اللهم وانصر ابن نبيئك المجاهد في سبيلك، المحيي لسنة رسولك نصراً عزيزاً، وافتح عليه فتحاً مبيناً، وكن له ناصر ومعيناً، وشد اللهم أعضاده، وكثر سواده، وضاعف أمداده، وزد اللهم هذه السيوف مضاء، وهذه الجيوش كثرة ونماء، وهذا الدين سمواً وعلاء، حتى يغلب حقنا باطلهم، وآجلنا عاجلهم، اللهم وأيما طاغية من أعدائك وشيطاناً من أضداد أوليائك كفر بآلائك، واستظهر بنعمائك، وأمن بوائق النقم، وجهل مواقع النعم، ونصب للدين حبائله، وأعمل للحق مخائله، وتربص بأهله الدوائر، واستصغر عظام الكبائر، وصم عن المواعظ والزواجر، يروم إطفاء نورك، وإماتة عدلك، واستئصال شأفة الموحدين، ورفع رؤوس الملحدين، فاهتك اللهم ستره، وألبس عليه أمره، وزلزل أركانه، ودمر سلطانه، وبتر أعوانه، اللهم وأظفر به سيوف الحق الماضية، وقيض له المنية القاضية، اللهم وانصر جيوش المسلمين وسراياهم ومرابطهم حيث كانوا وحيث كان الكائن منهم في بر أو بحر نصراً عزيزاً، واخص اللهم سادتهم المجاهدين وأمراءهم الصادقين بالنصر العزيز والفتح المبين، وخذ بأيديهم إلى الصواب، واحرسهم عن مفارقة الكتاب، حتى توردهم عرصة القيامة على آبائهم الأكرمين وهم عنهم رضوان ولمساعيهم حامدون، وأرض عن أصحاب نبيك المقربين الذين شادوا منار الدين، وأحيوا سنن المرسلين، وجاهدوا في الله حق جهاده حتى أتاهم اليقين، وعن التابعين وتابع التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وتجاوز عن سيئاتنا في عبادك الصالحين، وأمطر علينا شآبيب منك، وأسعدنا بتوفيقك ويمنك، وهب لنا عليه الجد في الدنيا والدين، وارزقنا حسن الخاتمة يا إله العالمين.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، وصلى الله على محمد وآله وسلم.
ولما بلغت دعوة الإمام المهدي عليه السلام إلى أقطار اليمن تلقاها علماء الزيدية وبعضاً من الشافعية إلا أن قوماً أخروا صلاة الجمعة فبعظهم تعلل بالخوف وبعظهم ادعى أنه يريد المباحثة فكتب الفقيه الإمام علامة اليمن حميد بن أحمد كتاباً عاماً إلى العلماء.
هذه نسخته:
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلم، سلام الله وبركاته ورحمته وتحياته على العلماء الأفاضل، وبدور الحق الكوامل، ينابيع العلم الجارية، وسحب الفهم الهامية، الذين جمعوا بين العلم والعمل، وخاضوا في مفردات الدين والجمل، فأضحى قدحهم المعلى من سهام العلى، ومنزلهم في رتبة تعلو السهى، حاط الله دينه بحياطتهم، وحمى سرحه بحمايتهم، إنه على ذلك قدير وبالإجابة ملي جدير، وقد علم الله تعالى ترادف الأشواق، وتكاثف الأتواق إلى محاورتهم ومشاهدتهم، وإن ذلك نعده من المسار الكبار الجليلة الأخطار، لكن عاقت عن ذلك عوارض الآلام التي اختارها المليك العلام، وحباً لما اختاره ورضاً بما قدر من المضار والمسار فإنه لا يختار إلا الخيار، وبعد:
