[نسبه]
أما نسبه الشريف: فهو الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن الرشيد بن أحمد بن الأمير الحسين بن علي بن يحيى بن محمد بن الإمام يوسف الأصغر الملقب الأشل بن الإمام الداعي إلى الله القاسم بن الإمام الداعي إلى الله يوسف بن الإمام المنصور بالله يحيى بن الإمام الناصر لدين الله أحمد بن الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين الحافظ بن الإمام ترجمان الدين القاسم بن إبراهيم الغمر طباطبا بن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الشبه بن الحسن الرضي بن الحسن السبط بن علي أمير المؤمنين، وسيد الوصيين، وفاطمة سيدة نساء العالمين، نسب أضوأ من الضيا، وأعذب من شرب الماء على الظما.
[مولده]
وأما مولده: فمما نقل من خط يده الطاهرة: وجدت بخط والدي تاريخ مولدي أنه كان في صفر لاثني عشرة ليلة خلت منه وأحسبه ذكر أنها ليلة الإثنين من سنة سبع وستين وتسعمائة، عدد التاريخ هو عدد [..........] برتقي وجواد وهب ربك.
وهذا من باب الفال، فكان كما قال، والحمد لله الكبير المتعال.
أخبرني حي الفقيه الفاضل العدل المجاهد عماد الدين يحيى بن صلاح الثلائي رحمه الله أنه أخبره من يثق به، عن والدته عليه السلام أنه أخذها الطلق فدخلت بيتاً مظلماً تتوارى فيه، وأنه لما وقع على الأرض سمعت قول لا إله إلا الله محمداً رسول الله، ولم أفهم من روايته هل هو القايل أو غيره، وأيهما كان فيه دلالة على تشريفه وتفضيله، وأما القاضي شمس الإسلام أحمد بن سعد الدين أبقاه الله فقال: وسمع كذلك أنها سمعت[ق/6] أذاناً كاملاً بألفاظه المعروفة.
[نشأته]
وأما نشأته عليه السلام: فسمعت من بعض أخواله أنهم تبركوا به ونذروا له النذور، واعتقدوا فيه الخير وأنه نشأ معروفاً بالطهارة وقوة القلب والبطش، وذكروا من ذلك أخباراً حسنة، وسمعت من حي الفقيه العدل عماد الدين يحيى بن صلاح الثلائي رحمه الله أنه أخبرهم أنه بلغ عمته الشريفة الطاهرة أم الغيث بنت علي رحمها الله تعالى عنه عليه السلام حدة، وأنه لا يروعه شيء مما يروع الصبيان، وأن في قراءته تسهيلاً، فخافت عليه وبعثت له إلى عندها، إلى الرغيل غربي مسور، وكانت مزوجة حي السيد العالم أحمد بن الحسن الخطيب،وكان من أهل الجاه واليسار مع العلم الكثير، ووفد إلى الإمام عليه السلام بعد الدعوة، وأمره بالخطبة وجوابات الفتوى، واعترض لما كان خطيباً مع أولاد مطهر بن الإمام شرف الدين، ودولة كوكبان، وللإمام جواب على ذلك كما سمعته من القاضي العلامة صفي الدين أحمد بن سعد الدين أطال الله بقاه، وكانت هذه الشريفة من أهل الفضل والكمال، وطلبها الإمام عليه السلام في السنة التي توفى فيها من كوكبان، وكان لها أثقال ولها على أهله وأبنائه هيبة كما سمعناه في تلك الأيام، وتوفيت بعد العام الذي توفي فيه عليه السلام.
نعم فأتم قراءته عندها، وكذا أخوها حي السيد الشهيد عامر بن علي، ضمته إليها، وقرأ وهو أصغر من الإمام عليه السلام كما سمعته بعام. والله أعلم.
ومما أخبرني الفقيه المذكور وكذا سمعت من غيره أنه دخل سوق بيت عذاقة المعروف بسوق بيت الصميل وهو صغير مع عمته كما تقدم فرأى من فيه صفة الدجال لعنه الله مسيح العين كامل الصفات المأثورة فيه، وأنه لم ير أحداً رآه غيره، وأنه كان يتبعه وينظر إليه وأنه استوحش منه ولم يعد السوق المذكور بعدها، ثم قرأ في صعدة وغيرها.
