وفي هذا الشهر هرب جماعة من عسكر علي بن المتوكل من تعز إلى حضرة محمد بن أحمد المهدي إلى المنصورة في جملتهم خيل وأعيان أصحابه، وشكوا تقاصر أحوالهم، وأن علي بن المتوكل قال: ما يُسَلِّم لهم من الجامكية إلا النصف، فأنصفهم وقررهم عنده وأوفاهم بجوامكهم، وأخذ أيمانهم أنهم منه وإليه مع الوفاء لهم، فضاق علي بن المتوكل من ذلك. وهرب من عند محمد بن المتوكل أيضاً جماعة عسكر إلى حضرة المهدي في هذا الشهر لعدم العدد لهم من جملة أهل حضرته وهم أيضاً أعيان عسكره وجمهورهم، فقررهم وعدَّ لهم المهدي وقال لهم: هم منه وإليه، فتغير أيضاً محمد من ذلك الأمر.
وفي هذا الشهر كَتَبْتَ إلى محمد بن الإمام، لمَّا حصل بعض ظن بقبول الكلام الشفاعة في تخفيف مطالب اليمن الأسفل، فقلت فيه ما لفظه: لا يخفاكم كثرة مطالب اليمن الأسفل، والولاة صار عذرهم التشديد عليهم في عدم نقص المرسوم من الدفعات، وهي قد زادت على المدة السابقة في زمن شرف الإسلام الحسن بن الإمام القاسم بقدر النصف، فالأولى الرجوع إلى الأصل المتقدم، مع أن الأولين كانت أحوالهم متكافئة، والبركات معهم والرعايا متكاثرة، فإذا أمكن سعيكم في حط[207/ب] نصف المطالب فهو الواجب، ولقد بلغ أن من جملة المطالب مطلبة الصلاة، فإذا قيل للجاهل صلّ قال: قد سلمت دراهم الصلاة. ومنها مطلبة أدب التتن، مع أنه يؤخذ فيه الزكاة، فهذه مناقضة، ثم بعد ذلك افتقاد فقراء كل جهة يصير إليهم من كل بلد ومن كل وال بقدر حالهم، ولا يلجأوون إلى الطلب كما كان يفعله الأئمة المتقدمين مثل الهادي وشرف الدين وغيرهما، ويستمر ذلك على الوجه الذي فيه الهنا، والله يصلح أحوال المسلمين، ويجمع أمورهم على الخير ورضا رب العالمين.

وفي الحديث عنه÷ أنه قال: ((ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)) كما في السنن لأبي داود وغيره، وحديث الصحيحين عنه÷ أنه قال: ((لا توكى فيوكى عليك )) والله أعلم، انتهى بحروفه.
وكتبت إلى الملك الزاهر بن الحسن بكتاب أيضاً نحو هذا، وذكرت له التخفيف على اليمن الأسفل والعدل، لتحصل رحمة الله بالمطر وصلاح الثمر، وذكرت الحديث: ((ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)) وأنه ينبغي رفع الزائد على ما كان في زمان والدكم شرف الإسلام الحسن، ويبقى الأصل أو يزاد عليه اليسير مما يحتمله الرعايا، ويسقط الزوائد، فإنها زائدة النصف على ما كان وأكثر.
وفي آخر شهر ربيع الأول وقع قران الزهرة والمريخ في برج الحمل في سابع وعشرين الشهر المذكور .
وفي هذه الأيام جمع محمد بن المتوكل كتب والده فجاءت ثلاثة عشر ألفاً، وقسم منها بعضها مما وجد فيه رسم والده، رأيت وصايا والده، أول وصية بوقفها، ثم رجع عنها في وصية أخرى، ثم جعلها في آخر وصية للمصالح وأطلق، وإنما استحسن ولده إخراج ما هو مرسوم. وكان فيها كتب الإمام القاسم، وهي ثمانمائة، وهي وقف ذرية اختلطت بكتبهم، ولم ينتفع ورثة الإمام القاسم منها بل ذهبت مع المتوكل، فإن الفقيه حسين بن محمد قيس خزان الإمام المؤيد بالله بشهارة ذكر أنه قبضها المتوكل جميعاً من خزائن المؤيد بالله بشهارة، فهي بين كتبه، ومات وهي في يده، وبعضها لورثة القاسم مطالبون فيها وهي معهم غير نازلين فيها، والله الموفق.
[209/أ] وفي هذه المدة عارض قصيدة البردة في مدح سيدنا محمد÷ الفقيه مطهر بن الحسين بن عبد الله مسعود بقصيدة حسنة، ما قصر فيها، وشرحها شرحاً وافياً بعقودها ولغتها وإعرابها ومعانيها وبيانها، ومستهلها قوله:
يا حادي الركب عرج نحو ذي سلم

