أ- الأوضاع السياسية
وإذا ما بدأنا بالأوضاع السياسية سنجد أن المؤرخ قد تابع وباهتمام الأوضاع السياسية منذ خروج العثمانيين من اليمن في عهد الإمام المؤيد محمد بن القاسم سنة 1045هـ/1635م وحتى بداية عهد صاحب المواهب الإمام الناصر محمد بن أحمد بن الحسن سنة 1099هـ/1688م.
ومن الملاحظ أن المؤرخ في الجزء الأول على الرغم من اهتمامه بالأوضاع السياسية، إلا أن الاستقرار السياسي الذي اتسمت به فترة هذا الجزء (1045-1080هـ/1635-1669م)، جعلته أكثر اهتماماً بالأوضاع الأخرى، بينما نجد الأحداث السياسية في الجزأين الثاني والثالث تفرض نفسها عليه وتشده إليها أكثر من الجزء الأول، وكأن الأحداث والتطورات السياسية الكثيرة والمتلاحقة اضطرته إلى متابعتها أولاً بأول، ورسم لنا صورة تكاد تكون واضحة عما اتسم به عهد كل إمام، مورداً سلبيات وإيجابيات كل فترة من تلك الفترات.
ولن ندخل في تفاصيل الأوضاع السياسية التي كانت سائدة حينذاك، حيث قد سبق تناول ذلك في الفصلين السابقين، وسيكون من باب التكرار الذي لا جدوى منه.
ب- الأوضاع الاقتصادية:
وكان كتاب "بهجة الزمن" معبراً عن الواقع الاقتصادي المعاش حينذاك. وقد تأرجحت الأوضاع الاقتصادية بين الشدة والرخاء، وإن كانت سنوات الشدة أطول. فمن المعروف أن اليمن بلد زراعي في الدرجة الأولى، لذلك كانت الزراعة العامل الرئيسي في الأوضاع الاقتصادية واستقرارها أو تدهورها.
وقد اهتم المؤرخ في الأجزاء الثلاثة بالأمطار والنتائج المترتبة على نزولها أو عدم نزولها من ارتفاع أو انخفاض في أسعار الحبوب والمنتجات الزراعية الأخرى، ونزوح بعض الأهالي من مناطق الجفاف إلى المناطق الأكثر خصوبة وأمطاراً. واهتم بتناول الآثار المترتبة على سقوط الأمطار سلباً وإيجاباً. فنجده على سبيل المثال يتكلم عن نزول أمطار غزيرة على جبل نقم، فنزل سيل كبير، ودفن بعض الغيول وهدم بعض المنازل في منطقة "شعوب", غير أنه يذكر ما حدث بسببه من صلاح لثمرة الذرة في جميع اليمن" وشرع السعر ينحط بعد أن كان قد بلغ القدح بأربعة أحرف".
ونجده في إحدى السنوات يقول: " وفيها رخصت الأسعار، وكثرت الأمطار الغزيرة في جميع اليمن، شرقاً وغرباً ويمناً وشاماً. ودخل صنعاء سيول كثيرة، وصلحت الثمار، بلغ القدح بصنعاء إلى ستة كبار، وارتفع بحر صنعاء هذه السنة عقب الأمطار ارتفاعاً عظيماً حتى بلغ أنصاف الآبار.
أما الجفاف فكانت أضراره أكثر من الأمطار، حيث إن الآثار المترتبة عليه تكون أكثر سوءاً، فيرتفع سعر الحبوب، ويضطر كثير من ساكني المناطق الجافة إلى الارتحال عنها. فنجده في سنة (1081هـ/1670م) يتكلم عما ترتب على الجفاف من ارتفاع للأسعار، ونزوح أهل المشرق مثل: خولان صنعاء، وسنحان، وبلاد نهم، وجميع المشارق إلى بلاد المغارب وإلى اليمن الأسفل والتهائم" ولولا اليمن الأسفل ما زال يرحل منه الطعام إلى صنعاء لبلغ السعر عشرة حروف، والتهائم هذه السنة صالحة، وإنما الغلاء في الجبال فقط".
