وقال السيد عبد الرحمن بن أمير الدين للإمام: إذا قد عجزت عن أمور المسلمين تركت الناس ينظرون فيمن يصلح لهم، واحتمل الإمام كلامهم، وأعرض عنهم، والدنيا لله تعالى، لا ينبغي للعاقل التكالب عليها، غير يأخذ السهل منها، والأرزاق مقسومة، ولن يعدو كل واحد ما كتب له، لكن ينبغي الالتفات إلى ما أمر الله به من الحركات، والكسب والابتغاء من فضل الله، وإصلاح النيات؛ لأن الأرزاق مقرونة بذلك، إما بتجارة أو زراعة أو حركة له للكسب كما قال تعالى: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ } وقال الشاعر:
وإذا رأيت الرزق عز ببلدة
وخشيت فيها أن يضيق المكسب[58/أ]

فارحل فأرض الله واسعة الفضاء

طولاً وعرضاً شرقها والمغرِبُ

ومدارس العلم هذا الزمان غلق أكثرها في مثل صنعاء وصعدة وغيرها، لعدم الإقامة من الوقوفات بها، ولله قول الشاعر:
أصبح وجه الزمان منقلباً

ووجهه قفاه يا عجبان

ولكن التسليم هو الأولى كما قال الشاعر:
لا تسأل الدهر إنصافاً فتظلمه
ولا تلمه فلم يخلق لإنصاف

خذ ما بدا لك وارم الهم ناحية

لا بد من كدر فيه ومن صاف

وفي سادس عشر شهر الحجة كان دخول الشمس أول درجة الحمل وهو تحويل السنة وتقويمها، وكانت الزهرة وعطارد معها في برجها، والمريخ في برج الجدي بيت شرفه، وزحل في برج الحمل بيت هبوطه، والمشتري في برج العقرب، والجوزهر في آخر برج الأسد، والرأس مقابل له في السابع الدلو. وكان هذا الوقت الأمطار كثيرة، في جميع اليمن غزيرة، فصلح بسببه ثمرة القياض بالروي، وأعلق الفلاحون معه ثمرة أخرى يقال لها ثمرة الدثا، وتهونت الأسعار في جميع الأسواق، وانحطت وزالت المشاق.

وفي هذه الأيام بهذا الشهر المذكور وصل إلى حضرة أحمد بن الحسن جماعة من مشائخ خولان الشام يشكون إليه من جور حصل معهم من ولاة بلادهم أول هذا العام، مع جور أيضاً من حسن بن الإمام، واستعانوا به في تعريف الإمام، وكذلك سادة بني المؤيد[58/ب] يشكون الإنقطاع للمقررات التي لهم.
وفي آخر هذا الشهر وصلت الأخبار إلى تجار صنعاء من بندر عدن والمخا يذكرون أنه وصل حول اثني عشر برشة من أصحاب العماني إلى قريب سواحل البندرين، ثم رجعوا إلى باب المندب ظاهر حالهم الضرر وقطع الوافدين من المتسببين في البحر، وأن منهم جماعة نحو المائتين كان قد دخلوا المخا قبل وصول هؤلاء، وأظهروا أن معهم بضاعة من التمر وغيره مما ظهر وخفى، ثم تعقبهم في البحر هؤلاء، وظهر من حالهم أن قصدهم البانيان والكفار.
وفي هذه الأيام بعض هذا العام وبعض العام الذي بعده ظهر أنين صفته آه آه، يمد فيه من مقابر باب اليمن يسمع إلى داخل داير صنعاء، سمعته كذلك قريب سبعة أشهر أو ثمانية أشهر، والظاهر أنه من عذاب القبور لبعض الموتى ممن شاء الله إظهاره، فنعوذ بالله من غضب الله، ونعوذ بالله من عذاب القبر، ونعوذ بالله من عذاب جهنم، ونسأل الله تعالى أن يرحمنا.