فقد علمتم حاطكم الله وأبقاكم وحرس بلطفه علاكم أمور هذه الدعوة الشريفة التي يرجى بفضل الله تعالى أن يجعلها فاتحة في الخير أبواباً ومادة إلى عرى العز أطناباً، وأن يجعلها ناعشة للإسلام كابتة لأرباب الإجرام، وأتم بحمد الله قواعدها ومنكم تؤخذ شواهدها، وبكم يتضح سبيلها، ويصدق قيلها، والناس لكم تبع إن أقدمتم أقدموا، وإن أحجمتم أحجموا، إن الله عز وعلا قد منح أهل العلم فضلاً وكمالاً ورفعة على سائر عباده وجلالا، وألزم الرجوع إليهم سائر الأمة، وجعلهم أعضاداً للأئمة، وصار العلم والحمد لله تعالى واسع الفجاج، مضيء السراج وأنديته محشودة، ومدارسه مشهودة، وقد أضحى غامضه جلياً ظاهراً، وقدح أربابه قامراً، وسحبه مسعقة وعيونه متدفقة، وقد كثر معه ما كان قليلاً وعقد الله لأهله إكليلاً، وكل ذلك ببركة الإمام المنصور بالله أمير المؤمنين عليه السلام وعلى آبائه الأكرمين وعناية من خلف من الأكابر السادة الأمجدين أصلح الله شأنهم وأعلى في الهدى مكانهم ورفع أقدارهم وعظم أخطارهم، وقد ألزمكم الله تعالى النظر في مصالح الإسلام وجعل لكم المزية في ذلك على الأنام فأنتم من أشد الناس تكليفاً؛ لأن تكليف غيركم لكم تابع ومن عداكم من أهل الديانه إليكم راجع، فإن شد عن تعريفكم إياه وقع في المهواة وتنكب المنجاة، وإن اقتفى منهاجكم واقتص أدراجكم فاز فوزاً عظيماً، وسلك في الهدى نهجاً قويما وصراطاً مستقيماً، وأنتم حاطكم الله عز وجل أولى من نظر في أمر هذه الدعوة الشريفة، وأرقى الناس في منازلها العالية المنيفة.
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((صنفان من أمتي إن صلحا صلحت أمتي وإن فسدا فسدت أمتي وهما الملوك والعلماء))(1) وأنتم بحمد الله عز وجل العلماء الصالحون، والحكماء الراسخون، والرجاء في الله تعالى أن يصلح بكم أحوال العامة، ويجريهم بكم في ميدان السلامة، وليس ذلك ببديع ولا عجيب، وكيف وقد أحرزتم من الفضل أوفر النصيب، والمقصود مذاكرة خواطركم الشريفة ما أنتم عليه في الحقيقة له ذاكرون، ألا إن الذكرى تنفع المؤمنين في وجهين:
أحدهما: النظر في القدر الواجب على المتصدي لهذا الشأن عرفانه من أنواع العلم دون ما زاد عليه حتى لا يطلب منه ما يجب ليتوصل إلى سقوط ما يجب، فقد عرفتم أن العلم درجات بعضها فوق بعض ومنازل بعضها أعلى من بعض كما قال تعالى في كتابه الكريم : {وفوق كل ذي علمٍ عليم }(1) فمن طلب الأعلى فقد رام شططاً والذي يفتقر إليه المجتهد من الآيات الشريفة مقدر كما علمتموه، وكذلك الآثار النبوية وذلك لا يخفى على الخواطر الشريفة وقد كنت أعرف سماعاً من حي الإمام المنصور بالله عليه السلام أنه يقول لبعض الأصحاب بعد أن قرأ الفائق في أصول الفقه ولم يكن قد قرأ في الفروع شيئاً أصلاً: تغيب شرح النكت والجمل وأنا أضمن لك الفقه بحذافيره، هذا لفظه عليه السلام، وقد علمتم أنه كتاب مقتصد ولا شك إلا أن كل واحد منكم يعلم يقيناً أن صاحب هذه الدعوة الشريفة سلام الله عليه قد حفظ أكثر من ذلك يقيناً فلا يرتاب حينئذٍ في بلوغه درجة الاجتهاد وتبريره عند كل بصير نقاد وفي أئمتنا الماضيين عليهما السلام الذي أجمعت العترة عليهم سلام رب العزة على إمامتهم من لا يلتبس الحال في أن علم هذا المدعي للإمامة يزيد على علمه بدرجات كثيرة في كل فن من فنون العلم من أصوله وفروعه ومعقوله ومسموعه، ولا حاجة إلى تعيينه في ذلك لا يخفى على خواطرهم الشريفة، وما الغرض نقص من ذكرناه فإنه كامل عند الله تعالى وعندنا، ومن تأمل دعوة الإمام المهدي عليه السلام وجوابه عن المسائل الواردة إليه وما سلك فيها من الاستدلال بالآيات والآثار وكلامه في الخصوص والعموم والمجمل والمبين والناسخ والمنسوخ، وكذلك الأقيسة التي جمع بها بين الفروع والأصول وحسن استعماله لأصول الفقه على ضرورة أن لتصنيفه فضلاً وزيادة ومزية على تصانيف أئمتنا عليهم السلام الذي أجمعت العترة على إمامتهم عليهم السلام وكافة أتباعهم وهذا ظاهر مشهور وجلي غير مستور، وليس المقصود بذلك تعريفكم فأنتم بحمد
