واتفق بصعدة في شهر جمادى الأولى قضية، وذلك أن السيد أحمد بن إبراهيم بن محمد المؤيدي وجماعة من السادة والفقهاء في صعدة من الدَّرسة استنكروا على أهل فندق الحديد مناكير من المعازف والغناء ونحوها، حال عملهم في الليل للحديد، فرفعوا ذلك إلى علي بن أحمد والي صعدة، فحبسهم، فوصل إلىعلي بن أحمد الفقيه عمر المتولي على الفندق من قبل الإمام، فقال لعلي بن أحمد: هؤلاء أمرهم إليَّ، فاخرجهم من الحبس، فتغير السيد أحمد وسائر درسة صعدة، وقالوا: هذا منكر قد رضي به[101/ب] هذا الفقيه، فاجتمعوا جميعاً عليه وضربوه بجامع صعدة ضرباً مبرحاً، ثم خرجوا عن صعدة إلى محل السيد أحمد بن إبراهيم وبلده، وكتبوا إلى الإمام أنه إما أزال ذلك الفقيه وعزله، وإلا هاجروا عن صعدة، فأهمل الإمام ذلك الأمر بعد أن كان أهم بإرسال القاضي عبد الله التهامي في شأنه. والمنكر إذا قد ثبت يجب إزالته مهما أمكن على الوجه الواجب الحسن، غير أن مجرد الغناء فيه خلاف بين العلماء، والمختلف فيه على العامي لا ينكر عليه.
واتفق عُقْبه بصنعاء أن القاسم بن محمد بن الإمام خرج من مسجد الحميدي، فوافق ابن صائم الدهر الخمري ومعه خمر حامل له، فأمر القاسم خدمه بقبضه، فسل عليهم جنبيته، فأمرهم بكفه وضربه بيده ضرباً مبرحاً حتى سال دمه، فشكاه إلى والده وقال: إن الخمر له[101/ب] ثم إن والده محمد بن الإمام لم يعجبه ذلك بعد شكا إليه المضروب مما جرى له.
وفي آخر شهر جمادى الآخرة وصل كتاب من جدة إلى التجار أنه خرج إلى جدة والي يقال له: إبراهيم بيك، فتولاها [102/أ] ومعه بعض عسكر وزيادة إلى مكة.
وفي هذه الأيام اطلق الشيخ الهيثمي الذي كان محبوساً بحصن كوكبان بحبس الإمام فأكرمه صاحب كوكبان غاية الإكرام، وأركبه حصاناً، وسار شاكراً بعد أن حصَّل في الحبس قراءة القرآن، وهو في الأصل من البدوان، وطال حبسه إلى هذا الأوان.

وفي نصف جمادى الآخرة وقعت زلازل بضوران، تتابعت قريب مما حصل في العام الماضي.
وفيه اتفق قتل رجل سَلاَّط في شارع بالقطيع بصنعاء في الليل ولم يعرف قاتله.
وفيه اتفق خصام بين حمالين يقال لهم: العوبسات الساكنين في جبل الحفا، خارج صنعاء، وبين بني قرمان فقتل من العوبسات واحد ومصاويب من الجميع، كان ذلك بقاع الحفا على حمل حب لبعض من اكترى من الصراب إلى صنعاء.
[102/ب]وفي شهر رجب سار علي بن أحمد من صعدة إلى نَجْرَان ، لتغلب أهله عن المطالب، فقبضها منهم قهراً.
وفي هذا الشهر وقعت فرقة بين عسكر حسين بن الحسن برداع، فقتل واحد من أهل الشام.
وفي هذه الأيام ظهرت جراد جاءت جهات لحج وأبْين ، ومرت في اليمن غير ضرر.
وفي سلخ شعبان وصل طلاب لمحمد بن الإمام من والده الإمام، فسار إلى ضوران.
وفي هذه الأيام وقع بين بني أسد ومرهبة خصام وقتال على حدود المرعى،فقتل من مرهبة رجل وامرأة، ومن بني أسد رجل وامرأة، فخرج عليهم أدب من الدولة.
وفي هذه الأيام طلع السيد حسن الحرة من بندر عدن إلى حضرة أحمد بن الحسن بما معه من محصول البندر، وكذلك لحقه السيد حسن الجرموزي صاحب المخا، وصل إلى حضرة الإمام لمحصول الموسم فيه يقال: فوق مائة حمل من البز والدراهم، فاستقل ذلك المحصول الإمام، فإنه كان والسيد زيد يحصل قريباً منه، ولم يكن في مدته له إلا نصف محصوله، ونصفه لمحمد بن الحسن في أيامه.
[103/ب] وفي هذا الشهر زَلَّج الإمام الشيخ الدرع من مشائخ المشرق، الذي ضمن عليه الهيثمي، أعطاه عطاءً واسعاً، وسار بلاده بعطاءٍ فوق قدر حالهم ومنازلهم، وأما الهيثمي فمنع من عزمه الحسين بن الحسن.

