ووصل كتاب من أحمد بن زيد إلى بعض أهل اليمن يذكر فيه أنه كان خروجه إلى بلاد نجد وقصد فروح وبني حسين، وذكر الشريف أحمد بن زيد أن خروجه من مكة كان سابع عشر شهر جمادى الأولى سنة سبع وتسعين وألف ، وكان رجوع الشريف من الحجاز كانت حول المدينة، ثم رحل مكة مع الحجاج.
[113/أ] وفي نصف شهر الحجة قبض المؤيد بلاد تعز، من البلاد التي كانت مع صنوه علي بن المتوكل، فتغير من ذلك حسين بن علي بن المتوكل إذ محصولها بلاد والده. وأرسل رسولاً إلى المؤيد من أجل ذلك، وكاتب إلى صاحب المنصورة وتقوى بجانبه إن احتاج إليه في حفظ بلاد والده. وعند هذا سار[113/ب] صاحب عمران حسين بن محمد بن أبي طالب إلى حصن مبين بحجة، فتعب من ذلك المؤيد كثيراً وأرسل إليه أنه يعود إلى محله، فاعتذر بأن معه هناك حلة من مدة أحمد بن حسن، وطلب منه المهلة وهو يعود، فاستمد من البلاد بعض شيء مما كان له منها، معيناً وزاد؛ لأن أحمد بن الحسن هو الذي كان ولىَّ بلاد حجة والده محمد بن أحمد؛ لأجل دخوله تحت طاعته، وجعل له من محصولها جانباً، واستثنى جانباً، فاستمر على ذلك ولده بعده ، وكان هذا العزم طمعاً في ثبوت اليد له عليها أجمع. والمؤيد كان قد كتب أنه يقتصر على المعتاد له، ولا يسلم إليه أحد من أهل البلاد.
ودخلت سنة سبع وتسعين وألف
استهلت بالحساب بالثلاثاء وبالرؤية الأربعاء، وحصل في هذا اليوم مطر من أوائل الربيع عم أكثر اليمن الأعلى والأسفل، وتهون السعر الثلث مما كان أولاً، لكن حصل من قبل الدراهم الانكسار في البيع والشراء؛ لأجل ترك الضريبة، فنقص الصرف للقرش بدون وزنه بمثله من هذه الدراهم، مع كثرة النحاس فيها، فإنه كان الصرف للقرش للتجار بعشرة حروف أولاً وهذا الوقت بلغ إلى ستة أحرف، مع أن الأسعار والأجر بعد ارتفاعها أولاً لأجل فرق الدراهم ما نقصت بنقص الصرف، لعدم جري الضربة على مقدار واحد، لا يختلف، فأوقع في هذا الخلل.
وأخبر الحاج أن السعر كان بمكة[114/أ] الكيلة بستة عشر بقشة مصري، والزوارأخبروا أنه كان بالمدينة المنورة الكيلة بأربعة كبار، وأن تلك البلاد والحجاج صالحة، وأن الغلا في اليمن. وأخبروا بقوة يد أحمد بن زيد وكثرة الخيل والجند معه، يبلغ الخيل معه في هذه المدة بعد عود الزوار إلى قريب ألفين فارساً، وأن يده امتدت على جميع بلاد نجد، إلى قريب نجران والحرجة وإلى صبيا في تهامة.
والسيد صلاح أمير الحاج اليماني لما عاد من الحج إلى الغراس مات فيه، وقد كان متأثراً من الطريق. وكان قد أهدى المؤيد إلى أحمد بن زيد هدية زيادة على المعتاد من الدراهم التي عودها والده، فأهدى نحو ثلاث خيل من الجياد، وثلاثة سيوف من السيوف الهندية العظيمة، واتفق اشتجار بين الحجاج حال الدخول في بلاد الحرامية على الطريق بين تركي خواجا وبين عسكر السيد صلاح من مرهبة، فقتلوه، فقبض السيد على القاتلين وسلمهم إلى السيد أحمد بن زيد بن محسن، فحبسهم الشريف وقال: يكون النظر للشريعة في أمرهم.
