وأما ما يجري معهم من المشقة فإن ذلك بلوى من الله يظهر معها العمل؛ لأن الناس منهم من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ الله الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}، {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ الله أَلاَ إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ} {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ الله وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا} هم والله الذين عناهم الله في قوله: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى الله فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} اللهم إنا لا نحب إلا طريقتهم هذه فأعنا عليها واهدنا إنك على كل شيء قدير.
وما ذكرتم أبقاكم[ق/18] الله من وصولكم للقراءة فنحن نحب ذلك، فتصلون إلينا إن شاء الله تعالى ويكون العمل فيها على حسب ما ترون من الحال، ونشترط أن لا تكون القراءة إلا في الحديث وأصول الفقه خاصة لا في غيرهما؛ لأنه ليس معنا كل الفراغ، اللهم إلا أن تأخذوا المقصود من ذلك فلا بأس في القراءة في غيرهما.
وجواب المسائل التي سألتم عنها في القرطاس لم أتمكن منها حال صدور هذه؛ لأن الرسول لم يرض بالوقوف حتى نتم، ولأن معنا اشتغالاً بتأليف شرح لطيف على الحاجبية في النحو للأصحاب والأولاد-فتح الله عليهم بالعلم والحكمة- لأنه لم يكن عندنا من كتب النحو إلا الحاجبية، وحاشية عز الدين فقط، وقد بلغنا في هذا الشرح آخر الفعل، ونرجو من الله المعونة على تمامه، ومعنا أيضاً اشتغال آخر جوابات وكتب مبتدأت إلى القبائل عملاً بقوله تعالى: {وَلاَ تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ} وقد وصلت إلينا كتب من نهم، وبلاد الخشب يطلبون وصول الحاج المجاهد أحمد بن عواض، ولم نترك إجابتهم إلى ذلك إلا رجاء يقوم معهم غيرهم؛ لئلا يتجمع عليهم الظالمون، والعصيمات كافة خالفوا، وأوقدوا النار في بلادهم إلا آل صدان منهم خاصة... إلى أن قال عليه السلام في كتابه هذا: آل نجران وأهل جبوبا وداعي الباطنية أحمد بن الوديع الغريري وأصحابه صاروا يكاتبون إلينا أنا نصل إليهم، ونسكن في جبوبا ويمدوننا بما نحتاج إليه فلم تطمئن النفس وإلا فبلادهم خير من الشرف، ومن حجة إلا الأودية لكثرة خيره وقرب مائه حتى نخيلهم لم يغرسوها إلا بين الوحل، وليس كل نجران باطنية، وإنما الباطنية قبيلة يقال لهم مذكر، وأما وادعة الكبرى ويام وبنو الحارث، وآل الهندي فبخلافهم.
هذا ما سنح من الأخبار، والولد طول الله عمره وأصنايك الجميع ومن حضر مقامكم متحفون بشريف السلام ورحمة الله وبركاته، وتحياته ومرضاته. انتهى.
ومن كتبه عليه السلام بخط يده الكريمة إلى عمه السيد الأكمل المجاهد سيف الإسلام عامر بن علي رحمه الله تعالى: أسأل الله بحق محمد وآل محمد أن يحرس ويحمي ويسدد وينصر ويعضد الوالد السيد المثاغر المرابط المجاهد نور الدين عامر بن علي، ويتحفه بشريف السلام، وزليف التحية والإكرام، ورحمة الله على الدوام، وبعد:
فلا يخفى على الوالد[ق/19] أيده الله سبحانه من وجوب التوكل على الله وتفويض الأمر إليه {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى الله فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ الله بَالِغُ أَمْرِهِ} {سَيَجْعَلُ الله بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً} وإني أحضك على ذلك فاجعله شعارك، وعلى تقوى الله فاجعلها دثارك؛ لأن الله تعالى يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ الله يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ} ويقول: {إِنَّ الله مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} وإياك والإعجاب بالكثرة {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا}.
واعلم أن النصر بيد الله {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ }،{إِنْ يَنْصُرْكُمُ الله فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} ولا بد من الامتحان: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ الله أَلاَ إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ} وعليك بالصبر فإنه سلطان الدين، وهو من الإيمان كالرأس من الجسد ولا إيمان لمن لا صبر له {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا}، {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ الله وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}، وبلغني أن بعض الجند الذين معكم اجتمعوا على [دف] مثلث، فانهوا عن المنكر تنصروا كما جاء في الأثر عن سيد البشر، تعوذوا بالله من الإتكال على نفوسكم، أو على أحد من الخلق فإن الإتكال على النفس ثمرته العجز، والإتكال على الناس ثمرته الضياع، ولكل شيء آفة وآفة العمل الصالح الإعجاب، حمى الله دينكم وحرسه وعافاكم، وأصلح أحوالنا وأحوالكم وبعد شريف السلام نصر من الله وفتح قريب، المنصور بالله إن شاء الله وحال صدروها، والغايب الناكث محمد بن عبد الله يطلب الرفاقة من الأصحاب بعد أن قتلوا من أصحاب الترك الذين خرج بهم ستيناً رجلاً، ونرجوا من الله أن يأتوا به أسيراً أو قتيلاً. انتهى لفظ كتابه عليه السلام.
