[مبايعة علماء حجة للإمام المتوكل على الله إسماعيل]
ومن فقهاء حجة ونواحيها: الفقيه العلامة اللغوي فخرالدين عبدالله بن المهدي بن مسعود الحوالي، ومما وصفه القاضي العلامة أحمد بن صالح بن أبي الرجال في ترجمة له واسعة كان ممن أجمع الفضلاء على تفضيله، وكان تعلقه بعلم النحو وما يلصق به من علم اللغة فكأنه مستدرك على الجوهري وغيره، ووصف من نبله وزيادة فضله كثيراً.
ومنهم القاضي المكين، ذو العلم الرصين، وجيه الدين عبدالجبار بن سعيد الحوالي الحجي، من قرابة العلامة شيخ الشيوخ الفقهاء إبراهيم بن مسعود، فقيهاً، محققاً، عالماً، مدرساً، ولي القضاء في ظفير حجة، وله مع أهله أخبار فيها طول من تحمل المشاق والتكليف الشاق لتصعيبهم عليه، ثم أظهر الله الحق على يديه واستقل المقام فيهم لذلك بعد أن بقي مدة كذلك في خلافة مولانا أمير المؤمنين المؤيد بالله
-عليه السلام- ثم في خلافة مولانا -عليه السلام- فنقله الإمام -عليه السلام- إلى بلاد مَسْوَرْ وجهاته، وضم إليه القضاء في حجة أيضاً وهو الآن على ذلك -أطال الله بقاه-.
ومنهم القاضي الشهير ذو العلم الغزير المهدي بن جابر بن نصار العفاري من هجرة وكية، فقيهاً أخذ عن القاضي عامر وغيره، ثم ولي القضاء في شهارة المحروسة بالله وما إليها، ولما استرجح الإمام -عليه السلام- قضا القاضي عبدالجبار في بلاد مسور وما والاها وحجة وما والاها، ولاه القضاء في الظفير فحصل به الإنتفاع[34/ب] واشتدت وطأته على المتكبرين والرعاع، وهو على ذلك -أطال الله بقاه-.

[مبايعة فقهاء ضمد وصبيا الإمام المتوكل على الله] .
ومن فقهاء ضِّمدُ وصبيا ونواحيهما: الفقيه العالم المجتهد عبدالعزيز بن محمد بن النعمان الضمدي كان عالماً، راسخاً، مصنفاً، له جهاد في الحجة لمن خالف الحق، وله مصنفات مفيدة ورسائل عديدة تركنا تعدادها كما تركنا غيرها من غيره، ولي القضاء في جهة جَازَانُ وأبي عريش ، ثم المخاء.
ومنهم القاضي العلامة أحمد بن الهادي بن أبي السعود الضمدي فقيهاً، فاضلاً، مدرساً.
ومنهم القاضي العلامة الفقيه الفاضل للأدب الأديب الحسين بن محمد بن يحيى بن محمد بن علي بن عمر الضمدي من أهل الأدب الكامل، والفضل النبيل الفاضل، وله أشعار حسنة.
ومنهم الفقيه الكامل، المحقق، المحدث، الأديب، المطهر بن علي النعمان وشيخ شيوخ الجهة في عصره، وله مصنفات في علم الأدب منها: (المنقح على الموشح) وغيره.
ومنهم الفقيه النحوي المحقق علي بن محمد قاضي، من آل النعمان، كان عالماً في العربية متفنناً فيها.
ومنهم القاضي العلامة بدر الشيعة وصدر الشريعة، الحاوي لعلوم الإجتهاد، الموصوف بالحفظ والانتقاد، محمد بن علي بن صالح العنسي البرطي ، عالماً، فقيهاً، مفسراً، يلي غالب القضايا في حضرة الإمام -عليه السلام-.

