وخطب خطيب صنعاء محمد بن إبراهيم السحولي بخطبة الرافضة يوم الغدير، ثامن عشر شهر الحجة يوم الجمعة، وحث الناس على الصيام فيه، وإظهار الشعار الذي للإمامية الإثنى عشرية، ولم يخطب أحد قبله من أهل مذهبه.
وأُدخل جماعة بمكة الحبس لأجل شراء جماعة من أهل اليمن البنادق، وربما مطل بعضهم في شيء من الثمن، فشكا إلى الباشا، فأرسل للشيخ راجح أمير حاج اليمن، فوصل إليه إجابة للداعي، وقال الباشا حسين: ما موجب الشراء للبنادق منكم أهل اليمن؟ فقال: يا مولى السعادة لأجل الحرامية ولحفظ الحاج في الجادة، فأمر بإطلاقهم من الزناجير، وسلم الشيخ توفية من مطل الثمن، وانجبر الأمر، وكان قد قطع الباشا أيد بعضهم.
وفي سادس وعشرين شهر الحجة منها كان تحويل سنة العالم بدخول الشمس في أول دقيقة في برج الحمل، كانت الزهرة وعطارد في الحمل، والمشتري في القوس، والقمر في الدلو، والذنب وهو الجوزهر في السرطان، وكذا المريخ وزحل في أول برج الثور. وكانت هذه السنة الداخلة سنة ست وثمانين الآتي ذكرها أيام سنة خمس وثمانين شمسية؛ لأنه حصل فيها ازدلاف، إذ لا يكون تحويل سنة العالم[82/ب] بدخول الشمس أول دقيقة في الحمل إلا في أول شهر محرم من سنة سبع وثمانين وألف، وهي مع ذلك بالنظر إلى القمرية لا تسقط بل هي سنة ست وثمانين بعد الخمس والثمانين الماضية، وإنما هذا السقوط والازدلاف باعتبار السنة الشمسية والزحلقة بأيام البين، وهي إحدى عشر يوماً وكسور في كل سنة، والله أعلم[83/أ].

وفي هذه الأيام كان مزيناً حلاقاً معه مرآة من بلور عوجا فيمرِّي القبائل بها فيرون وجوههم عوجاً فيقول لهم: ما رأيتم؟ فيقول: معه علاج لذلك، فيأخذ شيئاً من الجلود يسوي بها وجهه على زعمه، ويخرج مرآة أخرى صحيحة فيقول: ما رأيتم؟ قالوا: زالت العوجة، فيعطونه شيئاً من الأجرة، وكان هكذا يفعل، وإنما فطن به من يفطن، فكان آخر أمره أن أصيب بشيئ من الطَّرش وبقي في حالة ضعيفة. وأولاد جبل الهمداني الذين كانوا بصنعاء، لهم من البيع والشراء، والثروة والغنى، فلما كان منهم من الفساد، وظهر عليهم القبائح، وقُبضوا غير مرة على ذلك عوجلوا بالعقوبة وتفرقوا وخسروا، فراح واحد منهم إلى مكة ظهرت عليه فيها سرقة، فقطعت يده.
والآخر كان في أعظم مما جرى له. وشيخ برط يقال له: الشيخ قاسم، كان شريراً قد قتل نفوساً، ونهب أموالاً، فأصيب ببطلان نصفه، فبقي كذلك مدة، ثم صار أعرج يسير على العصا، وسلم الناس شره، وسار في أعظم حالة.
وفي هذه المدة ترجح للقاضي مهدي الحسوسة الثلائي بأن حبس فقيراً من فقراء الشيخ أحمد بن علوان -نفع الله به- في حصن ثلا، لأجل منعه من دق صدره بالدبوس حال جذبه، فترجح له بأن قفز من رأس الحصن من الحيد[83/ب] فوقع فوق غرارة قشر في سوق ثلا، وسار على قدميه لم يضره شيء مما جرى، وسلمه الله تعالى ببركة الشيخ أحمد بن علوان، نفع الله به، فلما رأى ذلك القاضي مهدي اعتقد بركة الشيخ أحمد وخلَّى سبيله، ولم يعترض له ولا لغيره من الفقراء، والله أعلم.
وإلى هنا انتهى الدور الثالث من أول الإسلام الذي يدور على ثلاثمائة وستين سنة، لكنها سنة شمسية، فيزيد على هذا بخمس سنين، فيكون انتهاؤه في سنة خمس وثمانين وألف، وعند أهل الفلك أنه يكون فيه انقلاب الدولة في بعض الجهات، واستيلاء بعض الملوك على بعض والقدرة لله تعالى.

