ومنهم: الشيخ العالم الأديب لطف الله بن محمد بن الغياث الظفيري، وكان هذا الشيخ رحمه الله عارفاً كبيراً، وله مصنفات، وكان أكثر إقامته في مكة المشرفة، وأخذ عنه كثير من العلماء منهم مولانا [ق/67] السيد العلامة شرف الإسلام والمسلمين الحسين بن أمير المؤمنين المنصور بالله سلام الله عليهما، وغيره من العيون، توفي في شهر[رجب] عام ثلاث وثلاثين وألف[1623م].
ومنهم: القاضي الفاضل العلامة جمال الدين الهادي بن يحيى البشاري العنسي العذري، كان عالماً فاضلاً، ولي القضاء في الهجر وعذر، توفي في شهر[.....] عام[.......] وألف.
ومنهم: القاضي العلامة المجاهد الصمصامة عبد الرحمن بن المنتصر العشبي من بلاد بني عشب، كان عالماً مجاهداً، وله في العلم والعمل أخبار حسنة، وتوفي في بلاد الشرف وهو واليه يومئذٍ في جمادى الأولى سنة سبع وأربعين وألف [اكتوبر 1637م]، ولعله من الطبقة الثانية.
ومنهم: القاضي العلامة المجاهد شمس الدين أحمد بن محمد السلفي، كان عالماً مجاهداً معروفاً بمحبة أهل البيت الصحيحة، وتوفي في شهر الحجة عام خمس وثلاثين وألف [أغسطس 1626م]، أو أول شهر محرم سنة ست وثلاثين [1627م]، وقبره في مسار، وكان إليه ولاية تلك الجهة.
ومن عيون الذين فقهوا في أيامه وظهر فضلهم ونبلهم في التزام أحكامه.

منهم: الفقيه العلامة الزاهد الحبر الورع، العابد عز الدين، وقدوة العارفين محمد بن عبد الله المعروف بابن الغشم الآنسي، علمه الغزير، وفضله الشهير، وورعه الشحيح، ووعظه النافع، مما ظهر واشتهر، وله في ذلك أخبار حسنة، وله مصنفات سيما في التفسير، توفي في جميمة بني الذواد من بلاد لاعة في رجب عام ثلاث وأربعين وألف [يناير 1633م]، وقبره مزور مشهور، وكان قد اختارها وطناً وتزوج فيها، وكان لا يسكن موضعاً قبلها، بل إذا (وصل) إلى بلده إلى آنس قصر الصلاة، وكانت نفقته من يسير معه من نذوره ويتصدق بكثير منها، وكان مقبولاً عند العامة والخاصة، كثيراً ما تراه يحاسب نفسه، وله أخبار حسنة.
ومنهم: القاضي العلامة البحر الفهامة، الحبر شمس الدين أحمد بن سعد الدين الحسين المسوري أطال الله بقاه هو لسان العلماء في وقته، وخطيبهم في مدته، وله مع سعة العلم من الزهادة والورع والاحتياط ما يليق بمثله، معروفاً في أيامه بالبلاغة وخلوص التشيع كما قال في أبيات له أيده الله تعالى [ق/68]:
إذا لم يكن حب النبي شعاري .... وحب علي والبتول دثاري
وحب نبيهم شيمتي وبضاعتي .... وكسبي بليلي كله ونهاري
فلا نلت ما أبغي ولا نلت منيتي .... ولا رفع الله العظيم مناري
وقال أطال الله بقاه من قصيدة طويلة:
لآل رسول الله حق ودادي .... غذاني أبي إياه يوم ولادي
وأرضعته طفلاً وماذقت غيره .... فيعلق منه عالق بفؤادي
وفك به لحيي فأصبحت لاهجاً .... به وإليه في الأنام أنادي
أقفي به آثار وحي مقدس .... هدانا به الرحمن أكرم هادي
وسنة خير المرسلين فإنها .... كفيلتنا فيه بحجج سدادي
وسيرة أطهار الأئمة من بهم .... يكشف من ليل الضلال دادي
على نهجهم أنحو أوالي وليهم .... وأبرأ من ضد لهم ومعادي
أريد به غفران ربي وعفوه .... ورضوانه في مبعثي ومعادي