[كتبه إلى أهل وادعة والشام]
وكتب عليه السلام كتاباً إلى أهل وادعة الشام، وهذه نسخته:
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ الله بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} كتابنا هذا إلى الشيخ المقام، المعظم الأعز الأكرم، جمال الدين عمدة المشائخ الأمجدين: محمد بن مهدي[ق/20] بن موسى وكافة قبايله، أصلح الله لهم كل شأن، وأتحفهم بشريف السلام، ورحمة الله وبركاته الهاطلة بكل خير عام، وبعد:
فإن الله قد أوجب عليكم قتل هؤلاء الأتراك، وأعوانهم من العرب على أي حال ولو خفية في الطرقات والمساجد والبيوت، ومن ترك ذلك وهو يقدر عليه فهو عند الله من الهالكين وليس من المسلمين، والله لا بارك لمن ترك ذلك وهو يقدر عليه، والله يسلطهم عليه إن لم يفعل ما أمره الله[به] من قتلهم حيث قال: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ الله وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا...} الآية، وهؤلاء قد سعوا في الأرض فساداً، وحاربوا الله ورسوله كما قد علمه العام منكم والخاص، يبغون اللوطية، وقتل الصالحين وإهانة المسلمين، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((من أهان لله ولياً فقد بارز الله بالمحاربة)) .
وقال صلى الله عليه وآله وسلم للمسلمين كافة: ((لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوماً وجوههم كالمجان المطرقة)). يعني الأتراك- فمن والاهم وأطاعهم فقد خرج من الإسلام إليهم، ومن عاداهم وباينهم وسعى في قتلهم وقاتلهم فهو على دين الإسلام حقاً، فاحذروا غضب الله إن لم تمتثلوا ما ذكرناه لكم، وقد ألزمنا كثيراً من القبائل بمثل هذا وقد أطاعوا، فمن أطاعنا فقد أطاع الله، ومن عصانا فقد عصى الله، والله له بالمرصاد، وقد جاء جواب بعضهم بما يشد ظهور المسلمين، ومع القبائل في هذه الساعة نهضة عالية نرجوا إن شاء الله أن يكون فيها هلاك الظالمين وعن قريب وقد بلغكم السارح فيجب منكم القيام التام، والسعاية في قتال الظالمين، أصلح الله بكم ولكم، وعليكم السلام ورحمة الله.
قال السيد العلامة أحمد بن محمد نفع الله به: وله عليه السلام جواب علي وقد كتبت إليه في شأن خراب الوعلية، وهي قرية من قرى الشرف الأعلى، فقال في جوابه ما لفظه بخط يده الكريمة بعد البسملة: بلغ كتاب السيد المقام، الفاضل العلامة، شمس الدين: أحمد بن محمد بن صلاح يسر الله أمره وشرح صدره، وأتحفه بشريف السلام ورحمة الله وبركاته، وعرفنا ما ذكره من النصيحة وترك خراب الوعلية، وأن فيها من لا ذنب له، فاعلم أنه بلغنا أنهم آووا السدني وآخر معه ولاقوه، وأضافوا، ووقف في بيت الشرايف ولم ينكر عليهم أحد، ولا نبهّوا عليكم، ولا فعلوا شيئاً مما يجب[ق/21] حتى دخلوا كحلان المأخوذ المحروب إن شاء الله...إلخ.
وهذا الكتاب إلى السيد نفع الله بهما في النهضة الأولى في عام سبع وألف[1598م]، وأخرب الله هذا الحصن المذكور على يده عليه السلام عام أربع أو ثلاث وعشرين[وألف] وهو على ذلك إلى الآن، وقد أرسلنا على أهل الطرق وفيهم من الضعفاء مثل الذي في مهبط الشيطان، ومغرس الفتنة، وبالهادي عليه السلام وبغيره من الأئمة اقتديت فإن الإمام إبراهيم بن موسى بن جعفر أخرب سد الخانق بصعدة وكان يسقى لطائفة من الناس فهم من الضعفاء كالذين بالمؤتفكة، وكذلك الهادي عليه السلام قطع أعناب أملح ونخيلها من بلاد شاكر، وفيهم مثل من ذكرت، وكذلك أيضاً قطع أعناب حقل صعدة بوادي وعلان ونخيل بني الحارث بنجران، وولده الناصر عليه السلام أخرب أرض قدم كلها ولم يسأل عن بيت يتيم ولا أرملة، ولا ضعيف، وفي سيرة الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة عليه السلام أنه أخرب العادية في بلاد ظليمة، وأشياء مذكورة في مثل ذلك كثيرة، وكذلك الإمام أحمد بن سليمان عليه السلام أخرب صعدة القديمة، وغيرهم من سائر الأئمة عليه السلام، والإمام المنصور بالله عليه السلام نص على ذلك نصاً، وإمامنا الإمام الناصر لدين الله خرب قرية في الكريش يقال لها: الجند والعصرة في بني محمد، وعزان بني أسعد، وقاهر في بلاد المداير، ولم يسألوا عن بيت يتيم ولا أرملة.
