ولما بلغ هذا الحادث حسين بن المتوكل صاحب صنعاء تغير من ذلك كثيراً، وأمر بعض القضاة إلى القاسم بن المؤيد بتمام الدعوة، وإنه مجيب له، يستظهر به على صاحب المنصورة، ثم جاء الخبر من جبلة بأنه وقع فيها الحرب العظيم والاستيلاء عليها وعلى حسين بن علي بن المتوكل، وانتهبت جبلة وقتل فيها كثير من جبن من اليهود والنساء[135/أ].، وكان الحرب ودخول جبلة يوم الخميس تاسع وعشرين شهر رجب منها. وبعد بلوغ الخبر إلى صنعاء حصل مع حسين بن المتوكل وغيره الوشا ، وعقد الخبر هو ويحيى بن محمد بن الحسين صاحب البستان على بعث كتاب إلى صاحب المنصورة بأنهم يسلمون الأمر إليه ويواجهون، وزلجوا الرسول يوم الإثنين ثالث شهر شعبان. والقاسم بن المتوكل يسلم الأمر ببلاد ثلاء لصاحب المنصورة. وأراد به قمع صاحب عمران وكوكبان لقربهم منه؛ لأنهم صاروا يرجعون عليه. فأراد التقوِّي بذلك عليهم، والإرجاف عليهم وواحدة بواحدة جزاء، فالدنيا عبر. ولما بلغهم هذا الحادث فشلوا وخضعوا لا سيما صاحب عمران، فإنه قد كان سارت كتبه بالدعوى للإمامة إلى كثير من الجهات البعيدة، وكتبه متربة بالحمرة، معلومة رأسها العلامة وعمم بذلك جميع الرؤساء مما يدل على قلة الحياء ممن هو أكبر منه سناً. فكانت علامته وتربته الحمرة إلى صاحب المنصورة، وإلىقاسم بن المؤيد وإلى غيره من العلماء والأعيان والقضاة والسادة مما فيه طغيان، وليت وأثرت أحد كتبه في واحد ممن كتب إليه وزوره، لكن جميعهم لم يلتفت إلى زخرفه، لمعرفتهم بعدم علمه وغلبته بالمرة، وإنما صار كثير من الناس من يستهزئ به، فلا قوة إلا بالله.
وكان قد طغى أيضاً وضرب الضربة وجعل رسمها بلقبه الذي تلقب به وهو المتوكل، ضربته ضعيفة، وحاله ركيكة، والدنيا أحوالها عجب، وزمانها قلب.

[135/ب] ولما بلغه حادث جبلة وما وقع فيه من القتلة ارتجف ارتجافاً عجيباً، وأمر بالحراس في نُوب دائر عمران، خشية من جهة محسن لا يقصده لما قد بلغه هذه القضية، فتحريه على أمر يفعله ورفع الضربة في الحال، وانكسر عما كان من دعوى المحال، فسبحان المعز المذل لمن يشاء، واستيقظ من نومته وانتبه من غفلته. قيل: وجملة جنود عبد الله التي طلع بها من عند والده خمسة آلاف أو ستة، مجموعة من قبائل الحجرية ومن العسكر، فوقع أول الحرب والقتل في أول القوم، وهم الحجرية بالبنادق من البيوت، ثم اختلطوا لما خرجوا فيهم، وكان فيه الاستيلاء على حسين بن علي .
وفي رابع شعبان وصل جواب قاسم بن المؤيد على حسين في شأن ما كان كتب به من الوصول إلى صنعاء وإظهار الدعوة مضمونه الوعد بذلك إلى نصف شهر شعبان، وقيل وعد مطلق، فظهر بسبب ذلك عدم القيام من قبله لما طلبوه منه مع قرب الجيوش المحمدية لصاحب المنصورة، فإنه الآن بلغ أن قد بلغت أوائل جيوشه إلى يريم وذمار، وأن قد واجهت بلاد ذمار عن بكرتهم وولى فيها إسماعيل بن عبد الله بن القاسم ، وأن حسين بن حسن صاحب رداع أجاب إلى ابن أخيه، وأنه لم يبق إلا يوسف بن المتوكل صاحب ضوران.
[136/أ] وفي هذه المدة بنصف شهر شعبانها واجهت بلاد ذمار لصاحب المنصورة وجميع بلاد عنس وزبيد، وجعلت الولاية فيها لإسماعيل بن عبد الله بن القاسم، وكانت في ولاية حسين بن المتوكل، ثم واجهت صنعاء، واضطروا حسين بن المتوكل إلى ذلك. وكذلك صاحب كوكبان حسين بن عبد القادر، وعند ذلك أيس أحمد بن المؤيد وصنوه القاسم عما كان كاتبوه من اجتماع الكلمة وتقرير القول. وسار أحمد من الروضة إلى بلاده وادعة وجهاتها وقاسم إلى شهارة.

