ويذكر المؤرخ الجرموزي بأن الإمام إسماعيل في سنة (1063ه/1653م) كان يريد أن يولي على صعدة شخصاً آخر غير أخيه أحمد، حيث يقول: "استرجع الإمام ولاية صنوه مولانا الصفي أحمد بن أمير المؤمنين أيده الله صعدة ومخاليفها ونجران وما إليه". وقد علل الجرموزي سبب العزل هذا ما وقع فيها من الاختلاف، وما لقي الإمام من الشدائد في صلاحها وأحياناً رأى أن يولي عليها علي بن أحمد من غير واسطة أبيه، غير أن الإمام تراجع عن قراره، فعظم عليه أن يكون أخوه منقطعاً عن أهله، أو يكون فيها والتصرف لغيره، فأعادها إلى أخيه أحمد، واشترط عليه إصلاحها وسد خللها. وكان الإمام يمده بالعسكر إلى أطراف الشام كنجران ومشرق صعدة، وغيرهما.
واستمر أحمد بن القاسم متولياً لصعدة وجهاتها حتى وفاته سنة (1066ه/1656م). وبعد وفاته جعل الإمام المتوكل ابن أخيه علي بن أحمد والياً على صعدة بعد أبيه. ويذكر ابن عامر بأن علي بن أحمد قد أحكم قبضته على الشام وضبطه، وكان يتجه من صعدة إلى الإمام المتوكل في بعض السنين فيجله الإمام ويكرمه وينزله منزلة الأولاد والعلماء والأعيان.
واستمر الأمر كذلك حتى رفع جماعة من أعيان صعدة إلى الإمام حركات من علي بن أحمد مخالفه لما يريده الإمام، فجعل الإمام كثيراً من جهات صعدة لبعض أعيانها، مثل: بني النمير، والشقري، وبني حابس، الشيخ يحيى بن الحاج، وجعل لهم أيدٍ على صعدة حتى ظهرأمرهم في جهة الشام، وضعفت يد علي بن أحمد.
وكان قبل ذلك قد وصل إلى الإمام مشائخ بلاد خولان صعدة يشكون من علي بن أحمد، فأرسل معهم والياً السيد علي بن مهدي النوعة، بدلاً من انضمامها إلى علي بن أحمد. وكانت سياسة الإمام في صعدة على ما يبدو هي العمل على تقليص نفوذ علي بن أحمد، ومن ثم عزله عنها وإعطائها لأحد أبنائه وهو الحسن بن المتوكل، وكما فعل في صنعاء وأعطاها لابنه محمد نجده في صعدة أيضاً يحاول إعطاءها لابنه الحسن.
وهنا تتضح سياسته في تعيين أهل الثقة في الولايات الهامة، خاصة البعيدة عن نفوذ مراكز القوى الفاعلة في دولته، على الرغم من وجود أهل الخبرة، إلاَّ أننا نجده يستغني عنهم في بعض الولايات، أو قد يمنحهم ولايات أقل أهمية، حيث نجده يرسل إبنه الحسن إلى صعدة، ومعه مجموعة من العسكر، وكتب إلى الأعيان السابق ذكرهم بأن يساعدوا إبنه الحسن في تثبيت يده على صعدة وجهاتها، وفي جميع ما يحتاج، وأطلق يد الحسن في صعدة، وكان مستقراً في جبل رازح، وكان يدخل صعدة لفترة ثم يعود إلى مقره في رازح، وخلال قدومه إلى صعدة كان يحاول أن يقوي من نفسه هناك، وكان يعاقب القبائل التي كانت تقوم بنهب القوافل التجارية.