عسى يوافيك أهل البان والعلم

ومر سلعاً ولا تخشى وقيت أذىً

فيه وسل عن بدور الحي في الأكم

إلى آخرها وجملتها ثمانية وثمانون بيتاً، استطرد فيها معجزاته÷، وشرحها شرحاً بديعاً، وقرَّض هذا الشرح الذي هو في مجلد الفقيه محمد بن حسن الحيمي بقوله:
إن ترد مطلباً رفيعاً كريماً

وكلاماً منظماً تنظيما

ورياضاً فيها زهور وربيع

من بديع يشفي الفؤاد الكليما

فتأمل هذا الذي ألَّف النَّدب

وكن بالذي حواه عليما

إلى آخرها وسمى ناظم القصيدة المذكورة (المطلب الرفيع في شرح أزهار الربيع).
وفي ربيع الأول حصلت زلزلة في ضوران، فلله الحكمة.

وفي شهر ربيع الثاني أزال محمد بن المتوكل قِبَال سوق الحب بمدينة صنعاء كان عليه كل يوم أربعة عشر حرفاً، فأزالها، ولم يبق إلا أجرة الكيالة أجرة المثل قرش على القدح.............. من غير دراهم، وقبال على الكيالة، ليحصل بذلك الصيانة وإزالة المظلمة. وقد زادت القبالات في الأسواق[209/ب] على ما كان في دولة الأتراك زيادة كبيرة، كان على سوق الحب في دولة الأتراك في كل يوم حرف واحد وللكيالين أجرتهم قدر ثلاثين كبيراً وعشرة كبار لشيخ السوق، وكذلك سائر الأسواق بصنعاء هذا القدر وأقل منه. وكان سوق الحطب عليه في دولة الأتراك مائة بقشة، والآن عليه كل يوم أربعة عشر حرفاً فأكثر، لا قوة إلا بالله، والعدل كان هو الواجب على هذه الدولة، فإنهم يقولون: إنهم ينهون عن المنكر والمظالم، فأقل حالة أن يردوا ذلك إلى ما كان زمن دولة الأتراك، فأنه عدل كبير لو فعلوه، أو إلى ما كان أول دولتهم، وكان هذه الزيادة أكثرها من سنة سبعين وألف في المطالب، وإلا فإنها كانت قبل أقل. زادت على أول الدولة هذه بمثل النصف، وزادت على دولة الأتراك مثل ثلاثة أرباع، والبلاء في هذه المظالم إنهم صاروا يرضون بمن يزيد في القبال ويتوهمون أن ذلك مصلحة لهم، ولا يعرفون أن الذي يزيد هو يزيد على الناس في المظلمة من هؤلاء المتقبلين والولاة، فلو كان حسموا جميع ذلك وأخذوا المطالب المعتادة في جميع اليمن الأعلى والأسفل ليحصل العدل ويزول الجور، كان هو الواجب عليهم.
وفي هذا الشهر بيوم السبت[210/أ] رابع عشر الشهر المذكور خرج المهدي من الغراس إلى شُرَع بالرحبة مما يلي بلاد الخشَب، فبات فيه وأمر حال خروجه من الغراس بتحريق التتن الذي فيه، وتكسير المديع على ساكنيه، فلما بلغ المتسببن بصنعاء من البياعين للتتن خبوه في البيوت، وخافوا عليه الفوت، وغلاء سعره على ما كان قبله حتى بلغت الأوقية إلى ثمانية كبار سبعة كبار.

