يغوص يبحث ، في عينيه عن فمه ... تغوص عيناه فيه ، يقتفي ، يدع
عمّا يفتّش ؟ لا يدري ، يضيع هنا ... يقوم يبحث عنه ، وهو مضطجع
يومي إلى السّقف ، تسترخي أنامله ... تمتدّ كالدود ، كالأجراس تنزرع
***
من أين يا باب يأتي الرعب ؟ تلمحه ... من أيّ زاوية ، يعشوشب الوجع
يمشي على فمه ، هذا السكون ، على ... أطراف أرجله ، يهوي ويرتفع
يصفرّ كالسلّ ، يهمي من عباءته ... ينحلّ كالقشّ كالأسمال يجتمع
كمومس ، باغت البوليس مرقدها ... كمقبلين على أشلائهم ، رجعوا
كميتين ، يمدّون الأكفّ إلى ... موت جديد يمنّي ، وهو يبتلع
***
الصمت يسقط ، كالأحجار باردة ... على الزوايا ، ولا يشعرن ما يقع
تصغي إلى بعضها الجدران ، واجفه ... تئنّ تحمرّ ، كالقتلى وتمتقع
في هذه الغرفة الصرعى ، أسى قلق ... يطول يحزن ، من فوضى غرابته
الحزن يحزن ، من فوضى غرابته ... فيها ويفزع ، من تهويشه الفزع
وجوه دخانية في مرايا الليل
الدّجى يهمي … وهذا الحزن يهمي ... مطرا من سهده ، يظمى ويظمي
يتعب الليل نزيفا … وعلى ... رغمه يدمى ، وينجرّ ويدمي
يرتدي أشلاءه ، يمشي على ... مقلتيه حافيا ، يهذي ويومي
يرتمي فوق شظايا جلده … ... يطبخ القبح ، بشدقيه ويرمي
***
أيها الليل … أنادي إنّما ... هل أنادي ؟ لا … أظنّ الصوت وهمي
إنّه صوتي … ويبدو غيره ... حين أصغي باحثا عن وجه حلمي
من أنا ؟.. أسأل شخصا داخلي : ... هل أنا أنت ؟ ومن أنت ؟ وما اسمي ؟
***
أيّها الحارس تدري من أنا ؟ ... إشتروا نومي … طويل ليل همي
ألأني حارس يا سيّدي ؟.. ... زوّجوها ثانيا ، المال يعمي
من أنا ؟.. الليل يبني للرؤى ... قامة كالرّمح ، من جلدي وعظمي
لا تعي سكران ؟ تسع أعلنت ... أوّل الأخبار ، ما سموه رسمسي
من أنا ؟.. صار ابن عمي تاجرا ... واشترى شيخ ثريّ ، بنت عمّي
هل تنام الصبح ؟ سيارتها ... عبرت قدّام عيني ، فوق لحمي
إصغ لي أرجوك ؟.. أغرى أمّها ... شيّدت قصرين ، من أشلاء هدمي
***
من أنا يا تكس ؟ أفلست وما شبعوا ... من من حماة الأمن يحمي ؟
من هنا ، سر ، ها هنا قف ، رخصّي ... ما الذي حمّلت ، فتّش ، هات قسمي
خمسة للقات ، خمسون لهم … ... وانتهى دخلي ، وأنهى السلّ أمّي
***
عاجن الفرن … أتدري ؟ سنة ... وأنا أعجن أحزاني وغمي
من أنا ؟ كانت ترى والدتي ... ذلّ بعض الناس ، تحت البعض حتمي
غبت عن قصدي ! .. رفيقي غائب ... من ليال ، رأيه في الحبس (جهمي)
***
ما الذي أفعله ؟، كلّ له ... شاغل ثان ، وفهم غير فهمي
داخلي يسقط في خارجه ... غربتني أكبر من صوتي ، وحجمي
(نقم) يرنو بعيدا ، سيّدي ... هل ترى في ضائع الأرقام ، رقمي ؟
طحت وجهي ـ لأنّي جبل ـ ... خيل كسرى ، عجنته خيل نظمي
أعشبت أرمدة الأزمان في ... مقلتيّ ، جلمدت شمسي ونجمي