ودخلت سنة خمس وثمانين وألف-
لعلها استهلت بالسبت، وفي ثالث محرم وصل مكتب الشام، وسار إلى حضرة الإمام، وأخبر بتمام الحج للإسلام والأمان التام، وأن سعد بن زيد وصنوه أحمد بن زيد قد تحيزوا إلى بلاد نجد العلياء[59/أ]، وأن بركات قد عاد من بدر إلى مكة وصحبته الشيخ ابن معيان رأس مشائخ بلاد قبائل حرب وبلاد الصفراء ما بين مكة والمدينة، وهو الذي جرى معه ما جرى من معاضدة أحمد بن زيد والخلاف كما سبق، فصار معه تحت الحفظ بعد أن وقع ذلك الحرب، ثم تعقبه من بركات القصد، فانحاز إلى جبل هنالك وطلب الأمان وواجه، وراح من أصحابه جماعة، وأدب الشريف أهل بلاده وصلح عمل الحجاز، وخمدت ثائرة القبائل، وامتنعوا عن مناصرة سعد وصنوه خوفاً من السيف الطائل، والعسكر الصائل، قيل: فلما لم يجد الشريف سعد وصنوه ملجأً يلجأوا إليه، وينتصروا به، ويعتمدوا عليه عزموا على طرح أنفسهم بين يدي أمير الشامي، والدخول معه إلى حضرة السلطان محمد العثماني[59/ب] ويكون من أمره ما كان إن عفا أو واخذ بما جرى من الفعال مع كثرة الأمان مع سعد، وأنه يرجو عود الملك له في المال، والله أعلم بما يصير إليه وما تنتهي به الأحوال. وأنه كتب إلى السلطان بالأمان والتبري مما جرى من الفعال، ثم إنه سكن هذا العام وبقي مع البدوان، ولا يملك من نفسه القطمير، ولم يبق عنده لا قليل ولا كثير، وباع أهله حليتهم في النفقة، وتضرروا أهله بمكة، وأولاده في غاية الحاجة، فالدنيا عِبَرٌ لمن اعتبر، أمس وهو ملك كبير، والآن وهو فقير ذليل. وأخبر الحجاج أنه زَيَّد في سقايات مكة وسُبلها على معتادها، وظهرت دَّبا جراد بأودية منى ومكة. وأصحاب العماني الذين خرجوا في البحر كان استطرقوا جزيرة سقطرى من بلاد المهري، وقتلوا من أهل الجزيرة، وكان دخولهم في صورة زي النصارى؛ لئلا يهربون عنها كما هربوا العام الأول منها[60/أ]. وانتهبت قبائل عنزة ولام من مركب الشامي لقلتهم هذا العام.

وفي يوم الجمعة ثامن وعشرين شهر محرم وصل الخبر إلى صنعاء أنه وصل إلى باب المخا برشه لاحقة لبانيان وصلوا ببضاعة، فواقعوهم وأسرعوا في انتهاب ما معهم، فأنكر عليهم أهل عدن ومن يقرب إليهم من جبل صِيْرة ، وقالوا: هؤلاء قد صاروا في الأمان والجيرة، فقالوا: إمامهم أمرهم بانتهابهم. وكان بعض البانيان قد قفز البحر، فغرق من خوفهم، فلما رآهم أهل صيرة وعدن لم ينتهوا صبوا عليهم البنادق النافعة، والزبارط التي عندهم حاصلة، فقتلوا منهم حول ثلاثين فأكثر، قذف بعضهم من البحر إلى ساحل البحر، وانهزم الخوارج هاربين، وانهزم بانهزامهم سائر براشهم، حتى استقروا في المندب وخلفه، وكذلك انهزم البراش التي كانت أيضاً قريب المخا، وكذلك خرج العمانيون الذين كانوا قد دخلوا المخا، كما سبق، لما علموا بما جرى مع أصحابهم، ولم يقفوا بقرب البنادر، ثم منعوا جميع من وفد في المندب من الهند من مسلم وكافر، فلم يدخل[60/ب] إلى البندرين شيء من ذلك غير الذي قد وصل عندهم الحاضر. وجهز أحمد بن الحسن عند أن بلغه هذا الأمر الصادر جماعة من العساكر، وكذلك ولده محمد بن أحمد الساكن في الحجرية إضافة إلى من تقدم وزيادة في التقوية، فبقى كل منهم في البنادر لعدم صنعتهم للأعمال البحرية، والله أعلم[61/أ].