ودخلت سنة ست وثمانين وألف
قيل: إنها استهلت بالخميس. وجاء الخبر أنه وقع بين الحجاج حال دخولهم مكة وبين الحرامية من أهل بلاد الحجاز فيما بين الشقيق وحلى، وأنه راح من الطائفتين مقتلة.
والإمام هذه الأيام حمل بعض خزانة ضوران إلى صنعاء، وظهر أنه في النية للارتحال إليها، والحجاج من الأولين وصلوا في العاشور وأخبروا أخباراً إجمالياً بأن الحج مبارك، والشامي فيه قوة والمصري دونه، وظهر خبر بأن سعد بن زيد جاء له طلاب إلى حضرة السلطان، وأنه قد كاتب إليه يطلب الأمان، فقيل: إنه سار مع أمير الشامي، وهو بين الخائف والراجي، وخاف القبائل من الباشا في إيواء المذكور، فاضطر إلى ذلك.
وفي الجملة أن هنالك ربش في بلاد الحجاز، وشدة وطأة من عساكر السلطان، حتى دوخوا تلك البلاد، وأمنوا سبيلها وزال الفساد. وأصبح يوم ثاني الشهر المذكور حال وصول[84/ب] أول كتب مكة دخل أحمد بن الحسن من الروضة إلى صنعاء، ولقاه محمد بن الإمام إلى الجراف، وسار إلى الروضة وافق محمد بن أحمد للاعتذار، من أجل ما كان صدر من جانبه إلى جانب محمد بن أحمد في منعه من حمل الأثل، ومصادقة محمد بن الإمام للناظر على الوقف، وما جرى من ذلك العمل،ثم دخل الجميع صنعاء وكان من الحاث له على ذلك والمعاتب أحمد بن الحسن، فإنه لام محمد بن الإمام، وقال: مثل هذا الشيء الحقير مدروك مع الأناة على الوجه الجميل،والحق أحق أن يتبع، وليس لأحد مخالفة له ولا مطيع، ومحمد بن أحمد قد معه حكم شرعي في ذلك، وأنه مما يتصل بأملاكه وتحت يده، مع أنكم لو طلبتموه هبة لوهبه لجانب الوقف، ولم يبخل به لحقارته، ولا يجري في الوسط بسببه.
وروى بعض الحجاج أن الشامي خرج فيه باشا بقوة قيل نحو عشرة آلاف، وقال آخر: إن الخارج الوزير، وهو حسين الذي خرج في عام ثلاث وثمانين وألف.

