"غفر الله له ولوالديه والمسلمين والمسلمات بمحمد÷. شهر رجب سنة 1193هـ.
أما الورقة المقابلة لورقة العنوان، وهي حامية الكتاب فلم يُكتب فيها شيئاً.
وإذا انتقلنا إلى وصف ورقة العنوان للجزء الثالث، سنلاحظ أن العنوان قد كُتب في منتصف أعلى الورقة بخط المؤلف وهو: "الجزء الثالث من التاريخ ومن الأصل هو الجزء الخامس من أخبار اليمن" ويقصد المؤلف من ذلك أن "بهجة الزمن" ذيل "لأنباء الزمن"، حيث أن كتابه "أنباء الزمن" جزآن، و "بهجة الزمن" ثلاثة أجزاء. لذلك فإن الجزء الثالث من "بهجة الزمن" يعتبر الجزء الخامس، حسب تقسيم المؤرخ نفسه.
وكُتب تحت العنوان، بخط مختلف. والحبر أكثر حداثة: "للوالد العلامة يحيى بن الحسين، طاب ثراه، آمين".
وفي منتصف الورقة، في الجانب الأيمن كتب المؤلف: "ويكفيك في تصديق قولي أن أحمد ...... للويام. نص الجفر الموسوم بالقول للبسطاء من أنه الملك الزاهر".
وكُتب بعد ذلك في الجانب الأيسر من الورقة، وبخط مائل من أعلى إلى أسفل كلام لم يتضح، بسبب أنه شُطب عليه، والشطب تقريباً بنفس القلم، وكأن صاحبه تراجع عما كتبه، ولعله بخط المؤلف؛ لأنه شبيه بما ورد في متن المخطوطة، وبعض الكلمات قُرأت، لكنها غير كافية لمعرفة ما يريد الكاتب أن يقول.
أما الورقة المقابلة لورقة العنوان فقد كُتب فيها مجموعة من الأبيات الشعرية المتفرقة، لبعض الشعراء، مثل: الصفي الحلِّي، وابن المقرب، وابن رشيق، والإمام الزمخشري، غير أن كثيراً من الكلمات غير واضحة. ومن المرجح أن هذه الأبيات بخط المؤلف، وقد ورد معظمها في متن الجزأين الثاني والثالث.
وبدأ كتابة تلك الأبيات من بداية الورقة، أو في منتصفها. وهي كالتالي:
للصفي الحلِّي:
في فساد الأحوال لله سر

والتباس هي غاية الإيضاح

فيقول الجهول قد فسد الأمر

وذاك الفساد عين الصلاح

ابن المقرب
يا أيها الساعي ليدرك مجده

أفق إن هذا السعي منك إضلال

ودع عنك ما لا تستطيع فقد ترى

مساعي ما لا تطيق ليس ينال

الصفي الحلِّي:
لكنها الأيام في تصريفها
1

تقضي عليه بنحسه وبسعده

إذا أقبلت وهبت محاسن غيره
1

أو أدبرت سلبت محاسن نفسه

من شعر سالم بن وابصة...... :
غنى النفس ما يكفيك عن سد خلة

فإن زاد شيئاً عاد ذاك الغنى فقرا

ابن رشيق:
ما دمت مستوياً ففعلك كله

عوج وإن أخطأت كنت مصيبا

كالنقش ليس يصح معنى ختمه

حتى يكون بناؤه مقلوبا

قيل إن الأبيات للإمام الزمخشري رحمه الله.
......................................................

......................................................

......................................................

......................................................

......................................................

......................................................

......................................................

..................................................
..

والناس أعوان من والته دولته

وهم عليه إذا عادته أعوان

وقد أشار المؤرخ في الورقة الأخيرة من الجزء الأول إلى انتهائه من هذا الجزء، غير أنه لم يشر إلى تاريخ انتهائه من كتابة هذا الجزء
أما بالنسبة للورقتين الأخيرتين للجزأين الثاني والثالث فلم يكتب المؤرخ تاريخ انتهائه منهما، ولم يشر حتى إلى أنه قد انتهى منهما، وختم الجزء الثاني بذكر وفاة سلطان عُمان "سلطان بن مرشد"، وتلى ذلك خمسة أسطر لم يتضح منها شيئٌ بسبب الشطب المتعمد، أما الجزء الثالث فقد ختمه بذكر موقف الناصر محمد بن أحمد بن الحسن من يافع.
ولا توجد إشارة إلى تاريخ انتهائه من المخطوطة كاملة في الأجزاء الثلاثة.