وقد كان جهز السلطان محمد بن عثمان وزيره وجنوده إلى اليمن، ثم عاقه عن ذلك ما حصل من الحدث من الفرنج، وسيأتي ذكره، وعند هذا تحقق خطأ الرأي الذي كان أراده الإمام من مفاتحة مكة المحروسة، كما سبق ذكره، وصواب شور من أشار بالسكون وتقرير أمره؛ لأنه لو تم له رأيه كان مع هذا المخرج من المشرق، والعسكر في جهة الشام والمغرب، ولا ينبغي لصاحب اليمن إلا الاقتصار على حفظه ونظم أمره وأطرافه، ولا يشتغل بغيره، مع أن مكة المحروسة لا موجب للحركة إليها، ولا ينبغي قصد الحرب فيها، لحرمتها وصلاحها من جهة السلطان، والقيام بها منه في جميع هذه الأزمان، مع أنه لا يقوم بما يعتاد لها ولأهلها غيره على كل حال من الأحوال.
وفي أول صفر وصل الخبر بوفاة السيد الأمير أحمد بن صلاح، الذي يرسله الإمام مع حاج اليمن هذا العام والعام والعام الأول، وكان موته رحمه الله بعد قضاء الحج حال خروجه بمحروس القنفذة. وخرج مع الحاج اليماني الشريف محمد يحيى بن زيد بن محسن بجميع أولاده وحرمه وأخدامه، ووصل إلى اليمن لأجل ما حصل عليهم[61/ب] من كثرة المحن، وكل هذا منه؛ لأن المذكور مغاير لأخيه سعد من أول ولايته لصغر سنه، ولم تطمئن نفسه بالسكون بمكة؛ لأجل ما جرى منه هو وحمود من تلك النكبة السابق ذكرها في الصفراء مع طائفة عسكر السلطان، ولذلك ما زال المذكور متخوفاً في هذه السنين بجبال الطائف هو وحمود.
وفي هذا الشهر ظهر مع رجل في صنعاء لقيَّه من الدراهم القديمة، كل بقشة منها تأتي ببقش اليوم مثل الخمس، فأكثر وزنها قياس الدرهم، وحملها في صرة كبيرة ثلاثمائة درهم رسمها قد انطمس، وبعضه بقش لم يفتهم، وكان لقياها لرجل من قَبَّان في جدار داره، لما أخربه وأراد إصلاحه لقدمه، فأخذها عليه الدولة وقالوا: هي غنيمة، وكان العرض عليه منه الخُمس، أو تكون لقطة ولايتها إلى اللاقط[62/أ].

وأحمد بن الحسن زاد زيادة نحو المائة من العسكر غير من تقدم إلى بلاد عدن، وقد كان أرسل ولده محمد بن أحمد من محله المنصورة بالحجرية زيادة عسكر إلى عدن والمخا، لأجل المحاذرة من أصحاب العماني وما جرى. ولما وقع ذلك الحادث انكمش أصحاب العماني وولوا هاربين إلى خلف باب المندب خائفين، غير أنهم منعوا جميع الداخلين، ونهبوا بعض الواصلين من الوافدين، ثم لما طلعت الثرياء فجراً من المشرق رجعوا بلادهم، لأجل تغلق بحرهم؛ لأن هذا البحر يتغلق قبل البحر الهندي، وينفتح قبله بنحو شهرين، والبحر الهندي يتغلق فيه الآن الخروج، وتصلح الريح للعود، والبز ما زال هذه الأيام سعره في تناهي، ولولا ذلك المركب الذي خرج التواهي لكان هو في غاية الارتفاع والغلا والانتهاء[62/ب]. وكان بعض المراكب الهندية الخارجة حال وصول العمانية لما قاربت المخا عرجوا عنه إلى بندر جدة، وساروا إلى ذلك الموضع والمنتهى.