[85/أ] وفي شهر المحرم منها توفي الشريف السيد محمد بن صلاح بن جحاف الحبوري بحضرة الإمام بضوران، وكان من الملازمين له لا يفارقه في جميع الأوقات والأزمان، وعليه في الكتابة والإنشاء عهده، ويعتمد الإمام قوله وشوره.
وكان قد بلغ المذكور في الكبر ما أعجزه آخر مدته عن الكتابة، كما كان أولاً يعتاده. وكان في المدة المتقدمة ملازماً لشرف الإسلام الحسين بن القاسم في هذه الوظيفة، ثم لما مات الحسين لازم الإمام المؤيد بالله، ولما دعا أحمد بن الإمام القاسم بشهارة بايعه من جملة غيره، ثم لما استقرت الدعوة للإمام إسماعيل وصل إليه إلى ضوران، فلامه وقال له:لم بايعت الصنو أحمد؟ فقال: بغير اختيار منه، وكان يظن أن الأمر مجتمع له، وبينه وبين الإمام إسماعيل نسبة وصهارة، فإنه ابن خالته، وكان السيد أولاً قد جعل له الإمام[85/ب] ولاية ظُلَيْمة ، وبلاد شظب، فكان فيها ولاة من تحت نظره، والكلام فيها والأمر يعود إليه، ثم لما مات شرف الدين الحسين بن المؤيد بالله بن القاسم وصارت شهارة وبلادها إلى يد ولد الإمام إسماعيل أحمد بسط اليد على تلك الجهة، وتصرف فيها، وأمر قبَّاضاً إليها.
وفي آخر هذا الشهر خالفت بلاد الحجرية، ومنعوا بلادهم عن المتصرفين فيها باليد القوية، وكان أول حادث ما سبق ذكره من قبل العشرة الأنفار من أصحاب محمد بن أحمد بن الحسن، ومنهم النقيب ابن جومر من الأهنوم، كما سبق ذكره، فأرسل الإمام إليهم رسولاً برسالة يطلب منه الديات، وتوعدهم إن خالفوا أمره بالعقوبات، ثم قال الرسول: إن لم يتم هذا فالسيف إليكم مكان ذلك، فقتلوا رسوله ومن معه، ثم أرسل جماعة عسكر بأدب، فردوهم عن دخول بلادهم، ومحمد بن أحمد قد كان أهم أن يخرج عنها إلى يَفْرُس ، فلما حدث هذا الحادث أرسل الإمام بأول شهر صفر ولده علي، وكذلك أحمد بن الحسن أرسل السيد صلاح بجماعة عسكر.

وفيها توفي الفقيه علي بن محمد البحيح [86/أ] الذي كان كاتباً للبصائر بمدينة صنعاء من مدة حيدر باشا إلى هذا التاريخ، وقد كبر في السن، وكان في مدة حيدر باشا قد جعلوه فندياً بمدينة عَمْران في البَوْن بأمر الباشا، فبقى هنالك برهة على هذه الوظيفة.
وفي شهر صفر منها توفي الفقيه بدر الدين محمد بن علي المرواحي الشافعي، كان المذكور ساكناً بصنعاء من مدة دولة السلطنة، وله وظيفة في محراب مسجد عقيل أول المدة، ثم نائباً عن الفقيه هادي العولقي، ثم صارت وظيفته في مسجد جناح ، حتى مات في التاريخ المذكور يؤم بالشافعية من الساكنين صنعاء، وكان فقيهاً.
وفي نصف صفر الآخر جاء الخبر بأن محمد بن أحمد غزا إلى الزَّرَّيقة -بتشديد الزاي ثم الراء-، لما وصل إليه أوائل الغارة، وهم أحد قبائل الحجرية الذي وقع منهم الحدث السابق ذكره من تلك القضية، فواقعهم، وقتل منهم ثلاثة انفس وثمانية مجاريح، وانتهب عسكرهم عليهم نحو مائة وخمسين رأساً من الغنم.
وراح من العسكر أربعة أنفار وقيل: خمسة، وأخبر من حضر الوقعة من الذي راح من أصحاب محمد بن أحمد قدر عشرين نفراً، وأن الحرب استمر أربعة أيام، فلما بلغهم وصول علي بن الإمام إلى يفرس هربوا في الليل في الأودية والشعاب والجبال، فلحق من آخرهم يوم ثاني هربهم، انتهب عليهم ذلك النهب وقتل منهم ثلاثة أنفار وثمانية مجاريح[86/ب].
وقال الراوي: وتميل إلى الصَبيَّحة ، إلى قريب بلاد بن شَعْفَل ، وكان سائر الحجرية في الباطن مع أصحابهم.