وفي آخر نهار الأربعاء سابع شهر محرم مات الأمير عبد القادر بن الناصر بن عبد الرب بن علي بن شمس الدين بن الإمام شرف الدين بحصن كوكبان، وأنزلوه إلى شبام، فقبروه جنب والده. وكان إليه جميع ولاية بلاد[114/ب] لاعة من كوكبان إلى منابر تهامة والطور.
وفي ليلة نصف شهر محرم خسفت القمر في برج الجوزاء عقب نصف الليل، ابتدأها بسواد ثم بحمرة وتجلت أول السحر.
وفي هذا الشهر مات الذانبي المتولي لبلاد لحج، فحصل طمع اليافعي في تلك الجهة، فقدم تقدمة إلى نواحي جحاف، وجهز إلى أبين، وقال: هو في ولايته من محمد صاحب المنصورة من تلك الأيام السابقة. فلما حصل هذا الحاصل كتب صاحب المنصورة إلى المؤيد وإلى بني عمه من الولاة وإلى مشائخ البلاد أنهم يمدوه بمعونة، فإن أهل المشرق قد صاروا في حدود بلاده، وتعقب ذلك رتبة أيضاً إلى قعطبة من اليافعي، يقال: إن رئيسهم السيد عبد الرب، وأن الغرباني رئيس الذي بجحاف، قيل: وهذه الحركة من اليافعي بسبب الغرباني، كما قالوا أثار حفائظهم، وحثهم على ذلك. وكان المؤيد قد أحسن إلى الغرباني هذا وأعطاه وشرى له بيتاً وفرشه له بالمفارش الرومية، يتألفه بذلك فما نفعه ذلك، وصار يطعن في سيرته وسيرة إخوته وأهل دولته، كما كان يطعن في دولة الذين قبله، ففرح يافع بهؤلاء لما طابق هواهم والقدرة لله تعالى.
وكان من جملة كتب محمد صاحب المنصورة إلى المؤيد: إنك إن كنت باني على المعونة، وإلا ترفعنا عن هذه[115/أ] البلاد، فكان حاله فيها كحال مجير أم عامر ، فإنه كان في تلك الفتنة الأولة التي جرت في يافع معيناً ليافع على الدفع والإمداد لهم، كما تواترت به الأخبار عنه معهم، ثم هاهم رجعوا على بلاده ومحاربته.
وفي نصف صفر وصل الزوار فأخبروا أن الخير بالمدينة والحجاز كثير، سعر الكيلة أربعة كبار، وأن عند أحمد بن زيد جمع كثير من الخيل والرجل............. وأن الخيل وجدها تأتي قريب الألفين.
وفي هذه الأيام بشهر ربيع الأول عادت جوابات كتب صاحب المنصورة عليه من القبائل ومن بني أعمامه، فذكر الأهنوم في جوابهم أنهم لما نزلوا المرة الأولى مع أحمد بن المؤيد وأنقذوا محمد بن أحمد صاحب المنصورة من الغرق لم ير لذلك منهم مروة، ولا جازى أحداً منهم من المصروف والكسوة. وهذا المخرج المطلوب إن كان فيه ما يحملهم من المصروف والزاد، ويكون لهم أمير يسير معهم بخزانة كاملة لما احتاجوه فهم يسيرون، وإن كان غير ذلك فهم باقون، فأرسل به القاسم صاحب شهارة إليه بجوابهم. وكان جواب قبائل بني الحارث وهمدان أن قد خرجوا الخرجة الأولة واحتاجوا حاجة شديدة ولهم جوامك مقطوعة، فإذا أرسلوا لهم بالجامكية إلى عندهم ساروا. وكذلك مثله جواب أهل الحيمة. وأما جواب صاحب صعدة فأجاب بأنه مشغول ببلاده والعسكر الذي عنده يحتاجهم للمحافظة عليها، مع أن قد تغلب عليه بلاد نجران ولم يتمكن من أخذ شيء من واجباتهم في هذا الزمان، وأنهم منعوا بلادهم بالرتب[115/ب] ولم يصل شيء منها. ومع اشتجار بلاد خولان واختلافهم فيما بينهم وهم العمدة معه وأكثر عسكره منهم، فلم يبق له يد عليهم نافذة، ثم ذكر أشياء من المطاعن في سيرة المؤيد من نحو ما كان يطعن به على والده المتوكل آخر مدته، كما سبق ذكره. ولكنه قدم كتاباً إلى المؤيد يذكر أنه إذا هو باني على الحركة فقد اجتمع له طائفة كثيرة، وشرط أن يعوضه في بلاد اليمن لأجل ما يحتاجه ومن معه، فتغافل عن جوابه للنظر كيف يكون خطابه، وما تمس إليه حاجته.