ولم يرد في الأجزاء الثلاثة ما يدل على تمليكها، أو انتقال ملكيتها من شخص إلى آخر، كما هو موجود في معظم المخطوطات غير أنه من خلال التعليقات الواردة في بعض حواشي المخطوطة، والتي هي بخط حفيد مؤرخنا، وهو يحيى بن مطهر بن يحيى بن إسماعيل بن يحيى بن الحسين، الذي كتب أيضاً معظم التعليقات في ورقة العنوان والورقة التي قبلها في الأجزاء الثلاثة يتضح لنا أنها كانت بحوزته، ولعلها قد وصلت إليه عن طريق الإرث ، يؤكد هذا الورقة التي بخطه أيضاً، والتي أضافها أو أدخلها في الجزء الأول من المخطوطة بين ورقتي رقم(254)و (255) وبدأها بذكر اسمه قائلاً: " يقول أحقر الفقراء إلى الله الكريم يحيى بن مطهر بن إسماعيل ابن المؤلف يحيى بن الحسين" وذكر في هذه الورقة رأي شخصي في شعر جده يحيى بن الحسين الذي أورده في هذه المخطوطة. والورقة المضافة مختلفة عن بقية أوراق المخطوطة، لأنها كُتبت في فترة متأخرة في عصر يحيى بن المطهر حفيد المؤلف الذي عاش في الفترة من (1190-1268هـ /1776-1851م) فهي أحدث من بقية أوراق المخطوطة، كما أن الحبر مختلف. وكما سبق ان رأينا في ترجمة المؤرخ أن عبد الله بن الوزير في كتابه " طبق الحلوى" قد استعان بمخطوطة "بهجة الزمن" استعانة كاملة، وهذا دليل على أنها كانت لديه لفترة من الزمن فلعله قد استعارها من أبناء او احفاد يحيى بن الحسين، واستقى منها معلوماته، ثم أعادها إليهم.
وقد استهل المؤرخ كل جزء من الأجزاء الثلاثة بالبسملة.
ووجد في الأجزاء الثلاثة تعليقات في الحواشي بخط مختلف عن خط المؤلف، غير أنها في الجزأين الثاني والثالث قليلة جداً، إذا ما قورنت بالجزء الأول.

والمخطوطة كُتبت بخط "معتاد سقيم"، حسب تقييم مفهرسي المكتبة الغربية بدار المخطوطات، فالقارئ لأول وهلة قد لا يتمكن من قراءتها واستخراج كلماتها إلا بصعوبة بالغة، بل أن بعض الكلمات لم تتضح إلا من خلال سياق المعنى، ويرجع ذلك فيما يبدو إلى استعجال المؤرخ في الكتابة، ولم يهتم بالإعجام في معظم الأحيان، ونتيجة لكل ما سبق فإن هناك بعض كلمات لم تتضح رغم المحاولات الجادة لفهمها، حتى من قبل بعض المتخصصين في قراءة المخطوطات.
غير أنه لا بد من الاعتراف هنا أن قراءة الجزأين الثاني والثالث كان بالنسبة للباحثة أقل صعوبة من الجزء الأول، إذ أنها قد اعتادت على خط يحيى بن الحسين، على الرغم من أن الجزأين الثاني والثالث بهما الكثير من الشطب إذا ما قورنا بالجزء الأول.
ولم يهتم المؤرخ بوضع الإشارات الدالة على عدم الإعجام إلا نادراً، فهو أحياناً يضع علامة (z) تحت الحاء، ونقطة تحت الدال والطاء، و(v) فوق السين، وغير ذلك مما كان متبعاً في كتابة المخطوطات من قبل.
ولم يهتم المؤرخ أيضاً بوضع الهمزات إلا نادراً، سواء كانت همزات لازمة مثل: رياء، ماء، صنعاء، سماء، أو همزات مخففة مثل: شمائل، قبائل، أوائل، ...إلخ.
ويستخدم أحياناً حرف الياء بدلاً من الهمزة المخففة، كما هو متبع في كثير من المخطوطات مثل: دواير، بير، زايل، وقايع، حمايل... إلخ.
كما أنه لم يهتم بتشكيل الكلمات التي هي بحاجة لذلك، وإن كان قد شكل بعض الكلمات التي وردت في بعض الأبيات الشعرية.
ولا نستطيع أن ننتقد المؤرخ في كل ذلك؛ لأن ذلك هو المتبع في كثير من المخطوطات حينذاك.
وعلى الرغم من أن كثيراً من المخطوطات تعتمد في كتابة بعض الكلمات على الرسم القرآني، إلا أن يحيى بن الحسين كان يكتبها في معظم الأحيان كما هو متبع في الكتابة الحديثة، ولم يكتبها كما وردت في القرآن إلا نادراً مثل: زكواة، صلوة، إسمعيل، سموات، وغير ذلك.

