قال: وأما بعد: أدام الله ترادف مراد تأييده، ويضاعف منار تسديده للمقام العالي الفاضل العالم الأورع الحلاحل ذي الأصل الطاهر، والفخر الظاهر، والمجد المتقاطر، بحر العلم وطود الحكم، وينبوع الفهم، غرة وجه الزمان، ونور ناظر الإيمان، وقرة أعين الإخوان، منار كرم السعي ومهبط الملائكة والوحي، فرع معدن الشرف الصميم وسلالة سر العنصر القديم، وأبقاه عمدة للدين وحجة للمتقين، ورحمة للعالمين، وقد ورد شريف كتابه ومنيف خطابه معرباً عما لديه ومفصحاً عما اعتمده من مشكور الجد والاجتهاد، والعائد على العباد والبلاد بمزيد الصلاح والسداد رغبة في إحياء نشر العدل بين الأنام ونصرة لما جاء به الرسول عليه السلام من إيجاب المحافظة على الحدود والأحكام، فحمدت الله وشكرته على ما منحه من همة علية، ورزقه من أنفة على الدين وحمية، وإني لمنذ ابتدأ ظهوره وأخذ في السطوع نوره أتمنى أن يحق ما ذكر من محاسن أنحائه وأثر من غرائب أنبائه، وأترجى الله تعالى ييسره العزة ......... والأشراف من حالق على الأنجم الزهر.
فلما تواتر إلينا أن المقام أدام الله تعالى إنارة برهانه قد اختصه الله بجزيل إحسانه، وجعل له نصيباً في سلطانه، ونصبه أميناً في أرضه وحكمه في حدود دينه وفرضه، فانتدب لرعاية خلقه وانتصب لنصرة حقه علمت أن ليل التمني قد طلع قمره، وروض الترجي قد أينع ثمره، فإن من تكون هذه الصفات صفاته فجدير بأن يحوز الفضل من جميع جهاته ويفوز بقصب السبق على أبعد غاياته، ومن كانت هذه المناقب في مراقيه واعتمد هذه المذاهب في مساعيه كان جديراً أن ينصر الله مواليه ويخذل معاديه قال الله تعالى: {ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز } {الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاه وءاتوا الزكاه وأمروا بالمعروف ونهو عن المنكر ولله عاقبة الأمور}(1) .

وحقيق لمن بسط الله يده وسلطانه ورفع محله وشأنه وأهله لأمر الممالك وحفظ المواطن والمسالك أن يؤدي الإمامة ويخلص الديانة ويحمد السيرة ويعتمد طيب السريرة لتدوم له النعم وتسعد به الأمم، ووجب أن يذعن له الجماهير، وحق له أن يفوز بالمناقب المقتضية للشكر الموجبة لجعل الأحدوثة والذكر كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حاكياً عن ربه: ((إن أحب الناس إلى الله وأدناه مجلساً منه إمام عادل)) فنسأل الله سبحانه وتعالى كمابشر المقام العالي بحيازة القدح المعلى وجعله من أهل الحظ الأعلى أن يوفقه للجمع بين سيادتي الآخرة والأولى وليكن من همه المقام العالي أدام الله له الإكرام أن لا يخلينا على مرور الأيام من التشريف بكتبه والتعهد بالمواصلة بها والإلمام وما سنح له أدام الله محاسن مذاهبه من فهمات مآربه فليعرض للقيام به تأكداً لبقاء المودة بيننا على الدوام وتقريرا لما هي عليه من الإبرام والإحكام وللمقام العالي في ذلك علو الرأي والسلام على رسوله سيد المرسلين وعلى آله وعترته الطيبن وسلامه في كل وقت وحين.
سطر يوم الإثنين لسبع أن بقين من شوال سنة ست وأربعين بعد ستمائة من الهجرة النبوية صلوات الله على صاحبها محمد النبي الأمي وعلى آله وعترته وسلامه وحسبنا الله ونعم الوكيل .
وكتب إليه أمير المؤمنين بعد ذلك بمدة كتاباً بليغاً يتضمن أبياتاً في استنهاضه إلى نصرة الحق ومدح له ذلك فأجاب بهذا الجواب ورأينا أن نضع كتابيه معاً ولو اختلف تاريخهما ففي ذلك فايدة.
قال:
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله فاتح الإغلاق الأبية ومانح الاعلاق السنية، وأشهد أن لاإله إلا الله شهادة أكرم نبيئه ووليه، وأرغم بنشرها محاده وقليه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث بالحجة القاطعة القوية، والبراهين الساطعة الرضية، فنكس بها كل راية عمية، وهد بها أركان الجاهلية، صلى الله عليه وعلى آله وعترته السرية ما جدت بدوية مطية ووحدت غير بطيئة
فاقت معاليك السبعة الشهب
وأطنبت في ترقيها فما رضيت
نما بها الشرف الوضاح مرتقياً
يا فرع نبعة خير المرسلين لئن
فلم تر العين دراً قبله نظمت
أفاد أبصارنا نوراً وأنّفنا
فمن ابن علي والرسول حرٍ
وأغبن الناس في التغابن من
أصفى البرية عيشاً من صفاء لكم
وافا كتابك إذ وافا على أمل ... وشيدت فلها فضل على الرتب
إلا الشناجيب من كيوان الطنب
إلى مجد في ذرى رحب
أعربت مجداً فليس النبع كالعرب
منه العقود بلا سلك ولا نقب
سكا وألسننا ضرباً من الضرب
بمقتني المجد إرثا عن أب فاب
دعوتموه إلى حق فلم يجب
وعاش ملتزماً أقوى عرى السبب
كل الحقوق وأغناني عن الطلب

