أيها السيد لغيرك، فأنت المدعو لها المخاطب بها إن كنت تعرف وتعقل، مع ما في التفريق بين المسلمين من المخالفة لنهي رب العالمين، ولكن الأمر كما قال الشاعر :
لهوى النفوس سريرة لا تعلم
وفيها بعض القضاة من بني العنسي تراهم يتدينون وينكرون على غيرهم بزعمهم وهم[196/ب] المستنكر عليهم بقعودهم في بلاد تجب الهجرة عنها، فإن بلاد برط وسفيان التي صاروا فيها يحكم فيها بالطاغوت على رؤوس الملأ لا ينكر ذلك أحد ويقطعون السبيل، وقد ذكرت لبعضهم ذلك، فقال: ما يكره تركه لها إلا أن له منها زكاة تصرف إليه، فانظر كيف آثر الدنيا على الدين! فلا قوة إلا بالله، وأمثلهم قال: لما اعترضته إن محلته وجيرانه شارط عليهم أن لا يحكم أحد منهم بالطاغوت في بلده، ولكنهم يحكمون به في غير حوطته، وهذا غير مصوغ له في التخلص من العذر في ذلك، كما لا يخفى.
ولما كثر منهم هذه السنين النهب وأذية المسلمين ابتلاهم الله بالقحط والجوع، حتى خلت أكثر بلادهم وطاسوا في الأرض، وأما طعن السيد في أحمد بن الحسن، فأحمد بن الحسن قام أميراً محتسباً، وإن كان عند نفسه إماماً، وأما شروط الإمامة فهي في الجميع غير حاصلة، والملك لله يؤتيه من يشاء وأهل اليمن هم كثير في الاختلاف والدعاوي، فلعل هذه لكون يده قوية في مصلحة صدم أولئك، وحسم شجارهم واختلافهم[197/أ]، ووجدنا الدلائل القرآنية، والسنة النبوية دالة على أن مقصود الشارع حسم الهرج والفتنة، والسعي في إصلاح الأمة، وفي الخروج بعد هذا الاستقرار ما لا يخفى من الهرج والتهييج للفتنة والأشرار، وكل أحد ممن يخاف الله ويتقيه يتورع عن إشعال نار الفتنة ولا يبتغيه، ففي الحديث عن النبي÷: ((الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها))، ثم إنا رأينا في الجفر المنقول عن الإمام علي ذكر أحمد بن الحسن بإسمه، بعد موت عمه بحروفه في مختصر بعض المطالب من جفر الإمام علي بن أبي طالب، الذي أخرجه الشيخ طاهر المغربي لوالده الحسن بن القاسم، ورأينا أيضاً في جفر آخر الذي فيه الملاحم لمحمد بن سالم يذكر فيه صفة إسماعيل بن القاسم ثم محمد بعده خادمه الملك بن الحسن، حيث قال ما لفظه: المائة الحادية عشر يظهر فيها الظلم، ويبطل فيها الشرع، فتصير الأرض هملاً كأيام الفترة، ولا تجود السماء يومئذٍ بقطرة، وفيها يظهر الإمام الرحيم صاحب القلب السليم فينفي الغين، وينهى عن كل شين، وبعده سبطه القوام المعروف بالإمام، يعاديه أقاربه، ويحبه وزيره وصاحبه، وبعده خادمه المنسوب إلى الحاء وهو الملك الزاهر، فيقرر المقررات ويعود العوائد.
