وَمَنْ يَقْتَرِفْ[270/أ] حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ الله غَفُورٌ شَكُورٌ} وقوله عز وجل: {إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} وقول رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) في مشهور حديث الثقلين اللذين يتمسك بهما ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما وتقديمهم كما قدمهم الله وتعظيمهم كما عظمهم الله)) إذ التمسك لا يعقل مع المخالفة ولا يصح مع عدم المؤالفة، وإلى الاجتماع على ما شمله قول الله عز وجل: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيه كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ الله يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ، وَمَا تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ، فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ الله مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ الله رَبُّنَا
وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الله يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} . فإلهنا واحد ونبينا واحد وكتابنا واحد وديننا واحد {أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ الله وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} نرد المنازع فيه إلى الله وإلى الرسول كما قال الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} والرد إلى الله هو الرد إلى كتابه وإلى رسول الله إلى سننه، وإلى إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم شهر رمضان، وحج البيت الحرام، وتحليل ما أحل الله وتناوله وتحريم ما حرم الله واجتنابه، وإلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بلا منكر والاستقامة على ما قال عز وجل لرسوله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ، وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ الله مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ، وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ، وَاصْبِرْ فَإِنَّ الله لاَ يُضِيعُ
أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ، فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ} وإلى موالاة جميع أولياء الله من المسلمين والمسلمات والمؤمنين[270/ب] والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات، والصابرين والصابرات، والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات، والصائمين والصائمات، والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين كثيراً والذاكرات، ولا سيما من أكرمه الله بصحبة نبيه ومؤازرة رسوله من الذين قال فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا الله ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُون، نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ، نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيم، وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى الله وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} وقال فيهم محمد رسول الله: {وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ الله وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ
أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} .
وقال للفقراء المهاجرين: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ الله وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ الله وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ، وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} وإلى معادات جميع من حاد الله ورسوله، كما قال عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ الله وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ ، كَتَبَ الله لأََغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ الله قَوِيٌّ عَزِيزٌ، لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ الله وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ
وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الله أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْمُفْلِحُونَ} فمن أجاب دعوتنا هذه الجامعة غير المفرقة، والمؤلفة غير المشتتة فله مالنا وعليه ما علينا ومن أباها أو نسب إلينا سواها مما برأنا الله منه ونزهنا عنه من الغلو في الدين واتباع غير سبيل المؤمنين فنحن نستشهد الله عليه أكبر الشاهدين[271/أ] ونستحكمه فهو خير الحاكمين، ونجيب دعاء الله لنا ونلبي نداه إيانا، إذ يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، وَجَاهِدُوا فِي الله حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} وهذه نسخة الولاية.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد حمداً لله الذي جعل الإمامة خلافة للرسالة في الإرشاد إلى الله والدعاء إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة، وسياسة العباد والإنالة، وجعلها في أهل بيت رسوله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) بما خصهم به من التطهير، وفرض لهم من المودة على الصغير والكبير، وأمر نبيه (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) أن يعلن بذكرهم وأنهم قرناء الكتاب، في موقف ((إني تارك فيكم)) الشهير، وشهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له اللطيف الخبير، وأن محمداً عبده ورسوله الشاهد البشير النذير. فإن من تمام نعمة الله على أهل تقواه، وكمال فضله على من أطاعه وتولاه، ما جعل لهم من السبيل إلى الدعاء إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما أمر الله في قوله عز وجل: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} والاتصاف بصفة من ارتضاه وهداه إلى قوله: {وَلَوْلاَ دَفْعُ الله النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ الله كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ الله مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ الله لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ، الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} .
