فلما حدث في بلاد صعدة وخولان من الحوادث من التظالم والعصيان وتخويف الطرقات والطغيان، ما يجب افتقاده على إمام الزمان، وتمنع كثير من أهل تلك الجهات عن تسليم الواجبات، وعن امتثال أوامر الشرع المطهر، وما يجب من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أرسل مولانا الإمام (عليه السلام)، الفقيه الأجل المجاهد بدر الدين محمد بنظره آداباً على أهل قبائح الأفعال، على كل بمقتضى الحال، وعلى قدر الأعمال، وأمره بإنقاذ ما يجب من الأمور، ورد الظلامات، وأجرى الأعمال على أحسن الحالات، فانطلق لما أمر به، ونفذ فيما وجه إليه، حتى كان آخر عمل عند الشيخ يحيى بن روكان، وامتنع عن والي الإمام وتسليم ما عليه وعلى أصحابه إلى بلاد شعب حي لاستيفاء الآداب من المتوجه عليهم سبب ما جرى فيما بينهم وبين بني بحر من حرب وفتن وقتل امرأة وتظالم لا يجهل، ولا ينكر أن فعلهم ذلك من أعظم منكر، يجب على الإمام ومن يقدر على النكير افتقاده، وإن من تمنع من إنفاذ ذلك وافتقاده يجب جهاده، وأهل شعب حي إذ ذاك في حال اضطراب وتحرب وتشويش قائمين بالسلاح مستعدين للكفاح، حتى نعق بالفتنة ناعق فيما بينهم وبين العسكر فجرى ما جرى من الحرب، التي انجلت عن قتل جماعة من الفريقين وسببها التمنع والاضطراب، وعدم الامتثال والانقياد لما أوجبه الله رب الأرباب من طاعة أولي الأمر، فلما جرى ذلك الحادث ومثله تجرى عزم الشيخ على بن روكان صنو الشيخ آل السيد إبراهيم بن محمد، واستصرخ به على باطله واستنصره على ضلاله وضلال قبائله، وحرف القول عن مواضعه، لم يلبث السيد أن نقض تلك العهود المبرمة،

ونكث البيعة المؤكدة، وجنح إلى إجابة ابن روكان ولم يثبت في دعواه بل أخذ ببادئ الرأي، ولم يكن في ذهنه أن ذلك الحادث وإن فرض إن التعدي[133/ب] فيه من العسكر فلا يبطل إمامه ولا ينقض به عهد، ولا يحل من مبايعة عقد فإنما استفزه ذلك لما وافق أمراً في نفسه هو عليه متهالك. فمع الفرض إن التعدي وقع من الفقيه محمد بن علي وأصحابه على وجه جلي فالواجب في مثل هذه القضية أن يرد إلى الأحكام الشرعية ففي الكتاب العزيز والسنة النبوية وسيرة أئمة العترة الزكية بيان ما أشكل، ومعرفة ما يحكم به في مثلها مما لا يجهل، فإن لها مع ذلك نظاير، أولها قضية خالد بن الوليد من الأعيان بني جذيمة، وتبرأ النبي ً من فعله، ولم يتبرأ منه وأما أهل شعب حي وشيخهم ابن روكان فالأمر فيهم ظاهر، وإنهم متمنعون عن الأوامر متمردون عن طاعة الإمام أيده الله تعالى، وعما يجب فلم يقع منهم امتثال، ولا طاعة لوال، وقد شهد عليهم السيد في رسالته بأنهم قد تمنعوا، وزعم أنه إنما كان عما يطلب منهم من غير الواجبات من المعونة ونحوها، وعن أنفسهم في ذلك دافعوا وقد أوضح الإمام أيده الله بالدليل إنما يطلبه االإمام من المعاون ونحوها من جملة الواجبات، ومن نيل المفروضات له طلبه والأخبار عليه، واجتهاد الإمام يعمل به فيما يرجع اليه.وسارع في نقض ماعاهد اليه.وكانت زلةينبغي له أن يستقبل الله منها وعثرة الواجب عليه أن يبادربتدارك نفسه الى التوبه منها.لم يشعر إلاًببثه الرسايل الى الناس ورفع قناع الحياةولم يتحاش با لإعتراض على الإمام- أيده الله تعالى-في أشياء يقمها من ولاة الإمام عليه

