وعرضها مستويان، وقياسها بالمساحة نحو بريد كامل أو يزيد عليه قليلاً في ما يغلب به الظن، فلما وصلنا ذلك المحل رأينا من الدليلين مسارره في القول، وأدركنا منهما دلائل الخيانة، فطلبنا دليلنا ولاطفناه في العبارة، ومهدنا له في القول، لعلمنا أنه قد صار المتصرف بنا كيف شاء، فلم يجب علينا بجواب تطيب به نفوسنا، وإنما هو يغالطنا ويماطلنا فتحيرنا في ذلك المحل ثلاث ليال، على مافيه من عظم الوحشة، وكثرة السباع في الليل، وخوف القالة، في ذلك المحل -وما بعده- كنا إذا أردنا إيقاد النار تخلينا في سترها عن جانب القالة، إما بمكان مطمئن أو بأن نجعلها جنب صخرة أو نحوها؛ لأنهم يرون النار فيغزون عليها، ويترصدون المسالك، فلم نشعر ونحن في خلال هذه الإقامة جنب ذلك الجبل، إلا وقد انصب علينا من أعلاه ثمانية أنفار، فوصلوا إلينا واجتمعوا مع الدليلين في جانب منا يتشاورون في الحديث يضمرونه من السر الخبيث، وأظهروا لنا أن هذه البلاد بلاد هؤلاء القوم، والتصرف لهم فيها مثل غيرهم من البدو الذين مررتم عليهم، وهم يحتاجون إلى صحبة، ويعزمون مع القافلة، فقلنا لهم: أليس قلتم لنا: إنه لم يبق أحد في هذه الطريق ممن نخاف اعتراضه وتحكمه فينا. فكيف ظهر لنا خلاف قولكم؟ فقالوا: ما شعرنا نحن بهم إلاَّ حين وصلوا، فكان حدوث ذلك علينا وعلى أهل القافلة أعظم الخوف، خشية أن يفضي بنا الحال إلى غير ذلك بعد أن ظهر لنا خيانة الدليلين، وأنهما لا أمانة لهما، فصرنا في حيرة عظيمة، لا يُطلب في تفريجها إلا الله عز وجل، ولا نرجو غيره لذلك الحادث الذي نزل، ولم نجد بداً من
تسليم ما تيسر من المال لأولئك الجماعة. ثم ارتحلنا نحن نسألهم عن الطريق التي نريد سلوكها، فما رأيناهم سلكوا بنا طريقاً واحدة، فتركنا سؤالهم عن ذلك، وشغلنا عن التفكير في ما ينتهي إليه حالنا مع هذين الرجلين الخاينين الناكثين، فإنما نحن نظن إنما نساق إلى الموت، وكنا في سيرنا نتوجه إلى ما بين القبلة وجهة الغرب، فرأينا لجهة التي مالت بنا جهة الغرب مقابلة، ثم بعد ذلك مالوا عن المغرب قليلاً، فعلمنا أنهما قد تاها بنا في غير الطريق المقصودة، وأنهما قد عزما على الخيانة ونكث العهد، وقد كانا قدما إلينا من القول، أن نحمل الماء لمسافة يومين، فلما انتهينا[84/ب] في هذه المرحلة إلى المحل الذي فيه النزول، وكنا نحن في أعقاب القافلة والدليلان في أولها، فوصلنا، وأهل الحبشة قد توثبوا على هذين الدليلين، وأولئك الجماعة الذين معهم وقالوا لهم: قد غدرتمونا وهذه الطريق التي نحن نفر منها، وهذه محال القالة ومراعيهم، فلم يجيبوا عليهم، إلا أن قالوا: أما غير هذه الطريق فليس فيها شيء من الماء، فلم نرجع بعد ذلك إلاَّ إلى الله عز وجل والتوسل إليه ببركة إمامنا -عليه السلام- فهو ما به نتوسل، واختلف الرأي بيننا وبين أهل القافلة بما لا تسعة هذه الكراسة، وقطعنا بحصول الهلاك، إما بالعطش، أو الجوع لنفاد الزاد، أو بأيدي القالة ونحوهم، فأصبحنا ذلك اليوم نسير في تلك الطريق، وقد كان أمير الملك الذي سبق إليه كتاب السلطان شحيم قد أرسل رسولاً يقف في أعلى جبل عال يستطلع أخبارنا، وهل يرى ما يدل على ظهورنا من أي جهة، إما بظهورنا أو غيرها، وقد أعدَّ ذلك
