وفي خلاله بأول شهر[57/ب] القعدة انتهب القبائل أبين وتصرفوا فيه بالنهي والأمر، وانقطعت طريق عدن، فأرسل محمد بن أحمد صاحب المنصورة ولده الحسن بجماعة من العسكر إلى بلاد الحواشب، ورفع الخبر بذلك إلى المؤيد وهو يريد بذلك الاستظهار على صلاح بلاده إن احتاج إلى شيء منه. فعند ذلك قال المؤيد: الصواب أن هذا المخرج يكون إلى بلاد يافع وأن هذا كله بسببهم، وكتب إلى إخوته وبني عمه بالتبريز والتأهب، فراجعوه بأن هذا يحتاج إلى نهضة قوية، فلا ينبغي فيه العجلة، فأجاب بأنه لا بد من ذلك، وأنه يعينهم بما يعين من خزائنه إن احتاجوه إلى شيء. فبرزوا جميعاً المؤيد في قاع بكيل، وحسين بن المهدي خارج الغراس، وأحمد بن محمد خارج صنعاء، وحسين بن محمد بن أحمد خارج عمران، وحسين بن حسن برداع، وعلي بن المتوكل باليمن الأسفل، ثم تقدم حسين بن حسن إلى ضوران، وفرح بهذه الحركة لما قد جرى من يافع معه، فوصل إلى ضوران لمزيد التحريض للمؤيد بتمام الحركة والهمة، وكذلك طلع عليه علي بن المتوكل إلى ضوران. ولما وصل حسين بن المتوكل من رداع صحبة حسين بن حسن لقيه أولاده وشكوا عليه ما جرى معهم من التقصير في السبار بسبب عمهم المؤيد، فإنه قبض محصول البلاد، فتغير من ذلك وعاتب صنوه عند وصوله بمعاتبة طويلة.
وفي هذه الأيام لما حصل قلة الطالع من السليط من بلاد لحج وقعطبة بسبب ما جرى من القبائل وارتفاع ثمنه[58/أ] بصنعاء أحدث فيها سبع معاصر للسليط مخروطة من الحجارة، وبالغوا فيها لأجل غلاء السليط وقلة طلوعه من اليمن الأسفل، بسبب ما جرى في قعطبة وبلاد لحج وأبين من التغيرات والانتهاب والفعلات، وعصروا فيها الخردل؛ لأنه الذي يزرع في البلاد العليا دون الجلجلان؛ لأنه لا يصلح إلا في البلاد الحارة دون الباردة.

وفي شهر القعدة مات السيد العارف علي بن حسين بن إبراهيم بن جحاف المتولي على بلاد حجة، وكان موته بمستقره في حصن مبين، وكان والده هو المتولي لها من زمن الإمام المؤيد محمد بن القاسم ثم ولده محمد بن حسين ثم صنوه علي بن حسين هذا. وإبراهيم جدهم هو الذي كان متولياً للمطهر بن شرف الدين في بلاد الأهنوم وظليمة في أيامه، وخالف عليه، وقبض عليه المطهر وحبسه بحصن ثلا، ومات في حبسه، وأصل محل السادة من حبور في بلاد ظليمة.
وفي أول شهر الحجة قبل عيد عرفة وصلت كتب من محمد بن أحمد صاحب المنصورة إلى المؤيد يذكر أن بينه وبين المؤيد شروط ما تم منها شيء، وظهر منه أنه إن لم يوف له بها، رجع إلى ما كان عليه أولاً وحصل معه اضطراب في الرأي[58/ب] بحيث أنه عند ذلك أمر برفع الوطاق الذي كان برزه على جهة المشرق، فعند ذلك أرسل المؤيد صنوه إبراهيم إلى عنده وأقطعه بلاداً من بلاده، قيل بلاد أبين ولحج وكل ذلك إرادة منه أن تكون يداً له عليه، فلما وصل إبراهيم إلى يريم بلغته كتب من صنوه بأنه يبقى بيريم ويبسط عليها، فهي تصلح له، وقد سكنها أولاً، وهي بلادهم في الأصل، وأما النزول والتولية على شيء من بلاده فلا سبيل إليها، فأراد السكون فيها، وعيَّد عيد عرفة بها، ثم طلع علي بن المتوكل من اليمن الأسفل قاصداً حضرة صنوه المؤيد، ولما مر بلاد يريم أمر إبراهيم بالنزول وتمام أمر المؤيد صنوه، فنزل المذكور واستقر بجبلة.