تذهب الريح ، وتأتي وأرى ... جبهتي فيها وهذا حدّ علمي
***
من هنا أسأله ، من ذا هنا ؟ ... غير ثوب ، فيه ما أدعوه جسمي
من أنا والليلة الجرحى على ... رغمها تهمي ، كما أهمي برغمي ؟
هل كفى يا أرض غيثا ؟ لم تعد ... تغسل الأمطار ، أوجاعي وعقمي
خوف
هذي الأكاذيب الجديده ... موت له أيد ، عديده
تنبثّ أوكارا ، طوابير ... عمارات ، مديده …
تردي … وفورا ترتدي ... وجه الشهيد ، صبا الشهيده
حلق المرثّي ، تستعير ... وتحتذي ، لحم القصيده
تهمي مؤكّدة الخطوره ... وهي لا تبدو ، أكيده
غير الذي تبدي ، تريد ... ولا تراها ، كالمريده
يدعونها : دعما ، مساعدة ... مبادرة ، حميده
وحقيبة رحالة ... بين (الرشيدة) و(الرشيده)
وعدا ، موافقة ، مناورة، زيارات مفيدة
هبة بلا عوض … قروضا ، ذات آجال ، بعيده
لكن لماذا يغدقون ؟ ... أشمّ رائحة المكيده
وأرى مؤامرة ، لها ... شكل الأخوّة ، والعقيده
تدنو كمشفقة ، كعاشقة ، كقاتلة ، عتيده
ماذا أسميها ؟ تبلّدني ، أساميها البليده
وتزيد من أمّيتي ... هذي الإذاعة ، والجريده
هذي الدراسات التي ... تبدو بطولتها ، مجيده
أأخاف من كرم المساعد ؟ ... أمّ أخاف من (السعيده) ؟
التاريخ السري .. للجدار العتيق
يريد أن ينهار هذا الجدار ... كي ينتهي ، من خيفة الانهيار
يريد لكن ، ينثني فجأة ... عن رأية ، يحسو حليب الغبار
يهمّ أن يرثي ، جدارا هوى ... يراه فورا ، صار ألفين دار
***
عجيبة يا ريح … ماذا جرى ؟ ... تشابه الميلاد ، والانتحار
أختار هذا ما ترى … من رأى ... قلبي ركاما ؟ أحسن الاختيار
الانفجار المبتدي ـ عادة ـ ... يعطي رمادا ، قد تسميه نار
ألم تجرب ؟ كلّهم جرّبوا ... منهى التردي ، أوّل الانفجار
***
يرتدّ مدهوشا ، إلى جلده ... كهارب يخشى ، سقوط الإزار
كحقل دود ، وسط رمّانة ... كثوب لصّ ، خارج من حصار
يبدو كإنسان ، لأشواقه ... روائح الملهى ، وشكل القطار
عليه جلد ورقيّ له ... عشرون قرنا ، تقبل الاعتصار
كمدّع ، ـ موطنه عنده ... على قميص العيد ـ، أحلى زرار
***
أنا هنا ، أعلى الربى قامة ... يداي لا تلقى اليمين اليسار
بل ليس لي كفّ لسيف ، أما ... سنان (عمرو) ذاك أمضى الشّفار
في لحية (المريخ) ، لي مكتب ... نهد (الثريا) فوق بابي شعار
لكنني كالسهل ، لا سور لي ... مفتّح لفتح ، والإنجرار
تصوّروا ، يوم اعتدا جيرتي ... أنعلت وجهي ، خيل حسن الجوار
أهوى التساوي ، قاطعا كلّ من ... يبدو طويلا ، كي يساوي القصار
يوم اشتكت قمع الحمار ابني ... أنصفت ، البست البنين الحمار
وها هنا ينهي ، لكي يبتدي ... قصّ عن أصدائه ، باختصار
***
يقعي كجديين ، عادا بلا ... نصر يبولان ، دم الانتصار
يشتاق لو يعدو ، كسيارة ... لو يحمل البحر ، كإحدى الجرار