أما علي بن أحمد فكان يتضرر كثيراً من طول بقاء الحسن ابن الإمام، وزيادة النفقات في صعدة عليه وعلى عسكره. وفي سنة (1087ه/1676م) أمر الإمام أن يستقر ابنه الحسن بصعدة مع أهله، وأن يسكنوا بدار مطهر، التي كانت لعلي بن أحمد، فاستاء علي بن أحمد من ذلك. وكان الإمام يهدف من ذلك إضعاف يد علي بن أحمد، وعزله بعد ذلك من صعدة وجميع جهاتها. وأن تكون بلاد الشام جميعها إلى ولده الحسن، غير أن علي بن أحمد كان أكثر دهاءً وخبرة من الحسن بن المتوكل، ويعرف المنطقة وقبائلها أكثر منه، لذلك نجده عند أن علم بقدوم أسرة الحسن واستعداد الحسن لدخول صعدة أمر برد أسرته من حيث أتت، وكتب إليه، وقد صار في منطقة تسمى (مَجْز) كتاباً مضمونه: (إني كنت قد نهيتك عن دخول صعدة، والوصول هذه المدة، فأنت مخير، إما رجعت من حيث جئت، أو وصلت وعلينا تأمينك في الطريق إلى اليمن عند والدك، أو الحرب بيننا وبينك ومناجزتك. فعاد الحسن بن المتوكل من (مجز) يريد التوجه إلى ساقين من أجل أخذ حاجاته التي قد وصلت إليه وخزينته، فكتب علي بن أحمد إلى أهل (عرو) أن يمنعوه من الوصول إلى هنالك، فمنعته القبائل من دخول ساقين، وعاد راجعاً إلى جهة رازح، بينما علي بن أحمد اتجه إلى ساقين، التي كان بها أصحاب الحسن بن المتوكل وحاربهم واستولى على الخزينة، ثم أمنهم وأُسَرِهم وعاد إلى صعدة.
وبعد ذلك أمر جماعة بإخراج الحسن ابن الإمام من رازح، ولا يبقى له فيها نفوذ. وخلع إمامة الإمام إسماعيل، وأجابته قبائل الشام، ودخلت في أوامره ونواهيه إلى حدود بلاد سفيان وما إليه، كما سنرى، وانقطعت أوامر الإمام فيه بالمرة. وأصبحت الشام لعلي بن أحمد، والحسن بن الإمام اتجه إلى كمران. مع أن علي بن أحمد أصبحت يده ضعيفة في الشام، وكان يداري القبائل، ولم تكن لديه قوة ليتمكن من إخضاعهم، لذلك حصل النهب في صعدة منهم. ويعلق يحيى بن الحسين على ذلك بقوله: "فلا هو ضبط البلاد، ولا تركها لغيره من الولاة يصلحها ويزيل عنها الفساد".
أما محمد بن الحسن الذي كان يعتبر من الشخصيات القيادية الهامة في الدولة، بل يعتبر الرجل الثاني بعد الإمام المتوكل، ومن أهم مراكز القوى في الدولة-إن جاز استخدام هذا التعبير-فقد اقتفى أثر أبيه في سياسته الإدارية لمناطق ولايته، وأول ما قام به بعد وفاة والده أنه جمع الكثير من القادة والجنود والأعوان الذين كانوا تحت قيادة والده الحسن، تحت قيادته، واستقر في ذمار؛ لأنه حين وفاة والده لم تكن له ولاية محددة.
وكان الإمام المؤيد رافضاً إعطاء أبناء الحسن ولاية أبيهم، لكن محمد بن الحسن بذكائه وسياسته الحكيمة بدأ ينطلق من ذمار، ويحصل على ولايات قد تساعده على كفاية من معه من الجند والقادة، فأعطاه عمه الحسين بلاد الشوافي، وخبان وبني سرحة، ويريم، والتعكر، وهي مناطق خصبة في اليمن الأسفل، كما استطاع بعد ذلك الحصول على الامتيازات تدريجياً.
ولم يتوف الإمام المؤيد إلا وقد أصبح لمحمد بن الحسن نفوذ ومكانة كبيرة في اليمن الأسفل، لذلك أعلن إمامته عند وفاة المؤيد، غير أنه تنازل لعمه المتوكل إسماعيل، كما سبق أن رأينا. وكان المساند الأول له ضد منافسه أحمد بن القاسم، ومده بالكثير من الجنود والخيول والأموال، لذلك فمن الطبيعي أن يمنحه الإمام إسماعيل ما يريد. وقد ذكر لنا ذلك صاحب بغية المريد، بقوله: "ولاَّه الإمام ولاية عظمى في أقاليم وحصون ومدن وبحار، فاستمر محفوفاً بعساكر يضيق بها الرحب. بلغت خيله خمسة عشر مائة حصان، على رفاهية ودعة من الإسعاد". وكانت له صلاحيات واسعة في مناطق ولايته، وترك له الإمام تعيين من يراه مناسباً في تلك المناطق.
وقد أعطى محمد بن الحسن مناطق هامة في ولايته لأبنائه، منهم يحيى بن محمد بن الحسن، الذي أعطاه والده ولاية تعز والحجرية، سنة (1068ه/ 1658م) بعد وفاة واليها السيد على المحرابي. وبعد وفاة والي العدين محمد بن أحمد بن الإمام الحسن المؤيدي أضاف محمد بن الحسن ولاية العدين لابنه يحيى إلى جانب تعز والحجرية.