وكان يحيى بن الحسين مثل غيره من المؤلفين والنُساخ لم يتبع رسماً واحداً في كتابة بعض الكلمات، فنجده أحياناً يكتب الألف الممدودة ألفاً مقصورة مثل: غزا يكتبها غزى، نما يكتبها نمى، عفا يكتبها عفى ...إلخ. وأحياناً العكس من ذلك فيكتب الألف المقصورة ممدودة مثل: العظمى يكتبها العظما، الفتى يكتبها الفتا، الأعمى يكتبها الأعما، ويكتب أحياناً التاء المربوطة تاءً مفتوحة مثل قلة الرجال يكتبها قلت الرجال، رغبة أهله يكتبها رغبت أهله.
أما بالنسبة للتمييز بين الضاد والظاء فهي من الأخطاء الشائعة لدى الكثير من المؤلفين والنُساخ، لذلك نجد المؤرخ مثل غيره يخطئ أحياناً في التمييز بينهما، ومن أمثلة ذلك: أيقظها، يكتبها أيقضها، العظة، يكتبها العضة، يعضُّ يكتبها يعظ.
وبما أن النسخة التي بين أيدينا هي مسودة المؤلف فقد زحم معظم أوراق المخطوطة بالحواشي، وبخط صغير وغير واضح في معظم الأحيان، ولا يُقرأ إلا بصعوبة بالغة، غير أنه من الملاحظ أن تلك الحواشي كانت تقل من جزء إلى آخر، فالجزء الثاني كانت الحواشي به أقل من الجزء الأول، بينما الجزء الثالث كانت الحواشي أقل من الجزء الثاني.
ومما تجدر الإشارة إليه أن الأحداث التي سجلها المؤرخ من كتاب آخر الحواشي بها قليلة جداً، بل قد تختفي، وذلك على خلاف ما نجده بشأن الأحداث التي كان يسجلها ولا ينقلها من مصدر مقروء، مثل: رحلة الحيمي إلى الحبشة في الجزء الأول من المخطوطة، وكذلك الأبيات الشعرية التي نقلها من دواوين بعض الشعراء والرسائل.

واهتم المؤرخ بوضع الإشارات التي ترشد القارئ إلى مكان تلك الإضافات في المتن بسهولة، فإذا كانت الإضافة في جهة اليمين يضع الإشارة ( ) وإذا كانت في جهة اليسار يضع الإشارة ( )، أما إذا كانت الإضافة في الحاشية بأكملها-أي في جهتي اليمين واليسار-فإنه يبين للقارئ أين ستبدأ الإضافة وأين ستنتهي، فيضع إشارة ( ) ليوضح أن الإضافة ستبدأ من جهة اليسار وتنتهي في جهة اليمين، وإذا بدأها من جهة اليمين، فإنه يضع الإشارة عكس الأولى ( ).
وحرص المؤلف على أن يكتب كلمة (صح) عند نهاية أي إضافة في الحاشية، حتى وإن كانت الإضافة كلمة واحدة.
ولم يهتم المؤرخ بوضع عناوين بارزة لأهم الأحداث، غير أنه حرص على أن تكون كلمة "ودخلت" بمثابة عنوان رئيسي لهذه الحوليات، فكتبها في سطر مستقل، وبخط كبير من أول السطر إلى آخره، ثم يكتب في السطر الذي يليه السنة الجديدة بالحروف وليس بالأرقام. وأحياناً كان يكتب كلمة (ودخلت) في نصف السطر بعد انتهائه من الحدث السابق مباشرة، ربما حتى لا يترك نصف السطر بياض، فيواصل بخط كبير في نفس السطر كلمة (ودخلت سنة ..) .
وعند الانتقال من حدث إلى آخر يكتب كلمة (وفيها)، أي السنة، وبخط أكبر من المعتاد في معظم الأحيان، كما أنه عند نهاية الحدث أو نهاية الفقرة يضع الهاء المقلوبة ( )، التي هي اختصار لكلمة (انتهى) وأحياناً أخرى يضع علامة مختلفة عن الأولى، وهي ( ) وتدل أيضاً على الإنتهاء من الحدث أو الفقرة، غير أن المؤرخ كان في معظم الأحيان يسرد الأحداث دون أن يفصل بينها بأية علامة أو إشارة

