أخبرني بعض الثقات أن الخيل كانت ثمانمائة فارس وقيل: بل أكثر من ذلك، فأما الرجل فما انحصر عددهم لكثرتهم، وأمر أمير المؤمنين الناس بالنهوض إلى صعدة، فأتوها من الخانق المفيض إلى المربطين في أحسن عراضة كل كتيبة تتلوها أخرى، وساروا حتى وصلوا إلى موضع غربي مدينة صعدة وشمالها عند درب الناصر المعروف، وأمر عليه السلام بالمحطة هنالك وشدد على الناس ومنعهم من دخول صعدة، بل يكون مستقرهم هنالك، فلما استقر عليه السلام أمضى الأحكام وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، ووصل إليه الأمير السيد الإمام الحسن بن يحيى بن يحيى بن الهادي عليه السلام في عصابة من أهله وأولاده وقبائل خولان فأحسن أمير المؤمنين إنصافهم وبايعوه على أعيان الناس وكذلك بايعه من لم يكن بايعه أولاً، وانتظمت الأمور، ثم إن الأمير عبدالله بن وهاس بن أبي هاشم الحمزي وكان في حصن تلمص أغار يوماً فطعن رجلاً فلحقته الخيل حتى طلع الجبل، ثم أمر أمير المؤمنين بالزحف على حصن تلمص فأحاط به الناس من كل جانب وبلغوا إلى حيث لا يمكن أن يبلغه أحد فنصبوا عرادة فرموا بها فاستشهد رجلان.
أخبرني من رأى أن أمير المؤمنين بشر بكلام خفي [56ب-أ] قال: ظننت أنه يدعو لما أضرت بالناس هذه العرادة فما كان إلا القليل حتى انحطم سهمها والناس ينظرون فغلبوا وانقلبوا خاسرين، ثم أقبلت إليه قبائل القبلة من راحة بني شريف وبلاد سنحان ووادعة وغيرهم من النجود وحصل على يديه من الأموال والدراهم والدنانير والحبوب ما عم العساكر إنفاقاً، وبلغني أنه كان ينفق في الليلة الواحدة ألوفاً، ولما أمر بقتل ابن الأديب أمر بقبض جميع ما خلفه من العين والأثاث والآلآت الفضية وصرفه في جميع مصرف بيت المال بحكم الله تعالى وصرف إليه الأمير الكبير محمد بن حمزة بن الحسين الحمزي جميع ما خلفه ولده أحمد بن محمد فقبضه لبيت المال، وكذلك جميع أملاك نفسه، فلما قبله لبيت المال رأى من المصلحة أن يرد على الأمير المذكور أموال نفسه يستعين بها في أموره ورد عليه شيئاً من بركة ولده مع كراهة الأمير لذلك فلم يساعد الإمام فقبل ذلك.
قصة وصول الأمراء والسلاطين ومن كان معهم من كبار العرب من ثلاء وبلاد حمير وبلاد بني شهاب
قال الراوي : فلما استقر أمير المؤمنين بصعدة وعظم شأنه ورأى الأمير شمس الدين أنه لا طاقة له بحربه استدعى بالأمير الكبير ابن عمه الأمير الكبير يحيى بن الحسن بن حمزة بن سليمان، والأمير الكبير أحمد بن يحيى بن حمزة بن سليمان أن يصلا إليه ومن أمكنهما من كبار الناس للتوسط بينه وبين الإمام عليه السلام فاستصحبا الأمير الكبير المجاهد أحمد بن محمد بن حاتم والسلطان الأجل المخلص الوشاح بن عمران، والسلطان الأجل حسين بن سعيد بن سعيد بن بهر، والشيخ المكين عمرو بن علي الوهيبي واجتمع معهم عسكر كثيرون من خيل ورجل وساروا حتى طلعوا نقيل عجيب المعروف بالبون الأسفل يردون الظاهر، فلما بلغوا الحارة مستقر الأمير الكبير أسد الدين شقيق أمير المؤمنين المنصور بالله عليه السلام وعلم بهم الناس ظنوا أمرا يسوء أمير المؤمنين فأوقدت النيران في الظاهر واجتمعت القبائل حولهم وهموا أن يقعوا بهم.