ولأهمية العدين وخصوبتها كان الإمام إسماعيل يريد أن تتبعه مباشرة ويعين عليها شخصاً من قبله، إلا أن محمد بن الحسن رفض ذلك قائلاً: "البلاد بلادي، وفيها عمالي، وإليها حاجاتي". غير أن إعطاءها لابنه يحيى لم يكن موفقاً، فكان يحيى بن محمد بن الحسن ينفق جميع أمواله ويعطي، بحيث قد ينفد ما لديه من مخزون، وكان ذلك سبباً في الجور على الرعايا، لا سيما بلاد الحجرية، وتعلقت به الديون، فاستاء والده محمد بن الحسن، ومنعه من الإنفاق بتلك الطريقة، وأخذ منه بلاد العدين.
أما ابنه إسماعيل فكما ذكر الحوثي بأن والده محمد بن الحسن كان قد "فوض إليه أموراً من بلاد اليمن الأسفل". ولم تذكر المصادر المتوفرة ما هي المناطق التي تولاها إسماعيل؛ إلا أنه قبل وفاة والده كانت إليه بلاد العدين.
وباعتبار محمد بن الحسن الرجل الثاني في دولة المتوكل، فكان كثيرالتنقل بين المناطق المختلفة، ليس مناطق ولايته فحسب، بل شمل تنقله المناطق الأخرى، خاصة ذمار وصنعاء واليمن الأسفل، يذكر ذلك ابن عامر بقوله: "وكان يجعل شطر الإقامة بذمار واليمن الأسفل وشطرها بصنعاء اليمن، أيام الشتاء بالجَنَد".
ولنا أن نطرح سؤالاً، وهو لماذا تختلف سياسة الإمام المتوكل إزاء ولاته؟ فهنا نجده يطلق يد محمد بن الحسن في مناطق ولايته، يعين ويعزل من يريد، بينما عزل أخاه عبدالله بن القاسم عن ولاية ذمار. وكان متولياً لذمار من عهد أخيه الإمام المؤيد. وكان عَزْله بسبب شكوى وصلت إليه عن طريق أحد القضاة فيها، وهو القاضي يحيى بن محمد الشبيبي؛ لأن عبد الله بن القاسم زاد في فرض الأموال لتأديب ومعاقبة أهالي ذمار. وعين الإمام بدلاً من أخيه السيد أحمد بن هارون الهدوي.
وعلى الرغم من أن عبدالله بن القاسم طلب من أخيه إعادته إلى الولاية في ذمار، عندما اتجه إليه وهو في شهارة، ورافقه إلى صنعاء، ثم إلى ضوران، إلا أن المتوكل رفض ذلك، فلم يكن منه إلا أن لزم بيته بذمار، وقطع مواصلته لأخيه الإمام، حتى أنه لما وصل الإمام إلى ذمار لم يلتق به، واستمر على ذلك حتى وفاته سنة (1069ه/1659م) . يقول ابن عامر: "وهي ولاية واسعة، ذات حصول نافع".
لقد اتسمت سياسة الإمام المتوكل إسماعيل الإدارية في توزيع الولايات على أفراد أسرته كل حسب أهميته، دون الاهتمام بإيجاد نظام إداري واضح ومنظم، لأسباب كثيرة من ضمنها ضغوط أفراد الأسرة في اختيار مناطق ولاياتهم، خاصة من كانوا يتمتعون بمراكز نفوذ كبيرة مثل محمد بن الحسن وأخيه أحمد بن الحسن، حيث أن اعتماده عليهما في كثير من شؤون الدولة جعل الأمر أقل وضوحاً.
لقد كان الإمام المتوكل يعين ويعزل الولاة في مختلف الولايات، حسب الظروف، وفي الولايات البعيدة عن مراكز القوى، فقد اختلفت سياسته إزاء ولاته من شخص لآخر حسب مصلحة الدولة كما يراها، فكما رأينا أطلق يد محمد بن الحسن في جميع اليمن الأسفل، وترك له حرية تعيين من يريد، سواء كانوا من أبنائه أم من غيرهم. وهذا نتيجة لقوة محمد بن الحسن كما رأينا. وكان له ولأخيه أحمد بن الحسن الفضل الكبير في توسيع حدود الدولة من حدود عُمان جنوباً إلى حدود الحجاز شمالاً. وتوحدت اليمن، وحُكمت مركزياً من عاصمة المتوكل (ضوران) .
