وفي خامس شهر الحجة كان تحويل سنة العالم والشمس في أول درجة للحمل على حساب الزيجات والمتأخرين في تقسيم البروج، وكذلك عطارد وزحل في الحمل أيضاً، والزهرة في الثور، والقمر في الجوزاء، وكذلك المريخ، والجوزهر في الأسد، والمشتري في الميزان[34/أ].
وجاء خبر هذه الأيام حصول حرب ما بين الأشراف خارج مكة حدود الطائف، فقتل جماعة من الفريقين، وكان الحرب فيما بين الشريفين أحمد بن زيد بن محسن وحمود، وأما سعد بن زيد فصار في بيشة وحدودها.
وفي خامس شهر الحجة خرج حسن بن الإمام من مدينة صعدة إلى جبل رَازِح . وكان علي بن أحمد بن الإمام بصعدة قد ظهر تضرره بطول بقاء حسن بن الإمام، وثقل عليه ذلك الإلمام، وأهمه في اليقظة والمنام[34/ب] وعطل في نفقاته الحبوب التي قد جمعها بصعدة من سابق الأعوام، وكان سالماً من معاد الضيافات، لعدم من يدخلها من أهل الأمر في هذه الأوقات.
وفي هذه السنة أو غيرها حصل بصبيا في تهامة الشامية حريق، فحرق فيها المنسكي التاجر هو والعبد الذي معه، وحرق عقبه من ماله بعضه. وكان قد كبر في السن وعمي آخر مدته، فكان موته بالحريق لم يقدر على التخلص من النار، وكان في مربعته.
وفي هذه الأيام وصل خبر موت الأمير العادل، المتولي لأطراف بلاد الشام من الجهة التي تلي بلاد الهند وأقصاه، وكان سلطان الهند قد تصالح هو وإياه حتى زوجه بعض النساء من قراباته اتقاءاً لشره وضرره، وترك أطراف بلاده، فبقي كذلك مدته مصالحاً لصاحب الهند إلى أن توفي في هذا التاريخ.
وفي عيد عرفة منها كان يوم الثلاثاء استند فيه إلى حاكم تعز الفقيه علي المخلافي الشافعي، وشهد على مثل ذلك في الروضة من أعمال صنعاء باليمن الأعلى عند القاضي عبد الواسع العلفي ، وأخبروه أنهم رأوا الهلال ليلة الأحد فلم يحكم بها ولم يعول عليها قال: رؤيتهم يركبون في الليلة فيعنون بالليلة المستقبلة لليوم الماضي، وحكم بها علي بن جابر الهبل، والهلال رأيناه ليلة الإثنين عشية الأحد صغيراً بحيث لم يلبث أن غرب بسرعة قبل أن يتمكن المغرب، والمؤذن يؤذن[35/أ] ولا شك أن ذلك لا تستقيم فيه الرؤية عشية السبت أصلاً؛ لأنه كان يومئذٍ في قدر ست درج من الشمس، لا يمكن رؤيته في سهول اليمن والشام ، فضلاً عن المواضع التي بين الآكام مثل صنعاء والروضة وتعز ونواحيها، لارتفاع الجبال عليها، وإنما يكون أوله هذا اليوم الذي ذكروه بطريق الحساب، لتعقبه لحجم الشمس من غير إمكان الرؤية بلا ارتياب. والشرع طريقه الرؤية، ولا يمكن إلا فيما زاد على ست درج للمعرفة. فحصل مع كثير من الناس اضطراب واستبعاد، ومنهم من أخرَّ العيد، ولم يعمل بهذه الشهاييد. وقد وقع مثل هذا في بعض السنين الماضية مما حكم به القاضي حسن حابس كهذه القصة الحادثة، والله أعلم.
وفي هذه السنة فتح الإمام قراءة في المشكاة في السُّنة النبوية فأصاب، غير أنه أمر القارئ لا يملي شيئاً من الأحاديث المتشابهة، وما كان مثل ذلك يصلح؛ لأن المتشابه مردود إلى المحكم كمتشابه القرآن، وكذلك كان فعل في قراءته في صحيح مسلم المدة الأولة.