وفي سنة 93 يظهر الخراب، ويمزق الكتاب، والله أعلم بالصواب إلى آخر ما ذكره، فقد أفادك ذكر الإمام القاسم ظهوره وقلة المطر في هذه المائة وكثرة القحوط، وهو كذلك وبعد سبطه أي ولده، وهو إسماعيل تطول مدته، وتمكن بسطته وأسقط المؤيد وبعده خادمه، هو أحمد بن الحسن المذكور خادمه، ومناصره والقائم بدعوته وأوامره في أيامه، وهو ملك كما وصف، فبعد ذكره في الجفر، لا يمكن أن يتم لأحد معارضته أصلاً، وهو ملك من الملوك أعطاه الله ذلك كما أعطى غيره قبله: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ } والله يصلح المسلمين. ويقال للسيد محمد: أما يكفيك ما قد جرى بين المهدي أحمد بن الحسن والسيد قاسم بن المؤيد من الفتنة العظيمة؟ وطول المكاتبة بينهما، والمناظرة! وإرسال الحكام لقصد جمع الكلمة! فلم يحصل بين الرجلين تسليم الآخر، حتى وقع بينهما التناحر، وكان المحكم بينهما السيف الذي جرى! ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد ، ولم يكن للأقلام بينهما جدوى، وقد سكنت الأمور بعد ما جرى، فما الفائدة في رد الفتنة جذعاً، أما تعتبر أيها السيد إلى ما مضى، وتقول على الدنيا العفا؟! وأن الملك لله تعالى يؤتيه من يشاء.
وحيث قد تم إعراض المذكور عنك، فذاك عُدَه أعظم غنيمة واسكن كما سكنت في المدة السابقة [197/ب] في مدة المتوكل، إن كنت تحب تأثير المصلحة.
ولو رجع السيد إلى داره وبين أهله وأرحامه، وخمل وسار سيرة أمثاله، لكان هو الأولى له من تجشم المهالك، وقد جرى عليه قلمه بجوابه، وهو لا يشعر في قوله: وكنت دعوت لما علمته من كمال نظامها فيّ، وعدم علمي أنه فيهما وفيّ، فنقض قوله لفظه كما ترى؛ لأن المعطوف حكمه حكم المعطوف عليه في الخطابات اللغوية، فإنه نفى بقوله: وعدم علمي أنه فيها وفيّ، أي وعدم علمه أنها فيه أي الإمامة بعد أن أثبت أولاً، فناقض كلامه، وجرى في نقضه عليه أقلامه، مع أنه كان في هذه الرسالة التي بعثها إلى الحكام بعضها يقول في مستهلها وفي كتاب عنوانها إلى من صدرها، أنه بعد وصول كتابكم إلينا، كما رأيته في كتاب صدره إلينا، ولم نكتب إليه بكتاب، ولم نذكر في شفة ولا خطاب، فتعمد الكذب مما يقدح في قائله وينقض ما يدعيه من كماله، ودعوى الكمال خطأ في أحوال هذا العالم، لا يجوز لأحد التفوه به؛ لأن القدر لا يفي به، ولا يتم لأحد دعواه، ولا يطيق له ولا يحواه، فإن المتفرد بالكمال إنما هو الله تعالى الذي لا شريك له، فأما هذا البشر المخلوق فهو ناقص على كل حال والله يبصرنا بعيوب أنفسنا ويغفر لنا.
وفي هذه الأيام خرج محمد بن أحمد من عمران، فصعق عند حال خروجهم في أبي سعيد مطر فهلك هو وحصانه جميعاً.
