذكر فيه الوقعه ويذكر من أبلى هنالك من أهله، فأجابه الإمام بشعر حسن وشكر فعله ومن معه من الأمراء الأجلاء لنقل ما ذكرنا ههنا إن شاء الله تعالى متى وجد.

قصة نهوض أمير المؤمنين من نجر
ثم إن أهل صنعاء ومن فيها من الأمراء الغز وغيرهم لما قرب الأمير شمس الدين من بلاد وبلغهم العلم أن الإمام على أمر النهوض بالعساكر التي لا قبل لهم بها أقبل الأكثر منهم إلى الإمام طالباً للأمان لأنه أبرق العفو فلم ير أمير المؤمنين إلا قبول من أقبل إليه أو طلبه من أهل صنعاء ومن قال بقولهم من الغز، وكتب لهم الأمان وأمرهم بالرجوع وإشعار الناس ذلك وتعريفهم أنه لا يريد عليه السلام إلا رفع المناكر والجهاد في سبيل الله تعالى ورفع يد الجور والظلم ودعاء الناس إلى دين الله تعالى وإقرار الشافعية المحققين على مذاهبهم والانتقام من القرامطة وإحرابهم، والانتصاف للمظلومين من الظالمين، وإذاقة المسلمين برد ظلال العدل، فلما سمعوا ذلك من أمير المؤمنين عليه السلام امتلأت قلوبهم فرحاً وحمدوا الله تعالى ورجعوا إلى صنعاء وأظهروا ذلك، فلما علم أسد الدين بذلك نهض عن صنعاء إلى حصنه براش بمن معه من مماليكه ومن لا يرى بفراقه من أجناده وخدامه، ثم نهض أمير المؤمنين عليه السلام من نجر.
قال السيد شرف الدين يحيى بن أبي القاسم: أمرني أمير المؤمنين عليه السلام من نجر بالوقوف في حصن ذروة فلما تقدم عليه السلام لفتح صنعاء وسار الجيش حتى قرب من صنعاء كتب إلى أمير المؤمنين كتاباً من محاسن الكتب فيه عبقة من الكلام النبوي بديع الألفاظ رائق المعاني يأخذ بمجامع القلوب يذكر فيه مسير عساكر الحق مرحلة مرحلة وصفة البلاد التي وطيتها بحدائقها وأنهارها، ثم ذكر صنعاء وبهجة منظرها وإقبال المواكب إليه وما اجتمع فيها من تكاثر العدد وبريق العدد، وهذا هو موضع نسخة الكتاب.
فلما اجتمعت العساكر أمر أمير المؤمنين الأمير الكبير شمس الدين أحمد بن الإمام المنصور بالله عليه السلام بالمحطة عند باب اليمن وحط عليه السلام مقابلاً لباب السبحة قريباً من الدار السلطانية وبستانها حتى استقرت أمور الناس.

أخبرني بعض الناس أن الخيل اجتمعت ألف رأس وذكر بعضهم أن أسد الدين خرج إلى جبل نقم لينظر إلى عساكر أمير المؤمنين إذ رأى أمراً عظيماً وخطراً جسيماً فسقط في يديه، وأقبل الأمير الكبير عبد الله بن سليمان في قبائل جنب ومذحج وكرد ذمار وغيرهم فشكر أمير المؤمنين سعيه وأثنى عليه، ودخل أمير المؤمنين بعد أيام إلى الدار [61أ-أ] السلطانية واختص بها وهي من العجائب، بناها سيف الإسلام الملك العزيز طغتكين بن أيوب ثاني ملوك أهل مصر من بني أيوب وجعل فيها من المناظر والغرف والمجالس والحجر مزخرفة سقفها بالذهب وألوان الأصباغ وفيها حمام، والأنهار تطرد عند جدرانها، والرياحين والأزهار متدلية في حيطانها وأنواع الفواكه، وفيها إيوانات بينها حجرة واسعة فيها بركة ينبع منها الشاذروانات، وميدانها على بابها، وغرفة الروشن المزخرف مطلة عليه، وقد كان الإمام أمير المؤمنين المنصور بالله صلوات الله عليه وعلى آبائه الأكرمين لما افتتح صنعاء مرتين أمر بهدم أكثر سقوفها وحمل إلى حصن الإسلام ظفار حرسها الله تعالى.