واحتج الإمام الحسن عليه السلام على ذلك بقوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} وهي حجة الأئمة عليهم السلام، ومما يحتج به أيضاً أنا روينا بالإسناد إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أمالي أبي طالب عليه السلام أنه قال: ((إن الله أوحى إلى نبي من أنبيائه إني معذب من قومك مائة ألف، أربعين ألف من شرارهم، وستين ألفاً من خيارهم، فقال: يا رب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار؟ قال: إنهم لن يغضبوا لغضبي)).
وفي الأمالي أيضاً عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إن الله أمر أن يخسف بمدينة أو يعذب -السهو من عندي- فقالت الملائكة: إن فيها يا رب العابد الفلاني أو فلان العابد-السهو من عندي- فقال الله تعالى: اسمعوني ضجيجه فإنه لم يغضب لغضبي)).
وفي الأمالي عنه أيضاً صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((ما من قوم يكون بينهم من يعمل فيهم بالمعاصي فلم[ق/22] يأخذوا على يده إلا عمهم الله بعذاب)). وهؤلاء هل أنكروا منكراً، أو هاجروا؟ هم بين أهل المعاصي يرون ويسمعون، ثم كان في هذه الأيام ما أدخلوا أهل الفساد إلى بين الشرائف يا منكراه يا منكراه. انتهى بلفظه من خطه عليه السلام.
[رسائل الإمام إلى أهل هجرة الظهرين]
ومن كتبه عليه السلام كتاب كتبه إلى أهل هجرة الظهرين من بلاد حجة وهو:
بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد:
فإن الله سبحانه فرض فرائض من جملتها الجهاد في سبيل الله قال الله سبحانه وتعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ}، وقال سبحانه: {انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ الله ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}، وقال الله سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ الله كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى الله قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ الله فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} وأنتم رحمكم الله رأيناكم عن الجهاد مضربين، وكأن الله لم يفرضه عليكم، وآية ذلك أنا لم نر منكم رجلاً وقف ساعة في موقف من مواقف الجهاد، وإنكم لم تعدوا لجهاد الظالمين سلاحاً، كأن الله سبحانه لم ينزل في كتابه الحكيم {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} وصرنا ندعوا الناس إلى جهاد الظالمين، وننادي فيهم، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد قال: ((من سمع واعيتنا أهل البيت فلم يجبها كبه الله على منخريه في نار جهنم)) . فهذه الآيات والخبر، وما هو
أكثر من أن يحصى من الحجج البالغة عند الناس كأنها لم تكن، ونحن نشهد الله عليكم وملائكته والمؤمنين وكفى بالله شهيداً، ثم إنا لما رأينا كراهتكم لحر القتال ومنازلة الأبطال عذرناكم عن الجهاد بأنفسكم، وألزمناكم الجهاد بأموالكم،ولا عذر لكم عنه، ثم إنا خففنا عليكم وعذرناكم عن إنفاق الفاضل عن كفاية السنة من جميع ما تملكون كما هو اختيار الأئمة الهادين الذين بهم تقتدون، وعلى مذهبهم تعتمدون، وعينا عليكم ستمائة حرف تفرقونها على قدر أحوالكم، تحسبون من ذلك زكاة أموالكم، وما زاد فمما فرض الله عليكم من الجهاد بأموالكم، فمن امتثل فالله يسامحه ويغفر له[ق/23] ويبارك له فيما أبقى، ويتقبل منه ما أعطى، ومن أبى وعصى ولم يمتثل ما في التنزيل فالله حسبه وهو الآخذ له بذنبه، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ}، ونقول: اللهم اغننا عنه، وأره المأساة فيما يحب، والله حسبنا ونعم الوكيل ونعم النصير، والسلام.
إلى هنا ما نقل مما نقله مولانا السيد العلامة صفي الدين أحمد بن محمد نفع الله به في هذا الموضع.