وبسبب هذه الأحوال واختلاف الأنظار والتنازع حصلت الضعف في هذه الدولة، واستولى اليافعي على سوق بقار بحدود الدمنة وقعطبة، واصطلح هو وابن شعفل، وكانت أيديهما واحدة، وأمنوا طريقهم إلى جهات عدن، وأخذوا المجابي التي كانت بقعطبة على العادة السابقة.
وحسين بن محمد بن أحمد بن القاسم أبو طالب صاحب عمران لما سار من عمران إلى حجة، كما سبق ذكره، وكانت رسل المؤيد عنده، فلما تم عمله من استقراره المدة التي طلب لحنان أولاده، ذكر الرسل ما يكون الجواب وأنه يأذن لهم في العود، فأجاب بأنه يثقل عليه الارتحال، ويتعذر عليه الإجابة إلى دخول الحجرية وحدود يافع على كل حال وأنه باقٍ بين أهله ولا يتعرض في شيء، بل العهدة على السادة من بني جحاف في الولاية على العادة. ثم لما بلغه تحرك عمه من صعدة طلع وخرج من مبين وعاد إلى عمران، فعاد الرسل، وهو وقف في حصن مبين[116/أ] وأراد التباعد عن المؤيد وحفظ الحصن لأمل معه يريده من الدنيا والاستيلاء على تلك الجهة عند التمكن منها، كما قال تعالى: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا } . وصار كالمستجير في الحصن، لما قد أصابه من الهزيمة في البلاد اليافعية، وتلك القضية، وأنه إذا تمكن فهو يطلع من بعد إلى عند المؤيد، وتقاعد عن الحركة وحط رجله في العقبة، وظهر من حاله أنه في هذه الساعة راضٍ بما تيسر له، ولا يعرج على ما قطعه المؤيد إن قطع من معتاده من حجة إلى وقت تنزيعه إذا أمكنه آمال معه مبسوطة، والحكم لله العزيز في جميع الأعمال المقدرة.
فلما بلغه تحرك عمه من صعدة بجيوشه فتحرك حينئذٍ واستأنس وقوى جأشه، وقال: أما مع الإجتماع فتتوجه المسارعة إليه من غير نزاع، فطلع من حصن مبين وخرج عنه إلى عمران وبنى على السير مع الطلب، لكنه تثاقل كأنه ينتظر وصول عمه إن تم وصوله، وهو أقرب إلى العجز والملل. وعند أن عرف المؤيد أحواله أمر بقطع نصف دفعة حجة عنه، ولما تأهب الناس وخرج يحيى بن محمد من البستان، وكان قد تقدمه النقيب فرحان إلى جهات ذمار، وبلغ ابن العفيف ذلك ترجح لأن يبعث كتاباً إلى المؤيد، وإرسال دراهم من الواجبات، وقال: هو مطيع ومسلم للواجبات، ويعتذر مما جرى في أطراف الدمنة من قبله، والتعرض في ذلك إنما كان على وجه[116/ب] أنه وصل جماعة كالمستجيرين إليه وأنه بعث معهم من بعث، وليس قصده بذلك الخلاف مما فيه في الظاهر المخادعة. فحصل الشك مع المؤيد وقال: إذا الأمر هكذا فلا وجه حينئذٍ لقصده، وقال حسين بن حسن وغيره كيف الرجوع وقد تعبت في الكتب إلى كثير من الجهات؟ وقد ارتحل أولهم، هذا لا يصلح. وتقدم حسين بن حسن إلى رداع، ولما تحقق يافع هذا الاجتماع رفعوا رتبهم من سوق بقار وقعطبة، ولم يبق إلا جحاف، وكتب إلى المؤيد أنه قد كان وضع له تلك البلاد وغيرها محمد بن أحمد بن الحسن الأيام السابقة، وأما جحاف فاستبقاه، وقال إنه في الأصل من حدود بلاده. وكان قد أول العسكر وصلوا إلى يريم، فلما بلغ صاحب المنصورة بالإمداد جهز إلى جحاف جماعة من العسكر رئيسهم ولده إسماعيل وابن مغلس الحجري وغيره، فلما قاربوه هربت يافع إلى بلادهم، ودخل أصحاب محمد بن أحمد بن الحسن إلى جحاف، وكان هذا آخر شهر ربيع الأول.