السلام والعمال لم يعلم بوقوعها، ولى سمع بأمرمما نقل عنها لأنها أمورلو كانت لم تخف أكثرها ولظهر أمرها.
ولما أنكتم على الناس خبرها، وإنماجعل ذلك وسيلة لما أحدث من نقض العهود المبرمة، والعهود اللازمة ومن أعجب حاله وتناقض أقواله وأفعاله وما أشنعها من مقاله، وأسقطها من حاله، مازعم إنه من صالح مصالحة لما عدم الناصر كصلح أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه، فأظهر من كمين سره، ومكنون مضره، إنه فيما حررمن تلك القواعد بيده، ومانطق به لسانه من تلك الأمور كاذب وإن أيمان الله التي جعلها دخلاً، وعهوده ومواثيقه لعبة لاعب، ولم يعرف أن بين فعله وبين فعل أميرا لمؤمنين كرم الله وجهه بوناً بعيداً وفرقاً. [134/أ] بيناً واضحاً، وإن احتجاجه به من النظر القاصر، والعجز الظاهر، فإن أمير المؤمنين عليه السلام، عاهد وبايع ووفى بذلك وزاد على الوفاء،ولم يخلع يداً عن طاعة ولا فرق جماعة، وألزم نفسه الصبر والتزم أحكام الأمر، وإمامته منصوصه قطعية عند جميع الأئمة، من آل محمدصلوات الله عليه وشيعتهم، وإن من كان في زمانه مقتعداً دست الخلافة أتت مسلم أنه لم تكن أهلاً لها، ولا مستحقاً للدخول فيها إنما هو غاضب ومدع ماليس له بأهل، وأما أنت أيها السيد فقد أقررت على نفسك بالاغترار، وحكمت عليها بما صدر منك من المعارضه مما يمحي بالتوبة والإستغفار، وسلمت أن الإمامة للمتوكل على الله (أيده الله)وافقت محلها، وأنه أحق بها وأهلها: {بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ، وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} ، فهل بعد هذا يحل لذي بصيرة أن يأتم

به بإمام هذه أحواله أو ينظم في سلك داع تناقضت أفعاله وأقواله، أم كيف يقلد الإنسان في دينه من جعل أيمان الله وعهوده دخلاً ولم يصدق قوله عملاً ياللمسلمين من العماية في الرب، فلو أن السيد إبراهيم (أقال الله عثرته) اقتدى بما كان من الحسنين صلوات الله عليهم وسلامه من المصالحة لمعاوية وصبرهما على الوفاء لهما بالبيعة ولم يستحلا نقض ما فعلا ولا الخروج عما فيه دخلا، مع ما في معاوية من النقص الكثير مما وضع لهما وأذيته بالسب لعلي عليه السلام وأشياعه فصبر الحسن (عليه السلام) حتى لقى الله عز وجل لم ينقض عهداً ولا نقض ميثاقاً ولا عقداً، ولا خرق جماعة وبيعة، والحسين (عليه السلام) وهما إمامان قاما أو قعدا والحق لهما ابتداءً وانتهاءً.
ولما مات معاوية -لعنه الله- ولم يبق في عنق الحسين صلوات الله عليه بيعة أظهر نفسه ودعا إلى الحق، وكان ما هو معروف، وهذا لما جرى ذكر المصالحة، وزعم السيد أنه إنما كان ذلك مصالحة وكلامه في قاعدته، وكتبه يكذب هذا الزعم الذي ادعاه، ويخالف الحال الذي كان عليه بناه، وإلا فإن بين الحالتين أبوان فالحسنان أبناء رسول اللهً وذلك أن أبا سفيان لم يكن للإمامة في قبيل ولا دبير، ولا أهلاً للخلافة في كبير ولا صفير، وإنما كان ذا سلطان تمتع به إلى حين، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، ولكن اختلفت المقاصد والأهواء، فإلى الله الشكوى، ونعوذ به من شر الفتن والبلوى.

