أطارهم عز الهدى سوابق .... فعادوا نعاماً أو كريش النعائم
ولم تحمهم تلك الجبال وانما .... تناوحهم فيما كنوح الحمائم
غدوا مزقاً للسمهرية والضبا .... ووقع رصاص وابل متراكم
أتى سالم ينجو فأصبح هالكاً .... فما سالم من بعد ذاك بسالم
فما هو جلد بين عين وحاجب .... ليافع لكن عرضة للمناسم
فلا سلم الرحمن حزباً لسالم .... ولا سلموا عن غيهم والمآتم
فيا عز دين الله سق نحو أرضهم .... كتايب تترى سابقات العزائم
لتقصد يوماً حضرموت وخلفه .... عمان فما ليل المطي بنائم
غدت تتقاضاك المسير لأنها .... تؤوب وتأتي بالعلا والمغانم
وتمتح أكتاف البغاة غواليا .... فيذهب عنهم خافيات السخائم
فيا شوقها إما سرت نحو أرضهم .... جيوش كموج الزاجر المتلاطم
تجر خميساً في الخميس وبعده .... خميس ولا ينفك ضربة لازم
بهم أحمد الراقي سماء مكارم .... ومن هو مرهوب السطا والملاحم
إذا قابلت أرماحه الجيش لم تزل .... بروق بأكتاف لهم وملاغم
تضربهم بالسيف ضرب سميدع .... شديد على الباغين ليس براحم
لهم همم تحكي النجوم ثواقباً .... فكم كشفت يوماً ظلام مظالم
على أنه المولى المقدم في الوغى .... وأشجع من ليث الهياج الظيارم
غزى نحو ساحات الشروق بهمة .... فأحمد به من طارق الثأر ناقم
وأصنائه أهل الفضائل والنهى .... أسود الوغى في المأزق المتلاحم
تراهم إذا تدعو نزال فإنهم .... ليوث تعادي فوق جرد النعائم
[206/أ]يثقفهم عز الهدى محمد .... ويحرسهم بالرأي قبل التصادم
لقد حاز أجراً في جهاد أعارب .... كأجر أبيه جهاد الأعاجم
حذا حذوه في كل سعي وموطن .... فنال العلا والفضل غير مزاحم
هنيئاً مريئاً ما أفاد فإنها الـ .... مكارم إما عد يوم التكارم
أعدت جهاداً للوصي أبيك .... للخوارج من كانوا أضل العوالم
وأمثالهم أهل الشروق فإنما .... مساعيهم في الدين مسعى الأراقم
يودون طاغيهم يزيد وحزبه .... وإن كتموا فالله مبدي التكاتم
يرضون عنهم جهرة بمحافل .... وإن أسمعوا زجراً مضوا عن تضامم
حنانيك إما غيرهم فولاهم .... لهم سابق قبل الولا للفواطم
لقد فطموا عن كل فضل وحكمة .... وما أدركوا من ذاك توبة نادم
أديل لدين الحق منهم مواطن .... فعادوا بمن لله جزر اللهاذم
لقطعهم تلك السيوف فإنهم .... جذوع لنخل أذنت بتهادم
فحمداً لرب العرش حمداً مباركاً .... أتى نحوه في نصره والقوادم
وحمداً له جم المحامد إنها .... مواهب جاءت كالغيوث السواجم
أمولاي عز الآل لا زلت ساعيا .... لكل فخار في العلا والتهائم
لتنصر دين الحق في كل موطن .... وتحرسه عن كل باغ وغاشم
بنشر جيوش كالأسود حوادراً .... مضوا قدماً لم يثنهم لوم لائم
هم من بكيل الأكرمين وحاشد .... وإخوانهم من أوقعوا بالجراهم
لقد أحرزوا فضلاً ومجداً ونجدة .... وقد صدقوا عند انتضاء الصوارم
فلا تنسهم عن نشر كل فضيلة .... وهم جندك السامون حمر الملاحم
وما ابن جميل منهم بمذمم .... ولا شرف الدين الأبي المضايم