ولما أرسل محمد بن أحمد صاحب المنصورة ولده الحسن بجماعة من العسكر إلى الحواشب الذين حولي بلاد أبين ترفعوا عنهم واستدم بعضهم وتركوا التغيير في الطريق. وأما أبين ولحج وخنفر فحصل فيها الضعف لأجل ما جرى فيها من القبائل من الفتن، وحصل يومئذٍ اضطراب الرأي واختلاف الأقوال فيما بين محمد ومحمد ، فحينئذٍ كتب المؤيد إلى حسين بن المهدي وأحمد بن محمد وغيرهما بأنهم يتأنون عن الحركة حتى يكون البادي منه فيها. وأما بلاد يافع فإنهم أجابوا على المؤيد مع رسوله أنهم يسلمون الواجبات بشرط أن[59/أ] لا يتولاهم حسين بن الحسن وأن بلادهم لهم.
وعلى الجملة أن الأمور صارت مضطربة.
وفي عيد عرفة حكم السيد مهدي الكبسي بأن أول الحجة الاثنين والعيد الأربعاء، وكان الناس غير مترقبين لهذا لأجل المنازل، فعمل المؤيد وأهل صنعاء بحكمه وعيدوا الأربعاء، وأما سائر البلاد فعيدوا الخميس، ومن الناس من احتاط فضحى في يوم الخميس.
وبعد الصراب للأثمار نزلت الأسعار في جهات صنعاء إلى ثلاثين بقشة الذرة والشعير مع كبر القدح عما كان سابقاً. وأما اليمن الأسفل فسعره مرتفع زائد على صنعاء، القدح فيه بخمسين بقشة خلاف العادات الماضية، فإنه يكون سعره دون اليمن الأعلى. وحصل في بعض الجهات في الذرة عسل حصل بسببه النقص فيها، وهذه البلاد هي الحيمة وما يليها غربي صنعاء، بحيث أن بعض الناس أكل من العسل ذلك الذي فيها فهلك منه.

ودخلت سنة أربع وتسعين وألف
في ثاني الشهر وصلت كتب الحاج من مكة بأن الحج كان تاماً، وكان الوقوف يوم الأربعاء والعيد الخميس، ورخص السعر، وصلاح الثمار وطيبها وكثرة الحاج الشامي والمصري، وأن العراقي هذا العام كثير، وأما اليماني فضعيف إلى الغاية. وأخبروا أن الولاية من السلطان تقررت لسعيد بن بركات ، ثم وصلت الحجاج فأخبروا بمثل ذلك. وأخبروا أن يافع اشتهر الخبر المستفيض بمكة بأنهم كتبوا إلى السلطان بما فعلوه من التغلب على بلادهم وإخراج ولاتهم وأن[59/ب] دولة اليمن قد صارت ركيكة، وأن السلطان يبعث طائفة من عساكره، وهم عون لهم في الاستيلاء على جميع اليمن.
قالوا: واتفق انهدام بعض الآبار في طريق الشامي لما ازدحم عليها الناس، فهلك جماعة فيها.
وفي شهر محرم خرج حسين بن أحمد بن الحسن من الغراس إلى صنعاء لمَّا طلبه المؤيد لأجل المخرج إلى المشرق، ووصلت الأخبار من يافع بأنهم قد خربوا رأس النقيل الذي في جبل العُرّ، وجعلوا فيه خنادق وبنوا فيه النُّوَب والقليع وحصنوه، وأن قد صار ابن العفيف مستعداً بالمال والرجال والبنادق الكبار، وصار مظهراً للدفع والقتال وعدم الامتثال. وكان خروج حسين بن المهدي بعد أن اختار له الفقيه أحمد الذيبة الذي كان يعتمد والده، فقال له: يخرج يوم الأربعاء ثامن شهر محرم، فخرج من الغراس ضحاً، وكذلك خرج من صنعاء ضحاً في يوم الإثنين ثالث عشر شهر محرم، واتفق في ذلك جميعاً أن الطالع كان الدلو وفيه الذنب، كما اتفق في المخرج الأول لمن سبق، والفقيه أحمد اعتمد الساعة وحلول القمر في البروج، ولم ينظر إلى الطالع، مع أن التوكل في جميع ذلك كان هو الأولى، ثم إن في اختيارات الأيام لجعفر الصادق أن يوم ثامن الشهر غير مختار للأعمال، وكذلك الثالث عشر.

