قال السيد شرف الدين رضي الله عنه: فأمرني أمير المؤمنين عليه السلام إلى جبل مسور في عسكر للوقوف في بيت ريب وتثبيت أمورهم وإصلاح أحوالهم، وإشعار الناس أن يكونوا على الأهبة، فوقفت أياماً كما رسم أمير المؤمنين عليه السلام، وأقام سلام الله عليه بعد ذلك قريباً من شهر، ثم نهض من حصن ثلاء في عصابة من المسلمين من كبار الشرف والعرب وأهل البأس والنجدة، فأمسى ليلة في حصن الشيخ سيف الدين منصور بن محمد حضور، ثم نهض إلى عران حصن الأمير الكبير المجاهد السابق شجاع الدين أحمد بن محمد بن حاتم، ولم يدر بما في غرضه إلا القليل الخاص، ووصل إليه أهل قرية مدع وتلك النواحي فبايعهم الإمام على الجهاد والنصيحة والصبر، فلما عرف الإمام عليه السلام ما عندهم نهض على حين غفلة وقد أمرهم بإثارة الحرب على حصن مدع فامتثلوا أمره.
(قصة المحطة على حصن مدع)
قال الراوي: لما كان فجر اليوم الذي نهض فيه أمير المؤمنين من عزان أثار أهل قرية مدع الحرب على أهل الحصن فلزموا منهم جماعة وأرسلوهم بعد ذلك، ثم نهض أمير المؤمنين، فلما سمع أهل البلاد أصوات الطبول والحرانيات أغاروا من كل جهة من تلك النواحي للقاء الإمام، ثم طارت الكلمة فبلغ العلم إلى حصن كحلان فيما روي والأمراء أولاد الأمير عماد الدين وأخدامهم على المائدة يأكلون، فقيل لهم: إن على الباب رجلاً يتحدث أن الإمام نهض في هذا اليوم إلى مدع، فقال بعض خدامهم مستهزئاً: لعله يروم المحطة على مدع، فما رفع الطعام من بين أيديهم حتى بلغ العلم بمحطة الإمام في قرية مدع، فخرج الأمير شمس الدين أحمد بن يحيى بن حمزة من ساعته وركب فرسه وأخذ لامة حربه وسار بين يديه جماعة من خدمه، وأغذ في السير قاصداً إلى ابن عمه الإمام الكبير المتوكل على الله شمس الدين أحمد بن الإمام المنصور بالله أمير المؤمنين وهو حينئذٍ في مدينة حوث.

قصة نهوض الأمير شمس الدين من حوث بالعساكر
وجمع القبائل حاشد وبكيل من أهل الظاهر قاصداً إلى بلاد حمير لنصرة عمه وأولاده.
قال الراوي : فلما وصل الأمير أحمد بن يحيى بن حمزة إلى ابن عمه على حين غفلة أعلمه الخبر فاشتغل خاطر الأمير شمس الدين بذلك وأجابه إلى النصرة والنجدة وأمر من ساعته بالأهبة للخروج، وأمر بأن يخرح من الخزائن آلة الحرب من الدروع والمغافر، وقسمي النشاب وبدالها، والعربية، وكتب الكتب إلى القبائل أنا لا نريد حرب الإمام ولا نرى ذلك، وأمر بإقامة الجمعة وأظهر شعار التزام الإمامة.