الله تعالى عارفون وإنما الكلام ذو شجون، ومن خبره عليه السلام وسبره فإنه يعلم ضرورة أنه يضرب في كل فن من الفنون بنصيب وافر وأنه يعد من علمائه بيقين، فإن عرض لأحد ممن قلت خبرته له حسن استعماله بطريقة القياس والاستنباط فلا حرج في البحث عن ذلك من دون تعمق ولا إفراط فقد كنا نعرف أن حي مولانا الإمام المنصور بالله عليه السلام لما كثر عليه التعنت في إيراد الأسئلة وأقام على ذلك مدة يسأل ويطلب منه الدليل على المسائل أو الإمارة قال: وأشياء ما أعلم أن أحداً من أهلنا ممن تصدى لهذا الشأن طلب منه مثل ما طلب منا، ثم ضرب قال في المصحف الكريم فخرج فيه {وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون} فعظم عليه ذلك جداً لكون من سأله من عيون أهل الديانة حتى قال قائلهم في ملأ من الناس وقد أرادوا بيعته: والله لقد اجتهدنا في إسقاط الفرض عنا وعنكم فما وجدنا إلى إسقاطه سبيلاً ولم يرد بذلك إلا ما يعرض من مشقة التكليف ولعمري أنها زيادة مشقة لكنه يحصل معها من عز الإسلام وكبت أرباب الإجرام ونعش دين العترة الكرام ما لا يخفى على عاقل بصير فضلاً عن عالم نحرير، فهذا وجه مهم لا غنى عن اجتماع الإخوان الفضلاء حاطهم الله عز وعلا عليه وجد من يريد سلوك طريقة التعمق التي قصد بها سواه عن الانقياد للحق وتكثير سواد أهل الصدق وإذا رأى من يريد غيره ممن يحسن فهمه وقصده لا يرتضيها أو يمنع عنها أعرض عن الذي تصوره منها وإن انفتح هذا الباب انتقض الغرض بما لا يوافق رضا الله عز وجل وكان فاعله في الحقيقة معدوداً في الخاذلين للعترة عليهم السلام.
وأما أنا فلا أرتاب في أن علم هذا السيد الإمام يزيد على علم بعض من سبقه من الأئمة الكرام الذين انعقدت ولايتهم في أعناق الخاص والعام، وقضى بصحتها من تأخر من الأئمة السابقين الذي خاضوا في الدقائق ووقفوا على خفيات الحقائق.
الوجه الثاني من الوجهين اللذين اقتضى النظر من المفاوضة فيهما الإخوان الفضلاء أدام الله سعادتهم: أنه إذا أوجب الحال المحاورة والمباحثة كانت في مجلس خاص لا يحضره إلا العيون والأفاضل فإن العامي ربما يسمع توقفاً في مسألة فيظن أن ذلك لقلة المعرفة وضعف البصيرة فيصد ذلك عن اعتقاد ما يجب عليه اعتقاده، وعلى الجملة فإن حضور العامة مجالس النظر تشغل عن التدبير والتمييز والنظر، وربما سبق إلى العامي أو المتوسط في العلم السؤال ولا يعقل الجواب فيتصور أنه لم يحصل جواب وقد علمتم قصة الإمام المهدي لدين الله أبي عبدالله الداعي عليه السلام وقد اتفق هو وواحد من العلويين للمناظرة فقال العلوي للإمام عليه السلام: ما أول الواجبات؟ فقال: النظر المؤدي إلى معرفة الله، فبعد هذا عند العامة وعرف العلوي أنهم لا يعقلون، فقال لهم: اسمعوا إلى هذا يزعم أن الصلاة ليست أول ما يجب أو أنها لا تجب، فقالت العامة: فلج الإمام.