قال الأمير السيد شرف الدين رضي الله عنه: فلما بلغني ذلك وكنت في حصن ذروة برسم أمير المؤمنين أمرت من الأهل من أشعر الناس الكف وسار مع الأمراء والسلاطين ومن قال بقولهم من سار من بني العم صاحباً لهم إلى حوث وأرسل إلى أمير المؤمنين رسولاً مغذاً استأذن لهم من صعدة فأذن في وصولهم وتلقاهم بما هو أهله من الإنصاف، وبعد وصولهم جرى الخطاب بين أمير المؤمنين وبين الأمير المتوكل على الله أحمد بن أمير المؤمنين وبذل من نفسه نصرة الإمام بنفسه وجنوده وأهله وماله ولم ير أمير المؤمنين إلا قبول ما بذل رعاية لحق الإمام المنصور بالله سلام الله عليه ورغبة في صلاح مثله؛ إذ كان في أوان سلطانه واستقرار دولته ملك الشرق وسلطانها.
وكان في خلال ذلك الفضيلة العظمى والعجيبة التي لم تقع على يد أحد من الأئمة، وذلك[57أ-أ] أن مقعداً يسمى فلان التنيين قد أتى عليه من السنين خمسون سنة أو يزيد قليلاً أو ينقص قليلاً من أهل صعدة يعرفه الناس يسير على يديه ورجليه تدب على الأرض كما يدب القرد حتى كان له نعل ليده يتقي بها الأرض على مرور السنين لا يعلم أحد أنه رآه على غير تلك الصورة.
قال السيد شرف الدين يحيى بن القاسم: كنت أعرفه في سن الطفولة يدب كما ذكرنا يوحش من رآه فأتى يوماً إلى أمير المؤمنين ليمسح عليه ولم يكن يخطر بباله أن الله تعالى يفعل به ذلك، فمسح الإمام على رأسه وظهره وأجرى كفه على مواضع بدنه ودعا له بالعافية فوجد من ساعته تلك بدؤ الشفاء، وعاد مرة فمسح عليه فقام بعد ذلك قائماً منتصباً يسير كما يسير الصحاح من الناس، فكبر الناس وشكروا الله تعالى الذي خص أمير المؤمنين بهذه الفضيلة، وكان هذا المقعد يحمل السلاح في المواكب ويتصرف فيه ويلعب مع من يلعب بالسلاح، وكان الناس يأتون من البلاد القاصية ليتحققوا هذه الفضيلة، واشتهرت في البلدان ونظمت فيها الأشعار وجعلت طرازاً في حلل الفضائل الإمامية، فمما قيل في ذلك من الأشعار ما نظمه الأمير الكبير المتوكل على الله شمس الدين أحمد بن أمير المؤمنين المنصور بالله سلام الله عليه قوله:
أضاء على الإسلام نورك وانطفى
وقد علمت آل النبي محمد
وإنك لا وان ولا أنت طايش
ولا عجب أن زادك الله حجة
أراك لها أهلاً فزدت تواضعاً
رضيناك للدنيا وللدين فارتفق ... بوجهك ليل الهم واتضح الفجر
بأنك أنت الفلك ما إن طمى البحر
ولا مضمر سر الحقود ولا وغر
سماوية ما إن بها للورى عذر
فزادك تكبيراً بها من له الكبر
على النجم مسموعاً لك النهي والأمر
ومنها أبيات للقاضي الأجل اللسان ركن الدين مسعود بن عمرو العنسي أولها:
أراد الله إيضاحاً جليا
مسحت عليه مسحة مستجاب
أتاك على يديه يدب ضعفاً
وكان ملقف وصال سقما
فلو كف المسيح عليه حالت
وأظهر نورك الرحمن لما
ولو بعد ابن آمنة نبي
لأنك في الحوادث هبزريا
تهنى أيها المهدي مجداً
حباك به من ضل يسعى
ومن ابن الحسين يضل يمشى
... فسار المقعد العالي سويا
فلم يك بالدعاء له شقيا
فعاد كأنه رمحاً سمهريا
فقام على بديهته جريا
لما زادت ضما عطفيه ريا
رآك بأن تخص به مليا
لأهل الأرض كنت لهم نبياً
وفي يوم النوافل أريحيا
سماوياً وملكاً أبطحيا
إلى مسعاك كان به حفيا
إلى الرحمن مرضياً رضيا[57ب-أ]