وانقطع هذا العام والذي قبله ما كان يرسل به من حضرموت، وهو شيء يسير لا يكاد يقوم بما ينفعه على من وصل من مشائخه، مع أنه لم يبق منه إلا الإسم بعد الثمانين وألف، لعوده إلى آل كثير الذين كانوا أولا به، كما سبق ذكره، وكان حاله ذلك كما قال ابن المقرِّب في ديوانه:
أموالهم لذوي العداوة نهبة

وعن المكارم في ندا الجوزاء

لا يعرف المعروف في ساحاتهم
إلا كما يحكى عن العنقاء

وقوله أيضاً:
ولا يعد كريماً من مواهبه

تمسي وتصبح في أعدائه ديمَا

والبخل خير من الإحسان في نفر

أبرهم بك من أغرى ومن ختَما

وواسع الجود في أعداء نعمته

كمودع الذيب في بر له غنَما

من استخف بأرباب العلى سفهاً

وسامها الخسف أدمى كفه ندمَا

والإمام عذره التأليف لهم، لمصلحة سكونهم عن الفساد، ولكن فسادهم في تلك الأطراف على أنفسهم لا تزال بينهم.
والجراد عادت من الشام إلى الجنوب[104/أ] ولم تضر لظهورها في فصل الشتاء، بعد رفع الناس للثمار، مع أنها صارت تأكل من الحشيش والمراعي، ولم يحصل ضرر منها، مع سقوط الأسعار إلى الغاية، بلغ قدح صنعاء إلى اثني عشر بقشة، وهو زائد بالنصف على ما كان أول هذه الدولة، فيكون سعر القدح القديم الذي كان في مدة المؤيد بالله سبعة كبار ستة كبار.
وفي هذه الأيام لما طال بقاء الذين وصلوا من أطراف بلاد عُمان عند الإمام طلبوه الزلاج والإمداد، وإن لم فهم عازمون إلى بلاد السلطنة، وباشا البصرة وبغداد لطلب المعونة، وأن بلاد السلطنة إلى بلادهم أقرب من تلك الجهة، وأنها ما بين عُمان والعراق.

وروى بعض البدو من المعَضَّة الذين في سفال الجوف أن بينهم وبينهم مسافة سبعة أيام في الرمال، وبينهم وبين العراق مثلها، وكانت بلاد عُمان من أول إلى سبعة، كل جهة يليها شيخ بلادها وقبيلتها، ثم أنه استولى على الجميع هذا الزمان الذي فيها، فهؤلاء ممن كان[104/ب] الأمر في بلاد لهم، فمرادهم في الظاهر رفع يد سلطان بن مرشد العماني اليعربي عنهم. ولم يكن هناك مصلحة للإسلام من أهل اليمن، لدخولها، لبعدها ومشقة طرقها والمقاطع فيها فيما لا تحمل القاصد إليها بل ولا هي تحمل من سكنها لغير أهلها.
وقد قال تعالى: {وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ الله وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ } فإن هذه الآية نزلت في النهي عن إلقاء النفس في التهلكة في المقاطع والآفاق، من غير نفقات فيها وما يحملهم من أرادها، وهذا كالمتعذر، والبحر لا صناعة لأهل اليمن في عبوره وحروبه، ولأن اليمن كثير المعارضات من أهله والمخالفات، فإذا سارت عساكر إلى تلك الجهات رفعت رؤوسها من كانت المخالفة مضمرة في خاطره، فالأولى طي ذلك، والاشتغال بالموجود عن طلب المعدوم، والسعي في الإصلاح.
[105/أ] وفي ليلة الأربعاء نصف شهر شوال خسفت القمر فجراً في برج السرطان بعقده الذنب، وغربت خاسفة. وكان خسوفها العام الماضي في هذا البرج، إلا أنه كان عند طلوعها.
وكان في هذا الشهر أيضاً بأوله اجتماع الخمسة الكواكب برج الجدي الشمس والقمر والمريخ والزهرة وعطارد.
وجهز الإمام مع حاج اليمن الذين يعبرون طريق تهامة النقيب فرحان، فسار آخر الشهر.
وفي هذه الأيام وصلت أخبار بأن العماني خرجت جلابة إلى البحر، وفيها عساكر، ولم يتحقق قصده بها، والله أعلم.