وفي هذا الوقت جاء خبر من بلاد شام صعدة بأن حسن بن الإمام غزا إلى قبائل بني مِنَبِّه ونحوهم؛ لأجل حدث أحدثوه، وفعلاً فعلوه، وهو أنهم غزوا من بلادهم إلى بطن تهامة من ما يقرب من بلاد ظهر الجمل، وأنهم نهبوا قرية فيها يقال لها: العِرة ، ورجعوا بلادهم بعد هذه الغزوة، فقصدهم المذكور من جبل رازح فلم يظفر بهم لعسرة الجبال، وقيل: ظفر بقرية أخرب جانباً فيها وعاد رازح.
وفي عشرين من شهر صفر وصل الزوار من المدينة المشرفة، فذكروا أن الباشا حسين مستقر، وأنه ما رجع مع المحامل بل سكن بمكة، وأنه تمشى وطاف إلى جدة في جند واسعة، وعمل آغا جده له سماطاً كبيراً.
وفي هذا الشهر هجم الفقيه حسين بن يحيى حنش على جماعة من السادة في شهارة وهم سكارى، فقبض منهم البعض وهرب البعض.
وفي آخر صفر جاء الخبر المحقق مع بعض الوافدين من الحجاج الحقيقين الثقات المحققين، فأخبرني من لسانه أن الخارج[87/أ] حسين باشا مع الشامي، وأن جملة خيله التي خرج بها ثلاثة آلاف وخمسمائة، حسبما حصره الأشراف، من غير الأتباع والعساكر من الرجال.
قال: وكان عقب تمام الحج ووقت السفر للحجاج إلى كل نهج جهز أمير محمل الشامي مع حاج الشام والروم، وهو بمن معه من الخيل الملموم استقر بمكة، وطرح بوطاقاته في المعلاة رأس مكة.
قال: وكانت الأوامر والنواهي بمكة أيام الحج له حاكماً على أمراء المحامل،وعلى الشريف بركات وجميع الوافدين والأطراف، قال: وحال أن عزم هو هنالك، ثم أكد قوله الواصلون من الزوار في أول شهر ربيع الأول، فذكروا جميعاً: أن الباشا حسين بمن معه رجع إلى الشام، ولم يكن بمكة ما يوجب البقاء، والله أعلم.

وفي أول شهر ربيع وصل الخبر إلى صنعاء بأن بعض أهل برط من ذي حسين قصدوا إلى حصن الزاهر بالجوف غازين وإليه باغتين وصائلين، فخرج فيهم الأشراف من أهل الزاهر، ووقع بينهم الحرب والقتال، فقتل من برط جماعة ومصاويب، واصتاب من الأشراف ومن معهم جماعة سلمهم الله، ثم انهزمت برط ورجعت بلادهم، وكان من جملة المصابين ابن الأمير على صاحب الزاهر، فتحمل الأمير علي وكتب إلى الإمام في هذا الحادث والإلمام، وإنهم إن عادوا أجاش بالقبائل والأحلاف مثل سفيان ونهم، ويغزي أطراف برط للانتصاف.
وفي آخر صفر وصل الزوار وأخبروا أن حسين باشا، عاد إلى الشام بعد أن لبث بمكة هذه الأيام[88/أ].
وانظر أيها الحليم والعاقل الرصين الفهيم ما أرثه قضية حسين باشا في حرم الله وأمنه، وما جر فيه من البأساء فإنه ما زال جميع هذه السنين من حال فعلته إلى هذا التاريخ أحوال مكة لا تزال متغيرة، والمخارج إليها لا تزال متلاحقة، والله أعلم ما يكون منتهاها، وما يبلغ إليه أقصاها، وكذلك ما لحقها من الأسباب من جهة اليمن، كما سبق ذكره، ورأيت في أبيات ذُكرت في ملحمة أنها مأخوذة من الجفر في قضايا مكة فذكر فيها أحوال سعد بعد موت أبيه وما يجري معه، فقال الشيخ بدرالدين المصري :
إذا مر بعد الغين جعد فقد يكن

