قال الراوي: إنه قديم، ولم أجده أنا في تاريخ، بيد أنه روي لي أنه من قبل النبوة، وأنه كان من أصحاب عيسى بن مريم، والله أعلم. وبعد هذه الكرامات فإنها دالة على فضله. وفي اليمن أولياء ومشاهد لم تعرف في تاريخ ذكرها في هذه البلاد العليا، لعدم اعتناء الشيعة بذكر تاريخ الفضلاء كما يعتني أهل السنة بهم، فمنهم الشيخ مياس في طرف بلاد آنس إلى ما يلي بلاد عُتُمة وذَاهِبْ ، عليه مقام ومزار، ولم يعرف تاريخه في كتب التواريخ، ومنهم السيد الذي في السُّودة وآخرون مغمورون. ولكن نعلم أن الأولين ما وضعوا هذه الأساسات والأبنية والمساجد والمشاهد إلا وهم من الفضلاء نفعنا الله بالصالحين.
والباشا حسن حج مع الناس، وأراد تكون الحربه له دون سعد فلم يتم، فبقي بمكة إلى آخر شهر الحجة، وعاد جدة. وكان أرسل إلى فرحان بأنه يكون دخول مكة صفة حجاج، ويتركون الدخول [7/أ]بالسلاح والأرماح، فأجاب فرحان: أن الأمر للشريف سعد، إذ هو الوالي بمكة، والناس داخلون إلى بابه، وكان دخل إلى جدة بحراً ياقوت إسماعيل من أصحاب أحمد بن الحسن ومعه جماعة بسلاحهم، فانتهبه الباشا عليهم وقال: يدخلون مكة حجاجاً، ثم إن ياقوت إسماعيل سار إلى حضرة الباشا وعرفه في ذلك فأطلق له السلاح.

وفي صفرها وصل العولقي والواحدي إلى رداع، ثم إلى حضرة الإمام بضوران، وكان أحمد بن الحسن قد رجع عنه بعد جمعه لجنوده وجنود صنوه محمد بن الحسن هنالك، وأراد أن الإمام يعرف بما في وجهه من الناس، وما يتوجه لهم من الإيناس، ولما وصل الواحدي والعولقي إلى حضرة الإمام عرض عليهم القافلة التي راحت فأصلحوا فيها، ثم تناظروا فيما بينهم من القتول الجارية معهم في قبائلهم فتساقطوها، وزاد عند العولقي للواحدي قدر خمس وعشرين قتيلاً، وكل هذه القتول التي حسبت لهم من بعد فتح المشرق ودخول أحمد بن الحسن إليه، فأما قبل فلم يجر فيها حساب[7/ب] لكثرتها فيما بينهم، وكان خروج العولقي من بلاده في عسكر كثير من قبائله فوق ألف نفر وبيارقه، فلما وصل طرف بلاد الرَصَّاص منعه الشيخ صالح الرصاص وقال: ادخل بمائة نفر، فدخل كذلك.
وفي شهر ربيع وصل إلى الحضرة العالية رجل من الإمامية الإثني عشرية يتعرض للطلب، وجعل للإمام من شعره قصائد كثيرة على الحروف المعجمة، وخرج أيضاً بصراوي يذكر أن له معرفة في أدوية البواسير يقال له: الشيخ يعقوب، فيحصل من الدواء هذا معه زوال ذلك، ولكنه يتعقبه من بعد الانتقاض وضعف البدن والعود، فلم يحصل منه كثير فائدة، وكان يرسم على الذي يداويه دراهم كثيرة قدر خمسة وعشرين قرشاً وفوق، فمنهم من يبرأ، ومنهم من لا يحصل لدواه جدوى.