وفي هذه الأيام قالت عجوز من عجائز صنعاء أنها تعرف زمان الإمام شرف الدين[105/ب] وزمان أولاده المطهر وعلي بن الإمام ، حيث كان في حصن ذمَرْمَرْ من قبل نزوله إلى اليمن، وجميع الباشات، وأن عمرها إلى الآن قد صار في نحو مائتين سنة.
وفي الشهر الماضي حصل في بلاد هِزَم قتل امرأة بضربة في رأسها من زوجها بسبب تهمة فيها في فاحشة تعدي عليها، بغير طريقة الشرع ظلماً وطرحها في ماجل، فاستجاش أبوها عليه فوقع مقاتلة راح جماعة من نساء ورجال، بسبب ذلك الفعال، فخرج عليهم أدب وعسكر من جهة الدولة.
وفي وقت السحر من ليلة السبت ثالث شهر شوال، وقعت زلزلة بصنعاء وغيرها، انتصب النائم من نومه، وتبعتها أخرى مثلها، فلله الأمر.

وفي هذه السنة والتي قبلها أصاب رجلاً في يده آكلة، ما زال معذباً بها مدة طويلة، لا يذوق فيها المنام، ولا يهنيه الشراب والطعام، حتى أجافت، ولا يقدر أحد يدخل منزله، الذي فيه مسكنه. وكان المذكور سناداراً أولاً في مسجد الخراز، ثم في مسجد الأبهر، وكان شاباً طويلاً عظيماً، ويقال: إنه من القبائل، ليس من أهل المدينة، ثم أنه لما طال به ذلك ولم ينفعه الدواء قطع يده اليمنى باختياره، أمر من يقطعها له[106/أ] ودملها بالسمن والقُطْرَان، وكان قد أشرف على الموت، ونحل جسمه، وصار عبرة لمن رآه. وسبب ذلك كما وصف الواصف أنه أفسد وجنى هو وآخر معه، وكان قد طال عمله وفساده، ثم إن والي المدينة محمد بن الإمام طلبه، فاعترف صاحبه، فأقام عليه حد الزنا، وهو مد يمينه لليمين فيما وقع منه وجنى، وربما قد فعل غيره من السيئات والعظائم من نحو السرقات، فوقع فيه تعجيل العقوبة، فنعوذ بالله من سخط الله، ونسأل الله الحماية وحسن الخاتمة، فمن رأى حالته هالته، وعلم أن التجارئ على الأيمان وسائر الكبائر والعصيان عظيم الشأن، وأما الأيمان الفاجرة فالأغلب فيها المعاجلة، فقد رأينا عقاب أهل وادي السر بأيمانهم الفاجرة، كما سبق ذكره فالحذر الحذر من التساهل في الأيمان والطغيان.
وفي هذه الأيام أمر الإمام[106/ب] في جميع اليمن أن تقوَّم أموال الذميين وأملاكهم، ويؤخذ منهم العشر، فجُمع للإمام شيءٌ كثير من ذلك.
وفي هذه السنة سار حسن بن الإمام إلى جهات فيفا، أخذ منهم شيئاً من الطعامات؛ لأنهم لا يسلمون الزكاة، ثم طلع جبل رازح.