وأحياناً نجده يقارن بين المناطق الشمالية (اليمن الأعلى) والمناطق الجنوبية (اليمن الأسفل) حيث كانت مناطق اليمن الأسفل في معظم الأحيان أكثر خصوبة وأمطاراً لذلك كانت الأسعار بها أقل، غير أنه في بعض السنوات يخبرنا بأنه كان يحدث العكس، فيقول: "وأما اليمن الأسفل فسعره مرتفع زائد على صنعاء، خلاف العادات الماضية، فإنه يكون سعره دون اليمن الأعلى".
وفي بعض السنوات يصف ما كان يحدث من مجاعات وأمراض كانت تؤدي أحياناً إلى وفاة البعض فنجده في سنة (1088هـ/1677م) يتكلم عن الجفاف، وكيف اشتدت الأزمة بأهل اليمن الأسفل، ورحلوا إلى البلاد العليا، ويروي قصصاً كثيرةً، على الرغم من أنه يكون قد بالغ في ذكر بعضها، لكنها تُعبر عن واقع الوضع الاقتصادي السيء الذي كانت تمر به اليمن في بعض السنوات.
واهتم المؤرخ في هذين الجزأين بعامل هام ومؤثر سلباً على الزراعة، وهو الجراد، وما كان يترتب على قدومها إلى اليمن من أضرار اقتصادية، حيث كانت تأكل الكثير من المحاصيل الزراعية" فطلع السعر في جميع هذه البلاد النصف في الزيادة على ما كان قبل مرورها".
وإلى جانب الجفاف والجراد كان هناك عامل آخر من عوامل ارتفاع الأسعار للمحاصيل الزراعية، ذلك هو ظهور بعض الحشرات في بعض المواسم الزراعية، وكانت تسبب أضراراً بالزراعة، فنجده مثلاً يعلق على ذلك بقوله: "فأكل الذرات في أكثر بلاد اليمن، فنقصت، خصوصاً الصفر منها".
وتناول المؤرخ جانباً اقتصادياً هاماً أيضاً وهو التجارة، الذي يعتبر المصدر الاقتصادي الثاني بعد الزراعة، غير أن اهتمام المؤرخ بالتجارة كان أقل من اهتمامه بالزراعة، وبحسب ما كانت تصل إليه من أخبار عن الحركة التجارية في اليمن، فنجده يذكر وصول الكثير من التجار إلى اليمن محملين ببضائع مختلفة، ويعودون إلى بلادهم أيضاً ببضائع يمنية، والتي كان أهمها البن اليمني، وكانوا يأتون من مناطق متعددة مثل الهند، الحساء، القطيف، البصرة، عُمان، بلاد الشام، وغيرها من المناطق. فنجده على سبيل المثالل يذكر في إحدى السنوات بأن تجاراً من الحسا خرجوا إلى اليمن بالأعبي (جمع عباءة) الحساوي واللؤلؤ، وتعوضوا من البن الصافي إلى بلادهم في البحر من عدن.
وقد اهتم المؤرخ بالربط بين الأوضاع السياسية المتدهورة والوضع الاقتصادي، فقد أدت الحروب والخلافات بين مراكز القوى على الإمامة عند وفاة الإمام السابق إلى ركود الحركة التجارية، لعدم أمان طرق القوافل المعتادة، وكانت في بعض الأحيان تضطر إلى تغيير مسار الطرق المعتادة السهلة إلى طرق أخرى أكثر صعوبة، وكان ضعف مركزية الدولة في فترة الحروب والخلافات، وحتى في بعض فترات الاستقرار سبباً في استمرار بعض قبائل المناطق الشمالية لنهب القوافل التجارية بصورة مستمرة، والأمثلة كثيرة في خلال سير الأحداث.
ويضع المؤرخ أمامنا صورة تكاد تكون واضحة عن الحركة التجارية داخل صنعاء، حيث كان قريباً مما يجري بها بحكم إقامته فيها، فقد اهتم بذكر ما كان يجري في أسواقها من معاملات اقتصادية وحركة تجارية، وكيف كان يتم تنظيم تلك الحركة داخل أسواق صنعاء. واهتم المؤرخ بمتابعة ما كان يسنه الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم من قوانين تجارية، وأثرها على الحركة التجارية بالسلب أو الإيجاب.