قال: وأما بعد أدام الله سوابغ نعمه المانعة من الحد والإحصاء وموالع حكمه الخارجة عن الحصر والاستقصاء للمقام الإمامي الفاضل المبجل العالم العامل طود الحلم، بحر العلم، مغرة أهل الدهر، قطب فلك الفخر، وجوهرة عقد المجد، وطلعة كوكب السعد، فرع مهبط النبوة والرسالة، وسلالة شرف الوحي والنبالة، شمس مشكلات المسائل ومفتاح معضلات النوازل، ثمال الفقراء والمساكين، وعماد الدنيا والدين، وأبقاه نعمة على المهتدين، ونقمة على المعتدين، ونشر راياته مرفوعة باليمين، ومكنوفة بالمجد والتمكين، وأعلاه أعلامه وألويته بالنصر المكين، وأظفره على الباغيين والمارقين، وأفاض عدله على مرور الأيام والسنين، فقد طلعت غرة كتابه الموتلف بالسداد، المكتنف بالرشاد، الموجب من الإعتداد أوفر الإعداد، فعجبت عند عيانه لمحاسن عنوانه، واهتززت لأساليب بيانه وقرائن برهانه، ورأيت وصوله من حصول النعم والنظر فيه من الحظ العظيم، وعددت وقته من مخول العمر، واعتدت طلعته من غرر الدهر. شعراً:
في نظام من البلاغة ما شك
ومعانٍ لو فصلتها القوافي
حزن استعمل الكلام اختباراً ... امرء أنه نظام فريد
هجنت شعر جرول ولبيد
وتحنين ظلمة التعقيد
وقرآت الأبيات التي أسفر عنها طبع المجد، وطلعتها كوكب مقترنة بالسعد، فعلمت أن الله تعالى قد خصه من العقل الذي جعله حجة على الأنام، ومحجة فارقة بين الخاص والعام، والمناقب التي لو كانت عوداً لتحلت بها ترائب الأيام، وعودا لشجر فوق الفلك بين الملائكة الكرام، ولم أشك أن مادحه لو استعار لباب الزمان وأقام الريح مقام الترجمان ليشيع فضله حق الإشاعة لقصرت بهما يد الاستطاعة، ولقد باعه علا مطاله الباع القصير، ولظهرت على صفحات وجوه كلمه محلة التقصير وكيف لا وأصله الصميم مطلع أنوار الفرح، وجنابه الكريم روضة الملح. شعراً:
وإمام أنواره ليس تخفى
ومعانيه تبهر الذرب المنطيق حسنا
وفريد زف العلا على عين
وحلاهن فأنتفى بيد الآ