الرسول زاده معه وصار ينتقل في جبال تلك الأماكن، وقد أدرك ظهور النار في شاطي تلك البحيرة التي قدمنا ذكرها من رأس جبل عال على قدر مرحلتين للبريد، ومعم جماعة قد استصحبهم ممن يخالط القالة، وهذا الرجل خبير بتلك القفار معاود في التسيار، يستحق أن يقال في المثل الساير (أهدى من دعيميص الرمل) فأصبحنا ذلك اليوم إلى واد فيه ماء جار، وهذا الوادي ترعى فيه القالة في أكثر أحوالهم، إلاَّ أنهم كانوا في ذلك الوقت في جانب بعيد عنه، بسبب أنهم في العادة يتنقلون في مواشيهم لطلب المرعى، ولما أراد الله عز وجل لنا من السلامة، فلما رآنا هذا الرجل دخلنا الوادي انحدر إلينا من الجبل بمن معه، ولما أبصرنا به منصباً إلينا فزعنا منه، واعتقدناه عدواً يريدنا فتأهبنا للقافلة، وأمرنا أهل البنادق بإحضار أنفسهم فرأينا أحدهم قد انفرد قبلهم يشتد إلينا، ويتكلم بلسان الحبشة، فعرف قوله من كان من أهل الحبشة، وعلموا أنه رسول ذلك الأمير، فقالوا لنا: البشارة هؤلاء أصحابنا، فكان ذلك لنا من بعد الفرج الشدة، ثم إنا ما شعرنا بهؤلاء الجماعة الذين خانونا إلاَّ وقد انسل بعضهم هارباً، ولم يبق منهم إلاَّ رجل فأسره أهل الحبشة، وربطوه، وقالوا: تأخذوا منه الذي قبضه، فلم نستحسن منه ذلك، وأبقينا عليه لأجل ما نخشاه من العودة في هذه الطريق، وأن تكون عاقبة المضرة عايدة علينا.
ولما وصلنا هذا الماء في ذلك الوادي، وشربت منه مواشينا هلك بعضها لانقطاع بطونها من كثرة الماء الذي شربته، ثم أن هذا الرجل الذي[85/أ] وصل إلينا أخبرنا بأخبار سارة، وهي أن الأمير الذي بعثه أمره أنه متى اتفق بنا بعث إليه رسولاً يعلمه ليتلقانا بعسكره، ففعل كما أمره، وأمرنا بسرعة الإرتحال من ذلك المحل، وأمر أصحابه أن يكونوا في أعالي الجبال من يمين وشمال ليكونوا عيوناً، وأحسن التدبير فينا، وكان ينزل بنا في أماكن حصينة لا يكاد يرتقيها القالة إن الذي يلوذ بالجبال لا يطلبونه ولا يعبأون به، وإنما يأخذو من وجدوا في سهول الأرض، فكان ذلك الخبر عنهم يؤنسنا، ويشد عزيمتنا مع حسن التوكل على الله عز وجل، وما نحن عليه من اليقين والإلتجاء إليه، والإعتماد عليه، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وإلاَّ فإن الحال أعظم وحقيقته مما لا يضبطها القلم، واستمر بنا السير في صحبة ذلك الرجل ومن معه قدر أربع مراحل، ثم اجتمعنا بهذا الأمير المذكور المسمى بلغتهم (أحد أنسبة) ومعنى هذا الاسم واحد الأسود هذا اسمه العلم، ولقبه بعل جادة وهذا اللقب يتسمى به كل من يتولى ذلك القطر من قِبَل ملك الحبشة.