وفي نصف شهر القعدة وصل علي بن المتوكل وصنوه حسين من ذمار إلى صنعاء وسكنا عند صنوهما محمد فخطب صاحب المدينة[198/أ] إلى آخر شهر الحجة، وعادا إلى بلادهما. وكان أصحابهم قد استدانوا من العمانين بالمدينة حول ثلاث مائة حرف، فلما سار صاحب أمرهم لحقوه، فلحقهم الغرماء، فمنعوا عن التسليم لهم، وضربوا بعضهم على القاعدة التي ألفوها باليمن الأسفل، لعدم الضبط عليهم من أميرهم، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وفي هذه المدة رحل من شهارة الحِلل التي كانت فيها ساكنة من مدة الإمام القاسم وولده المؤيد بالله من أول الفتنة لما تقاصرت أحوالهم، وتقاللت مقرراتهم فاضطروا بالعود إلى بلدانهم، واستقروا حيث كانوا قبل، وسكنوا بأوطانهم، وقر فيها قرارهم كما قال الشاعر، وهو ابن المقرب:
ولكنها الأيام تبعد تارة
وتدني ولا بعد يدوم ولا قرب
وكان ذلك أول تغير على أهل شهارة من حالهم ووضع عليهم من افتخاراتهم، والتعاظم على غيرهم واستخفافهم بالمسلمين، واستحقارهم، وسوء الظن بهم، والعُجب قد نهى الله عنه، وتزكية النفوس، كما قال الله تعالى: {فَلاَ تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ اتَّقَى} وكانوا يعتقدون أن الأمر كله ينتشر من شهارة، وأن القائم فيها هو الغالب لكل غارة، ولم يعرفوا أن أمورهم منهارة، ولله قول الشاعر، حيث يقول:
هي الدنيا تقول بملء فيها
حذار حذار من بطشي وفتكي
ولا يغرركم مني ابتسامٌ
فقولي مضحك والفعل يبكي
ثم بعد هذا بأيام تبع الضرر سائر أهل شهارة، من الفقهاء والسادة، فوصلوا إلى صنعاء في غاية الحاجة، وبعضهم خرج عن شهارة، وتمزقوا كأيدي سبأ[198/ب] وملك عليهم من هو عندهم غير موافق لهواهم، ليعلموا أن الأمر لله لا لهم ((قل اللهم مالك الملك )).
وفي شهر القعدة سار علي بن أحمد صاحب صعدة إلى بلاد رازح، والعسكر يقبضون منهم المطالب، ويجرون عليهم ما كان عليهم من المراتب، فمنعوهم عن تنفيذ ما طلبوه، ولم يمتثلوا لما أمروه، وقالوا: لا نسلم إلى صاحب صعدة، ولا نرضى أحداً يأتي إلينا من عنده. وقال خولان: خطوطه عليه شاهدة برفع مطالبنا، وما وضعه لنا، فلم يقررهم أصحاب[199/أ] علي وقالوا: لا بد من التسليم منكم، لما به أمرتم، فقالوا: هذا السيف بيننا وبينكم، فاقتتلوا وراح من الجانبين نفوساً، وردوا أصحاب علي يؤوساً، فلما أن بلغ علي قصدهم، ودخل قلعة رازح. وعيال المتوكل إسماعيل بن القاسم قد كان استراحوا بهذا الصد منهم، والمنع لهم، لما في نفوسهم وقالوا: تلك البلاد لحسن صنوهم، والمهدي أحمد قالوا: ما كان ينبغي منه تخلية علي يتولاهم، ولكل منهم هوى والميل لمحبة الرياسة من الجميع، والمنافسة في هذه الدنيا وهو عين المحق عليهم، مع اختلاف نياتهم، فإن نيات الملوك مؤثرة في رعاياهم وبسببها يعود المحق عليهم.
وفي أول يوم شهر الحجة رحل أحمد بن الحسن من قاع الرقّة إلى الروضة، وكان قد لقاه صاحب صنعاء محمد بن المتوكل وغيره اليوم الأول إلى الرقة، وعادوا بيومهم، وأحمد بن الحسن دخل صنعاء من الروضة من باب السبحة مجرداً ، بُعَيد شروق الشمس.
[199/ب] وفي شهر الحجة العشر الأولة انتهبت دهمة من برط بعض حمولة خارجة من صعدة يقال: ستة أحمال، وغزوا إلى الجوف، أطراف بلاد معين، انتهبوا على أهلها إبلاً، قيل: وذلك بأمر السيد الغرباني إمامهم، فهو الذي أفتاهم بذلك وأغراهم، ولا يخفى ما في السعي لانتهاب أموال المسلمين والمساكين من الأمر العظيم، فلا قوة إلا بالله.
وفي شهر القعدة مات السيد حسن الحرة، صاحب عدن.
وفي هذا الشهر طلعت القمر ليلة سابع عشر من الشهر حمراء، ظن كثير من العامة أنها خاسفة، فالحكمة لله تعالى.