وفي ربيع الأول وصل شيخ برط من ذي محمد، قاسم بن علي ومعه قدر أربعين نفراً، والقاضي علي بن محمد العنسي معه، فوصلوا إلى حضرة أحمد بن الحسن الغراس، ثم ساروا إلى حضرة الإمام ومن معه من الناس، وسبب وصولهم أن محمد بن أحمد طلب منهم أنه سيقدم بلادهم، فأرادوا العذر عن ذلك، فصرفهم إلى الإمام، فأمرهم الإمام بأنه لا بد من دخولها ومشَّاهم وزَلَّجهم من عنده على ذلك الكلام. وفي خلال وصولهم وعودهم تعرض جماعة من ذي حسين لطريق خَيْوَان ، فصادفوا فيها سيداً وولده من حُوْث في الجبل الأسود فرموهما، فأصيب ولد السيد وسلم أبوه[8/أ] وهربوا، تعدياً وظلماً وتمرداً وعناداً. ثم إن محمد بن أحمد تحرك حينئذٍ إلى بلد الخراب، رأس وادي المراشي ، وهي باب برط وطريقه، وأهل برط صاروا مختلفين فمنهم راضي بدخوله، ومنهم كاره، فمن الراضين: ذو محمد، قالوا: حيث قد رجح الإمام ذلك فعلى ما يراه، ولا خلاف.ثم تحرك أحمد بن الحسن من الغراس بجموع كثيرة بعسكره، وضم معهم من قدامهم من القبائل كَنِهْم، ومن الجَوْف ، وجاءت طريقه الجوف، فلما بلغ بَرَط جاؤوا إلى محمد بن أحمد واهتموا بالطلوع والنفوذ إلى بلادهم، وأرادوا بذلك أو تحصل الكفاية بدخوله عن حركة أحمد بن الحسن، وكتبوا إلى الإمام بأن محمد بن أحمد قد دخل البلاد حسبما أمر، وأحمد بن الحسن تقدم إليهم وجاءت طريقه بطن الجوف مشرقاً، في بلاد قافرة ضعيفة شاقة، سار إلى مَعين ، ثم خرج منه إلى أبْرَاد، وأخذ العسكر من [8/ب] أطراف مواشي بني نَوف بعضاً جزاءً بما فعلوه العام الأول في الجوف، وخرج أحمد بن الحسن إلى وادي خَبّ في بلاد بني نوف من دهمة ، واستقر في طرفه مما يلي برط قدر شهر، فحصل التضرر مع أصحابه فيه، لبعد القوافل والطعامات عن الوصول إليه وكثرة الناس، ثم طلع برط، فأول دخوله بلاد ذي حسين قهراً، واستقر

في بلد رَجُوزة وسط بلاد ذي حسين، فبقى فيها أياماً، وكان قد نالهم بهذه الطريقة مشقة وكثرة حيَّات وعسرة الطريق وكثرة الأشجار، حتى هلك بعض من هلك منها يقال: حُرمة من جواري أحمد بن الحسن، وآخرون لدغتهم الحيَّات، ومات كثير من الخيل والقُرَاش يقال: قدر سبعين حصاناً فأكثر، ومحمد بن أحمد حال دخوله برط حصلت فرقة بين ذي محمد وذي حسين، وارتجام فيما بينهم.
ولما استقر أحمد بن الحسن ببرط بعد دخوله شق بأصحابه وجموعه، لضعف البلاد، وعدم ما يقوم بهم من الطعامات والزاد، تفرقوا وسار أكثرهم وعادوا، ولم يبق مع أحمد بن الحسن إلا خاصة أصحابه وعبيده، وأهل[9/أ] برط منهم من تشرَّق في المحطة، وصار اليأس معه ومن بقى عنده في الحاجة والضرورة، وعدم وجود الحبوب المجلوبة، حتى بلغ القدح قريب خمسة حروف وأربعة.
وفي هذه الأيام أخرب محمد بن أحمد بيتاً كان في طرف بلد الأوساط التي سكنها؛ لأجل أنه كان مع برط مجمعاً للفساد، وأصله بيت قري جمعة التركي أيام دخل برط، عَمَره أيام دخوله فيما سبق.
وفي هذه الأيام اعتنى صاحب المخا بعمارة القليع عند المخا وتصليحها وافتقادها؛ لأجل ما وقع من الفرنج وفسادها.
وفي خامس عشر شهر جمادى الأولى خسفت القمر، أكثر جرمها في برج الحمل، وغربت خاسفة.
وفي هذا الشهر مات محمد كاشف ببرط حضرة أحمد بن الحسن، وهذا المذكور كان أول رياسته مع شرف الإسلام الحسن بن الإمام آخر أيامه، ثم ولده أحمد إلى أن مات في التاريخ المذكور، وكان متولياً في المدة السابقة بأصاب ، وهو ممن خرج مع أحمد بن الحسن في الحوادث تلك المدة السابقة، في مدة الإمام المؤيد بالله، ثم عزله أحمد بن الحسن، ولم يترك رعايته، وكان شافعياً في مذهبه، رأيت بخطه في بعض كتبه يقول محمد كاشف الشافعي مذهباَ، الشيعي [9/ب] معتقداً.