من يباريه أو يجاريه أو
وعليه العلا والمجد والسؤدد ... وسنا نور مجده ليس يطفا
ويعجز السمر لطفا
نهاية عرايس الفضل زفا
راء منهن ما أراد ونفا
يفتح في شمس فضله اليوم طرفا
دون الأنام أصبح وقفا
ولم أزل استقري من ذلك الكتاب لطايف ذخائره، وأنامل ما تزبره أنامل أوامره واقف على مضمون أوائله وأواخره، فتحققت لشواهد ما يبديه فيما يكتب أن على القلوب شواهد لا تغرب، ولديها من المودة ما لا يكذب وإن كانت مودة من استقى غرفة من منبع النبوة، ورضعت من يدي الرسالة لا تتناها أبداً مودة وإن استفرغ فيها ذو الود جهده، فقد روينا فيما روينا عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: لما نزلت: {قل لاأسئلكم عليه أجراً إلا المودة في القربى}(1) قالوا: يارسول الله من هؤلاء الذين أمر الله بمودتهم؟ قال: ((على وفاطمة وولديهما))(2).
وروينا عن علي كرم الله وجهه أنه قال: فينا آل حم آية لن يحفظ مودتنا إلا كل مؤمن، ثم قرأ: {قل لاأسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى}(3)
قوم لهم مجد وفضل شامخ
هم حجة الله على عباده
وقد أتى في هل أتى مدحهم ... يعرفه المشك والموحد
وهم إليه منهج ومقصد
ما شك في ذلك إلا ملحد
حتى اطلعت في استقرائي ما يبديه من عجابه في غرائب كتابه على ما أشار إليه وأوفى من بلوغ أملنا بعلو كلمته، وانتشار فخر دولته، فتوارد عليَّ طلائع السرور وبدايع الحبور، وانشرحت له الصدور، وامتلأت من البشرى الدور ابتهاجاً بأن أيده الله ونصر حزبه على معاديه وأعلى كعبه، وقلتلا غرو أن تستقر معالي الأمور في نصابها، وتذعن بانقيادها وإصحابها إلى مراكزها وأصحابها.
فهو ذات الندى، وماهية الفضل
والسماء التي إلى مدى الدهر لا تـ
أصبحت تفخر الإمامة منه ... وروح العلا وجسم المعالي
ـغرب منها كواكب الآمالي
بالمعالي والجد والإفضال[36أ-أ]

وحمدت الله تعالى على ما أولاه من جزيل الآلآء وجليل النعماء، وأسأل الله سبحانه أن يديم بدوام دولته طيب حسن هذا الإقليم وأهله، ويشيع فيهم بركات أصله ووصله. شعراً:
على المنى في يومك الأجود
وارق كمرقى زحل صاعدا
وزد على المريخ سطعاً فمن
واطلع كما تطلع شمس الضحى
وفض كفيض المشتري بالندى ... مستنجداً بالطالع الأسعد
إلى المعالي أشرف المصعد
عاداك من ذي نخوة أصيد
كاشفة للحندس الأسود
إذا اعتلى في أفقه الأبعد
فلا زالت هذه الدولة الغراء مولية برواتب السرى، مكفية من شرائب النمرا، مثقفة قناة الصلاح فلا تناد ....... مواد الفساد فلا تعتاد، ولا تدع باغياً إلا قمعته، ولا جبارا إلا صرعته، حتى تلين ليد الحق الأمور المتشاوسة، ويدين لأيديها الخطوب المتقاعسة، ويذكر من نور الحق ما خبا، ويعلوا من نوء العدل ما حوى.
قال: وكتاب المقام العالي ورد علينا ولدينا من الأشغال لمعاناة الجهال ما المعول في كشفه على الكبير القوي المتعال، وإلا فنحن أحق أهل زمانه بالتبجح بعلو شأنه، والتباهي بظهور سلطانه، وأملنا في كرم من له الخلق والأمر وبيده النصر والقهر أن يوفقنا للحق في الخدمة بإنفاذ أوامره ونواهيه، والنهوض باتساق محاسن مساعيه، والإعتناء بما خص وعم من مراضيه حتى تنقاد له أعزة الثقلين، ويملأ عدله وفضله الخافقين، ويعود الدين أبيض الجلباب، محصد الأسباب، مطهراً من شوائب الفساد، دائراً في أبراجه مع كوكب السعود والرشاد.
إليكم كل مكرمة تؤول
كفاكم عن مديح الناس طراً
فما يبقى لمادحكم مقال ... إذا ما قيل جدكم الرسول
إذا ما قيل أمكم البتول
إذا تم الكلام فما يقول