وأما بلاد بني أرض وهي بلاد الرصاص فلما بلغهم التبريز والحركة أرسلوا منهم جماعة أنهم مواجهون[60/أ] وأنهم غير مانعين لمَّا كانت طريق يافع في بلادهم، وهي وطا لا معقل مانع فيها، وقد عرفت قاعدتهم فيما مضى في خلافاتهم على عامر بن عبد الوهاب وعلى الوزير حسن أنهم تبع ليافع، ولكنهم ينظروا ما يفعلوا، فإن أنهضوا ومنعوا كانوا من المباشرين لمن في بلادهم كائناً من كان، وإن كانت يافع إلى الغلبة أقرب كانوا من المتخلين.
وفي هذه المدة وقع بين سفيان بينهم البين حرب قتل منهم جماعة، من جملة المقتولين شيخ بني رهم داود. وأخبر الحجاج من بني عضيَّة الذين جاءوا طريق السراة أنهم لما وصلوا قرية مضفاة وجدوا جماعة على أبواب قريتهم مقتولين وذلك لغزوة غزتهم قرية أخرى بينهم وبينهم خصومة وفتنة لا تزال ثائرة، لعدم الدولة عليهم؛ لأن هذه البلاد بين دولة صاحب اليمن والشريف صاحب مكة ما بين الحرجة وبين تبالة وبين هذين المحلين نحو خمسة أيام، وهي البلاد المقابلة لبلاد الحرامية على طريق تهامة، ومن جملتها قرى وادي ذهبان شهران ، فهذه البلاد لا دولة عليها لانقطاعها وانفصالها بين الدولتين دولة صاحب اليمن وصاحب الشام.
قال الحجاج: فلما وصلوا إليهم قالوا لهم: بينهم حاسب يريدون يحسب لهم فيما صار يجري بينهم وبين خصومهم، وأن خصومهم صاروا ينتصرون عليهم ويضروهم، فقال الحجاج: ما بينهم حاسب، فرسموا عليهم وقالوا: لا بد[60/ب] فلم يطلقوهم إلا بعد أخذ أيمان بعضهم والتشديد عليهم.
قال الحجاج: وكان صرف القرش بالطائف من ثلاثة حروف ونصف مصري، وبمكة من ثلاثة حروف مصري.

وفي يوم السبت ثامن عشر شهر محرم في آخر الساعة الرابعة والطالع الحوت والمقابل لبرج السنبلة فيه المريخ خرج أحمد بن محمد بمن معه، فبات بحدة بني شهاب، ثم سار ضوران. وخرج في هذا اليوم من عمران حسين بن محمد بن أحمد بن القاسم إلى الروضة ثم إلى ضوران بأصحابه، ولعله كان خروجه من عمران ضحوة النهار، والطالع في ذلك الوقت يكون الدلو، وفيه الذنب، وتعقبهم صاحب كوكبان خرج يوم الاثنين عشرين شهر محرم، وإذا كان ضحوة النهار خروجه فكذلك الطالع الذنب.
وأكثر هؤلاء الرؤساء أسماؤهم حسين، أولهم: حسين بن حسن، ثم حسين بن المهدي، ثم حسين بن محمد بن أحمد، ثم حسين بن عبد القادر، وهذا من عجائب الاتفاق. وبذل حسين بن حسن من خزائنه معونة للمؤيد في سبار العسكر. ولما وصل حسين بن المهدي جهران قبض على ثلاثة أنفار عرفوهم بأنهم جواسيس من يافع وأمر بالزناجير في رقابهم، فلما وقع ذلك بهم اعترفوا من بعد وأخبروه بأخبار يافع، وأنهم قد حصنوه وغيروا الطريق قريب جبل العر وخندقوه، ودفنوا في الطريق البارود على ضفة الساقية تصل إليهم، وبنوا على أنه متى وصل إليه العسكر اليمانية وسبر الحرب أحرقوا البارود ليحرقوا فيه، وهذه مكيدة عظيمة وقد لا يؤمن أن يجعلوا في أطرف بلد من يافع في بيوتها شيئاً من البارود لأجل إذا دخلوها حرقوها بهم. فصار حسين بن المهدي يحذر أصحابه من ذلك متى دخلوا إليها[61/أ]، وبنوا المتارس وحصنوا جبلهم بكل ممكن.
وفي آخر المحرم تكاملت العسكر للمؤيد ومن طلب معهم من الحوايش والغواير وساروا ضوران، وعند ذلك ظهر من أن حوزة خرجت من رداع أضافها أصحاب حسين بن الحسن إلى يافع، وأنها منهم مضمونها الافتخار بما فعلوه من تغلبهم على بلادهم وإخراج حسين بن حسن منها بقهرهم، وأنهم يأتون على غيرها من اليمن إن لم يتركوا قصدهم، وأرعدوا وأبرقوا، ومن جملتها بمعناها:
ونستولي على ضوران قهراً .... ونقسِّم المنهوب لكل دال