ومنهم القاضي (الريِّس) العالم الكامل أحمد بن علي بن قاسم العنسي، وكان من أهل الجد والإجتهاد، والسعي في مصالح العباد، توفي-رحمه الله- في أواخر ربيع الآخر سنة واحد وسبعين وألف[1660م] في محروسة صنعاء، وقد وفد إلى الإمام -عليه السلام- ومن أهل هذا من تقدم ذكره في أصحاب مولانا المؤيد بالله -عليه السلام- وامتدت حياته إلى مولانا -عليه السلام-.
ومنهم العلامة الأصولي المتكلم أحمد بن صالح العنسي له اليد الطولى في كل فن لا سيما علم الكلام، وله فيه مصنفات، توفي [1069هـ] [1658م] [35/أ] ............ .
[35/ب] فصل: وقد تقدم أنها لما ظهرت هذه الدعوة الميمونة تلقاها الناس عموماً بالقبول، والتفتوا إليها بالأسماع والأبصار والعقول، وقد ذكرنا أن مولانا أحمد -أطال الله بقاه- بعث العساكر إلى جهات متفرقة لحفظ الأطراف من غير إيذان بحرب، وإنما أراد حفظ الموجود والقيام بالمعهود، وكان في أول حصول الثمرة وجعل جمهور عسكره في صنعاء، وتكاثروا حتى كانوا فوق أربعة آلاف، منهم جمهور حاشد وبكيل والحيمة وغيرهم.

وكان في صنعاء عيون، منهم: مولانا علي بن أمير المؤمنين المؤيد بالله مولانا أحمد بن الحسين بن أمير المؤمنين، ومولانا محمد بن الحسين بن أمير المؤمنين، وصنوه الفاضل العابد يحيى بن الحسين بن أمير المؤمنين، والسيد (الريِّس) الكامل محمد بن أحمد بن أمير المؤمنين الناصر لدين الله المؤيدي، وولده مولانا أحمد بن محمد بن أحمد بن أمير المؤمنين، وقد جعل أمر الجميع إليه وإلى مولانا علي بن أمير المؤمنين، فأخرجا عسكر مع السيد (الريِّس) صالح بن ناصر الحمزي من عقبات إلى بلاد الحِجْرة، وآخرين مع الشيخ الأمجد عامر بن صلاح الصايدي إلى جهات حراز، وأعطوا العسكر حصة ستة أشهر في مقام واحد وأسبوع واحد، غير أنهم لم يعمموا بذلك وإنما خصوا وزادوا ونقصوا، ويقال والله اعلم أن ذلك لقصد التفريق للعسكر ممن حفظ صنعاء ومن نصره مولانا أحمد، فكان كذلك من خرج من صنعاء لم يعد إليها كما سيجي قريباً إن شاء الله تعالى، هذا وأرسل مولانا -عليه السلام- دعاته عموماً وخصوصاً إلى كل واحد في صنعاء وغيرها، وكان في معمور ذمار مولانا عبد الله بن أمير المؤمنين المنصور بالله قد أظهر البيعة والخطبة لمولانا أحمد، وطلب عسكر من صنعاء لحفظ ذمار، فلم يتمكن مولانا أحمد من تحصيل واحد، فإن من في صنعاء لم يتضح موالاتهم، ولا كادوا يجتمعون لقراءة كتبه، كيف العمل بها! فعيَّن على السيد عزالدين محمد بن أحمد بن أمير المؤمنين المسارعة إلى ذمار، ضمن خِفّ من العسكر وأن ينضم إلى مولانا عبدالله، فعرف السيد محمد أن ذلك لا يتم له ولا يراه في حينه، فأظهر المسير إلى شهارة للإعتذار

من التوسط في مثل هذه المخاطرة في الدين، فلما انتهى إلى ريدة البون عاد إلى جهة المشهد بذيبين، ثم استصحب من أخرجه الجوف وصار إلى عيون[36/أ] الأشراف فيه، واستضافهم وعول عليهم باصطحابه إلى جهة خولان العالية ليكون هنالك حتى ينظر في أمره، وحصل معه في هذا الطريق[بعض] الصعوبات وانتهت بعض أمتعته، فكان في بلاد خولان كما سيجي إن شاء الله.