ويعطي المؤرخ في بعض الأحيان صورة عن الأسواق، وما كان يحدث بها من تلاعب في الأسعار من قبل المزايدين، فهو مثلاً يتحدث عن سوق الحطَّابين في صنعاء، وما كان يحدث به من تلاعب واحتكار. واهتم بالأسواق الأخرى في صنعاء، وما كان يحدث بها من تغييرات مثل احتكار بعض البضائع من قبل الوسطاء بين البائعين والمشترين، أو ما كانت تفرضه الدولة من أسعار على بعض المنتجات، ومن قبل لم يعرف تسعير الدولة، بل بالتراضي".
وتابع أخبار أحد المحتكرين لتجارة البن، وما ترتب على ذلك من أضرار اقتصادية أُلحقت بالزارعين لهذا المنتج الهام.
وتابع أيضاً أسعار الأقمشة، فهو مثلاً في سنة (1085هـ/1674م) يستاء من غلاء أسعارها، بسبب عدم وصولها إلى اليمن، فيقول: "وفي هذه الأيام تناهى ثمن الثياب البيض المتينة لعدمها". لكنه في سنة (1096هـ/1684م) يذكر بأنه وصل إلى اليمن من الهند حوالي ثلاثون مركباً جميعها محملة بالأقمشة، لذلك نزلت أسعارها عما كانت عليه في العام الماضي.
واهتم المؤرخ بالعملة كثيراً، فأورد العملة المتدولة، ودور الضرب وكثرتها، وكيف أدى ذلك إلى نقص سعر العملة وتدهورها.
وكانت العملة قد بدأت في التدهور منذ نهاية عصر الإمام المتوكل إسماعيل، وفي عهد الإمام المهدي أحمد بن الحسن ظهر المزيد من الضعف والتدهور، فأمر الإمام بأن تصغر البقش، إلا أن العملة في عهد الإمام المهدي أحمد بن الحسن على الرغم من ضعفها كانت أحسن منها في عهد الإمام المؤيد محمد بن المتوكل وعهد صاحب المواهب محمد بن أحمد بن الحسن، لذلك نجده بعد أن انتهى من خلافه مع القاسم بن المؤيد على الإمامة في سنة (1088هـ/1677م) يأمر بإغلاق دور ضرب العملة التي كانت لعلي بن المتوكل في اليمن الأسفل، ودور ضرب كل من حسن بن المتوكل بحبور، ومحمد بن أحمد بن القاسم بعمران، ودار ضرب كوكبان، ولم يبق غير دار ضرب واحدة في صنعاء لمحمد بن المتوكل، والأخرى التي في الغراس لأحمد بن الحسن، ثم يشرح المؤرخ كيف أن أحمد بن الحسن سك عملة جديدة، وما المعادن الموجودة بها، ثم ماذا كُتب فيها.
وفي عهد الإمام المؤيد محمد بن المتوكل يوضح المؤرخ زبادة ضعف العملة وتدهورها، بسبب الأوضاع السياسية المتدهورة، وقوة نفوذ مراكز القوى وفتح دور جديدة لضرب العملة مما أدى إلى زيادة ضعفها وتدهورها أكثر من ذي قبل، فنجد في سنة (1093هـ/1682م) يذكر بأن دور الضرب قد كثرت، فأصبح لدى علي بن المتوكل ثلاث دور لضرب العملة مع ضعفها وكثرة الغش فيها، ودار ضرب واحدة للإمام المؤيد، وأخرى للحسين بن المهدي أحمد بن الحسن في الغراس، وداراً لحسين بن محمد بن أحمد بن القاسم في عمران، وداراً لصاحب المنصورة محمد بن أحمد بن الحسن" فبلغ صرف القرش يومئذٍ إلى خمسة حروف، لأجل كثرتها وصغر الدراهم وغشها". ويناقش المؤرخ عندئذٍ الأثار السلبية المترتبة على ذلك ويطرح في آخر الأمر بعض التمنيات لضبط العملة، وأن تكون عملة واحدة، وبمقاييس واحدة للجميع.