وفي نصف ربيع الآخر مات محمد صالح، الطبيب العجمي الإمامي الإثني عشري الرافضي بصنعاء،كان المذكور محترقاً رافضياً غالياً، سبَّاباً للصحابة رضي الله عنهم، قال: وأصله من الجيل والديلم من بلاد العجم، قال: وتلك الجهة قد صار أهلها رافضة اثني عشرية بعد [أ[ن] كانت زيدية ناصرية في الزمان القديم، وأنه على دين أصحابه في الرفض، وكان يستريح لمن في اليمن من الزيدية الجارودية؛ لأن الجارودية يوافقون الرافضة في القول بالنص الجلي في علي، ويتحاملون على الصحابة رضي الله عنهم، ويذم الواقفية من الزيدية الذين يتوقفون في المشائخ.
قال مرة لواحد منهم: لا بد أن تقول: الإمام علي وغيره من الصحابة ليس كذلك، أو تقول: المشائخ أئمة كمذهب أهل السنة، ولا واسطة كما لا واسطة بين درهم مليح ودرهم نحاس، أين الواسطة بينهما؟ فانقطع ذلك وغلبه بالحجة[210/ب] لأنه لا واسطة، بل خلفاء أو غير خلفاء، وكان قد بلغ في السن على قوله فوق مائة سنة، وأقعد آخر مدته، وكان لا يستر مذهب الرافضة، مرة قال: إمام اليمن إسماعيل بن القاسم غير إمام عندهم، وإنما هو سلطان ملك وأمير كما أن الشاة عندهم كذلك؛ لأن الأئمة إنما هم اثني عشر لا غير، وكان لا يغسل رجليه بالماء للوضوء للصلاة بل يمسحهما من غير خف على مذهب الإمامية، وكان يقول: إنه طبيب فيقصده بعض الناس فيطلب منهم دراهم كثيرة إن سلموها وإلا قال: ما عنده شيء أو فعل له من الدواء ما يزيد في علته، قاتله الله.

روي أن مرة تداوى عنده رجل كان اسمه عمر، فأشار عليه من شار أنه إذا سأله عن اسمه فيقول: محمد؛ لئلا يفعل له ما يضره لكراهية التسمية بعمر، فداواه حتى برئ، ثم جاء آخر فقال: يداويه بمثل ما داوى عمر فقال: من هو عمر؟ اسمه محمد قال: بل اسمه عمر فأرسل له بمعجون يهلك منه، وقال له: بقي فيه بقية من ألمه يستعمله، فاتفق أن وضعه الواضع في بيته أكلته شاه، فهلكت في الحال، وهذا من شدة خبثه، قاتله الله، وسلَّم الله ذلك الرجل.
وفي هذه الأيام ظهرت ضريبة الملك الزاهر المهدي، وهي ذهب أحمر في حجم الدرهم جعل صرفه بحرف، من العددي من حساب الدينار سبعة حروف وليس بذهب خالص بل فيه غش فضة، وكذلك قطعة فضة في حجم ربع القرش جعلها بصرف حرف من العددي، وسماها رُبية، وكتب في وجهها: ((لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي خليفة حقاً المهدي لدين الله)) وما أحد تقدمه في هذه الضربة باليمن أصلاً ولا في هذه الكتابة، ولكنها اضمحلت بسرعة، وزاد غلت الأسعار بسبب هذه الضربة، وزيادة القدح قدر الثلث فأكثر.
وفي آخر شهر ربيع الآخر وصل عبد الله بن أحمد بن القاسم من حصن مبين بحجة لما تكرر طلبه من المهدي، وشدد عليه وتوعده إن لم يجيء.
ووصل السيد أحمد بن إبراهيم المؤيدي من بلاد صعدة.
وفي شهر جمادى الأولى جاءت جراد من المشرق من بلاد عمان، وأخبروا بأن بلاد عمان حصل فيها قحط، وغلاء وجراد في شهر جمادى الثاني.
[211/أ] وحصل في أول هذا الشهر قران الزهرة والمريخ في برج الجوزاء، وكذلك قران زحل والمريخ في آخر برج الجوزاء أو أول السرطان.