حوادث أحوال فكن متأولا

يكون بميم ضجة وتخالف

بساكنها والوافدين ومن علا

قال بعض من حسب على قوله (بعد الغين جعد) أي سبع وسبعين وألف سنة.
وهو كذلك؛ لأن الغين المعجمة ألْف في حروف أبجد، والجيم ثلاثة والعين المهملة[88/ب] سبعين سنة، والدال أربعة يكون الجملة ألف وسبع وسبعين كما ذكر، والميم مكة والحوادث في مكة حصلت من هذا التاريخ، وقال في هذه الملحمة: بعد ذكره لسعد بن زيد قال ابن بسطاهر ما لفظه:
ومن بعد قل يليها الفتى
وصاحب مصر يكون ابن قر

يردها من الغرب جيش العريم

وزرق العيون وحمر الشعر

وهذا يكون إلى عام قاف

ومن بعد قاف يكون الفخر

وفا بعدم زمرى بها

يكون مليك بأقصى هجر

يبيد الأئمة وأوطانهم

ويخرجهم من حصون شذر

وقال فيها:
وها قاف بهذا أراه

توارى مهديها قد ظهر

وقد خرج في سنة ثمانين حسين باشا، كما سبق تاريخه، وقد أباد أمراء مكة الأولين كسعد وإخوانه، وإن أريد بهجر هجر الحجاز، فقد صدق عليه أنه كان بمكة مليك بأقصاه، وإن أريد بذلك غيره فالله أعلم بغيبه.
وقوله: (يردها من الغرب جيش العريم)، يريد به مصر[89/أ]، وقد وردها بعدما جرى بمكة محمد شاوش بجيوشه، ثم جيوش حسين باشا السابق ذكره، ثم لحق هذا العام حسين باشا كما ذكرناه، والله أعلم ما يكون من أمرها، وما يتعدى عنها.
وقوله: (يكون إلى عام قاف)، قال بعض المحسبين: أي مائة سنة بعد الألف، ولعلها تواصل المخارج كذلك في هذه السنين.
وقوله: (وها قاف) أي بعد خمسمائة سنة وألف يكون ظهور المهدي المنتظر الذي يقوم آخر الزمان من مكة المحروسة، وينصره منصور حمير الأَجْبَه الرعيني من اليمن، ومدته متأخرة عن هذا الوقت بحول أربعمائة سنة فأكثر، والله أعلم بالغيب.
وجاء الخبر من مكة أن العبادية الذين طلبوا من مكة بلغوا إلى مصر، وتحقق خبرهم صاحب مصر وأعادهم إلى أماكنهم ومستقرهم، ووصلوا مكة في هذا الموسم آخر السنة الماضية، وسكنوا بيوتهم على سالف أحوالهم.
وجاء خبر أن يوسف بيك متولي جدة توفي.
وفي يوم الجمعة رابع عشر شهر ربيع الأول وقع قران الزهرة وزحل ببرج الثور.
وفي هذه الأيام هرب جماعة من عسكر حسن بن الإمام من جبل رازح، فبعضهم سكن في بيته بالأهنوم وغربان، وبعضهم وصل إلى حضرة الإمام، وكذلك أيضاً هذه خرج إبراهيم بيك إلى جدة متولياً.