وفي عام (1098هـ/1686م) وهو بداية عهد صاحب المواهب، وما تخلله من صراعات وحروب سبق ذكرها في الفصل الثاني، لا زالت دور الضرب كما هي من قبل كثيرة، والعملة ضعيفة ومتدهورة أكثر من ذي قبل، ويشرح المؤرخ ضعف العملة وما وصل إليه صرف القرش، فيذكر أنه بلغ صرفه إلى اثني عشر حرفاً ونصف ثم إلى ثلاثة عشر حرفاً وأربعة عشر حرفاً وخمسة عشر حرفاً، ثم ما زال يزداد الصرف إلى أن بلغ خمسة وعشرين حرفاً، ويشرح من استفاد من ذلك الارتفاع، وهم قليل، ومن خسر، وهم الأغلبية؛ لأن تعاملهم يكون بالعددي وليس بالقروش.
والمتتبع سيجد أن العملة في عصر المتوكل إسماعيل كانت أفضل بكثير من العصور اللاحقة، وفي عهد أحمد بن الحسن رغم ضعفها إلا أنها مقارنة بعهد المؤيد وصاحب المواهب كانت أفضل أيضاً، وهذا أمر طبيعي، إذ إن تدهور الأوضاع السياسية يترتب عليه تدهور في الأوضاع الاقتصادية، وقد يظهر التدهور بشكل واضح في العملة.
وأورد المؤرخ في الأجزاء الثلاثة من الكتاب الكثير من أسماء العملات، مثل: الدرهم، القرش، الحرف، البقشة. كما ذكر بعض العملات التي كانت تأتي إلى اليمن من بعض الأقطار، فيذكر هنا مثلاً عملة أتت من مدينة فاس بالمغرب، رآها المؤلف فشرح لنا معدنها، وما كُتب فيها، ومن أتى بها إلى اليمن.
وأورد المؤرخ أسماء بعض الموازين المستخدمة حينذاك، ولا يزال معظمها مستخدماً حتى وقتنا الحاضر، مثل: القدح، الكيلة، النفر، الصاع، الإردب المصري ... إلخ.
وتابع المؤرخ ما كانت تتمتع به اليمن من نهضة عمرانية، خاصة في عهد الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم، حيث قام هو وإخوته وأبناء إخوته وبعض الولاة من خارج الأسرة بالعديد من المشاريع العمرانية، مما يدل على الازدهار الاقتصادي والاستقرار السياسي في تلك الفترة، من تلك المشاريع على سبيل المثال: بناء المساجد، والتي كان من أبرزها "جامع الروضة" الذي قام ببنائه أحمد بن القاسم، وترميم بعض المساجد وتوسيع البعض الآخر منها، وترميم أسوار بعض المدن، وشق القنوات، والاهتمام بالغيول، وبناء وترميم بعض الحصون والقلاع والقصور، وغير ذلك من المشاريع الأخرى التي قد يجدها القارئ متناثرة بين أوراق هذا الكتاب، مما قد يفيد الباحثين في مجال الآثار.
وبذلك يكون المؤرخ قد رسم لنا صورة تكاد تكون واضحة نوعاً ما عن الوضع الاقتصادي حينذاك، والمتتبع لما ورد في كتابه بأجزائه الثلاثة سيجد الكثير من الأمثلة التي قد اقتصرنا على القليل منها.
جـ- الأوضاع الاجتماعية
وإذا ما تطرقنا للأوضاع الاجتماعية سنلاحظ أن المؤرخ قد اهتم بهذه الناحية أيضاً، فقد تتبع حركة المجتمع اليومية، وأورد ما شاهد أو سمع عن تلك الأوضاع في المجتمع الصنعاني خاصة واليمني عامة، ويلاحظ أن أكثر ما سجله المؤرخ من صور اجتماعية كان مسرح أحداثها صنعاء، وهذا أمر طبيعي فقد كانت صنعاء مقراً له، مما جعله قريباً من مسرح تلك الأحداث، ومع ذلك فإنه لم يهمل ما كان يسمعه من أحداث اجتماعية كانت تحدث خارج صنعاء، خاصة إذا كانت مهمة وتناقلها الناس.