ولما طلب بعض العلويين مناظرة السيد الإمام المؤيد بالله عليه السلام قال: لست أناظره إلا بحضرة أهل العلم لئلا يفعل كما فعل فلان مع السيد أبي عبد الله عليه السلام فالعامة لا تمييز عندهم فلا يصلح حضورهم في مجلس المحاورة، ثم إذا وقع السؤال كان من واحد على الخصوص أو من جماعة وكل واحد لا يسأل إلا بعد فراغ من سبقه بالسؤال وتقصير إيراد المسائل إلى المهم، فالمهم الذي به ينكشف كمال الاجتهاد دون الغويص وما يجري مجراه، ويقنع بتعليل واحد ووجه من دون تطويل أو تعمق فإن الخطر شديد في التعرض لسقوط هذه الدعوة التي يرجى أن يعز الله تعالى بها الإسلام ويرفع منار العترة الكرام ولا سيما مع قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((من سمع واعيتنا أهل البيت فلم يجبها كبه الله على منخريه في نار جهنم)).
وفي هذا الخطر الشديد ما لا خفاء به عند من هو دونكم فكيف بكم وقد حلقتم في جو الفضل واعتليتم قمم النبل والأكبر منكم والحمد لله يعرف أحوال السيد الإمام عليه السلام على التفصيل من صغره إلى كبره وما ينطوي عليه من المحافظة على العلم وله عصر ودهر يقرئ ويقرأ مع الفطنة والذكاء العظيم فالضرورة تقتضي بغزارة علمه ووفور فهمه بعد العلم بهذه الأمور من دون بحث أو مشاهدة تصنيف، وكذلك حالته في الورع الشحيح فإنه لم يعلم أنه قارف ذميماً ولا أتى مليماً، وكذلك ما هو عليه من رجاحة العقل والجد والحلم والوقار وشرف الأخلاق وعرفه لنفسه عن المطامع والإعراض عن التكبر والتجبر وسلوك أشرف الطرائق وأعلاها وأحسنها وأسناها وهو في الحقيقة الفائق في خصاله المبرز في خلاله مع الذي قد جعله الله تعالى له من البركات التي طار ذكرها في الآفاق وحدث بذكرها زمر الرفاق ولم يكن الله تعالى ليجعلها إلا لعيون أوليائه وأفاضله وكم من ولي لا يحصل له ذلك وإنما لعترة رسول الله صلى الله عليه الحق العظيم والفضل الجسيم ببركة أبيهم صلى الله عليه وآله وسلم ولما يريد الله أن يعطف إليهم قلوب أوليائه لا سيما من يريد أن يجعله نظاماً للإمامة، ولقد كثر ما نقل له كثرة عظيمة حتى أني أشهد الله تعالى وكفى به شهيداً لقد كنت فيما غبر من الأعوام وقبل نشر هذه الدعوة الشريفة وكونه لم يبلغ الدرجة التي يؤهل معها لهذا الأمر في حكم القاطع على أنه لا بد من قيامه عليه السلام لما هو عليه من خصال الخير التي قام بها، وقد أجرى الله العادة بأنه إذا أراد مثل هذا الأمر لشخص أنه يجعل له من ابتداء أمره أشياء تكسبه شرفاً ووداً في قلوب أوليائه وذكراً شريفاً في الصالحين، فكونوا أحاطكم الله تعالى وأنتم كذلك حيث الظن بكم في مناصرته وقد علمتم حال هذه المذاهب الردية من الجبرية والباطنية خاصة وكيف وقد قويت شوكتهم وعلت كلمتهم وتوفرت جماعتهم وما دون خلال أمورهم وذهاب
جمهورهم إلا لطف الله تعالى وتمام هذه الدعوة الشريفة النبويه المهدية، والجد في المعاضدة والمناصرة، فقد كانت المطرفية أعظم منهم شأناً، وأشمخ بنياناً، فلطف الله سبحانه وتعالى بقيام الإمام المنصور بالله عليه أفضل السلام ففرق جموعهم وهدم ربوعهم والرجاء في الله تعالى أن يصير مذاهب الباطنية كذلك فما ذلك عليه بعزيز، وكل هذا لا يخفى على الخواطر الشريفة، والحمد لله كثيراً وعلى مجالسهم الكريمة من السلام أزكاه وأشرفه وأنماه، والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلامه.