ولما كان السلطان السعيد الميمون الحميد محمود الأخلاق والصفات مبرور المساعي والتصرفات، محمد أورنك زيب بن السلطان شاه جهان، ممن حظي من أسباب ذلك بحظ عظيم ويسر له ما هنالك السبيل وفتح الباب الكريم حتى لم يبق ما يستند إليه ويعول عليه الأمر بالمعروف والناهي عن المنكر، والحافظ لحدود الله من أن يكون ما يأتي وما يذر، وما يقول وما يفعل، وما يأخذ وما يعطي عن[271/ب] ولاية صحيحة، ممن جعلها الله إليه، ودل بالصفات والدلائل عليه من أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) الذين شهد الله لهم في كتابه بإذهاب الرجس والتطهير، ووجوب المودة التي أسس ذكرها على قوله عز وجل: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ، ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ الله عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ الله غَفُورٌ شَكُورٌ} وكان من نعم الله عليه وعلينا، ومننه الواصلة إليه وإلينا صدق موالاته لنا، واتباعه لما أمر الله به من سبيلنا بمقتضى الدليل السابق، والإرشاد الصادق، استخرنا الله عز وجل وجعلنا له ولاية صحيحة شاملة كاملة، يصدر عنها إن شاء الله ويورد، ويحل ويعقد في الدعاء إلى الله والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر بلا منكر، وإقامة الجمعات والجماعات وتشيد مباني القرب والطاعات، ونصب حكام الشريعة
المطهرة لفصل الخصومات، وتفقد ما يجب تفقده من نصح المسلمين ومرافقهم وضعفائهم ويتاماهم ومساجدهم ومناهلهم وسبلهم، وقبض الحقوق المالية من أهلها، وصرفها في محلها وإقامة الحدود على مرتكبيها بما شرعه الله عز وجل منها، وجهاد من أمر الله بجهاده بعد إبلاء المعذرة وإعلان التذكرة، والسعي بجهده في الإصلاح، والعناية فيما به إن شاء الله الرشاد والفلاح موصين له بين يدي ذلك بما نوصي به أنفسنا من تقوى الله وإيثار رضاه، وإرادة وجهه، والرغبة فيما عنده، وإخلاص الدين والنية له، والاستعانة به تبارك وتعالى سراً وجهراً، فيما كلفه وحمله، وأن يزداد من شكر الله عز وجل على ما خصه به وأهله، أن يكون في جميع أقواله وأفعاله، ونياته وتصرفاته، ناهجاً كتاب الله وسنة رسول الله وسبيل من أناب إلى الله كما قال الله عز وجل: {وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} ، وقال: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ } وأن يشعر نفسه أن القايم بهذه الفريضة على وجهها والموقف لها على حدودها متوظف بوظائف الأنبياء متعرض للدرجات العالية في الآخرة والأولى، ونحن ندعو الله بأفضل الوسائل، ونسأله مجيب السائل، بعد إعادة حمده والثناء عليه، وشهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله أن يصلي ويسلم على محمد وآل محمد، ويأخذ إلى الخير بناصيته ويثبت على الحق لسانه[272/أ] وقلبه، وينور باليقين والهدى والرشد لبَّه، ويجعل سعينا وسعيه مشكوراً وعملنا
وعمله صالحاً مبروراً، وأن يجتبينا ويمتنا على ملته ملة الإسلام ودينه الذي ارتضاه لخير الأنام: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى الله وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} .
انتهت الولاية والحمد لله رب العالمين، نعم! ووصل هذا السيد محمد إبراهيم في عام سبعين وألف إلى الإمام، كما سيأتي إن شاء الله بعض صفة وصوله وأصحبه السلطان هذا المكتوب إلى الإمام.
بسم الله الرحمن الرحيم، أفضل المحامد وأعلاها وأجل المدايح وأسناها، لمن طلع من مشارق حكمته شموس الخلافة الباهرة، وسطع من مطالع قدرته نجوم السلطنة القاهرة، هو الذي عم الخلايق بامتنانه وأفاض عليهم من شآبيب إحسانه، وأتقن نظام الدولة بسلطانه، وشيد أساس السلطنة ببرهانه، لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى والآلاء والكبرياء، وبيده ملكوت الأشياء لا يسئل عما يفعل ويشاء، وأكمل الصلوات وأكرم التحيات على رسوله وحبيبه أشرف الكونين، وسيد الثقلين، ونبي الفريقين وإمام القبلتين وشفيع الخافقين، الذي بعثه بالسيف القاطع، والبرهان الساطع، وقطع به غوايل الشرك والغواية، وسطع منه دلائل الرشد والهداية:
نبينا الآمر الناهي فلا أحد .... أبر في قول لا منه ولا نعم
فاق النبيين في خلق وفي خلق .... ولم يدانوه في علم ولا كرم
هو الحبيب الذي ترجى شفاعته .... لكل هول من الأهوال مقتحم
صلى الله عليه وعلى آله الأصفياء، وصحابته البررة الأتقياء صلاة زاكية دايمة ما دامت الأرض والسماء.
وبعد فالمنهي إلى الإمام المجيد، والهمام النجيد قدوة السادات والشرفاء، أسوة الأشراف والنقباء، سلالة الذرية الطاهرة، غلالة العترة الزاهرة، السيد السند الجليل والماجد القرم النبيل، أورع الولاة وأكرمهم، وأبرع الصناديد وأفضلهم، حاوي أسنحة الفضائل وغواربها، المشهور في مشارق الأرض ومغاربها، السيد الشريف الأوحد، والغطريف الأمجد، الإمام إسماعيل بن القاسم بن محمد، أدام الله عزه ومجده، وأنجح سعيه وأسعده جده، إنه قد وصل كتابكم المرسل مع السيد النجيب والشريف[272/ب] الحسيب محمد إبراهيم بن أمير نعمان إلى تلقا الخاقان الأعظم والقاآن الأعدل الأفخم الملك المنصور المظفر، والسلطان المؤيد الأكبر، مروج قوانين الشريعة الغراء، مشيد قواعد الملة الحنفية البيضاء، ماحي مراسيم الظلم والاعتساف، محي مآثر العدل والإنصاف، حافظ بلاد الله، ناصر عباد الله. الخالص طويته في إعلاء كلمة الله، الصادق نيته في إحياء سنة رسول الله افتخار السلاطين، واستظهار الخواقين، قهرمان الماء والطين، حجة الله وخليفته في الأرضين مظهر تجليات الجلال والجمال، مُطَهِّر شونات العز والدولة، والإقبال المنفرد بعلو الشأن المتوحد بالجود والإحسان، محمد أورنك زيب بن السلطان شاه جهان، ولاح من مطاويه لوايح صدرت المودة والإخلاص، وفاح من فحاويه فوايح حسن الإنجاد والاختصاص، فتلقى على الوجه المأمول وصادق بالشرف المقبول، وصدر الأمر الأشرف الأعلى لا زال نافذاً بالعون الرباني، بأن يرقم العبد الموسوم لسبق الخدمة، وقدم العبودية كتاباً، مشعراً بشمول الموالاة الجليلة الخاقانية مخبراً