وفي هذه الأيام ظهرت زلازل في بلاد ريمة وأصاب وقعار وحراز، لم تظهر في غير هذه الجهة، فالحكمة لله تعالى.
وكتب القاضي محمد بن علي قيس إلى صاحبه قاسم صاحب شهارة رسالة يعظه وينهاه عن الجور في بلاد الشرف، لما استفاض الجور فيها مما تضرر منه أهلها، وهذا من عجائب أحوال الزمان، فإن القاضي كان قد بايعه ومال إليه وغلا فيه وشهد بإمامته، ثم شاهد بعد ذلك ما شاهد من الخلل والجور الذي هو رأس الإمامة في القول والعمل. وزال بسبب ذلك مع أهل تلك البلاد بعض الاعتقادات في السيد قاسم الأولة، وزال بما رأوه من الذي نالهم منه العقائد الماضية.
وأحمد بن الحسن لما بلغه ما جرى من آل دُمَيْنة من برط من النهب للقافلة من العمشية تغير خاطره، وبعث إليهم برسالة يتوعدهم فيها.
[200/أ] وفي هذه المدة قد كان تقالل السرق بصنعاء من السُرَّاق، ثم تحرك، فسُرق حانوت في السوق، ثم بعده ثلاثة بيوت، فتربص الحراس بصنعاء إلى دخول السَّرَق بيتاً، ثم أجمعوا عليه من خارجه مع زيادة من العسكر، فحازوه حتى لم يتمكن السراق من الهرب، فسلموا أنفسهم وطلبوا الأمان، فوجدوا اثني عشرة رجلاً عشرة من الحراس واثنين من السرق الذين يقال لهم بنو الرعدي من بني قرمان من سنحان. وقد تكرر منهم السرق، فحبسهم والي المدينة، ولم يقم عليهم الحد فيما قد سرقوه، وكان هو الواجب شرعاً عليه فيما فعلوه.
وفي غرة شهر الحجة وصل الخبر إلى صنعاء بالأمر العظيم الجاري بالمسجد الحرام كعبة الإسلام، ومحل الأمن والإحسان، والقبلة التي فرضها الله على الأنام، وذلك أنها أصبحت في بعض تلك الأيام وإذا في جدرانها وبابها الشريف وأركانها ومطافها وزمزم ومقام إبراهيم وسائر المقامات للحنفي والشافعي تلطيخ النجاسة، التي نزهها الله عنها وشرفها وطهرها من الوسخ والغائط، فلما أشرف الصباح وظهر ما فيها من تلطيخ تلك الأوساخ، حملت الحمية العينة التي فيها من العسكر الإنجشارية وقتلوا فيها قدر ستة أنفار وجدوهم فيها من طائفة العجم، وحصل فيها بعد ظهور القتل من أهل مكة الخوف والاحتياز بالبيوت، فأغار سائر أصحاب الشريف، وبلغ الخبر إلى جدة، فأغار أميرها إليها. وكان إذ ذاك الشريف بركات متولي مكة غائباً في بلاد نجد، فلما بلغه ذلك الخبر بعد حصول ذلك الواقع وصل إليها وقد انصرم ذلك الأمر الذي جرى فيها، فسكَّنوا فيها الأمر وأَمَّنوا طوائف العجم الذين بها من الإثني عشرية، ولم يعرف بحقيقة الفاعل بذلك الأمر، فمنهم من يقول: من القرامطة[200/ب] ومنهم من يقول: لعله من اليهود، ومنهم من يقول: من النصارى. وأما العسكر فقالوا: هم العجم، وهو يبعد ذلك منهم، لأنهم من المسلمين ما يفعل ذلك إلا من كان من الكافرين، وإن فعل ذلك أحد من المسلمين فقد كفر به وخرج عن الإسلام بعمله.
وعلى الجملة فإن ذلك الأمر عظيم، وفعل جسيم، فلا قوة إلا بالله العلي العظيم، ما قد جرى مثله، ولا اتفق فعله، والسلطان إذا بلغه ذلك يتغير منه، وكل مسلم من المسلمين، ومن يتق الله رب العالمين.