ولكن ليس معنى هذا أننا نستطيع إنكار حقيقة هامة، وهي: أن الإمام المتوكل أثبت منذ توليه الإمامة بأنه أكفأ آل القاسم وواحداً من أقدر حكام اليمن في تاريخه الطويل، فقد تمكن من إعادة السيطرة المركزية على كل اليمن الطبيعية، كما سنرى، ولكن من الطبيعي أن يكون لشخص مثل محمد بن الحسن نفوذ كبير وسلطة قوية، لدرجة أنه أطلق عليه أحد مبعوثي السلطان العثماني (ملك اليمن) فيذكر يحيى بن الحسين من خلال وصف مبعوث السلطان العثماني-إلى اليمن_لنفوذ محمد بن الحسن قوله: "إن كان ملك في اليمن فهذا هو، غيره ما فيه شيء". وهذا دليل على نفوذه الواسع ومركزه القوي.
إن أشخاصاً مثل محمد بن الحسن وأخيه أحمد بن الحسن لا يُعتقد بأن الإمام المتوكل سيفكر في عزلهما لأسباب هامة، منها قوتهما وصلاحيتهما للحكم، فكان محمد بن الحسن سنداً وعوناً لعمه المتوكل في كل ما يحتاج إليه، وكان بمثابة الدعامة الرئيسية للدولة، فلم يبالغ المؤرخ يحيى بن الحسين عندما قال: "وكان القائم معه محمد بن الحسن، وإليه أكثر اليمن، فكانت الأمور في أيامه جميلة، وأحوال الناس مستورة، فلما مات ظهرت العجائب، وما زالت الأمور إلى نقص وفيها غرائب". وفي مكان آخر من المخطوطة يقول: كان محمد بن الحسن مطلعاً على جميع الأمور، حافظاً للجنود، فلما توفي انتثرت أكثر الأمور. لذلك ليس غريباً أن نرى أن سياسة الإمام المتوكل تختلف مع شخصيات أخرى من الولاة، ولم تكن نفس السياسة التي اتبعها مع محمد بن الحسن وأخيه أحمد بن الحسن.
ولكن الإمام المتوكل بعد وفاة محمد بن الحسن سنة (1079ه/1668م) لم يتبع مع أبنائه السياسة نفسها التي اتبعها مع أبيهم، إذ سار على نهج أخيه الإمام المؤيد في عدم توريث الأبناء أو الإخوة، ولكن حسب ما تقتضيه المصلحة العامة للدولة، ولعدم صلاحيتهم لتولي هذه الولاية أو تلك، فنجد هنا يحيى بن محمد بن الحسن كان يريد أن يتولى بلاد والده، فتوسط بعمه أحمد بن الحسن، لكنه رأى منه عدم الإجابة فيما كان يريد؛ لأنه كان يعلم بأن الإمام لن يرضى بذلك مطلقاً. وأخبر الإمام إسماعيل أحمد بن الحسن بأن البلاد التي كان قد ولاّها محمد بن الحسن لأبنائه تبقى لهم على ما كانت عليه من قبل، فالحجرية وبلاد ذمار ليحيى بن محمد بن الحسن، والعدين لإسماعيل بن محمد بن الحسن، وسائر البلاد "لنا النصف وإليكم النصف".
أما عسكر محمد بن الحسن فجعل الإمام عهدتها إلى أخيه أحمد بن الحسن، لكنه اعتذر عن ذلك، وتمزق جنود محمد بن الحسن وتفرقوا.
وكان يحيى بن محمد بن الحسن قد اشتد غضبه من موقف الإمام المتوكل، وسكن في دار المدرسة، واحتجب أكثر أوقاته، ولم يسأل الإمام أو يخاطبه في شيء مما يريده، ثم توفي بعد والده مباشرة، في رجب (1079ه/1668م) "وهو متأثر بألمه، لما كان يريده ويهوى".
أما إسماعيل بن محمد بن الحسن فقد انتقل بعد وفاة والده إلى مقر ولايته العدين، ومعه أخوه أحمد بن محمد بن الحسن، فمات أحمد في الطريق، وقد دخل وادي العدين، وقبر بالمذيخرة. وبعد وصول إسماعيل بن محمد بن الحسن إلى العدين لم يكمل شهر إلاَّ وقد توفي هو أيضاً في العدين، فقبر جنب أخيه بالمذيخرة. فعين الإمام المتوكل على ولاية العدين جعفر بن مطهر الجرموزي، الذي كان صاحب إسماعيل بن محمد بن الحسن ووزيره وكاتبه.