رجع الحديث
فأقام أمير المؤمنين وأمر بحفظ قصر أسد الدين لكونه مرصداً من يحفظه من الأمراء آل القاسم وولى مدينة صنعاء الأمير الكبير الحسيب الحسن بن محمد بن إبراهيم القاسمي وجعل معه القاضي المجاهد أحمد بن مقبل بن زيدان الطائي الصعدي، وولى القضاء القاضي أحمد بن سليمان العنسي، وأعطى الأميرالكبير شمس الدين قصر الأمير فخر الدين أبي بكر بن الحسن بن علي بن رسول شقيق أسد الدين، وأعطى كلاً من المقدمين والخواص قسطاً وافر من منازل الغز والباطنية وضياعهم وبساتينهم ومن قال بقولهم حتى رضي بذلك كل من المقدمين إلا أن الأمير المتوكل أحمد بن الإمام المنصور بالله كان في نفسه غير ذلك من أن أكثر أمر صنعاء يكون إليه وعلى يديه فتنكر على أمير المؤمنين فصارت الأحاديث تسري إلى أمير المؤمنين بما يسره وهو متعمد ويصفح ويقابله بالإجلال والإعظام والتبجيل والإكرام وكان يؤثره بالعطاء والإنفاق على كثرة العساكر وتقاضي الأشياء في تلك الأيام.
أعلمني بعض الثقات أن راتبه من أمير المؤمنين عليه السلام كان كل ليلة مائة درهم، فإن انقطع أو نقص كان ديناً يقضي إياه، ولكل واحد من الأمراء إخوته وبني عمه راتباً بقدر مؤنته، وكانوا مع ذلك يعيبون وينتقصون الإمام.
وبلغني أن أمير المؤمنين أعطى الشيخ أحمد بن محمد الرصاص دار الكبير من كبار الباطنية مزخرفة بالذهب وأعطاه من الضياع والحوانيت والصوافي في تلك النواحي ما قدر مبلغ قيمته ثلاثون ألف دينار يصح مائة ألف وعشرون ألفاً لما كان يعرف عليه السلام من رغبته في الدنيا باطناً ويقنع بالتقشف ظاهراً، وقد كنت أسمعه عليه السلام يشير إلى أنه من جملة المؤلفة.

فأما الفقيه الإمام العلامة أبو عبد الله حميد بن أحمد المحلي فلم يطلب شيئاً من ذلك ولا رغب فيه بل كان من أشد الناس عناية فيما يعين به أمير المؤمنين لما رآه من كثرة الإنفاق وهلع أكثر أهل الوقت ورغبتهم في الحطام ونزل كل من العلماء الفضلاء في منزلته وكانوا خلصائه وسمرائه وكان يحضر مجلسه الكريم عدة منهم للقراءة في درس العلم، ولما استقر أمير المؤمنين بصنعاء تنكر عليه السلاطين آل حاتم وجرى [61ب-أ ] منهم ما يسوء أمير المؤمنين فاستوحشوا لذلك ونهضوا إلى حصن ذمرمر وقد اجتمع فيه كبار الباطنية القرامطة كبيرهم والذين يرجعون إليه حسين بن علي بن الأنف وهو عندهم في المحل الأعلى والقدر الأسنى يتطأطأون له بالرؤوس ويبذلون دونه النفس والمنفوس على أنه قد استهوى شطراً منهم وخدع أكثر نسوانهم وجهالهم، ولما رحلوا عن صنعاء سرى كيدهم إلى صاحب براش أسد الدين واختلفوا إليه وأعلموه المكيدة.
وبلغني أن الأمراء الحمزيين كان بعضهم يغدوا إلى أسد الدين في الليل ويدل على عورات عسكر أمير المؤمنين ويزهد في أمره، فكان لذلك إذا وقع القتال لم يكد الباقون من عسكر الإمام يركنون إلى الأمراء الحمزيين خيفة لمكرهم، وكانت الأمور هكذا فوقع بين عسكر الإمام وبين أسد الدين وعسكره وقعات أبان فيها الأمراء الحمزيون ظاهر، وأمر أمير المؤمنين بالولاة في البلاد، وأمرهم بالعدل في الرعية، وسلوك السيرة المرضية، وخوفهم بالله تعالى، وكتب لهم العهود الأكيدة، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، ورتب الحفظة والمحتسبين على قوانين صنعاء، وكان أهل صنعاء يتناوبون حفظ الدار السلطانية مكيدة أعداء الله يأتي منهم في أكثر الليالي الرجال الأنجاد بالسلاح والعدة ولم يزل تأتي منهم الصلات والمعادن في سبيل الله تعالى وهم على الجملة أهل محبة لأهل البيت عليهم السلام.

قصة ضرب الدرهم الإمامي المهدي
لما استقر أمير المؤمنين بصنعاء ونفذت أحكامه إلى رأس نقيل صيد مشرقاً ومغرباً رأى أمير المؤمنين أن يأمر بضرب درهم يكون للناس فأمر رجلاً من الأطهار من بني سرع يقال له: علي بن الحسين بن سرع وكان من الأخيار أهل الثقة والديانة والأمانة له يد في هذه الصناعة أن ينقش، وأمر أن يجعل الدرهم زائد على الدرهم المنصوري الإمامي لكونه في تلك المدة دخل الغش على ضروب مختلفة في الوزن والفضة وكان وزنه خمسة أثمان قفلة بقفلة الإسلام وزائد على درهم الغز قليلاً فجعل وزنه ثلثي قفلة بقفله الإسلام فضة سيما خالصةً طيبة فلما نقشت السكة أمر عليه السلام فضرب جملة من الدراهم ألوفاً، ثم أتى بها إليه فأمر عليه السلام بشيء منها فزف بها في المدينة وأشيع ذكره وأخرج الدرهم المدينة في موكب عظيم سلت حوله السيوف، وأمر أمير المؤمنين بإنفاذه والبيع به دون غيره، وحذر وأنذر لمن يعترض لغشه أو قطعه، وتوعد عليه بالسيف؛ لأنه من أعظم الفساد على المسلمين، ثم أمر بجملة من الدراهم ففرقت على الأمراء والمقدمين والأجناد وجميع المسلمين ومن هنالك من الوفاد وكان ذلك يوم عيد في صنعاء، ومما قيل في ذلك اليوم من الشعر قول القاضي ركن الدين مسعود بن عمرو العنسي[62أ-أ].