وفي هذه الأيام طلع حسن بن المتوكل من اللحية إلى ضوران بجميع خزائنه، فتلقاه صنوه يوسف بالرحب والسعة وكل منهم أمير نفسه، ثم لما تقاربت جيوش صاحب المنصورة إلى ذمار واجه الحسن وسلم الأمر.
وفي هذا الشهر لما قصد اليافعي المحاربة للرصاص، واستولى على البيضاء خلفه الرصاص بالمغزى إلى جبل العر، فدخله وخرب فيه مرفد والمتارس التي في الطريق التي كان بناها في الحرب الأول، وهرب ابن العفيف وانتهبها، ثم عاد الرصاص إلى بلاده، فكان ذلك أعظم واقع عليه، لتعاظم نفسه.
وفي هذه الأيام مات السيد إسماعيل بن إبراهيم بن جحاف بحبور وكان المذكور قاضياً فيها وحاكماً، لكنه كان شططاً في أحكامه، يميل عن تنفيذ ما اتضح وجهه لمن وصله بره واستخف بمن لم يهاديه ويحكم بالحكم له.
والأسعار ارتفعت[136/ب] بصنعاء، بلغ القدح البر عشرة، والذرة ثمانية وتسعة.
وفي أول هذه السنة سارع الناس إلى قطع أشجار جبل ضِيْن ، بعد أن كانت من أول مُخَدَّمة، فلم يبق فيه شيء، ولكنه حصل في ثمار بلادهم الضعف، ونزل في أكثرها البرَدَ في المطر فأزالها.
وفي هذه الأيام بآخر شهر شعبان تحرك إبراهيم وتبعه عبد الله بن يحيى الذي كان بالعدين بالتقدم من يريم، فدخلوا إلى ذمار، وأرسل إبراهيم إلى زراجة بأدب وأهم بخراب القرية؛ لأجل ما وقع منهم من عدم ضيافة صنوهم القاسم بن المهدي ورجم أصحابه.
وإسحاق كاتب إلى يوسف من أجل أنه يسلم الأمر ويتوعده إن لم يدخل في ذلك من جانب صنوه محمد، فبقي يوسف حائراً في أمره عاضاً على يده لعلمه أنه لا يقدر على مقابلته وحده، وقد قيل إنه سلم الأمر اضطراراً.

وفي خامس رمضان وصل جماعة عسكر وقائد معهم نحو ستة أنفار من صاحب المنصورة إلى بلاد حجة ليتسلموها ويقبضوها. ولم يمروا على صاحب عمران حسين بن محمد الذي كان بسط عليها، فلحق لهم جماعة للرجوع إلى عنده وأنه مسلم للأمر، فلما وصلوا إليه خلع نفسه من دعواه، وأنه داخل تحت[137/أ] أوامر صاحب المنصورة، وأمر خطيبه بتحويل الخطبة لصاحب المنصورة محمد بن أحمد بن الحسن في يوم الجمعة خامس رمضان، ومحى رسمه الأول عن الخطبة. وقال لهم: ابقوا حتى يعود جواب صاحب المنصورة من جهة بلاد حجة، فإنه يريد إبقاه على إمرتها، فسخر كثير برأيه هذا. وقال العاقل: حيث كان يأتي على هذا لو تقدم رسوله وكتابه مع الأولين بالمواجهة والتسليم وإبقاه على هذه البلاد من غير ترسيم لكان أقرب إلى الانطلاق، لكنه كان في سكرته حتى أفاق. وانظر وتعجب من التفرق كيف مآله، وما يرجع إليه أحواله، فإن صاحب المنصورة سهل عليه أمرهم، والتقط الأول فالأول منهم وهلم جرا، وضعفت شوكتهم، وإلا فلو كانوا جميعاً يداً واحدة ما كان يقدر عليهم. وما أشبه هذا بعمل سنان باشا مع عيال مطهر، فإنه لما جمع عصيه وقال لبعض خاصته: من يقدر على كسر هذه؟ فقالوا: لا يقدر أحد عليه، ثم فرقها واحدة واحدة ، فقال: فهكذا نقدر على كسرها. فقالوا: نعم، فلو أنهم أغاروا جميعاً بعساكرهم على حسين بن علي صاحب إب وجبلة كانوا الغالبين[137/ب]، فلما أفردوه هنالك بعد أن كان طلب منهم الغارات فلم تحصل، حصل ما حصل ووقع ما وقع من المقتلة العظيمة والحالة المستنكرة، والحال أن صاحب المنصورة وإن كان واحداً، لكنه قد اجتحف بلاد اليمن الأسفل والبنادر، فليس حسين وحده بكفء له وإنما كفؤه جميع اليمن الأعلى.
هذا بالنظر إلى العادات لا خوارقها، فالله تعالى يخرق العادة بالنصر لمن يشاء.