وفي هذه الأيام أظهر القاسم بن المؤيد أنه يسير إلى صعدة، ثم إنه بقي يقدم رجلاً ويؤخر أخرى، وهو إن كان علي بن أحمد يساعده ويعاونه فعل إن له هناك نفس، وإلا فإن البلاد لغيره. واضطر إلى أنه يقدم كتاباً إلى صاحب صعدة، فأرسل صاحب صعدة بكتابه إلى الملك المهدي أحمد بن الحسن، فلما بلغ قاسم ذلك فتر عزمه وخاب أمله.
ووصل في هذا الشهر والي حجة السيد علي بن حسين جحاف، فاستخف المهدي بجنابه، ولم يتلقاه عند وصوله ولا وافقه، بل خرج له بعض أولاده، ولم يوافقه إلا في اليوم الثاني في المجلس العام للقاصي والداني، ووصل بشيء من الدراهم، فاستقلها فزاد مثلها.
وفي آخر هذا الشهر تفضل الله بالأمطار العامة في وسط الخريف، فصلحت الثمار.
ووقعت صاعقة بذهبان أصابت سيداً من بني المؤيد، وكذلك بسعوان أصابت امرأتين، وكان في المطر شدة ريح اقتلعت سيَّالة كانت خارج باب اليمن، وأخربت حدرات، وساق ذلك المطر إلى أقاصي المغرب وعم المشرق والمغرب، فلله الحمد.
وحصل نكتة من بعض أولاد محمد بن أحمد بن القاسم بالروضة[211/ب] ومعهما المهتدي الهندي الشاعر يسامرهم وينشد أشعار المجون لهم، فبلغ المهدي أعمالهم وعادتهم أمر عليهم عسكراً للقبض عليهم. وكان قد وقع منهم تعدِّ على ساقي الغيل في الليل وهم سكارى وجناية فيه وهم ثمالى، فوجدوهم العسكر على الشراب وغيره من الفواحش والإنكار وقبضوهم وكتفوهم، وساروا بهم إلى الحضرة المهدية، فكبلهم في الحديد وأمر بهم حصن ذمرمر للتشديد، وحبس البغية التي كانت تسامرهم، وهرب المهتدي.

وفي رجبها مات القاضي أحمد بن علي العنسي الأصل ثم العياني ثم الصنعاني ببيته بير العزب غربي صنعاء، وقبر بخزيمة، وكان عارفاً بالفقه لا غيره من فنون العلوم، فلم يكن له فيه معرفة ولا لمسه، إنما كان فقيهاً بحتاً، مقرراً للقواعد لا يميل عنها على قاعدة المذهب، ودخل آخر مدته في بلوى القضاء. ولما مات المتوكل إسماعيل وقام بعده أحمد بن الحسن لم يقل بكماله، ولا اعتقد إمامته، ولا حضر الجمعة في مدته.
وفي جمادى الآخرة مات الشريف لطف الله بن علي بن لطف الله بن مطهر بن شرف الدين بالروضة وهو في الخريف، وكان المذكور له معرفة وبعض مشاركة، ولكنه كان جامد القريحة بعيد الهمة، بحيث أنه أسمع بعض الجزء الأول من (صحيح البخاري) على بعض الواصلين إلى صنعاء من دمشق، وهو الحاج محمد كزبر مدة سنة كاملة، ولم يبلغ إلا إلى صلاة الجماعة، وهذا شيء ما قد اتفق في قراءة فيما علمناه، وسبب ذلك أنه يعسر عليه الإملاء ويتلكأ فيه ويختل عليه مجاريه[212/أ]؛ ولأن شيخه المذكور الحاج محمد كزبر الحنبلي الدمشقي الواصل إلى صنعاء هذه المدة ببضاعة من مكة كان يملي عليه جميع شرح ابن حجر العسقلاني (فتح الباري على البخاري) فطالت القراءة بسبب ذلك. وكان هذا السيد قد دخل في مذهب الشافعي، ولبس لباس الفقراء، ثم إنه بعد ذلك تأهل بزوجه، وله منظومة في معتقده يذكر فيها أنه شافعي، وترك مذهب الهدوي وخرج عنه.