قال أمير المؤمنين: لقد عجبت من هؤلاء القوم يدعون لنا [48ب-أ] على المنابر ويحشدون لحربنا العساكر أو معنى ذلك، فنهض الأمير شمس الدين من حوث في عساكر كبيرة وعدة قوية واستنجد بابن عمه الأمير بدر الدين عبدالله بن الحسن بن حمزة من ثغر سناع، ووصلت كتب أكثر القبائل من الظاهر ورسلهم يعلمون الإمام أنا ما خرجنا إلا مكرهين ومدافعة عن نفوسنا وقلوبنا معك، فلقد بلغني أنهم كانوا يرمون المحطة التي هم فيها في الليل ويظهرون أنهم غزاة من جهة الإمام، فلما وصلوا إلى جهات بني شاور، وجعلوا محطتهم في موضع مشرف يسمى الحيرة وأمر أمير المؤمنين عليه السلام الأمير الكبير المجاهد أحمد بن محمد بن حاتم والأميرالكبير أحمد بن يحيى بن الحسن بن حمزة، فحط في الحصبات والهجر في مقابلة الأمير شمس الدين والحرب مستمر على حصن مدع، وأحاطت المراكز بالحصن، واشتد بهم الجهد، ثم لم يلبث الأمير بدر الدين عبدالله بن الحسن بن حمزة أن وصل من ثغر سناع في عسكر من بني شهاب وبني الراعي وغيرهم فوقع في خاطر الإمام عليه السلام من وصوله أنه ما وصل إلا عن مشورة وسر دقيق من بني عمه ولم يظهر ذلك، فقابله الإمام بالإجلال والتعظيم وشكر سعيه ولم يظهر عليه أمراً يكرهه، وكثرت الأحاديث من بعض من وصل معه أن باطنه مع أصحابه، فأستأذن أمير المؤمنين بالصدور إلى أصحابه إلى محطة الحيرة، فلما وصل إليهم ابتهجوا لوصوله وعظموا شأنه وتحدثوا بحديث ظاهر جميل للناس، فلما خلا بعضهم ببعض تحدثوا في شأنهم وأجمعوا رأيهم على إعمال المكيدة للإمام عليه السلام ومخادعته وتتبع أنظاره إن أمكنهم جهراً وإلا سراً، ثم رجع إلى الإمام عليه السلام وفي فلتات كلامه معنى الإرجاف على الإمام والإرهاب، ووصل الأمير الكبير جعفر بن أبي هاشم بن محمد بن الحسين بن حمزة في وجوه من قبائله ذيبان وغيرهم، فلما وصلوا إلى الإمام وقع حرب عظيم بين عسكرالإمام وأهل الحصن، فدخل أكثر من وصل من القبائل

مع عسكر الإمام وحاربوا أهل الحصن فأثخنوهم بالجراحات ولم تبق قبيلة ممن وصل حتى عاهدوا أمير المؤمنين سراً وأنهم عند إقباله إلى البلاد أنهم قائمون معه وشكر الإمام صنائعهم وأعلمهم أنا لا نريد لبني عمنا إلا الخير ما نريد منهم إلا معاونتنا على إعزاز هذا الدين ونصر الإسلام والمسلمين، ونزيدهم مع بلادهم أضعافها فنحن نرجوا أن يفسح الله علينا وأن يفتح على أيدينا المدن العظيمة والحصون الشامخة.
وفي خلال ذلك وصلت قبائل قدم من المغرب من جيلان ولاعة وتلك النواحي، ووصل السلاطين آل محمد بن حسين من مسور، ووصل بني شاور المخلافة، ومن يصاقب بلادهم بمال كثيراً نذراً أو براً للإمام ومعونة في سبيل الله تعالى.
حدثني أمير المؤمنين أنه ما حط على مدع وعنده من المال إلا اليسير القليل فما انقضى شهر حتى حصل له وعلى يديه مقدار ثلاثين ألفاً أو يزيد قليلاً أو ينقص [49أ-أ] أنفق ذلك في سبيل الله تعالى.
[قصة الصلح بين الإمام وبين الأمراء آل يحيى بن حمزة]
قصة الصلح بين الإمام عليه السلام وبين الأمراء الكبراء آل يحيى بن حمزة على يد الأمير شمس الدين وما جرى في خلال ذلك.
لما كثر الكلام والتكرار على أمير المؤمنين في الصلح انصرم الأمر بينهم على أشياء منها: الرجوع عن خلف السلطان، والقيام مع الإمام، وبذل الأموال والأنفس.
ومنها: أن يعدل حصن مدع في يد رجل ممن يثق به الكل، فجعل ذلك الأمير الأجل علي بن القاسم بن الحسين بن محمد بن الحسين بن حمزة الحمزي إلى مدة مضروبة، ثم يسلمه إلى يد الإمام عليه السلام.
ومنها: النهوض بين يدي أمير المؤمنين أي وقت استدعائهم للحرب على صنعاء، وفي أصناف الشروط أشياء غابت عن الخاطر عند التعليق.