وفي هذه الأيام سابع رمضان والى يوسف صاحب ضوران إلى صاحب المنصورة بالاضطرار، بعد أن كان متصلباً في رسائله وكتبه بأن يجب على الناس الإنكار على دولة محمد بن أحمد بن الحسن. وأنه قد بقي على حسين بن علي، وما زال يستغيث بالغارة فلم يجبه أحد، إلا هو بعث بغارة في آخر أمره وما نفعته؛ لأنها وصلت إلى المخادر وقد انقضى عمل جبلة. وكان في بعض رسائله يدعي التبريز في العلم والكمال، ومرة اتفقت به في سنة حجه أيام زمان أحمد بن الحسن أو صنوه محمد فذكر لي سائلاً في بعض الأحاديث أجبته، ثم قال: الذهب محرم على الرجال والنساء جميعاً، فقلت له: أما الرجال فلا شك وأما النساء فلا لحديث: ((هذان محرمان على ذكور أمتي حِلٌ لإناثها )) ، قال: لكن حديث التسوير من النار قاضٍ بالتحريم وهو يعارض[138/أ] هذا، فقلت له: الإجماع على الحل للنساء وحديث السوار حمله العلماء على منع الزكاة منهن، والوعيد لأجل الزكاة، فهذا وجه تمشية الأحاديث المذكورة في هذا الباب.
وقد سلَّم الدعاة جميعاً لصاحب المنصورة، وخلعوا أنفسهم اضطراراً من غير قتال، خشية من الوقوع فيما وقع لصاحب جبلة.

وفي هذه الأيام رأيت كتاباً لصاحب المنصورة يذكر فيه أنه بلغه طلوع حسن بن المتوكل بخزائنه إلى ضوران، وأنه إذا هو يريد الفتنة عرف ذلك، وتوهم أنه سيقاتل أصحابه وأصناه الذين بعثهم إلى ذمار وحسن بن المتوكل قد كان أولاً ربما بنى على هذا. فلما بلغه الحادث مع ابن أخيه حسين بن علي الاستيلاء عليه ترك ما كان أهم به. وحسين بن علي بن المتوكل قد كان صالح وأجاب إلى جناب صاحب المنصورة على يد إسحاق بن المهدي بجبلة، وجعل له بعض تلك الجهة، ثم لما بلغه غارة يوسف رجع عما كان فعله أولاً إلى القتال، فجرى ما جرى. وكتب صاحب المنصورة بخطه في شهر شعبان أنه[138/ب] يريد الطلوع والاتفاق بالأصناء والأولاد إلى معبر أو ذمار، فلو كان هذا قبل ما قد جرى من الفتنة الكائنة بجبلة كان ذلك هو الذي أراده القاسم بن المؤيد صاحب شهارة وكافة الأعيان من السادة والقضاة، وأنه لا يقدم ولا يحجم في شيء حتى يكون على اجتماع كلمة، فلم يسعد إليه المذكور، وجزم بالقتال من غير تردد في الأمور، وصده عن تمام الطلوع فتنة يافع. وصدقت التجربة في اختلاع كل سادس من الخلفاء، فكان كل من قام من هؤلاء هو في طبقة السادس من قيام الإمام القاسم، فخلعوا أنفسهم، هذا حسن بن المتوكل وصنوه يوسف وحسين بن محمد صاحب عمران، وحسين بن عبد القادر صاحب كوكبان، خلعوا أنفسهم جميعاً وبقي صاحب المنصورة، وصاحب صعدة أيضاً خلع نفسه وأجاب محمد. وأما صاحب شهارة فإنه بعد وصوله شهارة وما جرى في اليمن الأسفل بجبلة وأيس من الاجتماع بقي على توقفه بشهارة، ولكنه مع ذلك لم ينفذ بلاده الأصلية للضعف معه ومع الناس من هذا الغلاء والشدة.
[139/أ] وجاء سبب تضاعف أمر صاحب المنصورة بانصرافه إلى مفاتحة المشرق.