ودخلت سنة أربع وثمانين وألف
في يوم الجمعة خامس شهر محرم وصل خبر الحاج فذكروا أن الحج كان مباركاً، والأمان على جميع الوافدين موافقاً، وأن الوقوف بعرفة، وتلك المواقيت المشرفة كان[35/ب] يوم الأربعاء بالشهرة، كما هو مقتضى الاستهلال والرؤية، وأنه وصل الباشا محمد من طريق الشام ومعه من العسكر ما يزيد على خمسمائة فارس من الخيل الجياد، وحول ألفين فأكثر من الأجناد، وخيم ببركة ماجد. وحاج المصري فيه قوة عظيمة. وأن الباشا محمد الخارج المذكور شدد في التأمين لحجاج بيت الله الحرام، وتوعد على من غدر أو سرق أو نهب بالعقاب التام. وحج الناس أحسن الحج، مع الكثرة للخلق، وأخبروا مع ذلك تهون الأسعار، وكثرة الخصب والكلأ والهلف والعلف في جميع تلك الأقطار.
قال حجاج اليمن: وظهر في عسكر السلطان السؤال عن أحمد بن الحسن، والإمام مع الحجاج من المشاة والركبان، والسيد أحمد بن صلاح بلَّغ ما معه من الدراهم التي صدَّرها الإمام معه إلى يد الشريف بركات[36/أ] وأخبروا أن الباشا محمد أخرج من مكة من بقي من الذين كانوا مع سعد بن زيد، ومنهم من اعتقله، ومنهم من أرسل به إلى حضرة السلطنة، ورفع المجابي من جميع أسواق مكة، وأمر بتوريث من مات بمكة وجدة، ولا طريق لأحد فيما تركه ممن كان يفعله أشراف مكة.
وفي نصف شهر المحرم حصل قران بين الزهرة والمريخ في برج السرطان، على مقتضى تقسيم البروج للمتأخرين وعلى تقسيم الأولين، كان في برج الجوزاء وكان المرتفع حالة القران هو المريخ من جهة الجنوب، ثم انفكت الزهرة عنه قليلاً في ذلك البرج، ورجعت القهقرى فقارنت المريخ المذكور في نصف شهر صفر قران آخر.
وفي هذه المدة كان وقت الصيف فحصل فيه أمطار مستمرة من أول الصَّوَاب إلى آخر الصيف عند سقوط الثريا، فصلحت ثمرة الدثاء على هذا المطر زرعوا في أوله، واستمر المطر عليه إلى حصاده، فتهون السعر بعض التهون، ونقص حول الثلث مما كان قبل ذلك[36/ب].
ولما وصل السيد أحمد بن صلاح في حدود بلاد ذَكْوَان خرج من مكة الشريف حسن بن زيد بن محسن هارباً من مكة، فانتُهِب بالليث ، ولما دافع وقع فيه صائبة مثخنة مات منها، وبلغ السيد أحمد بن صلاح ذلك وهو بذكوان، وكان ربما يريد الخروج مع السيد أحمد بن صلاح إلى اليمن، فسبق الأجل، قيل: إنه بسعاية من صاحب مكة أرسل إلى تلك الجهة في الأثر وصده عما كان أمَّل.
وفي شهر صفر غزا جماعة من بني نوف، من قبائل دهمة إلى أسافل الجوف، فانتهبوا منه وقتلوا، وكذلك تعقبه مغزى إلى أطراف مساقط بلاد خولان وبِدْبِدة ، لما نجع أكثر خولان هذه السنة، وكذلك لحق مغزى من برط إلى أسافل الجوف، بحدود بَرَاقِش ، فوقع بينهم وبين من نهبوهم قتال، راح من برط نفران، ومن أهل الجوف خمسة. وأحمد بن الحسن لما بلغه ذلك أرسل حول ستين نفراً من أهل البنادق، لحفظ الصافية له في الملتقى، فمنعوها. ولم يصل أحد إليها، وبقي من حضرته ممن[37/أ] كان متعلقاً به من برط وقال: ما بقي بيننا وبينكم ثقة ولا كُنْه، ولا نفعت المداواة لكم كما لا ينفع الدواء الجروح الفاسدة. وأهم بغزوهم، إلا أن الإمام قرره وقال: لا تزر وازرة وزر أخرى، وهم قبائل، لا يحكم عاقلهم على جاهلهم، ولا قائد لهم، بل كل منهم رمحه ببابه وانتصافه لنفسه، والأمر كذلك ولا ننفع منهم إلا حفظ أطراف البلاد الجوفية، كون بلادهم لا تحمل العسكر، ولا تقوم لمن بها استقر.