ولما وصلنا إليه وجدناه متعلقاً بجبل صعب المرتقى، فلما رءآنا انحدر إلينا واجتمع بنا في بطن الوادي، وضرب فيه خيمته، واجتمعنا به فيها، ولما ضربت البنادق وفيها الرصاص وكان لها صوت عند خروجها هالهم ذلك، واستعظموه، ولقد رأيناهم مع جمعهم العظيم إذا ضربت البنادق انحطوا برؤسهم راكعين إلى الأرض، ولما وقعت أبصارنا عليهم رأيناً صوراً قد أذلها الله عز وجل، وألبسهم لباس الصغر، وهم ينظرون إلينا كالمبهوتين، يتسللون تسلل الأذلين، كأن السلطان لنا عليهم، وهذا الأمير رجل أشيب، مكشوف الرأس على قواعد أهل الحبشة، مطول الشعر والأظفار، أشبه شيء بكبار القردة، غير أني رأيته بعد أن عرفت حال غيره أحسن أهل الحبشة رأياً، وتدبيراً، وصبراً، وسياسة، وقد كان استصحب معه من الطعام المصنوع، والدقيق ما تقضي من حاجة الناس، فأمر إلينا بذلك، ثم قال: يأكل الناس من الطعام الحاصل، ولا يصنعون شيئاً من الدقيق، لأن الإقامة بمقدار الأشغال بمعالجة الطعام خطر عظيم، ففعل الناس ذلك وأسرعوا في الإرتحال، ثم استمر سيرنا صحبة الأمير (بعل جادة) قدر خمس مراحل، حتى وصلنا أول بلد من بلد الحبشة، وهي قرية بين جبلين عظيمين عندها نهر عظيم، يسمى (وسمة) -على وزن زنمة- في ولاية هذا الأمير المذكور[85/ب] وهي طرف بلاده، وثغر من ثغورها عليهم إلتزام حراسة القافلة في كل شهر عشرة أنفار، يتناوبون في جبل يسمى (كحل)؛ لأنه على مسلك القالة لا ينفذون إلى بلاد النصارى من غيره، فإذا علم هؤلاء الحرس بتوجه القالة تولوا إلى قومهم منذرين فيلوذون بالهرب إلى رؤوس الجبال ويخلون بينهم وبين
بيوتهم، وما ثقل من الأموال.
تنبيه: اعلم أن هذه العبارة السابقة لم تشتمل على ما لا ينبغي إغفال ذكره من صفات هذه البلاد التي كان سفرنا إليها من (بيلول) إلى بلاد الحبشة، وما قاسيناه فيها من الشدة الشديدة، والأهوال العديدة، فأعظمها بعد الذي وصفناه من الخوف انقطاع الزاد بسبب إقامتنا الطويلة في (بيلول) ثم في (عين ملى) مع تحيرنا في غيرهما مقدار اليومين والثلاث، وهذه التحيرات ما كانت معروفة لنا في ابتداء سفرنا، نعد لها الزاد المبلغ، فاستغرقنا الزاد مع تجويزنا السفر كل يوم. ولما تقاصر الزاد وكانت هذه البلاد لا يعرف فيها وجود الطعام ولا يزرع فيها شيء من الحبوب، وإنما نفقاتهم اللبن والسمن واللحم، وكنا نحن ومن معنا لا نعد ذلك من معتاد النفقة، على أنا قد اعتمدناه لعدم غيره حيث نجده، وفي أكثرها هو غير موجود، إلا أنا في هذه البلاد المقفرة نشتري الغنم، ونعدها معنا ونذبح منها، ولكن قل ما ينفع ذلك كنفع الطعام، ولا دفع المشقة التي أنهكت القوى، وأنحلت الأجسام، ولقد كان جماعة العسكر يتبعون ثمر الأشجار، وأكثرها نفعاً لهم ثمر الدوم المعروف بالبهش، وليس بالدوم الذي هو ثمر السدر، وكانوا يستصحبونه زاداً في بعض المراحل حيث يخشون انقطاعه، ثم بعد هذا حقارة الماء، وانقطاعه في كثير من المراحل فقد نحمله في بعضها ليومين كاملين، ولا نجده إلا في الثالث، ثم إن في خلال إقامتنا في عين ملى تلك المدة الطويلة، كانوا يأتون به من بعد على مقدار نصف البريد، حتى إن الذي يغدوا للماء بعد صلاة الفجر لا يرجع إلا وقد آن وقت الظهر، ومع هذا كله سوء
مخالطة من يخالطنا من البدو المذكورين، وما نشاهده من البدع في الدين، وكثير ما يتفق بيننا وبينهم من الأسباب، ما يثير دفاين شرهم، ويظهر معه سوء مكرهم، ولا يفزعون إلا إلى أسلحتهم ومن معنا كذلك وقع ذلك مرات متعددة لولا دفاع الله وحمايته وكفايته، فالحمد لله الذي نجانا من مكرهم، وحال بيينا وبين شرهم، حمداً يوازي عظيم نعمته، ويكافي ما نحصيه من جلايل فضله ولطفه ورحمته[86/أ]، ولا حول ولا قوة إلا الله العلي العظيم.