ورأيت كتاباً من مكة من بعض من يطلع على حقائق الأخبار، من الشريف بركات وغيره من أهل تلك الجهات يقول فيه: إن الحج كان مباركاً آمناً صالحاً، وكان الشريف بركات قد أصلح الحجاز وعاد مكة وصحبته الشيخ ابن معيان، والشريف حمود اتفق ببركات وصلح هو وإياه، وكذلك أحمد بن الحارث انتظمت لهم جميع الحالات. وأنه حصل في عرفات فرقة بين القبائل من هذيل الذين يبيعون العلف، فقتل منهم جماعات، وراح من المغاربة أربعة، وقبض الشريف بركات مشائخهم وأدبهم في فعالهم. وأن السلطان كان قد جهز إلى اليمن تجهيزاً كبيراً صحبة الوزير الأعظم، وبلغ أول العسكر إلى مدينة قاهرة مصر، ثم حصل خلال ذلك خلاف في بلاد[63/أ] الفرنج الكافرة المارقة، فقتلوا من المسلمين ألوفاً، وانتهبوا من المال كثيراً، بحيث كان أمراً هائلاً وخطباً جسيماً، فلما طرق السلطان محمد بن إبراهيم خان هذا الحادث العظيم اغتاظ من ذلك وضاق، وحمله على الإسلام الإشفاق، واسترجع من قد كان قد وصل إلى مصر من عساكره ورحل بنفسه يؤم تلك الآفاق.
قال صاحب الكتاب: ولما كان عقب الموسم خامس وعشرين شهر الحجة أمر الشريف بركات ومحمد شاوش حاكم جدة بالاجتماع للدعاء في الحرم الشريف، فاجتمع المذكورون، وأعيان علماء مكة المشهورون، وانضم إليهم أمير الشامي، وفتح باب الكعبة ورقى الخطيب إليه ودعا للسلطان بالنصر، والمذكورون يُؤمِّنُون ويضجون حتى بكى الخطيب وبكى الحاضرون، وقرأوا شرف الفاتحة.

قال: وكل ذلك لهول ما جرى، وانتهبوا من البحر على السلطان بعض المراكب، قال: وكان قد أخبر بهذا التجهيز من السلطان إلى اليمن جماعات منهم خواجا وصل إلى صنعاء في شهر شوال، وكذلك شريف رومي قبله[63/ب]، قالوا: ولولا هذا الحادث شغله، لقد خرج حيث السلطان أمره، إلا أنه لما حدث ذلك الحادث خلال التجهيز قدَّم الأهم، وشغلهم ذلك الأمر الأعظم، وكان هذا التجهيز المذكور في أول عام أربع وثمانين، كما تقدم ذكره، برواية الشيخ ابن معيان. فلما حصل انتقاض صلح الفرنج ونكثهم في نهجهم عرج الوزير نحوهم وتبعه السلطان، فالله أعلم ما يكون بعد ذلك الأمر وما إليه المنتهى.
وأما مالطة فقد صارت بيد السلطان، لم يجر فيها الخلاف بل في غيرها.
قال بعض الوافدين إلى اليمن ممن كان من أهل ذلك الوطن: أن مالطة هذه في ساحل الأندلس بعضها في البحر، وقد كان عمَّرها وحصَّنها وقوَّاها طائفة الفرنج من النصارى، وسائر البلاد حولها المتصلة بها. فيها إسلام كثير وجوامع ومساجد. وكان الفرنج تاركين لهم لا يتعرضونهم، إلا أنه لا يدٌ لهم، بل الأمر القاهر للفرنج عليهم، فما زالوا كذلك في ديارهم حتى استفتحها السلطان في تسع وسبعين، وصالحت الفرنج على سائر بلادهم.
قال علي بن بسام في كتابه[64/أ] (الذخيرة في تاريخ الجزيرة) يعني جزيرة الأندلس: آخر الفتوح الإسلامية وأقصى المآثر العربية، ليس وراءهم وأمامهم إلاَّ البحر المحيط والروم، وأوسط بلاد الأندلس مدينة قرطبة ، والجانب الغربي من جزيرة الأندلس اشبيلية ، وما اتصل بها من بلاد ساحل البحر المحيط الرومي، والجانب الشرقي من جزيرة الأندلس هو أعلا الأندلس، انتهى ما ذكره.