فقيل: إنها منهم على الحقيقة وقيل: إنما هي معمولة مزورة من أصحاب حسين بن الحسن؛ لأجل حمل الناس من أصحاب المؤيد على قصدهم، وأجاب عليها من أجاب على لسان حاشد وبكيل، وتوعدوهم بالاستباحة لبلادهم وبهذا تغيرت نياتهم. وعند هذا أثار للسيد محمد بن علي الغرباني من بني مكنى بالرجوع إلى عادته الأولة من الرسائل على هذه الدولة والطعن في السيرة، كما فعل مع المتوكل في المدة الماضية، فأظهر رسالته وخرج من صنعاء إلى بلاد خولان، فاستقر بعَاشِر ، فأرسل في الأثر زيد بن المتوكل جماعة لقبضه وإرجاعه، فلما وصلوا إلى خولان قال أهل خولان: نكتب إلى المؤيد، وما اقتضاه نظره كان، فجاء جواب المؤيد: أن السيد يبقى عندكم[61/ب] بشرط أن تقيموه حيث اختار البقاء، وإن أحب الوصول إلينا وصلتم به، ويقام بما يحتاج إليه منا، فاختار البقاء عندهم هذه المدة يريد بفطانته أن ينظر ما يكون من أهل المشرق وفتنته، ويؤمل أنه إذا لهم غلبة أن يدعو إلى نفسه، كما قال الشاعر :
مصائب قوم لقوم فوائد
وكما قال الآخر :
لكل امرئ من نفسه ما تعودا
ومن جملة ما يقول في رسالته التصويب لعمل يافع في الخروج على هذه الدولة، والمنع لبلادهم عن هذه الغزوة.

ولما وصل الرؤساء والأجناد إلى ضوران جمع المؤيد السادة القضاة، وقال لهم: المراد التجهيز إلى يافع لمَّا أصروا على التغلب على بلادهم، وعدم الامتثال لما أمرناهم، فما عندكم من الكلام؟ فتكلم الحاضرون بأن رأيكم حسن والناس قد وصلوا إليكم للإجابة، وقد أعذرتم إليهم، وما غدر من أعذر. وأجاب القاضي محمد بن علي قيس الثلائي بأن يافع تجرموا من الولاة عليهم وشكوهم ووصفوا الجور عليهم، فيجب عليكم إنصافهم وتحويل الولاة وإزالة المظالم التي زادت فيهم وقدحوا بها على الولاة عليهم، فأجاب[62/أ] عليه حسين بن المهدي في الحال بالجواب الحاد وقال: يا قاضي أنت أفتنت بين إمامين وبايعت بيعتين وفعلت الذي فعلت، والآن بعد هذه الجموع لم يبق إلا التقدم عليهم، وإصداق الفعل فيهم فقد أظهروا المباينة على الإطلاق، وليس لمجرد إزالة الوالي بالاتفاق، فقال القاضي: المراد التوقف على أقوال العلماء، فقال حسين: ليس معنا إلا السيف، فسكت القاضي، وأصبح الصباح، وأمر بالسفر وراح، ثم تبعه الآخرون، وهم على مراده موافقون.

