سلطان ظلوم، خير من فتنة تدوم، والله يأخذ بنواصينا وإياكم للخير آمين، لكنه صار تُورِّطهم في ذلك جلساء السوء وأهل نعمتهم لأجل يأكلوا معه مما جمعه لهم، فالله يوفقنا وإياكم لرضاه.
وأنت أيها الصنو مع توقفك، واقتحام من هو دونك لها، وعدم التوقف على شرطها أولى بها وأحق إن شاء الله، وأن صنوكم ليس له خبرة إلا بمجرد الوصف، بيد أنا ننبهكم على أشياء تبلغنا في مثل المسارعة في الآداب لمجرد وصول الشاكي من غير مناظرة وحقيقة، وترك شيء من العوائد المارة للسابقين ومن له رعاية لمن وضعوها من استحقها، فهذا مما ينبغي مراعاته وشرطه، والتخفيف في الآداب بالدراهم بالأموال مع ما في الآداب بالمال من الخلاف بين العلماء كما حققه ابن بهران في (بهجة الجمال) وغيره، فإن المصادقة لمن له هوى وعداوة لا يخفاكم خطرها، وعليكم[125/أ] إن شاء الله مع تمام هذا الأمر، إن تم الافتقاد للعمال ومحاسباتهم كل سنة؛ لأن المؤيد رحمه الله أهمل المحاسبة لهم، وأبقى أهل التقارير بالمكيال الأول، حسبما كان عليه والدكم وإخوته، وعدم الرجوع في الخطوط والمواضيع الأولة واللاحقة، وتنزيل الناس منازلهم، ورعاية أهل المناصب والعلماء والمتعلمين بالكفايات ، وافتقاد الأوقاف والمحاسبة فيه للنُظَّار عليه كل سنة، وافتقاد المكيال الذي صار الصانع له يلعب به كل وقت، وهو الجحدري الحداد، فإنه ما يزال يسارقه في الزيادة شيئاً فشيئاً في كل شهر مما يؤدي إلى الربا المحرم في القرض والمداينة، حيث يأخذ بمكيال ناقص ثم يقضيه، وقد زيد فيه، والرجوع إلى مكيال والدكم المؤيد رحمه الله الذي كان بصنعاء في مدته وآخر دولة السلطنة ، فإنه الآن قد صار نصف هذا المكيال، ولأجل صيانة بيت المال بسببه في التقارير؛ لأنه زاد النصف وزادت بسبب الزيادات الأسعار وكذلك الضريبة تغيرت فيكون عملها على قدر معلوم بالميزان لا يختلف، كما لا يختلف قدر القرش.

هذا ما يتوجه التنبيه عليه، وكذلك إن حصلت المكنة في مطالب اليمن الأسفل، التي زادت على ما كان الزمان الأول، وقد كان أراد المؤيد بتخفيفها، لكنه ما تم له ذلك كله لموانع منعته، وكنت ذكرت له من أجلها وكانت نيته مباركة رحمه الله، وخيار الأمور أوساطها، هذا ما يتوجه إليه عليكم إن شاء الله. وقد أجبنا على بعص من ادعى مرتبة الإمامة وليس بأهل لها بأن الأولى له أن يتوقف فيها، كما سبق ذكر جوابه هذا. ولا تتركون المفاوضة كما قد ذكرتم بمثل حسين بن حسن وصاحب المنصورة ومحسن بن أحمد بن الحسن؛ لأنهم إذا وافقوكم فهم الذين نخشى من جنابهم، وأنتم أمثل موجود إن شاء الله وكذلك مفاوضة حسين بن المتوكل، ولعله يجب إلى جنابكم، والله يلهم[125/ب] الجميع إلى اجتماع الكلمة فيما بينكم، فإن المطلوب المهم تسكين الدهماء وصلاح المسلمين، ((وإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرء ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) الحديث.
ووصلت كتب عيال المتوكل أجمع إلى صنوهم الحسين بن المتوكل، وهو بصنعاء، وهم: قاسم صاحب ثلا وإخوتهم الذين بضوران أجمع وأنهم مجيزون لما رآه حسين بن المتوكل وتابعون له، وكذلك وصل كتاب حسين بن حسن صاحب رداع بان المقصود النظر فيمن يصلح، وتوقف كما توقف قاسم.