وفي يوم السبت ثالث عشر شهر جمادى الأولى مات السيد العارف علي بن يحيى بن أحمد بن المنتظر الغرباني بظفير حجة ، كان هذا السيد في عشر الثمانين، وكان قد اختلط عقله آخر عمره، وقبيل وفاته سنة موته. انتقل جده المنتظر إلى ظفير حجة في مدة الإمام شرف الدين ، وأصلهم من غُرْبَان ، وله في تلك الجهة مال ودار. وقد تولى القضاء برهة أيام في مدة الإمام المؤيد بالله، ثم ترك لحدَّة طبعه، وحِرَّة مزاجه، وأخرجه أهل الظفير في بعض الأيام إلى حَجَّةْ ، ثم رجع وعاد وانعزل في بيته وماله.
وفي هذه الأيام وصل خواجا تركي بهدية للإمام، وهو وطاق من جهة بلاد الحبشة، وسكن بحضرته قدر شهر تام، وزلجه الإمام، وأعطاه قياس ثمن وطاقه وزيادة في الإنعام، فمرَّ صنعاء، وحضر جمعتها، فقال: ليش ما يذكر الصحابة خطيبها.
وفيها ظهر رجل قيل: أنه يدعي أنه شريف، وإذا سئل ما إسمه؟ قال: عبد الله، وأصله فقيه قيل: من بني الخيشني، كان قَبَّاضاً مع أحمد بن الحسن في بعض البلاد، كان قد قرأ على حي القاضي حسن الحيمي بعض قراءة، لم يحصل له فيها فائدة. وكان له[10/أ] صناعة في كتب الإنشاء، فظن من لم يكن له معرفة أن عنده علماً، ولما وصل إلى بلاد كُحْلاَن وحجة حصل له من الناس الضيافات والإحسان، ثم إن صاحب حجة محمد بن حسين بن جحاف استماله إلى الوصول إليه، فوصل، فباحثوه فلم يجدوا عنده في العلم معرفة، وأدب بعض أهل بلاده عن ما فعلوه إليه من الإكرام والضيفة ونهاهم عن ذلك وزلجه، وأمره بعدم البقاء في بلاده، ثم أنه ركب البحر وصار إلى حضرة حسن باشا ولازمه، ثم بعد ذلك سار إلى جبل الطائف واستقر فيه هذه المدة.

وفي نصف جمادى الأولى لما تمت أعمال دخول برط، وكان علي بن أحمد صاحب صعدة قد استقر في بلاد أمْلَح عاد إلى صعدة، لما بلغه أن أحمد بن الحسن وصنوه محمد بن أحمد يريدون دخول صعدة، لما يحتاجون من التأهب للوصلة وكراهته دخولهم في البَطِنَة ، ثم إن الإمام ذكر لأحمد بن الحسن ومحمد بن أحمد بالعود، وعدم دخول مدينة صعدة، والطرق التي كان تدخل برط الملوك السابقون من جهات صعدة؛ لأنها سهلة لا يخشى فيها حوزة، ولا يوجد فيها عقبة ولا تعب ولا معرة [10/ب]، بخلاف طريق وادي النيل والمراشي التي تخرج من عِيَان ، فإنها مرافض وعقيب وملاوي غير صالحة لدخول الجنود، لما يخشى فيها من الخديعة عند التلاقي في الحدود. وقد دخل برط كثير من الأولين في زمان العباسية، وفي زمان الهادي دخله بنفسه، والإمام شرف الدين، وقرى جمعة في مدة سنان باشا هؤلاء دخلوه جميعاً عنوة، ودخله صلحاً الإمام أحمد بن سليمان والمنصور .
ومات على أحمد بن الحسن لما جاء هذه الطريق الشاقة -طريق المشرق- قريب سبعين حصان من الجوع والضمأ وعسرة الطريق والحفا.
وأحمد بن الحسن لما بنى على الحركة والارتحال قال لأهل برط: السيد محمد بن علي الغرباني النظر في أمره، فقال برط: هو جارهم، وعليهم الدرك لا يحصل شيء من جانبه ما دام عندهم، ولا يرضون أن يحصل من جهته ما فيه محق ولا أحد من قبائلهم يجيبه ما دام ساكناً وعليهم حفظه، فقال أحمد بن الحسن: لا بد من ضمانات[11/أ] من كباركم على صغاركم في هذا الأمر، وعدم حصول الخلل، فدخلوا في الضمانة وضمنوا بعضهم على بعض وقالوا: هذه أمانة ولا يجري منا لما يخالف ذلك خيانة. وأنشأ بعد ذلك السيد محمد الغرباني قصيدة وجهها إلى والده بصنعاء، وذكر في ضمنها إليه على من يعرفه بها بعد أن بالغ في مدح أبيه بالعبادة والزهادة، ثم ذكر عند ذلك قوله:

صلاة الإله ورضوانه

عليه نوافحها تنفح

وقد جرت عادة أهل الوقت من أهل الزمان التصلية على غير النبي عليه الصلاة والسلام، كما ابتدعه خطيب صنعاء محمد بن إبراهيم السحولي في خطبه، بعد أن لم يكن ذلك معروفاً لأحد من قبله، وقد عرف العلماء أن الصلاة تختص سيد الأنبياء لا غيره من سائر الناس، إلا على وجه التبع من الآل بعد ذكره÷، فأما على الإنفراد فلم يقل به أحد من العباد، وإنما يقول بذلك الرافضة.
من قصيدته هذه بعد أن خرج من مدح والده والتوجيه إليه ذيلها بقوله:
وعج ببني القاسم الأكرمين

ومن لهم في العُلا أودج

واتحفهم شريف السلام
وعاتبهم إن هم عرَّجوا[11/ب]

وقل ما لكم يا بحور الحجى

أتيتم بشيء بكم يسمج

جنودكم أقبلت

إلى رجل واحدٍ مزعج

وليس ثروة ولا ولد

ولا أوس ولا خزرج

ولم يأتكم منه ما تكرهون
سوى أنه قال ذا المدرج

وما قال إني إمام ولا الـ

إمامة عنكم لها مخرج

ولكنه قال إن كان ما
ذكرت هو المنهج الأوهج

فحي إليه إذا شئتم
والإ فما شئتم فانهجوا
وردوا عليَّ إذا شئتم

مقالي إن كان مستسمج

وهذه القصيدة هي من البلاغة بمراحل بعيدة، كما لا يخفى على أهل البصيرة، مع ما فيه من اللحن في قوله: (سوى أنه قال ذا المدرج) برفع القافية مع عدم الضرورة، فإنه كان يمكنه رفعه على وجه لا يكون العامل ناصباً له، وكذلك بعده البيت الآخر، ثم أوعد بعد ذلك بالفتن، وأن الدهر لا يؤتمن، وقد أشار بما ذكر هو ما اعترضه على الإمام وولاته وسيرته، وأكثرها غير قادحة، إذ من لازم الداخل فيها الجري عليها كما ذلك معروف لأحوال الأئمة، ممن مضى وخلف في هذه الأمة، وسواء كان هو متوليها أو غيره من أدانيها وأقاصيها، والسعي في جميع الأمور لصلاح المسلمين، لا للتفريق بين المؤمنين، فقد علم ما في الاجتماع من الخيرات وما في التفرق من المحق والشتات، والله يجمع المسلمين على الخيرات والبركات، وقد قال تعالى: {وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَْرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا } وقد ظهر من قصيدة السيد محمد المشار إليها استحلال الخروج على هذه الدولة، وأنه إنما سكن لعدم القدرة [12/أ]. وقد كان أرسل السيد محمد الغرباني في هذه المدة قبل دخوله برط برسالة إلى أحمد بن الحسن أو بعض أصحابه فيها مطاعن كثيرة في تكثير الجوار معه، ويجعلهن أمهات أولاد، وأنه تهور في تكثير الجوار، واتباعه للهوى فيهن والمبالغة في محاسنهن، ومتى كبرت الأولى بذلها وأخذ أخرى غيرها، وما زال في كل سنة بل كل شهر له سرِيَّة، وصار يتخيرهن ويستبدل بهن ويلبسهن الملابس الفاخرة، حتى لا يزال يبلغن أربعمائة خمسائة، ثم يخرج هذه ويخرج هذه، وهذا شيء لم يعرف بغيره من الماضيين ولا من غيرهم من السلاطين.
وخرج أحمد بن الحسن من برط ومحمد بن أحمد في غرة جمادى الآخرة منها، فكان سكون محمد بن أحمد ببرط قدر شهرين ونصف، وأحمد بن الحسن شهر وعشرة أيام، وجاءت طريق أحمد بن الحسن الزَاهِر ، ثم خرج الخَارِد والغراس، ومحمد بن أحمد جاءت طريقه خَمِر .