لو وجهه نعلا حصانين ، لو ... ساقاه (مبغا) في قميص النهار
لو تصبح الأبحار بيدا ، ولو ... عواصم الأصقاع ، تمسي بحار
يطير لكن ، يرتئي نعله ... ترقيع رجليه ، بماء الوقار
لا شيء غير النعل ، جذر له ... يلهي بهذا القشّ ، ريح القرار
***
هل متّ ؟ يبدو متّ ، لا إنها ... دعاية ، زيف ، دخان مثار
(مسرور) تدري كيف اسكانهم ... لا تبق حيا ، صدقت (جلّنار)
تسدّ باب الريح ، كي لا ترى ... إني دخان ، من رؤى (شهريار)
الشعب ، داء الشعب تقتليه ... أشفى ، ليبقى الأمن ، والازدهار
***
يهون حقد (الشمر) يا (كربلا) ... لو لم يكن في كفّه (ذو القفار)
ماذا ؟ أتدعو حكمتي فرصة ... للغزو ؟ قل : صححت بدء المسار
كيف ألاقي جبهة خاجي ... وفي قذالي ، جبهة من شرار
لا لم أمت جدا ، أما رايتي ... خفّاقة ، فوق ظهور الفرار !
حوافر المحتلّ ، في شاربي ... لكنني أشبعت ، منه الدمار
لأنني جزّأته … نصفه ... سيفي ، ونصف داخلي مستشار
وها هنا ينهي ، يرى وجهه ... من منكبيه ، في مرايا الفخار
غنّي (أليزا) (جوليان) اخلعي ... عباءتي ، ساقي أدرها ، أدار
***
يودّ لو ما بين فخذيه ... إحدى يديه ، خاتما أو سوار
جريدة ، أخبارها عن حصى ... ينمو ، وعن (ديك) تعشّى (حمار)
رواية ، أبطالها عوسج ... يمشي ، وأطيار تبيع المحار
رأسي سوى رأسي الذي كان لي ... يا سادتي بيني ، وبيني قفار
***
بيني وبيني ، من يسمّى أنا ... فوق الأنا الثاني ، أنا المستعار
وها هنا يصغي … أقلت الذي ... أعني ؟ وهل أعني ؟ هنا الابتكار
***
يودّ لو كفّاه ، أشهى صدى ... لمعزف ، لو مقلتاه (هزار)
لو قلبه منديل ، _عرّافة) ... لو أنفه ، مروحة الانتظار
يريد ما ليس يعي ، يبتدي ... يعي وقد فات ، أوان البذار
الموسم الوهميّ ، لأغني المنى ... يعطي ـ قبيل الحرث ـ وهم الثمار
ماذا أنا ؟ شيء مسيخ بلا ... عرق ، بلا شيء ، يسمّى إطار
قد كان ينمو الطفل ، واليوم لا ... ينمو صغير ، كي يطول الكبار
***
يعود ينهي الكأس ، من بدئها ... فيبتدي قبل الشراب الحمار
***
هل كنت أحكي ؟ مطلقا … من حكى ... في داخلي كان ينام الحوار
***
يريد أن ينهار ، خضر الضّحى ... والليل كي ينهار ، هذا الجدار
الاميرة .. وتحولات مرايا العشق
كما ترين ، حوّلي ... لوّني فمي ، عمري الوجيع
إليك يا أميرتي ... قلبي يؤجّج الصقيع
ولتجعلي ، عشب دمي ... بعض شوارب الربيع
ولتغزليني للربى ... جدائلا من النجيع
مدائنا ، تعدو إلى ... أبواب عالم مريع
حكاية ، قاتية ... على مرائع القطيع
خطورة سريّة ... قبل حدوثها تشيع
قصيدة بلا فم ... جنسية بلا ضجيع
محبّة نضيحة ... دانة ، بلا شفيع
عنقود طل في جنين ... كلّ نبتة يضيع
***
ما شئت مولاتي أرى ... ما تأمرين أستطيع