وجاء خبر بأنه ظهر في بلاد الشرف بالمغرب تحت شهارة سيد يقال له: السيد عبد الله بن علي بن خالد، ووالده هذا هو الذي كان متولياً ببلاد عفار، وادعى بالدعاوى للإمارة فلم يجبه أحد. وكذلك السيد علي بن الحسين الشامي الخولاني جعل رسالة إلى الناس يطلب الدعاء لهم بعد أن ذم آل القاسم وأعوانهم من القضاة والوزراء والأعوان لهم جميعاً، وقال: لا يصلح أحد من آل القاسم، وذكر أن الكمال فيه لهذا الشأن، فارتكب أمرين: التحقير للناس والسب لهم مما باء بوزره، والتزكية لنفسه التي نهى الله عنها بقوله تعالى: {فَلاَ تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} . ودخل أيضاً في حديث الأعرابي لما بال في المسجد فنهره أصحابه÷ فقال: ((دعوه لا تقطعوا درته))، ثم لما أتم أقبل إلى النبي÷ وقال له: اللهم ارحمني وارحم محمداً ولا ترحم معنا أحدا، فقال له النبي÷: ((لقد تحجرت واسعاً)).
فالله يرحمنا ويوفقنا، وأنه ذكر أن مقام الإمام مقام النبي÷، فهذا خطأ عظيم من المذكور، فإن مقام النبوة رفيع، قال تعالى: {لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضَاً} .
وقال تعالى: {النَّبِيُّ أوْلَى بِالمُؤمِنِينَ مِنْ[126/أ] أنْفُسِهِمْ } وغير ذلك من الآيات والأخبار النبوية كحديث الصحيحين: ((إنها تنام عيني ولا ينام قلبي )) ، وسائر خصوصياته التي اختص بها عن غيره، كثيرة فيها مجلدات مصنفة كـ(الخصائص والمعجزات) للسيوطي في مجلدين و(شفاء القاضي عياض ) وغير ذلك، ولأن الأنبياء عليهم السلام معصومون وليس كذلك الأئمة إلا عند الأمامية الإثني عشرية في الأئمة الإثني عشر لا غير، وهو ظاهر البطلان.

وأما ما ذكره في العطاء وتحيير الناس في الأبواب، فهو لو ولِّي ما هُمْ فيه لكان فعله كفعلهم أو أعظم منهم، لأن رضاء الناس وكفايتهم جميعهم غاية لا تدرك، ولا يكفي الخلق إلا خالقهم ضرورة. ولذلك لما أراد سليمان عليه السلام وقد ملك الأرض كلها أن تكون الأرزاق على يده وقد جمع جمعاً كثيراً فجاء حيوان واحد وهو التنين من حوت البحر لرزقه، فاستوعب جميع ما قد جمعه من الطعام، فعند ذلك اعتذر سليمان عليه السلام إليه، وعلم أن الرزق لا يقوم به إلا الله تعالى. إلا أن العمال ينبغي منهم الزهد في بيوت الأموال والتوقف على قدر عمالتهم لا غير ذلك. وكذلك يتوجه على السائلين أن لا يستكثروا من السؤال خصوصاً الأغنياء منهم، لكن هذا محال فإنه لا يتم ذلك منهم لما في الحديث الصحيح عنه÷: ((لو أعطي أحدكم واديين من ذهب لابتغى لهما ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب)) .

[126/ب] وأنت أيها السيد ادعيت كمالك، فذا شيء ما علم، فإن قراءتك إنما كانت في الفرائض والمترب وعلم الغبار والقسمة، وهذا إنما هو باب من أبواب الفقه. وأما سائر علوم الإجتهاد مثل أصول الفقه وأصول الدين وعلم المعاني والبيان والتفسير فليس لك في ذلك ما يعتمد عليه أصلاً، ولا الحديث والأسانيد ورجال الحديث والجرح والتعديل وما هو صحيح من السنة وما هو ضعيف أصلاً. ولم تسمع شيئاً من كتب الحديث المسندة المعتمدة إلا مختصر جامع الأصول ، وليس ذلك بمفيد؛ لأن الرجال ما عرفتهم ولا ما تكلم فيه بالضعف والصحة والحسن وهو من شرط الأئمة ثم الاجتهاد وهو الاستنباط. وإنما غاية ما عندك التقليد، وإمامة المقلد لا تصح، كما سلمنا، فأين استحضار مسائل الفقه ومعرفة الخلاف ومعرفة أدلة المسائل وكيفية معرفة الترجيح فيها والمراجعة؟ هذا على سبيل المجاراة على فرد دعواه، وأما إن كنت تريد مجرد الدعوى المتعارف بها من غير مراعاة الشروط كما قد فعله غيرك فذا يرجع إلى باب الملك والسلطنة، وهو إنما يكون بالغلبة لا بالاختيار، فلا عند كافة العلماء. وأما قوله أنه لا يصلح أحد من آل القاسم لها فما يغلب إلا الله، فلو بحث السيد لوجد من هو متبحر في العلم، فهذه دعوى نفي والشهادة على ذلك لا تصح كما هو مقرر في كتب الفقه[127/أ] لكن منهم من زهد فيها واتبع قوله تعالى: {إنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ والأرْضِ وَالجِبَالِ فَأبَيْنَ أنْ يَحْمِلْنَهَا وأشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إنَّهُ كَانَ ظَلُومَاً جَهُولاً} .