وأهل يافع لما كانت بلادهم جبالاً عالية وهي في جانب من اليمن وزاوية أعزتهم جبالهم ومنعتهم حصونهم، ولأجل عسرة الطريق من غير الطريق الشرقية إليهم ووعارة مسالكهم واجتماع كلمتهم وميل البلاد الشرقية المحاددة لهم إليهم مع وسعتها وامتدادها، فإن بلاد يافع جبال ممتدة من فوق دمت وقعطبة إلى فوق عدن، مسافة خمسة أيام مع ما يليها من البلاد المشرقية، فلهذا من قديم الزمان عسرت عن تناولها للدول لمن قصدها، فكانوا مع الدول الأولين[62/ب] في العالم لا تتصل بهم من الدول، وإن اتصل بهم أحد على مشقة ما زالوا يترقبون فرصة بسبب اختلافهم في ذات بينهم، ويتغلبون على بلادهم، ويطردون عنها واليهم، كما فعلوه مع الوزير حسن ومع بني طاهر، مع أن مذهبهم شافعية فكان مقتضى مذهبهم ومذهب أهل السنة الصبر على جور السلطان، وعدم الخروج عليه والطغيان. وهم مع ذلك قد كتبوا إلى السلطان ابن عثمان كما جاء الخبر به مع الحجاج، وأخبروه بضعف دولة اليمن، وأنهم قد تغلبوا على بلادهم وأخرجوا عنها حسين بن حسن بالسيف الضارب والقهر الغالب، وذلك إرادة منهم الاستنصار بهم، وإرادة أن يعينوا عليهم، وإلا فإنهم لا يريدون الدولة من حيث كانت.
وفي عشرين صفر وصل الزوار من المدينة المنورة فأخبروا أن سعر الحبوب كان بالمدينة مرتفعاً، وأما مكة وجدة فهو متهون دون ذلك. وذكروا أن النهر الذي أمر السلطان بجره من مكة إلى جدة بلغ إليها، وانتفع الناس به فيها، ودخل إلى داخلها وبني فيها مسجداً يدخل الغيل إليه، فكان ذلك من المحاسن العظيمة والصدقات السلطانية، وقوت جدة هذه المدة وزادت في عمائرها، وكذلك المدينة بسعاية السلطان، هكذا أخبر الزوار[63/أ]، وأخبروا أن أمير الشامي لما وصل إلى بدر توفي فيها.

وفي هذه الأيام بآخر شهر صفر وصل الخبر أن ابن العفيف صاحب يافع وصل جوابه على حسين بن المهدي إلى الزهراء بعدم المواجهة. وكان عند وصول الرسول وهو القاضي حسين بن يحيى المخلافي القبض عليه والترسيم لديه، وانتهب حوائجه، وقال: لولى أنك رسول لكان الأمر غير هذا فعند ذلك أزمع حسين بن المهدي بالارتحال إلى جهاته، والبِنَا هو ومن معه على قتاله، وعند ذلك اقترن من صاحب المنصورة إلى بلاد يافع حدود وإرسال معونة، وأرسل ولده الحسن بن محمد إلى مساقط بلاد يافع، والتقى هو وابن العفيف بعد المكاتبة فيما بينهم، قيل: واتفقوا على التظاهر على الواصلين من قبل المؤيد، فطلع إلى بلاد يافع من طلع، وتأهبوا معهم للحرب . وكان محمد بن أحمد صاحب المنصورة أقواله مضطربة، وكتبه ما زالت مختلفة، آخرها ينقض متقدمها، فإنه ما خرج صنوه حسين بن أحمد بن الحسن من الغراس إلا بعد وصول كتاب منه إلى أخيه بأنه قد بالغ من أجل يافع في الرجوع على ما كانوا عليه، والإذعان لما يطلب منهم من غير مشاققة ، فلم يجد منهم إجابة، ولم يبق هناك ما يصلح فيه المعاودة، فظن حسين بن أحمد بن الحسن أن الكلام عل ظاهره، فخرج من الغراس ظناً أنه لا [63/ب] يحصل نقض من جانب صنوه ولا مخالفة، حتى وصل إلى ضوران وبلغه ذلك الاجتماع والنية لقصد ذلك الشأن، وصل كتاب آخر منه بما ينقض ذلك وأن الشروط التي بينه وبين المؤيد ما تمت بعد أن كان وعده محمد بن المتوكل أنه يزيلها على التدريج مما يقدر عليه. فلما لم يتم حصل ذلك عذراً له وقال: أنه باق على ذلك الأصل ولا سيما بعد تحريك وقع من المؤيد عليه بكتاب كتبه ووصل إليه، مضمونه: طلب اللقيا له والمفاوضة، والاجتماع على حرب المشرق على اليد الواحدة. وربما فعل من الكلام بعض شيء مما نفره، فعاد الأمر الأول جذعة ، وجهز ولده الحسن إلى لحج ينتظر ما يكون، كما سبق ذكره، ووصل حينئذٍ إلى الزهراء صالح الرصاص وأولاده في حكم المواجهين، وأنهم

72 / 94
ع
En
A+
A-