وله أخبار من هذا وأمثاله ما لو جمع لصار مجلداً كبيراً.
ومنهم: القاضي الفاضل الورع الكامل جمال الدين علي بن سعيد الهبل، وأخواه مهدي بن سعيد، وأحمد بن سعيد الهبل، أما القاضي علي بن سعيد فله في الفقه قراءة وتحقيق، وفي سائر الفنون حصة وافرة، ولي القضاء في حضرة الإمام المؤيد بالله عليه السلام والفتيا، وكف بصره بعد وفاة الإمام،ولم ينقص شيئاً من وضائف القراءة، ويغيب القرآن أطال الله بقاه.
وأما القاضي مهدي ففقيه فرضي، والقاضي أحمد عالم متقن، له في كل فن اليد الطولى، وسمعت من بعضهم يصفه بالإجتهاد، توفي في صنعاء في شهر جمادى الآخرة في عام إحدى وستين وألف[1651].
ومنهم: القاضي العلامة المجتهد البحر شمس الدين أحمد بن يحيى بن حابس الدواري، كان عالماً محققاً، وبحراً في العلوم دافقاً، ولي القضاء بعد أبيه مدة، وله مصنفات نافعة في كثير من الفنون، توفي قبيل الفجر في الليلة المسفر عنها يوم الإثنين الرابع عشر من ربيع الأول عام أحد وستين وألف[الجمعة 5مايو 1651م] [ق/69] [ومن محاسن أشعاره] [..............].
ومنهم وهو من الطبقة الأولى: الفقيه الفاضل المحدث الطاهر -شبيه سلمان للبيت النبوي وأبي ذر الغفاري- أحمد بن موسى بن مقبل بن علي بن سهل العدناني النزاري، ثم الصعدي، وبلغ من العمر[.....] سنة.

قال السيد أحمد نفع الله به: وحج في عام ثمانين وتسعمائة، وكان له من محبة أهل البيت والسعاية في قضاء حوائجهم، والمحبة لهم بقلبه ولسانه،والمناصرة بيده وسنانه، ما لم يكن لغيره قط، ولقد كان يخرج بنفسه إلى قراهم المبتعدة ليتفقد أحوال حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وربما تختصم المرأتان فيخرج إليهما بنفسه ليصلح بينهما، وكان رحمه الله قد اتخذ منازله مألفاً لبني هاشم يأوون إليه كما يأوي الطير إلى وكره، وكان ممن بايع الإمام الحسن بن علي عليه السلام وشايعه، وناصره واستعان له من أهل صعدة أموالاً جزيلة، ولما دعا الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد عليه السلام جعل له ولاية عامة، فكان يفعل كما كان يفعل الإمام عليه السلام ، وكان باقياً في صعدة أيام الظالمين بأمر الإمام عليه السلام، وكان له هيبة في صدور الظالمين، وجرى له مع الأمير محمد التركي والأمير صفر قضية ونجاه الله منهم، بل حبس ساعة من نهار، ثم أخرج.
قلت: وسمعت في صعدة من غير واحد أنهم هموا بقتله، وقد أحضروا ما أرسله إلى الإمام عليه السلام حجة عليه فهابوه كثيراً وأبلسوا، ثم رأوا المدينة تموج بأهلها خوفاً عليه، فخلوا عنه، وقد أجاب الأمير محمد بجواب حسن قبله منه، وخلى عنه من غير حبس ثانٍ، قال هذا الإمام هو من بلدنا وولد إمامنا الهادي، وبيننا وبينه مثل ما بينكم وبين من هو من بلدكم صحبة كتب إلينا نشتري له بعض كسوة وصابون، وأمور لا عليكم منها ضرر- أو كما قال- وهو مع ذلك مطرق لا يراه ولا ينظر إلى الترك.

ولقد أخبرني حي الوالد السيد جمال الدين علي بن المهدي رحمه الله قال: إنه دخل صعدة لزيارة الهادي عليه السلام في الصلح الكبير وأظن أن الإمام عليه السلام أصحبه شيئاً من الأغراض، قال في حديث طويل: فأمرني أنا وصاحبي باللقاء إلى خارج المدينة ليخرج إلى عند السيد فارس، هو من أولاد الإمام المنصور بالله، فيه ديانة حسنة، (ومسكنه في المخلاف) ، قال: فلما توسطنا القاع لقينا هذا الطاغي وقد خرج بخيله ملأ القاع فأنكرنا، فانفرد من فرسانه وسار بينه وبينهم كثيراً[ق/70]، ثم أقبل على فرسه حتى وقف علينا وسألنا، وعرف سيدنا أحمد بن موسى فقال: أين تريد يا فقيه؟قال: نخرج إلى السيد فارس، ثم ولى عنا ولحق بفرسانه، فلما ولَّى سألني سيدنا أحمد: هل قد هذا الأمير شيبة أم لا؟فقلت: يا سبحان الله أنت في بلده كذا مدة ما تعرفه، فقال: ما والله أعرف وجهه.
ومنهم: الفقيه الفاضل الورع العامل إبراهيم بن [......] المتميز الصعدي، كان ورعاً عالماً مشغوفاً به، معروفاً بملازمة المسجد والصدقة والبر، سيما بالأشراف، وكان تلوالفقيه أحمد رحمهما الله، توفي في شهر [.......] عام [........].

