وفي جانب غيره من العمال بأنها أكثرية ظاهرة حتى جاء عن أمير المؤمنين وسيد الوصيين -كرم الله وجهه- في بعض الصور، وعند بعض الحوادث صيغة العموم في إلحاق الهدية بالصدقة وقوله: فكل ذلك محرم علينا أهل البيت، وإن كان المراد به شهادة القراين تلك الصورة الخاصة بيّنها على اختلاف مواقع التهمة، وأن المقترن بها تلحق بمعلوم الحكم حرصاً على التبليغ عن الله عز وجل وعلى وجه لا تشوبه الأغراض الدنيوية ليكون خالصاً لله عز وجل من جميع وجوهه، ولتكمل به الحجة على عباده، وتتم به المعذرة لمن يبلغ عن الله ورسوله، ومع ذلك فإن الله عز وجل ومع ضمانه لرزق عباده في مثل قوله: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى الله رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} لما علم أن التكليف لا يتم إلاَّ بإن تجري أرزاق الأنبياء-صلوات الله عليهم- ومن يبلغ على الوجه الذي تجري عليه أرزاق سائر عباده من التعليق بالأسباب والوجوه، عوض نبيه صلى الله عليه وسلم أطيب رزق من المغانم، وعوّض من يتصدى للأحكام ونحوها أرزاقاً من أموال المصالح التي لا منَّة فيها ولا تهمة ولا مسوغ لأحد، مثل الحاكم لما يأخذ من رزق الله الجاري على أيدي الأنبياء والأئمة-صلوات الله عليهم- إلاَّ قيامه بفرض ما هو فيه، ومنعه عما عداه، فعليه مع ذلك تولي كل واقعة بين الخصوم يحتاج إلى توليها بنفسه، أو من يقوم مقامه ولو برحلة قريبة أو بعيدة من غير أن يأخذ على ذلك أجراً من المتحاكمين إليه؛ لأن ثمرة حكمه هو ذلك وبه يتم وما لا يتم الواجب إلاَّ به

حكمه، وإنما يسوغ فرض شيء من الأجر لغيره لا لنفسه، مثلاً لو أضطر مع إذن الإمام لضرب من المصلحة كعدم ما يرزق النائب في تلك الحال أو دفع مفسدة، كما إذا أذن الإمام في العقوبة عند استحقاقها من المال، وهذا بفضل الله في زمننا لا يلجأ إليه.
أما الأول: فإنه ما من حاكم ولا متعلق به إلاَّ وله رزق معلوم ونصيب في بيت المال مقسوم.
وأمَّا الثاني: فإن الآداب المتوجهة لدفع المفاسد لها مصارف معينة، غير أعوان القضاة الذين قد تقررت أرزاقهم، وهو الجند والعسكر الذي يقع بهم التنفيذ، وعليهم تدور دفع المفاسد، ولمثلهم أرصدت الآداب، ولمثلها[15/أ] أرصدوا، وذلك من فرض الولاة الذي ينهي إليهم الحكام حال المتمرد عما وجب عليه من حق فيحسب ذلك من أرزاقهم الذي ليس لهم غيرها، ويلتحق بذلك ما قد تدعو إليه الحاجة من أجرة ما يحتاج منه إلى عمل ممن لا تعلق له برزق من المغانم ولا من المصالح ولا من الآداب المفروضة لدفع المفاسد، كمن يستعين به من الزُرعة إلاَّ جانب في قسمة أو تقويم تعود مصلحته على المتحاكمين، وترجع منفعته إلى المتخاصمين وهوفي حقيقة الأمر عامل لهم مع عدم من يقوم بذلك على وجه ممن استقر رزقه في أموال الله، وإنما دعت إليه الضرورة، إن الحاكم ومن ينوب من قبله غير بصير في المطلوب منه، وأجرته بتراضٍ بينه وبين الخصمين إن أمكن، وإلا فرض له الحاكم بالعدل والقسط على وجه لا يقارنه تهمة ولا جور، للإضطرار إلى مثل ذلك في بعض الأحوال، بل لأنه يكون أقرب إلى العدل وأبعد عن تعلق التهمة بالحاكم، ويوهم الإدلاء إليه في أكل أموال الناس بالباطل، كما قال