ونهض أمير المؤمنين عليه السلام راجعاً إلى حصن ثلاء المحروس، فبات ليلة في حصن عران عند الأميرالكبير المجاهد السابق أحمد بن محمد بن حاتم، ونهض ثاني ذلك اليوم ومن معه من العساكر ومن فيهم من الأمراء الحمزيين حتى وصل إلى حصن ثلاء المحروس سالماً غانماً ظافراً ميموناً فأقام عليه السلام إلى شهر [.....بياض في المخطوط.......] في سنة سبع وأربعين وستمائة، ووصل الأمراء الكبراء نجم الدين وصارم الدين موسى وداود ابني الإمام المنصور عليه السلام والأمير الكبير بدر الدين عبدالله بن الحسن بن حمزة والأمير الكبير الحسن بن وهاس في عصابة في أهله وخدمهم، فسر أمير المؤمنين بوصولهم وتلقاهم بما هم أهله من الإجلال والإنصاف وأعلموه أنهم ما وصلوا إلا لنصرته وامتثال مراسمه، فضربت خيامهم شرقي قرية ثلاء في موضع يسمى المحاميت وأقاموا أياماً، وكثرت الأحاديث عنهم وما في نفوسهم من الفساد على أمير المؤمنين عليه السلام فلم يرفع الإمام بكثير من الأحاديث رأساً وعزم على النهوض إلى بلاد بني شهاب والمثاغرة على صنعاء والقرب من الجهات اليمانية.
قصة نهوضه عليه السلام إلى بلاد بني شهاب
قال الراوي: لما حمل الإمام عليه السلام بني شهاب وبني الراعي وبعض قبائل سنحان وغيرهم على النهوض لنصرتهم ووعده من أنفسهم ببذل الأرواح والأموال لم ير أنه يسعه عند الله تعالى مع وجود الناصر إلا القدوم والتوكل على الله تعالى وهو مسر في نفسه قلة الثقة بمن معه من الأمراء بني حمزة فكان الأمر كما ظن.

نهض عليه السلام في شهر رجب المعظم سنة سبع وأربعين وستمائة، فلما كان في اليوم الذي نهض فيه عليه السلام نفر معه عصابة وافرة من المسلمين، وأمر عليه السلام فنصبت الرايات وحركت النقارات، وجعل طريقه قاع حوشان، فأمسى ليلته تلك في بلاد بني الراعي وسار تحت لوائه الأمراء المقدم ذكرهم، فلقيه عليه السلام كبار بني الراعي وشيخهم يومئذ الشيخ الكبير شجاع الدين يسر بن سليمان وكان من أهل المودة والنجدة بالإجلال والتعظيم [49ب-أ] وحمد الله تعالى على قدومه إلى بلادهم، وأحسنوا إكرامه وإكرام من معه من الأمراء والعساكر، ثم نهض عليه السلام من بلادهم حتى حط في موضع يسمى بيت حنبص وكان من مآثر حمير القديمة المشهورة فضربت خيامهم وخيام الأمراء في موضع قريب من الموضع، واجتمع إليه بنو شهاب وسائر تلك النواحي، وتلقاه السلاطين الأجلاء الكبراء آل عمران بن الذيب أهل بيت ردم وسائر السلاطين بما هم أهله من الإجلال والإكرام، وبلغوا الغاية في الكرامة، وأقام الإمام أياماً، وأشرف على صنعاء ونواحيها من رأس الهضب المشرف ولم يطل المقام حتى نجم من الأمراء الحمزيين ما نشير إلى طرف منه.