هماماً هما في النجد كان لواهما .... مقدم جيش حاطم أي حاطم
وما شرف الدين بن أحمد خاملاً .... هناك ولكن ضيغم في الضياغم
هنيئاً مريئاً للمليك محمد .... مواهب تترى واضحات التباسم
بإعزاز دين الحق في كل موطن .... وإذلال حزب البغي أهل الجرائم
أذلهم الرحمن في كل مهمةٍ .... وبتك من أعناقهم كل قائم
فليس لهم وزن إذا الحرب أصليت .... بلى إنهم دانوا لعز الأكارم
[206/ب]محمد الحاوي لكل فضيلة .... ومن هو في شرع السخاء كحاتم
وما الفضل في يوم السخاء وجعفر .... وقد لويا من خلفه بالعمائم
وما الأحنف الرأس وقارا وجبوه .... تشابهه في حلمه وابن عاصم
فضائله زادت على الشهب عدة .... وأخلاقه ألوت بكل المكارم
تسمى باسم قد تحقق وصفه .... عطوفاً على أهل البيوتات راحم
عليه صلاة الله ثم سلامه .... مدى الدهر ما لاحت بروق الغمائم
وما صرحت ورق الحمائم سحرة .... وأعقبها ريح الصبا بالنسائم
وللمصطفى المختار نهدي صلاتنا .... وللآل من حضوا بفوز الخواتم
وقال الفقيه الأديب علي بن الهادي الصنعاني:
تألق برق النصر من جانب الزهراء .... وأشرقت الدنيا بنور بني الزهرا
وحنت رعود الفتح من كل وجهة .... وأمطرت الآفاق من سحبها بشرا
وأصبح روض المجد يزهو بهجة .... بنور سنا أنواره فاخر الزهرا
وهذا عبير الفتح يعبق نشره .... تضوعت الأرجاء من طيبه عطرا
وأصبح وجه الحق أبلج مشرقاً .... بعزم إمام العصر ذي الطلعة الغرا
إمام همام عظم الله شأنه .... وأعلى له بالفضل بين الورى القدرا
وجمله بالعلم والحلم والحجا .... وكمله خلقاً به يشرح الصدرا
لقد ظهرت في الأرض آيات فضله .... وأوسع هذا الخلق من جوده برا
وشيد ركن الدين بالعدل وانتضى .... بنصر به سيفاً أباد العدى قهرا
بأسد على جرد يراها إذا غدت .... تزأز في الهيجاء تقتحم الوعرا
وتقدمها من آل قاسم فتية .... محلهم أربى على هامة الشعرى
كرام يرون الموت في الله مغنماً .... قد أدرعوا للحرب من بأسهم صبرا
يجرون جيشاً من نزار ويعرب .... وفرع لوى الغلب من مضر الحمرا
[كتائب يحكي البحر مهما تراكمت .... جحافلها في الأرض طبقت الغبرا
تؤم ديار المارقين مجدة .... وتنثر هامات العدى في الوغى نثرا
إذا أصبحت أرضاً تدك جبالها .... سنابك خيل صوبها تمطر الجمرا]
سرت نحو شرق الأرض فاهتز غربها .... لقد حمد السارون في ذلك المسرا
[207/ا]ألم تنجد السلف منهم عصابة .... وثم جنود لا يطيق لهم حصرا
وساق بنوا المنصور نحوهم الردى .... وزفوا إلى الرصاص داهية غدرا
واستأصلتهم عصبة الحق عن يد .... فما أكثر القتلى وما أرخص الأسرى
وطار حديث القوم شرقاً ومغرباً .... وصعد حتى انتهى رغبة شهرا
فدع ذكر ذي قار وذكر بسوسها .... ودع عنك ذكرى يوم داحس والغبرا
وقل للطغاة الفاسقين إلى الهدى .... هلموا فقد أوضحت نصحي لكم عذرا
ولا تسمعوا ما قاله رب أحمق .... مضل يجر الويل نحوكم جرا