وفي يوم الخميس ثالث الشهر سار الإمام إلى معبر من ضوران، لما كثرت الزلازل فيه والرجفات، ولا سيما رجفة ليلة السبت، فإنها كانت رجفة عظيمة في ضوران، حتى تشققت أكثر البيوت هنالك وخربت زريبة غنم أو بيت على الغنم، وانشق دار الحصين شقاً عظيماً، ودعموا الدار الخضراء بالدعائم، وسقطت غرة بالجامع، وانشق دار السيد حسن الجرموزي الجديد وكثير من سائر البيوت، ولم يبق بينها وبين الخراب إلا اليسير، وتساقط من جبل ضوران كثير من الحجارة، وكانت هائلة عظيمة، وهي التي امتدت إلى صنعاء في سحر ليلة السبت كما سبق، إلا أنها كانت بصنعاء خفيفة، والله يرحمنا.
روي أنها لما وقعت بضوران دامت قدر قراءة شرف يس، تزلزلهم زلزالاً شديداً حتى خاف منهم من خاف بانهدام البيوت عليهم، وسقطت أواني الصين من الطاقات والعلايق، ومنهم من أراق الماء، ومنهم من أجراه بطنه دماً[107/أ] فأفزعتهم إفزاعاً عظيماً، وكذلك سقط التراب من الجدرات، ثم تبعها أخرى يوم الجمعة في ضوران حال خروج الإمام، ثم تبعها أخرى بضوران ومعبر يوم الإثنين، ولم يكن في غير هذه المواضع شيء منها.
وفي خلال هذا وصل الخبر إلى الإمام بوصول برشات إلى حدود باب المندب، في البحر أو ما يقرب منه. قيل: من عسكر العماني، فأرسل أحمد بن الحسن من صنعاء السيد الحرة متولي بندر عدن بالمبادرة بالنزول إلى جهات عدن، وكان عهيداً بعرس، وزواجة في الغراس، فسار بجماعة من الناس، وأحمد بن الحسن أيضاً خرج من الغراس إلى الروضة، ورفعت قبائل المشرق رؤوسها مثل بلاد العولقي، وبلاد برط من دهمة،وأرسل أحمد بن الحسن ابن مذيور الحيمي إلى جبل الفضلي عقب الحرة، [107/ب]وانتهبت برط من دهمة قافلة بالعمشية هذا الشهر فيها بز وحمولة مصدرة لتجار من صنعاء إلى صعدة، فسار أهلها يشكون على الإمام، فكتب إليهم بردها، والله أعلم ما يكون في شأنها.

ثم تعقب منهم مغزى لقافلة أخرى إلى بلاد آل عمار وأطرافها، فتواقعوا فتوافقوا، ووقع في الفريقين مصاويب، وسلمت القافلة، ولكنهم استفردوا بعد ذلك برعاة من آل عمار انتهبوا عليهم بعضها، ثم غزوا ثالثاً إلى الجوف، فلم يظفروا، وشعر بهم أهل الجوف فهربوا وقال من قال منهم: إن الإمام يجعل لهم مع السبار الذي للعسكر بعيان، وعليهم درك العمشية، ولا يجرى منهم فيها خلل ما دامت الجامكية.
ولما استقر الإمام بمعبر طلب شرف الدين الحسين بن الحسن من بلاد رداع، فوصل إليه، وذكر أن سبب وصوله مراودة في شأن الشيخ الهيثمي، فإن حسين بن الحسن قال: ما يصلح رجوعه بلاده؛ لأنه يخشى منه التمحيق هنالك، وقيل: أنه حصل بعض خلل في المشرق، من بلاد العوالق ونحوها، والله أعلم.
وذكروا في هذا الشهر أيضاً لحقت زلازل أُخر بضوران، إلا أنها خفيفة، والإمام كما وصف الواصف في تلك الزلزلة الكبرى استرجع، وظهر عليه استقام الأمر، حتى روى الراوي الثقة أنه استعبر وبكى.
[108/أ] واعلم أيها المعتبر أن هذه الزلازل دوامها وتكريرها في هذا الموضع هذا العام والعام الماضي، كما سبق ذكره، حتى أنه في العام الماضي شرعوا في تعداد حصرها وتجميلها، فلما كثرت وبلغ عددهم لها إلى سبعين زلزلة ملوا تعديدها، ثم ما لحقت هذا العام في هذا التاريخ، له شأن عظيم، وأمر من الله تعالى جسيم؛ لأنَّا لم نعلم بحصول مثل هذا الاستمرار من الزلازل في التواريخ والأزمان، وإن حصلت في مكان دون مكان لكن لا يبلغ تكررها إلى هذا المقدار، ولا استمرت إلى مثل هذه المدة المستمرة في هذا الزمان، وإن لها لشأن عظيم، والذي ظهر لنا في أقوى أسبابها ما تواتر لنا عن كثير من الناقلين للفساد ببلدة ضوران، والإصرار عليه وتكاثره وتكرره من الفساق حتى غلب أهل ذلك البلاد.