قصة نهوض الأمراء الحمزيين إلى جهات الظاهر
قال الراوي: وبلغني من طرق شتى وسمعت أمير المؤمنين عليه السلام يحكي معنى ذلك، ورأيت كتاباً وضع عليه السلاطين الأجلاء بنو شهاب خطوطهم ومن حضر من كبار الشرف وذلك أنهم رأوا وسمعوا من الأمراء الحمزيين من الكلام المتضمن للفساد على أمير المؤمنين والعمولة في محطته أو معنى ذلك مما يوجب بعدهم ومباينتهم أصنافاً من الكلام، وكان بعضهم ربما ينزل إلى القاع للغارة فيلتقي بالغز ويخالطهم، ويلقي إليهم الأسرار والأحاديث، فبلغ أمير المؤمنين عليه السلام حتى لم يبق عنده شك فعند ذلك لم يستحسن مكاشفتهم، بل عدل إلى شيمته من الصبر والتعمد، وأسر إليهم الكلام أنه قد تحقق ما قد فعلوه، فحينئذ لم يقر بهم قرار، وخافوا أن يقع بهم بنو شهاب وغيرهم، فنهضو راجعين إلى الظاهر وظهر للناس ما كانوا يكيدونه ويرومونه من مكيدة أمير المؤمنين عليه السلام وأسمعهم الناس في طريقهم الكلام القبيح بغير أمر أمير المؤمنين في ذلك، وهبط أمير المؤمنين بعد ذلك إلى هجرة سناع، واستقر رباط الثغر هناك، وأسرى السرايا، ووصل إليه شيء من المال من الزيدية بصنعاء وكانوا يأمرون بالدراهم والفضه والثياب والمنافع سراً لما يحاذرونه من سطوة الغز، ووصل إليه أكثر القبائل، فأقام عليه السلام باقي شهر رجب وبعض شعبان لا تنقطع الغزوات والوقائع والحرب بينه وبين الغز، وبلغ العلم أمير المؤمنين أن الأمير شمس الدين جهز الأمير بدر الدين عبد الله بن الحسن بن حمزة إلى بلاد عمه في بلاد حمير وغيرها؛ لأن الناس لم ينقادوا لهم لما حاربوا أمير المؤمنين وظاهروا الغز، فتقدم الأمير عبدالله بن الحسن بن حمزة إلى بلاد حمير في عسكر فأخرب قارن وحلملم وغيرهما، ثم نزل المغرب إلى جهة حجة وقد كان قوم من أهل تلك النواحي من بني واشح وغيرهم لزموا موضعاً يسمى الحسكي غربي حصن ظفر وبنوه وأثاروا الحرب منه، فنزل الأمير عبدالله بن الحسن والأمير أحمد بن يحيى بن حمزة في عسكر عظيم وحاربوا

على ذلك الموضع، فأخذوه بالسيف وأسروا الشيخ المجاهد منصور [50أ-أ] بن إبراهيم بن حجاج صاحب الظفير، وقتلوا جماعة، ثم عاث العسكر في تلك البلاد فأخربوها ونهبوها وهتكوا الحريم وفعلوا من الأفاعيل في النسوان ما لا يليق ذكره بكتابنا فيما بلغ.
فلما بلغ العلم إلى أمير المؤمنين بذلك وكان في شهر رمضان المعظم من السنة المذكورة غمه ذلك غماً عظيماً وشكى على المسلمون ما بلغ إليه وقال: إن هؤلاء الأمراء لم يبرحوا يحاولوننا بالمهر حتى نهضنا إلى هذه الجهات، ثم فعلوا معنا ما فعلوا، ثم رجعوا عنا وخرجوا لبلاد المسلمين فأخربوها واهتضموا أهلها، وهاهم يستغيثون بنا، ونحن كما رأيتم من سداد هذا الثغر الأعظم ودفع الخطب المهم، فماذا ترون؟ فأجابوه بالامتثال لما يصوبه ويراه، وكان ذلك في حال تفرق الناس خصوصاً أهل البلاد الظاهرية لما أعلن الأمراء بنو حمزة بالحرب لإمامهم، وبقي أمير المؤمنين عليه السلام متردد الخاطر هل يعود فمن بالثغر الذي هو فيه أو يقف فإن الأمراء يستأصلون شأفة كل من قد مال إليه وعاضده، وعرض في خلال ذلك وجع عظيم وهو ضرب من القلاع في فمه وحرارة عظيمة، فعرضت الحمى حتى استفرغ الدم واستعمل شيء من الأدوية لذلك وسكنت سورة المرض، وصاحب صنعاء الأمير أسد الدين محمد بن الحسن بن رسول الحرب بينه وبين الإمام سجالاً.