ومنهم من عنده من العلم مثلك، وهو إنما يريد الاجتماع في الكلمة لئلا يحصل منازعة ومشاققة ومقاطعة أرحام، وصلاح الإسلام بتسكين الدهماء، وهم الآن وإن كان بعضهم من القاصرين فليس له أهلية، ولعله يرجع عن ذلك، أو يكون من الملك والتغلب وله حكم آخر. فإن الملك لله يؤتيه من يشاء، كما قال تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤتِي المُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ} .
وأما قولك:أنك الكامل والأحق بها، فإن كان للهوى فهو كما قال الشاعر:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى .... فوافق قلباً فارغاً فتمكنا
وللعُجْب بالعمل دخل في المحرم، فإن من عجب بعمله هلك، كما في الحديث عنه÷ أنه قال÷: ((لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أعظم من ذلك العجب العجب))، رواه البزار، وذكره صاحب البيان في الفقه أول كتابه، والمهدي في تكملته أو لمحبة الملك والدنيا دخل تحت الحسد، وهو محرم كما قال تعالى: {قَالُوا أنَّا يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ} .
وفي (المطالب العالية) لابن حجر قال مُسَدَّد: حدثنا عبد الله بن داواد عن موسى بن عبيدة عن طلحة بن عبد الله بن كريز قال: قال عمر بن الخطاب: ((إن أخوف ما أخاف عليكم إعجاب المرء برأيه ، ومن قال: أنا عالم فهو جاهل، ومن قال: إني في الجنة فهو في النار)) ، وقال عمر: سمعت رسول الله÷ [127/ب] يقول: ((من زعم أنه في الجنة فهو في النار )) .
فالسعي بالإصلاح بين المسلمين هو الواجب، كما ذكره الله تعالى حكاية عن النبي شعيب أنه قال: {إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ} . وقال حاكيا عن نوح عليه السلام: {وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ الله يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} والله أعلم.

وفي عاشر شهر جمادى الأخرى وصلت أخبار اليمن الأسفل بأن محمد صاحب المنصورة قام بالمملكة، واستولى على المخا وتعز ولم يكن له من قبل، كما استولى على زبيد وبيت الفقيه بعد موت أحمد بن الحسن وغلب عليه في دولة المؤيد ودعا الناس إلى إجابته، فأجابته بلاده، فصارت البلاد اليمنية هكذا بعضهم ممن توقف وحفظ بلاده وهم العقال، وبعضهم دعا الناس إلى المملكة العامة والسلطنة كصاحب عمران وكوكبان ، وصاحب المنصورة ولم يجبهم إلا بلادهم، ومنهم من لم يجبه إلا أهل حضرته وما قاربه من بلاده.
هذا ما جرى معهم، والله أعلم كيف يكون منتهى عملهم، وبعث بكتبه إلى سائر قبائل اليمن الأعلى، وغالبهم التوقف على من اجتمع عليه العلماء والأعيان والعقلاء.
وجاء خبر صاحب صعدة بأنه أيضاً أظهر دعواه للمملكة.
هذا على ناقوسه .... وذا على جبل يصيح
كل يصحح دينه .... ياليت شعري ما الصحيح

ووصل رسول صاحب المنصورة محمد كاني التركي وأصحبه بدراهم إلى حسين بن المتوكل كثيرة، قيل: سبعة آلاف، ويطلب منه الإجابة، واشتغلوا بطلب الملك، وما اعتبروا بمن مضى، وما قد جرى، وأن الملك لا ينفع. ولقد وصف من حَضَرَ موْت المؤيد بالمعرة بوادي النائجة مما فيه عبرة، وهو أنة لما وصل إلى الحمام مات[128/أ] فيه وذاق الحِمَامَ، وأن مرضه كان هو الورام الشديد في وجهه ويديه ورجليه، حتى صار كالمنتفخ، وأنه لما قضى الله عليه الموت والأجل المحتوم وساقته الحفرة إلى ذلك الموضع باختياره، وما ناله في الطريق والجبال من آلامه، مع الألم الذي مسه؛ طلب له الكفن فلم يوجد في محله، وإنما كفنوه في بقايا ثياب، ثم طلبوا له نعشاً فلم يوجد له، فكأنهم حملوه فوق عيدان إلى قريب قرية هنالك لعلها الحيرة، وطلبوا منهم قعادة . فأعطوهم قعادة بالكرى فلما وضعوه عليها جاءت قصيرة بقت أرجله معلقة عليها، وحملوه كذلك، فاتفق نزول مطر غزير، فنزل سيل في شعبة على الطريق، فوضعوه فيها، وبقي السيل والمطر يمر من تحته وفوقه حتى أضحى، ثم أطلعه الحمالون على مشقة في العقبة إلى الجبل، فكان ذلك عبرة لمن اعتبر، وتذكرة لمن ادَّكر، فأين كان الملك الذي كان؟ ثم لم توجد له الأكفان ولا ما يحمل عليه من العيدان، فسبحان القادر على كل شيء، الذي كتب الموت على العباد والحيوان، وساوى بين الملوك فيه والمساكين والفقراء والغربان، من الماضين واللاحقين إلى آخر الزمان.