فلتبدعيني ، صيحة ... ولادة ، موتا فظيع
بدءا بلا بداية ... نبوة ، بلا تبيع …
سيفا له ، ألفا يد ... مقارعا ، بلا قريع
طفولة ، بلا صبا ... أمومة ، بلا رضيع
مسافرا ، من نفسه ... في نفس غيره يبيع
شيئا يضيع اسمه ... يعي أسامي الجميع
من الرياح يشتري ... كلّ الذي لها يبيع
جوعان يطعم الحصى ... لحما ويأكل (الضريع)
دربا إلى ثلاثة ... بابا إلى باب وسيع
كما ترين ، حوّلي ... لوّني فمي ، عمري الوجيع
ليلة فارس الغبار
ملّيت مملكة الجبين العالي ... فوقعت من رأسي ، إلى سروالي
كان المساء يجرني كذبوله ... وأجرّ خلف جنازتي ، أذيالي
أختال كالسلطان ، حاشيتي الحصى ... تحيتي ـ بلا فخر ـ حصان الوالي
جيشي عفونات الأزقة تحتفي ... حولي ، وراياتي خيوط سعالي
***
أهلا ، وكيف الحال ؟ شكرا أدّعي ... ترف الأمبر ، حصافة (اللّبرالي)
أبدو كمالي ، يعادي ماله ... وأفيق أسخر ، بالفقير المالي
لكنّني أرمي ، وراي حقيقي ... وأجيد تمثيل المحب السالي
في طينة الحمى ، أعيب دقائقا ... عنّي وأصحو ، يرتمي أمثالي
أنسى تفاصيلي ، كبده رواية ... قبل البداية ، ينتهي أبطالي
وأعود ، قدامي ورائي جبهتي ... نعلي وساقي ، في مكان قذالي
عريان يلبسني أحسني ... كالنعش ، كالبئر العميق الحالي
كسرير ماخور ، يجفّف بعضه ... بعضا ، وينتظر النزيف التالي
هل كنت ، أين أنا ؟ أفتش لم أجد ... شخصي الجديد ، ولا كياني البالي
من أين يا جدران جئت ؟ خلالها ... أمشي ، وأرجلها تجوس خلالي
كان الطريق بلا يدين ، يقول ... خلطت يميني ، حكمني بشمالي
لا درب غيري ، منتهاي كأولي ... أنوي السؤال ، يردّ قبل سؤالي
الشمس ، تبحث عن جبين تردهي ... فيه فتهوي ، ترتدي أوحالي
هل غير هذا يا طريق تقول لي ؟ ... أسألت ؟ يمضي يجتذي أوصالي
فأقر من فخذي إلى فخذي ، ومن ... عرق إلى عرق ، أجرّ خبالي
***
فوقي سوى رأسي ، وشيء تحته ... رأسي ، وفي جلدي ، عجبين ألي
شيء كسقف السجن ، ينفيني إلى ... غيري ، ويرجعني إلى أسمال
***
والآن هل خرست هواتف أزمتي ؟ ... نامت ، وأسهرت الركام حيالي
كانت ، كوكر المخبرين عشيتي ... تجري ورايا ، تهيء استقبالي
وبلا عشاء بتّ ذاك لأنني ... بعد الغروب ، ليست (انبريالي)
***
أعطيت قوت الشهر ، أثمن تافه ... ليصير ـ أرخص ما يكون ـ الغالي
أصبحت مكتشف التفاهة فاتحا ... بعجين ثانيتين ، جدب ليالي
***
جربت قتل الوقت ، لكن ها أنا ... بتّ القتيل ، وما قتلت ملالي
ماذا فعلت ؟ أردت شغل بطالتي ... لكن أردت ، وما عرافت مجالي
ليالي بيروتية .. في حقائب سائح عربي
سواها ، حلوة أطرى ... وهات زجاجة أخرى
وثالثة واربعة ... وأنت بعادتي أدرى
***
لسؤول ملاييني ... أعدوا السهرة الكبرى
لأمّي ـ للحم الناس ... من كل المدى ـ أقرى