ومنهم: القاضي العلامة وحيد العصر، وفريد الدهر، الولي الصديق، الفقيه العالم على التحقيق: صارم الدين إبراهيم بن يحيى بن محمد السحولي عالماً عاملاً، ورعاً زاهداً، جاهداً في صلاح المسلمين، ونفع المتعلمين، ولي القضاء في صنعاء بعد وفاة القاضي العلامة وجيه الدين عبد الهادي بن أحمد الثلائي رحمه الله،وكان قبلها إماماً مصموداً، وبالعلم مقصوداً، توفي ضحوة يوم السبت لعشر بقين من جمادى الأولى عام ستين وألف [الأربعاء 23مارس 1650م] بمدينة صنعاء، وقبر بها، وكان قبر أولاً بجربة الروض عدني مدينة صنعاء عند قبر والده رحمة الله عليهما، ومن لديه من العلماء رحمهم الله جميعاً غربي قبر والده، ثم اقتضى الحال نقله إلى مشهده المعروف قبلي محراب السعيدة عدني صنعاء الذي أمر رحمه الله بعمارته، وكان نقله ليلة الخميس السابع عشر من شهر شوال من عام ستين وألف[13 اكتوبر 1650م]، ووجد جسده وأكتافه على حالته التي قبر عليها لم يتغير عنها رحمه الله ورضي عنه.
ومنهم: القاضي الفاضل الزاهد العلامة أحمد بن صالح العنسي العياني من أهل الورع الغزير، والفضل الشهير سيما في الأصول أطال الله بقاه.
ومنهم: الأخوان العالمان شرف الدين الحسن بن محمد بن يحيى بن سلامة المشهور بالفضل، عالماً تقياً فاضلاً أطال الله بعمره، وعلي بن محمد عالماً متبحراً كاتباً بليغاً، محققاً في جميع الفنون، مقيماً في صنعاء المحروسة بالله تعالى أطال الله بقاه.

[دعوة الإمام القاسم]
وأما دعوته عليه السلام وحروبه وطرف من سيرته فمما أخبرني الثقة عن جماعة من أصحابه، منهم: الأمير الكبير[ق/71] الحسن بن ناصر الأمير الغرباني رحمه الله تعالى، ومنهم الفقيه المجاهد قاسم بن سعيد الشهاري رحمه الله تعالى، ومنهم القاضي شمس الدين أحمد بن قاسم الخولاني، ومنهم الوالد السيد جمال الدين علي بن المهدي الآنسي رحمه الله تعالى وغيرهم ممن يعرض ذكرهم إن شاء الله تعالى، فأخبرني السيد الفاضل جمال الدين علي بن محمد بن شمس الدين الغرباني قال: أخبره الأمير الحسن بن الناصر المذكور، قال: كنت مهاجراً في بلاد العصيمات في موضع سماه، وكان قد جاور العصيمات والتجى إليهم لما أسر الإمام الناصر لدين الله الحسن بن علي عليه السلام، وكان هذا الأمير الحسن من عمدة أعوانه والمشهورين بالشجاعة، والرمي بالبندق، قال: وكان الإمامة ما تعرض في فكري لما أرى من شرار الخلق، وقوة سلطان الترك على الأرض، فلم أشعر إلا وعندي كتاب من السيد القاسم خلاصته: وصولي إليه لمفاوضة خير إن شاء الله تعالى.