[حليته]
وأما حليته عليه السلام: فكان ربعة معتدل القامة قوي البطش إذا مشى فكان لما تحته من الأرض حساً إلى السمن أقرب، أسمر اللون، واسع الجبهة، عظيم العينين والشفتين، واسع الفم، أشم الأنف في أسفلها دق مع الشمم يعلوها قعرة تزينه كثيراً، طويل اللحية عظيمها، فيها غصنان يصلان سرته عند القيام وتملأ صدره عند القعود، عبل الذراعين، أشعرهما دجداح البطن.
[خصائصه وعلمه]
[ق/7] وأما خصايصه عليه السلام: فكان أشبه أهل زمانه بصفات جده صلى الله عليه وآله وسلم إذا ذكر الله هو أو غيره يرى عليه أثر الخوف، وتأخذه رعدة، وسيأتي كثير من صفاته وكراماته وأخباره بالمغيبات ثقة بوعد الله ولأمارات عرفها مما عوده الله سبحانه حصولها، كما سيأتي في ذكر جمل سيرته.
[علمه]
وأما علمه: فمما لا يفتقر إلى بيان، ولا إمعان لطلب البرهان، فإنما هو أعلم الأمة وهاديها، ومعلن الشريعة الغراء وحاميها، ومن نظر في طرقه ورواياته، ومصنفاته، وجواباته، ورسايله، علم صحة ذلك كما تعلم الضروريات.
[شجاعته]
وأما شجاعته ورباطة جأشه عند طوفان الطغيان، وسورة الضراب والطعان، فمما عرفه القريب والسحيق، والعدو والصديق، فكم له من يوم أشجى عداه، وبدد أعداه، ونشر على الإسلام من جورهم رداه، وترى طرفاً من ذكر أمهات من ذلك في جمل سيرته، وأما الأكثر أو الإحاطة فما أبعده.
[ورعه]
وأما ورعه: فمما يضرب به المثل ولا يقدر عليه فيما يعلم غيره.
وأما تدبيره النافع: فمما لا يحتاج أن يفرد له باب؛ لظهوره فاكتفينا بما تراه في بعض سيرته بما أمكن من التفصيل.
[سخاؤه]
وأما سخاؤه: فمما يضرب به المثل أيضاً ولا يختلف فيه أحد من أهل العقد والحل، بل ولا أهل السهل والجبل، وسيأتي في سيرته ما يشير إلى بعض ذلك، وإلا فظهوره يغني من أراد معرفته.
روي أن السيد العلامة محمد بن عبد الله الحوثي المقيم في صنعاء مع العجم، وكان من عيون العلماء فاسترسل في مخالطتهم حتى كان لهم لساناً ومعواناً، وله معهم في ذلك أخبار طويلة لا أحب ذكرها، والله ولي العفو عن المقصرين في حقوق الأئمة الهادين، أنه لما سأله كبراء العجم في صنعاء عن الإمام عليه السلام وقد وصل إليه إلى شهارة كما أخبرني مولانا أمير المؤمنين المؤيد بالله سلام الله على روحه الطاهرة أنه وصل إلى الإمام في الصلح الكبير الذي عقده مع جعفر باشا، وأنهم طلبوا منه يعني من السيد محمد أن يكتب لهم أخبارهم وسيرتهم في اليمن وحروبهم، ويرسلون بها إلى ملكهم في الروم، فقال: لا يتمكن إلا بأن يكون في حوث ليقرب من أخبار اليمن والشام، ويختلط به من يعرفه القضايا، ففعلوا له بذلك داراً قل مثلها في حوث في أيام الصلح، وقد رأيتها، وجعلوا في أعلاها السقايا[ق/8] للماء، فخالط الإمام عليه السلام مع ذلك على أنه يتحقق الأخبار، وكذا مما لا يتهمونه، فكان من جوابه عليهم أن هذا الرجل يعني الإمام عليه السلام أعجز من صفته.