وإن هذا الشريف خرج اليمن وعرف الإمام محله، فعظمه كثيراً ورفع قدره وخاض معه فيما ينبغي من بلاغ الحجة، وحسن الدعاء إلى واضح المحجة، وأعطاه من نفائس هدايا اليمن ما يليق بأهل تلك الممالك، ومما لها قدر هنالك، وذكر هذا الشريف أن له ابن عم يسمى مرزا مهدي بن مرزا حبيب الله، وأنه أكبر وزراء الشاه وهم ستة كلهم يرجعون إليه، فجهزه الإمام إلى خراسان وأكوارها وكتب معه إلى السلطان، ما هذا نسخته.
بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى من عبد الله أمير المؤمنين، المتوكل على الله رب العالمين إسماعيل بن أمير المؤمنين المنصور بالله القاسم بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن الرشيد بن أحمد بن الأمير الحسين بن علي بن يحيى بن محمد بن الإمام يوسف الأصغر الملقب بالأشل بن القاسم بن الإمام الداعي إلى الله يوسف الأكبر بن الإمام المنصور بالله يحيى بن الإمام الناصر لدين الله أحمد بن الإمام الهادي لدين الحق يحيى بن الحسين الحافظ بن الإمام ترجمان الدين القاسم بن إبراهيم طباطبا الغمر بن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الشبه بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن أمير المؤمنين، وسيد الوصيين، وإمام المتقين علي بن أبي طالب وابن فاطمة الزهراء البتول ابنة سيد المرسلين، وخاتم النبيين محمد المصطفى (صلى الله عليه وعلى آله وسلم)[292/أ] حامداً الله على نعمه، ومثنياً على الله بما هو أهله، ومذعناً له على نفسي بالعبودية ومقراً له عز وجل بالربوبية والوحدانية، وشاهداً أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء

قدير {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } {لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} وإن محمد عبده ورسوله اجتباه وهداه واستخلصه واصطفاه، وطهره وزكاه، ومصلياً مسلماً على محمد سيد النبيين وعلى سيد الوصيين، وعلى فاطمة سيدة نساء العالمين، وعلى الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة أجمعين، وعلى الأئمة المطهرين الهادين، الذين قال فيهم رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) ((إن الله جعل لي علياً وزيراً وأخاً ووصياً وجعل الشجاعة في قلبه وألبسه الهيبة على عدوه ، وهو أول من آمن بي، وهو أول من وحد الله معي، وهو سيد الأوصياء، اللحوق به سعادة، والموت في طاعته شهادة واسمه في التوراة مقرون إلى اسمي زوجته الصديقة الكبرى، وابناه سيدا شباب أهل الجنة، وهو وهما والأئمة من ولدهما حجج الله على خلقه)) والذين هم كما قال (الإمام) الصادق، الذي هو بين الحق والباطل فارق، جعفر بن محمد الباقر علي سيد العابدين الحسين السبط الشهيد بن أمير المؤمنين الوصي السعيد قايمنا لقاعدنا، وقاعدنا لقائمنا، والذين لا ينجوا إلاَّ من عرفهم وعرفوه، ولا يفوز إلاَّ من ألفهم وألفوه، والذين هم أمناء الله على عباده، وخلفاء الله بالحق في بلاده وعلى جميع آل محمد العترة الطاهرة (والذرية الطيبة) وسائلاً الله الرضوان عن شيعتهم، وأولى الناس بهم والمتمسكين بولايتهم، والمؤتمين بإمامتهم والمسلمين لأمرهم، والمجتهدين في طاعتهم والمنتظرين، والمادين إليهم أعينهم إلى أخيه وابن عمه وصنو أبيه الشاه الأكبر المجاهد

لمن عَنُدَ عن منهج الحق واستكبر ذي الهمم النبوية، والعزايم العلوية، الحسنية الحسينية العابدية الباقرية الصادقية الكاظمية الرضوية التقية النقية الهادية المهدية، عباس بن صفي شاه بن عباس شاه الحسيني، نسب يقصر عنه كل من صلى وجلا، وتحل من دون الشمس سناً ومحلاً، أدام الله سعوده وحمى به حمى آل محمد (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) حدوده، وأعز به من الإسلام دين الله الذي ارتضاه حوزته وجنوده، وحفظ به عهوده وعقوده، وأهدى له من شرايف تسليماته، ولطائف تكريماته، ما يزيد مقامه شرفاً كما شرف أباه وجدوده، أشكر الله إليه على ما أولانا أهل البيت النبوي، وهذه الأقطار من نعمه السابغة[292/ب]، وأياديه البالغة، وظهور حجة الله بآل محمد، وعلو كلمة الله على كلمة من غيَّر في دين الله وألحد، واعتزاء أهل هذه الديار إلى العترة الغراء والذرية الطيبة التي بعضها من بعض من بني البتول الزهراء. واستطلع ما يزيدنا الله به إن شاء الله سروراً إلى سرورنا، وحبوراً إلى حبورنا، وظهوراً إلى ظهورنا، مما رفع بكم من قدر الإسلام، وأعلى بكم ذكر أئمة الهدى على أبيهم وعليهم أفضل الصلاة والسلام، إذ كانت النسبة نبوية، والدعوة علوية، والعقيدة بيضاء نقية، والجهاد للظالمين في سبيل الله والنية مجتمعة إن شاء الله على ابتغاء مرضات الله، فالتواصل على مثلنا ومثلكم واجب وإن نأت الديار، والتراسل الذي جعله الله قائماً مقام التلاقي لازم وإن بعدت الأقطار، والتواصي بما أمر الله به من الحق والصبر والمرحمة فريضة علينا وعليكم من الملك الجبار، والتعاون على البر والتقوى والأمر

بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله، مضى عليه سلفكم وسلفنا الطيبون الأطهار امتثالا لقول الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، وَجَاهِدُوا فِي الله حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} وحفظاً لما استحفظ الله من قرنهم بالكتاب وحراسة شريعة الله التي هي الحكمة وفصل الخطاب، وتصديقاً لمثل قول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، ألا إن أئمتكم وفدكم إلى الله فانظروا من توفدون في دينكم)) وقوله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم): ((إن عند كل بدعة تكون من بعدي يكاد بها الإيمان ولياً من أهل بيتي موكلاً يعلن الحق وينوره ويرد كيد الكايدين)). فاعتبروا يا أولي الأبصار، وتوكلوا على الله فإن الأخبار بتحقيق الأحوال على ألسنة الصابرين والواردين، وإن كانت متواترة وبما يشرح الصدور وتقر العيون إلينا عنكم وإليكم عنا، لا تبرح إن شاء الله متظافرة. لا تقوم مقام ما جعله الله أحد اللسانين، وأمتن

به في سورة القلم وجعله أحد البيانين، أطلع الله عنكم كل مسرة ومبرة، وزادكم من فضائل الدين والدنيا ما يوليكم نعمه وخيره، بحق محمد وآل محمد (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) وحسبنا الله ونعم الوكيل، فنعم المولى ونعم النصير[293/أ] ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والحمد لله رب العالمين، حرر في ذي الحجة الحرام من عام ثلاث وسبعين وألف [يوليو 1662م].

[مراسلة الإمام إلى سلطان الهند]
وكتب الإمام مع تجهيزه لهذا الشريف إلى بلاد الهند، إلى السلطان المعظم صاحب الهند الأكبر المذكور، فيما سبق مع رسوله الشريف المعظم الرشيد، أحمد سعيد، وقد عاد من مكة المشرفة من طريق تهامة، وتعسر عليه الصعود إلى الحضرة الشريفة الإمامية أيد الله بها الإسلام، وكبت بها أعداؤه الطِغام وبعث معه بهدايا إلى السلطان غالية الثمن، ومما له قدر من تحف اليمن، منها أثنا عشر حصاناً مختارة مما ينتخب، ويرخص في مثلها قناطير الفضة والذهب، وكتب معها بما هذا نسخته…………………… .

[وصول أمير نصيف البديع إلى الإمام]
[293/ب]نعم! وكان قد وصل إلى الإمام، في شهر ربيع الآخر الشيخ (الريِّس) الكبير غنام بن رشود الجميلي بضم الجيم بعدها ميم ثم يا مثناه من تحت- بعد أن وصل إلى مولانا سيف الإسلام أحمد بن الحسن- حفظه الله – ثم بعثه إلى الإمام وطلب من الإمام أن يبعث معه داعياً يدعو إليه، وأن يكون هو وأهل بلاده ممن يعتزي إليه، وعظمه الإمام كثيراً وأعظم قدره، وخاض معه فيما طلب وبعث معه الفقيه الفاضل شمس الدين أحمد بن ناصر الحيمي، هو من أصحاب مولانا سيف الإسلام –أيده الله-.
ولما وصل إلى مولانا الصفي – أيده الله – زاد في إكرام هذا الشيخ وأعطاه كثيراً من أجناس السلاح والخيل، وغيرهما، وأخبرني من وجد هذا الشيخ في بعض طريق صنعاء عند منصرفه من الحضرة الإمامية – أدامها الله – أنه أمسى معه في قرية وعلان من أعمال سنحان، أنه رآه في جميع أوقاته لا يفتر لسانه عن الدعاء للإمام، والثناء عليه، وأنه رأى أصحابه يعظمونه بما لا يعرفه لمثله، وأنهم اشتروا كبشين لعشائه وتركوهما بين يديه، فأخذ يأكل منهما كالسبع السغب والذيب النهم، ولا يلتفت إليهم حتى رفع، واحتملوا ما بقي قال: وعرف أني من أصحاب الإمام، فأشركني معه في طعامه وأدامه واختصني لأجل الإمام دون أصحابه.
وكتب الإمام مع الفقيه المذكور والشيخ المذكور ما هذا نسخته………… .
[294/أ]............................... .