وروى السيد محمد بن ناصر الغرباني أن السيد المذكور حال وصول الكتاب إليه وهو بمحروس شاطب من جهات المشرق، قال: فوصلته إلى بلاد الشرف، فعظم وأكرم، ثم قال: هذا الجور قد عم، والشرع الشريف ادلهم أو كما قال- ولا يسعنا عند الله إلا الذب عن دينه، ومجاهدة أعدائه، قال: فلما قال ذلك دهشت ووقع في نفسي أن هذا حدث بمحال مع معرفتي بكماله واستحقاقه المقام بما أسمعه عن جل العلماء، وقلت: يا سبحان الله وأي موضع تستقر فيه وتأمن حتى يعود رسولك، وهكذا من الكلام؟فقال: معي على هؤلاء القوم عونان اثنان عظيمان، قال: فأنست وقلت لعلهما من ملوك اليمن كعبد الرحيم بن عبد الرحمن، والأمير أحمد بن محمد صاحب كوكبان فهما أعظم من أعرف في وقتهما، فأعدت عليه القول، فقال: سبحان الله العون الكبير الغاضب لدينه المرجو لنصر أوليائه، والثاني ما ترى من ظلمهم الذي قد عم القريب والبعيد، والرفيع والوضيع، فما ننثني إن شاء الله عن ذلك، ثم وعدته ووصلني بذهب أحمر لا أدري من أين صار إليه من شدة الخوف، وعدم ظهوره.
وأخبرني الوالد السيد محمد بن ناصر الغرباني أطال الله بقاه أن هذا الذهب من امرأة من الشرف من المحابشة لعلها من المشائخ أو صت به له على يد بعض الفضلاء، فكانت الوصية مائتي حرف أحمر ، وسمعت من غيره أنها مائة. والله أعلم.

وأما القاضي شمس الدين أحمد بن قاسم الخولاني عافاه الله تعالى[ق/72] فقال: أخبره حي مولانا الإمام عليه السلام من فيه قال: لما اشتد به الخوف من الظالمين، وقد تنقل في مواضع كثيرة من نواحي الشرف، وطلب أشد الطلب أحيط به في مواضع، ونجاه الله تعالى، وتنقل إلى نواحي الحيمة وجبل تيس، ودخل صنعاء مستخفياً أمسى ليلة أو ليلتين في مسجد داود وهو كاتم نفسه، وفي مضيه هذه المواضع المذكورة أخبرني غير واحد من عجائب ما اتفق له منها في الصلبة وقعة، ومنها في المرواح أخرى، ومنها في المحويت، ومنها في بلاد الشاحذية وغيرها ما يدل على حفظ الله له سبحانه، وتأييده ومدده، وما مهد الله له وألقى في القلوب له من المحبة والهيبة.

وأخبرني حي القاضي العالم علي بن سعيد الظفاري الظاهري ثم الحيمي أنه كان مع جماعة من الطلبة يقرأون على حي الفقيه العلامة المحدث عبد الرحمن بن عبد الله الحيمي الحصباني في هجرة الحدب من الحيمة، وأنه وصلهم عليه السلام ولا عرفوه، وقرأ على الفقيه كتاباً أو قال كتابين، وأقام عندهم ولا يعرفون اسمه، وكان الفقيه عبد الرحمن يكره مقام الإمام عنده، واعتذاره من القراءة، ومن ذلك فلم يقبل الإمام، ثم تودعه من العر، قال: ورأينا من سيدنا كراهة بقاء السيد عنده، ولا كاد يقبله، ثم حثه على السير من عنده، قال: وقلنا قد شغفنا به يا معشر الطلبة وكنا جماعة وافرة، فلما فارقنا وكان عقيب صلاة الظهر اتفقنا على مفارقة سيدنا وهجره، واتهمناه بما نعوذ بالله من كراهة أهل البيت عليهم السلام، فلما رآنا على نية المسير جمعنا واعتذرنا، وقال: يا فقهاء هذا إمام هذه الأمة وكذا، وبلادكم قد غلب عليها الترك أخذهم الله فلا نأمن من أن نرغبه في المقام، فيظهر اسمه فيقبضونه من عندنا، قال: فاستغفرنا الله وعدنا للقراءة، وكذا سمعت من كثير من أصحابه عليه السلام يحدثون عنه بمثل ذلك، وأنه أراد أن يمشي في بيت المنامة فوجد منكراً فغيره، وفارق المكان، ثم صار إلى بيت القدح أو قال الحواني من بلاد الأحبوب، ووقف على شيء أنكره فأمسى في غير البلد بغير عشاء، ثم صار إلى بيت المصفر من بلاد بني سوار، واتفق بالشيخ محمد بن جعفر، وكان إذ ذاك خادماً للشيخ العبادي شيخ بني سوار، وكان العبادي معظماً في الناس، وأن هذا الشيخ محمد بن جعفر فعل له معروفاً [ق/73] فدعا له، وصار بعد ذلك

34 / 109
ع
En
A+
A-