مزاج السيّد البرميل ... ضار ، يعشق الأضرى
فهاتوا الأغنج الأقوى ... وهاتوا العانس الشعرى
وهاتوا الأرشق الطولى ... وهاتوا الأسمن الصغرى
لأن حقائب السلطان ... من حلواتنا أغرى
ومن أجسادنا أملى ... فمن بجلودنا أخرى ؟
***
لأنّ بلاده جربى ... بدون إرادة ، أثرى
فأمسى الوحش ، في (المبغى) ... وفي المذياع ، ما أبرى
***
وكانت تلبس اللحظات ... نهرا طائرا المجرى
وكان اللّيل يستلقي ... كسقف الحانة السهرى
وكانت غرفتي العطشى ... بأظفار الأسى شجرا
كعصفور بلا لون ... يجيء الحلم والذكرى
كأشلاء من الأحجار ... تكبر ، ترتدي تعرى
كشرطين يقتسمان ... فخذ أجيرة سكرى
وكان السوق سيّافا ... حصانا ، من حلى كسرى
وبحرا ، يمتطي مهرا ... ومهرا ، يمتطي الصحرا
وللأبواب أنفاس ... كسجن ، يطبخ الأسرى
وكانت أنجم تدنو ... تواسي الحانة الحسرى
***
وشاب الليل ، والسلطان ... في بوابة المسرى
يغوص بعمق رجليه ... من اليمنى ، إلى اليسرى
ومن كبش ، إلى شاة ... ومن أهنا ، إلى أسّرا
لها ترتجيه (القدس) ... يرفع بيرق البشرى
من ذا هنا يقتلني ؟ ... ماذا هنا أقتله ؟
لا شيء غير ميت ... وميت يحمله
***
الوقثت لا يمضي ولا ... يأتي خوت أرجله
أقدامه رؤوسه ... رؤوسه أسفله
أمامه وراءه … ... آخره أوّله
لا ينهي لغاية ... لأنّ لا بدء له
***
ماذا أقول يا هنا ؟ ... وما الذي أعمله ؟
ماذا ؟ ومثلي ميت ... هذا الذي أسأله
فراغ
ماذا هنا أفعله ؟ ... يشغلني أشغله
أعّطيه نار داخلي ... ما عنده يبذله
يجرحني ، أحسّه ... يشربني ، آكله
يمتصّني أذيبه ... يحرقني ، أشعله
يذهلني عن عدمي ... عن عقمه ، أذهله
***
ماذا هنا ؟ أرفضه ... ماذا هنا ؟ أقبله
الضباب .. وشمس هذا الزمان
يشتهي الصمت ، أن تبوح فينسى ... ينتوي أن يرقّ ، يمتد أقسى
ينزوي خلف ركبتيه ، كحبلى ... يرعش الطلق بطنها ، وهي نعسى
***
أيّ شيء تسّر يا صمت ؟ تعلو ... وجهه صخرتان ، شعثا وملسا
ربما لا يحس ، أوّ ليس يدري ... وهو يغلي بالحسّ ، ماذا أحسّا
***
تشرئب الثقوب ، مثل أكف ... فاقدات البنان ، تشتاق لمسا
ينبس العشب ، بالسؤال كطفل ... يتهجى قحط الرضاعة درسا
قبل أن يبزغ البراعيم ، ترمي ... لفتات ، تخاف لمحا وهجسا
يحذر الميت رمسه ، وجنسن ... قاذف وجهه ، إلى المهد رمسّا
***
ما الذي يستجدّ ؟ لا شيء يجدي ... كلّ شيء ، بيع وجهيه بخسا
وجهك الداخليّ ، لعينيك منفى ... وجهك الخارجي ، لرجليّك مرسى
أنت مثلي ، بيني وبيني جدار ... وجدار بيني ، وبينك أجسى
أصبحت (عامر) جوادا (لروما) ... وجلودا سمرا ، يخبئن (فرسا)
بعد (باذان) جاء باذان ثان ... (عبدريّ) سبا (بريما) و(عنسا)
كان يسطو (جنبول) ثم توارى ... وانتقى باسمه (لذبيان) (عبسا)