وفي عاشر شهر صفر وصل إلى الإمام إلى محروس ضوران محمد عامر، الذي سبق ذكره وذكر ما جرى بالحبشة منه، وتغلبه عليها، وإخراج عسكر السلطنة منها، حتى خرج عليه عمر باشا، فهرب في البحر من شدة الخوف والبأساء، وما زال يدور فيه وينظر هل بقي له مدخل أو من يناصره ويجانبه حتى لم يجد له ما يريد، ولم يقع إلا على الأمر الشديد، ثم إنه عاد ينظر هل يتم له السكون في أطراف بلاد سواكن أم لا؟ فوصل إلى حضرة الإمام، نابهاً من ذلك المنام[37/ب] قائداً نفسه باللجام، معرضاً عن تلك المعارضة، مقهوراً عن المناصبة، وفي صحبته قدر عشرين نفراً. وكان هذا محمد عامر له رياسة ونيابة من تحت نظر الباشا في مصَوَّع وهو تركي، ووصل جماعة حول عشرين نفراً من حضرة الباشا عمر ببعض هدية للإمام، ومعهم أيضاً واصل بكتاب من أمير المدينة يذكِّر الإمام طلب أوقاف الحرمين الشريفين الذي باليمن، قيل فأجاب الإمام: أنه ما يعلم بشيء من ذلك.
وفي هذا الشهر اتفق لرجل يقال أنه من بنى بنيان من صنعاء اليمن أنه سار إلى حضرة الإمام، للطلب منه والسؤال والرفد والنوال، فطال به المقام الكثير من الأيام، فانحرف مزاجه، وغلب عليه كلامه، واستحدَّ به لسانه، وتبلبل بلباله، وذلك عقب صلاة الجمعة في الاجتماع من المسلمين والحضرة، وقام على قدميه كالخطيب يقول بأعلا صوته: هذا الإمام قد صار عطاه لمن أتى من الهند والعجم، وحرم من زكاة مدينة صنعاء لأمير الحاج، والفقراء حرموا منها، ولم يصر إليهم شيئاً منها، ولكن سيرى سبب ذلك، وما تحركه من هنالك، ولا يكون آخر هذا أولاده مثل عيال شرف الدين. وسار المذكور ولم ينتظر لشيء، انتهى كلامه.
وللمجيب أن يجيب عليه هنا: أن أولاده لصلبه فيهم كما ذكر هذه المدة في النعم الشاملة وغيرهم ممن له الولاية، وأما غيرهم فقد صار الآن حالهم كمن ذكر من أولاد شرف الدين يكسبون على أنفسهم، ويحترفون ويبيعون ويشترون[38/أ] لا يصلهم الإمام ولا غيره بشيء من المال، بل سعيهم في نقص من كان له بعض شيء على كل حال، ومن كاشح منهم وكثر في السؤال صار إليه النزر اليسير على أشق حال. ولكن أيها الفقيه المنافسة كلها في غير هذا، فالدنيا عاطلة، وأحوالها زائلة، والسعيد من رزق منهم أدنى الكفاف، وقنع بما جاء منها وما فات، فالله يختم لنا بالخير ويغنينا بفضله وكرمه عن غير بابه الواسع، الذي وسع كل شيء.
وفي العشر الآخرة من شهر صفر توفي السيد الشريف العارف علي بن الحسين الحسيني الحوثي ثم الصنعاني، وهو من ذرية الإمام يحيى بن حمزة الحسيني ، يتصل نسبه بالحسين بن علي بن أبي طالب. وكان مكفوف البصر، وكان حافظاً للقرآن مجوداً، ناقلاً لكثير من المختصرات كـ(الشاطبية) في القراءت (والكافية) لابن الحاجب (والمنتهي) في أصول الفقه له، و(التلخيص) للقزويني في المعاني والبيان. ويحفظ كثيراً من المنقولات، وله مشاركة في الحديث لا سيما لسنن أبي داود يحفظ أكثره غيباً ويذاكر في باقيه، ويحفظ[38/ب] مجموع زيد بن علي غيباً، وله عناية به. ويرجح مذهبه على مذهب الهدوية. وكان يرى رفع اليدين ووضع الكف على الكف في الصلاة، كما هو قول أكثر العلماء ويفعله، إلا أنه ربما تركه إذا صلى جنب أحد من المتعصبين من الهدوية، رحمه الله تعالى، وقد صلى جنبي مرة فرفع.