قال الراوي: ولما رأى الأمير المتوكل على اللَّه أحمد بن الإمام المنصور بالله عليه السلام أنه لاطاقة له بحرب أمير المؤمنين وأن العرب كلها عليه وأن الغز قد انقطع ما في أيديهم بعد قتل سلطانهم وكان أقوى عضد له وأصابتهم الضرة في حصن براش صعدة لم ير إلا النزول على حكم أمير المؤمنين عليه السلام والدخول في مراسيمه فعند ذلك أجد في طلب الصلح واستدعى من كبار العرب والشرف من يتوسط بينه وبين الإمام فكان المتوسطون على الجملة الأمير الكبير جعفر بن أبي هاشم، والقاضي الأجل مسعود بن عمرو من جهته، ومن جهة أمير المؤمنين الأمير الكبير أحمد بن محمد بن حاتم، والسلطان الوشاح بن عمران، والسلطان جبر بن سعيد، والفقيه الفاضل أحمد بن موسى النجار، والشيخ عمر بن علي الوهيبي فلم يبرح القوم في الاختلاف حتى انصرم بين الأمر بين مولانا أمير المؤمنين وبين المتوكل على الله ما نذكر شروطه في موضعها، ومما قيل في ذلك قصيدة الشيخ الأجل قاسم بن علي بن هتيمل التهامي يذكر فيها وقعة قارن وقصة التنيين ويحض أمير المؤمنين على العطف على الأمراء الحمزيين وهي هذه:
إذا جئت الغضاء ولك السلامة
وقل للوائلية هل لروحي
حللت تهامة وحللت نجدا
وخفت من الكواشح أن تلمني
أغار على ثناياك اللواتي
ومن لي إن حرمت لماك أني
وما أنا والمدامة وهي حجر
ولا ومحاسن عقدت هواها
لحن هوى في بعد وقرب
ومرهفة الموشح بنت عشر
ثلجت بظلمها ومدات قلب
أمهدية الملامة ما لنفسي
أكان صفا المشقر في ضلوعي
تكلفني العواذل نقل طبعي
علام وفيم أمنح خير عمري
عليك بأحزم الآراء تسلم
ولا ترأم محل الضيم واشمخ
إلى المهدي أحمد ناقلت بي
إلى من لو وزنت الخلق طراً
شبيه سميه خلقاً وخُلقاً
حقيق أن يحن الجذع شوقاً
تواضع عن لباس التاج زهداً
ثلاث الأمر منه بهاشمي
بليث في المغاضة حيدري
أرق من النسيم الرطب صدرا
يجل عن القياس فما ابن سعد
سماحة راحة وسخا أضحت
أيخفى الفاطمي وقد رأينا
علي يا بن الحسين فكل دار
قرنت بأهل قارن يوم سوءٍ
فما أبقى حسامك من عراهم
لقد باتت دمائهم شراباً
ولم يجنح لما هي علي
أبعد شواهد الإثنين يعصى
أتاك كضفدع العمران فقرا
فما عرف المسيح بغير هذا
وما انفرد بن مريم عنك إلا
خذ الحمزات بالإلطاف واخفض
ولا تعجل فرب حمي أنف
فهم عين وأنت لهم سواد
وقل للشمس تطلع في معار
وما استنجدت رأيهم عقيماً
وربما غزوت فكان منهم
فغالب من أردت بهم غلابا
فقد نقضو الأمور وأبرموها
وما من سيد رفدوه إلا
وناهز مترف اليمنين واضرب
فسوف تعله عما قليل
فقد برموا بأمرهم وعيوا
وأعجب أنهم همدوا وقامت
وكم من هامة للكفر ودت
وإلا فاقبض سيف الدين يفعل
فلم يفتح أبو بكر ثغورا
فما أنتم إلى قوم أحلوا
ولا قاضيكم ابن أبي دؤاد
أمير المؤمنين إليك سحراً
يقيم على سليف البدر طوقاً
فأمرك في ولي أحوذي
أحب إلى الأئمة من حبيب
جعلت فداك إن فخمت قدري
فقد ولى النبي على قريش
... فطارح بالتحية ريم رامه
وما أتلفت من جدي غرامه
فأين وأين نجد من تهامه
بنا فمري خيالك يا إمامه
تقبلها الأراكة والبشامه
أشم الروح من لثمى لثامه
ومفسدة وريقتك المدامه
بحبات القلوب المستهامه
كعهدك في الرحيل وفي الإمامة
لها صدر الغلام على الغلامه
يشب لظى صبابته ضلامه
وحسرتها ومالك والملامه