دعاه إمام الحق لم يسمع النداء .... وأنزل منه الجهل في سمعه وقرا
سيفتح أقصى الأرض عصمة عصرنا .... وينفذ حكم الله في من عصى قسرا
ويملك أقصى حضرموت وشحرها .... وتحفق في سيئون رايته الخضرا
وينشر فيها العدل من بعد جورهم .... بأجناد حق لم تزل نحوهم تترى
وكم لأمير المؤمنين مناقب .... تعد وتروى لست أحصي لها حصرا
لقد حاز إسماعيل فخراً وسؤدداً .... أنافت على الأفلاك نسبته الكبرى
وثبته مولاه في كل حالة .... وهيأ له ذو العرش من أمره يسرا
ومكنه مما يروم وخصه .... بعاجلة الدنيا وبالفوز في الأخرى
أمورد بيض الهند في مهج العدى .... لقد صدرت من فيض أكبدهم حمرا
تهن أمير المؤمنين مسرة .... بمن إله العرش يتبعها سرا
بفتح مبين جاء من فضل قادر .... كريم حباك الفضل والفتح والنصرا
فحمداً له حمداً له فهو أهله .... وشكراً كثيراً فهو يستوجب الشكرا
وتهن سراة المجد أولادك الذي .... بسعيهم المحمود سادوا الورى طرا
فهم بذلوا في نصرة الدنيا أنفساً .... ليغتنموا في طاعة الخالق الأجرا
وخذها عروشاً در مدحك حليها .... يزيد بها حسناً وتزهو به فخرا
بقيت لدين الله ما عشت ناصراً .... وقد وعد الرحمن ناصره النصرا
تغيث وتولي من أياديك أنعماً .... وتنقذ ملهوفاً وترفق مضطرا
كفاك إله العرش كل ملمة .... وطول يا غوث العباد لك العمرا
وصلى عليك الله بعد نبيه .... وآل كرام ما همت سحبها قطرا
وما سار ركب أو نعت حمامة .... وحنت رعوداً وهمى العارض القطرا
[وقال الفقيه الأديب شهاب الدين أحمد بن علي الشارح الصنعاني] :
[207/ب]صدق الله للإمام المراما .... فأراه من العدو انتقاماً
وشفاه والمؤمنين صدوراً .... وكفاهم لأجل ذاك اغتماما
وحباه نصراً وفتحاً مبينا .... زاد في الحق بهجة وتماماً
وهنيئاً له بذاك وللخلـ .... ـق صغيراً وشيبة وغلاما
وهنيئاً له وللخلق بشرى .... نشرت من سرورها أعلاماً
وهنيئاً له وللخلق ثغرا .... فتحه أضحك الثغور ابتساما
وهنيئاً لجنده وسرايا .... ه ثباتاً ونجدة واغتناما
ولأولاده الذين أجابو .... ه وفاء بحقه وقياما
وأطاعوا لما يقول وقالوا .... مر سراعاً وبالنفوس كراماً
مر ليوثاً إلى النزال طراباً .... وسيوفاً تلوح فيه ضراما
وقرونا من الجلالة نالوا .... في البرايا مكانة تتسامى
لا يهابون من عدو وإن شن .... عليهم من النصال ركاما
لا يعابون في الصفات سوى أن .... لهم في اقتناء المعالي غراما
لا يحابون قط في جانب الدين .... ولا يؤثرون عنه حطاما
ندبوا للجهاد فادرعوا العزم .... وقادوا مقانباً تتضاما
وبماضي توكلٍ منه صالوا .... في الأعادي فغادروهم زماما
…………………………………
…………………………………[208/أ]
[208/ب]وقيل في ذلك أشعار كثيرة، ومكاتبات بالتهاني غفيرة، فإن هذا المشرق وكما تقدم لم يطمع في فتحه طامع لشرارة أهله، وشراستهم وبعدهم عن الله سبحانه وتعالى، وطول ضلالتهم، فكان لذلك الفتح الموقع العظيم، والذكر الفخيم.