وفي هذه الأيام وصل خبر مع أهل الهند أن سيواجي رئيس الرازبوت بالهند عاد إلى الخلاف في بعض أطراف بلاد السلطان أورنقزيب، وأثار فتنة في جهته.
وفي هذه الأيام مات الأمير عبد الله الغفَّاري-بغين معجمة وتشديد الفاء- الحمزي. كان المذكور من أصحاب شرف الإسلام الحسن بن الإمام، ثم لازم ولده محمد بن الحسن تلك الأيام، وكان المذكور في المدة السابقة حال بقاء مصطفى وقانص بزبيد قد هرب من حضرة شرف الإسلام ودخل إلى زبيد، فرفع شأنه قانص ومصطفى، وجعلوه أميراً من جملة الأمراء، في ذلك الوقت الذي مضى. وأصله من أشراف عقبات .
وفي هذه الأيام وصلت كتب من المهري صاحب جزيرة سقطرى والساحل الحضرمي، الذي بين بلاد الشحر وبين ظفار ، يذكر للإمام أنه يرسل بعينة من العسكر، وأنه قد بنى[39/أ] على الانقياد والائتمام، وسبب هذا من المذكور، وما كتب به في ذلك المصدور أنه كان انتهب الأيام الأولة بعض من وصل إلى ساحل جزيرة سقطرى من جهة بلاد العماني لشيء من البضاعة، فتحمل العماني، وجهَّز عينة إلى ذلك النادي، فلما شعر بذلك المذكور هرب من الجزيرة إلى ساحل الشحر للجيرة، ودخل أصحاب العماني سقطرى فلم يظفروا بشيء من ذلك الأمر الذي جرى، فأشار على الإمام بترك إجابة المذكور، والاشتغال بغيره برعاية مصالح الجمهور، والقريب من البلاد والأمور، ولا سيما مع تغير حالة الأشراف، وهو يستدعي منكم الاستئناف بحفظ الأطراف، واضطراب أعمال مكة وتلك الأطراف. وأصحاب العماني لم يجدوا ما طلبوه، وفاتهم الأمر الذي قصدوه، وعادوا بلادهم، وسكنت أعمالهم.
وفي هذه الأيام ظهر رجل من بلاد شَظَب يقال له الفقيه حسن بن صلاح بن الفهد يعرف بالخبايا، ويخرج على قوله الأسحار بتربيع ضرب الرمل في الظاهر وهو يحتمل التعمية والتمثيل، ويظهر أنه يكتب إلى رؤساء الجان فيأتيه الجواب منهم بخطوطهم على قوله، وقد يضع ورقة منه في طاقة المنزل بابتداء الكتاب [39/ب] والعرض فتأتي ظهر ورقته بالجواب على مقتضى من جعل الإبتداء له، يقول له: ضع هذا الابتداء هنالك، يأتيك الجواب، فيكون كذلك، هذا جملة ما عنده. والمذكور يلبس الجوخ واللباس الغالي، وذكر أنه أخذ ذلك على رجل كان بتهامة قد مات يسمى الفقيه محمد بن الولي. وظهر آخر أيضاً حضرمي له من المعرفة مثل هذا الشظبي، والله أعلم.
وكان في شهر شعبان قد ظهر ثلاثة أنفار بجهة لاعة لهم هذا الشأن قد استخفّوا عقول كثير من العامة والخاصة، وجمعوا منهم أموالاً كثيرة، فبلغ الإمام شأنهم وأعمالهم، فكره مثل ذلك، وأرسل جماعة عسكر بأدب عليهم، فوصل إليهم أولئك العسكر، وعادوا بغير أثر. وكان الإمام ألزمهم بحبسهم، فلم يتم شيء في شأنهم، ثم أرسل الإمام غيرهم فرجعوا كذلك، ثم أرسل ثالثاً إليهم وأمر بحبسهم بحصن غولي فحبسوا جماعة من أقارب الرحايل، وأمروهم بمنع الرحايل.