وهذا المصنف علي بن بسام قد ترجم له ابن خلكان في تاريخه، وكتابه هذا في مجلدين كبار، إلا أنه لم يكن التاريخ فيه إلا النزر اليسير لحوادث ما جرى في الأندلس ومن ملكها في الدولة الأموية، وإنما كُبر كتابه ذلك وكُثْره يذكر كلامات الأدباء من أهل الأندلس والوزراء، وما ذكروه من المكاتبات والرسائل وقصائد الشعراء[64/ب].
وفي شهر صفر منها جهز المتوكل إلى بندر الشحر من سواحل بلاد حضرموت عثمان بن زيد من موالي المتوكل بقدر ثلاثمائة من العسكر، وأمرهم أن يكونوا حفظة للبندر من أهل عمان؛ لأجل ما حصل منهم في سواحل عدن.
وفي أول هذه السنة توفي الفقيه العارف أبو بكر بن يوسف بن محمد راوع الخولاني الأصل ثم الصنعاني، كان المذكور له فائدة في الفقه لا غيره من الفنون، فلم يكن له فيه معرفة. وكان شيخه السيد العلامة محمد بن عز الدين المفتي المؤيدي رحمه الله، وكان المذكور على طريقته في الاعتقاد، والميل إلى السنة النبوية والانقياد، وكان جمَّاعاً للحواشي والتعاليق على الهوامش في الفقه، وأكثرها مما أملاه شيخه السيد محمد المفتي.
وفي هذا الشهر ترك القاضي أحمد العيزري الأهنومي صلاة الجمعة بسبب إبطال أحكامه، وما جرت به أقلامه، وعدم تنفيذها من ولاة زمانه، واحتج عليه سائر الحكام بأنه صار يحكم بخلاف مذهبه، ولا ولاية له من الإمام في حكمه. وكان المذكور بشهارة أولاً ثم عارضه بعض من عارض فيها، فانتقل منها إلى صنعاء واستقر فيها[65/أ].
وفي يوم الخميس ثالث ربيع الأول منها سار المتوكل من ضوران إلى مَعْبَر جَهْران ، ثم عاد ضوران اليوم الثاني.

وفي العشر الأولى من هذا الشهر وصل الخبر أن برشة من عمان وصلت إلى ساحل أحور، حال رجوعهم من ساحل عدن، فانكسرت عليهم وغرق في البحر بعضهم، وراح عليهم منها حوائجهم وما فيها من سلاحهم ومدافعهم، وخرج آخرون ممن سلم منهم إلى ساحل أحور، فانتهب ما عليهم أهل أحور مما بقي معهم، وقتلوا منهم.
وفي هذا الشهر أعاد الإمام ما كان أراده سابقاً من الضريبة الجديدة، وجعل القرش صرفة من حرفين إلى تسعين، وصرفه يومئذٍ بالدراهم القديمة بثلاثة أحرف وعشرة كبار، فحصل عليهم النقص بقدر الثلث من أموالهم، فتضرر التجار وأهل الأسباب من ذلك الأمر لما ينالهم من الخسران، بحيث سخط من سخط منهم لما تفوت عليهم من أموالهم، وارتفع سعر البضائع يومئذٍ؛ لأجل هذه الضريبة، ولأجل ما حصل في البنادر من انقطاع الخارج من الهند وسائر الجهات القريبة، فلم يخفف ذلك المتوكل ترك الضريبة، ولحصول شدة ألمه من خلاله كان سبب عدم تمام قصده[65/ب].
وظهرت في هذه الأيام في عشرين الشهر المذكور جراد من جهة الشام، ومرت اليمن إلى جهة الجنوب، ولعلها من الدبا الذي أخبر به الحجاج بمكة تلك الأيام.

38 / 94
ع
En
A+
A-