وبذلك انقرضت دولة محمد بن الحسن وأولاده بعد سنة من وفاته تقريباً.
الشخصية القيادية الثانية في دولة الإمام المتوكل هي شخصية أحمد بن الحسن، فإذا كان محمد بن الحسن يعد الرجل السياسي الأول بعد الإمام المتوكل، فإن أخاه أحمد بن الحسن كان يعد رجل الحرب الأول، أو القائد العسكري الأول، حيث وكلّه الإمام لقيادة معظم الحروب، والتوسع في المناطق الشرقية والجنوبية. وتمكن من بسط نفوذ الدولة في تلك المناطق، وعاد محملاً بالكثير من الغنائم، كما سبق أن رأينا. وكان قد ساند الإمام منذ إعلان إمامته، لذلك كان لزاماً عليه أن يمنحه الولايات مثل غيره من أبناء الأسرة. فأعطاه بعض ولايات في اليمن الأسفل، منها ولاية (ذي السفال) التي كان المتولي لها المهدي بن الهادي النوعة من أيام الحسن بن القاسم والإمام المؤيد، فلما وصل المتوكل إلى الإمامة عزله عنها، وولى تلك الجهة ابن أخيه أحمد بن الحسن. هذا إلى جانب (الغراس) التي كانت المقر الرئيسي لأحمد بن الحسن حتى وفاته.
وبعد وفاة محمد بن الحسن منحه الإمام المتوكل نصف ولايته، كما سبق أن رأينا.
وكان أحمد بن الحسن يريد إعطاء ولاية العدين لابنه محمد بن أحمد ابن الحسن، بعد وفاة واليها إسماعيل بن محمد بن الحسن، غير أن الإمام هذه المرة حسم الأمر ورفض إعطاءها له، وكأنه لا يريد أن تتبع أحمد بن الحسن مثلما كانت تابعة لأخيه محمد بن الحسن، وأراد أن تكون تابعة له مباشرة، ويعين عليها والياً من قبله، وتكون عائداتها له، ربما بسبب خصوبتها، حيث فرض الإمام على الوالي الجديد جعفر بن مطهر الجرموزي مبلغاً قُدِّر بستة آلاف شهرياً؛ لأنه كان متقبلاً لبلاد العدين مقابل هذا المبلغ. والمتقبل عادة يرسل المبلغ المتفق عليه لبيت المال، ويتضح أنه مبلغ كبير، لذلك أثقل الجرموزي كاهل أهالي العدين بالمطالب.
أما الأخ الثالث لمحمد بن الحسن وأحمد بن الحسن فهو الحسين بن الحسن بن القاسم، فقد ولاَّه الإمام رداع، وبعد فتح بلاد المشرق سنة (1065ه/1655م) ولاَّه جميع بلاد المشرق من مدينة رداع إلى حضرموت، وأضاف إليه جهة خبان وبلاد الحبيشية.
وإذا ما انتقلنا إلى سياسة الإمام إسماعيل الإدارية في تثبيت أبنائه في الولايات المختلفة، فسنجده اهتم بذلك، خاصة في العشر السنوات الأخيرة. وقد منحهم الولايات التي يريدونها، فيقول المؤرخ يحيى بن الحسين: (ومكن أولاده في الولايات، وأجاز لهم التصرفات).
وقد وزع الولايات على أولاده كالتالي:
أ - محمد: بصنعاء وجهاتها. وسبق أن رأينا كيف وسع حدود ولايته.
ب - الحسن: في رازح وتهامة. فأصبحت له اللحية والضحي ومور والزيدية، وسبق أن رأينا محاولته أخذ صعدة وجهاتها من علي بن أحمد، وإخفاقه في ذلك. وكان أكثر أبناء الإمام تحركاً في الولايات المختلفة، تنفيذاً لأوامر والده، خاصة في السنوات الأخيرة من حكم الإمام.
ج - علي: ولاَّه مناطق باليمن الأسفل، خاصة بعد وفاة محمد بن الحسن، حيث ولاّه أكثر المناطق التي كانت تابعة لمحمد بن الحسن، فزاد نفوذه، وأصبح من المراكز القوية في الدولة.