وأما أولئك الثلاثة فخرجوا عن تلك الجهة وأعيا الناس أمرهم، واستحوذوا عقولهم[40/أ]، لكنهم تركوا لاعة، وداروا في غيرها من الجهات الواسعة. ولعل هذا المذكور والحضرمي الآخر من أولئك الذين كانوا بلاعة. ووصل الشيخ المذكور إلى صنعاء في شهر ربيع من هذه السنة، فأظهر عمله واستخف عقول كثير من الناس، وأظهر لهم فعله، فعجبوا من إخراجه الأسحار ومن المكاتبة الصادرة منه للجان، ولازمه يحيى بن حسين بن المؤيد بالله ، وأخذ عنه الصنعة، وطلب منه المعرفة، فعلمه المذكور، وقال: إنه قد ربما يدرك ذلك المسطور، ويحتمل أن تكون هذه الأمور من الشعبذة والتمويهات والمخرقة فلا ينبغي الاغترار بذلك، إذ قد تكون هذه الصنعة من صنعة قلب الأعيان، وهي من أنواع السحر كما قرره العلماء فيما مضى من الزمان. وقد كان رجل سيد في المدة السابقة صبياً شاباً فاسقاً متهتكاً قد حُد مراراً في الشراب وغيره، يقص البياض قطعاً ويتلو أشياء وإذا هي بقشا بيضاء يراها غيره، فقد تكون هذه الخطوط في الأوراق التي يظهرها[40/ب] من هذا الوادي، وما يقوله من إخراج ورق السحر من هذا الأمر الجاري، والله أعلم.
وكذلك كان يفعل هذا رجل يقال له: السيد ياسين، ويرجع البياض إلى أصلها الأول من بعد ذلك. وكان فقيراً فقراً مدقعاً، ومنهم أيضاً هذا الزمان الفقيه أحمد الأسنافي، لكنه يستخطف الدراهم، فلذلك يبقى ولا يغير عن أصلها، وهو لا يجوز الاستخطاف لأموال الناس، وكل ذلك من أعمال السحر وأبوابه.
وذكر الشظبي المذكور أنه يتصل بالجان ويهاديهم ويكاتبهم، ورأيت مكاتبته في بعض الورق إلى الأحمر من بهاء الدين قال: وهو الساكن فيما بين بَرَاش ونُقُم ، وأنه ملك على جميع جن اليمن. ورأيت جوابه عليه في ظهر ورقته على قوله، وفيها علامته، بعد الصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله، غير أن الخط مثل خط الكاتب في الابتداء، وذلك أنه كتب إليه المذكور الفقيه حسن بن صلاح الفهد الشظبي الساكن في جبل بني حجاج شرق السودة أنه أخرج أرصاداً على بعض ما سأله من بيته، وذكر هل بقي شيء ينبهه به؟ فأجاب أنه بقي واحد بالباب، فأخرجه المذكور.
هذا ما قاله، وعرف من حاله، فطلبه بعض من أعلمه من الجان، فسار إلى ذلك وكتب من أجله إلى الأحمر[41/أ]، فأجابه في ظهر ورقته أن هذا مارِد من مرَّاده وقال: المَرَدَة يهربون، ولا يكاد يظفر بهم إلا بتعب.
قال المذكور: وإن رجمه بحجر فأخطأه لما أراد منعه وطرده عن الاتصال بذلك الإنسان.
قال: ولا بد ما ننظر في الاستعانة من صالحي الجان بالقبض عليه. هذا ما ظهر عنه، ووثق هذا المذكور جماعة من القضاة مثل قاضي ثلاء مهدي عبد الهادي وقال: إنه عارف، وله خدام وأنصار لذلك، والله أعلم.
لذلك قال المذكور لما سأله سائل أنه يسير معه إلى عند الأحمر، شرقي نقم، ويطلعه على الجان في ذلك المقر فقال: يصلح ذلك غير أنه لا يمكن إلا بكحال يعطيك هو تكتحل به، فتراهم هنالك، والكحال قد ذكروه مشهور لمثل ذلك قال: وهم يأكلون هنالك من الشجر، هذا كما وصفه المذكور ولم يظهر منه أكثر من هذا من المكاتبة، وإخراج أرصاد يقول: إنها سحر، وأنه يضرب في الرمل للتربيع لإخراج ذلك فيخرجه، فيحتمل الأخذ بالعيون في الأوراق والكتابة، ويحتمل أن له ........ الجان يأتيه بالجوابات ويتصل بهم، والله أعلم.