قصة وقعة أرتل واستشهاد من استشهد من المجاهدين
والسبب في ذلك أن أمير صنعاء نهض يوماً في شهر رمضان من السنة المذكورة في عسكره لمضرة من قد صنع إلى الإمام عليه السلام حتى بلغ فوق حاقد إلى موضع هنالك وقد كان الإمام عليه السلام لما بلغه العلم بنهوضه جهز الأمير الكبير أسد الدين محمد بن سليمان بن موسى في خيل ممن هنالك من الأشراف الحمزيين وغيرهم من آل الهادي عليه السلام كالشريفين السيدين المجاهدين: شهاب الدين، وجمال الدين محمد والحسن ابني علي بن يحيى بن محمد بن يوسف بن القاسم بن ثوران الأشل يحيى بن أحمد الناصر بن يحيى الهادي إلى الحق عليهم السلام، والسلاطين الأجلاء الوشاح بن عمران وبني عمه وغير من ذكرنا من المشائخ بني وهيب، فاتفقوا بعادية عسكر أسد الدين في موضع يقال له أرتل، فوقع قتال عظيم أصيب رجل من بني حوال الحمزيين لشمر الحوالي يقال له: المكش، وعثر فاحتز رأسه ومضى شهيداً إلى رحمة الله، ثم أصيب الشريف الأمير السيد الحسيب الطاهر المجاهد أحمد بن محمد بن القاسم بن محمد بن القاسم بن يحيى بن حمزة بن أبي هاشم بسهم تحت ثديه الأيمن فلما نزعه سقط ميتاً شهيداً إلى رحمة الله تعالى وقام عليه السيد المقدام محمد بن سليمان في موضع تختلس فيه الأرواح والرماح فيه متشاجرة المذاكي متصادمة، وجعل نفسه وفرسه من دونه وقام معه في ذلك المقام الهائل الشريف الحسيب عبدالله بن هيجان والشريف المجاهد منصور بن علاء السراجي، والشيخ الطاهر مالك بن أسعد الحريف الرودي الهمداني، وأصيب الأمير[50ب-أ ] محمد بن سليمان بسهم نشاب نفذ في كفه على رمحه وسهم في رجله وأصيب فرسه بأسهم منها سهم نصل في بطنها، وأبلى في ذلك اليوم مع غيره من الأيام التي كان فيها علماً حتى لم يدعوا لقوم إلى وصوله سبيلاً، ثم حمل ميتاً من المعركة، ووقع في المجاهدين هزيمة إلى بعض الجبل لكثرة العدو وعدم الفئة، فلما وصلوا إلى أمير المؤمنين وبلغ إليه ما كان من استشهاد الأمير السيد والرجل الآخر بلغ معه

مبلغاً عظيماً واسترجع وخرج بنفسه إلى الشرفاء الأمراء الكبراء الأمير الكبير صلاح الدين الحسين بن القاسم بن محمد بن القاسم بن يحيى بن حمزة؛ إذ هذا الأمير المستشهد في سبيل الله ولد أخيه ولهم السابقة مع أمير المؤمنين والصهارة والمحبة التي لم يدل بمثلها أحد ممن قرب نسبه، ثم أقبل السلاطين الأجلاء بنو شهاب وغيرهم من المجاهدين الذين هنالك فعزوا أمير المؤمنين والأمراء آل يحيى بن حمزة وكان ذلك وجه عشي فرأى أمير المؤمنين عليه السلام قبره بكرة العارض، فلما كان من الغد حمل جنازتهما وسار عليه السلام راجلاً مع الجنازة حتى قبرا في الهضب يماني هجرة سناع، وفي خلال ذلك بلغ أمير المؤمنين أن السلطان الليث بن عمران قد سعى سراً في الإفساد عليه وحالف العدو فلم ير أمير المؤمنين إلا التعمد والصبر ولين الجانب، وأمر له بشيء من الصلة النفيسة ليتألف قلبه.

16 / 56
ع
En
A+
A-