[294/ب]نعم! ومن أخبار الفقيه المذكور عن الجهات المذكورة وأهلها ما نقله القاضي العلامة شمس الدين أحمد بن صالح بن أبي الرجال – أطال الله بقاه – مكاتبة إلي ومن لفظه: وصلكم المملوك بسؤال إلى الفقيه أحمد بن ناصر الحيمي عن أحوال سفره فهذه عجالة راكب كتبتها والرسول يتقاضاني العزم إلى بعض الحال المباركة إلا أني استبطأت الكتاب إليك، فحاصل ما أخبرني به أنه لما وصل الشيخ غنام بن رشود إلى المسمى الجميلي وهو أمير نصف البديع مستنصراً بجانب المولى – أيده الله – وولده الصفي – أيده الله – على من زعم المذكور أنهم بغوا عليه وهم مشايخ الشثور – بالشين المعجمة ثم المثلثة من بعد- وهم محمد بن معني العريزي وسيف بن محمد وهلال بن فراس بهؤلاء شيوخ الشثور الذين شكى منهم العدواني وليس الأمر كما وصف بل هؤلاء الثلاثة أشد حالاً منه وأحسن استقامة ورام أن يجيبه المولى

–أيده الله – على ما يقول فاحتاط بإرسال الفقيه هذا بدعة لهم وافتقاد الأحوال وحقايقها والبحث عن الطرقات وأصحبه سيدي الصفي – أيده الله – كتباً إلى يام وبني هاجر والمخضبة والمعضة والدواسر والسهول ورام وآل عثمان من اليمامة المعروفين بالخرج ومشايخ آل حسين من اليمامة أيضاً والشيخ تركي وإخوته من اليمامة وأصحبه كتاباً أيضاً إلى مشايخ الخديمات أهل الروضة فسار الفقيه بالكتب فما لقيه أحد من القبائل المدعوة وغير المدعوة إلا بالترحيب (والتكريم والتعزيز والتحشيم والدعاء للإمام، قال: فلما وصل البديع بلد الشيخ غنام الذي وصل شاكياً – وهو بلد كبيرة لها ثلاثة أسوار وفيها ثلاث حصون وساكنها نحو ألف رجل وفيها نحو ألفي بير – فأقام عندهم وبلغهم الرسالة وطلب منهم البيعة فدخلوا فيها ثم أنه خطب أيضاً للإمام وكاتبهم وراسله مشايخ الشثور والذي شكا).

ثم الشيخ غنام فدخل إليهم إلى بلدهم المسماة ليلي، ووجدهم أحسن الناس طريقة وامتثالاً للإمام والولد الصفي – حماه الله تعالى – وأجاب عما نسبه الشيخ غنام إليهم من العدوان بأنه لم يتعرض لعناده لأذية إلا لأنه أباح المحرمات واعتدى على ضعفاء أهل الروضة بنهبهم وأراد أن الإمام يجيبه إلى النصرة فيقبح المذكورين كيفما أراد مع أنه رجل عادٍ ظالم لا يقف عند الشريعة فقال مشايخ الشثور: هذا الذي كلفنا لمعاداته الذين غر هؤلاء فإذا أراد منا الإمام الكف فالسمع والطاعة. لكن عليه حفظ هؤلاء فاستقر الفقيه عندهم أحسن استقرار على إكرام وإنصاف وتزوج عندهم وأظهروا الطاعة ثم توجه للحج ولم يتيسر له دخول اليمامة، لكن اتفق بالشيخ محمد صنو الشيخ ريس اليمامة في مكة فطلب الاتفاق به فوافق عند الكعبة وأظهر التشوق الكلي وقال: يا فقيه أحب الله يشهد علي أني وأخوتي وقبائلي أحوج الناس للإمام وهو يرينا وجهه (وبلغ الفقيه الدعوة إلى ساير القبائل كما ذكرناه وامتثلوا والحمد لله رب العالمين) .
ولما أزمع الإمام على المسير إلى صنعاء المحروسة بالله وصله من الفقيه المذكور ومن نواحي البصرة والإحساء والقطيف وما يتصل بها من جهات نجد البشرى العظيمة بموالاة أهل تلك الأطراف بحسن الولاء والإجابة والإشادة بذكر الإمام في تلك الأقطار والدخول في الطاعة والاستمرار، (وهو معنى ما ذكره القاضي أحمد –أيده الله-) وحيث قد ذكرنا نفوذ هذه الدعوة النبوية والخلافة العلوية إلى البلاد المذكورة.

113 / 116
ع
En
A+
A-