فائدة في تقدير مسافة هذه الأرض المتوسطة بين ساحل بحر (بيلول) وبين بلاد ملك الحبشة وقياسها -على تقدير غالب الظن- مسيرة شهر للقوافل، يزيد قليلاً أو ينقص قليلاً، وفوق كل ذي علم عليم.
ثم نعود إلى ما نحن بصدده: ولما انتهينا إلى هذا المحل المسمى (وسمة) على وزن زنمة، توجهت الرسل من هنالك إلى الملك من الأمير بعل جادة ورسول الملك الواصل إلى الإمام -عليه السلام- يخبرانه بقدومنا إلى بلاده، سالمين من الأشرار، في حماية من العزيز القهار، ويستأذنونه في كيفية سيرنا في بلاده، وما يتوجه من أهل البلاد من الضيافات وغيرها، وكان ذلك في مشارف عيد الحجة الحرام من تلك السنة المذكورة. ثم تقدمنا صحبة ذلك الأمير المذكور إلى محلته ومسكنه، وقرية مستوطنه في جبل عال اسمه (حنطالوه) واسم هذه البلاد في عمومها (أندرته) وهي بلاد مستوية، كثيرة العشب، والنبات متسعة الخيرات، كثيرة العسل، ولقد كنا نشتري منه بالشقة السودي من بز المراودي ما يزيد على أربعين رطلاً صنعانياً من الشهد الأبيض الذي ما رأت العين مثله، وأقمنا في ذلك المحل أربعين يوماً، وكانت صلاة عيد الحجة فيه، خرجنا لها إلى ساحة البلد، واجتمعنا ومن انظم إلينا من المسلمين، وأقمنا الصلاة وهم ينظرون إلينا، ويتعجبون مما نحن فيه، كما نتعجب مما هم فيه، ووصل إلينا إلى ذلك المحل الفقهاء (آل كبيري صالح)، عرفوا بهذا الاسم وهو اسم تعظيم، يسمون به الرجل المعتقد، وكان بأيدينا كتاب إليهم من مولانا أمير المؤمنين- أيده الله تعالى- وكسوة سنية فاخرة لايقة بحال أمثالهم، فدفعنا إليهم الكتاب وسلمنا إليهم تلك الكسوة، ورأينا عليهم سيما الصلاح، ونور الإسلام، فسررنا بهم غاية المسرة، وكان بعضهم يعرف لسان العرب، فما برحنا نسألهم عن أمور نحتاج إلى معرفتها ونستعين بعلم حقيقتها، ووصل معهم
رجل آخر اسمه (كبيرى خير الدين) له معرفة جيدة بمذهب الشافعي
-رضي الله عنه- وهو أفقه من (آل كبيري صالح) وهم أشهر منه في تلك الجهة، [لعلو منصبهم وهم جميعاً على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه].