وكان يعتقد تكفير الرافضة والجارودية من الزيدية لأجل سبهم للصحابة، لردهم آيات كثيرة في مناقبهم، ومع ذلك كان لا يزال متجرماً من بني زمانه وبغضهم وغلوهم في بعض الصحابة رضي الله عنهم. وكان يشكو عليّ من حالاتهم، ويصف لي من أوصافهم، وأهم بالارتحال إلى مكة والمدينة للمجاورة والسلامة من سماع أقوال هؤلاء الذين يتعرضون للسلف الصالح بما لا ينبغي بمقامهم، وما فيه من الرد لكثير من الآيات الواردة في القرآن بفضائلهم ومناقبهم، مع تواتر الأخبار من السنة المنورة فيهم، وعند ذلك أنشأ رحمه الله هذه[212/ب] القصيدة الفريدة، والأبيات الرائعة المفيدة للسيد الماجد، علم الآل الفراقد، لطف الله بن علي بن لطف الله بن المطهر بن أمير المؤمنين يحيى شرف الدين، قاطعاً مادحاً لجده سيد المرسلين وآل بيته الميامين، وصحابته الأطهار الصادقين، وهي هذه:
رب يسر وأعن يا كريم:
أحرق البين فؤادي المستهاما

وجفا جفني لذكراك المناما

كلما لاح على ربع لكم
بارق أنحل جسمي والعظاما

أو نثرت ريح صباً من نحوكم

ملأت قلبي ولوعاً وغراما

عز عني يا حبيبي وصلكم

بعد ما صار فؤادي مستهاما

كيف أسلو بعدما يا منيتي

قد سقاني سحر عينيك السقاما

وكساني الحب وجداً فيكم

هيج الشوق وأشجاني دواما

وسباني حسنكم بين الورى

فلذا يا فاتني همت هياما

إن نوى قلبي سلواً عنكم

لا سلا القلب ولا رمت مراما

حبكم ما باح لحمي ودمي
فعن العذال قلبي قد تعاما

فأنا المضنا بكم يا جيرتي

وهواكم في حِما قلبي أقاما

وحياة الحب يا أهل الحما

إن وجدي لمواكم قد تراما

وودادي وغرامي فيكم

وولوعي واشتياقي قد تساما

وتلافي مهجتي في حبكم

أنا راضيةً وإن كان حراما

أهل ذاك البيت جار لكم

من ذوي القربى أتى يرجو الذماما

وجاءكم يا سادتي معتذراً

يخش أوزاراً تناهت وأثاما

[213/أ] كلما رمت وصالاً منكم

عاقني الذنب فمالي والملاما

فمتى أحضى بكم يا سادتي
وأطوف البيت ركناً والمقاما

ثم آتي زمزماً قصدي بها

أغسل الذنب وأوزاراً عظاما

فإذا جاوزتها أرقى الصفاء

وإلى المروة أسعى يا نداما

يا رفاقي من معي نحو منى

نقصد الموقف ندباً والتزاما

نقف آثار كرام سلفوا
ذكروا الله قعوداً أو قياماً

فإذا نلنا به كل المنى

ورأينا الخطب للخطبة قاما

وحَدَى حادي المطايا مسرعاً

وإلى وادي منى يبني الخياما

لليالٍ بمنى قد شرعت

وغدت للحج يا صاح ختاما

يا إلهي إن قصدي طيبة

فإذا بلغتني نلت المراما

لأزور المصطفى خير الورى

وكذا آلاً وأصحاباً كراماً

واغفر صفحات انخدفي
عرصات لهم تبري السقاما

يا رسول الله يا أشرف من

نصر الحق ومن صلى وصاما

اصطفاك الله نوراً للهدى
ولأهل الشرك حتفاً وانتقاما

كم لكم من آية بينة

وصفات قد تعالت إن تساما

كم لكم من معجزات ظهرت

مثلما الشمس غدت تجلو الظلاما

فعليكم صلوات الله ما
غرد القمري وما ناح وحاما

وصلاتي وسلامي سرمداً

ما جرى دهر وما دار ودام

صل يا رب عليه دائماً

صلوات طيبات وسلاما

وعلى آلٍ وأصحابٍ غدا

بهم الدين عزيزاً لا يضاما

أهل بيت المصطفى أنتم لنا
سفن الأمن إذا خفنا المقاما

كل من جاء إليكم يعتزي
يأمن الخوف إذا خاف الخصاما

وكذا أصحابكم أضحوا لنا

مثل ما الأنجم لا نخشى ظلاما

حجة الله على كل الورى

بهداهم يهدى من رام اعتصاما

بذلوا لله منهم أنفساً

وكذا أهلاً وأموالاً جساما

سورة الفتح بذا شاهدة

58 / 94
ع
En
A+
A-