وفي شهر رمضان بعث صاحب المنصورة محمد بن المهدي رسلاً إلى رؤساء اليمن الأعلى بأنهم يرسلون من أصحابهم عسكراً لقصد المشرق، وأرسل المقدمات من أصحابه إلى تلك الجهة، فأرسل إلى بلاد أبين ولحج ولده يحيى وإلى الجهة التي يقرب إليها آخرون.
وأما ولده إسماعيل فباقي في قعطبة، فكان ذلك على رؤساء أهل اليمن الأعلى، وعلى من معهم أشق شيء للغلاء في الأسعار والشدة، وأنه لا يحملهم إلى تلك الجهة إلا بما لا بد منه مما لا يقدرون عليه، فوعدوه بذلك وعرفوا ضعف رأيه وتثاقلوا. وقالوا إذا كان ولا بد فبعد رفع الثمرة من بعد عيد عرفة، وإلا فالأولى ترك تلك الجهة، وعدم التشاغل بها لعدم المصلحة للمسلمين وللدولة فيها. وكان قد أرسل ولده إبراهيم إلى ذمار، وكذلك إسحاق إلى يريم، فاستقروا فيها وتصرفوا في ولايتها، ولم يبق لإسماعيل بن عبدالله الذي كان ولاه ذمار بحضور إبراهيم تصرف ولا كلام.
وفي نصف رمضان فما بعده إلى نصف شوال تناهى السعر بصنعاء، بلغ القدح البر إلى أربعة عشر حرفاً، والذرة إلى اثني عشر، والشعير إلى ثمانية،و قريب أوائل الثمار، فتهون السعر في شهر القعدة.
وفي هذه الأيام أرجعت المجابي في أسواق صنعاء والأبواب على ما كانت سابقاً، بعد أن كان أزالها المؤيد في زمانه.
وحسن[139/ب] بن المتوكل لم يلبث بضوران، بل عاد بسرعة إلى بلاده جهة تهامة واللحية، وكان الموجب لطلوعه كثرة مكاتبات حسين بن علي بن المتوكل بالغارة عليه، فوصل ضوران وقد انقضى الأمر، فعاد راجعاً، وأجاب إلى محمد بن المهدي مضطراً.

وفي حادي عشر شهر رمضان ظهر نجم الذنب وقت السحر بالمشرق، وكان ميله إلى جهة الجنوب يميل إلى المغرب، فالقدرة لله تعالى، وبقي كذلك نحو نصف شهر، ثم غرب من المشرق واضمحل، وهو كما ورد في الأثر علامة الغلاء في الأسعار. واتفق عند طلوعه هذا الغلاء العظيم، فلله الحكمة في ذلك، ولكن قد فرج الله بصلاح الثمار وكمال حصادها يكون لعيد عرفة بشهر الحجة إن شاء الله تعالى.
وكان الغلاء الكبير بصنعاء وبلادها وبلاد القبلة إلى صعدة وبلاد ذمار، فأما المغارب فأهون وكذلك تهامة، لكن لعسرة الطرق إلى صنعاء لا تطلع إليها حبوبها ولا ميرتها ، وإلا فإنها في أسفال المغارب بثلاثة حروف ونصف، كل قدح من الذرة إلى أربعة لا زيادة، وأما البر فمعدوم فيها؛ لأنها لا تزرعه والله يهون الأسعار، ويصلح البلاد.
واستقرت الدولة والمملكة لمحمد بن أحمد بن الحسن، وخربت القراديع التي كان نصبها الدعاة، وبقت اليد لواحد، وكان الأمر كما قال الشاعر :
حنانيك بعض الشر أهون من بعض