الله تعالى:{وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُون} وهذه الآية وما يشابهها من كتاب الله عز وجل من أعظم ما ينبغي أن يعتبر بها حكام الشرع المطهر أعزه الله، ويحملون أنفسهم على التباعد عن موضع كل تهمة أو مضنتها ولذلك كان مرجواً مع الكلام النبوي قوله صلى الله عليه وسلم: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقفن مواقف التهم )) .
وقص الله عز وجل ما تقدم ذكره في حق أنبيائه -صلوات الله عليهم- وأشار في معنى توخي التهمة في القصص أيضاً عن أنبيائه وأوليائه-صلوات الله عليهم- بما يقتضي أن توخى تهمة الطمع أو الجور أو ارتكاب المفسدة، وإن عارضته مفسدة أخرى تجب إشارة لأربابه على مقابله. فحكى عن يوسف-صلوات الله عليه- {هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي} مع ما يترتب على ذلك من أذيته بالسجن وغيره، كما كان ذلك أهون من نسبة ما أرادت نسبته إليه إذ إذائه -عليه السلام- بالسجن وغيره من كبار المعاصي، وكمل ذلك في قصته -عليه السلام- وقد أرسل إليه الملك ليطلقه عن السجن وهو من المصالح بل من دفع المكاسب أن قال:{ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ } الآيات. مع أنه تذكير بأمر منسي. ولما أذن الله عز وجل بأخذ أخيه توسل إليه بما شرعه الله له وأذن فيه من الذريعة التي تنفي عنه

-عليه السلام- الظلم والجور، وإن كان فيها نسبة السرق إلى أخيه لتفاوت ما بين حالتيهما في اعتبار دفع المفسدة [15/ب]، وحكي عن مؤمن آل ياسين -سلام الله عليه- لما أعياه أمر قومه، وهو كاتم لإيمانه أنه صرح بقوله للمرسلين: {إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ } مع أن ذلك أفضى كما في الأخبار إلى قتله؛ لكنه كان مفسدته أهون من مفسدة اعتقاد أنه لم يؤمن، ولذلك قال: فاسمعون، وجاء في الخبر عن النبي ً قوله: ((إنها صفية))، لمن رآه فسايرها لما كان مفسدة تجويز أن يظن بهً سوء طهره الله عنه أهون من مفسدة تجويزه أن الرائي ممن يظن ذلك، مع أنه قد جوز في حقه المعصية وهي ظن السوء به ً، وجاء عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه-: (فإن أسكت يقولوا جزع من الموت، وإن أقل يقولوا حرصاً على الملك)، ولا واسطة بين القول والسكوت. فاختار السكوت -عليه السلام- كما ذلك معلوم من حاله لما كان مفسدة اعتقادهم أو دعواهم عليه أنه حرص على الملك أعظم من مفسدة اعتقادهم أنه جزع من الموت، إلى غير ذلك مما لا يحصى مما يستنبط من كتاب الله عز وجل ومن سنة نبيهً، ومن أقوال أئمة الهدى وسيرهم.
وحسبنا الله ونعم الوكيل، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

[رسالة في الحث على الصلاة وحجاب النساء]
وهذه الرسالة أرسلها -عليه السلام- إلى البلاد تتضمن الحث على الصلاة، سيما إلى الجهة التي بلغه عنها التساهل بها والحجاب من النساء.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، وكتابنا هذا معذرة إلى الله وبلاغ إلى جميع المسلمين المكلفين من الرجال والنساء سلام الله عليكم فإنا نحمد الله إليكم، ونصلي ونسلم على محمد وعلى آل محمد ونأمركم بإقامة هذه الصلوات الخمس، وتعلم ما تجب به الطهارة، والأوقات والقبلة والأذكار والقراءة والركوع والسجود، وأن لا تتهاونوا بها ولا تضيعوها، فإن الله عز وجل لم يحقن الدماء إلاَّ بها، ولا أوجب الإسلام إلا لأهلها فقال عز وجل{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ} .
وحكى تبارك وتعالى جواب أهل النار لما سئلوا:{مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ، قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ، وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ، وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ، وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ، حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ، فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} .
وجاء عن رسول الله[16/أ]ً: ((إن الصلاة هي الفارقة بين الكفر والإسلام )).