وفي غرة شهر ربيع الثاني اتفق قران الزهرة والمريخ في برج الحوت.
وفي هذا الوقت وصل خبر أنه وصل زيادة من عسكر السلطنة من عند أحمد بن زيد صاحب مكة إلى صبيا مع واليها الشريف طالب بن حسين، وإخراج عنها الفقيه الوالي الذي كان في بعض بلاد صبيا من قبل حسن بن المتوكل من مدة والده، فقال: أصلها لنا وللسلطان.
[117/أ] ووصل كتاب من اليافعي إلى المؤيد في نصف شهر ربيع الآخر يذكر فيه من جهة محمد بن أحمد بن الحسن أنه ما زال يجهز إلى تلك البلاد التي كان دخلها مثل أبين وغيرها، وأنه رجع في وضعها له، وأنه كان وضعها له، وكذلك جحاف قد دخله أصحابه. وأنه بلغه أن إعانتكم له وتجهيزكم، فمع ذلك قد خلع الأمر الذي كان بينه وبين المؤيد على يد صنوه علي وأنه قد بنى على المخالفة في كلام معناه ومحصوله هذا، وكتبوا يومئذٍ إلى سلطان الإسلام، فاستشار المؤيد الحاضرون، فأشار من أشار منهم أنكم إن كنتم بانون على دخول يافع، فتحتاج إلى قوة عسكر، وبذل خزائن، وصبر على المراكزة كما فعل سنان باشا في المدة السابقة، وإن كنتم بانون حفظ البلاد هذه التي كانت قد دخلها اليافعي فهو الأصلح لكم وأعنتم محمد بن أحمد وظاهرتموه وهو الأمر الأيسر لكم والأقرب في هذه الساعة، فاستحسنه. وجهز زيد صنوه بالمظاهرة ليحيى بن محمد وفرحان الذين قد ساروا إلى[117/ب] جهات بلاد مريس، وزيد وصل إلى يريم ظهراً لحفظ البلاد التي قد استرجعها محمد بن أحمد، وتقوية له، وأرسل محسن بن أحمد بن الحسن صاحب الغراس إلى بلاد جبن، واستقر الأمر على هذا.
وهذه السنة ما زال السعر فيها مرتفع، البر بلغ إلى سبعة أحرف من حساب قرش واحد، ولكنه دون سنة القحط الكبير الذي في سنة تسعة وسبعين، فإنه بلغ فيها سبعة عن قرشين وكسور؛ لأن الصرف كان ذلك التأريخ من ثلاثة حروف، والقدح كان أصغر، وإن كان القدح قد فيه زيادة على ما كان زمن حيدر باشا وأول هذه الدولة بقدر النصف، ولكن فيه غلا، والحكمة لله. ولقد أخبرني رجل وصل هذه المدة إلى صنعاء، يقول إنه شريف من مدينة قندهار ما بين بلاد صاحب سمرقند وبخارى والأزبك وبين بلاد الشاه عباس الإمامي قال: نفس مدينة قندهار مذهبهم اثني عشرية على مذهب الشاه عباس، وهم خارجها حنفية لأنها طرف بلاد الشاه وما اتصل بهم بلاد بلخ حنفية تتصل إلى سمرقند وسلطانها وسلطان صاحب سمرقند والأزبك بلاد كاشغر حنفية كلهم، فقال المذكور: بلادهم بلاد خير، والأسعار بالنظر إلى اليمن رخية، وأن قدر عشرين قدحاً بقرش، والخمسين الرطل من السمن بقرش، وبلادهم تزرع الأرز والبر والشعير والعنب والفواكه دون الذرة، فلا تجيء في بلادهم لأنها باردة بردها أشد من جبال اليمن؛ لأنه ينزل فيها الثلج في الربيع والشتاء، والأنهار تفجر من آثاره من الجبال ويزرعون عليها، هذا ما ذكره المذكور.