فممن قال في ذلك الفقيه الأعلم جمال الدين علي بن محمد البحيح (أسعده الله)، مخاطباً لمولانا صفي الإسلام وسيفه الصمصام أحمد بن الحسن بن أمير المؤمنين (أيده الله):
النصر لاح على أيامك الغرر .... والسعد بالفتح قد وافاك بالظفر
فانهض بعزم باسم الله مقتحماً .... أرض النواصب من سهل ومن وعر
فأنت أولى بما قد قال قائلهم .... شعراً يحاكي سلوك النثر والدرر
وخيلكم مضمرات في أعنتها .... شعث النواصي سراع الورد والصدر
بكل قرم من السادات معتقلاً .... رمحاً تعز به القادات من مضر
إلى قوله:
يا أحمد الملك السامي بهمته .... أعلى العلا فوق هام الشمس والقمر
يا صارم الآل يا ليث النزال إذا الـ .... ـتقى الخميسان من بدو ومن حضر
صرت المقدم والقلب الذي لهم .... ثبت الجنان بفكر ثاقب النظر
مروع الخصم في الهيجاء إذا التطمت .... أمواجها واستطار القلب من ذعر
سل القواضب في رؤوس النواصب هم .... أهل العداوة للسادات والطهر
رووا الأعادي كؤوس الموت مترعة .... حداً لهم في شراب الخمر والسكر
قد أنشدت بلسان الحال حالهم .... هذا جزاء جهلنا يا ضيعة العمر
سدت مسالكهم من كل ناحية .... فالقلب للرعب والأجفان للسهر
أخل الديار من الأوباش عن كمل .... مؤيداً بمتين النصر والظفر
مستقبل القوم بالأرماح ساحرة .... فإنهم سيولوا وجهة الدبر
إلى قوله:
فآل قاسم سادات الورى .... وخيرة الخلق من بدو ومن حضر
وقال الفقيه المذكور أيضاً ووجهه إلى مولانا عز الإسلام محمد بن الحسن بن أمير المؤمنين (أيده الله):
أرى النصر معقوداً برايتك الخضراء .... فسر وافتح الدنيا فأنت بها أحرى
يمينك فيها اليمن واليسر في اليسرى .... فبشرى لمن يرجوا الندى بهما بشرا
فأنت علي والخوارج ضده .... أذاقهم الابلاس إذ عبروا النهرا
[209/أ]وأنت من الآل الكرام الذي لهم .... فضائل ما أن تستطيع لهم ذكرا
سل الأعوجيات السوابق ضمرا .... وما خلفت في العسر داحس والغبرا
وما ثقفت من صعدة في رماحها .... وماكبلت في سوح ذي كرش من أسرى
وما حملت أسد الورى من نفائس الـ .... نفوس وما كرت بملحمة كرا
أهل عاد عز الدين يوماً بموطن .... وأسيافه لم تثن بيضها حمرا
وهل قام في حرب على ساق عزمه .... ولم تنتهب أرواح أعدائه قسرا
إذا ما غزى يوماً أطاعت سيوفه .... العزائم واستجار أكابرها ذعرا
على القتل والأسر استطالت رماحهم .... فما أكثر القتلى وما أرخص الأسرى
وهذه من القصائد الطنابات اختصرناها لطولها رفقاً بالكتاب، واتكالاً على ما قد قيل فيه من معالي الأسماء والألقاب والصفات التي تكل عن أوصافها الألباب.
وقال الفقيه المذكور من قصيدة أخرى كذلك وجهها إلى مولانا عز الإسلام والمسلمين محمد بن الحسين بن أمير المؤمنين:
بلغت من العليا أجل المراتب .... وقابلك الإقبال من كل جانب
وقارنك التوفيق والنصر خادم .... وتسعى بما تهواه يابن الأطايب
تبلجت الدنيا بكم وتزينت .... أضأت لهم في شرقها والمغارب
بخير بني الدنيا أناخ فخارهم .... وحاميهم بالمرهفات القواصب
بعز الهدى والسيد الماجد الذي .... أناف على كل النجوم الثواقب
خضم الندى والجود والمجد والتقى .... وهذا مليك الآل من آل غالب
وهذا الذي يحكي فضائل جده .... إمام الورى المشهور من آل طالب
إلى قوله في صفة علمه النافع:
وحليت لبساً كان حشواً وباطلاً .... وحليت إشكال العدى في المذاهب
وشيدت ركناً للجهاد رفعته .... فلله حتفاً للعدى والنواصب
وأثخنت قتلاً في المعادين جملة .... وصلت عليهم في صدور الكتائب