وأما حالك أيها السيد وحال الإمام المتوكل على الله فإنكما من شجرة واحدة، وأصل واحد. وقد سلمت له الاستحقاق، وشهدت على نفسك بالوفاق، وهو (أيده الله) لم يتغير عن الحال التي كان عليها إلى ما دونها بل إلى ما[134/ب] فوقها وما هو أفضل وأعلى منها، والحمد لله، وذلك ظاهر لمن نظر واعتبر، غير خاف على ذي عقل وبصر، ولله در القائل:
وبعض خلائق الأقوام داء .... كداء البطن ليس له دواء
وقد كفى وشفى جواب الإمام (أيده الله) على تلك الرسالة وبين الاحتجاج على اشتراط الأفضلية وكيفيتها ووضح بما تستحق به الإمامة، ونحو ذلك بأدلة الكتاب والسنة، وأقوال الأئمة من آل المصطفى ً وساير العلماء وكذلك في جواب ما اعترض به المعترض في أمر المعونات ونحوها مما يؤخذ من الناس ووسع بما فيه غاية لمريد الحق وشفاء لما في الصدور، ووفا إن شاء الله لمن أراد الهداية وينكب طرق التعسف والغواية، وإنما أحمل على هذا الجواب، لما كانت الرسالة عامة وعلينا واجب حق الإمامة وإن ترك دفع القول المايل عن الصواب والطعن في سيرة الإمام بالباطل والبهت مما يؤدي إلى الشك والإرتياب، وأن دفع الباطل واجب والقول بالحق وإعلان الصدق أمر لازب، ولا سيما ولنا مالم يكن لغيرنا من الاطلاع على كثير من الأحوال ومعرفة موارد كثيرة من الأعمال، وإلا فأن في مثل تلك الرسالة وما فيها من الافتراء كان حقها الاهمال، ولكن ربما يراها مغتر فيعتقد، إن ترك الجواب عليها لرتب في الأعمال فاستخرت الله سبحانه وتعالى وهو نعم المستخار، وهو المسئول التوفيق لما يختار، وأشرنا إلى جملة من الجواب عن تلك الرسالة

إلى ها هنا وإلى ما أورده من اللاعتراضات الثمانية على الترتيب والله المستعان، وعليه التكلان، في كل حال وفي كل شأن، وهو حسبي وكفى، ونعم الوكيل.
الأول منها: ذكر فيه ما لفظه والذي صرنا نذاكر به إخواننا أموراً أولها وأولاها تعطيل باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذين هما ثمرة الإمامة ورأسها بل أصلها وأساسها، فإذا كان الوالي من قبل هذا القايم بهذا الأمر إنما همه جمع الدراهم من غير حمل الناس على الواجبات التي تجب على الأئمة فنقول : هذا الاعتراض صدر عن غفلة كبيرة ودعوى التعطيل لباب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يصدر عن بصيرة فإن فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باب عظيم من أبوب الجهاد، وفرض لازم لجميع العباد، ما يعذر عنه عند الله إمام ولا مأموم، ولا يخل بفرضه وقدره إلا وهو ملوم، وهي بحمد الله قايم بعلو همة، مولانا المتوكل وسمو عزيمته أتم قيام[135/أ] ولا يعلم بمنكره فنسكت عنه، ولا إخلال بواجب الأوامر به بالمقال والفعال والتعاهد للناس بالرسل والرسائل والتبليغ على ألسن كثير من الوافدين، والتصدي بالمواعظ لجمهور الواردين، حسب ما تقتضيه الأحوال، ويكون في ذلك مجال للمقال، على ما يؤثر من أحوال المصطفى صلوات الله عليه وعلى آله وسلامه، ونقله الأخبار والسير عنه (عليه السلام) من تصديه لمن عنده ومن بفد عليه بالمواعظ والتعليم والتفهيم وإرسال رسله للتبليغ والإنذار والتحرير والابكار والتعبير لما يرفع إليه من المناكير وقال فيه عز وجل: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ } وقال سبحانه وتعالى:

{ومَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } تسليمه لنبيه ً وقال سبحانه {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّر ٌ، لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ} فلم يوجب الله على نبيه إلا التبليغ والتذكير والنهي عما علم من المناكير، ونهاه عن التجسس وكشف الستر، وقال ً: ((من أتى شيئاً من هذه القاذورات فليستر بستر الله فمن أبدى صفحته أقمنا عليه حق الله)) وحال إمامنا صلوات الله عليه في هذا أوفى حال قائم يفرضه في الأفعال والأقوال باذل فيه وسعه، مبلغ فيه جهده، على حسب مقتضيات الأحوال علم ذلك من اطلع على أحواله وشاهد ذلك من أفعاله ومقاله، فإنه (أيده الله) لا يزال آمراً ناهياً مرشداً ناهياً رسله إلى كل جهة بترى، ورسايله في كثير من الأقطار تقرى، والخطباء والوعاظ قد أقامهم في الأمصار، وجميع القراء الكبار، وأكثر الصغار وتبليغ الشرايط قد علم، ومعرفة ما يجب لله سبحانه على العباد، غير خاف ولا منكتم، وفرض الطلب لمعرفة ما يجب وجوبه على المكلف، وقد أخذ الله على الجاهل أن يتعلم ولم يجعل جهله عذراً له عن العقاب وأخذ على العالم أن يعلم ويبين الحق ويفهم الصواب، فالجاهل عليه أن يطلب لنفسه النجاة ويقصد، والعالم عليه أن يعلم ويرشد، وعلى هذا مبنى التكاليف والشرايع، وقد أدرك الناس في هذا الزمان والحمد لله ببركات الإمام (أيده الله) وحسن قصده مالم يكن في زمان قبله على ما يسمع ويعرف ممن قبلنا من الطاعة لله عز وجل وكثرة المدارس للقرآن في كثير من البلدان التي لم تعهد فيها مدرسة فيما سبق من الزمان، وتفقه كثير من الناس، وبسط العدل في الجهات،

وتقويم المعوج على أحسن الحالات والصفات لا يعلم بمنكر يحدث إلا وغيره ولا بدعة إلا وقمعت، ولا اختلاف بواجب إلا ويعمل.
وأما حمل الناس على أن يكونوا على صفة واحدة حسنة، وطريقة متحدة مستحسنة، فذلك[135/ب] من المحال ومما لا يوجبه الله على البشر لضعف الحال، قال عز وجل لنبيه صلوات الله عليه: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّر ٌ، لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ، إِلاَّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ، فَيُعَذِّبُهُ الله الْعَذَابَ الأَكْبَرَ، إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} وإما على الأئمة التبليغ إلى العباد، والعدل الذي هو عمارة البلاد، والأخذ على أيدي أهل الفساد، وتجنيد الأجناد، على أهل البغي والتمرد والعناد، والحث على الواجبات وإظهار الشرايع البينات، ليهلك من هلك عن بينة، ويحي من حي عن بينة، وإن الله لسميع عليم: {إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ الله يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ } وقال السيد في هذا الاعتراض ما لفظه: وكان الجهاد قد صار حجراً محجوراً، والأخذ على الظالم قد صار شيئاً منكوراً، ودليل ذلك هذه الجهة التي نحن فيها، وما نصاليها والقليل يدل على الكثير، فإن كان لنا سبع سنين نهتف بهم ينظرون فيما أوجب الله فلم يلتفتوا إلى ذلك ولم يعرجوا إلى ما هنالك، فيقال له يا سبحان الله ما أعجب الحال وأيسر المقال، وتشديد الملام إلى الغير، وكأنك لا تكليف عليك، أو لا حق يلزمك ويتوجه خطابه إليك، فهل لا إن كان لك عزيمة وصرامة، وغضب للدين وأهله