وفي هذه الأيام بعاشر شهر جمادى الأخرى التقى السيدان صاحب كوكبان وعمران إلى وادي تَعْوّد للاجتماع منهما في رأيهما، وهما على دعاويهما، كل منهما أمير في بلاده لا يتقيد للأخر في بلاد غيره كلامه، مختلفين ولم ينظروا في مصلحة المسلمين وصلاحهم، بل في رئاستهم ومملكتهم يخبطون فيها خبط عشوى، وقد جاء في جفر علي بن أبي طالب رضى الله عنه أنه قال: بعد دولة أحمد بن الحسن ومن تبعه الملك الخراب الممزق للكتائب.
وفي هذه الأيام انحطت الأمطار بحمد الله في جميع اليمن، المشارق والمغارب، وهو مطر الصيف، فصيفت جميع بلاد اليمن، وصار الناس في مذاري الذرات، وأما الأسعار فباقية على الارتفاع؛ لأنه لا يردها إلا الصراب، وقد لحقت الناس الأعسار في جميع مدة محمد بن المتوكل من حال تولي صنعاء وقيامه بعد أحمد بن الحسن، وفي مدة أحمد بن الحسن إلى الآن نحو إحدى وعشرين سنة ، فلله الأمر من قبل ومن بعد. ولما تحول حال محمد بن المتوكل، وتقضت أيامه، وكان قد حَصَّل في معبر أبنية وحوانيت خربها أهلها، وحملوا أخشابها وعادت كما كانت أولاً، لم يبق فيه إلا أهله الأصليين عبرة للمعتبرين.
وزيد بن المتوكل لما طلع من اليمن الأسفل كاتب إلى أطراف بلاد سنحان للقيا له، وأن صنعاء في ولايته، فمنعهم صنوه حسين، فخرج عند ذلك إلى بلاد ريمة وما يليها.
[129/أ] ووصل كتاب من يوسف بن المتوكل يذكر فيه الدعوى من جملة غيره، فقلت في جوابه في ظهر كتابه ما هذه صورته:

وعليكم السلام، وصل مكتوبكم هذا بالتعزية في صنوكم، فإنا لله وإنا إليه راجعون، والله يخلفه على المسلمين بأحسن الخلافة ويتلقاه بالرحمة والرأفة، وأن يجمع كلمة المسلمين على الخير. وذكرتم دخولكم بعده للإمرة، وجعلتم ذلك مشروطاً برضى غيركم، فقد شارككم في ذلك كثير مثل صاحب المنصورة وصاحب صعدة وغيرهما من الرؤساء. وذلك محل التنازع المنهي عنه، وفيه عدم السعي في صلاح الإسلام؛ لأن كل واحد شرط ذلك، والشرط يتوقف على المشروط، ولم يتم المشروط؛ لأنهم منازعون لبعضهم البعض في دعوى المملكة، وكل أجابه أصحابه وأهل نعمته ميلاً إلى الدنيا، فكان القياس أنكم تجمعون كلمتكم بهؤلاء الذين يريدونها، كما توقف القاسم بن محمد المؤيد رعاه الله وحسين بن حسن. وأما هذه الانتصابات في كل جهة فهي خلل على المسلمين، ولا ينظر أحد منكم إلى صلاح الخاصة، بل صلاح العامة وتحرير النية؛ لأن النية إذا كانت مشوبة بما يفسدها من طلب الملك فسدت وبطلت، وأما شروط الإمامة الكاملة فنعلم ويعلم غيرنا تعذرها، وعدم الأهلية لها فيمن قد طلبها. فالأولى التوقف صيانة للمسلمين من الاشتجار والاختلاف فيما بينكم، وأنتم أرحام، وقطيعة الرحم فيه الوعيد الشديد في القرآن والسنة.

83 / 94
ع
En
A+
A-