وقلبي مضغة أو من شمامه
ولا حبا لهن ولا كرامه
أضاليل المنى سفهاً علامه
فكم رأي عواقبه ندامه
بأنف لا تذلله الخزامه
مراق العدو تحسبها نعامه
بظفر منه ما وزنو قلامه
وهدياً في الطريقة واستقامه[58أ-أ]
إليه وأن يظلل بالغمامه
فصار التاج من خدم العمامه
خفي الكيد مشهور الصرامه
بتولي وغيث في المقامه
لسائله وأسجع من أسامه
وما هرم وما كعب بن مامه
سماحة حاتم فيها ملامه
أدلته ولم يبلغ فطامه
أقمت بأرضها دارالمقامه
أزحت به الزعيم من الزعامه
ومن سرواتهم إلا ذمامه
له ولحومهم ظلت طعامه
أبو حسن ومصقلة سآمه
من الثقلين مأموم إمامه
فقام كسمهري الخط قامه
أمعجزة النبوة في الإمامة
بعازر فهو قد أحيا رمامه
جناحك للقرابة والرحامه
يمكن بعد نفرته زمامه
وهم بيت وأنت له دعامه
على بلد أما تجلو ظلامه
ولا استمطرت ريهم جهامه
لجسمك فوق سر اللام لامه
وصادم من أردت بهم صدامه
بقتل الأيد منهم والحزامه
حموه خلفهم ومضو أمامه
خيامك حيث ما ضربوا خيامه
بطحت رعابكم إجامه
كما عيت ببيضتها الحمامه
عليهم قبل موتهم القيامه
لما صارت عليه تكون هامه
بصنعاء فعل خالد باليمامه
السعد إلا بقتل أبي ثمامه[58ب-أ]
من المحظور ما علمو حرامه
إلى قاضيهم بن أبي عقامه
كلام الشعر لا يحكى كلامه
ويخلد في جبين الشمس شامه
له من كل ذي علم علامه
وأقدم في البلاغة من قدامه
على أهل الرئاسة والفخامه
وأمر دون سادتهم أسامه
[قصة الصلح بين أمير المؤمنين وبين الأمير المتوكل]
قصة الصلح بين أمير المؤمنين عليه السلام وبين الأمير المتوكل على الله ومن يقول بقوله من إخوته وبني عمه.
وقد ذكرنا القوم الذين توسطوا في الخطاب بأعيانهم.
قال الراوي: فلم يبرح القوم حتى وصلو على الصلح بشروطه التي سنذكرها في البلاد وغيرها، وعلى تسليم حصن تلمص بصعدة لتقر قلوب أهل الشام، وعلى تسليم حصن القفل لتقر قلوب أهل الجهات الظاهرية، فهذان من جهات الأمير المتوكل على اللَّه أحمد بن أمير المؤمنين المنصور بالله عليه السلام، وعلى حصون من جهات الأمير عماد الدين يحيى بن حمزة وهو حصن مدع وحصن في جهة الأعذار والمكرام بميتك والجاهلي، وظفر في جهة حجة، وشمسان في جهة الخدم.
فلما استولى أمير المؤمنين على حصن تلمص وطافه أعجب به وحمد الله تعالى على ما من به من التأييد، ثم نزل إليه الأمير المتوكل على اللَّه أحمد بن أمير المؤمنين، فلما التقى بالإمام قابله أمير المؤمنين بما يقابل به مثله من الإجلال والإعظام والإعزاز والإكرام، ووقفوا جميعاً في شق جبل تلمص في المسجد المعروف، وثبتت الأمور، وعقدت العقود والمواثيق، وعقد لأمير المؤمنين ببنت الأمير المتوكل على الله وطابت نفوس الجميع باجتماع الشمل، وانصرف الأمير المتوكل إلى دربه وكان مقامه في تلك الأيام مع أهله إلى أن نهض أمير المؤمنين.
ذكر الشروط والعقود التي وقعت بين أمير المؤمنين عليه السلام وبين الأمير المتوكل
وهي منقولة من خط كاتبه عليه السلام قال فيها: هذه نسخة تذكرة مكتوبة بخط أمير المؤمنين المهدي لدين الله عليه السلام وهي تذكرة مباركة تضمن الشروط التي لا بد منها في نفاذ الصلح واستمراره، فمن ذلك أخذ العقود والمواثيق على الجميع من الأمراء تأكيداً في الوفاء بما عقدناه والإثبات لما شرطناه.