ودخلت سنة سبع وثمانين وألف
في محرمها توفي القاضي عبد الله التهامي، قاضي السُّودة.
وفيها وصلت رسالة من الهند من بعض الصوفية الحلولية الذين فيه إلى مكة، وفيها فلسفة، فأجاب عليها بعض علماء أهل السنة، وكفَّر المنشئ لها، وكتبوا إلى سلطان الهند أنه يحرق كتب المنشئ لها.
وفيها وصل العولقي إلى حضرة المتوكل شاكياً من حسين بن حسن.
[108/ب] وفي سابع محرم كان تحويل السنة عند المنجمين، دخول الشمس أول دقيقة بالحمل، وزحل كان بالثور، والمشتري بالدلو، والمريخ في أول درجة من الأسد، وعطارد مع الشمس إذ لا يفارقها، والزهرة بالثور.
وفي يوم الخميس نصف ربيع الآخر خسفت القمر ببرج الجوزاء، قدر أصبعين، وتجلت بسرعة.
وفي هذه السنة وصل جواب السؤال الذي بعث به المتوكل إلى مكة في العام الأول، وهو في بيان اللطيفة في قوله تعالى: {وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاَتِكَ} كيف جمع بنات العمات وبنات الخالات وأفرد بنات العم وبنات الخال؟ فأجابوا بجوابات متفقة المعنى مختلفة الألفاظ، كما رواه الحاج محمد الحلبي الكتبي المصري ثم المكي الذي أودعه المتوكل ذلك السؤال، قال الحلبي: فوصلت بجواب إلى المتوكل، وقد كان مريضاً فوقف عليه، قال: وكان أحد المجيبين الشيخ العارف محمد بن سليمان المالكي المغربي، ولم يعرفني بلفظ جواباتهم، وكنت قد أجبت بجواب ذكرته في كتابي (الأطراف).
ووصل إلى المخا أول المراكب، وفيها هدية من سلطان الهند للمتوكل وصدقة لأشراف اليمن، وحصلت فتنة في البحر بين العماني والفرنجي[109/أ].
وفيها كثرت الفلوس من المناقير التي ضربها أحمد بن الحسن بالغراس، فأمر المتوكل أن تكون البقشة بثمانية مناقير، فلم يسعد أحمد بن الحسن، وقال: لا تكون إلا بأربعة؛ لأنها كبار، فاختلفت الناس في التعامل بها، فمن الناس من أخذها بثمانية ومنهم بأربعة.

وفيها حصل انتهاب في طريق العمشية، وأهل الطريق أهملوا حفظها، قالوا: لأن الدولة ما زاد أعطتهم ما يعتادونه فيها، وانتهبت الحرامية في مراحل الحجاز من وسط القطر للجمال، ولم ينفعهم الآغا فرحان؛ لأنه تقدم أول الجمال. ووقعت فرقة بشهارة بين أصحاب أحمد بن المتوكل.
والمتوكل زلج البدو الشكاة الذين وصلوا من أطراف بلاد عمان، الذين شكوا من العماني أنه استولى على بلادهم، وهي في أطراف جهاته، وكانت طريقهم الرمل طريق المشرق من شَبْوَة وحدود حضرموت، وقال: بلادكم بعيدة، وطرقها مقاطع عن عيون الماء، لا يمكن نزولها ولا المرور فيها لغير أهلها، مع بعد عُمان أيضاً.

43 / 94
ع
En
A+
A-