ما الذي يستجدّ ؟ تنوي بروق ... تنهمي تنثني ، من الخوف تعسا
***
يمتطي نفسه الضباب ، ويأتي ... كالمسجّى ، يلقّن الصمت همسّا
يحتوي كلّ معبر ، يتلوى ... في عيون الكوى ، رؤى جدّ خرسا
***
يجتذي ساعديه ، عينيه يهوي ... خاسئا يرتقي ، أحطّ وأخسى
كجدار ينهار ، فوق جدار ... كغبار ، يستنزف الريح جنسا
يبتدى ، عليه جلد الصحارى ... وطلاء ، تشمّ فيه ، (فرنسا)
وركام من التّلاوين ، حتى ... لا يبقّي ، لأي (حرباء) لبسا
كجراد له حوافير خيل ... كملاه ، من بولها تتحسا …
***
صمت ، ما الوقت لا أرى ما أسمّي ... لاالصباح ابتدا ولا الليل أمسى
لم يعد ـ يا ضباب ـ للوقت وقت ... والمكان انحمى ؟ على الريح أرسى
إنني يا ضباب ، أسمع شيئا ... اسمه موطني ، يغنّي ويأسى
ملء هذا الرحاب ، يمتدّ يرمي ... عنه نفسا ، ويبتدي منه نفسا
ذاك وادي (عسى) نعم كان يوما ... وتخطّى وادي (عسى) من تعسّى
أتراه ؟ يحمرّ ، يرنو بعيدا ... ومناه تجتاز ، عينيه حدسا
ما الذي ؟ لا تحسّه ! كيف تدري ؟ ... ومتى كنت ؟ أنت تملك حسّا
أترى هذه العيون الدوامي ... تحت رجليك ؟ سوف تنبت شمسا
شمس هذا الزمان ، من تحت تبدو ... ثم تعلو ، تفجّر الموت عرسا
الوجه السبئي وبزوغة الجديد
يقولون ، قبل النجوم ابتديت ... تضيء ، وتجتاز ، ولولا ، وليت
وكنت ضحى (مارب) فاستحلت ... لكلّ بعيد سراجا ، وزيت
يقولون ، كنت ، وكنت ، وكنت ، ... وفي ضحوة الفجر ، أصبحت ميت
ولم يبق منك ، على ما حكوا ... سوى عبرة ، أو بقايا صويت
و(نونية ) شبها (دعبل) ... وأصدأ (بائية) (للكميت)
***
ولكن متى متّ ؟ كنت (بخيتا) ... فصرت شعوبا ، تسمى (( بخيت))
لأنّ اسمك امتدّ فيهم ، رأوك ... هناك ابتديت ، وفيك انتهيت
فأين ألاقيك هذا الزمان ... وفي أيّ حقل ؟ وفي أيّ بيت ؟
ألاقيك ، أرصفة في (الرياض) ... وأوراق مزرعة في (الكويت)
ومكنة في رمال الخليج ... وشبت عن يديك ، وأنت أختفت
واسفلت أسواق مستعمر ... أضأت مسافاتها ، وانطفيت
وروّيتها من عصير الجبين ... وأنت كصحرائها ، ما ارتويت
***
فكنت هنالك ، سرّ الحضور ... و(شيكا) هنا ، كلّ فصلين (كيت)
بريدا : لنا شجن ، كيف (سعد) ... و(أروى) ؟ وهل طال قرنا (سبيت)
***
ولكن متى متّ ، ينبي العبير ... على ساعديك ، وعن ما ابتنيت
وما دمت تبني ، وتهدي سواك ... سيحكون ، منك إليك اهتديت
ومن تجربات النهايات ، جئت ... وليدا ، وقبل البزوغ انتفيت
أمثل الربيع ، لبست المغيب ... وأنضر من كلّ آت أتيت
طيف ليلي
هزّ كفيّه ، وأرجف ... لحظة ، ثم توقّف
وبلا داع ، تأتي ... مثل من ينوي ، ويأسف
مثل من ـ بالخوف ـ يردي ... وهو من قتلاه ، أخوف
***
مرحبا شرفت ، لكن ... ما اسمه ؟ من أين شرف ؟
فجأة جاء ، كوحش ... وعلى الفور ، تلطّف