ولما مضى أربعون يوماً إقامة في ذلك المحل، رجع جواب الملك صحبة رجل من أهل خدمته وصحبته خمسة أنفار، حين عرف الأمير بعل جادة بوصول رسول الملك أنه صار في طرف بلده، خرج إليه متلقياً له على قواعدهم في رسل الملك أنهم يتلقونهم هكذا، ويقرأون الكتب في المحل الذي يلقونه فيه، فقرأ كتاب الملك وهو قايم، ثم رجع ووصل إلينا يخبرنا بما قاله [86/ب] الملك في كتابه، وما أمر به وغيره من أهل الطرقات من إكرامنا، والقيام بما يتوجه من حق الضيافة لنا، والصحبة في الطرقات في الأماكن المخوفة، فشكرنا ذلك الملك وأحسنا مخاطبة رسوله بما يليق بذلك المقام، ثم إن الأمير بعل جادة صاح بأهل بلاده، أن يصلوا إليه بما نحتاجه من الظهر لحمل أثقالنا، فسارعوا إلى ذلك، وتوجهنا للوصول إلى الملك، كان سفرنا حتى خرجنا من بلاد (أندرته) ثلاث مراحل، ثم وصلنا إلى بلاد (السحرت) وتلقانا أمير تلك البلاد رجل اسمه (إسحاق) واجتمع الأمير المسمى إسحاق بالأمير بعل جادة، وكان قد وصل إلينا رجل في بلد بعل جادة، ودخل في دين الإسلام فقبلنا منه ذلك، واعتقدنا أنه يتكتم أمره، فظهر خبره، وكان أصحاب بعل جادة حاولوا الأخذ عليه بالرجوع إلى دينهم، فمنعهم بعل جادة وقال: هو باختياره إذا أحب الدخول في دين الإسلام فلا نعترضه.
فلما وصل الأمير بعل جادة محل هذا الأمير المسمى إسحاق، سأله عن شأن هذا الرجل الذي أسلم، وقال لبعل جادة: كيف تترك هؤلاء يغيرون ديننا؟ مثل هذا لا يحسن ونحن عازمون على قبض هذا الرجل الذي خرج عن ديننا وقتله، فأجاب عليه الأمير بعل جادة بجواب أهل العقول الراجحة والآراء الناصحة: ألقى الله ذلك في قلبه وقذفه في لبه، فقال له هؤلاء العرب: أهل مروءة وأهل نجدة وشهامة، يرضيهم القليل، ويغضبهم القليل، وما أظن أنهم يتركون هذا الرجل الذي دخل في دينهم يصل إليه مكروه، لو ذهبوا عن آخرهم، وأي فائدة لنا ولك بمثل ذلك والإساءة إلى أضياف الملك، هذا معنى جوابه الذي سمعه بعض من كان متعلقاً بخدمتنا من أهل الحبشة، بينه لنا باللسان العربي، فكفه بذلك وأذله الله عز وجل، ثم إن هذا الأمير ببلاد السحرت أمر أهل بلاده كذلك بالحضور لحمل أثقالنا، ثم طلب منهم جيشاً عظيماً لصحبتنا في الطريق؛ لأجل الخوف فحضر منهم نحو ألفي رجل بالحراب والخيل، وتوجهنا من بلاده فسار بنا نحو خمس مراحل حتى اتصلنا ببلاد (أبرقلي) وهي بلاد وعرة، وجبال عالية، وأوهاط منخفضة، فتلقانا أمير هذه البلاد رجل اسمه (قباقسطوس) فسارع بتجهيزنا من بلده لحقارتها، وارتحلنا منها وسار بنا سيراً متصلاً، ومراحل متسعة، قدر سبع مراحل، كلها خايفة، وله عيون يسيرون معنا في روؤس الجبال، ووجدنا بين هذه الجبال نهراً عظيماً من آيات الله الباهرة، تلحق حكمه بنحو نيل مصر وسَيحُون وجَيْحُون، وفيه حيوانات البحر العظيمة، ولقد[87/أ] وصلنا إليها وظهر لنا شيء كالقبة العظيمة، بين الماء في جانب النهر، فخيل