وفي هذه الأيام وصل إلى حضرة المتوكل جماعة من عسكر زبيد يشكون من واليهم السيد حسين بن زيد بن جحاف ، وكذلك وصل إلى أحمد بن حسن عسكر من عدن يشكون من واليهم السيد حسن الحرة.
واتفق بين ولد يُسمى علي بن محمد بن أحمد بن الحسن وكان شاباً وبين سيد من بني عامر يُسمى حسن بن علي بن محمد بن عامر قضية، وهو أن ابن عامر كان وافداً في الغراس أن طعن علياً بالجنبية فبقى خمسة أيام ومات، فبقي عند أحمد بن الحسن، وإنما حبسه وشفع إلى ولده محمد بن أحمد أن يعفو عن القَوَد[89/ب].
وفي هذه الأيام هرب عسكر زبيد ووصلوا إلى حضرة الإمام وشكوا من ولد السيد زيد بن جحاف واليهم، وكذلك وصل إلى حضرة أحمد بن الحسن عسكر من عدن يشكوا من الشريف حسن الحرة، قصّر في أحوالهم بالمرة، وخلا هذان الموضعان من العسكر في وقت واحد مما يقضي بالعجب والعبر.
وفي أول هذا الشهر وقع فيما بين ولد لمحمد بن أحمد بن الحسن يسمى علياً وبين شريف من بني عامر عم الإمام القاسم يسمى حسين بن علي بن محمد بن السيد عامر قضية، وهو أن السيد المذكور كان وافداً إلى الغراس حضرة أحمد بن الحسن طالباً منه ومسترفداً، فكان تصاحب هو وعلي بن محمد الحسن فاتفق بعض الأيام بينهما صفاط ومزاح في خلوة، فكان من السيد ابن عامر أن طعن علي بن محمد بن أحمد بن الحسن بالجنبية بين جنبيه، ودلقه من سطح حتى أرداه، فبقى متالماً قدر ستة أيام ثم مات، وذلك أن الطعنة خرقته إلى باطنه، فدخل الدم باطنه، فما زال يخرج من فيه ومن مخرج طعامه[90/أ]، والشريف بن عامر أمر أحمد بن الحسن بحبسه وقيده، ومنع عن التقدير إليه حتى يأتي ما يقول والده، وكان علي بن محمد المقتول في سن البلوغ أو يراهقه، والقاتل شاب عاضل.

وفي هذه الأيام ظفر محتسب صنعاء برسول من كوكبان وشبام قد أوقر حماره خمراً، شراه من شيخ اليهود بصنعاء، وقبض كتبه التي إليه من هنالك، صادف أنها من سادة وشيعه، فأحبس ذلك الرسول وشيخ اليهود.
وفي هذه المدة أخبر بعض من سكن في الطائف السنة الماضية فذكر أن أهل الطائف تحول مستقرهم إلى جنب مشهد عبد الله بن العباس ، بحيث أن بعضهم بنى على القبور، كل ذلك لأجل المجاورة لعبدالله بن العباس والدخول في حوطته، لأجل احترامه؛ لأنه حصل عقب وفاة زيد بن محسن ما حصل من التخطفات من القبائل وعدم الأمان مثل ما كان في ما مضى من الزمان وتكرر الصايل.
وفي هذه الأيام وقع بين ذَيْبَان وعيال عبد الله مغازي.
وفي ثامن عشر شهر ربيع الأول يوم الثلاثاء توفي النقيب سعيد المجزبي بمدينة صنعاء، بعد وصوله من ضوران في أول هذا الشهر، وهو مريض، وكان باقياً بضوران بعد العزل له هذه المدة، فلم يأذن له الإمام بالعزم إلى صنعاء إلا عند مرضه.
وفي ثامن عشر شهر ربيع الأول توفي النقيب سعيد المجزبي فوصل صنعاء حال كونه مريضاً، ثم توفي وقبر بخزيمه غربي صنعاء، وصار فريداً وحيداً، ليس له أنيس غير عمله الصالح، بعد أن كان استمر في غرة الدنيا ورياستها هذه المدة الطويلة، في ولاية بندر اللحية والضحي وما إلى ذلك من تهامة حول أربعين سنة فأكثر، من وقت حسن بن الإمام وفتحه لذلك البندر في تلك الأيام.
وأصله كان مملوكاً لشيخ من مشائخ شام صعدة يقال له: ابن مجزب فوهبه لحسن بن الإمام أيام ولايته لصعدة في مدة الإمام القاسم، فترقى أمره، وارتفع شأنه مع شرف الإسلام الحسن حتى ولاّه اللحية، وبقى بها حاكماً لها هذه المدة الطويلة آكلاً لصفوها، ولذة رياستها وأمرها ونهيها، ثم كان عاقبة أمره العزل وانحطاط علوه[91/أ] حتى توفي.

41 / 94
ع
En
A+
A-