وفي هذا الشهر لما ولي الإمام بلاد الضِّحي ومور وخرجت عن ولاية النقيب سعيد المجزبي فسح لبعض عسكره، واستبقى بعضهم عنده، وسكن في كَمَران محله، وولده باللُّحيَّة لبعض الأعمال، وقد معه في النفس بعض انكسار.
وفي هذه الأيام طرد الحضارم الرسول الذي أرسله حسين بن حسن متولياً، وردوه راجعاً ومن معه، وقيل: إنه قتل من أصحابه رجلان أو رجل، فلما كان كذلك قال الإمام: الصواب ولاية الشيخ علي الكثيري ، وكان يومئذٍ عنده [12/ب] فجهزه إليها، ونظر أن تعبها أكثر مما يأتي من مصلحتها.
وفي يوم الجمعة ثاني وعشرين شهر رجب حصل قران المريخ وزحل ببرج الحوت.
وفي هذه الأيام ترجح لرجل، وهو أبو مؤذن مسجد الأبهر بصنعاء، أصله من سَيَّان سَنْحَان أن وجأَ بطنه بالسكين، وقد كان في عشر السبعين، وولده اسمه الفقيه صالح السياني، بعد أن كان أولاً شرع بذبح نفسه بيده، وسببه أن زوجة ولده وولده ما زالوا يخاصمونه ويستثقلونه ويتمنون موته وهلاكه، لأجل بخلهم بنفقته، والقيام بحاله، فغضب المذكور على نفسه، فختم له بأشر خاتمة، نعوذ بالله من ذلك، وإلا فكان أرض الله واسعة، وأرزاقه شاملة، ولا بد من نصيب عند غيرهم وسواهم.
وفي هذه الأيام أمر الإمام بأنه لا يرجع من الدراهم إلا ما هو أحمر، فأما (المقصوص) فماض.
وفي هذه الأيام غزا الشيخ الجيد إلى أطراف بلاد دَثِينة ، فقتلوا نفرين من عسكر حسين بن الحسن.

وفي هذه [13/أ]الأيام جاء خبر أن سيواجي رئيس الرازبوت ببلاد الهند من المجوس عضد بعض أقارب السلطان الهندي سلطان الإسلام، وغزا، الجميع بندر سرات فانتهبوه جميعاً، وأظهروا الخلاف على سلطان الإسلام، وهذا البندر هو أقرب البنادر في سمك البحر إلى بنادر اليمن، المسافة مع صلاح الريح قدر عشرين يوماً ما بينه وبين عدن، ومنه إلى محل سلطان الهند قدر شهريين براً.
وفي رمضان آخر الشتاء حصل مطر الربيع بأكثر اليمن.
وفي هذه الأيام جاء الخبر أن سيواجي اصطلح هو وسلطان الإسلام بالهند، وسكن خلافه، وأن الهند فيه خير كثير، وصلاح واسع ومطر غزير.
وفي هذه الأيام وقع في جهات البحرين في حدود البحر الفارسي فتنة، قيل: من الفرنج الهند خالفوا وانتهبوا البندر، وقيل: من جهة الفرنج انتهبوا أشياء في البحر قربة، ولعلَّ الخبر الأول أصح.
وفي غرة شوال خرج جماعة حجاج من العجم من بندر كنج إلى المخا وأخبروا أن الفرنج يُخشى منهم [13/ب] فإنهم مروا والعماني متحرز على أطراف بلاده منهم.
وفي هذه السنة تسَلَّط مارد في بعض بيوت صنعاء يقال: بيت السيد أحمد التاجر، وكان يؤذيهم ويحمل عليهم بعض مفاتيحهم ويردها قال: فطلبوا منه مرة طعاماً من طعام الزلابيا. قال الراوي: فلم يشعروا إلا وهو بين أيديهم، فأكلوا منه.
وفي شهر الحجة سعرت أسواق مدينة صنعاء في المكاسير، ومن قبل لم يعرف تسعير الدولة بل بالتراضي، فحصل بسبب ذلك رِكة مع الكسارين في البيع والشراء، بحيث ترك بعضهم ذلك الابتغاء، وغلق الحانوت ومضى، ومنهم من صبر على ما به من البلوى.
وفي حادي عشر القعدة كان تحويل السنة الرومية، فكان عند دخول الشمس أول درجة الحمِل، والمريخ في الثور، وزحل بالحوت، والمشتري بالأسد،والشمس والزهرة وعطارد بالحمل، والجوزهر الذنب بآخر درجة من الميزان، ثم تدخل السنبلة.

31 / 94
ع
En
A+
A-