ومنها: أن تكون الولاية في الجهات من قبلنا لئلا يتصور الرعايا أن الأمراء يقضون فيهم غرضاً.
ومنها: إخراج رهائن حاشد وبكيل إلى أمرائهم في الحصون وغيرها.
ومنها: أن لايعترض لما أمرنا بقبضه من أموال الولاة المتصرفين في بيت المال على وجه التضمين لما استهلكوه من بيت المال كعلي بن مبارك وبني مبارك وبني غالب ومدرك وغيرهم ممن قبضنا ماله على هذا الوجه وصار متمحضاً لبيت المال.
ومنها: البقا على أن الشرف [59أ-أ] لا يكون للأمراء فيه شيء ويبقى البون على حاله في أن حكمه حكم البلاد مقسوماً إلا الجنات وعمران لأجل ما شرطناه لأهله عند أخذهم.
ومنها: شاكر أن لا يكون فيه حكم لأحد؛ لأن أكثر شاكر لنا الأموال والدور وكذلك الهجر والعكرات وبنو محمد حكمها كذلك وهي بعينه سماعها أعظم من عيانها، ومن ذلك رد خيل الإدعام ونقائصهم في الفتنة بعد الإمامة وكذلك فرس ابن معافى ولا يتعدى الشرع الشريف في ذلك.
ومنها: أن الجواعلة وغربان لبني القاسم.
ومنها: أن أمر بني عوير يكون إلى بني الهادي دون غيرهم.
ومنها: أن الجوف على حدوده لا سبيل لأحد إليه، وكذلك المشارق والمراشي لا يكون إلا إلينا إلا ماكان ملكاً خالصاً، ونجران يكون من جملة البلاد المقسمة، وآل الهندي منا فلا اعتراض إليهم بحال دوننا، وكذلك سماح بن علي ومن هو منه وإن من حارب معنا من الأمراء بني حمزة وكان منا ما شرطناه له فيما أخذ منه فهو ثابت.
ومنها: خروج الأمير حمزة بن سليمان ومنصور بن إبراهيم ومقبل بن زيدان ومن لزم ممن يعتزي إلينا.
ومنها: أن لا يؤخذ أحد من الرعايا ولا غيرهم بضغن ولا حقد لأجل ما جرى بيننا وبينهم.
ومنها: أن العقود التي عقدناها لأبناء العشائر مما لا يخالف ما شرطناه في البلاد ثابت لا ينقض.
ومنها: رد ما أخذ لصارة أو خيره فإنه أخذ على وجه العدوان.
ومنها: أن يكون الكل معتقداً للإمامة ملتزماً لأحكامها فمن لم يكن كذلك حاربناه جميعاً حتى يرجع أو تبين لنا صحة ما هو عليه وسواء كان قريباً أو بعيداً فلا مغارة لأحد أصلاً وإلا فنحن في لعب ومن جرى منه من أمناء الناس ما يحتمل به الأدب في الإمامة وما يعتلق بها كان ملحقاً بما يستحقه أو متروكاً كان عن هذا الصلح حتى يعتذر أو يفعل ما يجب عليه؛ لأن جرم فاعل ذلك عند الله عظيم مع استقامة أصولنا.
ومنها: أن لا يتولى القضاء وإقامة الجمع إلا من رضيناه. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وسلم.
قال الراوي : ولما استولى أمير المؤمنين على حصن تلمص وأمر أمير المؤمنين بقبض حصن القفل تابا خادم الأمير من ذلك وهو أحمد بن جابر وكان المأمور من جهة الإمام عليه السلام الفقيه الفاضل تقي الدين علي بن سلامة بن يحيى الصيرمي، فلما بلغ الأمير المتوكل العلم جمع كبار العرب وأشهدهم على نفسه أنه لم يسلم الحصن يوماً لفلان لأسلمن له حصن ظفار، ثم أمرني من جهته من أمر، فلما علم خدمه بجده في ذلك سلموا الحصن إلى الفقيه الفاضل علي بن سلامة فقبضه وحفظه وأمر الإمام عليه السلام بإعانته بأجواد الرجال وبعد ذلك لما استوت الأمور عزم أمير المؤمنين على النهوض من صعدة قاصداً صنعاء اليمن.