والمتصفح للمخطوطة يلاحظ أن المؤلف كان يشطب بعض ما يكتبه من أحداث . وهذا أمر طبيعي فهي مسودة المؤلف، فنجد أحياناً يكتب حدثاً كاملاً، ثم يشطبه ويعيد كتابته في موضع آخر، أو في عام آخر والجزء الأول من المخطوطة أقل الأجزاء شطباً، حيث أن الشطب في الجزأين الثاني والثالث أكثر من الجزء الأول، ففي الجزء الثاني بعض أوراق كان المؤرخ نفسه يشطب ما يكتبه من أحداث ثم يعيدها في موضع آخر من المخطوطة، وهذه واضحة أنها بيد المؤرخ نفسه، وفي حالات نادرة يلاحظ أن الشطب بحبر مختلف، وفي أحيان أخرى لا يكتفي الفاعل بالشطب، بل قد يقوم بمحو بعض أسطر المخطوطة بوضع الحبر أو الماء عليها حتى لا يتضح شيئاً مما كان مكتوباً البتة، وقد يشمل ذلك الشطب أو المحو الحواشي، فقد يشطب جزء منها، أو قد تشطب جميعها، حتى وإن كانت كبيرة من أول الورقة إلى آخرها، ولم يتبين في معظم الأحيان من الذي قام بالشطب هل المؤلف أم غيره؛ لان الحبر غير مختلف.
ويلاحظ في الجزء الثالث وهو أكثر الأجزاء شطباً أن هناك أوراقاً كاملة وكأن يداً قد عبثت بها، وليس لديها وعي بأهمية مثل هذه المخطوطات فهو شطب لا معنى له؛ لأن كثيراً من الأوراق المشطوبة عبارة عن أحداث تاريخية عادية، لا تستدعي القيام بشطبها، وكأن من قام بذلك الشطب لم يكن متعمداً إخفاء ما كتبه المؤلف، ويشبه لعب الأطفال، إن جاز التعبير.
أما بعض الأوراق ففيها شطب متعمد، بحيث لم يتضح شيئٌ مما كتبه المؤلف، وقد تصل إلى الورقة كاملة أو نصفها أو أسطر منها، غير أن ذلك كان قليلاً إذا ما قورن بالشطب غير المتعمد.

وترك المؤلف في أوراق قليلة مكان بعض الكلمات بياضاً في الأصل، مثلاً يقول: "وكان جملة القتلى ...." ربما أنه غير متأكد من عدد القتلى، وترك في الجزء الثاني الورقة (151أ) نصفها بياض، غير أنه كتب كلمة التعقيبة التي سبق الإشارة إليها. وكتبها بخط كبير ومائل من منتصف الورقة حتى نهايتها، كي لا يترك لأحد فرصة الكتابة في هذه الورقة، أما الورقة (208ب) فهي بياض كلها، غير أن ما كتبه المؤلف متناسق، ولا يوجد خلل في تسلسل الأحداث في الورقة التي تليها.
ونجد في بعض الأوراق أن المؤلف في الجزأين الأخيرين قد كتب بعض الأحداث في المتن، لكنه أعاد كتابتها في الحاشية، بنفس الصيغة تقريباً. أو أنه قد يكرر الحدث مرتين في المتن نفسه، بينما لم نجد مثل ذلك في الجزء الأول من المخطوطة.
وكتب المؤرخ في بعض الأحيان عناوين في الحاشية، عند سرده لأحداث هامة أو قصص اجتماعية غريبة، وإن كانت تلك العناوين قليلة جداً إذا ما قورنت بمخطوطات أخرى، من تلك العناوين مثلاً: "ذكر وفاة سلطان الروم" "قصة الفرنج لعنهم الله في المخا"، (عجيبة في كسوف الزهرة) ، (ذكر وفاة المهدي)، غير أن تلك العناوين في الجزء الثالث كانت قليلة جداً إذا ما قورنت بالجزء الأول والثاني.