[مبايعة أحمد بن الحسن للإمام المتوكل على الله]
وأمَّا مولانا أحمد بن الحسن فكان في صنعاء، ينتظر والده أمير المؤمنين المؤيد بالله -عليه السلام- ولم يكن معه إلاَّ خدمة ما يتجاوزون الخمسين النفر خيلاً ورجلاً، فتلعثم عن إجابة دعوة عمه أحمد، وأظهر وكتم، وصرح وجمجم حتى وجد المخرج وتجرد إلى ذمار المحروسة خفية، ولما وصل إلى رزاجة كتب إلى مولانا -عليه السلام- بالبيعة والإجابة، وكان قد أعطاه ذلك في صنعاء كغيره مما سيجي إن شاء الله تعالى، وقال للإمام -عليه السلام- كما أخبرني كثيرون ممن حضر عند الإمام -عليه السلام- أنه راعه تقديم الوصول إلى صنوه مولانا محمد -أطال الله بقاه- ليكون أقرب إلى التمكن من السعي للصلاح والإتحاد والتسليم كما سيجي إن شاء الله تعالى.

ولما وصل إلى محروس ذمار، وقد كتب إلى صنوه مولانا محمد -أيده الله- يستورد رأيه الكريم؛ فأمره بحفظ ذمار وأمده بجمهور خيله وكثيراً من رجاله وأمره بحفظ المدينة، ففعل وأقام الخطبة فيها لمولانا محمد، كان الأسبوع الذي قبله والخطبة فيها لمولانا أحمد بن أمير المؤمنين، ومع هذا رسايل مولانا الإمام -عليه السلام- ورسله إلى مولانا محمد مرة بواسطة صنوه الصفي، ومرة من غير طريقه حتى حصل الإتفاق بأن ضربوا لقاء نظر الدخول في البيعة النافعة، فتجرد الإمام -عليه السلام- في [ ] بقية من شهر شعبان فيمن خف معه ممن قد انظم إليه، وكان أكثرهم رتبة الحصن المعروف فإنهم أجابوه وبايعوه واشتغلوا كثيراً بحفظ الحصن كما سبق، وتقررت الأحوال وسكنت الهزاهز بعض السكون، وكان موعد الإجتماع بموضع من قفر حاشد مما يلي بلاد عتمة يسمى الزعل، وتجرَّد مولانا محمد -أيده الله- من محروس مدينة إب في عيون أصحابه وكبرائهم منهم الأمير عبدالله بن منيف الحمزي المنصوري .
ومنهم الأمير عبدالله بن صلاح العفاري الحمزي وغيرهم من الرؤساء، وعن السادة أهل العلم والرئاسة السيد العلامة عبدالله بن الهادي المحرابي وابن عمه السيد الجليل علي بن الهادي بن الحسن والسيد (الريِّس) المجاهد محمد بن عبدالله العياني ، والسيد المجاهد المهدي بن الهادي المعروف بالنوعة الهادوي، والقاضي العلامة يحيى بن علي الفلكي الذماري [36/ب]، والفقيه الأفضل علي بن عز الدين الأكوع [والقاضي العلامة محي الدين عبدالله بن محمد بن محمد صلاح السلامي] ومحمد بن شمسان مع عيون أهل اليمن وغيرهم.