وما سنح على مرور الأيام من مآربه فيشرفنا بإنجازه والقيام به، ويعم حضرتنا بما أومأ به لنأخذ حظ المسرة بالتمام، وتنالك المحبة والمودة والخدمة على الدوام، ويبقى بذلك في غاية الإحكام، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله سيدنا محمد وآله أجمعين ورحمته وبركاته.
قال شرف الدين رضي الله عنه وأرضاه: وقد حذفنا كثيراً من الألفاظ المترادفة دون المعاني ودون الأبيات المنظومة، وهذا الكتاب والذي قبله كما يرى الناظر.
وسارت الدعوة إلى المخلاف السليماني فتلقاها الشرفاء بنو سليمان بالقبول إلا ما كان من الشريف إدريس بن محمد السليماني فإنه تأخر عن الإجابة وذلك؛ أنه لحقه شيء من الحسد لهذا القائم وقد كان في نفسه شيء من ذلك، وصار يثبط بعضاً من الناس ويدس عليهم الشكوك فلم يلتفت إليه أحد، ولا رفع إليه رأساً، ولم يلبث أن مات بغيظه فالله أعلم ما فعل، وعند الله يلقى عمله.
وكتب الدعوة العامة إلى كافة بني حسن وبني حسين بالحجاز والمدينة فلم يبق أحد منهم إلا من أجاب وأظهر المسرة.
فأما الأشراف السادة بنو حسن بالحجاز فأمروا بالأموال، وسلموا الحقوق، ووعدوا بالنصرة.

وكتب دعوة بليغة إلى جيلان وديلمان وإلى بلاد الربذة في نواحي العراق ووجه بها الفقيه الطاهر الورع رحيم داذ الجيلاني وكان من عباد الله الصالحين، فبلغت الدعوة إلى تلك الأقطار، وأظهروا من المسرة ما لا يتسع هذا الموضع لذكره، ووجهوا جماعة من أهل الجهات لتحققوا الأمر لكونهم أهل ورع وبصيرة، وأرادوا إزالة الشك، وكتبوا الكتب وكانت الطرقات يومئذ متغلقة بسبب استيلاء الكفار على أكثر بلاد المسلمين في عراق العجم وعراق العرب، فوصل الجماعة ورأوا ما راعهم، وفوق ما حكي، واستفاض أمر الإمام عليه السلام إلى المواسم، ونقل ذكره إلى بغداد وصفته وسيرته وطريقته، واتصل إليهم من جهة أمير المؤمنين عليه السلام، ووصل منهم في آخر الأمر في سنة أربع وخمسين وستمائة الفقيه العالم الزاهد تاج الدين محمود بن علي رماس الديلمي والفقيه الجيلاني إياس عند الإمام المنصور بالله عليه السلام، وكان مع أحدهما كتب من بغداد من شريف من أولاد الحسين بن علي عليه السلام، وسنذكر ذلك في موضعه، فأخبر بما ظهر في بلاد الربذة هنالك من المسرة بقيام الإمام المهدي عليه السلام وكانا ..... لأهل نواحيها ومستدعين الأوامر الإمامية، وقد كان أمير المؤمنين عليه السلام جهز أحدهما وهو عند المنصور وكتب معه كتباً بليغة إلى أعيان العلماء من الأشراف وشيعتهم فحال عن بلوغها حاجز القدر فالله المستعان، وسنشير إلى طرف من ذلك عند انتهاء السيرة النبوية المهدية رضوان الله على صاحبها ورحمته وبركاته.
رجع الحديث