[140/أ] وفي شهر رمضان يوم الإثنين آخر يوم فيه توفي الشريف عبد الله الوشلي بمحله شبام كوكبان، كان السيد هو الخطيب بجامع شبام، وكان له معرفة في الفقه، زاهداً يتعلق بالسبب والبيع والشراء في حانوت بسوق شبام رحمه الله. ولما مات المؤيد محمد بن المتوكل ودعا الدعاة من كل مكان اعتذر عن الخطبة وصلاة الجمعة، فعذره صاحب كوكبان، وخطب مكانه القاضي يحيى بن حسن الحيمي، وكان مرضه قدر يومين لا زيادة.
وفي ليلة العيد وصل حسن بن عبد القادر بن الناصر بن عبدالرب من صنعاء وقت العشاء ليلة الثلاثاء، بعد أن كان نزل إلى المنصورة وجعل له بعض ولاية لاعة، فتغير منه صنوه حسين، وقال: ولايته قد سبقت من صاحب المنصورة. وحسن هذا هو الكبير في السن، وكان من وقت موت والدهم بحضرة المؤيد، ثم لما مات دخل صنعاء وسكنها إلى هذا التأريخ، ونزل إلى المنصورة ثم عاد.

وجاء الخبر من حضرموت بأن الغلاء في الأسعار والقحط كان أعظم من سائر اليمن، فإنه بلغ السعر عندهم كل قدح يفوق ثلاثين حرفاً، ثم هون الله ذلك، وأقبلت الثمرة فنزل عن ذلك إلى مائة بقشة، ولعله ينزل السعر عند تناهي الصراب في جميع اليمن إن شاء الله.
وفي خامس عشر شهر شوال يوم الجمعة خطب القاسم بن المؤيد بشهارة لمحمد بن المهدي صاحب المنصورة، ولم يبق معارض لمحمد بن المهدي أحمد بن الحسن بن الإمام القاسم، وتلقب بالناصر. وسبب موالاة القاسم صاحب شهارة بذله له بالتولية له في[140/ب] جهة القبلة، مما كان إلى حسين بن محمد بن أحمد أبو طالب وبلاد عفار، وجعل له ربع المخا وغير ذلك، فانخرط في الإجابة. وكان قد بعث والياً إلى الشحر يقال له: الفقيه أحمد القمادي، فوصل إليه، فأخرجه صاحب حضرموت والشحر علي بن بدر، وقال: البلاد بلادنا، وزلجه بالمصروف طريق الجوف، فخرج وعاد خائباً مما ولاه، ولم يحصل له ما كان يهواه، إلا أنه خطب للناصر وأرسل له بهدية قدر أربع من الخيل.
وقوَّى رؤوسهم خلاف يافع هذه المرة، وإلا فهم أقرب للانقياد للدولة، ليسوا كيافع.
والمشرق قد تغلق بابه من مدة والده، فتوليته لا تحصل إلا بعمل آخر، والوقت لا يحتمل، فإنه كان عليه أولاً أن يقرر أمور اليمن الذي بين يديه، ثم إذا تمكن من بعد واجتمعت الكلمة معه وإليه كان على صفة أخرى. وهذا الوقت لما فاتح بلاد يافع خرج منهم طائفة إلى أطراف بلاد الشعيب يريدون حفظ أطراف بلادهم والتقدم إلى غزو قعطبة إن أمكنهم، فأمر بالزيادات إلى قعطبة.

ووصل في العشر الآخرة من شهر شوال إلى صنعاء حسين بن علي بن المتوكل الذي كان بجبلة، بعد أن فسح له من المنصورة إلى بيته ببلاد صنعاء والروضة، وهو فريداً ليس معه إلا من يخدمه. ودخل معه أيضاً زيد بن المتوكل إلى صنعاء من حضرة صاحب المنصورة، وكان حال دخولهم وحسين بن المتوكل قد خرج عن صنعاء قبلهم بيومين إلى جهة بلاد زراجة طريق ذمار، قيل: لحديث بينه وبين إبراهيم بن أحمد بن الحسن، وترك أكثر أصحابه بصنعاء. وكان دخول زيد إليها في غفلته.
[141/أ] وفي هذه المدة حكى لنا بعض أهل المدينة المباركة أنهم وجدوا داخل القبة رجلاً دريوشاً ، فسأله الطواشية ، فأخفى نفسه، وما زال يدخل ويخرج والأبواب مغلقة، فقال بعضهم: لعله ولي، وبعضهم لعله ساحر، ولم يقدروا لدفعه.

85 / 94
ع
En
A+
A-