وكتب عليه السلام دعوته إلىالتهايم وبلاد الشافعية في المغارب من المخلافة ولاعتين وحراز وملحان وتلك النواحي فوصل إليه الفقيه العالم الحافظ الأديب المحدث نجيب الدين سليمان بن محمد بن الزبير الحبشي، ثم الشاوري في عدة من علماء الشافعية فرأى كماله وعرف صفاته وبايع وأظهر اعتقاد أهل العدل، وكذلك من كان معه ووصل إليه مجيباً للدعوة الفقيه الأديب العالم الفرضي محمد بن منيع النميري البغدادي وكان رجلاً من بني نمير ممن نشأ ببغداد ودرس في المدرسة النظامية المشهورة هناك، وكان رجلاً شافعي الفروع عدلي الأصول محباً لأهل البيت عليهم السلام ومن يرجى فيه القيام بأمر الأمة فأقام سنيناً ينتظر، فلما وردت دعوة الإمام المهدي عليه السلام ووصل إلى ديار اليمن صار يبحث عن علماء أهل البيت عليهم السلام، فلما وردت دعوة الإمام المهدي عليه السلام إلى صنعاء وصل إلى ثلاء ورأى من كمال الإمام في جميع الصفات الإمامية فوق ما يوصف له فبايع وأقام أياماً وأحسن إليه الإمام إحساناً عاماً فمما قال في مدح الإمام عليه السلام:
الله أكبر هذا كاشف الكرب
هذا الإمام الذي أختالت بسيرته
وأطفأ الله نار الجائرين به
هذا هو القائم المهدي ذو الشيم
هذا الذي ملأ الدنيا نداً ودماً
عزت به العرب العرباء واعتصمت
حامي الحقيقة مقدام أخي ثقة
يا ابن الحسين أمير المؤمنين لقد
أجبت دعوة داعي الحق مقتفياً
ولو دعاك إلى الدنيا وزخرفها
يفدي علاك البرايا من إمام هدى
أغر أبلج يجلو كل مظلمة
ما يحتوي من ثراً إلا يمزقه
ولا يزال حليف الحرب مرتدياً
يغشى الوغى بنوا صي الخيل مكرهة
يا أكرم الناس أعراقاً وأكثرهم
ستقتل الأمم الضلال قاطعة
وتملأ الأرض عدلاً مثل ما ملئت
ويصبح الملك مضروباً سرادقه
هذا الذي أترجى أن يكون وما ... في كل قطر من الدنيا عن العرب
مواسم العدل في أثوابها القشب
عن الأنام وكانت جمة اللهب
الغراء هذا الزكي زكي المجد والحسب
عن الرضا في سبيل الله والغضب
منه بأروع كشاف دجى الكرب
سهل الخليقة بدر غير محتجب
عز الهدى بك عز السبعة الشهب
نهج الأئمة من آبائك النجب
داع لألغيت دعواه ولم تجب
به تعقب سبيل الغي والريب
من الخطوب بعزم غير مضطرب
كأن في صدره حقداً على النشب
بعثير الخيل في ريعان ذي لجب
والبيض فوق حبيك البيض في صخب
تسكاب نيل إذا الأنواء لم تصب
بالمشرفية والخطارة السلب
جوراً كما جاء في الآثار والكتب
عليك يا ابن النبي الطاهر النسب
عزمي بواهٍ ولا ودي بمؤتشب
(فصل )
وكتب دعوة إلىالسلطان إدريس بن أحمد بن محمد الحبوضي بظفار الشحر لما بلغ من حسن الطريقة والعدل في الرعية فأجاب بالقبول والإقبال، وأظهر المسرة وأنشأ المكاتبات اللطيفة إلى أمير المؤمنين، فأول مكاتبة وصلت عنه في التاريخ المذكور في آخر كتابه، والكتاب الثاني وصل بعد ذلك التاريخ وقد ضمناها السيرة جميعاً متصلين ليكون أقرب للفائدة مع أنّا قد حذفنا منها كثيراً من فضلات النثر دون النظم.
فأما جواب عنه نذكر لمعاً كافية في معناه، ومسرة بورود الدعوة قال: الحمد لله ميسر من سبقت له العناية لسلوك سبيل الهداية، واعتلاء عريكة المجد والولاية، حمداً يبلغ في انتظام فرائد الآمال أبعد غاية، ويوفي منها على كل نهاية، والصلاة على رسوله القائم في كل حجة بأبهر آية، وعلى آله أهل النجدة والحماية.