قال الراوي: ولما استقر أمر الإمامة وانتشرت الدعوة في الأقطار، وأجاب من أجاب ولم يبق شك لمرتاب وصلت قبائل البلاد أرسالاً من مسور وحملان ولاعتين وميتك وحجة ونواحيها، وأدران والشرفين وبلاد حجور والأهنوم ونهم وشظب وبني شاور وجبل تيس والباقر، ووصل أهل بلاد الشهابية قاصيهم ودانيهم، وبلاد بني الراعي وحضور الأحبوب وحراز، ووصل بنو صاع، وأقبلت قبائل الظاهر على الخصوص لا العموم لأجل تأخر الأمير شمس الدين أحمد بن الإمام المنصور بالله سلام الله عليه إلا أن المتأخر من الناس يأمر بالمال، وأقبل أهل البون على قبائلهم، ووصلت قبائل من صعدة ونواحيها وراحة بني شريف، ووصل قوم من دهمة من شيوخها وشاكر، ووصل قوم من الأعروش ونواحيها وقوم من نهم ثانية، ووصل رؤساء العرب من مخلاف صنعاء وذمار، ووصل العلماء والشيعة من بلاد مذحج وزبيد وأهل البلاد المقرانية، ومن مخلاف آنس، ووصل بنو الشريف أهل يفعان ورأى الناس أمراً لم يسمعوا بمثله من هيبة ومحبة من الله تعالى، وكل من وصل بالبر والنذور والحقوق الواجبة حتى اجتمعت الأموال الجزيلة، واستدعى كل من وصل نائباً لإنفاذ الأحكام، وإقامة الجمع، وقبض الحقوق، وحشد الناس إلى الثغور، وفي خلال إقبال الناس أقبل سلطان اليمن على السير والاستعداد لحرب الإمام والمحطة على ثلاء.
(فصل)

هذه جملة أردنا ذكرها هنا هكذا وإن اختلف التاريخ، ثم إن أمير المؤمنين عليه السلام استتب له الأمر وانتظم ودعاه أهل البلاد لكشف الضر عن العباد، ورفع الجور من أرباب الفساد، وكان ممن جار وتجبر وعتى وتكبر وأعلن بشرب الخمور ونكح الذكور وأمر الناس بالبدع التي لم يسمع بمثلها وذكرها من جمع البغايا والمتأنثين في موضع واحد، وضرب المعازف، وإرسال قوم من المتهتكين عليهم ينزوا بعضهم على بعض هو عمارة بن علي بن أحمد الأصبهاني، ولقد أخبرني رجل من كبار بني شاور يسمى مهنا بن ذعفان كبير السن أنه رأى عمارة هذا يقبل غلاماً من شيوخ البلاد من بني شاور ولا يقدر أن يدفعه على أعيان الناس، ولقد أخبرني منه بعض الناس أنه يدخل على الحرم المتحفرات إلى بيوتهن ظاهراً تجبراً واقتداراً، ولقد أخبرني رجل ثقة أنه يجمع في مجلسه بين قراءة القرآن وضرب المزامير، وأخبرني في آخر أنه رآه في العارضة -اسم موضع- يقعد على سرير مرتفع الدعائم ثم يجري تحته النهر، ثم يدخل إليه البغي، ثم يدخل كبار الناس، ثم يأمرهن أن يقبلن الناس فلا يقدر أحد أن ينكره عليه ولا يمتنع وغير ذلك من الفضائح التي لم يسمع بمثلها إلا أن يكون في زمن ابن فضل القرمطي لعنه الله.
ولما اشتد على أهل البلاد ما رأوه منه طلبوا النصرة من الإمام فأجابهم إلى ذلك وكان عمارة هذا في المخلاف ونواحيها لاعتين ومن دونه بلاد الأجبار وغيرها من مسور وحمير.
قال السيد شرف الدين رضي الله عنه: ونحن نذكر الغزوات أولاً والسرايا والحوادث كما وعدنا كل سنة نذكر حوادثها على الإجمال إن شاء الله تعالى، ولنعد بعد ذكر هذه المقامات والجمل المفردات التي تنبني عليها قواعد السيرة النبوية وتتفرع عليها عيون المناقب الإمامية المهدية.

12 / 56
ع
En
A+
A-