لقد أورد المؤرخ في هذه المخطوطة الكثير من الصور الاجتماعية، فلم يهمل الجانب الاجتماعي، وهذا بلا شك يزيد من أهمية الكتاب، إذ أن غيره من المؤرخين لم يهتموا بهذا الجانب في مؤلفاتهم.
ومن هذه الصور مثلاً ما كان يتناقله الناس عن السحر، ويورد المؤرخ قصصاً حول هذا الجانب، ويرى بأن السحر ممكن، وأنه من الحقائق.
أما المشعبذون أو من كانوا يدعون الطب فقد شغلوا حيزاً من هذه المخطوطة، فتابع المؤرخ أخبارهم وما هي الطرق التي كانوا يعالجون بها المرضى، وكشف للقارئ حيلهم وتلاعبهم على من يصفهم المؤرخ "بأهل الغباوات".
ومن الصور الاجتماعية الأخرى التي رسمها المؤرخ ما كان يذكره من وصول بعض من كان يطلق عليهم الشطار، وهم الذين كانوا يلعبون ألعاباً بهلوانية- إن جاز التعبير- حيث كانوا يصلون إلى صنعاء ويلعبون الألعاب التي كانت تثير أهالي صنعاء، فيقول المؤرخ على سبيل المثال: "ولعب على الحبال".
وقد تكرر قدوم مثل هؤلاء إلى صنعاء، خاصة من مصر وهذا دفع بعض أفراد المجتمع اليمني إلى تعلم مثل هذه الألعاب، وبذلك تضاف ألعاباً جديدة إلى جانب الألعاب التقليدية المعتادة في اليمن، فنجد المؤرخ يذكر أن ولداً صغيراً استفاد من شاطر مصري، وتعلم منه، وأخذ يلعب مثله، وكسب بسبب ذلك الكثير من المال.
ويهتم بين الحين والآخر بما كان يقوم به اللصوص في مدينة صنعاء من أعمال السرق والنهب، وكيف زاد عددهم، ونهبوا الكثير من المنازل الخالية، التي كان أهلها يقضون فصل الخريف خارج مدينة صنعاء، وهذه الظاهرة كانت لا تزال موجودة إلى وقت قريب، وهي أن معظم أهالي صنعاء كانوا في موسم الخريف من كل عام ينتقلون إلى المناطق القريبة من صنعاء، والتي كان أهمها: الروضة والقرية وحدة وذهبان والوادي وغيرها، وأخبرنا المؤرخ خلال حديثه عما كان يحدث من نهب في المدينة عن بعض المهام التي كانت موكلة إلى المحتسب في صنعاء.
وتناول المؤرخ بعض المعلومات عن التبغ (التتن) والقهوة، والقات، وكيف أن بعض اليمنيين اعتادوا على استخدامها. وأن الإمام المؤيد محمد بن القاسم كان يعاقب الذين يشربون التتن، ويكسر "مدايعهم". أي الآلات التي كانوا يدخنون بها، وكيف أن أحمد بن الحسن حاول منع التتن، لكنه لم يستطع. ثم يدافع المؤرخ عن التتن، وأنه ليس بحرام، وليس هناك حجة بأنه من الخبائث، ثم يقول: "ثم إن التتن لا تستخبثه النفس"، وهذا يجعلنا نتساءل هل كان يحيى بن الحسين مدخناً؟
واهتم المؤرخ وبشكل ملفت لنظر أي قارئ بأخبار الجن، وما كانوا يقومون به من أعمال، وأنهم كانوا يضعون السحر، وأن السحرة من الجن والإنس، ثم يورد بالتفصيل ما أحدثوه من خوف ورعب في قلوب الكثير من الناس.
وتابع المؤرخ ما كان يحدث في المجتمع اليمني من أحداث يومية يتناقلها العامة فيما بينهم لغرابتها، فيكتبها كما سمعها، كأن يقول مثلاً: "وولد مولود في الرحبة، عجيب الخلقة لبقرة، نصفه الأعلى آدمي ورأسه وصدره ونصفه الأسفل صورة البقر". ويذكر في مكان آخر أنه اتفق مولود له رأسان، ثم مات عقب ولادته، كأنهما شخصان متلاصقان". وغير ذلك من الأمثلة الكثيرة التي وردت في الكتاب بأجزائه الثلاثة.