وأنه ً كان إذا غزا قوماً انتظر وقت الصلاة هل ينادون إليها، فإن نادوا إليها وإلا صبحهم واستباح أنفسهم وأموالهم وسبى نسائهم وذراريهم، فأي واجب أعظم من هذا الواجب الذي من أخلَّ به من الرجال والنساء كان حكمه حكم المشركين الذين أباح الله دمائهم وأموالهم وسبيهم، وأي واجب أعظم من هذا الواجب الذي أخبر أهل النار، نعوذ بالله منها أنهم سلكوا في سقر من أجله، ومن الذي يرضى بمثل ذلك لنفسه أو لأهله أو لولده وهو يسمع قول الله عز وجل:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَ يَعْصُونَ الله مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ، يَاأَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ، يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى الله تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِي الله النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} .

هذا وبلغنا أن النساء مع قطعهن للصلاة وتهاونهن بها لا يحتجبن عن الأجانب، ولا سيما ابن العم والخال وأقارب الزوج، ولا ينهاهن الرجال القوامون عليهن وأزواجهن عن ذلك، فكانوا شركاء لهن في الإثم، والله يقول:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ، وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} إلى آخر الآية الكريمة.وفيها {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}.
وقال عز وجل مؤدباً لأصحاب نبيه ً: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} . مع جلالة قدر أصحابه، وجلالة قدر أزواجه. فاتقوا الله وتقربوا إليه. تنالوا إن شاء الله خير الدارين، والله حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله على سيدنا محمد وآله.

[رسالة للإمام حول الغلاء وقلة الثمار والأمطار]
وهذه تذكرة منه -عليه السلام- في غرة سنة أربع وستين وألف[1653م]. وقد استمر الغلاء سنين لقلة الثمار والأمطار:
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمدلله وسلام على عباده الذين اصطفى. كتابنا هذا تذكرة إن شاء الله تعالى لأنفسنا ثم للأخص فالأخص فسائر المسلمين كثر الله جماعتهم، وجمع على[16/ب] التقوى والخير قلوبهم وأيديهم ونياتهم واعتقاداتهم سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فإني أحمد الله إليكم وأسأله أن يصلي ويسلم على محمد وعلى آل محمد، وأذكركم ونفسي بنعمة الله علينا جميعاً.
أما نحن أهل بيت رسول الله ً، فيما فضلنا الله به بعد الإيمان به وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر من ولادة نبيه ً، التي هي من أعظم الفضائل والنعم الجلائل، ثم الولاية على عباده والوساطة بينهم وبين ربهم بما ينالون به ثوابه ويتقون عقابه. وفي مثل ذلك يقول الله عز وجل:{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِين} . وتطهيره لنا عن أوساخ ما في أيدي الناس كالزكوات.

وأمَّا سائر المسلمين فيما أنعم الله عليهم من الإسلام، واتباع نبيه ً وأهل بيته وسائر النعم، وبأن النعمة على المتبوع نعمة على التابع. كما أن النعمة على الوالد نعمة على الولد. ولذلك حكى عز وجل عن نبيه:{رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} .
وحكى عن عباده المتقين له مثل ذلك في قوله عز وجل: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} .

وقال عز وجل: {إِذْ قَالَ الله يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ} .فجعل نعمته على عيسى-صلوات الله عليه- نعمة على أمه، ثم أمره بذكر نعمته عليه وعليها، وإنه لا غنى لي ولا لكم عن الله عز وجل وذكره وشكره، والاعتصام بحبله، والإلتجاء إليه في السراء والضراء، والشدة والرخاء، والعافية والبلاء، وفي كل خطرة وطرفة، وفي ما دون ذلك. وإن الله ذكرنا جميعاً في هذه السنين بشيء من نقص الثمرات ونحوها ليبلونا بذلك، ويعرضنا للتذكير والتذاكر والصبر والتواصي به، وبالحق كما قال تعالى {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ[17/أ] الْمُهْتَدُونَ} .
وقال: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} .

16 / 116
ع
En
A+
A-