غابه شمّ عبر (القات ) ... فأحضرّ وفوّف
وارتدى جلدا (معينبا) ... وجلبانا منصّف
وتبدّى ، كنديم ... كمغولي ، تصّوف
كطفيلي ، قديم ... خارج من جوف مقصّف
***
كان في يمناه تابوت ... وفي يسراه معّزف
لونه من كلّ واد ... شكله من كلّ متحف
وله وجه شتائيّ ... وسروال مزخرف
وقوام شبه قزم ... وقذال ، نصف أهيف
وفضول يملك الدّنيا ... بدينار مزيف
هكذا يبدو ، ولكن ... سرّ ماضيه ، مغلّف
ربما كان أميرا ... أو لسمسار موظف
أو (لذي ريدان) سيفا ... أو لخيل الفرس ملعف
أو حصانا لجبان ... أو نبيا ، دون مصحف
***
ربما مات مرارا ... ربما أبقى ، وأتلف
ربما أشتى بنيسّان ... وفي كانون ، صيف
ربما للريح غنّى ... ربما للصمت ، ألّف
فهو يلغو ، كغبيّ ... وبرائي ، كالمثقف
مثل من يغنّي ، ويحكي ... غير ما يبغي ، محرّف
***
يعرف الباب ، فيدنو و ... ثم ينسى ، ما تعرّف
حلمه أكبر من عينيه ... من كفّيه أعنف
يركض الشكّ بهدّبيه ... ويستلقي ، كمترّف
تسعل الأشياء كالأطفال ... كالفيران تزحف
وهو كالشباك ساه ... وكحد السّيف مرهف
راحل وهو قعيد ... طائر وهو مسلحف
بيد يومي ، بأخرى ... يرعش الذقن المنتّف
***
ساعة وارتدّ ، لكن ... وجهه عندي تخلف
عند ذاك الركن ، أفعى ... عند هذا الركل ، رفرّف
في رؤى السقف ، تندّى ... وعلى الباب ، تكشّف
ها هنا كالوعد ، أغرى ... وهنا كالموت ، طوّف
ها هنا مثلي ، تشهى ... وهنا مثلي ، تفلف
الغبار والمرائي الباطنية
ها هنا الجدران ، تدمي وتفكر ... وعلى أرؤوسها تمشي ، وتنظر
بعضها يزحم بعضا هاربا ... بعضها يقبل كالحبل ، ويدير
بعضها يمشي ، ولا يمشي ، يرى ... مثلما يستقرىء الأسوار ، مخبر
المرائي ، باطنيات هنا ... تحجب الرائي ، وفي عينيه تسفر
يجهد الإبصار ، في رؤيتها ... وسوى ما ينفع التقرير ، يبصر
عجبا رغم التعرّي ، تنطوي ... ذاتها فيها ، وذات الغير تظهر
***
ما الذي شاهدت ، تقضي مهني ... أن أرى سرّا ، فيحفى وأقدّر
المداد الأبيض السريّ بلا ... أيّ سرّ .. ما الذي يبدى ويضمر؟
تبدر الأوراق … لكن مالها ... في يديك اتسخت من قبل تثمر ؟
لم يكن غير أجير ، لا تخف ... إن أغبى منك ، من سوف يؤجر
من ، إلى ، مثل ذباب يرتمي ... مثل ذكرى ، لا تلاقي من تذكر
مثل أفكار أضاعت فمها ... وتلاقيه ، فتنسى أن تعبّر
لا يعي الآتي ، إلى أين ومن ، ... ليس يدري صادر ، من أين يصدر
***
الغبار امتد سقفا أرجلا ... أعينا مثل الحصى ، تغلي وتمطر
أيديا رمليّة دوديّة ... تكتب الأحلام ، والريح تفسر
***
حسنا ماذا ؟ هوى السقف : ابتدا ... وابتدت بعض شقوق الأرض تقمر
ربما عاد كما كان ؟ سدى ... التقى الوجه ، ومرآة المبشر
الرّفاة المكرميات التقت ... بدأت من تحت جلد الموت ، تزهر