وشهامة، ومحبة الخير وصلاح المسلمين، ورغبة الجهاد في سبيل رب العالمين، فلمَ لم تحضر عند إمامك، وتعينه بلسانك وحسامك وتؤازر بجدك وجهدك وتشحذ الهمة في إعلاء كلمة الحق والإعلان بالصدق، ولم جاز لك في دينك أن تؤثر على ذلك السكون والدعة في بلاد أهلها وما أشرت إليهم، وحالهم معروف معلوم، لا يقام فيها حق إلا بجواز، ولا يؤخذ فيها على يد ظالم، ولا ينهى فيها عن منكر، أكثر أحكام أهلها أحكام الجاهلية، وأفعالهم القبيحة غير خافية، فما الذي أباح لك البقاء بينهم والاختلاط بهم فهلا هاجرت عنها أو تحولت منها أو أفرغت جهداً في صلاح أهلها وإرشاد ظالها بل لم يكن همك لما حدث ذلك الحادث في خولان الذي لم يكن إلا لدفع التظالم وكف المآثم، والتأديب لأهل الجرايم، بإجرامهم والانتصاف للمظلومين من ظالمهم، وإدخال المتمرد تحت الطاعة لله سبحانه وحكمه، إلا أن توجهك لدفع الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، والاستعانة عليهم بأهل الجهة الذين ساكنتهم الذين هم بالصفة، الذين وصفتهم وجمعتهم لصد أهل الحق ولم يكن منك الوقوف بينهم والمساكنة لهم إلا للتربص لمثل هذه الفرصة التي جعلتها ذريعة لإظهار الكامن ونكث العهود والبيعة والتهاون بها وبأمرها وأي تهاون، وذلك [136/أ] عند الله عظيم، وخطرجسيم، وكان الأهم المقدم إرشادهم إن أمكن الارشاد ولمن خلفهم من أهل تلك البلاد الذين لم يعرفوا معروفاً، ولا ينكروا منكراً أو الهجرة عن تلك الديار، والمفارقة لتلك الأقطار فلا تقعدوا معهم إنكم إذاً مثلهم، ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار، وقال ً: ((لا يحل لعين ترى

الله يعصى فتطرف حتى تغير أو تنقتل )) فإن زعم إن له عذراً في مساكنة الظالمين، فليظهر العذر ويتبين، فإن الظاهر عدم العذر المبح وانى ذلك العذر الصحيح، وقد سلم الإمام المتوكل على الله (أيده الله) الإمامة كما صرح به تسليم راض، والتزم طاعته وأحكامه وقال فها أنذا ساير تحت لواه، مهتد بهداه، لازم أحكام الطاعة، داخل جمعته والجماعة، كما ذلك وغيره بخطه موجود، وكلامه بذلك بين رؤوس الناس مشهود، فما عذر من قال بإمامه إمام أن لا يهاجر إليه ويجاهد بين يديه وليس من المستضعفين ولا المعذورين، إلا أن يكون ذلك العذر التربص لمواثبة الفرص وتتبع الرخص، وليت شعري كيف هذه الإمامة التي تكون على هذا الحال ويوثب عليها التوثب ويتهافت عليها هذا التهافت، وكيف هذا الحل لها والعقد مرة بعد أخرى؟ يل متى عن له عان عقدها، ومتى ذهب ذلك حلها ثم عقدها؟ لا لموجب شرعي، ولا لنظر صحيح مرعي، ولا لحالة تجددت، ولا لحادثة حدثت، وما هذا الحل والعقد وما حكم ذلك العهد، وذلك المحضر والمشهد وما الذي وسعه عند الله إن ينكث المبايعة والعقد وهل ذلك إلا أشبه شيء ما باللعب ومناقضة تستدل ببعضها على بعض بالكذب، فهل يسع ذا بصيرة الدخول في مثلها أو عاقل يدخل تحته حكمها ؟ فمن هذا الذي يقلد دينه من هذه صفته أو يؤتم بمن هذه حالته يأبى الله ذلك والمسلمين، فإنه ما احدث الخلل وناقض الأعمال إلا التفرق واختلاف الأهواء، والمعارضات التي أوهت باب الجهاد، ورضى بها معها باستقامة الحال وحفظ رأس المال، وإلا فإن آل محمد صلوات الله عليهم الذين في هذا القطر لو كانوا جميعاً يداً واحدة

57 / 116
ع
En
A+
A-