ثالثاً-أهمية المخطوطة
إن إبراز أهمية المخطوطة وما تناولته من موضوعات من شانه أن يؤكد ما ذهبت إليه الباحثة في ترجمة المؤرخ، وهو أن يحيى بن الحسين يعد من أشهر مؤرخي تلك الفترة، وأكثرهم موضوعية ودقة وأمانة، وإن كانت مؤلفاته لم تحظ بالدراسة الجادة، والتحقيق العلمي. وتعد مخطوطة " بهجة الزمن في تاريخ اليمن" -التي تعنى هذه الدراسة بتحقيقها أهم مؤلفات يحيى بن الحسين التاريخية، غير أنها ظلت طي الكتمان، ولم تر النور، فلم يستعن بها أحد من المؤرخين المتأخرين المهتمين بالفترة التي تتناولها هذه المخطوطة. من ذلك على سبيل المثال سرجنت (Serjeant) الذي أشرف على وضع كتاب هام عن صنعاء، فعلى الرغم من أن مخطوطة "بهجة الزمن" تحوي معلومات كثيرة وهامة عن صنعاء في القرن الحادي عشر الهجري/ السابع عشر الميلادي أكثر من أي مخطوطة أخرى تناولت الفترة نفسها -كما سنرى- نجد أن "سرجنت" لم يستعن بها في حين أنه استعان بمخطوطات معاصرة لتلك الفترة مثل: "تحفة الأسماع والأبصار" للجرموزي، ومخطوطات أخرى لا تعدو أن تكون اختصاراً لمخطوطة "بهجة الزمن" مثل: "طبق الحلوى" لابن الوزير. ولعل "سرجنت" لم يتمكن من الحصول عليها، أو لأن خطها سقيم تجاهلها. كما أن بعض الرسائل العلمية التي تناولت هذه الفترة لم تكن مخطوطة "بهجة الزمن" مصدراً لها، على الرغم من أهميتها وموضوعيتها، واهتمامها بذلك العصر بمختلف جوانبه. وقد رأيت لذلك أنه من الأهمية بمكان إخراج هذه المخطوطة إلى حيز النور ليستعين بها المهتمون، وبوصفها واحدة من أهم المصادر التي لا غنى عنها لمعرفة أحداث القرن الحادي عشر الهجري/ السابع عشر الميلادي.

وعلى الرغم من أن بعض المؤرخين يرى أن مخطوطة "انباء الزمن في تاريخ اليمن" من أهم مؤلفات يخيى بن الحسين التاريخية فإن مخطوطته "بهجة الزمن" أكثر أهمية، دون أن يعني هذا أننا نقلل من اهمية مخطوطة "أنباء اليمن"، إذ لا يستطيع أحد إنكار أهميتها، غير أن ما يميز مخطوطة "بهجة الزمن" ويجعلها أكثر أهمية من غيرها هو أن مؤلفها كان معاصراً لمعظم الأحداث -إن لم نقل جميعها- التي وردت فيها، كما أنه كان قريباً من معظم الأحداث، إذ لا يخلو حديثه في سرده لمعظم أحداث المخطوطة من قوله شاهدت، سمعت ، أخبرني فلان. كما أنه عند ترجمته لمعظم شخصيات عصره كان يعرفهم عن كثب، وهذا بلا شك يعطي المخطوطة أهمية كبيرة، حيث تعد مصدراً أصلياً لمن أراد أن يكتب عن تاريخ اليمن في هذه الفترة.
ولم يكن مؤرخنا معاصراً للأحداث فحسب، فهو ابن الحسين بن القاسم أشهر علم في الدولة القاسمية، معنى ذلك أنه كان قريباً جداً من مسرح معظم الأحداث في عصره، بل والأهم من ذلك أنه شارك في بعض تلك الأحداث، كما يروي خلال أسطر مخطوطته هذه، من ذلك على سبيل المثال ما ذكره من مرافقته لوالده الحسين بن القاسم في بعض المعارك ضد أحمد بن الحسن، بعد وفاة والده، وخروجه عن طاعة الإمام المؤيد، فيقول: "وكان بجنب شرف الإسلام يومئذٍ على يمينه السيد العلامة أحمد بن علي الشامي، وكاتب الأحرف على يساره". وأحداث أخرى كانت له يد في صنعها، فيشرح على سبيل المثال المكاتبات التي دارت بينه وبين الإمام المتوكل على الله إسماعيل، التي اعترض فيها مؤرخنا على سياسية الإمام إسماعيل في فرض المطالب المختلفة، وقد سبق ذكر ذلك في ترجمة المؤرخ.
أريد من ذلك أن مؤرخنا كان قريباً من تلك الأحداث، ومشاركاً في بعضها بصورة أو بأخرى على الرغم من رفضه لأي منصب سياسي . كل هذا يعطي لهذه المخطوطة -كما ذكرنا- أهمية كبيرة.

25 / 94
ع
En
A+
A-