إلا أن الراوي روى أن هؤلاء الذين وجدوا صبح ذلك اليوم الذي ظهر فيه الحادث في المسجد ستة نفر من الرافضة العجم، فأخرجوهم إلى باب العمرة وقتلوهم فقد يمكن أنهم الفعلة فإن القرامطة أحد فرق الرافضة، ويظهرون الإسلام في الجملة، وأصلهم من طوائف العجم أو من غيرهم، والله أعلم بحقيقة حالهم، فقد روى بعضهم أنهم وجدوا هؤلاء الرافضة الذين قتلوهم في أيديهم أثار القذر.
ويحتمل أن يكون الفاعل من النصارى، فأما اليهود فهم كما قال الله تعالى:{ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ } ولأنهم يعظمون البيت الحرام في كتبهم؛ ولأن النصارى من الفرنج قد دوخهم السلطان ودمغهم بأخذ مالطة، وهي قاهرة لبلادهم وكسر ثائرتهم وشوكتهم وقتلهم وشردهم، لم يبق لهم قدرة على شيء من النكاية للإسلام. وقيل: إن السلطان كسر صليبهم في بلادهم، ففعلوا هذا لأجل ذلك، نكاية للإسلام.
ثم بلغ مع بعض الحجاج في السنة الثانية أن الفاعلين لذلك من النصارى، وظفر بهم في المغرب الجوان لما تحدثوا هنالك بما فعلوه، فقتلوا، والله أعلم.
واليهود في اليمن هذه الأيام صاروا في حيص بيص من أمر المهدي أحمد بن الحسن بإخراجهم من اليمن، مع ضعفهم والشدة والقحط العام بالمسلمين وبهم، والأمر بإخراب كنيستهم بصنعاء، فصار محمد بن المتوكل يراجع عليهم، والرجل مصرٌّ في شأنهم، واعتل بأن المتوكل قد كان يريد ذلك فيهم مع فتوى أحمد بن صالح بن أبي الرجال، والتحريض منه بنفيهم، وكذلك يحيى بن الحسين بن المؤيد بالله.
وفي هذه السنة اعترض المهدي أحمد بن الحسن بعض الفقهاء في التمشية وقال: لو كان واجهت في مصالح المسلمين وقضيت الغرض كان أقدم، فهز رمحه عليه [201/أ]وقال: هذا جوابك، فسكت الفقيه، والتمشية لا تنافي المصلحة مع إبلاغ الجهد في القيام بأحوال الناس.
وفي آخر شهر الحجة خرجت قافلة من بلاد حيدان، الطريق الغربية في العمشية، وفيها طعام وغيره قدر أربعين حملاً، فلما وصلت إلى حدود بلاد عذر قاصدين طريق الهجر انتهبها قبائل سفيان والعصيمات.
وفي هذه الأيام اعتذر يحيى بن حسين بن المؤيد بالله محمد بن القاسم بن محمد بن علي عن ولاية بلاد يريم، وقال: إنها ما قامت به وخدمه وأهل بيته وأصحابه، وأن فيها مقررات كثيرة، ثم لم يلبث إلا نحو أربعة أشهر ورجع إلى طلبها من المهدي، وشرط على المهدي ترك التحويلات والطوارئ من أهل المطالب، وإسقاط بعض المقررات، فساعده إلى مطلبه وأرجع ولايتها له، بعد أن كان المذكور حلف الأيمان لا تولاها، وحلف بطلاق زوجاته وإعتاق عبيده كما رواه الرواة عنه، واقتصر في هذه الولاية الثانية على خواصه. ولم يرجع العسكر الذي قد كان في الولاية الأولة جمعه، وكان يجتنب صلاة الجمعة في صنعاء، ويخرج إلى الجراف أو نحوه يتغافل عنها؛ لئلا يحضرها، ثم حضرها بعد هذه الولاية الآخرة .