ثم إن مولانا أحمد بن الحسن -أطال الله بقاه- هبط من ذمار في خاصته أيضاً متفقاً بالإمام -عليه السلام- وليحضر هذا المقام الذي فيه صلاح الإمام، وكان [هو] -أيده الله- عميد السعادة فيه من الأنام.
ولما اجتمعوا في هذا الموضع المبارك وقد وصل مولانا محمد -أيده الله- بخيام ومضارب؛ فأمسوا فيه وتناظروا في [حال] الأوفق من مراد الله، وما الواجب حينئذ في حق الله، فسّلم مولانا محمد -أيده الله- لوالده مولانا الإمام -عليه السلام- وعرف استحقاقه للمقام، وبايعه في مشهد عام ثم صنوه مولانا أحمد، ثم من حضر من العيون، ثم العسكر ثم القبائل من الحدأ وغيرهم، وكانوا قد اجتمعوا إليهم وكان يوماً مسعوداً، ومقاماً مشهوداً، وقد تكاثروا في ذلك المحل حتى [ملأو] الشعاب، ثم عاد مولانا -أيده الله- بجميع من قدم معه، ورجع الإمام -عليه السلام- وقد كثر عسكره المنصور، وتلاحق إليه عالم من الناس، وعاد مولانا -أيده الله- كذلك معه أيضاً فأمسوا في جانب وادي الحار ، ثم صعدا إلى ذمار وقد خرجت الخيل الذين هم رتبة في ذمار من أصحاب مولانا محمد، وأصحاب مولانا أحمد وكثر الناس من جميع الأصناف، وكان الإمام -عليه السلام- آخرهم، ومولانا أحمد يقدمهم ويوزعهم، وكان لذلك في عيون الأولياء والأضداد موقع.

[أخبار صنعاء]
ولنرجع إلى أخبار صنعاء[37/أ] قد تقدم أن مولانا محمد بن الحسين فيها، وكان على نحو ما تقدم من أحوال مولانا أحمد بن الحسن -أيده الله- يقدم ويؤخر ويأمر ويأتمر حتى وجد موضعاً (للإنسلال) من صنعاء فأصبح في جانب رتبته أعشار في أكثر من مائة خيلاً ورجلاً، ثم منها إلى المشرعة بلد الأشراف، ثم وصل إلى الإمام -عليه السلام- في اليوم الذي تهيّأ للقيا مولانا محمد بن الحسن -أطال الله بقاه- وكان الإمام -عليه السلام- أستخلف على الحصن والحصين وما إليهما الحاج المجاهد سرور بن عبدالله المعروف بشلبي، فوصل مولانا محمد بن الحسين -أطال الله بقاه- وكان على الجميع حتى وصل الإمام -عليه السلام- فما وصل الإمام -عليه السلام- بايعه وقد أتهم أهل صنعاء بعضهم بعضاً، وكثر الإختلاف.

[فصل في أخبار خِدار وثُلأ ]
وذلك أنه كان في بلاد الروس من سنحان عامل من قبل الإمام المؤيد بالله -عليه السلام- ولما توفي -صلوات الله عليه- انضم إلى ولده مولانا علي -أيده الله- وبقى في صنعاء، وكان قد حصل بنظر العامل المذكور بعض طعام من الثمرة، ثم إنه دخل صنعاء أيضاً بعض أهل خدار ومن إليهم لمواصلة مولانا علي-عليه السلام- إلى الدامغ المحروس.
وكان من سار منهم إلى صنعاء وضوران يقول: لمن يكون الطعام المجموع، فوصل الذين ذهبوا إلى ضوران بعامل لقبض ذلك الطعام، وما يحصل من الثمرة الحادثة، ووصل من صنعاء بعامل كذلك فلما اختلفوا، وكان الذين ساروا إلى ضوران قد بايعوا الإمام -عليه السلام- والذين إلى صنعاء كذلك أرسل صاحب عامل صنعاء إلى صنعاء أن أهل البلد المذكور عصوه وكذا، فأجابهم مولانا علي: إن الحال واحد دعهم وما اختاروه لأنفسهم، والذي وصل من عند الإمام -عليه السلام- كذلك كتب أنهم أهملوه وعصوه فأجابه الإمام -عليه السلام-: إن الحال منا ومن الولد علي واحد فيتركوهم وما اختاروه كذلك.

23 / 116
ع
En
A+
A-