قصة حرب ذمرمر
قال الراوي: ثم إن السلاطين اتفق رأيهم ورأي صاحب براش الأمير أسد الدين محمد بن الحسن على المظاهرة والفتك بأمير المؤمنين وسول شياطين الباطنية وكهنتهم ومنوهم بالظفر من طريق علم النجوم وأنهم إذا نهضوا في اليوم المضروب نالوا مرادهم وعظموا الأمر بزعمهم وشاع ذلك فبقي أهل صنعاء ومن لا بصيرة له كالمتوقع لذلك، ثم إن أمير المؤمنين عمل على ما هو المعروف من خلقه من التوكل على الله والمضي على الجهاد في سبيل الله تعالى والصبر على البلوى فحشد عساكره فاجتمع إليه السلاطين الأجلاء المجاهدون الوشاح بن عمران ومن يقول بقوله من أهله وبني عمه وقبيلته وبنو الراعي وغيرهم وأمر بعضاً من عسكره فوقف في مقابلة صاحب براش وتقدم الإمام بنفسه محتسباً ذلك في سبيل الله سبحانه وتعالى وقصد حصن ذمرمر في عسكر كثيب في الخيل الجياد اللوابس والرجال من الشرق والغرب وأهل البأس والشدة وكان في ذمرمر مملوك أسد الدين عظيم الشأن أستاذاً يسمى بالبان ليس له نظير في فرسان العجم هنالك ومعه أربعون فارساً من جياد الفرسان وقد حشدوا وجمعوا من قبائل المشرق من الرماة من الأعروش وغيرهم عسكراً وافراً فوقع بين العسكرين قتال عظيم، فاستشهد في ذلك اليوم رجل من السلاطين الأجلاء المجاهدين من بني شهاب يقال له [.....بياض في المخطوط.......] ورجلان آخران، وقتل من أعداء الله سبعة أو ثمانية فيما بلغني. والله أعلم.

وقتل بعد ذلك مملوك من مماليك أسد الدين واحتز رأسه وأخذت فرسه، وأمر أمير المؤمنين بخراب أموال السلاطين عبدالله بن سالم ومن يقول بقوله من بني عمه إلا مال السلطان الأجل علي بن سعيد بن علي فإن أمير المؤمنين أمر باحترامه وكذلك من يرى بقوله، فخربت البساتين، وغورت الآبار، وحمل إلى صنعاء وغيرها من الأعواد والأشجار شيء كثير، واستأصل المجاهدون شأفتهم، وبلغوا في تدمير بلادهم تدميراً عظيماً لم يبلغ أحد مثله، وثناه أمير المؤمنين مرة ثانية فاستلحق بالعسكر ما لم يكن أخرب اليوم الأول وجعل بلادهم عبرة للمعتبرين، وعاد إلى صنعاء سالماً غانماً وافر فالحمد لله رب العالمين.
وقد كان بعض الباطنية بذمرمر وغيره يموهون على الناس ويوهمون على أن أمر أمير المؤمنين ينقضي في تلك الأيام فارتفعت لذلك رؤوسهم ومنتهم نفوسهم إلى ما لم ينالو: {ورد الله الذين كفروا بغيظهم}(1).
ولما رأى صاحب براش أنه لا طاقة له بمكيدة أمير المؤمنين بما مضى من المكائد صور بعضهم لبعض أن صلح الإمام أصلح لهم ليستخلص صاحب براش من الخصام وينزل اليمن يصلح ما بينه وبين بني عمه ويستخرج أخاه من الاعتقال ويطلعوا باليد الواحدة، وزعموا أن هذه أعظم المكائد، فأبرموا أمرهم واجتمعت كلمتهم على ذلك [62ب-أ] سراً وكاتبوا الورد بن محمد بن ناجي وهو من كبار العرب وأهل الجاه العظيم عند الغز وغيرهم وكان مظهراً أنه من أمير المؤمنين وهو من القوم في الباطن، فلما وصل إلى صنعاء لقيه أمير المؤمنين بالإنصاف والإتحاف وأكرمه أحسن كرامة وقدم له من الخيل فرسين وأعطاه عطية سنية وخلع عليه من نفائس الملابس من الخلع ومطارف الحرير والعمائم المذهبة ما ظهرت شهرته عظم في أعين الناظرين موقعه.

20 / 56
ع
En
A+
A-