[118/أ] وفي نصف شهر ربيع الآخر دخل يحيى بن محمد والأغا فرحان قعطبة وسكنوا فيها، وكان اليافعي بعد انهزام أصحابه من جحاف بدخول عسكر محمد بن أحمد بن الحسن صاحب المنصورة، كما سبق، بعث الغوائر في بلاده واجتماع قبائله، وزعم أن جحاف في الأصل من بلاده. فلما اجتمعوا وساروا إلى قربه ذلوا وجبنوا، وذكروا الغوائر منهم التي أغارت على جبل حرير، وما قتل منهم من الجمع الكثير منهم، لا سيما بعد أن بلغهم وصول يحيى بن محمد وفرحان بمن معهم إلى قعطبة، فرجعوا عن قصدهم ذلك إلى بيوتهم، وانكمشوا في معاقلهم ودورهم وتفرقوا شذر مذر . وكان بعضهم قد دخل جبل حرير، وأرادوا التبريد له والتحرير، فطلع إليهم الشيخ هادي بن شعفل، وقال: جبل حرير من بلاده، ولا يصلح أن يكون محلاً لهم، لئلا يحصل بسببهم معرة على قبائله، وكان قد بقي في أبين نحو ثلاثين نفراً من يافع ما تحتهم طائل، وعلى الجملة إن يافع تحيزت إلى بلادها وانقشعت جميع ما كان أقدموا إليه من نواحيها.
وفي سادس وعشرين شهر ربيع الآخر كان تحويل سنة العالم بدخول الشمس أول درجة الحمل، فكان المشتري في العقرب، والمريخ في الثور، وكذا الزهرة وعطارد وزحل آخر السنبلة، والقمر في الحوت، والذنب بالقوس، وكان أيضاً طالع السنة[118/ب] اختلاف الرأي، حتى إنه كما قيل وقع بينهم فرقة وقتول.
وفي هذه الأيام خرج بعض مشائخ يافع يريد المواجهة إلى قعطبة، فلقيه في الطريق الشيخ عبد الغفار بن شيبان فكأنه أخبره بمرض المؤيد، فكان ذلك سبب عود الشيخ إلى بلاده.
وفي نصف جمادى الأولى وصل أحمد بن المؤيد من نواحي بلاد شهارة في أصحابه وبعض مشائخ بلاده قدر أربعمائة، ومر صنعاء، سكن بها قدر ثمانية أيام. وصنوه القاسم بن المؤيد نزل من شهارة واستقر بخمر، وأجاش كثيراً من أهل تلك الجهة، وأظهر أن هذا إجابة للمؤيد في طلابه الأول، فاجتمعوا إلى خمر وأمرهم بسكون بيوت أهل خمر، فقالوا له: ما يصلح دخولهم البيوت إلا ما هو معتاد وما زاد فالخيام، فلم يعذرهم، فاستنكر منه ذلك من لم يعرفه على ما هو عليه من اعتقاد تلك الجهة فيه. ولما استقر أحمد بن المؤيد بصنعاء ضرب الناس فيه وفي صنوه القاسم الظنون والأوهام، وقال من قال: هذا يريد أنه إذا جرى على المؤيد بن المتوكل حال هو الأمير وصاحب الكلام، وأن مراده في الباطن التقرب من صنعاء والبسط عليها، وحسين بن المتوكل داخله الوهم أيضاً فقيل: أنه كتب إلى صنوه المؤيد أنه يرسل لأحمد بن المؤيد إلى حضرته، ثم سار أحمد بن المؤيد إلى معبر.